تقدير موقف دوري عدد 2

تقدير موقف دوري عدد 2
الثلاثاء 22 يناير, 2019

مؤشرات "المرحلة الجديدة" من الصراع في المنطقة في ضوء قرار الانسحاب الأميركي من سوريا.

 

  1. أهو قرارٌ مربَك (بفتح الباء) أم مربِك (بكسرها)؟
  2. مؤشّرات الممانعة الايرانية

بالإضافة إلى ما أطلقه الحرس الثوري مؤخراً من بالونات ممانعة (أبرزها الإكثار من استخدام الصواريخ الباليستية، وإرسال اقمار اصطناعية إلى الفضاء، وصولاً إلى التصريح بعزمه على استئناف التخصيب النووي بما يتجاوز المعدّلات المتّفق عليها)، تبقى مواقع نفوذه الرئيسية في المنطقة العربية هي المعوّل عليها في ممانعته. وذلك على النحو التالي:

  • في لبنان.

شكل "احتجاز الدولة" في لبنان العنوان الجامع والرئيس لما تقوم به ايران في هذا البلد - بواسطة حزب الله - من "مواجهةٍ مع الولايات المتحدة واسرائيل" - بحسب الشعار المرفوع - واستطراداً مع العالم العربي. تمثّل ذلك بالعمل في خطوط أربعة:

  • التحكُّم بقرار السلم والحرب بين لبنان واسرائيل (حرب تموز 2006 نموذجاً)، ثم قتال حزب الله في سوريا لصالح الأجندة الايرانية اعتباراً من العام 2013.
  • الإبقاء على موقع رئاسة الجمهورية شاغراً لمدة سنتين ونصف، لم تنتهِ إلا بوصول مرشّح حزب الله (العماد ميشال عون) إلى سدّة الرئاسة عام 2016.
  • تعطيل تأليف الحكومة نحو ثمانية أشهر حتى الآن، لفرض المعادلة الوزارية التي يُريدها حزب الله.

السعي الدائم لإلغاء اتفاق الطائف لعام 1989، القائم على المناصفة الاسلامية - المسيحية في صيغة الحكم، والاستعاضة عنه بمؤتمر تأسيسي جديد يقوم على المثالثة الشيعية – السنّية - المسيحية، الأمر الذي من شأنه أن "يضرب العيش اللبناني المشترك"، بحسب عبارة البطريرك الماروني الأسبوع الفائت. ولقد كان لايران مداخلات مباشرة في هذا المسعى منذ العام 2007 (على هامش مؤتمر الحوار اللبناني في سان كلو - فرنسا)...

  • في العراق.

تتماثل الحالتان العراقية واللبنانية من بعض الوجوه، وتتميزان من وجوه أخرى.. وحديثُنا هنا ما يزال يدور حول "مؤشرات الممانعة الايرانية".

على صعيد التماثُل، رأينا خلال الشهرين الأخيرين كيف أن ايران حاولت فرض شروطها على تشكيل حكومة عادل عبد المهدي، بإصرارها على الإمساك بحقيبتي الدفاع والداخلية، وبالتساوق مع اصرارها على دور مستمر ومستقلّ لميليشيات "الحشد الشعبي" الخاضعة لتوجيهات الحرس الثوري الايراني. وهذا الدور "المستقلّ والمستمرّ" للحشد الشعبي في العراق هو محاولة للتماثل مع دور "حزب الله" في لبنان، ودائماً بذريعة ضعف الجيش الوطني النظامي هنا وهناك...

  • في اليمن

جاء اتفاق ستوكهولم، برعاية أممية، على أثر الهجوم العسكري المكثّف الذي شنّه التحالف السعودي- الاماراتي منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي ضد مواقع الحوثيين في الحديدة. وكانت وجهة نظر التحالف العربي المعلنة أنّ الحوثيين لن يأتوا إلى طاولة المفاوضات بمرجعيّاتها المعلومة (المبادرة الخليجية + مُخرَجات الحوار الوطني اليمني + القرار الدولي 2216) إلا مرغَمين. هذا مع العلم أن ذاك الهجوم كان محفوفاً بإحراجات سياسية وإنسانية، نظراً لما سبقه من تركيز إعلامي ودبلوماسي غربي على الحجم الكارثي للدمار الذي تُحدثه غارات التحالف، لا سيما على صعيد المنشآت والأفراد المدنيين، فضلاً عن عنوان "المجاعة" الذي تصدر تقارير كثير من الجمعيات الانسانية والتصريحات الدولية...

  • في سوريا

معركة الممانعة في سوريا تمثّل أمُّ المعارك بالنسبة لايران في هذه المرحلة. وذلك لسببين مجتمعين: الأول، أن الهدف الرئيس والمعلن للسياسة الاميركية قد تعيّن بصورة أكثر وضوحاً وحسماً من أي وقت مضى، وهو إخراج ايران من سوريا.. ولا حاجة بنا إلى استعادة التصريحات الاميركية بهذا المعنى في الآونة الأخيرة. والسبب الثاني الذي لا يقلّ عن الأول وضوحاً ودلالة، هو أن خروج ايران من سوريا يؤدي إلى خروج نفوذها من كل المنطقة العربية، على طريقة متواليات انهيار أحجار الدومينو...