في ذكرى انتفاضة اللبنانيين في 14 آذار 2005 لا بد من التأكيد على ان الرئيس رفيق الحريري ورفاق دربه في الشهادة دفعوا ضريبة الدم الباهظة دفاعاً عن سيادة لبنان واستقلاله وحرية شعبه، وهكذا كانت 14 آذار انتفاضة الاستقلال الثاني وربيع لبنان الذي اسقط النظام الامني والوصاية السورية دفاعاً عن كرامة الوطن اللبناني وكرامة ابنائه.
اليوم مطلوب تحقيق الاستقلال الثالث، وهو لن يتحقق بدون وحدة قوى الشعب اللبناني المنتفضة والمعارضة والتي بدأ الفقر والجوع وجرائم الطبقة الحاكمة واغتيالات الوصاية تجرها الى الهاوية.
والأهمية القصوى الان لكل لبناني يريد استعادة وطنه ان يتوحد مع كل لبناني آخر تحت برنامج طرحته بكركي كخريطة طريق لاستعادة السيادة والدولة ولمنع التلاعب بثوابت الهوية اللبنانية الفاعلة عربياً ودولياً.
بهذا المعنى فإن ما طرحه غبطة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي يشبه الوصايا السبعة عشر (17)، ووضع هذه الوصايا أمانة لدى اللبنانيين وواجباً على الكنيسة وصولاً الى تنفيذها. لذا المهمة اليوم ان تكون ساحة بكركي كما ساحة الشهداء مكرسة لتيارات السيادة والتغيير واسقاط نظام الوصاية والمحاصصة لكي تكون ساحة قيامة لبنان.
الواضح ان تفاقم الازمة الاقتصادية المالية ناتج في جزء كبير عن انعدام الثقة بالطبقة الحاكمة وبقدرتها على انجاز اي حل من الحلول. والاوضح أن الإحتلال الإيراني ممثلاً بحزب الله لا يريد انجاز تشكيل الحكومة إلا بعد افراغ المبادرة الفرنسية من مضامينها وابعاد فرنسا او طردها من لبنان لأن إيران لا تحتمل اي شراكة في لبنان ولو بمبادرة انقاذية.
وهذا الامر يعني رفض حكومة مستقلين بل العودة الى توزيع الحصص على الطقم الحاكم ويتحول الخلاف من خلاف على البرنامج الانقاذي الى خلافات ونكايات على الحصص والثلث المعطل وغيره.
والحذر الذي يجب أن يتوخاه الجميع، خصوصاً الرئيس سعد الحريري المكلف بتشكيل الحكومة، هو الابتعاد عن روح المبادرة الفرنسية والوقوع مجدداً في فخ المحاصصة لأن ذلك يعني لا ثقة عربية او دولية ولا قدرة على الانقاذ، خصوصاً أن الانقاذ يتطلب قوانين وقرارات جريئة ومتقدمة رفضتها الطبقة الحاكمة المتسلطة منذ ايام مواجهة النظام الامني للاصلاحات التي تطيح بالمحاصصة وعملية نهب الدولة. والشعب اللبناني كما الدول العربية والاجنبية، التي تجمع على ادانة الطبقة الحاكمة بكل رموزها وسلاحها، لا يرتجي أي إصلاح أو انقاذ اذا استمرت قواعد المحاصصة التي اخذت البلد الى الانهيار.
حالياَ، فإن الطبقة الحاكمة تراقب بلا ضمير او مسؤولية انهيار الليرة ومعها انهيار المداخيل والمدخرات والرواتب دون ان يرف لها اي جفن او شعور، فالإنهيار يتفاقم لأن العجز عن تشكيل حكومة يظهر اكثر فأكثر ويظهر معه ان هواجس ومصالح ومغانم رموز المحاصصة هي اهم من حياة وكرامة الشعب اللبناني.
ويتميز رئيس الجمهورية في هذا المجال بالمطالبات بحصص وامتيازات ليست إلا هماً شخصياً محكوماً بهواجس توريث الجمهورية، وكأن العونية السياسية لم تستلهم من تاريخ لبنان ونظامه بل صار ملهمها هو النظام الامني - الاجرامي السوري. من هنا الدعوة الى استقالة رئيس الجمهورية كمدخل لحل الاستعصاء الحكومي كون الرئاسة صارت وسيلة لخرق الدستور ولاجهاض المبادرة الفرنسية. والاهم ان لبنان ومعه المجتمع الدولي لا يقبل بأي شكل من الاشكال اي دور سياسي لمن هو متهم بملفات فساد وعقود فساد وتكريس الثروات على حساب الدولة والشعب، فكيف يقبل بإعطائه خمس او ست وزارات او الثلث المعطل. أما في حال حصوله فهو إهانة لكرامة كل لبناني ان يكون رموز الفساد في المواقع الاولى للدولة ومؤسساتها وان يكون غرور السلاح واثارة النعرات الطائفية والفتن هي المدخل لفرض الفساد في مواقع الرئاسة وفي ادارة كل مؤسسات الدولة.
لقد قاد العهد، مسترشداً بالعونية السياسية، البلد والشعب الى جهنم، ولا عودة قبل استقالة الرئيس وتحرير الرئاسة من الوصايات الداخلية والخارجية. فالعونية السياسية سقطت سقوطاً مريعاً لأنها وقعت في إغواء الكرسي وامتيازات الفساد وكغيرها نسيت متطلبات وحاجات الشعب اللبناني وعلى رأسها السيادة والاستقلال وحماية الدولة من لصوص الهيكل.
البلد يحتاج الآن الى رئيس جديد ومعه حكومة جديدة قادرة على اعادة سيادة واستقلال لبنان من حزب الله والهيبة لمؤسسات الدولة والثقة للشعب اللبناني. وهذا لن يتوفر باستمرار هذه الرئاسة وحتى بإجراء انتخابات نيابية جديدة لأن سلاح الوصاية كما فرض رئيس الجمهورية يستطيع ان يفرض نتائج الانتخابات وتالياً لا قيمة لأي مجلس نيابي في ظل السلاح والارهاب.