ثمة حوار يجري الآن بين القيادات السياسية اللبنانية تحت قبة البرلمان، يرمي الى التفاهم على قضايا الوضع الانتقالي بعد الانسحاب السوري من لبنان. يأتي في مقدمة هذه القضايا استعادة الدولة لسيادتها على كامل الأراضي اللبنانية، بما في ذلك المخيمات الفلسطينية والجنوب اللبناني، وعلى مؤسساتها الدستورية، لا سيما رئاسة الجمهورية التي لم تتحرر حتى الآن من قيد الوصاية السورية. إن هذا الحوار الجاري لهو على جانب كبير من الأهمية لطيّ صفحة الحرب وتجاوز حقبة الهيمنة السورية على لبنان. ولكن حواراً آخر من طبيعة مختلفة بات اليوم ضرورياً أكثر من أي وقت مضى، لأن سيادة الدولة ما زالت تصطدم بعائق كبير من نوع بنيوي، يتمثل في القيد الطائفي الذي يلقي بثقله على مستقبلنا الوطني، ويحول دون إرساء نظام ديموقراطي يضمن في آن معاً المساواة بين حقوق الأفراد واحترام التعدد الطائفي. ومثل هذا الحوار المطلوب يستجيب لمعنى المواطنة الذي تجلّى في الرابع عشر من آذار، من خلال مساهمته في جلاء طبيعة العقد الاجتماعي الذي تقوم عليه حياتنا الوطنية، وفي تعيين طبيعة الدولة القادرة على تجسيد هذا العقد.