التجمع من اجل البرنامج المرحلي المشترك - نصوص وكلمات

التجمع من اجل البرنامج المرحلي المشترك - نصوص وكلمات
الجمعة 30 أكتوبر, 2020

 

في سبيل برنامج مشترك للإنقاذ

استناداً إلى وثيقة الوفاق الوطني والدستور

دار نقابة الصحافة – بيروت – 27 تشرين الاول 2020

 

بمبادرة وطنية شارك فيها "لقاء سيدة الجبل"، "حركة المبادرة الوطنية"، "حزب الكتائب اللبنانية" ، "حزب الكتلة الوطنية"، "لقاء الجمهورية"، "حركة الاستقلال"، "حزب القوات اللبنانية"، "التجمع الوطني"، "حزب الوطنيين الاحرار"، "تجمع العشائر العربية"، اعضاء من حركة اليسار الديموقراطي، وقادة رأي من نقابيين وصحفيين وناشطين.

تركزت أعمال "البرنامج المرحلي المشترك لإنقاذ لبنان" على خمسة عناوين سياسية اعتبرها المجتمعون بمثابة الأساس السياسي – الاقتصادي والاجتماعي الذي سيكون برنامج عمل المرحلة المقبلة لإنقاذ لبنان مما آل إليه من حالٍ كارثية. وانطلق النقاش من اعتبار وجوب اسقاط الوصاية الايرانية هو الضرورة الوطنية، لأنه من دون سيادة لا وجود ولا معنى للدولة، ذلك ان لبنان يواجه أزمة إدارة سياسية وليس أزمة النظام، وان الخطر الحقيقي هو في التطبيق الاستنسابي للدستور الذي فاقم هواجس غالبية لبنانية في ظل فائض قوة يمارسه فريق من اللبنانيين خاصة حزب الله .

كما أكد المجتمعون ان محاربة وصاية إيران لا تستقيم من خلال استدراج وصاية أخرى أو من خلال الانسحاب من لبنان نحو الاصغر، انما من خلال وحدة اللبنانيين حول وثيقة الوفاق الوطني والدستور وقرارات الشرعية الدولية.

العناوين الخمسة التي شكلت قاعدة نقاش المؤتمرين وتم التصويت عليها كوثيقة سياسية وستكون عنوان المهمة السياسية التي يجب انجازها في المرحلة المقبلة هي مواجهة خطورة الخروج المتمادي عن الدستور واتفاق الطائف على طريق الانقلاب عليهما وعلى قرارات الشرعية الدولية خصوصاً القرارات 1559 ، 1860 و 1701 . وركز المجتمعون على مسألة العيش المشترك والشراكة السياسية في ظل تمرد فريق على العدالة اللبنانية والدولية، وكذلك تصويب النقاش حول مسألة الحياد أو التحييد بما لا يتناقض مع هوية لبنان وانتمائه، إضافة الى نقاش دور لبنان الاقتصادي والثقافي والتعليمي والاستشفائي والمصرفي للخروج من العزلة العربية والدولية التي تحيط بلبنان.

وإذ تمسك المجتمعون بالتسوية التاريخية التي أقرت نهائية الكيان وعروبته وجاءت في متن الاصلاحات الدستورية التي أقرتها وثيقة اتفاق الطائف، فقد كان تشديدهم على أن خلاص لبنان يكون باستعادة لبنان سيادته من الوصاية الإيرانية وبعودة حزب الله إلى لبنان وبشروط لبنان القائمة على التمسك بالدستور وبركائز العيش المشترك. وكان تأكيد على ان البداية تكون بتسليم حزب الله سلاحه إلى الشرعية اللبنانية ، وكذلك بتسليم من خطط ودبر ونفذ اغتيال قامات لبنانية وفي مقدمها الرئيس رفيق الحريري .

واتفق المجتمعون على جعل البرنامج ورقة عمل وطنية للحوار في كل المناطق اللبنانية ومع كل القطاعات من اجل إغنائها . كما اتفقوا على إطلاق ورقة العمل باسم "التجمع من اجل البرنامج المرحلي المشترك".

 

كلمة نقيب الصحافة الاستاذ عوني الكعكي

أرى في هذا التجمع تنوّع لبنان الحقيقي وهذا هو نقيض لإسرائيل وهذا ما يجب أن نفتخر به دائما ونعززه. نقيض اسرائيل هو طريقة حياتنا وهو كلامنا وهو عيشنا المشترك، بين المسلم والمسيحي. لبنان بلد مميز عن كل بلدان العالم. أملنا دائما في نخبنا التي نحيي والتي لا زالت مؤمنة بالعيش المشترك بالرغم من الصعاب التي تواجهها. وأعتبر نقابة الصحافة صخرة أو منبر للعمل الوطني وهي البيت الحقيقي للحريات، هنا يستطيع أي انسان أن يقول الذي يريده وهاجسنا هو دائما لبنان.

أهلا وسهلا بكم

 

كلمة الافتتاح – الدكتور فارس سعيد

 

مبادرة وطنية

في سبيل برنامج مشترك للإنقاذ

استناداً إلى وثيقة الوفاق الوطني والدستور

نناقش اليوم توجُّهات إنقاذية

تتّصل بمسائل خلافية حول الميثاق والدستور

الهدف هو صياغة برنامج مرحلي مشترك

 

مسألة أولى: هل نحن في أزمة نظام سياسي ثبت فشلُه بالتجربة، كما يرى البعض، أم نحن أمام إدارة سياسية ثبُتَ فشلُها بالتجربة منذ اتفاق الطائف حتى الآن؟

  • نعتقد بقوة أننا أمام أزمةٍ إدارةٍ سياسية، ولسنا أمام أزمة نظام.

ذلك أنّ هذا النظام، بما هو عقدٌ وطني ودستور، قد وُضِع منذ البداية حتى الآن تحت وصايتين على التوالي تنكّرتا له على الدوام: وصاية النظام السوري الذي اعتبر لبنان محافظةً سورية، ثم وضع يد ايرانية مسلّحة انتهت إلى وصاية حتى حدود الاحتلال بحكم الأمر الواقع de facto. وفي الحالتين بقي لبنان يعيش أجواءَ حربِ باردة بين أطيافه، مهدّداً بتحوّلها إلى حربٍ ساخنة في أي وقت.

  • إنّ التطبيق الاستنسابي للدستور من قبل الوصايتين، لم يسمح لا بتهدئة النفوس ولا بإصلاحٍ تدريجي، بل فاقم الهواجس والظنون وكثّرها، كما أطلق رهانات غير مشروعة وغير عقلانية.
  • على خلفية ذلك، وفي كنف صراعات لم تهدأ في المنطقة، بالإضافة إلى شعورٍ متعاظم بفائض القوة لدى فريقٍ من اللبنانيين، وبالتحديد حزب الله، فإن هذا الفريق سعى وما زال إلى إلغاء اتفاق الطائف أو تعديله لمصلحة أجندةٍ إيرانية و/أو غلبةٍ فئوية هي طائفية بالواقع والضرورة. وهذا الفريق ضمَّ طرفين أساسيين:
  1. حزب السلاح غير الشرعي.
  2. التيار المسيحي المتحالف مع السلاح غير الشرعي ويرفع شعار "استرداد الحقوق وصلاحيات الرئاسة في الجمهورية الأولى".
  • إنّ الغلبة بفضل الوصاية الخارجية، تلغي الشراكة الداخلية، كما أنّ إقامة الصيغة اللبنانية على موازين قوى متحرّكة ومتغيّرة، بدلاً من قوة التوازن، تضع لبنان مجدّداً في مهبّ الرياح. إن القوة التي يجيّرها البعض لصالح فريقه بدلاً من تجييرها لصالح الدولة تُفسد الشراكة الوطنية وتطيح بالعيش المشترك هذا ما عاشه لبنان منذ الإنتداب الفرنسي حتى يومنا هذا.

مسألة ثانية: هل نرى إلى لبنان وطناً نهائياً لجميع أبنائه، ونقطة على آخر السطر، أم نرى إليه أيضاً وفي الوقت نفسه عربيّ الهوية والانتماء، كما جاء في الدستور؟

  • نرى أن تلك المعادلة بشقَّيها غير قابلة للإجتزاء أو الاختزال. ذلك أنها عبّرت عن تسويةٍ تاريخية نبيلة بين نزعتين محقَّتين: نهائيةُ الكيان بما ينفي عنه صفة المؤقَّت واحتمالات التجزئة أو التصغير أو الالتحاق بكيانٍ أكبر (مطلب مسيحي دائم)، وعروبتُه هويَّةً وانتماءً (مطاب اسلامي دائم). هذا فضلاً عن أنّ ثنائية هذه المعادلة أقامت المعنى اللبناني على صيغة الإيجاب تعريفاً Deux affirmations font une nation، بدلاً من صيغة السَلب السابقة (لا شرق ولا غرب)، فيما استنتج عقلاءُ لبنان منذ عقود أنّ "سلبيَّتين لا تصنعان أمّة"، على قول جورج نقّاشDeux negations ne font pas une nation . كذلك استنتج أهلُ الحوار اللبناني أنّ "لبنان من دون مسيحيّيه لا طعم له، ومن دون مسلميه لا حاجة له".
  • والواقع أنّ هذه المعادلة لا تلبّي فقط مطلباً لبنانياً جامعاً يتعلّق بتعريف الذات اللبنانية، بل تستجيب أيضاً لرسالة لبنان في محيطه الطبيعي والعالم الأوسع، على قول قداسة البابا يوحنا بولس الثاني، وتأكيداتٍ متواترة من جانب المرجعيات الروحية اللبنانية خلال عقودٍ ماضية.. حتى أنّ رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى في لبنان صرّح للصحافة العربية عام 2000: "أرى أن يبقى لبنان دولةً مفردة، ولو اجتمعت كل البلدان العربية في وحدة اندماجية... وذلك لمصلحة البلدان العربية ولمصلحة كثير من البلدان الإسلامية".

مسألة ثالثة: هل خلاص لبنان اليوم، وبعد كل ما وصلنا إليه، يكون بحياد قانوني معترفٍ به دولياً، أم بتحييد نفسه عن محاور الصراع المسلّح في المنطقة، بما يُعفيه من دفع ضريبةٍ تحمّلها طويلاً ولم يعد يستطيع تحمّلها (قرار سياسي)؟

  • نعتقدُ أنَّ حزْماً سياسياً وسيادياً لبنانياً، استناداً إلى اتفاق الطائف والدستور وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بسيادة لبنان، من شأنه أن يجعل التحييد أو النأي بالنفس، على صعوبته، أقربَ منالاً من حيادٍ قانوني.
  • كذلك نعتقد أنَّ سياسة النأي بالنفس لا تتعارض مع التزامات لبنان العربية في إطار العمل العربي المشترك ودعم القضية الفلسطينية العادلة، وفق مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة. إنَ الحياد لا يحولُ دونه إلا سياسياتُ التوريط الإقليمية واستجابةُ بعض اللبنانيين لتلك السياسات. وهذا ما اختبرناه رغم توقيع جميع الأطراف اللبنانية المعنيّة على "اعلان بعبدا"، كما اختبرناه عام 1967 حين اعتبرت جامعة الدول العربية – بمبادرة رفيقة ومنصفة – أن "لبنان دولة مساندة لا دولة مواجهة" رغم كونه من "بلدان الطوق".

مسألة رابعة: هل يستقيم عيشٌ مشترك وشراكة سياسية في ظلّ تمرّد فريقٍ على العدالة اللبنانية والدولية؟

  • إن ركائز العيش المشترك في لبنان والعالم، تقوم على احترام مبدأي العدالة والحرية، فإذا انتُهكت العدالة وحوصِرت الحرية يَفسد العيش المشترك. فلا عيش مشتركاُ إذا كان هناك مواطن يمثل أمام القانون ومواطن آخر "مميَّزَ" يتمرّد على القانون الوطني والقانون الدولي. كذلك لا يستقيم حوار ولا تفاهم بين مُختلفين إذا كان أحدهما يحمل السلاح بينما الآخر أعزل.

مسألة خامسة: هل يستطيع لبنان استعادة عافيته على مختلف المستويات في ظلّ عزلته العربية والدولية؟

  • ندخل اليوم الى مرحلة أوصلت اسرائيل الى عمق المنطقة، كما تتمدد إيران وتركيا وروسيا بشهيات إمبراطورية واضحة.
  • سنناقش اليوم كيفية تفعيل القطاعات الخاصة الانتاجية والاقتصادية والمهنية بهدف رسم تصوّر من أجل استعادة دور لبنان في عالم متحرك.

 

مسودة برنامج مرحلي مشترك للنقاش

تلت النص الدكتورة منى فياض

 

أ‌- خطورة الخروج المتمادي عن الدستور واتفاق الطائف في مرحلةٍ يُعاد فيها رسم خرائط المنطقة وتتعيّن فيها الأحجام والأدوار السياسية والإقتصادية.

  • نحن أمام مفترق طرق تتوضّح فيه معالم ترسيم المنطقة من جديد وذلك بعد مئة عام من انهيار الامبراطورية العثمانية وبداية مرحلة اتفاق سايكس- بيكو.
  • اليوم، تتصدر تيارات اسلامية، سنّية وشيعية غير عربية، المشهد وتحاول تحديد أحجامها السياسية والاقتصادية والعسكرية على حساب هوية المنطقة.
  • وللحؤول دون سقوط لبنان وتحميله الثمن خلال مراحل التغيير الكبير يتمسّك المجتمعون بما اتّفق عليه اللبنانيون في اتفاق الطائف الذي أصبح دستوراً والذي يؤكد على نهائية الكيان اللبناني وعلى عروبته وانتمائه إلى الهوية العربية.
  • عليه، تشكّل نهائية الكيان اللبناني الضمانة المطلوبة الرئيسية كي لا يتجه لبنان الى الاصغر أو أن يذوب في إطارٍ أكبر.
  • كما ان عروبة لبنان وانتماءه إلى محيطه العربي يؤمنان له ضمانة الدخول في نظام المصلحة العربية الذي ترتسم معالمه في العقود الأولى من هذا القرن.

ب‌- خطورة الانقلاب على اتفاق الطائف والدستور وقرارات الشرعية الدولية من قبل اتجاهين أساسيين داخليين:

- حزب الله الذي يحاول تعديل الطائف لصالحه.

- التيار الوطني الحر الذي بنى أساساً شرعيته على رفض الطائف.

  • إن الخروج من الدستور في لحظة يمتلك فريقٌ من اللبنانيين السلاح غير الشرعي، بإمرة ايرانية، سيؤدّي إلى إعادة النظر بالنظام والدستور على قاعدة موازين القوى وهذا ما يرفضه المجتمعون، إذ أن لبنان لا يُحكم على قاعدة موازين قوى تتبدّل بين يوم وآخر ومن طرف الى آخر، انما يحكم لبنان بقوة التوازن.
  • ان المجتمعين يطالبون بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية لا سيما القرارات 1559 و1680و1701، والتي تأخذ من اتفاق الطائف المستند القانوني لها، بمعنى ان التمسك باتفاق الطائف يعني التمسك بقرارات الشرعية الدولية – كما الانسحاب من اتفاق الطائف يعني الانسحاب من قرارات الشرعية الدولية.

ج‌- مسألة العيش المشترك والشراكة السياسية في ظلّ تمرّد فريقٍ على العدالة اللبنانية والدولية.

  • إن ركائز العيش المشترك في لبنان والعالم، تقوم على احترام مبدأي العدالة والحرية، فإذا انتُهكت العدالة وحوصِرت الحرية يُفسَد العيش المشترك. فلا عيشاً مشتركاُ إذا كان هناك مواطن يمثل أمام القانون ومواطن آخر "مميز" يتمرّد على القانون الوطني والقانون الدولي. كذلك لا يستقيم حوار ولا تفاهم بين مُختلفين إذا كان أحدهما يحمل السلاح بينما الآخر أعزل.
  • يطالب المجتمعون حزب الله بالعودة إلى لبنان بشروط لبنان- أي بشروط القانون والدستور اللبناني، وتسليم سلاحه للدولة وفقاً للدستور والقرارين 1559 و1701، وكذلك تسليم من دبّر ونفّذ اغتيال قامات وطنية ومواطنين أبرياء في مقدمهم الرئيس الشهيد رفيق الحريري. مع التنبيه والتحذير من أنّ استمرار الوضع الراهن، وخصوصاً بعد انفجار المرفأ في الرابع من آب، سيدفع باللبنانيين إلى البحث عن حلول من خارج الدستور وعن قوى اقليمية يستقوي بها الداخل على الداخل، وهو ما يرفضه المجتمعون بتصميم.

د‌- تصويب النقاش حول مسألة الحياد أو التحييد بما لا يتناقض مع هوية لبنان وانتمائه.

  • إن الحياد الذي يراه المجتمعون يرتكز على توقّف كل فريق داخلي عن الاستقواء بخارجٍ ما على حساب الشراكة الوطنية. لأن هذا الاستقواء يرتكز على المقايضة التالية: يعطي فريق داخلي جزءًا من السيادة مقابل جزءٍ من المكاسب على حساب الشريك الداخلي.
  • ويعرف المجتمعون من تجربة لبنان المئوية ان السيادة لا تتجزأ ولا مكاسب خاصة لفريقٍ على حساب الشراكة الداخلية الكاملة.
  • يؤكد المجتمعون بأن كل الطوائف والافرقاء في لبنان اختبروا الاستقواء بالخارج. فلم تسلم طائفة أو حزب من عواقب "مغامرات" الاستقواء.
  • لذلك تصبح الدعوة إلى الحياد أكثر إلحاحاً، والحياد الذي يطالب به المجتمعون هو عقدٌ لدى اللبنانيين يعلو على الاعتبارات الدستورية والقانونية وكان في أساس الفكرة اللبنانية.
  • والحياد ليس محطةً تأسيسيةً تُضاف إلى المحطات التأسيسية السابقة، مثل تأسيس دولة لبنان الكبير عام 1920، أو الميثاق الوطني سنة 1943 واتفاق الطائف في العام 1989. فالحياد المطلوب اليوم كضرورة وطنية حامية وجامعة لكل اللبنانيين إنما يندرج في سياق الحفاظ على العيش المشترك الاسلامي- المسيحي في ظلّ التوازن وفي ظلّ العدالة والحرية.

هـ - مناقشة دور لبنان الاقتصادي والثقافي والتعليمي والاستشفائي والمصرفي... بهدف استعادة ميزاته التفاضلية في هذا المجال للخروج من عزلته العربية والدولية الراهنة.

  • ندخل اليوم الى مرحلة أوصلت اسرائيل الى عمق المنطقة، كما تتمدد إيران وتركيا وروسيا بشهيات إمبراطورية عُلقت لقرن وتعود اليوم مع انهيار النظام العربي القديم.
  • إن هذا كله يؤدّي إلى تراجع دور لبنان الاقتصادي والثقافي والتعليمي والاستشفائي والمصرفي. والمطلوب، وعلى عجلٍ، هو إطلاق ورش عمل في كل المجالات المذكورة لاستعادة دورنا. فما يميّز لبنان هو تمسّكه بالعيش المشترك الذي يعطي دفعاً لقطاعاته الانتاجية ويؤكد انتسابه إلى المنطقة ثقافياً وسياسياً ووطنيا واقتصادياً.
  • ويرى المجتمعون بأن هناك دوراً أساسياً للجامعات الكبرى والصغرى في لبنان، بالإضافة إلى نقابات المهن الحرة والقطاعات الانتاجية والتجارية، كل هذه المؤسسات مدعوةٌ إلى الاجتماع فوراً والتفكير في ابتكار أشكالٍ جديدة تساعد لبنان في الدخول مجدداً إلى نظام المصلحة العربية آخذين بالاعتبار كل المستجدات.

 

النصوص الواردة إلى الخلوة والمداخلات

 

1- مداخلة الدكتور رضوان السيد

في البرنامج المرحلي

 

            التوقيع على ورقة جرت تسميتُها بالبرنامج المرحلي للمبادرة الوطنية خطوة مهمة وضرورية لأنها بمثابة المنهج للعمل الوطني الحاضر والمستقبلي ومع أنها تأخرت كثيراً فلا ينبغي التقليل  من أهميتها. لكنني أريد بعد التوقيع أن أقول شيئاً في الأولويات، وفي الترابط والاتّساق. 

            الأمر الأول الذي أريد قوله يتعلق بوثيقة الوفاق الوطني والدستور. وثيقة الوفاق الوطني هي الفذلكة أو الفلسفة للدستور، وهي بالنسبة لنا نحن اللبنانيين مناط الإجماع الذي لا يجوز التخلي عنه أو عن بعض بنوده كما بدت موجزةً في مقدمة الدستور. الوثيقة تقول إنها مقتضى العيش المشترك، ولذلك ونحن نقول أنّ الحديث عن تعديل الدستور لا تتوافر ظروفه ولا شروطه  وبخاصةٍ أن النظام اللبناني لم يخضْ بعد تجربة تطبيقه، أرى أنه وإن توافرت الظروف والشروط بالنسبة للنظر في الدستور نَظَرَ مراجعة؛ فإنّ الوثيقة، ولأنها تتعلق بالوجود الوطني اللبناني ذاته لا يصح أن تتعرض لإعادة النظر بأي شكل، لأنها تقرر الهوية  الوطنية ومقتضياتها. 

            أما الأمر الثاني فيتعلق بالشرعيات: الشرعية الدستورية، والشرعية العربية، والشرعية الدولية.  كل هذه الشرعيات تقرر معنى الدولة الوطنية اللنبانية. فلا دولة بلا دستور ولا دولة بلا هوية. ولا دولة بدون اعترافٍ من المجتمع الدولي. الشرعية الدستورية تقرر مبادئ الشراكة. والشرعية العربية تقرر مسألة الهوية والانتماء ونظام المصالح. والشرعية الدولية تقرر مبادئ وترتيبات وضمانات الانتماء لميثاق الأمم المتحدة وقرارات المجتمع الدولي. وهذه الشرعيات جميعاً تقتضي أن لا يكون هناك سلاحٌ غير سلاح الدولة، أولا تكون هناك شراكة، بل ولا تكون هناك سلطة واحدة، كما يكون هناك خروجٌ على القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية. إنّ تأجيل بحث مسألة السلاح بحجة أنه إقليمي، هو أمرٌ لا معنى له إلاّ العجز السياسي، والتخلي عن الدولة الوطنية وشرعياتها. فلا معنى للتأجيل ولو تكتيكاً، بل لا بد من الاستمرار في إدانة السلاح غير الشرعي ورفضه، لكي تبقى الدولة والنظام.

            والأمر الثالث مسألة الحياد التي طرحها البطريرك الراعي. لقد بدأ البعض يقولون إما الحياد وإما الفيدرالية. والحياد هو الذي تقرره وثيقة الوفاق الوطني، وهو موجودٌ في مقدمة الدستور. فلا داعي للمفاصلة: إما الحياد وإما الانفصال. ما هو الحياد في التجربة الللبنانية؟ هو منع سيطرة أي طرف على الطرف الآخر بالداخل من طريق الاستقواء بالخارج والعمل عنده. ولهذا المعنى يكفي الدستور ومقدمته، وتكفي القرارات الدولية لتحقيق الحياد. الفيدرالية لا تحمي، بل هي هي نفسها التي يطالب بها الحزب باسم المثالثة. أما الهوية العربية فهي قوةٌ للبنان كله وسط متغيرات الظروف والمحاور.

            أما الأمر الرابع والأخير، فيتعلق بتسمية مجموعة البرنامج المرحلي: هل هي كتلة المبادرة الوطنية، أم الكتلة اللبنانية. والتسميتان جميلتان. وما كنت أحب كلمة: الكتلة، بسبب كثرة حديث القوميين العرب عن الكتلة التاريخية. لقد أحببتُها في سياقها الجديد: فلتكن هذه المجموعة الصغيرة هي الكتلة الحرجة أو التاريخية للبنان الحر والمستقل الذي تخلّص من تحالف الميليشيا مع المافيا.

 

2- مداخلة العميد الركن نزار عبد القادر ممثلاً الرئيس ميشال سليمان ولقاء الجمهورية

نحن نعيش في مرحلة خطرة ومصيرية ولا يجوز التلاعب بمصير الوطن من خلال ركوب المغامرة بطرح خيارات بديلة للطائف ولصيغة المشاركة التي أسس لها.

لا يمكن الفصل بين ما يجري في لبنان وما يجري في سوريا والعراق وفلسطين. فالدول الأربع تشكل في رأينا مسرح العمليات الأوسع للاستراتيجية الكبرى لكل من الولايات المتحدة وايران واسرائيل، وهذا ما يؤشر اليه الاهتمام الفرنسي والاوروبي والمصري لما يجري في لبنان.

تحاول ايران وسوريا منذ انتهاء حرب 2006 تحريك التحالف الموالي لهما بقيادة حزب الله من اجل قلب الموازين السياسية في لبنان مع التركيز على ان تكون الخطوة الاولى السيطرة على السلطة التنفيذية وتحديداً على موازين القوى داخل مجلس الوزراء. وهذا ما هيأ له حزب الله من خلال السيطرة على الاكثرية داخل مجلس النواب. وقد تعدت طموحات الحزب منذ انتخاب الرئيس عون حدود مكاسب اتفاق الدوحة أي الثلث المعطل إن حزب الله يريد اليوم فرض ارادته وسيطرته الكاملة على مجلس الوزراء.

خيارات معالجة لب الازمة اللبنانية حول السيادة والدفاع هي:

  1. استراتيجية المقاومة
  2. بناء الجيش القوي القادر على حماية البلاد داخليا وخارجيا. هذا هو الحل الوطني الأمثل
  3. دمج المقاومة بالجيش- هو مخرج للثنائية الراهنة. انها مهمة مستحيلة نظرا لارتباط حزب الله العضوي بالحرس الثوري الايراني
  4. الخيار الرابع حياد لبنان. الفكرة جيدة – دونها عقبات مع ضرورة تأمين ضمانات دولية وعربية. الامل كان بتوسيع مهام اليونيفيل وفق القرار 1701.

الدولة اللبنانية عاجزة عن طرح فكرة الحياد- فالفكرة تواجه بالرفض والادانة من قبل حزب الله وسوريا وايران. نعتقد بانه على البطريرك الاستمرار في مبادرته لتحييد لبنان والعمل على توسيع القاعدة الداخلية الداعمة لها ومن ثم العمل على اقناع القوى الدولية الصديقة بجدواها.

كما نؤكد بان الحياد هو مدخل لإكمال تطبيق الطائف وسبق وشكل اعلان بعبدا خطوة اساسية على هذا الطريق بعد ان تحول الى وثيقة معترف بها دوليا.

  • ان الحياد يطمئن الطوائف كافة اقلية كانت او اكثر على هوية ومصير لبنان.
  • الحياد يحول دون أخذ لبنان لأي محور أيا كانت الطائفة او الفريق المهيمن على الاكثرية النيابية.
  • التحييد المنصوص عليه في اعلان بعبدا حاز على موافقة الجميع في الداخل وأصبح وثيقة رسمية في مجلس الأمن.
  • موضوع العداء لاسرائيل لا يشكل مانعا- فلبنان اعتمد المبادرة العربية للسلام والآن وبتشجيع من الثنائية الشيعية يجري التفاوض مع اسرائيل دون قبول اسرائيل بحل الدولتين- ولكن لبنان حريص على عدم ولوج سياسة التطبيع .
  • الحياد يتطلب فك الارتباط بالصراعات الجارية بدول الجوار.
  • يستلزم سحب المقاتلين من سوريا والعراق واليمن- ووقف التدخل في شؤون الدول الاخرى.
  • العمل على حصر السلاح بالدولة واجهزتها.
  • ضبط الحدود مع سوريا بالكامل.
  • تصويب السياسة الخارجية للخروج من سياسة المحاور.
  • الحياد يستلزم استعادة سيادة الدولة على قرار السلم والحرب.
  • تشكيل هيئة الغاء الطائفية السياسية- يتم مباشرة فور الاتفاق على الحياد وضع برنامج زمني لاختبار مدى فعالية مجلس الشيوخ نقدم بعده إلى الغاء المناصفة في مجلس النواب- 40% على مدة دورة او دورتين.
  • اعتماد اللامركزية الادارية بعد تحقيق سيادة الدولة بالكامل- يجب ان تكون الدولة قوية لمنع انفراط البلد نتيجة الصراعات الناشئة بين الجميع.
  • نشدد على ضرورة ذكر اعلان بعبدا في الوثيقة الختامية- انها مكسب مؤكد ولها قيمة واعتبار دوليين.
  • ان اللقاء يرفض اي تفريط بالشراكة على غرار ما يطرحه البعض ونحن متمسكون بالشراكة مع الثنائي الشيعي ونرفض المساس به تحت أي مبرر.

أنهي هذه المداخلة بالصورة 35 ما ورد في الارشاد الرسولي من اجل لبنان حول ضرورة تحقيق مصالحة حقيقية والالتزام بالسلام بين مختلف القوى والمجموعات اللبنانية من خلال العودة الى تطبيق الدستور والتمسك بروح الطائف.

يقول البابا يوحنا بولس الثاني "ان التزام السلام من قبل الجميع، اصحاب الارادة الطيبة، يقود الى مصالحة نهائية بين جميع اللبنانيين وبين مختلف فئات البلد. والمصالحة هي نقطة الرجاء لمستقبل جديد للبنان".

 

3- مداخلة البروفيسور جورج أفتيموس

لبنان ســـويســـرا الشـــرق، لبنان مســـتشـــفى المنطقة، لبنان الواحة الجميلة المضيافة، لبنان الجمـال والعراقة والعيش الرغيد، أين نحن من كل هذه الشـــعارات اليوم؟

نعيش في هذا الوطن التعيس أزمة خانقة تهدد مســـتقبل اللبنانيين ويمكن أن تودي بهم الى جهنم. ولقد انهارت أو كادت كل عناصر القوة التي كان يتمتع بها لبنان من علم وثقافة واقتصاد ومال ولقد طالت هذه الأزمة القطاع الطبي والإســـتشـــفائي كما كل القطاعات.

إذا نظرنا الى واقع الحال نجد أن الطب والإســـتشـــفاء يحتاج الى:

أولاً- الأطباء

ثانياً- المســـتشـــفيات

ســـأعرض أولاً ما كنا عليه ومن ثم ما أصبحنا فيه:

الأطباء:

يمتاز لبنان بوجود عدد كبير من الأطباء من ذوي الخبرة والإختصاصات العالية. إذ هنالك ما يقارب 14000 طبيب الذين تلقوا دروســـهم في لبنان أو في الخارج وحملوا الى الوطن ســـنين طويلة من الخبرة مع الطب الحديث ومن جميع الإختصاصات. وهؤلاء الأطباء موزعون على مجمل الأراضي اللبنانية مع بعض التفاوت إذ ان العاصمة بيروت وضواحيها تســـتأثر بالكم الأكبر منهم. ولقد ذاع صيت أطبائنا في المنطقة العربية وأصبحوا مقصداً للمرضى الذين يعانون من آفات صعبة ومســـتعصية. كما اصبح لبنان وجهة طبيعية للسياحة الطبية.

المســـتشـــفيات:

في لبنان حالياً ما يقارب 140 مســـتشـــفى خاص و29 مســـتشـــفى حكومي، ويجد المريض في معظم هذه المســـتشـــفيات الآلات والتقنيات التي تســـمح بتشـــخيص وعلاج معظم الأمراض ويعمل في هذه المســـتشـــفيات حوالي 12000 ممرض وممرضة من أصحاب الكفاءة والمهارة

في لبنان أيضاً 7 كليات تدرس الطب واختصاصاته وهي متعاقدة مع عدد كبير من المســـتشـــفيات الخاصة والحكومية بحيث يتكامل التعليم النظري مع التدريب العملي. وهذا التكامل يعود بالفائدة العميمة والمتبادلة على الفريقين.

قد لا يكون النظام الصحي كاملاً ومثالياً ولكنه يســـمح لمعظم اللبنانيين بالوصول الى العناية الطبية التي يحتاجون اليها وذلك من خلال الجهات الضامنة الرســـمية والخاصة مع العلم أن

وزارة الصحة العامة تغطي كلفة الإســـتشـــفاء لمن ليس له تغطية وكذلك تعنى بعلاج الأمراض المســـتعصية والمزمنة كالســـرطان مثلاً، كما يجب العمل على البطاقة الصحية الموحدة والضمان الصحي بعد التقاعد.

ما هو الواقع اليوم؟

يعيش القطاع الصحي والإســـتشـــفائي اليوم أزمة غير مســـبوقة تنذر بالإنهيار الكامل وبمســـتقبل قاتم لجميع اللبنانيين.

أولاً- الأطباء: يعاني الأطباء اليوم من تدني في مداخيلهم بشـــكل مخيف مع تدهور ســـعر صرف الليرة. فالتعريفات المتدنية أصلاً والتي لم تعرف إعادة نظر أو تقويم منذ أكثر من 25 ســـنة لم تعد تســـاوي شـــيئاً في ظل إنهيار ســـعر صرف الليرة. هل تعلمون مثلاً ان المعاينة الطبية لا تتخطى قيمتها عشـــر دولارات وإن بعض الفحوصات المخبرية متاحة بدولار أو بدولارين؟

هذه الحال دفعت بالكثير من الأطباء الى تخطي حاجز الفقر والعوز. وفي نفس الوقت الأطباء كما غيرهم من المواطنين يواجهون ارتفاع كلفة المعيشـــة ويعجزون عن دفع بعض المســـتلزمات كصيانة الســـيارة أو تغيير الدواليب. ومعاناة الأطباء شـــبيهة بمعاناة العاملين الآخرين في القطاع الطبي والإســـتشـــفائي من ممرضات وممرضين ويد عاملة متخصصة.  

ثانياً- المســـتشـــفيات: تعاني المســـتشـــفيات هي أيضاً من التعرفات المتدنية ومن تأخر الجهات الضامنة على تســـديد قيمة الفواتير. كما أن هذه المســـتشـــفيات أصبحت في وضع صعب لجهة تأمين التمويل اللازم لصيانة المعدات وتجديدها وشـــراء الدواء. الموردون يضغطون للحصول على أموالهم نقداً وبالعملة الصعبة بينما الجهات الضامنة تســـدد فواتيرهـا متأخرة وبالعملة اللبنانية . فمـا هو الحل؟

كما المســـتشـــفيات كذلك  كليات الطب التي تواجه أيضاً هذه الأزمة باللحم الحي ومن المتوقع أن ينصرف العديد من الطلاب عن ارتياد الجامعات الخاصة لعدم قدرة ذويهم على دفع الأقســـاط.

ما هي تداعيات هذه الأوضاع؟

أولاً- على الأطباء والعاملين في القطاع الصحي والإســـتشـــفائي: النزف البشـــري الحاد الذي طال ويطول مـا يقارب ثلث عدد الأطباء المســـجلين الذين اختاروا درب الهجرة للوصول الى بلاد يســـتطيعون أن يمارســـوا فيهـا مهنتهم بأمان وســـلام وبمســـتوى اجتماعي لائق كما أن

الأطباء المتدربين في الخارج ســـيســـتنكفون العودة الى بلدهم الأم الذي ســـيخســـر هذه الطاقة المســـتقبلية وهذا الأمر ينســـحب على الممرضين والممرضات والتقنيين المختصين.

ثانياً- على المســـتشـــفيات: التي لن تســـتطيع المحافظة على مســـتوى أداءهـا وذلك لعجزهـا على تأمين المســـتلزمات الطبية والصيانة الضرورية وشـــراء تجهيزات جديدة لمواكبة تطور العلوم.

ما هي الحلول المطلوبة؟:

للمحافظة على المســـتوى الطبي والإســـتشـــفائي في لبنان يجب ومن دون تلكؤ ضخ المال الكافي فالطب ليس "كورونا" فقط:

أولاً- لتصحيح التعرفات المتدنية لمســـاعدة الطبيب على تحمل أعباء المعيشـــة وخاصة للســـماح له بمتابعة التحصيل العلمي المســـتمر لمواكبة تقدم الطب الحديث.

ثانياً- مســـاعدة المســـتشـــفيات المتضررة بطريقة مزمنة من تدني التعرفات والتأخر بتســـديد المســـتحقات وكذلك لمســـاعدة المســـتشـــفيات التي تضررت بانفجار 4 آب الكارثي على اعادة الإعمار واســـتبدال المعدات والتجهيزات المعطوبة والمحطمة بغيرها جديدة.

ثالثاً-مد يد العون لكليات الطب وتشـــجيع البحث العلمي الســـريري وفي العلوم الأســـاســـية.

رابعاً- تأمين جو من الســـلم والســـلام والوئام ومكافحة الفساد في ظل التطبيع بين الدول العربية واســـرائيل. المقاومة اليوم هي مقاومة بالعلم والإنفتاح والتقدم وذلك لكي يســـتطيع لبنان الحفاظ على موقعه في ظل تهافت العرب على الدولة العبرية التي تنافســـنا في جميع المجالات.

أيهـا الســـادة،

المقاومة اليوم هي في فعل ايمان بلبنان الآباء، لبنان العيش المشـــترك، لبنان تقبل الآخر المختلف، لبنان العلم والثفافة والفن والفرح. إن الصواريخ الدقيقة لن تجدينا نفعاً في وجه ما يتهددنا مســـتقبلاً.

كما قيل ســـابقاً: أعطونا الســـلام وخذوا مـا يدهش العالم.

 

4- مداخلة الدكتور أحمد فتفت

الحضور الكريم

سؤال بديهي لكل متابع : لماذا نحن هنا ؟

يعيش لبنان في حالتي إنهيار وضياع . الإنهيار وليد تراكمات سياسية واقتصادية ومالية وأمنية وفساد وطائفية مرَضية وتكاذب سياسي وإجتماعي نجتّرها على مدى عقود ، وكذلك ضياع عن إيجاد السبل الحقيقية للخروج من مأزق تاريخي توهمنا الخلاص منه بعد الطائف ثم حلمنا بالقضاء عليه بعد 14 آذار 2005 .

كلٌ في السياسة والإقتصاد والأمن و"الثورة " يغني على ليلاه متوهماً أنّه أصاب التشخيص ووصّف العلاج السحري، وكلٌ ينتهي في مهاترات لا طائل منها الاّ تعميق جراح البلد .

إنّما الإجماع يبقى ، بالاقل ظاهرياً ، في الحاجة الى بناء دولة . اليس هذا هو الأساس لمعنى الوطن والمواطنيّة...؟

لا وطن ولا مواطنية بدون دولة .

هل يمكن محاربة الفساد وكل الآفات السياسية الأخرى بدون دولة ؟

الصحّة ، التعليم ، الأمن ، الحرّيات .... كلّها تختفي في ظلّ غياب الدولة وبالطبع أيضاً الماء والكهرباء والرقابة على المالية العامة وعلى المصارف ... الدولة حاجة وليست قرار مزاجي ...

لماذا فشلنا في بناء الدولة حتّى الآن ؟

ذلك أنّنا قبلنا أنّ نضحي بأهم عناصر بناء الدولة أي السيادة الكاملة والحق الحصري بإستعمال العنف في الداخل والخارج ...

بعكس ما يقول الطائف ، وما يحدّده الدستور ، قبلنا ببناء دويلة ، تحت عنوان المقاومة ، على أطراف الدولة . دويلة تنهش الدولة تدريجياً حتّى أضحت هي الدولة الفعلية وأضحت الدولة شبه دويلة فاشلة يتآكل ما بقي منها بفعل الفساد والطائفية والتطرّف بشتّى أنواعه وشعاراته وممارساته .

العودة الى الأساس هي المخرج لكل أزماتنا والأساس يبقى الطائف والدستور بكل مبادئه وقواعده ومواده دون إجتزاء أو تفسير مبتور أو تخلٍ .

العودة الى الطائف والدستور ليس خياراً بل هي بل الأساس ، والسيادة هي الأساس والديمقراطية هي الأساس والمناصفة هي الأساس والحريات هي الأساس .

كل ذلك واضح وصريح في الطائف تحت العنوان الميثاقي الأساسي : " لبنان وطن نهائي لأبنائه عربيّ الهوية والإنتماء " والدستور كرّس الميثاقيّة الحقيقيّة : الميثاقيّة الإسلاميّة - المسيحيّة ، ميثاقية العيش المشترك ، والمناصفة في مواقع القرار المحددّة في المادة 95 من الدستور ، أمّا ميثاقيّة المِلل والأحزاب فهي بدعة تضليل لا غير ...

واليوم أضفنا الى أزماتنا الهول الاقتصادي والمالي في وقت نصرّ على تحدّي العالم العربي بخياراتنا الإستراتيجية الموتورة وعلى تحدّي العالم أجمع برفض القرارات الدوليّة لمجلس الأمن والأمم المتحدّة وتحديداً القرار 1559 .

ما يجمعنا هنا أنّنا نريد إستعادة الدولة التي إتفقنا عليها في الطائف وبنينا دستورنا على هذا الأساس .

لا دولة في ظلّ سلاح غير شرعي يغتصب السيادة لمصلحة الوصاية الإيرانية .

لا دولة في ظلّ محاولة جرّ الاقتصاد اللبناني الى حيث يساوي الدولار أكثر من ثلاث مئة الف ريال .

لا دولة في ظلّ محاولة إبعاد لبنان عن منظومة المصالح العربيّة لأنهّا رئته الاقتصادية والثقافية ...

لا دولة في ظلّ رفض قرارات الشرعيّة الدوليّة والإيهام بأنّ عقوباتها غير ذي جدوى ، فيما يهرول البعض الى طاولة المفاوضات مع إسرائيل بعد أول رشّة عقوبات ...

لكل ذلك نزداد تعلقاً بالطائف والدستور والشرعية العربية وقرارات الشرعية الدولية : إنها الثلاثيّة الوطنيّة الحقيقية ...

وأريد أنّ أتوّجه لمن جعل من محاربة الفساد معركته الأولى والأخيرة : محق أنت في محاربة الفساد فهو داء عضال قاتل . لكن كيف تحاربه وقد كرّس البعض مقولة " إرتكب كي أحميك كي تصبح مرتهناً لي وشريكاً لي ...

اليس هذا ما يحدث ؟ من يغطي الفساد ويسمح به ؟

من يمنع الأمن الرسمي من دخول مناطق معينة ؟

من يمنع التحقيق في إنفجار المرفأ أن يذهب الى النهاية أو بالأحرى " البداية " ليقول لنا من أدخل النيترات الى لبنان ومن كان مالكها ومستعملها ؟؟

من يمنع حتى التحقيق الأولي في إنفجار عين قانا ؟ وهل حدث إنفجار في عين قانا ؟ حتى الإعلام الحرّ تناساه ....

من يغطي التهريب في المرفأ والمطار وعلى الحدود السورية ويمنع الجيش والقوى الأمنية أن تقوم بدورها بالكامل ؟

من يحمي الفاسدين المتجذرين في السلطة ويؤمن لهم الإستمرار والغطاء في الأمن والقضاء والسياسة ؟

الجميع يدرك الجواب ويعلم أن السلاح غير الشرعي هو حامي الفساد والأول في هذا البلد ، سلاح الميليشيا والوصاية الإيرانيّة ...

كيف تريدوننا أنّ نخرج من القعر الذي إنحدرنا اليه ؟

المشكلة ليست في عوارض المرض بل في المرض الخبيث الذي يأكل جسد الوطن تدريجيا .

نستطيع أن نتجاهل هذه الحقائق لبرهة من الزمن وربّما طويلاً وننتهي جثّة هامدة كشعب ووطن ووجود .

الخوف من القوّة العاتية والغاشمة لا يمنعها من أن تجرفنا . من حقنا ، بل من واجبنا ، أنّ نواجه الحقائق وأن لا نغض الطرف خوفاً أياّ تكن التحدّيات والتهديدات ...

الخوف يقتل الجبناء قبل العاصفة ويوهمهم بجنة المصالح ...

الدعوة اليوم هي لمبادرة وطنيّة جامعة تعيد بناء صفٍ وطنيّ متراص يتجاوز المناطق والطوائف والخصوصيات حفاظاً على لبنان الواحد الموحد الذي لا وجود له دون عيش مشترك بخيار وطنيّ وقرار لبناني دون وصاية ، أيّة وصاية كانت .

لبنان الحريّات ، لبنان الديمقراطيّة الحقيقية ، العدالة في القرار والخيار كما نصّ عليه الدستور وفي المناصفة حيث يجب وفي الكفاءة في كل مكان والمساوات أمام القانون والمحاسبة في كلّ أوان .

العودة الى الأساس هي الحل لنرسم معاً طريقاً مختلفاً عن من يريد أن يجرفنا الى جهنم ...

 

5- مداخلة الدكتور توفيق كسبار

سأحاول أن اختصر بقدر الممكن في هذه الدقائق المسموحة لي أن أشرح الاسباب التي أدت الى هذا الانهيار في تاريخ لبنان الحديث. قبل الانهيار كان هناك 123 مليار دولار، بالدولار او بعملات أجنبية أخرى، جمّدت تماما وهو شيء لم يحدث بتاريخ لبنان هذا في وقت الناتج المحلي كان حوالي 45 مليار دولار.

يقدَّم الوضع المالي في لبنان وببساطة من قبل السياسيين ومن قبل الصحافة، المكتوبة والمرئية والمسموعة، على أن المواطن اللبناني وضع أمواله في المصارف التي وضعتها بدورها في المصرف المركزي الذي أقرض الدولة اللبنانية. وهذا الأمر ليس صحيحاً أبداً ولا يستند إلى أية دلائل ملموسة. سأقدّم لكم اليوم المعلومات الصحيحة والتي رسمية صرّحت بها وزارة المالية والمنشورة على مواقع الوزارة والمصرف المركزي. ما الذي حدث؟ وبطريقة مبسّطة جداً، علينا فهم حدثين مهمين لفهم ما حدث. الواقع أن الانهيار الذي حصل هو انهيارين وليس انهيارا واحدا، حدث انهيار مصرفي هو الانهيار الاول ومن ثم حصل انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية. وللتأكيد على كلامي سأذكر مثلا، في ثمانينيات القرن الماضي انهار سعر الصرف بشكل أقوى من اليوم وقد وصل سعر ارتفاع الليرة الى اكثر من 95%، لكن بقية المصارف صلبة في وضعها المالي. اليوم الوضع مختلف تماما، لانه في الفترة الممتدة بين 1975 و1990 كانت سيولة المصارف اللبنانية تعادل نسبة 90% وهي أعلى نسبة في العالم ولا يمكن أن تتأثر بأي أزمة، بينما أصبحت هذه السيولة في أيلول 2019 لا تتعدى الـ7% وهذا ما ندفع ثمنه اليوم. ولماذا حدث هذا الامر؟ كان مصرف لبنان بحاجة للدولار ولذلك عرض على المصارف فائدة 5 و 10 % ووصلت في بعض الأحيان الى 15، بينما الفائدة في السوق العالمية كانت بين 1.5 و2.5 %. المصارف المركزية في العالم تسمح لنفسها بزيادة ما نسبته 10 بالألف من أجل جذب الأموال، لكن مصرف لبنان ضاعف هذا الرقم بشكل غير خيالي ومجرم. بنتيجة هذا العرض أدخلت المصارف اللبنانية ما قيمته 80 مليار دولار من الخارج ووضعتها في مصرف لبنان. وتحوّلت هذه السيولة المصرفية إلى لا سيولة.

المسؤول الأول والمباشر لهذا العمل الاجرامي هو مصرف لبنان وتشاركه في هذا الجرم المصارف اللبنانية لأنهم لم يستطيعوا المحافظة على ودائع الناس. وهذه مسؤولية واضحة حيث أنه لم يكن هناك أية ضغوط على المصارف اللبنانية تجبرها على وضع هذه الأموال في المصرف المركزي، كما أم حاكمية مصرف لبنان هي مسؤولة عن هذه السياسة التي أوصلت الوضع إلى ما هو عليه ولو كان السبب كما يقال هو تثبيت سعر الصرف.

هذا قطاع بُني على فترة مئة عام والمسؤولية على قطاعات الرقابة كبيرة جدا. مثلاً القرارات تتخذ في المجلس المركزي اين كانت كافة اعضاء المجلس المركزي في الحاكمية عند اتخاذ هذه القرارات؟ وماذا كانت تفعل لجنة الرقابة على المصارف في هذا الوقت؟ مراقبة السيولة بالدولار تتم كل يوم إذا لم يكن كل ساعة. أين وزارة المال من هذه السياسة؟ أين مجلس الوزراء والمجلس النيابي من المساءلة؟ خلال فترة الحرب الأهلية كان المجلس النيابي يستدعي حاكم المصرف المركزي، المرحوم ادمون نعيم، إلى المجلس النيابي المؤقت في فيلا منصور من اجل مساءلته عن الوضع المالي وسياسة المصرف المركزي. ومنذ تعيين هذه الحاكمية في العام 1990 لم يساءل مرة واحدة حتى، لا في المجلس النيابي ولا في مجلس الوزراء ولا من أية جهة سياسية. وحتى الاعلام، الذي أحملّه مسؤولية كبرى، لم يسائل حاكم مصرف لبنان الحالي ولا مرة. كان يجب على الاعلام أن يكون الصوت المراقب والمسائل لكن للأسف كان يبخّر ولأسباب نعرفها جميعاً.

لماذا لم يكن هناك مساءلة؟ لانه عندما تفقد الدولة سيادتها بسبب الاحتلال او الوصاية، نحن نسمي الوضع اليوم بالوصاية الايرانية بينما هي احتلال ايراني بواسطة حزب لبناني اسمه حزب الله، تفقد عندها أسس الحكم الديموقراطي ولا يعود هناك محاسبة، لأن رجال السلطة يصبح لديهم هم واحد فقط وهو مصالحهم التي يأخذونها كمكافأة على تغطيتهم السياسية لسلطة الاحتلال. فإذا لو كان هناك سيادة لكان هناك محاسبة لإيقاف هذه الجريمة التي ارتكبت بحق اللبنانيين. والذي حدث هو جريمة موصوفة لا يجب أن ننساها أو نتغاضى عنها.

لقد مر عام على الانهيار التاريخي والذي لم يحصل مثله في التاريخ العالمي الحديث والسلطة ليس فقط لم تعمل على ايقاف او معالجة الانهيار بل حتى لم يخرج أحد لشرح تفاصيل ما حدث للمواطنين. في وقت يبررون للمواطن أن المصارف اقرضت الدولة لانها كانت بحاجة للعملات الاجنبية الحقيقة هي أن الدولة اللبنانية هي من أقرض المصرف المركزي وبالارقام وزارة المال هي من اقرض المصرف المركزي 17 مليار بينما المصرف اقرض الدولة 11 مليار. وهذه ارقام رسمية.

 

6- كلمة الاستاذ فؤاد رحمة – رئيس تجمع رجال الاعمال في لبنان

تحية للجميع. سأكون سريعاً جداً، لن أردّ على الدكتور كسبار لأن الوقت لا يسمح سنكون بحاجة لندوة أخرى. تسمّعت جيداً لما قاله الدكتور وأقول فقط ان هناك مغالطات ولكن ليس هذا موضوعنا اليوم.

سأعطي لندوتكم نظرة من قطاع الأعمال، وما هي تتطلعاته في لبنان. اساساً لن أوصّف الوضع، الوضع سيء جداً ولا حاجة لتوصيفه، ومن لا يعرف يكفي أن يمر على المصرف أو السوبرماركت أو محطة الوقود أو أن يدخل إلى الصيدلية أو لا سمح الله أن يدخل المستشفى.

كنّا كرجال أعمال نظن أن المشكلة تقنية، فإذا عرضنا حلولاً تقنية يمكن ان نخرج من هذه الأزمة. لكن تبيّن لنا مع الوقت، ولقد احتجنا وقتاً لنصل إلى هذا الاقتناع، أن الازمة ليست أزمة تقنية إنما أزمة سياسية بامتياز. ونحن أهل المال جبناء ولا نجرؤ على التحدّث بالسياسة. كما تبيّن لنا أن عدم تطرّقنا للسياسة وتجنّبنا الكلام بها أفقدنا كلّ شيء، وبفترة 10 شهور فقدنا كل المنظومة الاقتصادية. القطاع الخاص الذي حوّل الناتج المحلّي في لبنان من 5 مليار دولار في سنة 1998 إلى 55 مليار دولار في سنة 2018 ليس قطاعاً غبياً بالتقنيات لكنه لا يفهم في السياسة. لقد تبيّن لنا انه يمكن تركيب منظومة تتماشى مع المافيا المحلية في البلد طالما هناك امكانية لتعبئة "الصندوق"، لكننا وصلنا إلى مكان لا يمكن فيه تعبئة هذا "الصندوق". وبلحظة تكتشف أنه بلمح البصر لا يعود هناك شيئاً في "الصندوق". ما أحاول قوله أن قطاع استطاع رفع الناتج المحلي إلى 55 مليار، فجأة بعشرة أشهر رأى أن هذا الناتج انحدر إلى 23 مليار وهو ما زال ينحدر أكثر. وهناك ما هو أخطر من هذا، كنّا نظن أن المشكلة هي بالثقة، والثقة عامل مهم جداً في قطاع الاعمال، لكن الأهم من الثقة هو وجود بيئة حاضنة للأعمال. والبيئة الحاضنة ليست فقط قوانين، لبنان تميّز طبعا بالمستشفى وبالجامعة وبالمصارف لكنه تميّز أيضا بنوعية الحياة في لبنان وهذه النوعية هي اليوم بخطر. وبعد تفكير توصلنا إلى نتيجة بان من يضرب نوعية الحياة في لبنان هي السياسة وذلك بعد عدة خلوات لرجال الاعمال بحثنا خلالها الاسباب والمسببات لضرب نوعية حياتنا. لقد تبيّن لنا أنه لا يمكن العيش في ظل منظومتين في نفس الوقت، لا يمكن ان يكون هناك صيف وشتاء تحت سماءٍ واحدة، لا يمكن ان يكزن هناك منظومة تعمل تحت القانون ومنظومة أخرى تعمل خارج القانون، لا يمكن ان يكون هناك من يسدد ضرائبه وآخر لا يسددها، لا يمكن ان يكون هناك مضاربة غير شرعية على كل شيء والاستمرار. أنا جزء مني من بلدة اسمها العاقورة، في الشتاء عندما تقطع الطرقات بالثلوج تجلس الشباب للعب الورق، وعلى طاولة اللعب اذ ما وضع احدهم مسدس فهو الذي سيربح!

سأنهي كلمي، أكبر خطر نواجهه اليوم ليس فقط تقارب العرب مع اسرائيل بل المنظومة الموجودة في لبنان والتي تعمل على تهميش طريقة العيش والتي هي حلم كل الشباب اللبناني. لا تظنّوا أن الشباب الذي يهاجر اليوم من لبنان والشباب الذي يريد العودة ولا يمكنه ذلك ليس فقط بدافع مادي السبب الأساس هو أن البلد يتغيّر لشكلٍ لا يشبههم وهذا هو الأمر الخطير، البلد أصبح لا يشبه تطلعاتهم وأحلامهم. هذا الشباب يريد بلداً تستطيع أن تحلم فيه وتستطيع أن تحقق احلامك فيه ولكن هذا الشباب يريد بلداً يستطيع أن يعيش فيه كما يريد وباحترام الآخر.

 

7- مداخلة حزب القوات اللبنانية

حضرات السادة أعضاء لقاء سيّدة الجبل المجتمعين في إطار مبادرة وطنية لصياغة برنامج مرحلي مشترك..

تحيّة مودة واحترام،

نثمّن كثيرًا دعوتكم لنا كحزب القوات اللبنانيّة للمشاركة في اللقاء الذي تزمعون تنظيمه، ويهمّنا إعلامكم بأنّنا تدارسنا بنود مسوّدة اللقاء، ونؤكّد لحضراتكم تقاطعنا المشترك معكم في هذه المساحة الوطنيّة المشتركة المتعلّقة بالدّستور اللبناني والشرعيّة العربيّة والدوليّة، لأنّ لبنان لا يستطيع أن يكون كدولة قائمة وفاعلة في محيطه خارج الشرعيّات الثلاث: المحليّة والعربيّة والدوليّة. فهذا أمر ثابت ومؤكّد ومن المسلّمات الوطنيّة الكيانيّة بالنسبة إلينا.

ولكن من جهتنا، وعلى الرّغم من وجود  بعض المسائل الأساسيّة في  ورقتكم هذه، يهمّنا التأكيد على الأمور الثلاثة الأساسيّة الآتية:

1-         مسألة الحياد

هذه المسألة التي طرحها البطريرك الماروني  مار بشارة بطرس  الراعي يجب  الذهاب  فيها حتّى النهاية، لأنّه لا إنقاذ للبنان إلا من خلال حياده. وخير دليل في  ذلك، أنّ لبنان لم يشهد أيّ ازدهار  واستقرار إلا عندما طُبِّق  هذا الحياد بين عامي  1943 و 1969. من هنا، مسألة الحياد بالنسبة إلينا هي  مسألة جوهريّة، وهذا المشروع السياسي الأساس الذي  يجب  حمله حتّى النهاية، فلا استقرار من دون حياد، ولا سيادة من دون حياد، ولا دولة من دون حياد.

2-         مسألة قانون الانتخاب.

 إنّ موضوع قانون الانتخاب بالنسبة إلينا ليس مسألة تفصيليّة في مجتمع تعدّدي  مثل لبنان. فقانون الانتخاب يعتبر مسألة جوهريّة أساسيّة في  التعبير عن الشراكة الوطنيّة، وعن وجه البلد، لأنّ أيّ تغيير في قانون الانتخاب يضرب الجوهر الكياني  الذي قام عليه لبنان الكيان؛ وأيّ تغيير في هذا القانون على قاعدة ما يُطرح اليوم في أن يكون لبنان دائرة انتخابيّة واحدة، يأخذ لبنان باتّجاه تغيير وجه وطننا؛ وبالتالي يضرب الفكرة اللبنانيّة برمّتها، هذه الفكرة القائمة على العيش  المشترك منذ ميثاق 1943. ومن هنا أهميّة قوانين الانتخاب، إن كان في الحفاظ على وجه لبنان، وإن كان أيضًا في مسألة إعادة إنتاج السلطة السياسيّة كلّها، من رئاسة الجمهوريّة إلى الحكومات المتعاقبة إلى سلطة وطريقة الحكم. وبالتال  لا يجوز التعامل مع هذه المسألة بشكل ثانوي.

3-         مسألة اللامركزيّة

ندرك جميعًا بأنّ هذه المسألة لم تطبّق من دستور الطائف، وذلك عن سابق  تصوّر وتصميم؛ لذلك يجب  المضي قدمًا بالدّفع نحو تطبيقها بأوسع أطر ممكنة. 

وختاما، نتمنى لكم التوفيق كله في مؤتمركم، ونحن على أتم الاستعداد لمواصلة الحوار والنقاش  بعد هذا المؤتمر، آملين ان تؤسس الورقة الختامية لدينامية وطنية وخارطة طريق إنقاذية للبنان.

وتفضّلوا بالقبول  مع فائق  الاحترام والشكر.

 

8- كلمة الاستاذ بشير مراد ممثل حزب الكتائب اللبنانية

ارتأينا في حزب الكتائب المشاركة في خلوتكم الكريمة لسببين، الاول هو دعوة الدكتور فارس سعيد والسبب الثاني هو لأن حزب الكتائب مؤيّد لكل مبادرة سيادية. ونحن هنا لنتضامن مع هذا النوع من المبادرات وبالأخص أن كل الموجودين هم من المجموعات والشخصيات التي لم تدخل في التسوية المافياوية الميليشياوية. ونحن نعتبر أننا سوية مع هكذا تجمّع نستطيع ان نخرج من الاصطفافات المذهبية ومربعاتها للوصول إلى ما نومن به وهو الدولة المدنية.

وفيما يخص البرنامج المرحلي الموضوع، نحن لم نضع ملاحظات باعتبار ان ما يجمعنا هو أكبر من تفاصيل، ومن هذا المنطلق نحن نؤكد أن الدستور اللبناني ليس منزلا، فهو ليس انجيلا او قرآنا، وهو بحاجة إلى تطوير وخاصة في موضوع اللامركزية الادارية لكن أي تعديل دستوري يجب أن يكون تحت سقف الطائف كما انه لا يمكن ان يكون هناك تعديلاً دستوريا في ظل وجود سلاح في يد فريق من اللبنانيين وخارج الشرعية.

 

9- مداخلة الوزير السابق محمد عبد الحميد بيضون

حضرات السيدات والسادة في لقاء سيدة الجبل وكل المجموعات والشخصيات المجتمعين تحت عنوان مبادرة وطنية من أجل برنامج مرحلي مشترك لإنقاذ لبنان...

تحية مودة وشجاعة،

اولاً- في موضوع سلاح حزب الله،

أ- الطلب الى ايران سحب سلاحها من لبنان وتأمين الدعم العربي والدولي لهذا المطلب وممارسة ضغوطات عربية ودولية على ايران لكي تسحب هذا السلاح وصولا الى الطلب من الدول الصديقة طرح الموضوع في مجلس الامن .

ب- سلاح حزب الله ليس سلاح تحرير الارض، ذريعة مزارع شبعا ساقطة لأن هذا السلاح وبعد عشرين سنة على الانسحاب الأحادي الاسرائيلي لم يحرر ولو مترا واحدا من مزارع شبعا، وصولا الى ان الاتفاق الاخير على التفاوض لترسيم الحدود بحرا وبرا جعل من مزارع شبعا امرا خاضعا للقرار ٢٤٢ اي بالنتيجة للتفاوض بين سوريا واسرائيل.

ج- سلاح حزب الله ليس قوة ردع ولا يحقق توازن الردع، لكن اذا تم تسليم هذا السلاح للجيش اللبناني اي للشرعية عندها يتحول الى جزء من قوة الردع الشرعية. اما بقاء هذا السلاح خارج الشرعية فهو قوة لجر لبنان الى حروب مدمرة تبعا للمصالح الايرانية كما حصل عام ٢٠٠٦ وكما حصل في ذهاب هذا السلاح للقتال ضد الشعب السوري ومطالبه بالحرية والكرامة. كما انه جزء من بؤرة ارهاب تهدد المنطقة كلها وليست محصورة جغرافيا من اليمن الى كل الخليج والعراق وسوريا ولبنان. المنطقة كلها مهددة بعمليات ارهابية لإخضاع هذه البلاد وشعوبها لارادة المرشد الايراني.

د- استعمال هذا السلاح في الداخل اللبناني حصل عدة مرات بدءا من الحروب المتعددة الاوجه داخل الطائفة الشيعية مرورا باغتيال الرئيس رفيق الحريري ومعه عدد من الاغتيالات والتفجيرات الارهابية التي كان آخرها تفجير الوزير شطح ثم الهجوم على العاصمة والجبل عام ٢٠٠٨ وبعدها تعطيل الدستور والانتخابات الرئاسية وتعطيل انتخاب مجلس النواب. هذه الظواهر تؤشر بوضوح ان السلاح يجر البلد الى انهيارات والى حروب اهلية، والاهم خاض هذا السلاح كل معارك ايران المذهبية التي ادخلت المنطقة في نكبة اكبر من نكبة فلسطين اي الشرخ المذهبي والصراع السني الشيعي ضمن محاولة ايران ليس فقط اخضاع بل تدمير السنة في المشرق والخليج العربي والشواهد على ذلك تبدأ من اليمن مرورا بالعراق وسوريا وصولا الى لبنان. الحروب الاهلية امامنا مجددا اذا لم تقم مبادرة عربية دولية بالضغط المثمر على ايران من اجل سحب سلاحها من لبنان.

ه- يجب مخاطبة الجزء من الجمهور الشيعي المؤيد لهذا السلاح من خلال عدة اقنية:

اولا- مشروع الامام موسى الصدر الذي يركز على نهائية الوطن والعيش المشترك وهذا نقيض ما يفعله سلاح الحزب والمشروع الايراني، اي مشروع الهلال الفارسي الذي يدمر الاوطان والدول لإلحاقها بهذا المشروع، ومن الواضح ان النظام الايراني من خلال امساكه بالثنائي الشيعي قوض فكر الصدر . لذلك تبرز اهمية اعادة التركيز على مشروع الامام الصدر.

ثانيا- القناة الثانية هي ان سلاح الميليشيا لا يحمي احدا، وكل المشاريع الميليشياوية سقطت في فخ الحرب الاهلية، سلاح الاستقواء يؤدي الى خضوع المؤيدين له الى ردود افعال كارثية، الحماية والضمانة للجميع هي العيش المشترك والدستور ومؤسسات الدولة.

ثالثا- القناة الثالثة لمخاطبة هذا الجمهور هي قناة ايديولوجية، فإيديولوجيا "ولاية الفقيه" ليست من عقائد الشيعة بل هي غريبة عن عقائدهم في لبنان والعالم وهي مفروضة في ايران بقوة الارهاب الذي يمارسه النظام على شعبه وبقوة الاعدامات والملاحقات للمعارضين.

في لبنان يتوجب العمل على انشاء انواع من منتديات يساهم فيها بشكل اساسي رجال الدين الشيعة المتنورين ويساهم فيها الجيل الجديد من العاملين في الشأن الفكري وفِي الشأن العام لتنشط هذه المنتديات في نقاش وشرح مسهب لمدى الاذى والدمار الذي تلحقه نظرية ونظام ولاية الفقيه بالدين الاسلامي اولا وبالتاريخ الشيعي الذي وقف دائما ضد استبداد الافراد وضد حكم الفرد الواحد وضد تأليه او عبادة الأشخاص.

المهم ان تكون النخب الشيعية وعلى رأسها رجال الدين المتنورين قادرة على مواجهة ولاية الفقيه وتأكيد ولاية الامة على نفسها، اي اقامة نظم ديمقراطية تعبر بصدق عن شعوبها واسقاط كل هذه الجرائم والحروب التي انتجها تحكم واستبداد شخص واحد بمصير شعوب المنطقة ومقدرات بلدانها.

ثانيا- علينا مناقشة التطبيق غير السليم او اللاتطبيق لإتفاق الطائف والدستور الجديد .الوصاية واتباعها عمدوا الى وضع اليد على البلد من خلال شبه تعليق للدستور وإحلال نظام المحاصصة بدلا من حكم المؤسسات. ضمان عدم الخروج عن الدستور يكمن:

أ- في رئاسة الجمهورية لأن الرئيس هو حامي الدستور وحسن تطبيقه ولكن لم يعرف لبنان بعد الطائف رئيسا منتخبا يملك حرية القرار بل جميع رؤساء الجمهورية باستثناء "رينيه معوض" وصلوا إلى الرئاسة بالتعيين وليس بالانتخاب، مما يجعلهم مرتهنين للوصاية وليس للدستور وتاليا موافقين على صيغة حكم بواسطة نوع من مجلس رئاسي يعمل على تحديد الحصص بين الميليشيات والاقطاعيات المذهبية والطائفية. لبنان لم يعرف رئاسة جدية حرة ولذلك كان الدستور دائما غير مضمون بل على العكس لتبرير الحكم من خارج الدستور تم اختراع مسألة "الثلث المعطل" كجزء من دفاعات الوصاية عن نفسها وبعدها تم اختراع "الميثاقية" كتبرير وذريعة لنظام المحاصصة وحكم البلد من خلال شبه مجلس رئاسي يحل محل كل المؤسسات الدستورية.

الوجه الآخر لحكم الوصاية هو تحويل المجلس النيابي الى مؤسسة مشلولة ليس لها اي وزن في قرارات الحكم واكبر دليل ان المجلس النيابي عقد خلال خمسة وعشرون سنة فقط مئة جلسة اي بمعدل اربع جلسات سنويا وكل التشريعات التي صدرت هي غالبا تشريعات ديون وتشريعات تحمل طابع المساومات والصفقات، من هنا نستنتج ان التطبيق السليم للدستور واتفاق الطائف يتطلب بعد رفع وصاية السلاح عن البلد:

أ-رئيس جمهورية منتخب أي تأمين المنافسة في انتخابات الرئاسة.

ب- تحرير المجلس النيابي من الشلل والتهميش وذلك من خلال قانون انتخاب تمثيلي حقيقي يسمح بوصول احزاب سياسية وطنية ذات برامج اصلاحية تغييرية بدل من التكتلات الطائفية والمذهبية.

ج- الميثاقية وحتى لا يكون هناك التباس حولها محددة في الدستور بالمادة ٦٥ حيث ان الامور الاساسية والمصيرية يتم اقرارها في مجلس الوزراء باغلبية الثلثين وليس بالاغلبية العادية. كما انها محددة في المادة ٩٥ بالمناصفة بمجلس النواب ومجلس الوزراء لوظائف الفئة الاولى مع المداورة في هذه الوظائف. وكل تفسير اخر للميثاقية يهدف الى تثبيت ان هناك زعامات طوائف تملك حق الفيتو على اي قرار بما فيه حق الفيتو على الدستور نفسه.

اخيرا يجب التأكيد على ان الحياة السياسية اللبنانية يجب تطهيرها من عبادة الشخصية والولاء للزعامات التي تشخصن المؤسسات لان شخصنة المؤسسات هي بداية الطريق لوضع البلد تحت الوصاية الخارجية وتحت وصاية المجلس الرئاسي أكان هذا المجلس بصيغة الترويكا ام بصيغة أوسع قليلًا.

ثالثا- اذا كان ما سبق يركز على تثبيت الاصلاحات السياسية التي حملها اتفاق الطائف فإن الإصلاحات المؤسساتية فشلت فشلا ذريعا نتيجة شخصنة المؤسسات ونتيجة المحاصصة في التعيينات وأفشل التجارب ظهرت في المؤسسات الثلاث التي جاء بها الطائف اي المجلس الدستوري والمجلس الاقتصادي- الاجتماعي والمجلس الوطني للاعلام، وهذه المؤسسات بدلا من ان تلعب دورها في تحديث مؤسسات الدولة اصيبت بالعطب نتيجة افراغها من الصلاحيات والتقييد الصارم لها واستتباعها من خلال طريقة التعيينات، هذا الامر مؤشر الى ان لبنان لن يقوم من ازمته اذا لم تتم اعادة بناء جميع مؤسسات الدولة خاصة المؤسسات العامة مثل الكهرباء والمياه وغيرها اضافة الى الغاء عدد كبير من المؤسسات التي ترمز بشكل أساسي الى نظام المحاصصة ، اضافة الى ذلك يتوجب فتح الباب امام مؤسسات القطاع الخاص الناجحة للمشاركة في الادارة والاستثمار.

اعادة بناء مؤسسات الدولة تشمل ايضا تحديث مجموعة قوانين اساسية تشمل بشكلٍ خاص اعادة تنظيم القضاء والامن، خاصة ان قوانين تنظيم الامن والدفاع صار عمرها اكثر من اربعون سنة، اضافة الى حاجة لبنان إلى قوانين جديدة تحمي حقوق الانسان والمساواة بين المواطنين مثل قانون جديد للجنسية وقوانين تترجم النصوص الدستورية خصوصا على صعيد مساواة المراة بالرجل وعلى صعيد اقرار قانون الزواج المدني. يجب اقرار قوانين ايضا تؤكد المساواة عبر الغاء كل اشكال التمييز بين المواطنين.

ه- يجب التأكيد مجددا ان واحدة من اهم الاصلاحات التي جاء بها اتفاق الطائف هو اللامركزية الادارية والتي عمل نظام المحاصصة على عدم تطبيقها لانها تفتح الباب لمشاركة اوسع من القاعدة الشعبية في القرارات الإنمائية والادارية وبالتالي تخف قبضة الزعامات عن اعناق المواطنين، لبنان في مرحلة النهوض يحتاج باقصى سرعة الى اقرار قانون اللامركزية الادارية الذي يسمح للمئات من افراد الاجيال الجديدة من المشاركة في الحياة السياسية والانمائية ويحرر التنمية المناطقية والخدماتية من ذهنية الصفقات والسمسرات.

د- مكافحة الفساد تبدأ باسقاط نظام المحاصصة وبناء ادارة جديدة ومؤسسات قضاء وأمن تكون كلها تحت المحاسبة وفق قوانين لا غموض ولا إبهام فيها.

وفي النهاية أتمنى النجاح لكم في خلوتكم، على أن نتابع التواصل من أجل إخراج وطننا من أزماته وبناء مستقبل مشترك لنا جميعاً

 

10- مداخلة حزب الكتلة الوطنية

السادة لقاء سيدة الجبل

نشكركم على دعوتكم للمشاركة في الخلوة المنوي عقدها حول التطوّرات الخطيرة الحاصلة ورؤيتكم لحلّها.

بالمختصر. تدعون إلى تطبيق الدستور واتفاق الطائف والالتزام بقرارات الشرعية الدولية. والهدف من ذلك هو إعادة بناء دولة يتساوى فيها كل المواطنين بالحقوق والواجبات وتأمين العيش المشترك والتوازن الداخلي، والمرجو أيضاً من أهداف الخطوات هذه التصدي لكل مشاريع الهيمنة الداخلية والخارجية ولا سيما الدينية منها ومشاريع الفدرلة، أي الباب للتقسيم، وأيضاً تثبيت السيادة التي لا تتجزأ ومنع استقواء الطوائف على بعضها باستحضار الخارج كداعم وللعودة إلى الحضن العربي الطبيعي واعتماد الحياد لحماية لبنان من التدخلات المذكورة.

إننا نوافق على كل المبادئ المذكورة والتداعيات الخطيرة لعدم احترامها.

ولكن لدينا نظرة مختلفة في أولوية العمل السياسي للوصول إلى لبنان الذي نريده.

تركزون على مسألة عدم احترام الدستور وإخفاق الطائف ومسألة سلاح حزب الله في توظيفه الداخلي والخارجي.

مع قناعتنا بأهمية هذه المسائل الثلاث وخصوصاً مسألة ضرورة حصر السلاح وحق استعماله بالقوّات المسلحة اللبنانيّة الشرعيّة، نعتبر أنّ حلها بطريقة نهائيّة وليس من خلال تسويات موقّتة أو بضغط خارجي، بعد أنْ تعوّد لبنان على حلولٍ لمصلحة هذا الخارج وليس للبنان، يتطلّب بداية مواجهة أزمة النظام وهي استسلام الدولة وتسليم مقاليدها للطوائف.

فمنذ عام 1840 ولأوّل مرّة في تاريخ لبنان الحديث أقرّ توزيع المناصب السياسيّة والإدارية وفق الفرز الطائفي، ومذذاك الحين لم تقم دولة في معناها الحديث في لبنان.

فدستورنا المعدل مرّات عدّة، أقرّ بتنازل عن بعض صلاحيّات الدولة للطوائف، فإنقضّت الطوائف بوجهها السياسي على كل مفاصل الدولة وفَرَزت المواطنين وفق انتمائهم المذهبي. ومنذ اتفاق الطائف وحتى ما بعد انسحاب الجيش السوري والعدو الإسرائيلي من لبنان، لم نر أيّ حزب سياسي يطرح بجدّية عودة المواطنة كهويّة أولى للبنانيّين في علاقتهم مع الدولة لا بل رسّخوا في المعتقد العام، أنّ الطائفة هي التي تحمي أبناءها وليس الدولة.

طبعاً كل ذلك هو الذي أوصلنا إلى ما نحن عليه اليوم. وهو الذي سمح لكل التدخّلات الخارجية منذ أوّل فرز طائفي للسياسة الخارجية عام 1958 إلى اتفاق القاهرة عام 1969 إلى الحرب الأهلية والاجتياحات السورية والاسرائيلية والتدخّل الإيراني الأخير وزج لبنان بالصراع الإقليمي – الدولي.

وكل السلاح المقاوم في لبنان منذ العام 1969 ومروراً بالأعوام 1975-1990 وحتى عام 2000 انحرف عن مهمّته الأساسية وسيطر على الدولة باسم حماية الطائفة وذلك عن وعي وإرادة الذين يملكونه.

وكل الحلول الخارجية لتنظيم هذا السلاح أو إلغائه لم تنجح، فأُعيد إنتاج سلاح آخر لأنّ لبنان بقي منقسمًا قبائل طائفيّة متناحرة فَتَحت الباب أمام التدخلات والاجتياحات.

ولم ينفع انسحاب القوات السوريّة بعد الإسرائيليّة في تغيير هذا الواقع. فبقيَ "حزب الله" على سلاحه واستنجد الآخرون بالخارج للضغط عليه. والسبب الجوهري لذلك يتخطى العمق الاستراتيجي لهذا السلاح، ويكمن مرةً أخرى بالدرجة الأولى في الذهنية الطائفية لهذه القوى والأحزاب.

من هنا نعتبر أنّ هذا الموقف الواضح تجاه تطبيق الدستور والشرعية الدولية وما ينتج منها في ما خصّ حصرية السلاح بيد القوّات المسلّحة اللبنانيّة ضروري ولكن غير كافٍ.

فعلينا أن نبني على ما حصل منذ "17 تشرين" و"4 آب" وما رافقهما من تجلّي لظاهرة المواطنة عكس الطائفيّة والدخول بمواجهة مباشرة مع الأحزاب – الطوائف الستة الرئيسيّة من دون تمييز رغم تفاوت قدراتها على إطالة عمر هذا النظام. والهدف هو إسقاطها مجتمعةً أو دفعها إلى تسليم السلطة قبل الانتخابات النيابيّة المقبلة نظرًا لإرباكها وفشلها، أو من خلال الانتخابات.

ونعتبر أيضًا أن لا مجال لإشراك أي من هؤلاء الأحزاب الطوائف في هذا الجهد لأنّ قناعاتهم المرسّخة لم تتكيّف مع إسقاط النظام الطائفي الذي نطمح إلى تغييره تدريجياً، وليس فورياً نظراً إلى الواقع الثقافي والاجتماعي، إنّما بخطى لا رجوع عنها.

لذا نتمسّك بهذه المواجهة وهذا السبيل، ونعتذر عن تأييدنا لمبادرتكم التي مع أهمّيتها نعتبرها ناقصة.

 

وبعد النقاشات والتعديلات والتصويت صدر

البرنامج المشترك – البيان الختامي

بمبادرة وطنية عُقد لقاء في بيروت في دار نقابة الصحافة، شارك فيه حزب الكتائب اللبنانية، لقاء سيدة الجبل، حركة المبادرة الوطنية، حزب الوطنيين الاحرار، لقاء الجمهورية، حركة الاستقلال، أعضاء من حركة اليسار الديموقراطي، التجمع الوطني اللبناني، وتجمّع العشائر العربية وشخصيات سياسية وقادة رأي من إعلاميين وصحفيين وناشطين ونقابيين.

ناقش المجتمون "برنامج مرحلي مشترك لإنقاذ لبنان" وتوافقوا على بنوده.

نص البرنامج:

أ‌- خطورة الخروج المتمادي عن الدستور واتفاق الطائف في مرحلةٍ يُعاد فيها رسم خرائط المنطقة وتتعيّن فيها الأحجام والأدوار السياسية والإقتصادية.

  • نحن أمام مفترق طرق تتوضّح فيه معالم ترسيم المنطقة من جديد وذلك بعد مئة عام من انهيار الامبراطورية العثمانية وبداية مرحلة اتفاق سايكس- بيكو.
  • اليوم، تتصدر تيارات اسلامية، سنّية وشيعية غير عربية، المشهد وتحاول تحديد أحجامها السياسية والاقتصادية والعسكرية على حساب هوية المنطقة.
  • وللحؤول دون سقوط لبنان وتحميله الثمن خلال مراحل التغيير الكبير يتمسّك المجتمعون بما اتّفق عليه اللبنانيون في اتفاق الطائف الذي أصبح دستوراً والذي يؤكد على نهائية الكيان اللبناني وعلى عروبته وانتمائه إلى الهوية العربية.
  • عليه، تشكّل نهائية الكيان اللبناني الضمانة المطلوبة الرئيسية كي لا يتجه لبنان الى الاصغر أو أن يذوب في إطارٍ أكبر.
  • ان عروبة لبنان وانتماءه إلى محيطه العربي يؤمنان له ضمانة الدخول في نظام المصلحة العربية الذي ترتسم معالمه في العقود الأولى من هذا القرن.

ب‌- خطورة الانقلاب على اتفاق الطائف والدستور وقرارات الشرعية الدولية من قبل اتجاهين أساسيين داخليين:

- حزب الله الذي يحاول تعديل الطائف لصالحه.

- التيار الوطني الحر الذي بنى أساساً شرعيته على رفض الطائف.

  • إن الخروج من الدستور في لحظة يمتلك فريقٌ من اللبنانيين السلاح غير الشرعي، بإمرة ايرانية، سيؤدّي إلى إعادة النظر بالنظام والدستور على قاعدة موازين القوى وهذا ما يرفضه المجتمعون، إذ أن لبنان لا يُحكم على قاعدة موازين قوى تتبدّل بين يوم وآخر ومن طرف الى آخر، انما يحكم لبنان بقوة التوازن.
  • يطالب المجتمعون يطالبون بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية لا سيما القرارات 1559 و1680و1701، والتي تأخذ من اتفاق الطائف المستند القانوني لها، بمعنى ان التمسك باتفاق الطائف يعني التمسك بقرارات الشرعية الدولية – كما الانسحاب من اتفاق الطائف يعني الانسحاب من قرارات الشرعية الدولية.

ج‌- مسألة العيش المشترك والشراكة السياسية في ظلّ تمرّد فريقٍ على العدالة اللبنانية والدولية.

  • إن ركائز العيش المشترك في لبنان والعالم، تقوم على احترام مبدأي العدالة والحرية، فإذا انتُهكت العدالة وحوصِرت الحرية يُفسد العيش المشترك والمواطنة. فلا عيشاً مشتركاُ إذا كان هناك مواطن يمثل أمام القانون ومواطن آخر "مميز" يتمرّد على القانون الوطني والقانون الدولي. كذلك لا يستقيم حوار ولا تفاهم بين مُختلفين إذا كان أحدهما يحمل السلاح بينما الآخر أعزل.
  • يطالب المجتمعون حزب الله بالعودة إلى لبنان بشروط لبنان- أي بشروط القانون والدستور اللبناني، وتسليم سلاحه للدولة وفقاً للدستور والقرارين 1559 و1701، وكذلك تسليم من دبّر ونفّذ اغتيال قامات وطنية ومواطنين أبرياء في مقدمهم الرئيس الشهيد رفيق الحريري. مع التنبيه والتحذير من أنّ استمرار الوضع الراهن، وخصوصاً بعد انفجار المرفأ في الرابع من آب (والذي يعتبره المجتمعون جريمة ضد الانسانية)، سيدفع باللبنانيين إلى البحث عن حلول من خارج الدستور وعن قوى اقليمية يستقوي بها الداخل على الداخل، كما وسيدفع إلى الفتنة الداخلية، وهذا ما يرفضه المجتمعون بتصميم.

د‌- تصويب النقاش حول مسألة الحياد  بما لا يتناقض مع هوية لبنان وانتمائه.

  • إن الحياد الذي يراه المجتمعون يرتكز على توقّف كل فريق داخلي عن الاستقواء بخارجٍ ما على حساب الشراكة الوطنية. لأن هذا الاستقواء يرتكز على المقايضة التالية: يعطي فريق داخلي جزءًا من السيادة مقابل جزءٍ من المكاسب على حساب الشريك الداخلي. لذا يجب تحييد لبنان عن الصراعات الخارجية.
  • ويعرف المجتمعون من تجربة لبنان المئوية ان السيادة لا تتجزأ ولا مكاسب خاصة لفريقٍ على حساب الشراكة الداخلية الكاملة.
  • يؤكد المجتمعون بأن كل الطوائف والافرقاء في لبنان اختبروا الاستقواء بالخارج. فلم تسلم طائفة أو حزب من عواقب "مغامرات" الاستقواء.
  • لذلك تصبح الدعوة إلى الحياد أكثر إلحاحاً، والحياد الذي يطالب به المجتمعون هو عقدٌ لدى اللبنانيين يعلو على الاعتبارات الدستورية والقانونية وكان في أساس الفكرة اللبنانية. هذا بالرغم من توقيع جميع الأطراف اللبنانية المعنيّة على "اعلان بعبدا".
  • والحياد ليس محطةً تأسيسيةً تُضاف إلى المحطات التأسيسية السابقة، مثل تأسيس دولة لبنان الكبير عام 1920، أو الميثاق الوطني سنة 1943 واتفاق الطائف في العام 1989. فالحياد المطلوب اليوم كضرورة وطنية حامية وجامعة لكل اللبنانيين إنما يندرج في سياق الحفاظ على العيش المشترك الاسلامي- المسيحي في ظلّ التوازن وفي ظلّ العدالة والحرية. هذا ومن دون أن يعني ذلك التخلّي عن دعم عدالة القضية الفلسطينية وتحت سقف المبادرة العربية.

هـ - مناقشة دور لبنان الاقتصادي والثقافي والتعليمي والاستشفائي والمصرفي... بهدف استعادة ميزاته التفاضلية في هذا المجال للخروج من عزلته العربية والدولية الراهنة.

  • ندخل اليوم الى مرحلة أوصلت اسرائيل الى عمق المنطقة، كما تتمدد إيران وتركيا وروسيا بشهيات إمبراطورية عُلقت لقرن وتعود اليوم مع انهيار النظام العربي القديم.
  • يتزامن كل ذلك مع تراجع دور لبنان الاقتصادي والثقافي والتعليمي والاستشفائي والمصرفي. والمطلوب، وعلى عجلٍ، هو إطلاق ورش عمل في كل المجالات المذكورة لاستعادة الدور على مستوى العالم ككل. فما يميّز لبنان هو تمسّكه بالعيش المشترك الذي يعطي دفعاً لقطاعاته الانتاجية ويؤكد انتسابه إلى المنطقة ثقافياً وسياسياً ووطنيا واقتصادياً.
  • ويرى المجتمعون بأن هناك دوراً أساسياً للجامعات الكبرى والصغرى في لبنان، بالإضافة إلى نقابات المهن الحرة والقطاعات الانتاجية والتجارية، كل هذه المؤسسات مدعوةٌ إلى الاجتماع فوراً والتفكير في ابتكار أشكالٍ جديدة تساعد لبنان في الدخول مجدداً إلى نظام المصلحة العربية آخذين بالاعتبار كل المستجدات.

اعتبر المؤتمرون أنفسهم أعضاء تأسيسيين في إطار مشترك وناشدوا المجتمع اللبناني الاطلاع على النص ومناقشته والتواصل مع الأعضاء المؤسسين عبر البريد الالكتروني للمركز اللبناني للبحوث والدراسات: [email protected]

وسيصدر عن المركز اللبناني للبحوث والدراسات ملفاً توثيقياً عن الخلوة.

 

وقّع البرنامج المرحلي المشترك السيدات والسادة: احمد السنكري، احمد الأيوبي، احمد عيّاش، احمد فتفت، احمد فياض، ادمون رباط، اديب  قسيس، اسعد بشارة، اسمى اندراوس، اشرف ريفي ، الياس عطالله، امين بشير، انطوان اندراوس، انطوان قربان، انطوان قسيس، انطونيا الدويهي، ايلي الحاج، ايلي رزق، ايلي قصيفي، ايلي كساب، ايلي كيرللس، أيمن جزيني، باميلا ابراهيم قصيفي، بدر عبيد، بشير مراد، بطرس خوري، بهاء مجبّل، بهجت سلامة، توفيق كسبار، جاد اخوي، جورج أفتيموس، جورج غرّة، جوزف كرم، جولي دكاش، جوي لحود، جويل حويك، جيرار بريدي، حُسن عبود، حامد دقدوقي، حسان رفاعي، حسان قطب، حسن حمودي، حسين عز الدين، حسين عطايا، خالد الحسن، خالد حمادة، خالد نصولي، خليل خليل، خليل طوبيا، دانييل زاخر، رامي شلهوب، رامي فنج، راوية حشمي، ربى كبارة، رضوان السيد، رلى موفق، رودريك نوفل، رولا دندشلي، رومانوس معوض، ريما ياغي، ريمون معلوف، زياد عيتاني، زينة قره كلا سعيد، سام منسى، سامر مبارك، سامي حداد، سامي شمعون، سامي مبارك، ساندي شمعون، سليم المعوشي، سليم مزنر، سناء الجاك، سوزان سيربي، سوزي زيادة، سولاف الحاج، سيرج بو غاريوس، شكري صادر، صلاح حركة، طانيوس شهوان، طلال القيس، طلال خوجه، طوبيا عطالله، طوني حبيب، عايدة حسين، عبد القادر عسكر، عدنان مطر، عطالله وهبي، علي الأمين، علي الشاهين، علي عز الدين، عوني الكعكي، غريس مبارك كامل، غسان مغبغب، فادي أنطوان كرم، فارس سعيد، فريد فخر الدين، فؤاد رحمة، كلود عساف، كمال الذوقي، لويس المعراوي، لينا تنير فواز، لينا حمدان، ماجد كرم، مارون حتي، مجد حرب، محمد سيف، محمد عبد الحميد بيضون، مروان القدوم، مروان حمادة، معين طالب، منى فياض، مياد حيدر، ناصر مثلج، نبيل يزبك، نتالي حنا، ندى سعيد، ندى صالح عنيد، نزار عبد القادر، نعمة محفوض، نوال المعوشي، نيللي عبود، هادي الاسعد، هشام عليوان، هلا ابو نادر قسيس، هناء جابر.

 

مقالات ذات صلة بالخلوة

"حركة تصحيحية" في "تيار المستقبل"؟

أحمد عياش - الخميس 29 تشرين الأول 2020

موقع أساس ميديا

 https://www.asasmedia.com/news/387267#.X5peVUAbbTF 

 

Plusieurs collectifs lancent un programme visant à préserver le vivre-ensemble sur base des constantes libanaises

« La stabilité ne peut se consolider quand une partie prend le dessus sur l’autre », a martelé le président du rassemblement de Saydet el-Jabal, Farès Souhaid, un des auteurs de la démarche.

OLJ / Par C.A., le 28 octobre 2020

https://www.lorientlejour.com/article/1238513