إنطلق "حزب الله" في الساعات الماضية في حملة لا سابق لها، تتمثل بتقديم دعاوى ضد خصومه في السياسة، وباكورتها ضد الدكتور فارس سعيّد و"القوات اللبنانية"، تولاها عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب إبراهيم الموسوي الذي صرّح من امام قصر العدل أن "الاتهامات التي وُجهت إلى حزب الله في قضية تفجير المرفأ باطلة".
الى هنا يبدو تحرّك الحزب في اتجاه القضاء له إطار محدد الذي يمكن وصفه بـ"القدح والذم" وما شابه ذلك. لكن الموسوي عندما سئل عن سلوك الحزب حيال الدعوى ضده في جريمة إغتيال الرئيس رفيق الحريري أجاب: "الموضوع تصدّت له قيادة حزب الله وعبّرت عنه بكل وضوح وصراحة. الموضوع هناك في محكمة دولية. في مؤامرة كانت عم بتصير، وحزب الله اعتبر نفسه غير معني بالموضوع لا من قريب ولا من بعيد لانه فهم منطلقاته وابعاده ومراحله فبالتالي اعتبرنا انفسنا غير معنيين نحكي بهالموضوع".
إذا، "حزب الله" يلجأ هنا الى القضاء، أما هناك حيث المحكمة الدولية فتوجد "مؤامرة".
بهذه البساطة نائب الحزب أفتى بما هو قضاء وبما هو مؤامرة.
في المقابل، أدلى الدكتور سعيد بإفادة مبكرة أمام الرأي العام، فقال: "هناك كلام في البلد من رؤساء اجهزة امنية ( اللواءان ابراهيم وصليبا )عن احتمال عودة الاغتيالات الى لبنان، السؤال: لماذا يلجأ تنظيم امني عسكري مثل حزب الله الى القضاء طوعا وهو القائل ان الضعيف هو من يذهب الى القضاء؟ إلا إذا، لجأ الى القضاء من أجل شيء آخر! طبعا هو ليس ضعيفا وربما يستبق الامور. هذه هي المرة الاولى في تاريخ العمل الامني السياسي لحزب الله يتقدم فيها نائب منظم في الحزب بشكوى وجاهية ضد شخص وضد حزب. قيمة هذه الشكوى لا علاقة لها بمضمونها القانوني، لان كل الاتهامات المنسوبة هي اتهامات باطلة. وفي جميع الاحوال، سيطّلع المحامون نهار الاثنين من قاضي التحقيق على كل الاتهامات التي تقدم بها النائب. فإذا تعرّض لا سمح الله احد الافراد المدعى عليهم لأي مكروه، يقول (الحزب) ساعتئذ انا لا علاقة لي بالموضوع، فمشكلتي معهم من طبيعة قانونية وأعالجها في القضاء"!
لم يأت تحرّك "حزب الله" في إتجاه القضاء اللبناني من فراغ ، فقد سبقه كلام لنائب الامين العام الشيخ نعيم قاسم يشكو فيه من بطء هذا القضاء في التعامل مع الملفات التي حملها اليه، قائلا:" قدمنا كذا ملف، مثل التخابر غير الشرعي وال 11 مليار(دولار). كل الموضوع المالي قدمناه الى المدعي العام المالي وأشياء كثيرة وقفت، ما عرفنا وين وقفت ؟ الآن ملف المرفأ: هذه الحادثة الكبيرة الخطيرة في 4 آب، هذا الملف من الذي يسوّف فيه ؟ ومن يضيّعه فلا يوصله الى نتيجة؟".
للوهلة يظن المرء ان نائب الامين العام لـ"حزب الله" ومن بعده النائب الموسوي يتكلمان بإسم المجتمع المدني، وإلا فأن الحزب واثق بأنه هو القاض وليس الشاكي!
احمد عياش