ان البيان الصادر عن نقابتي المحامين في بيروت وطرابلس في 23/11/2020 بمناسبة ذكرى الاستقلال- ولا نقول عيد الاستقلال - هو المؤشر لمدى الانحطاط في ادراك معنى "دولة" في لبنان والسيادة والاستقلال تحولت هذه البديهيات المبدئية الى شعارات اجترارية.
ورد في البيان خمس مرات تعبير "دولة". وورد تعبير "دولة" ثمانية عشرة مرة في خطاب نقيب المحامين في بيروت مع ربطه بإصلاحات دستورية وسياسية. لكن عن أي "دولة" يتحدث أصحاب البيان في نقابة المحامين في بيروت؟ عن الدولة "الرسمية" أو عن "الدولة" الموازية في لبنان التي لها جيشها ودبلوماسيتها الخاصة؟
ما معنى دولة؟ تتمتع الدولة بأربع مواصفات مُسماة ملكية droits régaliens (rex, regis, roi) وهي: احتكار القوة المنظمة أي جيش واحد لا جيشان، واحتكار العلاقات الدبلوماسية، وصلاحية فرض الضرائب وجبايتها، وبناء السياسة العامة.
لا يستقيم أي اصلاح سياسي ودستوري بدون سيادة، ان كان ذلك في أرقى البلدان في سويسرا أو المانيا أو فرنسا أو الدانمارك...
في لبنان دولتان وجيشان ودبلوماسيتان!
إلى أي دولة يتوجه المجتمعون؟
هذا الانحراف نحو مشاكل إصلاحية هو تغطية للاحتلال واجترار "للوراقين" خلال سنوات الحروب 1975-1990 تغطية للاحتلال وتجاهل المعضلة الأساس وتعامي حول "فك الحصار عن الشرعية". يُوفر ذلك البركة لسلطة حاكمة حيث ان سبب المعضلة: الدستور والنظام!
هل يعرف المجتمعون انه في احد المؤلفات الحديثة ورد تعبير "دول من ورق" Etats de papier مُخترقة السيادة بشأن ثلاث بلدان وهي سوريا والصومال ولبنان...؟
Bruno Tertrais et Delphine Papin, L’Atlas des frontières (Murs, conflits, migrations), Les Arènes, 2016, et Sciences humaines, no spécial, mai 2020, pp. 18-23, p. 21
لا تتحمل السيادة المسايرة والتموضع والمجاملة. جوابها هو بطبيعته ثنائيًا: نعم أم لا!
***
ثلاث مراحل في تاريخ لبنان طيلة نصف قرن منذ 1969 ولغاية 2020، هي العبرة حول السيادة:
***
في تبرير تجاه انتقادات طالت البيان كان الجواب في 25/11/2020: الهدف "استعادة الدولة"! ما معنى دولة؟ ما هذا التعميم والتمويه؟ ليست الدولة الحوكمة بشكل عام، والمؤسسات، والعلاقة مع المواطنين والانتخابات...! نتكلم عن الدولة كشعار. فقدنا معنى الدولة في صفاتها الجوهرية ontologiques وهي السيادة في حصرية جيشها وعلاقاتها الدبلوماسية!
الهدف من التعابير العامة في "استعادة الدولة" هو التمويه على حالة الاحتلال!
الشيعة اللبنانيون مكوّن لبناني، أما الجيش- الحزب المرتبط بتسلح ودبلوماسية إيرانية فهو مكوّن غير لبناني واحتلال بالوكالة.
عدم تسمية الأمور بأسمائها هو مُجاملة ومُسايرة وتموضعًا وتغطية للاحتلال وانكار لواقع لبنان بلا سيادة.
المصدر: موقع صوت لبنان