يقول خبراء في ملف "حزب الله" ان ردة فعله القاسية على مطلب نزع سلاحه، ليست حديثة العهد، بل تعود فعليا الى نحو 20 عاما، أي منذ انسحاب قوات الاحتلال الاسرائيلي من جنوب لبنان في 20 أيار عام 2000 ومصادقة الامم المتحدة على ان هذا الانسحاب يمثل تطبيقا نهائيا لقرار مجلس الامن الدولي الرقم 425 عام 1978. وأتى هذا الانسحاب ضد مشروع داخلي يمثله الحزب، وضد مشروع إقليمي يمثله النظام السوري وإيران، وهما في واقع الامر مشروع واحد هدف ولا يزال الى اعتبار لبنان رهينة في الصراع على مسرح الشرق الاوسط.
نجح الحزب وراعياه السوري والايراني في وضع جانبا قرار مجلس الامن الرقم 1559 الصادر عام 2004 في القسم المتعلق بنزع سلاح الحزب، لكنهم عجزوا عن تأجيل تنفيذ ما نص عليه القرار بشأن جلاء الجيش السوري عن هذا البلد والذي تحقق عام 2005. فهل هناك من ظروف اليوم تتيح القول انه جاء الان دور "حزب الله" ليمتثل للقرار؟
تقول اوساط وزارية سابقة، ان الازمة المالية والاقتصادية وضعت القرار 1559 في مسار جديد لم يسبق له مثيل منذ قرابة 16 عاما عندما أبصر هذا القرار النور. فطوال تلك الفترة، كان الحزب وراعياه يشعرون بفائض قدرة مالية تتيح لهم، ليس مواصلة مواجهة الضغوط الخارجية فحسب، بل كان في إستطاعتهم سد منافذ الاعتراض على مشروعهم ضمن البيئة الحاضنة لهم. وهناك الكثير من الشواهد على حجم الرخاء الذي كان يتمتع به المشروع من بيروت الى دمشق الى طهران. لكن هذا الرخاء ولى الان الى غير رجعة.
تعيد هذه الاوساط الى الاذهان الان، ما قاله الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله بعد يومين فقط من انطلاق حراك 17 تشرين الاول الماضي، حول قدرة الحزب على تفادي الضائقة التي رفعها الحراك سببا لنضاله. ثم توالت المعلومات التي تفيد ان الحزب بقيّ يسدد مستحقات كوادره وحلفائه بالدولار الاميركي الى ان وصل اخيرا الى تسديد هذه المستحقات بالليرة اللبنانية التي تتراجع بإستمرار قدرتها الشرائية.
وفي إعتقاد هذه الاوساط، ان جملة من الظروف تؤكد ان سلاح "حزب الله" صار جزءا من الازمة التي تعبر كل لبنان. فكل بحث حول ضبط موارد الدولة يقود الى طرح موضوع السلاح كعقبة امام هذا الضبط، اضافة الى ان نوافذ الخلاص الخارجي عموما، والخليجي خصوصا للاقتصاد اللبناني يقفلها فعليا هذا السلاح. فهل ستترك هذه المعطيات تأثيرا على الحزب بما يؤدي الى تغيير إستراتجيته وسلوكه في هذا البلد؟
الجواب لدى هذه الاوساط وغيرها ان الحزب باق على سلاحه، لا بل هو ذاهب عاجلا ام آجلا الى نزع سلاح إعتراض هذا الحراك إذا ما ظهر وإعتراض سواه على سلاح الحزب!
احمد عياش - النهار