ينتاب المسيحيين العرب أو المسيحيين في البلدان العربيّة قلقٌ وجودي منذ سنوات جرّاء ما تشهده المنطقة العربية من عنفٍ إرهابي متفلّت.
لا جدال في مشروعيّة هذا القلق إذ استهدف هذا العنف مسيحيين بصفتهم هذه على يد مجموعات إدّعت الإسلام فيما أدانت كل المرجعيات الإسلامية المعبّرة هذا الذعم الباطل.
لا جدال أيضاً ان ذلك العنف قد طاول بصورة عامة وأساسية الأكثرية السنيّة العربية في المنطقة كما هدّد وجود الدول الوطنية في بعض البلدان.
إن القلق المسيحي على مشروعيّته لا ينبغي له أن يزيغ نظرة المسيحيين إلى معنى وجودهم في المنطقة العربية وفي أوطانهم، فهم جزءٌ أصيل من الإجتماع الإنساني في المنطقة ومن الإجتماع الوطني في كل بلدٍ من بلدانهم. وهم مسؤولون عن مستقبل الإجتماعين بالشراكة مع سائر المكونات، مثلما كانوا من روّاد النهضة العربية الحديثة ومن أركان الدول الوطنية القائمة على السيادة والإستقلال عن الإحتلالات الأجنبية.
بعبارة أخرى ليس المسيحيين أصحاب مظلومية فحسب، جرّاء ما ينالهم من إعتداءات على يدّ التطرّف الذي لم يوفر أحداً بل هم أيضاً وخصوصاً أصحاب خيارات تنسجم مع عقيدتهم في العيش معاً بسلام متساويين ومختلفين.
ما يحملنا على هذا الكلام هو تلك البلبلة التي تسود أوساط المسيحيين وتحمل بعضهم على المناداة بحمايات أجنبية وعلى الدعوة إلى تحالف الأقليات الدينية في المنطقة لمواجهة الأكثرية العربية السنيّة.!
هذه الدعوة تنطوي على خطر مُحدق بالمسيحيين خصوصاً مع وجود قوى كبرى في المنطقة والعالم تُغذّي هذه الدعوة.
لذلــك قرّرت نخب لبنانيّة وسورية وعراقية وأردنية وفلسطينية ومصريّة التحرّك لعقد مؤتمر مسيحي عربي لتوثيق الحوار والتعاون بين النخب السياسية وقيادات الرأي المهتمّة بما كاد يُصبح المسألة المسيحية مساهمة منّا في تعزيز شبكات الأمان لمجتمعاتنا.