يعيد مركز بوليتيكا نشر مقالة "جمهورية عون" كان قد كتبها الوزير السابق محمد عبد الحميد بيضون في حزيران من العام 2016 استشرف من خلالها راهناً سياسياً نعيشه اليوم .
حاكم البنك المركزي رياض سلامة قام بجهود كبيرة لمنع أي ضغوطات أو عقوبات قد تطال القطاع المصرفي، نتيجة القوانين الأميركية والدولية لمكافحة تمويل الإرهاب وتبييض الأموال، ومن ضمنها شبكات متعددة الوجوه والأذرع تابعة لحزب الله المصنف منظمة إرهابية، مع بعض الاستثناءات أميركياً وأوروبياً وعربياً. الحاكم ينطلق من أن واجبه الأساس هو حماية القطاع المصرفي ، لأن ذلك يعني حماية الاقتصاد أي حماية المواطن، وأيضاً حماية الدولة وموظفيها ومؤسساتها من الانهيار والإفلاس.
لكن الحاكم نفسه قدّم للحزب تطمينات وإجراءات بأن العمليات القانونية والشرعية لن تطالها الإجراءات ، والأهم أنه فرض على المصارف ألّا تغلق أي حساب أو ترفض فتح حساب جديد من دون مراجعة البنك المركزي، وهذا إجراء غير مسبوق تتحمل المصارف جراءه مخاطر ما يمكن ان يكون مغامرات وألاعيب من الحزب أو مناصريه. على الرغم من كل حسن النية من الحاكم والمصارف قام الحزب بهجمات قاسية بحق سلامة ، من النوع غير المألوف وغير المقبول، والذي يثير القلق الكبير لدى اللبنانيين وفي الخارج على سلامة القطاع المصرفي، وهذا يعكس مرة جديدة ذهنية الاستهتار والتهور لدى الحزب في مقاربة الشأن الوطني والاقتصادي.
اليوم نرى دفاعاً عن الحاكم يصدر عن جعجع ما يدفعنا إلى السؤال عن موقف حليفه وتوأمه في إعلان النوايا ميشال عون. لماذا لم يطرح أي موقف دفاعاً عن الحاكم والاقتصاد، ولم يبرز أي اهتمام سوى المزيد من التفهم والحرص على مواقف الحليف الإقليمي وأدواته؟
حزب الله ضرب السياحة وأعلن أن "المقاومة" لا تحتمل السياحة، وسكت عون.
حزب الله وجّه ضربات للصناعة والزراعة بمعاداته لدول الخليج، وبعزله لبنان عنه، وسكت عون.
حزب الله يأخذ البلد الى الانهيار الاقتصادي من خلال ربطه بمصالح إيران والأسد المعزولين دولياً، ومن خلال ربطه بالحرب المذهبية الدائرة على خلفية تعزيز النفوذ الإيراني والإمبريالية الإيرانية الكاريكاتورية، ووافق عون.
اليوم يشعر الجميع بمخاطر الحزب على القطاع المصرفي ويصمت عون.
يبدو أن حزب الله وعون لديهما مخططات مختلفة للاقتصاد اللبناني:
سياحة الحج المسلح إلى المقامات، أو حمل السلاح دفاعاً في أي مكان، بدلاً من سياحة الأماكن التاريخية والسياحة الحديثة.
زراعة حشيشة الكيف والأفيون، بدلاً من الخضر والفواكه والحمضيات وغيرها.
صناعة الكابتاغون ومشتقاته وأخواته، بدلاً من الصناعات الحالية التي يصدّرها لبنان إلى الخليج العربي.
أما القطاع المصرفي فيتم استبداله بشبكات تبييض المال العادي ليصبح مالاً طاهراً نظيفاً، يستحق بجدارة أن يموّل التيارات والحركات والأحزاب والعائلات والأقارب والمحسوبين.
هذا ما ينتظرنا إذا وصل عون إلى الرئاسة، وهذا سبب إصرار إيران عليه. إنه التجسيد الوحيد للاقتصاد "المقاوم".
كان يُقال عن البلد الفاشل جمهورية موز. غداً سيُقال جمهورية عون.