خاص موقع التحري
في غياب مرجعيةٍ صحيّةٍ تحظى بقدرٍ كافٍ من المسؤولية، وتحكم وزيرٍ يُطوِّع ما استطاع من وزارة الصحة لصالح "حزب الله"، كإدخاله أدوية "بيومشابهة" إيرانية المنشأ إلى السوق اللبنانية بناءً على "استيفاء شروط" هواه السياسي... وزع لقاء الفرزلي-أبو فاضل المدعو "أرثوذكسي"، كمية من الأدوية مجاناً في مقره في بيروت-الأشرفية، كانت تحتوي على أدوية مصنوعة في اسرائيل!! نذكر منها على الأقل أدوية مصنع “TEVA” الإسرائيلي في القدس المحتل! فأين وزارة الصحة من ذلك؟ وكيف تم إدخالها الى لبنان؟
سيناريو لم يكن في الحسبان أن يكون واقعيّ بخاصة عندما وقعت وزارة الصحة في قبضة "حزب الله" وغدت محكومةً بسردية المقاومة التي يعتاش عليها الممانعون عادةً. وبعد هكذا اخفاق يمسّ بأهلية تلك المجموعة التي توزع الأدوية، وجدارة الوزير في إدارته للصرح الخدماتي الرسمي نسأل: من أين تُدعم وتموّل مجموعة اللقاء الأرثوذكسي؟ وما دور وزارة الصحة في ضبط التفلت في إدخال الأدوية؟!... يدققون على المطار في الأدوية الفردية، فكيف مرت هذه الأدوية على الأمن العام، الجمارك والتفتيش الصيدلي في وزارة الصحة الذي يدقق بمصدرها وبلد المنشأ وجودتها وتاريخ إنتاجها وانتهاء صلاحيتها؟ وماذا عن قانونية التداول بتلك العقاقير "صهيونية المنشأ" على طريقة توزيع "الاعاشات" وبلا أدنى حد من الرقابة؟ والأهم، ما علاقة سيناريو "التهريب السوري" بهذا الملف؟
إعاشات الأدوية
حالة دائمة من الاستثناء يطرحها لقاء بحكم "الجثة السياسية" يحاول النجاة من موت سريري يحكمه منذ التأسيس. ومن ضمن اجتهاد هذه المجموعة، وُزّعت رسالة نصية على أبناء الطائفة في بيروت، جاء فيها "لائحة إكسيل" بأسماء أدوية، والكلام التالي:
"مرحبا، تجدون مرفقاً لائحة ادوية موجودة في مكتب اللقاء الارثوذكسي في الأشرفية ساحة ساسين ويوزع بشكل مجاني. لمن يرغب بالحصول على أي من هذه الادوية:
- إرسال صورة عن هويته على الواتساب.
-إرسال تقرير طبي أو وصفة طبيب.
- رقم هاتف المريض
ملاحظة: يوزع الدواء حصرا في المكتب خلال الدوام من الساعة ٩:٠٠ صباحا ولغاية الساعة ٢:٣٠ بعد الظهر من الاثنين الى الخميس. شكرا لايصال الدواء للمحتاجين والذين لا يستطيعون شرائه."
وُضعت الأدوية على بعض الطاولات، وفي الخلفية رُفعت لافتة تحمل إسم وشعار "اللقاء الارثوذكسي"، ويبدو أنه لم يُكلّف طبيب مختص أو صيدلاني لمراقبة عملية توزيع أدوية الإعاشة هذه، لا بل لم يُكلّف أحد نفسه النظر إلى علب الدواء، إذ أن أي مختص يطلع على لائحة الأدوية الموزعة كان سيكتشف بظرف ثوانٍ على الأقل 8 أدوية اسرائيلية لمصنع TEVA.
وهي: Nifuroxazide Teva 200mg و Phloroglucinol Teva 80mg وPropranolol Teva 40mg وNaproxene sodique Teva 550mg و Acebutolol Teva 200mg و Aprepitant Teva 125mg و Ondansetron Teva 8mg و Amyloride Teva 5mg\50mg ... كيف دخلت؟!
وإن كان دخول الأدوية بات يُدار بفوضوية وصلت حد دخول بضاعة اسرائيلية، ما المانع من دخول أدوية مزورة أو منتهية الصلاحية أو لم تخضع للموافقات المطلوبة وغيره؟ والأهم، من سيُحاسب على كل هذا الاستهتار بالقوانين إن كان الوزير نفسه قد فتح الباب على مصراعيه أمام استيراد أدوية دون استيفاء الشروط اللازمة.
فمتى يتوقف التصرف في شؤون صحّة المواطن اللبناني بمقتضى التنفيعات وشراء الذمم الانتخابية عبر توزيع حصص تخطت "الغذاء" وطالت "الدواء" بعد أن اتّكأت وزارة "حزب الله" للصحة في معادلاتها على ركائز طائفيّة من توزيع الأسقف المالية إلى الإيحاء أن المناطق ذات الغالبية المسيحية "معقل للوباء" في أحد إطلالات الوزير التلفزيونية، وبعدها، اتضحت معالم الاستهتار قانونياً إذ صار المحظور مباحاً ومحفوظاً كإخبار عن أدوية إيران لدى النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات أو قيد التحقيق لدى المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون. ولا فرق بين دواء ايراني واسرائيلي، الأول دخل لبنان بتوقيع سيادي والثاني دخله مع فقدان السيادة.
السيناريو السوري؟
"اللقاء الارثوذكسي" الذي تأسس وفق علم وخبر حمل رقم 885 تاريخ 04/06/2010 بهدف "تفعيل أداء الأرثوذكسيين ومشاركتهم وحفظ حقوقهم في كافة المجالات الوطنية" وتعزيز موقع الطائفة في معادلات لبنان المحكوم لتوازنات التحاصص في المراكز والوظائف والخدمات العامة كان قد أعلن من ضمن أهدافه "تأسيس مشاريع رائدة تعمل على ترسيخ الوجود الأرثوذكسي" و"العمل على تفعيل التنمية الإجتماعية من خلال مبادرات تساعد الأرثوذكسيين" إلا أنه واقعياً قد انحصر في التبريكات والزيارات البروتوكولية والولائم والخطابات وصار اليوم يوزع أدوية اسرائيلية المنشأ في مكتبه!
وفيما يعيش غالبية اللبنانيين أزمة ندرة دواء لا تستثني مرضى الأمراض المزمنة، يستتب الأمر للمهرّبين عبر المسالك غير الشرعية اللبنانية-السورية، في تصدير للدواء المدعوم لبنانياً. وكما تُهرّب أدوية المواطن إلى سوريا، وبعد أنباء عن تبرّع منظمة الصحة العالمية لسوريا بأدوية اسرائيلية عام 2019 من جهة، وظهور شبكات تهريب أدوية اسرائيلية إلى الداخل السوري عبر حدودها المفتوحة مع الأردن، يتساءل البعض عن احتمالية أن تكون قد أرسلت هكذا أدوية إلى لبنان عبر الحدود السائبة مع النظام السوري.
في الختام، من يُحقق، من يُحاسب؟ من المُستفيد ومن المُتضرر؟