كلمة امين عام قوى 14 آذار

كلمة امين عام قوى 14 آذار
الخميس 14 فبراير, 2013

تحية إلى الرئيسِ رفيق الحريري الحاضرِ الدائمِ معنا

تحية إلى شهداءِ ثورةِ الأرز، تحية إلى باسل وسمير وجورج إلى جبران وبيار وانطوان ووليد،

تحية إلى الوسامين على صدرِ الحقيقةِ وسام عيد ووسام الحسن

ألفُ تحية لكم يا من حملتُم المهمةَ الصعبة في الصمودِ والمواجهة.

14 آذار على موعدٍ دائمٍ معكم يا شعبَ لبنان الذي تحمَّلَ ما لا يُطاق خاصةً خلالَ السنةِ الماضية.

أيها اللبنانيون، لبنان في خطر!

لبنان في خطر بسبب الانهيارِ المتسارعِ لدولتِهِ التي باتَت عاجزةً عن تطبيقِ القانون وتوفيرِ الأمنِ للمواطن، فحوّلت لبنان الى ما يُشبِهُ "الدولةَ الفاشلة".

لبنان في خطر بسبب تصاعدِ دعواتِ بعضُ أهلِ السلطةِ الى تجديدِ الصراعاتِ الأهلية، خدمةً لمشروعِها الفئوي وللنظامِ السوري الذي باتَ على طريقِ السقوط، فيحاولُ توسيع دائرة العنف الطائفي والمذهبي في اتجاه لبنان.

لبنان في خطر لأن بعض من يتولى السلطة اليوم لم يستخلص عبر ودروس الماضي، فيكرر الأخطاء ذاتها التي ارتكبها في السابق محاولاً مرة جديدة ربط مصير لبنان بمصير نظام البعث الاسدي بعدما حاول ربطه في الماضي ببعث صدّام، معرّضاً اللبنانيين لخطر التماهي مع آخر الديكتاتوريات العربية، ما يجعلهم على نحو ما شركاء في الجريمة الموصوفة التي يرتكبها النظام السوري بحق شعبه.

لبنان في خطر لأنه بات يشكل اليوم آخر نقطة ارتكاز لمشروع اقليمي ايراني فقد، مع تحولات العالم العربي، معظم أوراقه ألاقليمية، ولم يعد له من خيار سوى الاحتفاظ بموقعه في لبنان للمساومة عليه والتفاوض انطلاقاً منه.

أيها الأخوات والأخوة،

أن أولى الأولويات الوطنية اليوم هي مواجهة هذه الأخطار المحدقة بالبلاد والعمل على حماية أنفسنا وبلدنا.

فالأكثرية الساحقة من اللبنانيين، في كل الطوائف والمذاهب والمناطق، لا تريد العودة الى زمن الحرب والاقتتال، بل تريد العيش بأمان في كنف دولة تحترم مواطنيها وتحميهم.

وهذه مسؤولية الدولة بالدرجة الأولى، و لكنها أيضاً مسؤولية الجميع بما فيهم قوى 14 أذار التي دعت منذ سنة، ومن هذا المكان بالذات، الى العمل على إطلاق انتفاضة "سلام" تجدّد ربيع لبنان وتؤمّن حماية البلد من تداعيات التطورات الجارية في سوريا.

أيها الأخوات والأخوة

إننا نمد اليد الى كل أصحاب النيّات الطيبة والوطنية الصادقة، وهم الأكثرية على مستوى المجموعات المكونة للبنان، وندعوهم الى التشارك والعمل معاً لوقف الانزلاق المتمادي نحو المجهول ولبناء شبكة أمان تحول دون تجديد مآسي الماضي، وذلك من خلال:

  1. وضع حدٍّ لمسار الاختزال الذي ولّد كل هذا العنف في لبنان: اختزال السياسة في السلطة، والسلطة في الطائفة، والطائفة في الحزب، والحزب في الشخص. فأين حقوق الفرد والمواطن في كل ذلك؟
  2. إعادة الاعتبار الى اتفاق الطائف، نصّاً وروحاً، وجعله نموذجاً يُحتذى للبلدان التي تعاني مما عانينا. هذا الاتفاق يؤمّن وبشكلٍ واضح الضمانات للجماعات الطائفية كما يؤمّن وبشكلٍ واضح الحقوق للمواطنين الأفراد.
  3. العمل على وضع حد للفتنة المذهبية التي تهدّد مستقبلنا جميعاً في لبنان، مثلما تهدّد العالم العربي بحروب أهلية فعلية، وإنّ للبنان في هذا المجال دوراً فاعلا و حاسما: بإمكانه أن يؤجّج هذا الصراع القاتل ويفاقمه أو ان يلعب دورا ايجابيا و بناء فيكون قدوة" في لجمه وايقافه، وبالتالي في انفتاح عالمنا العربي نحو أفق الاعتدال وقبول الاخر.

أيها الأخوات والأخوة

أن حرب لبنان لم تنته في العام 1990 بفريقٍ غالب وآخرمغلوب، بل انتهت بعودة الجميع الى الدولة بشروط الدولة وإزالة الدويلات التي بنتها الميليشيات. واليوم، مع سقوط النظام السوري، على من يهدم الدولة من خارجها وداخلها أن يعود إليها، كي نبني حياتنا المشتركة بشروط الدولة، لا بشروط طائفته أو حزبه السياسي أو ميليشياه المسلحة.

ولهذه الغاية، علينا أولاً أن نعيد الإعتبار الى الدولة، بوصفها صاحبة الحقّ الحصري في امتلاك القوة المسلحة واستخدامها، ونشر قواتها على كامل التراب اللبناني وعلى الحدود، كل الحدود، وبمؤازرة القوات الدولية.

وعلينا ثانياً أن نحرّر الدولة من الإرتهان لشروط المجموعات الطائفية من خارج منطق الدستور واتفاق الطائف، هذا الإرتهان الذي يعطل قيامها بواجباتها الاساسية، وأن نعمل على إقامة دولة محررة من الاكراهات الطائفية والمذهبية، دولة مدنية ديموقراطية حديثة تعيد للمواطن حقه في اختيار سلطته ومحاسبتها.

وعلينا ثالثاً أن نعيد الاعتبار إلى السياسة، فنحررها من الاختزال بالطائفية والمذهبية، وأن نعمل من أجل ذلك على تحويل تيار 14 آذار إلى كتلة سياسية عابرة للطوائف تستطيع تحديث العمل السياسي وتفعيله.

ايها اللبنانيون

يراهن البعض على نفاد صبر 14 آذار،

ويراهن البعض الآخر على انفراط عقد 14 آذار،

ويراهن آخرون على تعويض خسارتهم هناك من خلال وضع يدهم على السلطة هنا.

لقد علّمتنا التجربة ومنذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري أننا قادرون أن ننقل الجبال إذا توحّدنا،

ونحن قادرون ومصممون على حمل الأمانة حتى تحقيق المطالب التي استشهد من أجلها شهداؤنا، وهي:

حرية لبنان، استقلال لبنان ودولة لبنان الواحدة المدنية الحديثة والمحررة من القيود الداخلية والخارجية.

ايها اللبنانيون جميعاً وشعب انتفاضة الاستقلال خصوصاً

أمام هذه الصعوبات العديدة لا خلاص لنا إلا بالعودة إلى سرّ ثورة الأرز، يوم تجاوز الشعب اللبناني كل الحدود والحواجز لا سيما حدود الطوائف وحواجز الخوف، فاجترح ماثرة التضامن وصنع انتفاضته المدنية السلمية الديموقراطية الإستثنائية.

وها هي الثورات العربية كلّها تنطلق من السرِّ نفسِهِ وترجع إليه في مسيرتها كلّما اصطدمت بمن يشدّها إلى الوراء او يصادر ثورتها. لقد كان الشعب اللبناني رائداً في ميدان الكرامة والحرية، وليس من شأنه اليوم أن يجلس على مقاعد الانتظار او التبعيّة!