عقد الحزب التقدمي الاشتراكي مؤتمره العام الـ48، في المدينة الكشفية في عين زحلتا، تحت شعار "لا اصلاح دون سيادة"، برئاسة رئيس الحزب وليد جنبلاط وحضور رئيس كتلة اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط وداليا جنبلاط وأعضاء الكتلة ونواب ووزراء الحزب الحاليين والسابقين وأعضاء مجلس قيادة الحزب والمفوضيات ووكالات الداخلية ومدراء الفروع والمؤسسات والهيئات الحزبية الرافدة، وقد ناهز الحضور حوالى 3000 شخص.
وتم اعلان الورقة السياسية والاقتصادية للحزب تلاها أمين السر العام في الحزب ظافر ناصر، وقد جاءت نتيجة نقاشات وملاحظات واقتراحات الجمعيات العمومية في المناطق وفي القطاعات الحزبية التي وُضعت على المسودة الأولى، وجاء فيها:
سياسياً:
يعقد الحزب التقدمي الاشتراكي مؤتمره العام الثامن والأربعين في مرحلة هي الأدقّ في التاريخ الحديث للبنان، معطوفةً على تطورات دراماتيكية مفصلية عصفت بالمنطقة العربية والعالم في العقد الأخير، وفي خضم المواجهة المستمرة مع جائحة وبائية هزّت البشرية جمعاء، وعلى أبواب العديد من الاستحقاقات الأساسية المستقبلية التي ينتظرها اللبنانيون على قارعة الأزمات التي أثقلت حياتهم وكبّلتها، لينطلق كما في كل محطة من تقييمٍ واسع لتجربة المرحلة المنصرمة وما تخللها من إخفاقات وإنجازات على السواء، للبناء على ما تحقّق والتعلّم من الخطأ، والإقدام على المستقبل برؤية واضحة، ومقاربة شفافة، ومنهجية واقعية، تحاكي -كما دائماً- تطلعات الناس وهمومهم ومآسيهم وقضاياهم ومطالبهم، ليبقى بذلك الحزب التقدمي الإشتراكي حـزب الانسـان قبـل أي وصف أو تعبير آخر.
ولمّا كان الحزب التقدمي الاشتراكي قد تأسس على فكرة الانسانية كرابط جامع بين الناس دون تفرقة أو تمييز، فهو وضع أسس نظرته إلى الدولة انطلاقاً من هذه العقيدة الانسانية، وآمن ولا يزال بأن الدولة المدنية وحدها التي تؤمّن المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص بين مواطنيها عبر الاعتماد على قاعدتي المواطنة والكفاءة، وترسيخ مفهوم دولة المؤسسات والفصل بين السلطات،وتكريس النظام الديمقراطي وحماية التنوع والحريات، آخذين بعين الاعتبار الظروف والمعادلات الإقليمية والتوازنات الداخلية المؤثرة خلال مرحلة الوصاية السورية على لبنان بعد إقرار اتفاق الطائف وتفويض سوريا بتطبيقه الذي جاء لحماية مصالحها، يضاف الى ذلك السياسات المالية والنقدية غير السليمة التي اعتمدت وابتعدت عن منطق دولة الرعاية والإنتاج، فغابت العدالة الاجتماعية ورعاية مصالح الطبقتين الفقيرة والمتوسطة، وجرى تكريس نظام المحاصصة والزبائنية وتغلغل الفساد في إدارات الدولة ولم تكن ثمة محاسبة جدية باستثناء مبادرات قليلة. ثم تفاقمت الأزمة وتوسّعت معركة السيادة والمحافظة على الدولة ومؤسساتها بعد مصالحة الجبل التاريخية، والسعي الى تطبيق جدّي لاتفاق الطائف، حتى دخلنا في مرحلة كانت الأخطر في هذه المعركة وهي التمديد للرئيس إميل لحود الذي رفضناه وكنا طليعة لائحة الشرف، وكانت تداعياته دراماتيكية عبر إطلاق مسلسل الاغتيالات الذي أودى بحياة الرئيس الشهيد رفيق الحريري وعدد آخر من الشهداء ونجا منه شهداء أحياء كان لهم دورهم الأساس في المواجهة، وكنا كحزب طليعة قيادة ثورة الاستقلال والسيادة التي دخلنا منخلالها مرحلة جديدة من المواجهة ينبغي تقييمها بشكل دقيق وموثق ومفصّل من قبلنا. لكن يجب الاعتراف أننا لم نرتق كفريق الى مستوى إعداد برنامج سياسي اقتصادي اجتماعي متكامل للمحافظة على الدولة ومؤسساتها، وكان لذلك تأثير سلبي على المعادلة العامة في البلاد مع التأكيد على أهمية ما تمكّنا من إنجازه على طاولة الحوار عام 2006 من قرارات أبرزها إقرار المحكمة الدولية لمحاكمة قتلة الرئيس الشهيــد رفيـق الحريـري ورفاقه، وأخـرى لهـا علاقـة بالسـيادة، فكانـت الاستراتيجيـة الدفاعية التي كنا أول حزب تقدّم برؤية واضحة وخطة مدروسة حولها تنطلق من مبدأ العداء لإسرائيل كدولة لها أطماعها في أرضنا ومياهنا التي لم تتوقف منذ نشوء كيانها الغاصب، وتضمنت مقاربة دقيقة تؤكد مرجعية الدولة أساساً في صد أي عدوان من الاحتلال، وتستفيد من طاقات وإمكانات المقاومة، إضافة الى سحب السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وتنظيمه داخلها، وترسيم الحدود مع سوريا، وتأكيد لبنانية مزارع شبعا وكفرشوبا، وتحديدها وفق الإجراءات والأصول المعتمدة لدى الأمم المتحدة. وجاء هذا الموقف ترجمة لسياسة مبدئية تبناها الحزب لناحية إقرار حــق الجنوبيين والجنوبيــات في توفيــر الحمايــة لهم / لهنّ من خــلال ما نادى بـه المعلم الشهيد كمال جنبلاط على صعيد تأمين مستلزمات الصمود والمواجهة وزياراته المتكررة الى الجنوب ورعايته حقوق أبنائه، وكذلك المساهمة في المقاومة الوطنية ودور الحركة الوطنية وأحزابها الرئيسية وحركة أمل قبل أن تحصر المقاومة بالمقاومة الاسلامية.
لكن بعد حرب الـ 2006 وتداعياتها دخلت البلاد في مرحلة جديدة كان لها أثرها الكبير على مشروع إعادة بناء الدولة، واستمر التعثر في هذا المجال رغم نداءاتنا وتأكيدنا الدائم على مرجعية الدولة ومؤسساتها في معالجة كل الأحداث وتعالينا على الجراح ودخولنا في تسويات تمنع تجدّد الحروب في الداخل انطلاقاً من تجاربنا في هذا السياق منذ أيام المعلم الشهيد، الذي كان يبادر الى التسوية التي لا تعني التنازل عن الثوابت بقدر ما تأتي ملائمة لظروف ينبغي خلالها تقدير طاقة الناس على الصمود والتحمّل، وتحقق لبعض المكتسبات للاستمرار في خوض المعركة الأساسية. وأليس هو من كان يكرر دائماً وكتب مراراً حول هذا الموضوع: "علمني حب الحقيقة جمال التسوية"، وما أحوجنا اليوم الى مثل هذا الموقف الذي يبعد احتمالات الفتن المتنقلة عن لبنان لاسيما بعد ما جرى في الطيونة وكان للحزب ورئيسه مواقف بارزة ومتميزة بعيدة عن الحقد والانفعال والتوتر ومؤكدة على مرجعية الدولة رغم كل ما أصابها من اهتراء على مستوى مؤسساتها وأدائها. ولا شك في أن كل ذلك أدى سابقاً الى الانفجار الشعبي الكبير في 17 تشرين الأول 2019 الذي عبّر عن آلام وأوجاع الناس الصادقة والمحقة وعن آمالهم في التغيير.وكنا نتمنى أن تتمكن تلك الحركة الشعبية الصادقة من تحقيق النتائج المرجوة، لكن غياب المشروع السياسي الاقتصادي المالي لإخراج البلاد من محنتها، وسوء الإدارة والأداء في مواكبته، والتعميم غير المنطقي وغير المبرّر في تحميل المسؤوليات لكل القوى والأشخاص حتى الذين شاركوا في السلطة، أدى الى نتائج عكسية ظهرت في حالات التشتت والانقسامات والغياب الكامل تقريباً عن مواجهة ما تلا تحركهم الأساس ومتابعة الكثير من القضايا والملفات التي بلغت من الخطورة مستويات أعلى وأكبر مما كانت عليه الحركة في بداياتها، ومع ذلك يبقى الرهان على الشباب والقوى التغييرية في أي بيئة ومن أي جهة أتت انطلاقاً من المراجعة النقدية لما جرى.
وجاءت جريمة انفجار مرفأ بيروت وما خلّفته من كوارث على مستوى عدد الشهداءوالجرحىوآلام عائلاتهم والخسائر المادية الكبيرة لتضيف أعباء ثقيلة على الواقع السياسي الاقتصادي المالي الاجتماعي خصوصاً بعدما شهدناه ونشهده من تجاذبات على مستوى التحقيقات القضائية فيها. ويجدّد الحزب في هذا المجال تأكيده على مرجعية القضاء العادل الذي لا يستثني أحداً من تحقيقاته.
إن البلاد اليوم تقف على مفترق مصيري خطير، يستوجب أعلى مستويات الوعي والإدراك وتحديد الأولويات بعيداً عن المواقف الشعبوية الرخيصة والاندفاعات غير المحسوبة. فالواقع السياسي مأزوم، والواقع المالي الاقتصادي الاجتماعي يزداد تفاقماً وضغطاً على الناس وأوضاعهم المعيشية، ما ينبغي توفير الحد الأدنى من الاستقرار والتفاهم حول العناوين الأساسية داخل الحكومة للانطلاق في حوار جدي مع صندوق النقد الدولي والمؤسسات الدولية للوصول الى برنامج إنقاذي تبنى على أساسه الخيارات والقرارات والخطوات المطلوبة، مع التأكيد على استمرار الحزب في نضاله ومساهمته في هذه المرحلة انطلاقاً من التزاماته التاريخية ومن تجاربه التي حفلت منذ التأسيس عام 1949 بمحطات عابقة بالعمل الوطني، وبالنضال لأجل الطلاب والطالباتوالعاملينوالعاملات والمهمّشين والمهمّشات والفقراء، والعمل لقيام نماذج راقية في مؤسسات وإدارات الدولة كالجامعة اللبنانية والضمان الاجتماعي وغيرهما، فإلى مرحلة الإعمار والإنماء والمصالحة وإعادة المهجرين التي أُنجزت رغم التشكيك والمصاعب والتحديات، إلى مرحلة النضال لأجل السيادة وتحرير لبنان من الوصاية، إلى مرحلة تثبيت الاستقرار ومدّ جسور الحوار والتفاهم مع الشركاء في الوطن، إلى العمل الوزاري حيث تشهد مراحـل تولّـي وزراء الحـزب علـى الكثيـر من النجاحـات، إلـى العمـل التشريعـي وتقديـم نحـو 60 اقتراح قانون خلال ولاية المجلس النيابي الحالية، إلى مرحلة الاستنفار التعاضدي الاجتماعي الصحي والمعيشي بوجه الوباء وبوجه الأزمة المعيشية الخانقة.
وهذا التاريخ الحافل بتلك الانجازات هو محل فخر واعتزاز، وفي الوقت نفسه هو خزان دروس وعبر وتجارب، وعليه تبنى رؤية المستقبل مستمدة عزمها من تلك المحطات ومصوّبة نهجها عبر تفادي تكرار الأخطاء.
ولأجل كل ذلك، يضع الحزب التقدمي الاشتراكي نفسه في مقدمة التصدي لما يعتري النظام السياسي من أمراض، وذلك بالنضال المستمر لحماية ميزات لبنان المتنوع الحر الديمقراطي، ولاستكمال تطبيق مندرجات اتفاق الطائف الذي شكّل مدخلاً الى الحل ينبغي استكمال تطبيقه عبر الغاء الطائفية السياسية للعبور الى الدولة المدنية، وإقرار قانون انتخابات لا طائفي، يؤكد شراكة المغتربين في اختيار ممثليهم، وإنجاز مجلس الشيوخ.
إن الحزب رغم كل التحديات الداخلية والهموم ومسؤولية مواجهتها، لا يستطيع إلا أن يجدّد تأكيد التزامه القضية الفلسطينية قضية حق وعدالة معتبراً أن لا سلام حقيقياً في المنطقة دون إعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة والعادلة. كما ويدعو الحزب الى المحافظة على ما تبقى من علاقات لبنانية عربية وتفعيلها لاسيما مع الدول التي شكلت سنداً لنا في اصعب ظروف الحروب والمحن، ومقاربة العلاقة مع سوريا علىقاعدة المصلحة الوطنية العليا والاحترام التام للسيادة اللبنانية وللقرار اللبناني المستقل، والروابط التاريخية مع الشعب السوري واحترام حقه بالحرية والديمقراطية والأمن والحياة الكريمة والتأكيد على العودة الآمنة والكريمة للنازحين السوريين.
وفي خلاصة مؤتمره الثامن والأربعين، يجدّد الحزب التقدمي الاشتراكي التمسّك بمبادئه التي قام عليها، والتمسّك بالنضال لأجل قيام دولة المواطنة، دولة العدالة، دولة القضاء المستقل، دولة مدنية لا طائفية، دولة المؤسسات، دولة القانون، دولة حقوق المواطنين والمواطنات وواجباتهم/هن، دولة ذات سيادة كاملة على أرضها، تحمي حدودها، تمنع التهريب من خلالها، ولا يكون استقواء عليها أو فيها من الداخل أو الخارج لمصادرة قرار مؤسساتها، دولة المحاسبة والشفافية، دولة النظام الاقتصادي المنتج، دولة الحماية الاجتماعية، دولة الحريات المصانة، دولة الإدارة الرشيدة لمقدّرات وثروات الوطن. ولأجل كل ذلك يُطلق الحزب اليوم مرحلة جديدة من نضاله المستمر نحو الغاية الأسمى: الانسان.
إقتصادياً وإجتماعياً:
حيث أن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد بلغت مستوى الانهيار التام في مختلف القطاعات، وقد أصابت الحياة اليومية للمواطنين والمواطنات، وشدّت الخناق على معيشتهم/هنّ، وجعلتها لا تطاق، وأطلقت موجة من الهجرة غير مسبوقة.
وطالما أن النظام السياسي الطائفي شكّل حمايةً لنموذج اقتصادي مشوّه ساهم لعقودٍ طويلة في تراكم الربح السريع والريع لصالح فئة من المستفيدين من الاحتكار والتهريب والاثراء غير المشروع، وذلك على حساب مبادئ العدالة الاجتماعية، ما ساهم في توسيع هوّة الفقر واللامساواة مقابل تركز شديد للثروة، وفي تشويه القطاع العام وحصر دوره في إحكام قبضة منظومة المصالح على كل الصفقات العامة وتمويلها من خلال الاستدانة المفرطة على حساب تدمير ممنهج للقطاعات الحيوية وفي مقدمها قطاع الكهرباء الذي استنزف ما يزيد عن نصف الدين العام.
فقد بات التخلص من الاقتصاد الريعي ضرورة ملحة، تقضي بوضع مرتكزات للتحول الى اقتصاد منتج، يتمتع بقدرات تنافسية ويأخذ بالاعتبار التوزع الجغرافي العادل والفعال للأنشطة القطاعية، ويتطلب هذا التحول وضع خطة واقعية لدعم كافة القطاعات الإنتاجية (سيما تلك القائمة على تكنولوجيا المعرفة) وتعزيز التكامل فيما بينها ودعم استيراد المواد الأولية ووضع خطة وطنية للنقل العام.
يجب أن يترافق هذا التحول مع صياغة نظام ضريبي عادل يضمن إعادة توزيع الثروة بشكل متوازن، وذلك من خلال تطبيق الضريبة الموحدة والتصاعدية على الدخل، ورفع نسبة الضرائب المباشرة في مجموع الإيرادات الضريبية وتخفيض الضرائـب غيـر المباشـرة، وفرض ضريبـة على الثـروة، والغـاء الإعفـاءاتالضريبية واستبدالها بحوافز محصورة بخدمة التوجه الاقتصادي المنشود وضبط التهرب الضريبي بكافة اشكاله.
وبموازاة العمل السريع على خطة تعاف تعيد استنهاض الاقتصاد، لا بدّ من تأمين شبكة حماية اجتماعية تحد ولو مؤقتاً من وزر الأزمة التي أودت بما يزيد عن 60% من اللبنانيين تحت خط الفقر، لذا يجب الإسراع في العمل على:
1- وضع البطاقة التمويلية التي تستهدف الأسر المستحقة للدعم حيّز التنفيذ في أسرع وقت مع تأمين تمويل خارجي لها.
2- الإسراع في إطلاق مشروع شبكة الأمان الاجتماعي في حالات الطوارئ (ESSN)الممول من البنك الدولي بقيمة 246 مليون دولار.
3- تطوير البرنامج الوطني لاستهداف العائلات الأكثر فقراً (NPTP).
4- بعد أن انعكست الازمة المالية بشكل حاد أمام استحصال المواطنات والمواطنين على الخدمات الصحية المطلوبة واللائقة، يجب العمل على ضرورة الإسراع في تأمين تمويل للقطاع الصحي.
5- إعادة النظر بمساهمة الدولة في نفقات الاستشفاء والطبابة لجهة رفع التعرفة وتشديد الرقابة على المؤسسات الاستشفائية لوضع حد للمهانة اليومية والمعاناة التي يتعرض لها المواطنون والمواطنات.
وتتطلب معالجة الأزمة الإسراع في اتخاذ الإجراءات الإصلاحية التالية:
1- إقرار قانون Control Capital بهدف وضع ضوابط مؤقتة على التحويلات المصرفية والسحوبات النقدية.
2- وضع خطة موحّدة للتعافي الاقتصادي تعفي صغار المودعين من تحمل اية خسائر اضافية، مع وضع توجّه علمي ومرحلي لتوزيع نسبي للخسائر حصراً بالفئات التي حققت أكثر المغانم، إضافة إلى تصحيح الرواتب والأجور ربطاً بمؤشر الغلاء.
3- الإصلاح الجدي والجذري لقطاع الكهرباء من خلال خطة منهجية تشمل العمل بالتوازي على النواحي القانونية والادارية والتقنية.
4- وضع نظام متكامل للنقل العام ذي أبعاد اقتصادية واجتماعية وبيئية كحل مستدام، وبالتوازي تأمين دعم السائقين العموميين إلى حين إقرار هذا النظام.
5- إقرار قانون عصري للمنافسة يضع حداً نهائيًا لكافة أشكال الاحتكار.
6- وضع مخطط بنيوي لقطاع النفط والغاز، لتفعيل دور هيئة إدارة قطاع البترول، وإقرار اقتراح الصندوق السيادي، وفتح كافة البلوكات للتلزيم.
وسوف يبادر الحزب عبر كتلته النيابية إلى تقديم كل الاقتراحات الرامية إلى تحقيق هذه النقاط أعلاه، والضغط باتجاه إقرارها بالسبل المتاحة تحت سقف القانون وضوابط الدستور والعمل السياسي والتحركات الشعبية.
عناوين العمل الأساسية:
ولأجل كل ما ورد في الورقتين السياسية والاقتصادية الاجتماعية، وتكريساً لمبدأ إقران القول بالفعل، وبحسب الأولويات المرحلية ومقتضيات العمل وفق اهتمامات وهموم الناس وما يعنيهم تحقيقه، وانطلاقاً من ضروريات البدء الجدي بالإصلاحات التي تسهم فعلياً في إطلاق عجلة التغيير المنشود، سوف يعمد الحزب التقدمي الإشتراكي إلى إجراء المقتضى المطلوب في العناوين الآتية وفق التالي:
وستقوم الكتلة النيابية للحزب بتقديم الاقتراحات الآيلة لتحقيق ما ورد من نقاط أعلاه، والضغط والمتابعة لإقرارها.
كلمة رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط
عندما ألبسني الشيخ محمد أبو شقرا عباءة زعامة المختارة، وذلك وفق التقليد العشائري في يوم وداع كمال جنبلاط وعندما إنتخبت رئيساً للحزب التقدمي الإشتراكي ولاحقاً رئيساً للحركة الوطنية، وذلك منذ 44 عاماً واجهنا التحدي تلو التحدي، والإمتحان تلو الإمتحان والمعارك تلو المعارك، وكان همي وسيبقى، بقاء المختارة وبقاء الحزب أياً كانت الضغوطات العسكرية أو الأمنية أو السياسية.
كان همّي معركة وجوديّة، بدأت بتصفية بشير جنبلاط على يد بشير الشهابي، وصولاً الى إغتيال كمال جنبلاط على يد حافظ الأسد، وكل من يتجاهل هذا التاريخ لا يمكن أن يفهم أهمية هذه المعركة، هذا التحدي، هذا الإمتحان لأهميته في السياسة اللبنانية والعربية.
آنذاك، وقد مرّ 44 عاماً، كنتُ أعلمُ أن المعركةَ العسكريّةَ لم تنتهِ بدخول القوّات السوريّة، كما حذّرَ منها كمال جنبلاط في آخر رسالة إلى حافظ الأسد قبل أسبوعين من إغتياله. آنذاك، حذّرَ من السلاح الانعزالي، ومن جيب سعد حداد، الجيب الاسرائيلي، ومن الخطر على عروبةِ الجبل، وعروبةِ لبنان، كما حذّرَ من إمكانيّة الاجتياح وضرب الحركة الوطنيّة اللبنانيّة والمقاومة الفلسطينيّة. ولم يكن عام 1977 إلا هدنة، إلى أن إندلعت الإشتباكات بين الجيشين اللبناني والعربي السوري في الفياضيّة عام 1978 الأمر الذي رسم خطوط تماسٍ جديدةٍ.
وفي هذا السياق، كنتُ قد عقدتُ التسويةَ الضروريّةَ والتاريخيّة مع النظامِ السوري من أجل الإستمرار في المواجهة، من أجل عروبةِ لبنان والقضيّة الفلسطينيّة. ولاحقاً، فتحَ الاتحاد السوفياتي أبوابَهُ العريضة للمنحِ الدراسيّةِ والسّلاحِ والتدريب، فكان مثلثُ الصمود المتمثل بالإتحاد السوفياتي وسوريا والحركة الوطنيّة اللبنانية والقوى الوطنيّة الأخرى التي شاركتنا النضال.
ثم جرى إجتياح الجنوب والجبل والبقاع وبيروت، وتصدّى الحزبُ والحركةُ الوطنيّةُ بإمكانياتهما، وشاركا في المقاومةِ الوطنيّة، كما شاركا في الدفاعِ عن بيروت. كما تصدّرَ الحزبُ معركةَ الجبل، وكان لهُ الشرفُ مع حلفائِهِ بإسقاطِ إتفاقِ السابع عشر من أيّار. وفيما بعد، وللتذكير، كان الحزبُ المبادرَ الأوّلَ في معركةِ سوقِ الغربِ في 13 آب 1989 التي كانت المقدّمة إلى التسويةِ وأدّت فيما بعد إلى إتفاقِ السّلم، إتفاق الطائف، لوقفِ حرب التحريرِ وحرب الإلغاءِ العبثيتين. وبالمناسبة، سنحدد موعداً لذكرى الشهداء وسيقام نصباً تذكارياً إكراماً لهم.
خلال هذهِ التحوّلاتِ، رفضَ الحزبُ الدخولَ في حروبِ المخيّماتِ التي كانت إحدى حلقاتِ الخلافِ الإستراتيجي بين النظامِ السوري ومنظمةِ التحريرِ الفلسطينيّة.
ومرّت الأيّامُ، وحاولنا تطبيقَ "الطائف" من خلالِ تنفيذِ البند القاضي بإلغاءِ الطائفيّةِ السياسيّةِ، لكن فشلنا، كون قوى المعارضة الرجعية في الدوائرَ الدينية والسياسية أقوى، وكون العالم العربي المحيط يرفضُ السّماعَ بأي طرحٍ يفصلُ الدين عن الدولةِ، ولا يزال.
ولاحقاً، في العام 2000، وعندما تحرّرَ الجنوب، كان الحزبُ أوّلَ المطالبينَ بتطبيقِ "الطائف"، إذ ناديتُ في المجلسِ النيابي بإعادةِ تموضعِ القوّاتِ السوريّةِ تمهيداً لإنسحابِها من خلال محادثاتٍ مشتركةٍ بين لبنانَ وسوريا تنفيذاً لإتفاق الطائف. في هذهِ اللحظة، خرجت الخرائط الجديدة لشبعا وتلال كفرشوبا، على أنقاضِ الخرائطَ الحقيقيّة القديمةِ، ودخلنا في سجالٍ حولَ لبنانيّةِ مزارعَ شبعا، ولا نزال، في إنتظارِ ترسيمِ الحدودِ، الأمر الذي توافقنا عليهِ بالإجماعِ في الحوار سنة 2006 قبل العدوان الإسرائيلي في ذاك العام.
وسنة 2001، كانت المصالحة التاريخيّة في الجبلِ مع البطريرك مار نصرالله بطرس صفير التي طوينا فيها صفحة طويلة وأليمة من النزاع كما سمّاها عن حق غسان تويني "حربُ الآخرين على أرضنا". بالمناسبة، آن الأوان لإلغاءَ وزارةِ المهجرين.
ومن العام 2005 إلى اليوم، كان نضالُنا من أصعبِ النضالاتِ، إذ كانَ على وقعِ الإغتيالِ تلوَ الإغتيال بالرغمِ من إتفاقِ الدوحة الذي أكد على سيادةِ الدولةِ على كل الأراضي اللبنانيّةِ، ووحدةِ أمرةِ السلاحِ.
وللتذكير، كنا رفضنا في العام 1998 إنتخاب لحود، وترأست جبهة النضال الوطني لائحة الشرف التي رفضت التمديد له سنة 2004. ثم، من قاد حقبة الرابع عشر من آذار؟، بدءاً من ذاك اليوم المشؤوم، يوم إغتيال الرئيس رفيق الحريري وحتى منذ ما قبل ذلك النهار، من لقاءات "البريستول"؟ من كان أول من رفع شعار النظام الأمني اللبناني- السوري المشترك من بيت الرئيس الشهيد رفيق الحريري، في يوم إستشهاده قبل دفنه، ومن أطلق الإتهام السياسي الذي حدد المسار اللاحق؟.
وفي سياق الإغتيالات، نجحنا في فرضِ المحكمةِ الدوليّةِ مع حلفائِنا العرب والغربيين، وبالرغمِ من الصعوباتِ الهائلةِ، كانت مكسباً معنويّاً كبيراً، لكن المعادلات الدوليّةِ وقفت أمامَ النظامَ السوري عاجزةً متفرجةّ، إن لم نقل متآمرة، فكانَ ما كان من نتيجة الحكم - حكم المحكمة- لذا نرى إستمرار الإغتيالات، محمد شطح ولقمان سليم، ولذا نرى عجز القانون الدولي في دعمِ الشعب السوري، أو شلل القانون الدولي أمام أنظمةِ القتل وأنظمةِ الإستبداد، والإحتلال، الإحتلال الإسرائيلي في فلسطين. علّ الأمور تتغيّر ونعبر الجسر سويّاً نحو الشرق الجديد.
ثم إندلعت أحداثُ 17 تشرين، ورفضتُ المشاركة كوني لم أرَ مساراً تغييريّاً حقيقيّاً سوى شعاراً شعبويّاً، خلقَ حقداً غير مبرّرٍ بين الأجيال، وحاول قطعَ أواصلَ الترابط الموضوعي بين الماضي والحاضر، ونجحَ إلى حدٍ ما، حرّكتهُ ماكينة إعلاميّة وسياسيّة قويّة، محليّة وعالميّة، وترافقَ ذلك مع دعمٍ شعبي واسع، إنتهى بشرذمةٍ كبيرةٍ إلى أن وقعَ إنفجارُ المرفأ، وكنا أوّلُ المطالبينَ بلجنةِ تحقيقٍ دوليّةٍ، ولكن في الذكرى الأولى للإنفجار، فإن ما يُسمّى بالثورة تجاهلتنا عمداً ووُضعنا في خانةِ التخوين والإتهام.
وربما أكون قد مررتُ بسرعةٍ على مراحل عديدة، لكن كنتُ دائماً أشددُ على الثباتِ على فتحِ الطرقاتِ حيثُ للحزبِ وجودٌ بالتعاون مع الجيش والقوى الأمنية، وكنتُ حريصاً على إحترام الرأي الآخر من رفاقِ الحزب، البعض منهم الذين نكروا الجميل، فكان التجريحُ تلوَ التجريح، وكل ذلك وسط الجهود الجبّارة التي قمنا بها في دعمِ المؤسسّات الصحيّة في أوّج الوباء، ولا نزال، وكل ذلك في إنجازاتِ المؤسسّات الحزبيّة وغير الحزبيّة، مثل "فرح" والمؤسسات الرديفة مثل الإتحاد النسائي، لدعم الأسر الأكثر حاجة، ضمن إمكانياتنا في سياقِ سياسة مقاطعة شبه كاملة مما يسمّى المجتمع المدني، المؤسسّات الدوليّة، والسفارات الكريمة على البعض والبخيلة على البعض الآخر.
لن أطيل أكثر، حاولتُ أن ألخص ما أمكن، وصولاً إلى التوصيات، وفتح باب المناقشة.
وأختم بتوجيه التحيّة إلى جميع شهداء الحزب، من شهداء مهرجان الباروك إلى حسّان أبو إسماعيل، إلى شهداء جيش التحرير الشعبي في حربِ الجبل إلى البطل جمال صعب، إلى أنور الفطايري وسواهم من المناضلين والأحرار الذين غابوا عنا ونذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر: شريف فياض، داود حامد، وفيق ناصر الدين، سعيد الضاوي، فؤاد سلمان، ناصر سلوم، عفيف جوني، ضاهر مرعي ريشا، صبري الهاشم، جورج أبو جودة، سليم قزح، عادل سيّور،... والقافلة طويلة وطويلة جداً.
والتحيّة إلى المناضلين من الرعيل الأول: عباس خلف، توفيق سلطان، محسن دلول، عزت صافي، خليل أحمد خليل، عزيز المتني، رياض رعد، خطار السيّد، ميلاد الكفوري، جوزف القزي، علي جابر، عصمت عبد الصمد، أنطوان فرح، سلمى صفير، خالد نجم، سليم الخوري، نعيم غنّام، غسّان العيّاش، مهدي شحادة، سمير سعد، سليمان حمدان، وأعذروني إن فاتتني بعض الأسماء، فالتحيّة موصولة لكل المناضلين في صفوف الحزب منذ عقود.