تقدير موقف أسبوعي عدد 17

تقدير موقف أسبوعي عدد 17
الأربعاء 7 نوفمبر, 2018

  تقدير موقف أسبوعي  العدد – 17                                                        7/11/2018

 

ينشر مركز Politica اليوم مقال الكاتب السياسي عبد الوهاب بدرخان.

 

بين نُصرة إيران واستقرار لبنان

لا داعي للبحث بعيداً: ايران تعرقل ولادة الحكومة في لبنان بواسطة "حزب الله". كما تعرقلها في العراق بشروط "الحشد الشعبي". وكما تعرقل أي تقدم نحو الحل السياسي عبر نظام بشار الاسد في سوريا. وستعرقل التحرك الاميركي - البريطاني لإحياء أي مفاوضات سياسية يمنية بعد وقف الأعمال القتالية. حتى في غزّة، لم تسهّل "التهدئة" إلا بالصيغة التي تكرّس سلطة "حماس" على حساب السلطة الفلسطينية، وهي صيغة زكّتها اسرائيل تحقيقاً لمصلحتها في إنهاء الازعاجات الغزّية والأهمّ في إدامة الانقسام الفلسطيني... إنها "حرب العقوبات"، وفي هذه الحرب ستكون هناك اختبارات عدّة خطيرة، أهمها تعقّب الولايات المتحدة السفن المهرّبة للنفط وتنفيذ ايران قرار مرشدها الذي وافق على عرقلة صادرات نفط الدول المجاورة ولا سيما منها السعودية.

دأبت طهران على التذكير بأوراقها الاقليمية في الدول الأربع وغيرها، لكنّ أسباباً عدّة تدفعها حالياً الى اعادة إبرازها: ضبط أزمتها الداخلية بالقمع لعجزها عن معالجة تردّي الوضع الاقتصادي، تفاقم مؤكّد لهذه الأزمة مع تشديد العقوبات الاميركية عليها، تعرّض هيبتها في سوريا لانتكاسة بفعل الضربات الاسرائيلية، تراجع صورتها شعبياً في العراق بسبب هيمنتها على الدولة ورعايتها للفساد، إجهاض مشروعها في اليمن ومحدودية أتباعها الحوثيين، وكذلك بلوغ "حزب الله" اللحظة الحرجة في لبنان، فكلّما هيمن بسلاحه كلّما دفع بالاقتصاد اللبناني الى الانهيار... كل ذلك أشاع التشكيك في "نفوذ" حصّلته ايران وقد لا تستطيع الحفاظ عليه. لذلك تريد الآن إثبات أن أوراقها لا تزال في يدها ولا تزال سليمة وصالحة للعب والمناورة ولا أحد غيرها يملك التأثير فيها.

هذا لن يخفّف وطأة العقوبات على ايران، لكن "احتجاز" الحكومتَين العراقية واللبنانية وتشجيع الاسد على التشدد في تركيبة اللجنة الدستورية والتعويل الدائم على تعنّت الحوثيين، ترمي الى التذكير بـ"الأوراق" مقدار ما يشير الى أن طهران تمحّص خيار التفاوض وسقف تنازلاتها وخسائرها منه، ومع استبعادها تفاوضاً مباشراً مع واشنطن تحاول استمزاج صيغ اخرى عبر سلطنة عُمان وقنوات اخرى. لدى ايران امكانات للتصعيد هنا وهناك، غير أنها مكلفة لأتباعها ومحدودة الجدوى. في سوريا لا تستطيع فرض إرادتها على روسيا التي منعتها من تنفيذ مشاريعها ضد اسرائيل ولن تسمح لها بفتح مواجهة مع الولايات المتحدة. في العراق تستخدم "الحشد" أداة لترسيخ ازدواجية السلاح بين الجيش الوطني وميليشياتها، وبالتالي لترسيخ "فئوية" الدولة وسياساتها. وفي لبنان لعب "حزب الله" على الرئيس ورئيس المجلس ورئيس الحكومة المكلّف لتعميق كل العُقد أمام الحكومة، ولمّا تمكّنوا من حلّها أخرج من جيبه "سنّة 8 آذار" أداةً للتعطيل، وليس أمامه الآن سوى أن يتراجع أو يدفع بالرئيس ورئيس المجلس الى الاختيار بين نُصرة ايران واستقرار لبنان.

 

تواصلوا معنا