بدعوة من "لقاء سيدة الجبل" و"مركز تطويرللدراسات" الناشط في مجال الحوار والتفاعل الفلسطيني – اللبناني، انعقدت في 11 حزيران الجاري (فندق الغبريال – الأشرفية) خلوةٌ تحت عنوان "القدس توأم العواصم العربية – ومقصد الحجّ والزيارة بلا قيود لجميع المؤمنين"، بمشاركة شخصيات لبنانية وفلسطينية، من مسيحيين ومسلمين، ومن مثقفين وباحثين وإعلاميين وحقوقيين وسياسيين، فضلاً عن ممثّلين لمؤسسات وجمعيّات أهلية عاملة.. وذلك دعماً لصمود أهلنا في القدس، وتثبيتاً لهم على أرضهم، في ظروف الاحتلال والحصار والمصادرة وعمليات التهويد الجارية على قدم وساق في فلسطين المحتلّة... وبعد المداخلات والمداولات أصدر المجتمعون البيان – النداء التالي:
أولاً- بعد سبعين عاماً على احتلال فلسطين وتشريد معظم أهلها في منافي اللجوء، وخمسين عاماً على احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة والجولان السوري وجزء من الأراضي اللبنانية، فضلاً عن ضمّ القدس الشرقية، ما زال الاحتلالُ هو الاحتلال، بكل ما يسبّبه من مآسٍ متمادية بفعل إرهاب الدولة، وبوصفه آخر احتلال في هذا العالم. ليس هذا وحسب، بل إن انصراف العالم عن متابعة جهود السلام في الشرق الأوسط – وأساسُه القضية الفلسطينية – ورغم وضوح وكفاية المرجعيَّات المتَّفق عليها لحلّ هذه المسألة (مبادرة السلام العربية وحلُّ الدولتين وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلّة).. فإن هذا الانصراف يُفاقم الظلم والمأساة المتماديين، ويضعُ هذه المسألة المركزية على حافّة النسيان، خصوصاً في أجواء القلق والتشظّي المخيّمة على منطقتنا العربية في السنوات الأخيرة، جرّاءَ العنف الإرهابي المنفلت والمتعدِّد المرجعيات والأجندات والمكوّنات.
ثانياً- ولئن كانت ضروراتُ وأولويات الأنظمة السياسية والدول قد نأت۫ بها عن هذه القضية، إلا أنَّ للشعوب العربية خياراتها الثابتة، وعلى رأسها حريتُها في تقرير مصائرها، وحقُّها في العيش معاً بسلام وكرامة، مقابل ضرورات الأنظمة وأولويّاتِها التي غالباً ما قصَّرت وتقصّر عن الحقوق الأساسية للمواطنين والشعوب.. وعليه فإن المجتمعين في هذه الخلوة يرون إلى أنفسهم جزءاً من واقع الشعوب العربية، وإلى مصيرهم جزءاً من مصيرها الكلّي، وإلى تعبيرهم جزءاً من حقّها في التعبير عن خياراتها الثابتة.. وهذا بمعزلٍ عن القيود والإكراهات التي تحكم السلطات والحكومات. وعليه فإن مطالبتنا بأن تكونَ "القدس توأم العواصم العربية، ومقصدَ الحجَ والزيارة بلا قيود لجميع المؤمنين"، مسيحيين ومسلمين ويهوداً، إنما تندرج (هذه المطالبة) في سياقٍ نأملُ أن يكونَ مطَّرداً ومتتابعاً، هنا وثمَّةَ، ليشكّلَ قوةَ رأيٍ عامٍ ضاغط في اتجاه مختلف القوى والمرجعيات المعنيّة في العالم، من أجل فكِّ الحصار عن القدس وأهلها، على طريق تحرير كل فلسطين بالسلام الشامل والعادل والدائم.
ثالثاً- ويأتي لقاؤنا اليوم تأييداً وترسُّماً لثلاث مبادرات كبرى في السنوات الخمس الأخيرة:
كذلك يأتي لقاؤنا اليوم تأييداً لـ "إعلان الأزهر للمواطنة والعيش المشترك" (آذار 2017)، ثم "مؤتمر الأزهر للمسلمين والمسيحيين في العالم العربي" (28-29 نيسان 2017) الذي حضر جلسته الختامية وتحدّث فيها قداسة البابا فرنسيس، تمهيداً لعقد مؤتمر مسيحي – إسلاميّ عتيد للسلام العالمي في حاضرة الفاتيكان، كما يأتي تعضيداً مسبقاً لمؤتمر سيدة اللويزة اللبناني، في أوائل تموز المقبل، بدعوةٍ من هيئة المتابعة اللبنانية لمؤتمر الأزهر الأخير وبرعاية نيافة الكاردينال بشارة الراعي.
رابعاً- إلى ذلك رأى المجتمعون في هذه الخلوة، ولا سيما المسيحيون اللبنانيون من بينهم، أن ارتقاء اهتمامهم إلى مستوى المسائل الكبرى في المنطقة، والتي تمسُّ وجودهم ومصيرهم بالذات، إنما هو (هذا الإرتقاء) يصبُّ في صُلبِ مصلحة المسيحيين، لأنه يؤهّلهم للحضور والمشاركة في هذه اللحظة التي يعاد فيها رسمُ الخرائط والمصائر... فإن هم غرقوا في محلّياتهم، فاتهم القطار السريع!
خامساً- وللبيان، يعتبر المشاركون في هذه الخلوة أنفسَهم هيئةَ متابعةٍ دائمة في لبنان لنُصرة القدس، بأمانة "لقاء سيدة الجبل" و"مركز تطوير للدراسات". وسوف يتوجّهون إلى الاتصال والمتابعة مع مختلف الجهات المعنيّة في لبنان والخارج، كما سيدعون إلى لقاءات تشاورية من أجل مبادرات وفعاليّات في إطار هذا الاهتمام المشترك.