حذرت مصادر مصرفية من أن مخطط حزب الله للمرحلة المقبلة يقوم على هدم النظام المصرفي اللبناني باعتباره محركاً للاقتصاد بعدما تعذر على الحزب إخضاع مصرف لبنان لشروطه، وبعدما فشلت ضغوطاته على المصارف في إجبارها على عدم الالتزام بالعقوبات الأميركية.
ونبهت هذه المصادر من خطورة مشروع حزب الله وملاقاته لمصالح إسرائيل التي تعمل جاهدة كي تكون هي "مصرف العالم العربي وفضاء استثماراته في شتى المجالات ما يعيد لبنان إلى حقبة تربية دود الحرير". ويقوم مشروع حزب الله على استبدال دور النظام المصرفي اللبناني بشقيه: مصرف لبنان والمصارف التجارية بالاقتصاد النقدي cash economy بحيث يتمكن الحزب من خلال ذلك من الإمساك بمفاصل الدورة الاقتصادية اللبنانية استيراداً وتجارة، وبالتالي تحكماً بالكتلة النقدية الموجودة بين أيدي اللبنانيين بعدما سُحبت من المصارف على مدى العام الماضي تحت وطأة الهلع من أسعار الصرف وخوفاً على مصير الودائع في المصارف من جهة أخرى.
وتقدر المعلومات المصرفية حجم هذه الكتلة بأكثر من ستة مليارات دولار أميركي يضاف إليها نحو سبعة آلاف مليار ليرة لبنانية (تتراوح قيمتها بالدولار بين حوالى 5.4 مليار دولار بحسب السعر الرسمي لمصرف لبنان و 2.5 مليار دولار بحسب اسعار السوق السوداء الموازية)، بحسب ما ذكرت مصادر مصرفية رفيعة.
ويتطلع حزب الله الى الاستفادة من هذا المبلغ الضخم من خلال توظيفه في منظومته الاقتصادية والتجارية للتحكم بقسم من التجارة الخارجية عن طريق التهريب، وبالأسواق الداخلية عن طريق المضاربات بالبضائع السورية والعراقية والإيرانية والتركية المهربة، بما يسمح له بالتفاف واسع على العقوبات الأميركية من خلال التفلّت من رقابة القوانين والنظام المصرفي اللبناني.
إن هدم النظام المصرفي اللبناني لا يخدم سوى إسرائيل وقدراتها التنافسية، ما يؤدي الى تعطيل العمليات التجارية التقليدية القائمة على فتح الاعتمادات والتحويلات بهدف الاستيراد. وأحد أهم أهداف حزب الله هي أن يكون بديلاً عن المنظومة التجارية التقليدية على اعتبار أن تعطيل المنظومة التقليدية القائمة على الاستيراد من خلال النظام المصرفي سيفقد الأسواق اللبنانية الكثير من السلع الاستهلاكية مما يفتح أمام الحزب باب التهريب على مصراعيه لتأمين حاجات السوق اللبناني. ومتى تحقق هذا الهدف فهذا يعني تحقيق مصلحة إسرائيل بتدمير لبنان إقتصادياً ونقدياً لتكون هي السوق البديل للدول العربية ولا سيما الخليجية منها.
كل جهد حزب الله منصب حالياً على الدخول على خط الاستيراد لتحقيق هدفين هما: تمويل ذاته من خلال السيطرة على الحدود البرية والمرافق البحرية والجوية لإدخال البضائع الإيرانية خصوصاً وبيعها والاستفادة من ارباحها أولاً، وتأمين الأسواق للمنتجات السورية والتركية من ضمن نظام مصلحة سياسية وللشركات والتجار الموالين له وهم أساس في منظومته المالية.
امام هذا الواقع فإن على القطاع الخاص التنبه لنتائج سياسات حزب الله وتقاطعها مع المصالح الإسرائيلية إذ سيكون الخاسر الأول، فمع انهيار القطاع المصرفي سيحرمه من فتح الاعتمادات وإجراء التبادلات التجارية مع العالم وسيجعله شاهداً على جريمة عليه أن يمنع وقوعها. والكتلة النقدية التي يتم التداول بها من خلال الاقتصاد النقدي الموازي الذي يرعاه حزب الله ويديره تكبر على حسابه هو وعلى حساب موظفيه وعائلاتهم.