ندوة التسويات السياسية والوضع المالي والنقدي

ندوة التسويات السياسية والوضع المالي والنقدي
الخميس 2 مايو, 2019

ندوة: بين التسويات السياسية والوضع المالي والنقدي

 

استضاف مركزLCRS Politia الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور توفيق كسبار في ندوة حوارية حول التسويات السياسية والوضع المالي والنقدي في لبنان. بحضور السيدات والسادة احمد السنكري، ايلي الحاج، ايلي قصيفي، توفيق كسبار، توفيق هندي، حنا جرّوج، حنا صالح، خليل طوبيا، ربى كبارة، ريمون معلوف، سامي شمعون، سعد كيوان، سناء الجاك، سوزي زيادة، سيرج بو غاريوس، طوني حبيب، فارس سعيد، فيليب دوبسترس، كمال الذوقي، نعمة لبس.

افتتح الندوة الدكتور فارس سعيد بأسئلة تتعلق بالنظام المالي اللبناني ومسؤولية المصرف المركزي والطبقة السياسية بالحالة التي وصل إليها لبنان اليوم.

ثم ألقى الدكتور كسبار كلمته التي تلخصت بما يلي:

1-         إن خطر الانهيار النقدي يأتي في كل الدول تقريباً نتيجة العيش لعدة سنوات فوق قدرات تلك الدول، مما يجبرها على الاستدانة المستمرة. الحال نفسها في لبنان حيث مؤشرات الخطر الواضحة تكمن في التنامي المستمر في عجز الموازنة الحكومية، كما تنامي العجز في ميزان المدفوعات منذ عدة سنوات في حين لم نشهد عجزاً لأكثر من سنتين متتاليتين منذ الاستقلال.

ما يزيد من أزمة العجز والدَين الحكوميين كونهما في الأساس نتيجة نفقات جارية وليس استثمارية. فمن 244 مليار دولار أنفقتها الحكومات خلال 1993-2018، فقط حوالي 8% كانت نفقات استثمارية، بما فيها "الهدر"، والثلث لكل من الفوائد على الدَين والرواتب وملحقاتها.

2-         مشكلة السياسة النقدية وهندساتها المالية المستمرة منذ أوائل الألفية الجديدة هي أشدّ خطورة من المشكلة المالية المتمثلة بالعجز والدَين الحكوميين. والمفارقة أنها تبقى خارج نطاق المساءلة من قِبل الحكومة، أو المجلس النيابي، أو السلطات الرقابية، أو حتى الإعلام.

أدّت سياسة الفوائد السخية للمصارف بنسب أعلى بكثير منها في الأسواق العالمية إلى خسائر تتراكم منذ 2002 حين توقّف مصرف لبنان عن نشر حساب الأرباح والخسائر (منهجياً، تُضاف هذه الخسائر إلى عجز الموازنة)، كما أدّت إلى تناقص تسليف المصارف للقطاع الخاص بأكثر من 10 مليار دولار منذ آخر 2017 وذلك لصالح التسليف لمصرف لبنان، وهو أكثر ربحيّة. إلا أن الأخطر في نتائج السياسة النقدية هو ربط وضعيّة المصارف بمصرف لبنان بشكل غير صحي إذ أصبح أكثر من نصف مجمل ميزانيات المصارف يمثّل قروضاً لمصرف لبنان وحده، وحوالي ثلثي هذا المجمل قروضاً للقطاع العام (مصرف لبنان والحكومة).

3-         إن التسويات السياسية القائمة في لبنان تعني التخلّي لحزب الله عن القرارات السيادية من سياسة خارجية وأمن داخلي وخارجي. إن التخلّي عن القرار السيادي أدّى إلى غياب المساءلة، والمحاسبة، والمعارضة للسلطة. لم يبقى كرادع وحيد للدفاع عن السيادة وعن حقوق المواطن الأساسية إلا الدستور والقانون ... الذي لا يُطبّق جهارة لكي تدوم محاصصات المنافع على مستوى السلطة!

فالنفقات الحكومية هي من دون موازنات، والموازنات من دون قطع حساب، والمؤسسات العامة من دون حسابات. لقد تحوّلت المشكلة الأساسية الناجمة عن فقدان القرار الوطني المستقل إلى مشاكل تقنية، على أهميتها، من بيئة وكهرباء وفساد، إلخ... المشكلة هي في الأصل، أي فقدان السيادة، وليست في فروعها العديدة وأهمها الانحدار السريع إلى أزمة مالية ونقدية غير معهودة.

4-         نحن بحاجة إلى إجراءات إنقاذية سريعة، وقد تكون الفرصة الأخيرة، لوضع حدّ لمخاطر الانهيار المالي والنقدي المتزايدة. إجراءان محدّدان:

  • إعلان مجلس الوزراء وضع سقف لعجز موازنة عام 2019 يبلغ حدّه الأقصى حوالي 4 مليار دولار، مع تخفيض سنوي تدريجي للعجز أقلّه نصف مليار دولار سنوياً خلال السنتين التاليتين. سر نجاح هذا التخفيض يكمن في توزيع الأعباء على الجهات الأساسية من أصحاب مصالح في السلطة والمصارف. ومصادر الايرادات عديدة: جمارك، أملاك بحرية، مقالع وكسّارات، نفط وكهرباء ...
  • إخضاع سياسات مصرف لبنان للمساءلة، بالأخص هندساته المالية وكلفتها العالية، بهدف عودة المصارف تدريجيًا إلى أداء دورها الطبيعي والانخراط مجددًا في دورة النشاط الاقتصادي.