الأحد 11 يونيو, 2017
القدس توأم العواصم العربية
ومقصد الحجّ والزيارة بلا قيود لجميع المؤمنين
/أو/ مدينة مفتوحة لجميع المؤمنين بحماية الأسرة الدولية.
(لجنة نداء القدس – لبنان)
I. إجراءات تهويد القدس/ مراسم دفن السلام!
منذ احتلال الضفة الغربية عام 1967، أصدرت الأمم المتحدة عشرات القرارات التي اعتبرت القدس الشرقية "مدينة محتلّة"، ونصّت على عدم شرعية أي تغيير في طبيعة المدينة أو محاولة المساس بهويتها التاريخية.
والحال أن هذه المدينة المقدّسة تتعرّض منذ سنوات لعملية تهويد منهجية ومتسارعة على يد سلطة الاحتلال الإسرائيلي، بهدف إلغاء هويتها العربية والمسيحية - الاسلامية.. وذلك من خلال إجراءات قسريّة تعسّفية، أهمها:
- فصل المدينة جغرافياً وديموغرافياً عن محيطها الفلسطيني بجدار عزل ("غلاف القدس")، ليصبح الدخول إليها والخروج منها عبر بوابة وحيدة (حاجز قلندية)، تشبه بوابات العصور الوسطى!
- بناء مجمّعات استيطانية يهودية داخل القدس الشرقية على أراضي الفلسطينيين المصادرة عنوةً!
- مصادرة كثير من البيوت في القدس العتيقة وطرد أصحابها، وتمكين المستوطنين المسلّحين من السكن وسط الأحياء والأزقّة العربية بحماية جيش الاحتلال!
- شقّ طرق مصمّمة لاختراق الأحياء العربية وربط التجمعات الاستيطانية الإسرائيلية المحيطة بالمدينة!
- التضييق على الوجود المسيحي الفلسطيني، بتصعيب سبل الحياة، وتسهيل إجراءات الهجرة، فضلاً عن التواطؤ مع البطريرك اليوناني الذي باع العديد من أملاك الوقف الأرثوذكسي للحكومة الإسرائيلية أو لمدفوعين من قبلها، متجاوزاً إرادة الطائفة الأرثوذكسية المناهضة للاحتلال والتهويد!
- استمرار عمليات اقتحام المسجد الأقصى من قبل المتطرّفين اليهود، بحماية جيش الاحتلال، ومنع الفلسطينيين من الصلاة بحرية داخل الحرم القُدسي، في محاولة مكشوفة لفرض "تقاسم زمني" يتيح لليهود تالياً فرض ملكيتهم، بعد أن أعلنت حكومة إسرائيل سيادتها على باطن الأرض تحت المسجد الأقصى وحفرت الأنفاق والسراديب بذريعة البحث عن "هيكل سليمان"!
- تواتُر عمليات سحب هوية الإقامة من المقدسيين، كعقوبة على أي نشاط مقاوم لتهويد المدينة، في محاولةٍ لتغيير الميزان الديموغرافي في القدس الشرقية لصالح أغلبية يهودية غير متوفّرة حالياً!
- إغلاق المؤسسات الوطنية الفلسطينية (الثقافية والتربوية والصحية...) حيث أمكن ذلك، أو محاصرتها وإغراقها بالضرائب الباهظة والعقوبات المالية بما يؤدي إلى انهيارها!
- منع المقدسيين من المشاركة في الانتخابات الفلسطينية، أو عرقلة هذه المشاركة حيث يتعذّر المنع!...
ذلك بعضٌ مما تقوم به حكومات الاحتلال الاسرائيلي منذ سنوات، على مرأى ومسمع العالم، ومن دون اكتراثٍ للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة!
II. نداء القدس الدائم.
إن تمادي حكومات الاحتلال الإسرائيلي في تهويد القدس من شأنه أن يجعل – بل سيجعل حتماً – قضية البحث عن السلام في فلسطين والشرق الأوسط قضيةً غير ذات موضوع، أي لاغية caduque.. هكذا قولاً واحداً، وباعتراف كل المنصفين في العالم. بالتالي فإن أي سعي جادّ نحو السلام العادل والشامل والدائم إنما يبدأ بالحفاظ على هوية القدس الثابتة تاريخياً وحضارياً وقانونياً..
ولما كان المكانُ بالمكين، أي أن القدس بأهلها قبل حجارتها، فإن حماية القدس تعني حماية أهلها، مسيحيين ومسلمين/ ومؤازرتهم في الثبات على أرضهم بأمانة وإقدام، بدلاً من دفعهم إلى القول: يا وحدنا! كما نسمع منذ وقت بعيد... وهذا هو "نداء القدس الدائم"!
III. مبادرات ونداءات من أجل القدس والسلام الشامل:
- في آذار 2002 تقدّمت الدول العربية مجتمعةً بمبادرة للسلام الشامل والدائم والعادل بين العرب وإسرائيل، على أساس قرارات الشرعية الدولية وحلّ الدولتين (قمة بيروت). وما كان لتلك المبادرة أن تقوم لولا مبادرة منظمة التحرير الفلسطينية قبل ذلك إلى عقد اتفاقيات أوسلو 1993 مع الجانب الإسرائيلي، وعلى الأساس المشار إليه. ورغم عدم وفاء الجانب الإسرائيلي بالتزاماته حيال متطلبات السلام على مدى 24 عاماً، لا سيما لجهة استمراره في تنفيذ خطط التهويد ومحاولة إسقاط ما يمكن التفاوض عليه تحت عنوان "مسائل الحلّ النهائي"، إلا أن الموقف الفلسطيني والعربي ظلّ ثابتاً على التمسّك بمبادرة السلام، معلناً أنه "لا بديل عن السلام إلا السلام"، كما جاء على لسان الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
- في أيلول 2012 أطلق قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر من بيروت إرشاده الرسولي الخاص بسلام الشرق الأوسط، مشدّداً فيه على أهمية الحضور المسيحي في الشرق وعلى حماية الوجود المسيحي في الأراضي المقدسة، داعياً لأن֯ تكون الأماكن المقدسة في فلسطين "وجهةً دائمة ومفتوحة لحجّ المؤمنين إليها دون قيود، الأمر الذي يؤازر ويشجّع الجماعات المسيحية على البقاء بأمانة وإقدام في هذه الأراضي المباركة".
- في 24 ايار 2014 قام قداسة البابا فرنسيس بزيارة الأماكن المقدسة في فلسطين المحتلة، فاستقبله أهلُ فلسطين، مسلمين ومسيحيين، بفرح واستبشار عظيمين. وإذ۫ أثارت تلك الزيارة في حينه بعض اللغط في أوساط معترضة، فقد أصدر "التجمع الوطني المسيحي في القدس" بياناً جاء فيه: "إن زيارة السجين ليست بحال من الأحوال تأييداً للسجان، وإن مقاطعة القدس والمقدسيين، بذريعة مقاطعة الاحتلال، ما هي إلا موقفٌ سلبيٌّ عقيم، يخدم مخططات الاحتلال التهويدية، عبر المشاركة في حصارها وعزل أهلها، بصرف النظر عن تبريرات هذه المقاطعة ودوافعها، أكانت مجرّد مزايدات سياسية أو مواقف أيديولوجية".
- في 28 نيسان 2017 انعقد في القاهرة "مؤتمر الأزهر للمسلمين والمسيحيين في العالم العربي" من أجل السلام، وصدر عنه "إعلان الأزهر للمواطنة والعيش المشترك".
- في 29 آذار 2017 دعت القمة العربية المنعقدة في عمّان في بيانها الختامي إلى "توأمة القدس مع العواصم العربية، وتوأمة المؤسسات المقدسية، الثقافية والتعليمية والصحية، مع نظيراتها في البلدان العربية"، تثبيتاً للمقدسيين في مدينتهم ومؤازرةً لنضالهم ضد إجراءات الاحتلال التعسّفية.
- في 28 نيسان 2017 انعقد أيضاً في القاهرة "مؤتمر الأزهر للسلام العالمي"، الذي حضر جلسته الختامية وتحدّث فيها قداسة البابا فرنسيس، تمهيداً لمؤتمر مسيحي - إسلامي من أجل السلام يُعقد لاحقاً في حاضرة الفاتيكان.
- في 1 تموز 2017 انعقد في جامعة سيّدة اللويزة - لبنان، وبدعوة من غبطة بطريرك إنطاكية وسائر المشرق للموارنة، مؤتمر إسلامي - مسيحي لمتابعة مقررات "إعلان الأزهر للمواطنة والعيش المشترك".
- في تموز 2017، وعلى مدى أسابيع، تحرّك المجتمع الفلسطيني بكل أطيافه في الأراضي المحتلة، ولا سيما في ما يُعرف بأراضي 1948 من الجليل شمالاً حتى النَّقب جنوباً، في انتفاضة سلمية غير مسبوقة لحماية المسجد الأقصى من إجراءات الاحتلال التعسّفية، وتوكيداً لولاية الشعب الفلسطيني على أماكن عبادته، ما أجبر سلطات الاحتلال، وعلى نحو غير مسبوق أيضاً، على التراجع عن كل إجراءاتها المستحدثة بخصوص العبادة في المسجد الأقصى وحرمه!
- في أيلول 2017 تقدّم أكثر من ثلاثماية شخصية فلسطينية بالإدّعاء القضائي أمام النائب العام الفلسطيني في رام الله، ضد بطريرك الروم الأرثوذكس تيوفيلوس اليوناني، لإقدام هذا الأخير على بيع وتأجير العديد من أملاك الكنيسة الأرثوذكسية في فلسطين لصالح الشركات الاستيطانية اليهودية، وكان من بين آخر الصفقات صفقة بيع أراضي رحابيا/ الطالبية البالغة مساحتها نحو 528 دونماً غرب القدس القديمة. هذا وقد واصل المسيحيون العرب في فلسطين مناهضتهم لبيع الأراضي وعمليات التهويد، فانعقد في أول تشرين الأول 2017، وفي مدينة بيت لحم، "المؤتمر الوطني لدعم القضية العربية الأرثوذكسية"، بمشاركة نحو 600 شخصية دينية ووطنية من كافة أرجاء فلسطين التاريخية والمملكة الأردنية الهاشمية. وقد اصدر المؤتمر قرارات وتوصيات عدّة، أبرزُها: "أن المستوى الرسمي الفلسطيني والأردني تقع عليهما المسؤولية السياسية والوطنية والقومية والأخلاقية، لتمكين الرعية العربية الأرثوذكسية من تحقيق مطالبها العادلة والمشروعة في إعادة الإعتبار لعروبة كنيستهم المقدسة، والحفاظ على أملاكها وأوقافها".
- في تشرين الأول 2017 أعلنت الولايات المتحدة واسرائيل انسحابهما من منظمة "اليونسكو"، بسبب قرار هذه الأخيرة إدراج المدينة القديمة والحرم الإبراهيمي في الخليل الفلسطينية ضمن قائمة مواقع التراث العالمي بتاريخ 7 تموز 2017, ومثلُ هذا القرار يوفّر للأماكن المقدسة في المدينة (وهي مشتركة بين الديانات الإبراهيمية الثلاث) حماية معنوية كبيرة، كما يساهم في إخراج الأماكن المقدسة من دائرة الصدام اليومي في فلسطين، وجعلها سبباً للعيش بسلام.
IV. لجنة نداء القدس - لبنان.
وبدعوةٍ من "لقاء سيدة الجبل" المهتمّ بفاعلية الحضور المسيحي في لبنان والشرق، وفق مبادىء العيش المشترك وهوية لبنان العربية،
ومن "مركز تطوير للدراسات" الناشط في مجال الحوار الفلسطيني - اللبناني،
- انعقدت في بيروت (فندق غابريال) ندوة بمشاركة سبعين شخصية سياسية وثقافية وإعلامية، لبنانية وفلسطينية، مسيحية ومسلمة، تحت عنوان "نُصرة القدس وتلبية ندائها"، وفي الإطار المفهومي لمبادرة السلام العربية - الفلسطينية في المنطقة، كما في إطار مبادرات الحوار والتضامن الإسلامي - المسيحي من أجل السلام.
- وفي ختام أعمال الندوة - الخلوة صدر بيانٌ عن المشاركين اعتبروا فيه أنفسهم هيئة تحضيرية لتأسيس هيئة دائمة في لبنان، تُعنى بقضية القدس وتلبية ندائها، بمختلف الأنشطة الديموقراطية المتاحة، الثقافية والإعلامية والمجتمعية.
- وبعد اتصالات ومشاورات خلال الفترة الماضية، فضلاً عن مواكبة المنتدين لتطورات قضية القدس في الشهور الأخيرة، ومشاركة بعضهم في العديد من لقاءات ومؤتمرات التفاهم الإسلامي - المسيحي في لبنان والبلدان العربية، يسرّنا أن نقدّم للرأي العام "لجنة نداء القدس" في لبنان، على قاعدة المبادرة الشخصية والعمل التطوّعي.
- ويهمّ اللجنة في بداية عملها أن تشدّد على أربعة أمور أساسية:
- إنها لجنة مشتركة، مسيحية وإسلامية، لبنانية وفلسطينية، وينبغي أن تستمر كذلك في تكوينها وعملها.
- إنها مفتوحة لكل الكفاءات الراغبة في التطوّع لقضية القدس، لأنها ترفض كل أشكال الاحتكار في هذا المجال.
- يقوم عملها على قاعدة التشاور والتوافق والمبادرة، كما على قاعدة الالتزام الذاتي لا الإلزام.
- إنها عازمة على التواصل مع كل المرجعيات الدينية والدولتية المعنيّة بقضية القدس/ وفق المنظور الإسلامي - المسيحي المشترك والمنظور العربي - الفلسطيني لهذه القضية.. هذا بالإضافة إلى التنسيق مع مختلف المؤسسات والتجمعات الأهلية ذات الإهتمام المشترك في لبنان والمنطقة العربية.