فيما يلي النص الحرفي لتقرير اللجنة الدولية للتحقيق باغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الاسبق رفيق الحريري الذي قدمه رئيس اللجنة ديتليف ميليس الى الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان ومجلس الامن الدولي 12 ديسمبر/كانون الأول 2005.
تمهيد
1- طبقاً لقرار مجلس الأمن الرقم 1595 (الصادر عام 2005)، رفعت لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة (والمشار إليها في التقرير بـ"اللجنة") تقريرها في 19 تشرين الأول (أكتوبر) من العام 2005 (S/2005/662)، لإلقاء الضوء على نتائج المهمات التي أدتها منذ بدأت عملها في 19 حزيران (يونيو) عام 2005.
2- وفي كتاب مؤرّخ في 14 تشرين الأول (أكتوبر) عام 2005 (S/2005/651) دعا رئيس الوزراء اللبناني الأمين العام للأمم المتحدة إلى تمديد تفويض اللجنة إلى منتصف كانون الأول (ديسمبر) عام 2005. والهدف من التمديد كان تمكين اللجنة من تقديم المزيد من المساعدة إلى السلطات اللبنانية لمتابعة الخطوط العريضة العديدة للتحقيق والتي ظهرت خلال عملية التحقيق بغية تحقيق الهدف الأساس من المهمة، وهو تحديد هوية من ارتكب وخطط وساعد في الاعتداء الإرهابي الذي أودى بحياة رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري و 22 شخصاً آخر يوم 14 شباط (فبراير) عام 2005 في بيروت.
3- بعدما رفعت اللجنة تقريرها وأطلعت مجلس الأمن على محتواه في 25 تشرين الأول (أكتوبر) 2005، تبنى مجلس الأمن في 31 تشرين الأول (أكتوبر)، بناء على طلب من الحكومة اللبنانية، ووفقاً لتوصيات اللجنة بضرورة استمرار تقديم المساعدة للسلطات اللبنانية، القرار الرقم 1636 (2005)، وقد رحّب مجلس الأمن بتقرير اللجنة وقرر الأمين العام تمديد مدة تفويض اللجنة حتى 15 كانون الأول (ديسمبر) 2005.
4- وسّع القرار الرقم 1636 (2005)، وهو تابع للقرار رقم 1595، نطاق عمل اللجنة، اذ أعطاها (بين أمور أخرى) الحقوق والسلطات نفسها في الجمهورية العربية السورية تماماً كما في لبنان، إضافةً إلى سلطة تحديد مواقع استجواب المسؤولين والأشخاص السوريين وطرقه التي تعتبرها مناسبة للتحقيق، وطلب إلى السلطات السورية التعاون الكامل وغير المشروط مع اللجنة إضافةً إلى توقيف أي مسؤول أو شخص سوري تعتبره اللجنة مشتبهاً به.
5- وفقاً للقرارين المذكورين، تابعت اللجنة عملها على خطوط التحقيق عينها التي عملت عليها منذ تشكيلها. وقد تابعت اللجنة، بالتعاون الوثيق مع السلطات اللبنانية القضائية والأمنية، خطوطاً جديدة في التحقيق، واستمعت إلى مزيد من الشهود (يزيد عددهم الإجمالي حالياً على 500 شاهد)، وأكدت قائمة تتألف من 19 مشتبهاً بهم، وحللت كمية هائلة من الأدلة بمساعدة قوى الأمن الداخلي (في لبنان)، وتابعت تبادل المعلومات الناتجة عن سير التحقيق والوثائق والأدلة مع مكتب المدعي العام اللبناني.
6- في ما يتعلّق بالشقّ السوري من التحقيق، عملت اللجنة وفقاً لقرار مجلس الأمن 1636 (2005) الذي تبنّى استنتاجات اللجنة حيال ضرورة قيام السلطات السورية بتوضيح قسم كبير من المسائل التي لم تبت حتى الآن. وأتيحت فرصة للسلطات السورية لإجراء التحقيق الخاص بها في اغتيال رفيق الحريري ورفاقه في المسائل التي تتعلق باحتمال وجود علاقة لسورية بها.
7- وبموجب المرسوم الاشتراعي الرقم 96 (الصادر في 29 تشرين الأوّل/أكتوبر 2005)، شكلت لجنة قضائية سورية لإجراء تحقيقها الخاص في قضية اغتيال الحريري. وفي وقت رحّبت لجنة التحقيق بهذه المبادرة، ترى انه على اللجنة القضائية السورية ان تركّز على التحقيق الداخلي في القضية من أجل توضيح صورة سعت اللجنة الدولية جاهدة لفهمها. ولا تستطيع اللجنة السورية ان تلغي عمل اللجنة الدولية الخاص أو ان تحلّ محله. ومن جهتها، ستواصل اللجنة الدولية اتصالاتها مع السلطات السورية للمضي قدماً في مسار التحقيق السوري.
8- ومن خلال تشكيل اللجنة القضائية، أظهرت السلطات السورية رغبتها في المساهمة بجزء من مسؤولياتها لإلقاء مزيد من الضوء على ملابسات الاغتيال والمساعدة في إظهار الحقيقة. وسواء كان الدافع وراء هذه الخطوة رغبة حقيقية في التعاون في الجوهر، أم أنها أتت نتيجة الرسالة الحازمة في قرار مجلس الأمن 1636 (2005)، فلا بد من الانتظار لمعرفة ان كان سيُجرى تحقيق جوهري قانوني بشكل كامل. علاوة على ذلك، وحدها استجابة السلطات السورية الفعلية والمتواصلة تبدد كل الشكوك حول الخطوة السورية الجوهرية في القضية.
9- عقب تبني قرار مجلس الأمن 1636 (2005)، استدعت اللجنة فوراً ستة مسؤولين سوريين تعتبرهم مشتبهاً بهم. وبعد محادثات شاقة وتأخير كبير بسبب مناورات إجرائية وأحياناً أجوبة متناقضة من السلطات السورية، حدد مكان استجواب خمسة مسؤولين سوريين، وأجّل استجواب المشتبه به السادس. ولا تزال اللجنة تنتظر تزويدها مواد أخرى كانت طلبتها. وفي الوقت نفسه، عقدت اللجنة القضائية السورية مؤتمراً صحافياً مع شاهد سوري أعطى الصحافيين فرصة طرح أسئلة عليه، قبل ان تتمكن اللجنة القضائية من القيام بذلك، وناقض الشاهد الأدلة التي أدلى بها سابقاً بعد أداء اليمين أمام اللجنة الدولية. وأشارت التصريحات السورية الرسمية التي أعقبت المؤتمر والتي دعت لجنة التحقيق الدولية الى إعادة النظر في الأخطاء السابقة ومراجعة تقريرها، بشكل واضح، انه في حين كانت هناك قناة اتصال رسمية قائمة بين اللجنة والسلطات السورية في ما يتعلّق بالتعاون، كان هدف اللجنة القضائية والسلطات السورية إثارة الشكوك حول محتوى تقرير لجنة التحقيق. وشكل هذا الأمر، على الأقل، محاولة لعرقلة التحقيق من الداخل ومن الناحية الإجرائية.
10- ولكن لا بد من الإشارة إلى انه على رغم الممانعة والمماطلة، وضعت السلطات السورية تحت التصرف للاستجواب المسؤولين السوريين الخمسة الذين استدعتهم اللجنة. وحصلت الاستجوابات المكثفة خارج سورية، وفقاً لشروط حدّدتها لجنة التحقيق. وتمكّن محققو اللجنة الدولية من استجواب شاهد سوري في سورية من دون أي تدخّل في عملها. ونظراً إلى انها بداية عملية طال انتظارها، يتعيّن على السلطات السورية ان تبدي استعداداً أكبر للمساعدة من أجل إحراز تقدم في قضية يرجّح انها ستطول نظراً الى وتيرة التقدم البطيئة إلى تاريخه.
11- والى حينه، أحرزت اللجنة تقدماً مستمراً على المسار اللبناني، ولا بد من إحراز التقدم عينه على المسار السوري. ولهذا السبب، ترى اللجنة ان على سورية متابعة تحقيقها الخاص بطريقة جادة ومحترفة وأن تستجيب إلى اللجنة ضمن الأطر الزمنية المحددة بشكل كامل ومن دون قيد أو شرط، قبل تحديد ما إذا كانت تحترم بشكل كامل أحكام القرار 1636 (2005).
12- خلال الفترة القصيرة التي مرّت منذ التقرير الأخير، استمرّت اللجنة في متابعة خيوط التحقيق الذي أجري طوال الشهور الستّة الأخيرة، كما عدد من الخيوط والمصادر والأدلّة. واستمرّ التعاون الوثيق مع السلطات اللبنانيّة، خصوصاً مع مكتب المدّعي العام وقاضي التحقيق المهتم بالقضيّة. وحصل نقل المواد المتعلّقة بالقضيّة على فترات منتظمة؛ وانعقدت اجتماعات تواصل أسبوعيّة؛ وشاركت قوى الأمن الداخليّ في مراجعة النشاطات وتحليلها، بالتعاون القريب مع المحقّقين؛ كما شارك ممثّل عن مكتب المدّعي العام اللبنانيّ في إعداد المقابلات مع المشتبه بهم السوريّين.
13- اتّبعت اللجنة استراتيجيّة متعمّدة لنقل ما تتوصل إليه ونتائج جهودها تدريجاً الى السلطات اللبنانيّة ، لتعزّز سيطرة هذه السلطات على مجرى التحقيق. كما نفذ عدد متزايد من العمليّات المشتركة الهادفة إلى الأمر ذاته وإلى تعزيز الشفافيّة.
14- من 7 تشرين الأوّل (أكتوبر) إلى 10 كانون الأوّل (ديسمبر) 2005، تمّ إصدار 52 تصريح شهود و69 ملاحظة محقّقين وثماني شهادات مشتبه بهم. وحصلت ثلاث عمليّات تفتيش وتمّ الحصول على سبعة مستندات. وادخِل إلى ملفّ القضيّة ما مجموعه 37 ألف صفحة من الوثائق. وشارك في عمل التحقيق الذي قامت به اللجنة 14 محقّقاً من 10 دول أعضاء مختلفة، فضلاً عن عدد من المحترفين الخارجيّين.
15- خلال فترة تجديد التفويض في نهاية تشرين الأول، ازداد فريق التحقيق التابع للّجنة قوّةً. وأضيفت إليه خبرة آخرين في مجال البحث/ التحليل وإدارة قاعدة المعطيات الإلكترونيّة. واستمرّ التعاون الوثيق مع الإنتربول من دون تغيير. وعزز فريق الدعم ليوفّر خدمات لغويّة وأخرى متّصلة بها على نطاق أوسع. وفي الوقت الحاليّ، يضمّ طاقم اللجنة 93 شخصاً. ويستمرّ التعاون مع المنظّمات الشقيقة التابعة لمنظومة الأمم المتّحدة واستخدام قدرات الخبراء المحلّييّن في تعزيز منصّة الدعم للّجنة. ومن جديد، يقرّ المفوّض بمساهمتهم ويعرب لهم عن امتنانه.
16- إنّ اللجنة، وبالتعاون الكامل مع السلطات اللبنانيّة، تكرّر رأيها القائل إنّ التحقيق في قضيّة بهذا التعقيد يتطلّب شهوراً عدة من العمل، للتأكّد من التعمّق في خيوط التحقيق كافّةً. علماً أنّ تلاقي الإنجازات المتعدّدة في التحقيق أدّى إلى ظهور الخطوط العريضة وبداية التركيز على العناصر الأكثر حيويّة.
17- تستمرّ اللجنة في اقتفاء الآثار والخيوط التي اكتشفت في شهور التحقيق الماضية، في شأن المشتبه بهم السوريّين واللبنانيّين وشركائهم والشهود والأدلّة المأخوذة من موقع الجريمة، في ما يتعلّق بطبيعة المتفجّرات المستعملة في الاغتيال ونوعها والمعلومات حول الأدلّة الأخرى التي اكتشفت في ساحة الجريمة، وكذلك بالأفراد ممن لهم علاقة وثيقة بأحداث 14 شباط (فبراير) 2005.
18- حتّى هذا التاريخ، أجرت لجنة التحقيق الدوليّة المستقلّة مقابلات وحصلت على شهادات 19 مشتبهاً بهم. والمحّللون في طور مراجعة هذه الشهادات والتركيز على أيّ مسائل أو خيوط مهمّة يمكن كشفها، بهدف مقارنة هذه المسائل والخيوط ببقية الشهادات. ونذكر، من الأمور المعيّنة التي جرى التركيز عليها، المعلومات المتعلّقة بالتخطيط للاغتيال، بما فيه المواقع والتواريخ والأوقات والمشاركون في الاجتماعات. وتراجع التحليلات أيضاً الاتّصالات الهاتفيّة التي قام بها هؤلاء المشتبه بهم قُبيل الاغتيال وخلاله وبُعيده. وقد صُمِّمَت عمليّة المقارنة لتسهيل اختبار صدقيّة المصادر ومدى الاعتماد على المعلومات المجموعة بطريقة شاملة ومترابطة. وستساعد هذه العمليّة اللجنة على رسم صورة أفضل عن الطريقة التي تطوّرت فيها الأمور لتؤدّي إلى الاغتيال وفي الفترة التي تلته مباشرةً، بما فيه الأشخاص المتورّطون والذين أقدموا على الاتّصال بهم.
19- وتراجع اللجنة أيضاً شهادات الشهود، بهدف تحديد الإجراءات الواجب اتّخاذها، سواء كان ذلك من خلال إجراء مزيد من المقابلات، أو تحليل المكالمات الهاتفيّة أو غيرها من الوسائل التي تشكّل أدلّة، بهدف دعم الشهادات بالأدلّة أو اتّباع خيوط التحقيق المباشرة. وفي ما يتعلّق بالمسائل الأساسيّة التي حدّدها التحقيق، يقارن المحلّلون كلّ الشهادات والأدلّة الأخرى في ملفّ اللجنة لتحديد ما إذا كانت هذه المسائل تتطلّب إجراءات متابعة.
20- لبلوغ هذه الغاية، تطوّر اللجنة قاعدة معطيات رصد تفيد المحقّقين والمحلّلين، كوسيلة بحث، تساعد على التدقيق في شهادات المشتبه بهم والشهود. وستنشأ عن قاعدة المعطيات هذه تقارير ومعطيات مهمّة (خيوط)، يمكن استعادتها بسرعة في سياق معاودة استجواب المشتبه بهم والشهود وتقديم أدلّة مستقبليّة.
1- المشتبه بهم
21- حددت لجنة التحقيق الدولية، "بتعاون وثيق مع السلطات القضائية اللبنانية، إلى حينه، 19 شخصاً كـ"مشتبه بهم" في هذا التحقيق، ما يشير إلى انه بالاستناد إلى الأدلة التي حصلت عليها اللجنة إلى تاريخه، هناك سبب يدعو للاعتقاد بأن هؤلاء الأشخاص قد يكونون متورطين، بشكل أو بآخر، في تخطيط هذه الجريمة أو تنفيذها، أو مشاركين في محاولات متعمدة لتضليل التحقيق لجهة مرتكبيه. وأفيد هؤلاء الأشخاص عن وضعهم كمشتبه بهم ويتمتعون بقرينة البراءة إلى حين إدانتهم بعد المحاكمة. وعند استجوابهم، تمتع المشتبه بهم بالحقوق التي يتمتع بها المشتبه بهم بموجب القوانين اللبنانية.
22- واصلت اللجنة التحقيق في الأدلة المقامة ضد الأشخاص الذي تعتبرهم مشتبهاً بهم من خلال مقارنة إفادتهم بإفادات شهود آخرين، وتقويم هذه الإفادات من خلال مقارنتها بأدلة جُمعت بغية تقويم صدقيتهم. ويشكل هذا الأمر عملية مستمرة نظراً إلى انه خلال التطور المطرد لتحقيق معقد إلى هذا الحد، ستظهر أدلة وبراهين جديدة وشهود جدد، ما يتطلب إثبات دقيق ومقارنة بالأدلة المتراكمة كافة.
23- كما ورد في تقرير لجنة التحقيق السابق (S/2005/662، الفقرة 174)، بتاريخ 10 آب (أغسطس) 2005، أوقفت السلطات اللبنانية أربعة مسؤولين رفيعي المستوى من الأجهزة الأمنية اللبنانية بموجب مذكرات توقيف أصدرها المدعي العام اللبناني. ولا يزال الأشخاص الأربعة قيد التوقيف، ولم يعد استجوابهم خلال الأسابيع السبعة الماضية، في انتظار مواصلة جمع الأدلة حول تورطهم في الجريمة وتحليلها.
24- وتابعت اللجنة التحقيق مع أفراد لبنانيين تظهر أدلة قوية بشأن تورطهم في عملية الاغتيال، أو امتلاكهم معلومات مهمة حولها. وكما تمت الإشارة في التقرير السابق (S/2005/662، الفقرات 208 إلى 214)، لا يزال دور الشيخ أحمد عبد العال ومعاونيه، من جمعية الأحباش، يشكل خطاً أساسياً في التحقيق في ضوء مجموعة من الاتصالات الهاتفية والاجتماعات. وواصلت اللجنة التحقيق مع المعاونين، إضافة إلى التحقيق في الصلة بين الأحباش وعدد من المشتبه بهم الأساسيين. وركّزت الاستجوابات على أعضاء العائلة الذين أشارت أرقام هواتفهم وعلاقاتهم المهنية إلى صلات وثيقة بالمشتبه به مصطفى حمدان ومسؤولين لبنانيين آخرين.
أ) مسؤولون سوريون رفيعو المستوى
25- واستناداً إلى طلب لجنة التحقيق في 4 تشرين الثاني (نوفمبر) 2005، لاستجواب ستة ضباط سوريين رفيعي المستوى، عقدت اللجنة وممثل عن وزارة خارجية الجمهورية العربية السورية، اتفاقاً في شأن استجواب اللجنة خمسة مسؤولين سوريين أولاً، في مقر الأمم المتحدة في فيينا، عاصمة النمسا. كما اتفق على ان هذه الاستجوابات تخضع للإجراءات القانونية اللبنانية.
26- وبموجب هذا الاتفاق، استجوب خمسة ضباط سوريين بين 5 و 7 كانون الأوّل (ديسمبر) بصفة مشتبه بهم. وأجري كل استجواب في حضور محام سوري ومحام دولي ومترجم فوري دولي محلف. بعد الاستجواب، وقع المستجوبون على افاداتهم، وأخذت عينات من الحمض النووي منهم. وتطرق استجواب هؤلاء الأشخاص إلى مجموعة كبيرة من المسائل المتعلقة بالأدلة التي جمعتها اللجنة خلال التحقيق. وأشارت التصريحات التي أدلى بها اثنان من المشتبه بهم إلى ان كل وثائق الاستخبارات السورية المتعلقة بلبنان أُتلفت حرقاً. ومن جهة أخرى، أكدت القاضية غادة مراد، رئيسة لجنة التحقيق السورية الخاصة، عبر كتاب أرسلته إلى اللجنة في 8 كانون الأوّل (ديسمبر) 2005 انه لم يُعثر على أي دليل مادي في عملية اغتيال السيد الحريري في أرشيف الاستخبارات السورية. إلا انه ينبغي ان تحقق اللجنة في هذه المسائل في شكل أكبر.
ب) السيد زهير بن محمد سعيد الصديق
27- تقدم السيد الصديق من اللجنة بداية على انه شاهد سرّي يملك معلومات مفصلة عن اغتيال السيد الحريري (S/2005/662) (فقرة 104 – 116). وبناءً على افادته أمام اللجنة، اعتبر في وقت لاحق مشتبهاً به مرتبطاً بالتحقيق (S/2005/662) (فقرة 112). وفي 12 تشرين الأول (أكتوبر) 2005، صدرت مذكرة توقيف دولية بحق السيد الصديق، الذي كان يتخذ مكان إقامة له في فرنسا، بناء على طلب من الحكومة اللبنانية التي طلبت أيضاً تسليمه اليها. أوقف السيد الصديق من قبل الشرطة الفرنسية في 16 تشرين الأول 2005. ومنذ ذلك الحين، رفعت اللجنة طلباً إلى السلطات الفرنسية، عبر السلطات اللبنانية، للحصول على اذنه باستجواب السيد الصديق، الذي بقي في عهدة القضاء الفرنسي. ولا تزال الترتيبات جارية مع السلطات الفرنسية للقيام بالاستجواب.
28- وبهدف التحقيق بشكل أعمق في افادات السيد الصديق حول تخطيط الجريمة وتنفيذها، حصلت اللجنة على عينات من الحمض النووي الريبوزي المنقوص الأوكسيجين DNA من السيد الصديق وزوجته وأولاده وأزواج أخواته. وحللت هذه العينات لتحديد ما إذا كانت مطابقة للأدلة التي رفعت من شقة في الضاحية (الجنوبية) بيروت، حيث ادعى السيد الصديق أنه حضر اجتماعات للتخطيط للجريمة، أو من مسرح الجريمة. الا انه تبيّن انها غير مطابقة.
ب) الشهود الحسيون
29- على غرار أي تحقيق جنائي، تعتبر أساسية المعلومات التي يقدمها الشهود الحسيون الذين يملكون معلومات شخصية حول التخطيط للجريمة وتنفيذها ومنفذيها. وقد فصّل التقرير السابق بعض التفاصيل ذات الصلة التي حصلت عليها اللجنة من قبل هؤلاء الشهود. (S/2005/662) (فقرة 96 – 117). وغالباً ما يجد هؤلاء الشهود أنفسهم في خطر بسبب طبيعة منظمي الجريمة الذين يوفرون عنهم المعلومات.
1- السيد هسام طاهر هسام
30- منذ صدور التقرير الأخير، تم الكشف عن هوية أحد هؤلاء الشهود السريين: هسام طاهر هسام. وكان السيد هسام قد ظهر على شاشة إحدى قنوات التلفزيون السوري وسحب شهادته التي أدلى بها في وقت سابق امام اللجنة، والتي تورّط كبار المسؤولين السوريين في عملية الاغتيال، زاعماً انه أدلى بها قسراً. وعلى ما يبدو، يعود ظهوره على التلفزيون السوري إلى أمر أصدرته اللجنة القضائية السورية الموكلة التحقيق في عملية اغتيال الرئيس الحريري. ولا يزال التحقيق في ادعاءات السيد هسام الأخيرة مستمراً.
وقد علمت لجنة التحقيق انه قبل ان يذهب السيد هسام إلى سورية، روى إلى أصحاب مقرّبين جداً منه رواية حول عملية الاغتيال شبيهة بتلك التي رواها أمام لجنة التحقيق. ومن جهة أخرى، حصلت اللجنة على معلومات من مصادر موثوق فيها انه قبل ان يقوم السيد هسام بسحب افادته الى اللجنة علناً، أوقف مسؤولون سوريون بعض أنسباء السيد هسام في سورية وجرى تهديدهم. ويقود التحقيق الأولي إلى انه تم التلاعب بالسيد هسام من قبل السلطات السورية، ما أثار العديد من الأسئلة المهمة حول ما إذا كانت اللجنة القضائية السورية تقوم بتحقيق مستقل وشفاف ومحترف في هذه الجريمة.
2- الشهود الجدد
31- وتقدم عدد من الشهود الجدد من اللجنة بمعلومات دقيقة محتملة حول الاغتيال. وتم الاستماع إلى مصادر المعلومات الجديدة خلال الأسابيع الأخيرة، وبالتنسيق مع السلطات اللبنانية، تقوم اللجنة بالتحقيق بشكل أعمق في معلوماتهم ومحاولة التأكد منها. ونظراً الى كون هذه المعلومات قيد التقويم، وتلبيةً لضرورة حماية هوياتهم للحفاظ على سلامتهم، لا يتناول التقرير الحالي تفاصيل المعلومات التي أدلوا بها.
32- في نهاية تشرين الأول، تقدّم شاهد جديد من اللجنة بافادة شاملة ومترابطة حول الخطط لاغتيال الرئيس الحريري. وبعد التـــقويم، تبيّن ان الشاهد جدير بالثقة وأنه يمكن الوثوق في صحة المعلومات التي قدّمها. ويـــذكر ان المعلومات التي قدمها مفصّلة وخضعت لإجراءات التأكد من صحتها بمقارنتها مع معلــومات أخرى. وظهر حتى الآن انها تشبه المعلومات التي قدمها الشاهد.
33- وتشير المعلومات المفصّلة بشكل مباشر إلى مرتكبي الجريمة التي طاولت السيد الحريري ومنظميها ومنفذيها، بما في ذلك تجنيد عملاء خاصين من قبل الاستخبارات اللبنانية والسورية، وامتلاك أدوات متفجرة وتهديدات تستهدف بعض الأفراد والتخطيط لأعمال إجرامية أخرى.
34- يعزز تصريح الشاهد الأدلة القائمة حتى تاريخه ضدّ الضباط اللبـــنانيين الموقوفين إضافةً إلى ضباط سوريــين رفيعي المستوى.
35- علاوةً على ذلك، كشف التحقيق عن مزيد من المعلومات الدقيقة حول كيف كان الجهاز الأمني السوري يسيطر على الوضع الأمني في لبنان ويتلاعب به. وعلى سبيل المثال، أُفيدت اللجنة بأنه عقب اغتيال السيد الحريري، زوّد مسؤول سوري رفيع المستوى مجموعات وأفراداً في لبنان أسلحة وذخائر بهدف نشر جوّ من البلبلة في البلد، رداً على الاتهامات التي أشارت إلى تورط سوري في مقتل الحريري. وقد فتحت السلطات اللبنانية تحقيقاً منفصلاً حول التخطيط للاعتداءات الإرهابية ذات الصلة بهذه المعلومات.
ساحة الجريمة
36- يكمن العنصر الرئيس لدى التحقيق في انفجار بحجم انفجار 14 شباط (فبراير)، في الفحص الدقيق لساحة الجريمة. ويشمل هذا الأمر فحص موجودات عُثر عليها بعد الانفجار قد تشكّل مفاتيح لمعرفة طبيعة الانفجار ونوعه والمتفجّرات المستخدمة إضافة الى الطريقة التي نُفذ بها. كما يشمل استجواب الشهود الذين قد يملكون معلومات أساسية حول الأحداث التي كانت تدور في ساحة الجريمة، اما قبل الجريمة او خلالها أو بعدها، واستجواب أفراد تصرّفوا بطريقة مثيرة للريبة في جوار ساحة الجريمة. ولاحقت اللجنة هذه المداخل بهدف الوصول الى الصورة الأكثر شمولية ودقّة حول الأحداث التي أدّت الى انفجار 14 شباط (فبراير) 2005 وتلته.
37- في تشرين الأول سُلّمت لجنة التحقيق الدولية التابعة للأمم المتحدة حوالي 600 قرينة الى مكتب المدّعي العام في لبنان، بعدما خضعت للتدقيق الشرعي. وجُمعت هذه القطع بشكل أساسي من مكتب المدّعي العام في بداية التحقيق. وهي تضمّ المئات من قطع السيارات.
1- التحقيق في آلية إطلاق الانفجار
38- وفّر التقرير السابق (2005/662 الفقرات 159-169) مراجعة شاملة لفحص ساحة الجريمة. وخلال ذلك، عُثر على عدد من القطع الإلكترونية التي وُضعت جانباً كي يتمكّن الخبراء من فحصها بدقة بغية التحقّق مما إذا كانت تستطيع إلقاء الضوء على آلية تشغيل الآلة التي استخدمت لتنفيذ التفجير. وشمل التدقيق مقارنة نتائج فحص القطع مع موجودات عُثر عليها في ساحة الجريمة وتم التأكيد أنّها جزء من شاحنة الـ ميتسوبيشي كانتر.
39- نتيجة هذا التدقيق، خلص المحقّقون الى أنّ قطعة إلكترونية واحدة تعود الى كومبيوتر محمول لانها لم تتضرّر كثيراً، ولم تكن بالتالي كثيرة القرب من موقع الانفجار، وعليه لا يمكن ان تكون جزءاً من آلية تنفيذ الانفجار. ولم يعرف مصدر ووظيفة القطعتين الإلكترونيتين الأخريين اللتين تضرّرتا كثيراً ولا يمكن الوصول الى أي خلاصة حول صلتهما بآلية تنفيذ الانفجار.
2- المتفجّرات ( البقايا)
40- لحظ التقرير السابق (S/2005/662 الفقرة 145) أن الإجراءات المرتبكة التي تبنّتها السلطات اللبنانية فور وقوع الانفجار جعلت من الصعب تحديد نوع المتفجّرات المستعملة في التفجير. لكن مع فحص الخبراء لموقع الانفجار لاحقاً والقيام بالتحليلات المخبرية المناسبة، حصلت اللجنة على معلومات تحدّد نوع المتفجرات المستخدمة في التفجير. وعليه، ستتبنّى اللجنة إجراءات إضافية بغية اكتشاف مصدر المتفجرة.
3- شاحنة الميتشوبيشي
41- كما لحظ التقرير السابق (S/2005/662 الفقرات 132- 134) أظهرت كاميرات المراقبة التابعة لمصرف "اتش أس بي سي" وجود شاحنة "ميتشوبيشي كانتر" تدخل موقع الانفجار قبل وقت قصير من وصول موكب الحريري. ولدى التدقيق في ساحة الجريمة، عثر فريق المحقّقين الألمان على قطعة من المحرّك من بين قطع لسيارات أخرى. وبمساعدة فريق المحقّقين الياباني، حددت قطعة المحرّك على أنّها جزء من سيارة سٌرقت من اليابان في 12 تشرين الأول 2004. وأكدت قوى الأمن الداخلي أنّها لا تملك في سجلاتها أي معلومات عن مركبة في لبنان لديها هيكل السيارة أو رقم المحرّك نفسهما لقطع المركبة التي عثر عليها في ساحة الجريمة.
42- وبناء على طلب اللجنة، فتحت الشرطة اليابانية تحقيقاً في موضوع المركبة المسروقة. وتوصّلت الى أنّ المركبة شحنت، كاملة أو على شكل قطع، من اليابان الى دولة أخرى، الأرجح أنها دولة الإمارات العربية. ومنذ أيلول (سبتمبر)، نسقّت اللجنة تنسيقاً وثيقاً مع السلطات اليابانية والإماراتية لتعقّب تحرّكات المركبة، بما فيها مراجعة وثائق الشحن من الإمارات، وبمساعدة السلطات الإماراتية، في مسعى الى تحديد موقع متسلّمي الحاوية التي شحنت المركبة أو قطعها فيها واستجوابهم. وما زال التحقيق في هذا المجال في مراحله الاولى.
4- الأشغال/ التنقيب
43- كما ذكرنا آنفاً (S/2005/662 الفقرات 129-131) أعطى الشهود معلومات تتعلّق بالأشغال التي كانت قائمة في منطقة السان جورج في الأيام التي سبقت الانفجار مباشرة، على رغم أنه لم يصدر أي إذن رسمي للقيام بأشغال مماثلة خلال هذه الفترة. وأكّد بعض الشهود أن أعضاء من القوى الأمنية اللبنانية كانت موجودة في المنطقة لدى القيام بهذه الأشغال. وتعتقد اللجنة أن هؤلاء الشهود يتمتعون بصدقية وكانت شهادتهم متماسكة لدى تذكّرهم الاشغال التي تم القيام بها في تلك المنطقة خلال هذه الفترة الزمنية المحدّدة. وهذا الأمر عنصر مهمّ للتحقيق.
5- شريط فيديو
مصرف "اتش اس بي سي"
44- قامت اللجنة بسلسلة تحقيقات، بالتعاون مع قوى الأمن الداخلي، مع مجموعة أشخاص أثاروا الشبهات لانهم تصرفوا بغرابة قبل وقت قليل من الانفجار، أمام مبنى المصرف قرب فندق السان جورج، وذلك بالاعتماد على شريط سجلته كاميرات مراقبة المصرف في 14 شباط 2005. وعلى رغم ان اللجنة لم تستنتج ان لهؤلاء الأشخاص علاقة بأي نشاط مرتبط بالانفجار، الا ان بعض المقابلات سيكون ضرورياً لإنهاء المهمة بثقة كاملة.
6- اشلاء بشرية غير محددة الهوية
45- كما أشير في التقرير السابق، (س/2005/662 الفقرة 163- د) عثر على كمية صغيرة من الاشلاء البشرية غير معروفة الهوية في موقع الجريمة، ولا تزال اللجنة تحلل هذه الاشلاء بمساعدة خبراء في الطب الشرعي.
د- خلفية الجريمة (اضافة جديدة)
46- كما الحال في أي تحقيق جنائي من هذا النوع، سعت اللجنة الى فهم شامل لكل المعطيات للتوصل الى جميع المخططين المحتملين، وطرق التنفيذ والدوافع. ولبلوغ هذه الغاية، اللجنة الآن بصدد مراجعة ملفات كثيرة جمعتها الجهات الحكومية وتتضمن عمليات المراقبة التي قامت بها، ومقابلة الشهود والتدقيق في علاقة الرئيس الحريري وبعض الأشخاص النافذين، ومتابعة التحقيق في مسألة السيد ابو عدس، وتحليل المكالمات الهاتفية، وملاحقة أي خيط قد يوصل الى دوافع محتملة او مخططين محتملين.
وتلتقي الدلائل الظرفية عند نقطة دوافع الجريمة وهي مرتبطة في شكل وثيق بأجواء التوتر التي لحقت باستقالة الرئيس الحريري كرئيس وزراء أواخر 2004 (س/2005/662 الفقرة 94). اضافة الى ذلك، لم تتوصل اللجنة الى أي دليل قاطع يبعد الاستنتاج الذي توصل اليه التقرير السابق باحتمال تورط مسؤولين سوريين ولبنانيين رفيعي المستوى (س/2005/662، الفقرات 118-124).
1- اثر اجهزة الاستخبارات والأمن السورية واللبنانية
47- لحظ التقرير السابق الذي رفع الى مجلس الامن انه بالنظر الى تدخل الأجهزة الأمنية السورية واللبنانية في الحياة اليومية للبنانيين، وبالنظر الى مراقبتها الحثيثة لتحركات الرئيس الحريري، يصبح الاحتمال ضئيلاً جداً بتدخل طرف ثالث في مراقبة الحريري، وامتلاك الموارد اللوجستية اللازمة للتخطيط لجريمة بهذه الضخامة وتنفيذها، من دون معرفة الأجهزة الأمنية السورية واللبنانية. (س/2005/662 الفقرتان 123-124).
48-- توصلت اللجنة الى أدلة إضافية حول كيفية إدارة هذه الأجهزة للمجتمع اللبناني من خلال أجهزة لبنانية تمدها بالمعلومات. وعلى رغم ان تحليل هذه المعطيات لا يزال جارياً فإن الأدلة التي جمعت حتى الآن بدأت تعطي صورة واضحة عن هذه الأجهزة، ومن ضمنها الاستخبارات العسكرية، والأمن العام، والأمن الداخلي، وهي التي كانت تتولى عمليات المراقبة الواسعة في لبنان، ومن ضمنها مراقبة الحريري، وترصد خطوط هاتفه (س/2005/ 662/ الفقرات 118-123- 125- 128)، وليس هذا سوى جزء بسيط.
رصد اتصالات هاتفية
(الاستخبارات العسكرية)
49- كما أشير سابقا، (س/2005/662 الفقرتان 125- 128) قامت الإدارة التقنية في الاستخبارات العسكرية اللبنانية برصد دقيق ومفصل لخطوط الرئيس الحريري الهاتفية على فترة زمنية طويلة نسبياً. وكانت التسجيلات تحوّل يومياً الى مسؤولين لبنانيين وسوريين رفيعي المستوى، بينهم السادة ريمون عازار وجميل السيد ورستم غزالي وغيرهم.
50- في تشرين الثاني (نوفمبر) 2005، تقدمت اللجنة بطلب الى الاستخبارات العسكرية اللبنانية لتزودها بفهرس كامل للتسجيلات الهاتفية للرئيس الحريري بين تشرين الأول (اكتوبر) 2004 وآذار (مارس) 2005. في المقابل حصلت اللجنة على جزء غير كامل من السجل (يقع في نحو 14 صفحة) وهو اتصالات للرئيس الحريري بعائلته. وعلمت اللجنة لاحقاً ان رصد الخطوط الهاتفية كان يشمل عدداً من الشخصيات العامة والمسؤولين المهمين. فالارشيفات مُحيت، لكن بعض الإجراءات سمح باستعادة قاعدة البيانات، لمراجعتها.
51- تحليل هذه المعطيات سمح على الأقل بتكوين صورة عن الطريقة التي كانت الأجهزة الأمنية والاستخباراتية اللبنانية تراقب بها المسؤولين في لبنان، وتتشاطر المعلومات مع السوريين ، وكيف راقب الجهازان معاً السيد الحريري.
رصد اتصالات هاتفية (الأمن العام)
52- حصلت اللجنة على نسخة من تسجيلات المكالمات الهاتفية التي ذكر التقرير السابق بعضاً منها (س/2005/662، الفقرة 95) بين السيد رستم غزالي ومسؤول لبناني رفيع المستوى. وفي تشرين الأول حصلت اللجنة على قرص مدمج يتضمن تسجيلات المكالمات الهاتفية التي أجراها فرع الاستخبارات في الأمن العام. وكشف التحقيق ان الأمن العام قام بمراقبة دقيقة لعدد من الشخصيات اللبنانية والمسؤولين اللبنانيين الرفيعي المستوى. ويغطي القرص المدمج الفترة الممتدة بين كانون الثاني (يناير) 2003 وحزيران (يونيو) 2005.
53- بمساعدة محققين من قوى الامن الداخلي، تم تظهير ومراجعة نحو 26 ألف صفحة من المحادثات. وتم تلخيص محادثات جرت بين كانون الأول (ديسمبر) 2004 وآذار 2005. واعتبرت بعض المعلومات ثمينة، كما تمت مقارنة بعضها بمعلومات أخرى جمعتها اللجنة. وبعض هذه الملاحظات كاتصال من والدة ابو عدس، تعطي خلفية مفيدة. كما أن محادثات أخرى تعطي تفسيراً واضحاً لتورط شخصيات أساسية في عملية الاغتيال، وللاطلاع الواسع للأجهزة اللبنانية على تحركات ومحادثات أجرتها شخصيات لبنانية بارزة.
ج) سجلات قوى الأمن الداخلي
54- اعتقل المدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي اللواء علي الحاج من قبل السلطات اللبنانية بناء لاقتراح اللجنة في 30 آب (اغسطس) 2005 للتآمر في ارتكاب القتل بما له علاقة باغتيال السيد الحريري (S/2005/662 الفقرة 174). وفي 30 آب 2005، نفذ محققون من اللجنة وضباط في قوى الأمن الداخلي تفتيشاً في المقر الخاص للواء الحاج. وخلال التفتيش، اكتشفوا وسائط إلكترونية، بما فيها تسجيلات للبيانات قابلة للنقل، مودعة في خزنة. وبينت دراسة أولية لهذه الملفات الإلكترونية ولوثائق مرفقة أنها تضم تقارير استخباراتية سرية حول مواضيع متنوعة حصل عليها اللواء الحاج من قوى الأمن الداخلي واحتفظ بها في شكل غير مشروع.
55- بمساعدة ضباط قوى الأمن الداخلي، أكمل رئيس اللجنة مراجعة لهذه الملفات. وعزلت قراءة أولية ألف ملف تضم معلومات مهمة للتحقيق وقُدر أنها جديرة ببحث معمق. ويستمر تحليل هذه الملفات، وتوفر هذه المواد معلومات خلفية واسعة حول الوضع السياسي والأمني في لبنان خلال الفترة السابقة للاغتيال، إضافة إلى التحقيق الخاص بقوى الأمن الداخلي في الجريمة. وتكشف الملفات في شكل خاص مدى تشابك الجهاز الأمني والاستخباراتي اللبناني بالأجهزة السورية وتأثره بها.
2- "بروتوكول دمشق"
56- بحسب ما ورد في التقرير السابق، أكّد تحقيق اللجنة الدولية المستقلة أنه خلال الفترة التي سبقت الاغتيال، كان التوتر يزداد بين الرئيس الحريري والمسؤولين السوريين، وضمنهم الرئيس السوري بشار الأسد (الفقرة 25/662/2005)، وأشار التقرير السابق الى لقاء جرى بتاريخ 26 آب 2004 بين الرئيس الحريري والرئيس الأسد، وبدا أن النزاع بلغ ذروته خلال هذا اللقاء. واستناداً الى التحقيق توصلاً الى المزيد من المعلومات الواردة في شأن هذا التوتر، علم المفوّض بوجود اتفاق مزعوم شفهي بين كبار المسؤولين الســـوريين والرئيس الحريري يحدّد ما يُسمح للأخير بالقيام به وما لا يُسمح له به في ما يتعلق بسورية (ما يُسمى "بروتوكول دمـــشق").
57- وما يعتبر إشارة إضافية الى وجود هذا الاتفاق تسجيل الاتصال الهاتفـــي بين السيد غزالي والرئيس الحريري والذي جرى في 3 آب 2004، في تمام الساعة 10.30، كما يأتي:
- غزالي: "دولة الرئيس، تعقيباً على اللقاء الذي جرى والاتفاق الذي توصلنا إليه في شأن الهدنة والحملات السياسية المتبادلة بينك وبين رئيس الجمهورية، قرأت في صحيفة "المستقبل" ما يلي (...) "مسؤولون يحمون الفساد". يعتبر هذا الكلام بمثابة خرق للهدنة . لماذا هذا الموضوع، دولة الرئيس؟ ألم نتفق على وقف الموضوع؟"
- الرئيس الحريري: "(...) التصريح كان في كل الصحف، في الواقع، كنت أول..."
- غزالي: "أود أن أطرح عليك سؤالاً: دولة الرئيس، هل ما زلت ملتزماً بالاتفاق؟"
- الرئيس الحريري: "طبعاً."
58- ستبذل اللجنة المزيد من الجهد في التحقيق لتوضيح أُسُس الاتفاق وتبعاته في ما يتعلق بعملية تنفيذ الجريمة ودوافعها.
3- السيد أحمد أبو عدس
59- بحسب ما تمّ تحديده في التقرير الأوّل (الفقرات 180-182 / 662/ 2005)، تمت إعاقة تحقيق اللجنة في شأن مكان تواجد أحمد أبو عدس بسبب عدم توافر شاهدين مهمين: زياد رمضان وخالد مدحت طه. وأظهرت التحقيقات الإضافية ان الشخصين اللذين كانا على علاقة وثيقة بأبو عدس، تركا لبنان وتوجها الى سورية قبل ان تتمكن اللجنة من استجوابهما. بالتالي، تقدمت اللجنة بطلبات الى السلطات السورية للحصول على معلومات مفصلة حول مكان تواجد السيد طه، خصوصاً سجل تنقلاته من سورية وإليها. وأخيراً، وبعد أن تلقت اللجنة معلومات صحافية تفيد أن السيد رمضان مُعتقل في سورية، تقدمت مجدداً بطلب الى السلطات السورية في 4 تشرين الثاني 2005، للحصول على معلومات حول سبب اعتقاله واستجوابه.
60- لم تتلقَّ اللجنة الى حينه أي معلومات إضافية من السلطات السورية في شأن السيد طه، باستثناء أنه دخل البلاد.
61- أما السيد رمضان، فأعلمت اللجنة القضائية السورية اللجنة الدولية المستقلة انها استجوبته في 8 تشرين الثاني 2005 حول علاقته بالسيد أبو عدس. وأجرت اللجنة ترتيبات، من خلال السلطات السورية، لاستجواب السيد رمضان، وجرت عملية الاستجواب في 1 كانون الأول (ديسمبر) 2005.
62- خلال المقابلة، صرّح السيّد رمضان بأنّه التقى أبو عدس نهاية عام 2002، عندما كانا موظّفين في شركة الكومبيوتر نفسها. وكان أبو عدس أخبره عن شخص يدعى "محمّد" صادقه السيّد أبو عدس في الجامع، وهي معلومة نقلتها والدة أبو عدس إلى كلّ من السلطات اللبنانيّة واللجنة. وما أن علم السيّد رمضان من عائلة السيّد أبو عدس أنّ الأخير غادر المنزل في 16 كانون الثاني 2005 مع رجل مجهول، تساءل على الفور ما إذا كان هذا المجهول هو "محمّد". ولم يكن السيّد رمضان يعرف أحداً من الأصدقاء والشركاء الآخرين للسيّد أبو عدس، ولم يسعه تسليط الضوء على الأماكن التي قصدها أبو عدس أو هويّة "محمّد." وأكّد أنّ أبو عدس لم يملك القدرة على قيادة سيّارة ولم يكن على اتّصال بشبكة الإنترنت من بيته.
63- أعلن السيّد رمضان أنّه غادر لبنان متّجهاً إلى سورية في آذار 2005، لأنّه كان سورياً، في ضوء مزاعم حول تورّط سورية في اغتيال السيّد الحريري وكذلك لأنّه أدرك أنّ الاستخبارات العسكريّة اللبنانيّة كانت تبحث عنه. واستسلم السيّد رمضان بعد ذلك طوعاً إلى السلطات السوريّة في 21 تمّوز (يوليو) 2005، عندما علم أنّها كانت تبحث عنه. وبحسب ما أورد السيّد رمضان، اعتُقِل وبقي موقوفاً من دون أن توجّه إليه الاتّهامات منذ ذلك التاريخ وقد استجوبته الاستخبارات السوريّة ستّ مرّات. ولم يقتصر الأمر على أنّ اللجنة ما زالت تنتظر أيّ سجّلات متعلّقة بهذه الاستجوابات مع الاستخبارات السورية، ولكن خلال استجواب المسؤولين السوريّين في أيلول 2005، سأل محقّقو اللجنة في شكل خاص ما إذا كانت سورية أجرت أيّ تحقيق حول اغتيال الحريري، وقد أبلغوها أنّ سورية لم تفعل. ولم تعلم اللجنة إلاّ في كانون الأوّل 2005، ومن خلال مقابلتها مع السيّد رمضان، أنّ الأخير يشكّل محور اهتمام في التحقيق في قضيّة الحريري، وقد كان موقوفاً في سورية منذ تمّوز 2005 واستجوبته الاستخبارات السوريّة ستّ مرّات.
64- مع أنّ مقابلة السيّد رمضان وفّرت أدلّة مهمة تثبّت معلومات تملكها اللجنة في الأساس حول السيّد أبو عدس، لا يمكن الجزم في هذه الناحية من التحقيق بغير رصد ومقابلة السيّد طه وقبل التعرّف إلى "محمّد" ورصده ومقابلته.
4- تحليل المكالمات الهاتفية
65- كما تمت الإشارة سابقاً (S/2005/662، الفقرة 192)، شكل تحليل المكالمات الهاتفية محوراً أساسياً في التحقيق. فمنذ تشرين الأوّل (أكتوبر)، ركّزت اللجنة على تنظيم المعطيات الهاتفية التي حصلت عليها في قواعد بيانات سهلة الاستعمال، من أجل تسهيل استعمالها في التحليلات المستقبلية. وتطلبت هذه العملية جمع أكثر من 400 ألف تسجيل من 195 ملفاً مختلفاً (بالاستناد إلى طلبات لبيانات الاتصالات)، في قاعدة بيانات مركزية واحدة. وتحتوي قاعدة بيانات أخرى على أكثر من 97 مليون تسجيل هاتفي من الاتصالات كافة التي أجريت في لبنان بين 7 و 21 شباط (فبراير) 2005. وستسمح قاعدتا البيانات بإجراء بحث موحّد عن أي رقم هاتف ذي صلة وعن الأرقام الأخرى التي أجرى اتصالات معها، بطريقة فعالة، ما سيسهل مشاريع تحليل الاتصالات الهاتفية المستقبلية.
66- وفي الوقت نفسه، حللت اللجنة المكالمات الهاتفية التي أجراها أشخاص محددون، تحضيراً لاستجواب شهود ومشتبه بهم والتأكد من المعلومات من مصادرها. ولا شك في ان هذه المشاريع ستصبح أكثر تعقيداً بعد إنجاز قواعد بيانات الاتصالات الهاتفية. وعلاوة على ذلك، وبناء على طلب السلطات اللبنانية، تقوم اللجنة بمقارنة الأرقام الهاتفية التي جمعتها السلطات اللبنانية خلال التحقيق في تفجيرات أخرى حصلت في لبنان في الشهور التي سبقت تاريخ 14 شباط (فبراير) 2005، وتلك التي تلتها، بالأرقام الهاتفية في قواعد بيانات بهدف تحديد وجود أي صلة ما بين هذه التفجيرات الأخرى والتفجير الذي أودى بحياة الحريري والذي يتطلب المزيد من التحقيق فيه.
5- البطاقات المدفوعة سلفاً المستعملة للاتّصال بقناة «الجزيرة»
67- تبيّن أنّ تحديد هويّة مستخدم البطاقة المدفوعة سلفاً التي استعمِلت للاتّصال بقناة الجزيرة مساء 14 شباط تشكّل خيطاً مهماً، على ضوء ذلك الاتّصال الهاتفيّ والمتّصل بهم باستعمال البطاقة المدفوعة سلفاً (S-2005/662، الفقرات 199-203). وحددت هويّة مستعمل تلك البطاقة منذ ذلك الحين وقامت اللجنة بمقابلته، وبدا أنّ لديه تفسيرات منطقيّة لهذه الاتّصالات الهاتفيّة. ولكن سيكون من الضروريّ التحقيق في شكل أعمق للحصول على أدلّة بشأن هذه المعلومات.
6- الصفقات الماليّة
68- سبق أن ورد في التقرير السابق الذي قُدّم إلى مجلس الأمن، (المقطع 217) أنّ الاحتيال والفساد وتبييض الأموال لربّما شكلت ايضاً حوافز حثّت أفراداً على المشاركة في العمليّة التي انتهت باغتيال السيّد الحريري. وخلال التحقيق، تابعت اللجنة خيوطاً أدّت إلى إفلاس بنك المدينة منتصف العام 2003، وشملت صلات بمسؤولين لبنانيّين وسوريّين، وكذلك بالسيّد الحريري.
69- ليس من شأن اللجنة تحويل اهتمامها عن أيّ تحقيق موازّ في قضايا احتيال أو فساد أو تبييض أموال قد تكون حصلت. إلاّ أنّ اللجنة لا تزال تدرك أنّ هذه الأمور قد تسلّط الضوء على الحوافز التي حرّكت عدداً من الأفراد الواقعين ضمن نطاق التحقيق الذي تقوم به، خصوصاً منذ أن تلقّت اللجنة معلومات حول كون السيّد الحريري أعلن أنّه كان سيتّخذ إجراءات للتحقيق في شكل أعمق في فضيحة البنك في حال عاد إلى السلطة.
70- تم جمع سجلات الحسابات الخاصة لما يزيد على 120 فرداً وهي تخضع حالياً لإجراءات التحليل والتحقيق.
7- الأمن العام
71- منذ ان رفعت اللجنة التقرير الأخير إلى مجلس الأمن، تلقت معلومات حول مشتبه به، وهو المدير السابق للأمن العام، أخرج أموالاً بطريقة غير مشروعة من مكتبه لتمويل عمليات سرية، وربما استخدمت هذه الأموال لتمويل عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وبناءً على هذه المعلومات، جمعت لجنة التحقيق 21 ملفاً من الوثائق والسجلات إضافةً إلى أدلة أخرى من الأمن العام، وسألت عدداً من الشهود. ولا تزال المسألة قيد التحليل والمقارنة بخطوط أخرى تبقى مفتوحة للتحقيق.
8- التفجيرات الأخرى
72- ركّز عمل اللجنة، منذ إنشائها، على مساعدة السلطات اللبنانية في تحقيقها في انفجار 14 شباط (فبراير) 2005. أما الانفجارات الأخرى التي حصلت في لبنان قبل الانفجار الذي أودى بحياة الحريري وخلال فترة التحقيق، فلم تشكل حتى الآن جزءاً مباشراً من تحقيق اللجنة. ولكن، وبناء على طلب من السلطات اللبنانية، قارنت اللجنة أرقام الهاتف التي جمعتها السلطات اللبنانية في إطار عمل التحقيق في الانفجارات الأخرى مع أرقام الهاتف التي يمكن تحديدها والتحقيق فيها. ومن المفترض ان يغوص التحقيق أكثر في الروابط والأنماط الأخرى المطابقة لانفجار الحريري والانفجارات الأخرى.
9- خيوط تحقيق أخرى تجب متابعتها
73- لم يتسنّ للجنة الوقت في المهلة القصيرة المتوفّرة لها منذ نهاية تشرين الأول عام 2005 للتحقيق بإمعان في المواضيع التالية التي ذُكرت في التقرير السابق:
- طبيعة مخيّم الزبداني والنشاطات التي تجري في هذا المخيّم الذي تشير معلومات الشهود الى أنّ شاحنة الـ ميتسوبيشي كانتر شوهدت فيه قبيل الانفجار (S/2005/662، الفقرتان 110-111)
- ما إذا تأثر شخص غير السيّد الحريري بالمرسوم الرئاسي المزعوم في تشرين الثاني عام 2004 القاضي بتخفيف عدد الموظّفين الأمنيين لفرد مثل السيد الحريري (المرجع نفسه، الفقرة 119)
- تحديد الهوية والموقع والاتصالات الإضافية المتعلقة بمجموعة البطاقات الهاتفية بالدفع المسبق، بما في ذلك 8 أرقام هاتفية مهمة و10 هواتف جوالة يُعتقد أنّها استعملت لتنظيم عملية مراقبة السيد الحريري وتنفيذ الاغتيال (المرجع نفسه، الفقرات 121، 148-152)
- توثيق أوامر موظّفي قوى الأمن الداخلي بإبقاء السيد الحريري تحت المراقبة منذ نهاية كانون الثاني (يناير)عام 2005 إلى بداية شباط (فبراير) عام 2005 (المرجع نفسه، الفقرة 125)
- سبب تأخر موكب السيد الحريري عند تقاطع قبيل الانفجار (المرجع نفسه، المقطع 142)
- سبب التشويش الظاهري في الاتصالات في منطقة موقع الجريمة في 14 فبراير 2005 (المرجع نفسه، الفقرة 157)
- تحديد زمن الاتصال الرابع إلى محطة الجزيرة أو مصدره في 14 شباط عام 2005 (المرجع ذاته، الفقرة 194).
III. التعاون السوري مع اللجنة
74- في تقرير اللجنة السابق إلى المجلس، شكت اللجنة من صعوبات واجهتها في ما يخصّ التعاون الذي تقدّمه السلطات السورية. وأدّت تأخيرات كبيرة في التحقيق إلى تعاون في الشكل أكثر منه في المضمون. وقد عالج المجلس هذه المسألة في قراره الرقم 1636 (2005) لا سيما في القسم الثالث منه. وقد دعم المجلس استنتاج اللجنة بأنّه يتوجّب على السلطات السورية توضيح قسم كبير من الأسئلة التي بقيت غير محلولة. في هذا الإطار، قرّر المجلس أنّه:
أ) على سورية احتجاز أولئك المسؤولين أو الأفراد السوريّين الذين تعتبرهم اللجنة مشتبهاً بتورّطهم في التخطيط لهذا العمل الإرهابي أو رعايته أو تنظيمه أو تنفيذه، وجعلهم متوافرين بشكل كامل للجنة.
ب) تحظى اللجنة تجاه سورية بالحقوق والسلطات نفسها المذكورة في الفقرة 3 من القرار 1595 (2005)، وعلى سورية التعاون مع اللجنة بشكل كامل ومن دون شروط على هذا الأساس.
ج) ستحظى اللجنة بسلطة تحديد موقع وأسلوب مقابلة المسؤولين أو الأفراد السوريين التي تعتبرهم متعلقين بالتحقيق
75- جهدت اللجنة، التي تعي بشكل كامل الحاجة إلى متابعة تحقيقها في الوقت المناسب، لتطبيق قرار المجلس في أقرب فرصة.
76- مع عودة رئيس اللجنة إلى بيروت لمتابعة العمل اللازم للتقدّم بالتحقيق بموجب التفويض الممدّد حتّى 15 كانون الأول (ديسمبر) عام 2005، تابع الرئيس على الفور اتصالاته مع السلطات السورية للحصول على تعاونها الكامل وغير المشروط.
77- في 4 تشرين الثاني عام 2005 وفي رسالة موجهة إلى وزير الخارجية السوري، دعا رئيس اللجنة 6 مسؤولين سوريّين للاستجواب في مركز اللجنة الدولية الرئيسي في بيروت بين 15 و17 تشرين الثاني عام 2005. كما طلب الرئيس معلومات عن مكان مواطن سوري آخر، السيّد زياد رمضان (أنظر الفقرات 59-64 أعلاه) الذي أرادت اللجنة استدعاءه كشاهد. كما أشارت اللجنة الى رغبتها في استجواب وزير الخارجية في مكتب الأمم المتحدة في جنيف في 23 و24 تشرين الثاني عام 2005. وطلبت اللجنة الاطلاع على أرشيف الاستخبارات العسكرية السورية بخصوص ملفات تتعلّق بلبنان وتغطي الفترة الممتدة بين شباط وآذار عام 2005. كما طلب الرئيس من السلطات السورية أن تنقل إلى اللجنة أي دليل أو معلومات عمّن خطّط و/أو نفّذ عملية اغتيال السيد الحريري.
78- أجاب وزير الخارجيّة السوريّ على رسالة اللجنة في 7 تشرين الثاني 2005. وأشار إلى أنّ السلطات السوريّة تودّ أن تقوم بتحقيق قضائي في اغتيال السيد الحريري. ووقّع رئيس الجمهوريّة العربية السوريّة في 29 تشرين الأول 2005 على مرسوم تشريعي حمل الرقم 96 بموجبه انشئت لجنة قضائيّة برئاسة المدّعي العام في الجمهوريّة. ونصّ المرسوم على أن تبدأ اللجنة السوريّة تحقيقها مع مواطنين سوريين سواء كانوا مدنيّين أو عسكريّين وأن يتضمّن التحقيق كل المسائل المتعلّقة بلجنة التحقيق الدوليّة، وعلى التعاون مع لجنة التحقيق الدوليّة ومع القضاء اللبناني في كل المسائل المتعلّقة بسير التحقيق. وأشار وزير الخارجيّة السوريّ الى أنّ اللجنة السوريّة ستكون على اتصال مباشر مع لجنة التحقيق الدوليّة للتنسيق بهدف كشف النقاب عن (ملابسات) اغتيال الحريري، وأنّ التوصّل إلى بنية مشتركة مع اللجنة من شأنه أن يساعد في إنجاز التنسيق المطلوب.
79- في 8 تشرين الثاني 2005، دعت رئيسة لجنة التحقيق السوريّة الخاصة القاضية غادة مراد لجنة التحقيق الدوليّة لزيارة سورية بهدف التوصّل إلى الطرق والسبل الفضلى للتعاون بين اللجنتين، واقترحت أيضاً توقيع مذكرة تفاهم في هذا المضمار.
80- وكذلك في 8 تشرين الثاني 2005، ردّ مفوّض اللجنة الدوليّة على دعوات وزير الخارجية السوري ورئيسة لجنة التحقيق السوريّة الخاصة. وأشار الى أنّ اللجنة أخذت العلم بإنشاء لجنة قضائيّة سوريّة وتنتظر الحصول على أيّ معلومات و/أو أنباء تودّ الحكومة السوريّة أن تشاركها إيّاها كنتيجة لعمل اللجنة بما في ذلك مستندات الارشيف والوثائق الأخرى التي طلبها المفوّض في رسالته في 4 تشرين الثاني 2005.
81- غير أنّ اللجنة أشارت إلى أنّ إنشاء لجنة التحقيق السوريّة لن يبطل أو يستبدل الطلب الذي وضعته اللجنة في الرسالة التي وجّهتها في 4 تشرين الثاني 2005. وتوقّع مفوّض التحقيق في اللجنة الدوليّة أن تبدي السلطات السوريّة تعاوناً كاملاً وغير مشروط. ووفقاً لما ينص عليه قرار مجلس الأمن الرقم 1636 في قسمه الثالث المقطع 11 (ج)، حدّدت اللجنة تاريخ ومكان استجواب عدد من المسؤولين السوريين. ونظراً الى كون المسألة ملحّة كان لا بدّ من أن تتبلّغ اللجنة ردّاً على طلبها قبل 10 تشرين الثاني 2005، وذلك لتسهيل التدابير اللوجستيّة المتعلّقة بالاستجواب في بيروت واللقاء في جنيف.
82- في 9 تشرين الثاني 2005، تلقّى المفوّض اتّصالاً من وزير العدل السوري، القاضي محمّـــد الغفري، واقتــرح الأخيـــر توقيـــع ميثاق تعاون يمكن التفاوض عليه. وأشار الوزير إلى أنّ الطرف السوريّ اعتبر أنّ لجنة التحقيق الخاصّة التي تمّ إنشاؤهــــا بموجب المرسوم الاشتراعي الرقم 96 تشكل الهيئة السوريّة الموكلة حصراً التعاون والتنسيق مع لجنة التحقيق الدوليّة المستقلــــّة. وأجرت اللجنة الخاصّة استجواباً للأشخاص المشتبه بهم ومنعتهم من مغادرة البلاد ليكونوا متوافرين عندما تستدعيهم لجنة التحقيق الدوليّة. وأعلن الوزير أنّ الفقرة 11 (س) من قرار مجلس الأمن 1636 لم تعنِ بالضرورة أنّ على موقع الاستجواب ان يكون خارج سورية، لكنّه قد يكون إمّا في سورية، وإمّا في أيّ مكان آخر قد تختاره لجنة التحقيق الدولية المستقلّة (كمقرّ قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك، على سبيل المثال). وأشار إلى أنّ استجواب الأشخاص المشتبه بهم والشهود السوريّين قد يتمّ في موقع ثالث لا يثير أيّ مشاعر سلبيّة بين الشعبين اللبنانيّ والسوريّ. بالتالي، وبهدف إنجاح التعاون، رأى الطرف السوريّ أنّ توقيع ميثاق تعاون بين الحكومة السوريّة ولجنة التحقيق الدوليّة المستقلّة ضروريّ، خصوصاً لجهة تحديد آليّة العمل تنفيذاً للقرار 1636. وعلى الميثاق أن يُعتبر السلطة التي تنظّم التعاون بين حكومة الجمهوريّة العربيّة السوريّة ولجنة التحقيق الدوليّة المستقلّة.
83- في 10 تشرين الثاني 2005، أرسل القائم بأعمال مفوّض لجنة التحقيق الدوليّة المستقلّة بلاغاًً الى وزير خارجيّة الجمهوريّة العربيّة السوريّة، يذكّره فيه بأن اللجنة حدّدت تاريخ 10 تشرين الثاني 2005 كمهلة نهائيّة للحصول على إجابة بشأن مطالب اللجنة الصادرة في 4 و8 تشرين الثاني 2005. وفي اليوم ذاته، صرّح الممثّل الدائم للجمهوريّة العربيّة السوريّة لدى الأمم المتّحدة بأنه عجز عن نقل بلاغه لوزير الخارجيّة لأنّ الطرف المخوّل معالجة كل المسائل المتعلّقة بالتحقيق هو اللجنة القضائيّة السوريّة.
84- في 18 تشرين الثاني، وبطلب رسمي من المستشار القانوني لوزارة الشؤون الخارجيّة في الجمهوريّة العربيّة السوريّة، وافق المفوّض على لقاء ممثّلين عن الوزارة في برشلونة. وتمحور النقاش حول المقابلات المطلوبة مع المسؤولين السوريّين ومقرّ إجراء المقابلات والميثاق المقترح للتعاون. ووعد الطرف السوريّ بتقديم إجابة رسميّة في الأيّام المقبلة.
85- في 21 تشرين الثاني 2005، قدّم الممثّل الدائم للجمهوريّة العربيّة السوريّة لدى الأمم المتّحدة الى رئيس مجلس الأمن مذكّرة شفويّة في شأن تطبيق قرار مجلس الأمن 1636. ونُقلت المذكّرة الشفويّة إلى أعضاء اللجنة في 22 تشرين الثاني 2005.
86- في 22 تشرين الثاني 2005، اتّصل المستشار القانونيّ لوزارة الشؤون الخارجيّة في الجمهوريّة العربيّة السوريّة بالمفوّض لطلب المزيد من الوقت لدرس المواضيع التي تمّت مناقشتها خلال اجتماع برشلونة. وأشار المفوّض إلى أنّه سيكون ممتنّاً لو حصل على إجابة نهائيّة في الأيّام المقبلة. وخلال اتّصال لاحق بالمستشار القانونيّ في 24 تشرين الثاني 2005، كرّر المفوّض الحاجة إلى الاستجابة السريعة، وفي تاريخ لا يتعدّى 25 تشرين الثاني. وفي هذا التاريخ حصل المفوّض على ردّ إيجابيّ.
87- في 5 و7 كانون الأوّل 2005، تمّت مقابلة المسؤولين السوريّين الكبار في مقرّ الأمم المتّحدة في فيينا.
4- استنتاجات وتوصيات
88- إنّ استنتاجات اللجنة التي ظهرت في التقرير الأوّل (س/2005/62، القسم 4) تبقى سارية المفعول. وفي الوقت الممتد بين صدور التقرير الأوّل وبين هذا التقرير، استمرّ التحقيق لتطوير خطوط تحقيق متعدّدة عزّزت ربّما هذه الاستنتاجات.
89- من المهمّ الحفاظ على النمط الثابت لخطوط التحقيق الأساسيّة. وتتطلّب عمليّة تقارب الأدلّة ومراجعة الشهادات والتحقّق منها بدقّة بعض الوقت. ويجب ألا تلهي الأحداث الخارجيّة اللجنة عن المدّة التي أعطاها إياها مجلس الأمن لتساعد على التعريف بمنفّذي ومنظّمي العمل الإرهابيّ الذي وقع في بيروت في 14 شباط 2005 والشركاء فيه ورعاته، كما يجب ألا تُستخدم لهذا الغرض.
90- الخطوات التالية التي يجب اتّخاذها في التحقيق جليّة في عمل اللجنة في مساعدة السلطات اللبنانيّة: على الاستمرار في متابعة خطوط التحقيق الموجودة في شتّى نواحي القضيّة، على تقويم العناصر الجديدة التي تمّ لفت الانتباه إليها وملاحقتها، على تلقّي - في أيّ وقت كان - التعاون الكامل وغير المشروط من السلطات السوريّة، وعلى رفع التقارير حول التقدّم المحرز إلى مجلس الأمن ضمن أوقات منتظمة. حتماً، أيّ تأخير في المتابعة مع أيّ من هذه العناصر سيكون له تأثير عليها كلّها. وفي هذا الإطار، سيكون مفيداً أن تستجيب إحدى الدول الأعضاء التي طُلبت منها مساعدة خاصّة إلى طلبات اللجنة.
91- تحافظ اللجنة على وجهة نظرها التي عبّرت عنها في تقريرها الأوّل حول وجود عدد من الدوافع الشخصيّة والسياسيّة وراء اغتيال السيّد الحريري. وتمّ تدعيم وجهة النظر هذه من خلال نواحٍ عديدة تتمثّل في الأدلّة والإفادات المقدّمة منذ تشرين الأول 2005.
92- كذلك عزّزت اللجنة والسلطات القضائيّة والأمنيّة اللبنانيّة تعاونها في الأسابيع الأخيرة تحقيقاً لهدفهما المشترك وهو الكشف عن الحقيقة. وتملك السلطات اللبنانيّة الإرادة والقدرة على الاستمرار في التحقيق في لبنان. ولكن، نظراً إلى التداعيات الأوسع لخطوط التحقيق المتعدّدة، من الضروريّ أن تستمرّ اللجنة الدوليّة في دعم التحقيق داخل لبنان وخارج حدوده على حدّ سواء ليتمّ التحقيق في شكل شامل في كلّ نواحي القضيّة وللوصول إلى نتيجة مرضية.
93- إنّ قرار مجلس الأمن الرقم 1636 لا سيّما القسم الثالث منه يبقى بالنسبة إلى اللجنة فترة زمنيّة واضحة لمدّة عمل التحقيق. وفي هذا الإطار، تملك اللجنة الصلاحيّة الكاملة في سعيها وراء الشهود والإفادات خارج الحدود اللبنانيّة لطلب المعلومات وتلقّيها ولاستدعاء الشهود والمشتبه بهم (وإن دعت الحاجة ان تطلب اعتقالهم أو توقيفهم)، ولتطلب الموادّ الثبوتيّة من دون أي شرط أو ضغط أو تدخّل في تلك العمليّة. لكن اللجنة لا تستطيع أن تتحكّم بعقارب الساعة. ومن المهمّ أيضاً التعاون مع اللجنة في الوقت المناسب وبطريقة واضحة.
94- إنّ اللجنة تدرك الطلب الذي صدر بتاريخ 5 كانون الأول 2005 والذي تقدّمت به الحكومة اللبنانيّة عملاً بالفقرة 8 من قرار مجلس الأمن 1636 لتمديد عمل اللجنة لفترة معيّنة. ونظراً إلى أنّ خطوط التحقيق المهمّة بعيدة عن نهايتها وإلى أنّ السلطات السوريّة بدأت تظهر التزامها تجاه المجلس، توصي اللجنة بتمديد عملها لفترة لا تتعدّى 6 أشهر. وسيتجنّب قرار كهذا التحوّل المحتّم عن العمل الجوهريّ في اللجنة الذي يرتبط بتمديد عملها لفترات قصيرة
95- تعوّل اللجنة على التعاون الكامل وغير المشروط للسلطات السوريّة في المرحلة التالية من التحقيقات ليتمّ التأكيد على كل نواحي القضيّة".
لقراءة التقرير باللغة الانكليزية الرجاء الدخول الى Gallery وتحميل الملف.