اشار وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، اليوم، إلى ان السياسات الأميركية والسعودية الخاطئة هي التي أوصلت لبنان إلى ما هو عليه اليوم، مشدّداً على أنه من واجب السعودية وأميركا التعويض عن الدمار الذي لحق بلبنان من دون فرض شروط مسبقة.
وقاحة ما بعدها وقاحة واستغباء غير مقبول! دولة تُنشئ في دولة أخرى ميليشيا وتسلّحها وتموّلها وتُدير سياستها وتحارب بها كلّ اعداءها. هذا فيما هذه الميليشيا تعبث فساداً في لبنان، وتدعم هذا ضدّ ذاك وتُغلق البرلمان، وتُعلّق العمل السياسي وتسرق وتهرّب وتصنّع المخدّرات وتتاجر بها وتُهرّب مشتقات النفط والطحين المدعومين عبر معابر على الحدود تحت سيطرتها بالتعاون مع ميليشيات على المقلب الآخر، ما سبّب فقدان السيولة في العملة الصعبة بشكلّ أصبح يهدد كيان الدولة وبقائها. ويتناسى الوزير أن الولايات المتحدة والسعودية اللتين يطالبهما بالتعويض هما الدولتان اللتان تدعمان الدولة اللبنانية وجيشها منذ عقود بالمال والعتاد والاستثمارات، في وقت كانت دولته وما تزال تدعم "دويلة حزب دولته" على حساب لبنان وشعبه.
من جهة أخرى، يستقبل رئيس الحكومة المستقيل، الذي قال في خطاب استقالته:" قاتلنا بشراسة وشرف ولكن هذه المعركة لا يوجد فيها تكافؤ واستعملوا كل الاسلحة وكذبوا على الناس وشوهوا الحقائق وكانوا يعلمون ان الحكومة تشكل تهديدا لهم"، وهي "النغمة الدارجة" في البلد اليوم "ما خلّونا نشتغل"، يستقبل سفير روسيا المغادر قريباً ليتابع معه موضوع استحصال لبنان على اللقاح الروسي لكورونا، وهو اللقاح الذي رفضه 52% من المتخصصين في الرعاية الصحية الروسية ناهيك عن التحذير الدولي من أن اللقاح لم يتم التأكّد من فعاليته حتى الآن.
لم تكتفِ روسيا من الاموال التي تقاسمتها مع المهرّبين من وإلى لبنان عبر الحدود اللبناني-السورية منذ تواجدها العسكري في سوريا منذ خمسة أعوام، فها هي اليوم وبالتعاون مع رئيس حكومة تصريف الاعمال اللبناني تعمل على بيع لقاحها غير الفعّال، لغاية اليوم، من أجل الاستحصال على عملة صعبة على حساب لبنان وشعبه الذي يعيش اليوم أزمة لم تمرّ عليه حتى في أحلك أوقات الحرب.
إن هذا يحصل في مقلبٍ والطبقة السياسية اللبنانية تعيش في مقلبٍ آخر، وكأنها حقيقةً تعيش على المريخ. كما كتب أحدهم على صفحته على الفايسبوك بعد اطلاق الامارات لمسبار الامل لاستكشاف كوكب المريخ: "يا حرام إنتو اليوم رايحين تستكشفوا المريخ اليوم، نحنا سياسيينا عايشين على المريخ من عشرين سنة!". فقد أصدر رئيس مجلس النواب قراراً بإعطاء إجازة إدارية مدفوعة لجميع أُجراء وموظفي مجلس النواب لمدة شهر، في وقت يبحث نصف سكان العاصمة بيروت عمن يساعدهم في تحمّل بعضاً من مصابهم!
كما أنه وبعد اسبوعين من استقالة الحكومة لم يحدّد رئيس الجمهورية تاريخ الاستشارات النيابية الملزِمة لتسمية رئيس الحكومة المقبل. ويتسابق نواب الامة بين من يقدّم قانون انتخابات جديد وبين من يقدّم قانون لانتخابات مبكرة، بينما اجتمع العالم كلّه في بيروت من أجل إغاثة أهلها بعد الانفجار الذي محى معالم مرفئها لأول مرة منذ أن إنشاءه الفينيقيون.
نعم، لقد اجتمعت 36 دولة لتجمع مبلغ 298 مليون دولار من أجل مساعدة لبنان بينما "أغنياء لبنان"، ممن جنوا ثرواتهم على تعب ودم اللبنانيين، لم يتكلّفوا عناء مساعدة حتى بعض العائلات التي لم يعد لديها سقف تنام تحته. هذه أيضاً وقاحة ما بعدها وقاحة!
وهذا كله فيما يضرب الفيروس المستجد كورونا لبنان بشكلٍ أصبح الجسم الطبي على قاب قوسين من عدم استيعاب أعداد الاصابات. لكن، "لا داعي للهلع"، على ما دأب وزير الصحة المستقيل على قوله منذ تسجيل أول إصابة.
وقاحة واستغباء يتعامل بهما بعض الخارج وأكثر الداخل مع اللبنانيين وكأن شيئاً لم يحدث. وكأن زلزالاً لم يضرب لبنان.
وكأنه ليس هناك 177 ضحية قتلوا وأكثر من سبعة آلاف جرحوا وعدد غير معروف فقدوا و300 ألف عائلة تنام في العراء ونصف مستشفيات بيروت خارج الخدمة وأحياء من بيروت القديمة أصبحت ركاماً.
يتنافسون على تحديد جنس الملائكة بينما المطلوب هو وبكل بساطة، تحديد المسؤوليات في تفجير المرفأ من خلال تشكيل لجنة تحقيق دولية موضوعية، مستقلة ومهنية وتشكيل حكومة مستقلة حيادية ذات برنامج اقتصادي وسياسي واضح مع صلاحيات استثنائية. لأنه وبكل بساطة أيضاً لم يبق لدى اللبنانيين وقتٌ للإضاعة.