بعد التمديد للرئيس إميل لحّود زارني الصحافي الراحل نصير الأسعد في المستشفى بمنطقة المتحف طالباً منّي تلبية دعوة الرئيس رفيق الحريري إلى لقاء في قريطم طابعه سرّيّ، ونقل إلى سمير فرنجية الدعوة ذاتها.
كانت ردّة فعلنا واضحة: "الرئيس الحريري خضع لإملاءات بشار الأسد وزيارتنا له لا تفيد".
وكان لنصير الأسعد، رحمه الله، مكانة استثنائيّة لدينا، وأمام إصراره على أنّ الموضوع لا يتعلّق بلحّود، بل بالانتخابات النيابية المقبلة، أي انتخابات 2005، أقنعنا وذهبنا بعد بضعة أيام إلى قريطم حيث دخلنا من الباب الخلفي، وكنّا لاحظنا عدم وجود حرس الرئيس عند الباب وأدركنا أنّ الرجل أخذ احتياطاته، ربّما من السوريين، لاستقبالنا وجعل اللقاء سرّيّاً.
صعدنا مع نصير إلى الطابق السابع وجلسنا مع الرئيس الحريري الذي قال لنا إنّ الأسد طلب منه ترؤّس أوّل حكومة للحّود بعد التمديد له، وإنّه وضع شرطاً لذلك، وهو مشاركة لقاء قرنة شهوان في الحكومة. أضاف: "سأحدّد لكم موعداً علنيّاً وأطلب منكم المشاركة في الحكومة. أتمنّى عليكم رفض الطلب، وهكذا أتحرّر من ضغط السوريّين عليّ، وبالمقابل أعِد بخوض الانتخابات المقبلة بلوائح موحّدة مع لقاء قرنة شهوان ووليد جنبلاط ونحصل بالتأكيد على غالبية نيابية نجعل منها ركيزة عملنا السياسي".
اتّفقنا واجتمعنا مع أركان لقاء قرنة شهوان لمناقشة فكرة مشاركة اللقاء في أيّ حكومة في حال عرض الحريري علينا ذلك.
بعد نقاش طويل غلب الرأي الذي أكّد عدم المشاركة، واتّفقنا على أنّه في حال اتّصل بنا الرئيس الحريري عارضاً علينا المشاركة فسنبلغه بقرارنا.
وبعد التواصل مع الرئيس طلبَ من المطران يوسف بشارة أن يعقد اجتماعاً مع ممثّلين عن اللقاء، فذهب أنطوان غانم وجبران تويني وسمير عبد الملك إلى قريطم بأفكار واضحة مفادها عدم المشاركة.
استقبلهم الرئيس الحريري في قريطم، ولا أعرف إذا صُوّر وسُجّل اللقاء معهم سرّاً ومن دون معرفتهم.
لقد أصرّ الحريري واستخدم كلّ أنواع الترغيب لإقناعهم بأنّ مشاركة لقاء قرنة شهوان تطوي صفحة مع السوريين وتؤسّس لمصالحة سورية – مسيحية، لكن قوبل عرضه برفض واضح.
عندما تبلّغ السوريون، وكنّا في أواخر أيلول من عام 2004، برفض لقاء قرنة شهوان ورفض الرئيس الحريري، كثّفوا التواصل مع الرئيس ميشال عون في باريس وأرسلوا إليه كريم بقرادوني وكمال يازجي وغيرهما لإقناعه بالتحالف معهم في الانتخابات المقبلة مقابل عودته إلى لبنان وتبييض ملفّاته القضائية في المحكمة العسكرية، وربّما وعدوه برئاسة الجمهورية.
هذا الرجل، أي رفيق الحريري، مات من أجل لبنان، ودماؤه أخرجت الجيش السوري من أرضنا.
اللهمّ اشهد أنّي قد بلّغت.
*عن أساس-ميديا