ملحق رقم-3-
المحتويات:
فقرة استهلالية (المشكلات)
منذ أن عصفت الحرب الداخلية بلبنان في العام 1975 والمالية العامة في لبنان تشهد، وبدرجات متفاوتة في الفترات المختلفة، تراجعاً مستمراً ومتزايداً في أكثر من مجال. أكان ذلك في مبلغ العجز السنوي المتزايد الذي أصبح يكوِّنُ ديناً عاماً يتزايد سنة بعد أخرى. أم كان فيما يتعلق بالتفلت المتزايد والمستفحل أحياناً من الضوابط اللازمة والضرورية للحفاظ على سلامة المالية العامة. او كان لجهة الخروج عن قاعدة الانتظام العام في المالية العامة حيث لم يعد بإمكان وزارة المالية وبالتالي الحكومات المتعاقبة من القيام بدورها الصحيح في وضع القواعد اللازمة لإعداد مشاريع الموازنات أو تقديمها أو إقرارها ضمن المهل الدستورية، وذلك باستثناء الفترة الممتدة من العام 1994 وحتى العام 2004.
كذلك تراجعت درجات الالتزام بالمبالغ المحددة للإنفاق والملحوظة في الموازنات العامة. كما تراجعت مستويات الالتزام بالضوابط الملحوظة في قوانين الموازنات العامة أو في قانون المحاسبة العمومية. من جهة أخرى، فقد استمر عدم الالتزام بمراجعة قطوع حسابات الموازنات من قبل ديوان المحاسبة، لكون الديوان كان ومازال يهتم بالرقابة المسبقة على الإنفاق ودونما أي اهتمام يذكر بالرقابة اللاحقة على الإنفاق. كذلك أيضاً وعلى ما يبدو أنه لم يسع بشكلٍ كافٍ لكي تتوفر الإمكانية الحقيقية له، ولاسيما على صعيد الكفاءات المحاسبية اللازمة لدى المحاسبة العامة لمراجعة مستندات إقرار الحسابات الختامية لحسابات المهمة (حسابات الخزينة).
في المحصلة، وعشية العام 1993 أصبحت المالية العامة في حالة يائسة فاقمها الدمار والتهجير الكبير الذي تعرضت له عدد من أبنية الدولة اللبنانية وتحديداً أبنية وزارة المالية وتجهيزاتها ومعداتها وذاكرتها ومستنداتها وملفاتها. يضاف إلى ذلك كله المشكلات التي نتجت عن طول الفترة الممتدة من تاريخ اندلاع الحرب حتى تأليف أول حكومة لبنانية بعد اتفاق الطائف. وذلك ما حدّ كثيراً من قدرة كوادر الوزارة على المواكبة مع المتغيرات الطارئة على حجم الأعمال وتنوعها ومصاعبها المستجدّة، بسبب عدم القدرة على متابعة تطوير الكفاءات والمهارات الموجودة والمطلوبة لإنجاز هذا العمل. كذلك بسبب عدم القدرة على متابعة تطوير الكفاءات والمهارات والبرامج والتجهيزات والأدوات المتاحة لمديريات الوزارة ودوائرها. ذلك مما أدى إلى الاستمرار في الاعتماد وإلى حدٍّ كبير على القيود اليدوية وعلى القواعد المحاسبية القديمة (نظام القيد المنفرد). وبالتالي وفي المحصلة عدم المبادرة أو عدم توفر القدرة على المبادرة إلى إجراء التعديلات الضرورية على الأساليب والبرامج الموضوعة لتتلاءم مع توسع وزيادة عدد ومبالغ القيود وحجم العمليات المحاسبية وتعقدها في ظل الأوضاع الوطنية والأمنية والإدارية والسياسية المتشنجة وغير المستقرة بسبب المشكلات المتراكمة على مدى عقدين ماضيين. وفي ضوء المشكلات الجديدة التي نشأت في مطلع التسعينات من القرن الماضي والتي لم تكن في الحسبان، فقد فرضت تلك المشكلات مجتمعة اعتماد مقاربات ومعالجات لها بطرق وأساليب جديدة ومتطورة اقتضاها تغير الزمان والأحوال والأدوات والأساليب وتغير الظروف والأوضاع، حيث لمم يعد من الممكن الاستمرار في الاستسلام إلى تداعيات تلك المتغيرات ودون القيام بالمبادرات اللازمة لإيجاد الأرضية الصالحة لمعالجة للتصدي لتلك المشكلات بمقاربات وأساليب جديدة.
لمعالجة تلك الحال الصعبة والمتفاقمة السائدة في لبنان عموماً وبما خصّ وزارة المالية على وجه الخصوص والتي كانت تقتضي جهداً استثنائياً للخروج منها وهو ما يمكن تبينه في هذه الدراسة المعنونة بمسائل في المالية العامة.
* * * *
أولاً: مسألة إعداد وإقرار الموازنات العامة [إعادة الانتظام الى المالية العامة].
ثانياً: مسألة إعداد وإقرار قطوع الحساب للموازنات العامة ومسألة إعداد وإقرار حسابات المهمة.
ثالثاً: مسألة الإنفاق العام خلال الأعوام 2006- 2009 ضمناً [حكاية الاحد عشرة مليار دولار].
رابعاً: مسألة "الإبراء المستحيل" والرد عليه في "الافتراء في كتاب الإبراء" والتداعيات السلبية للاحتقانات السياسية التي أسهمت في عدم إقرار الموازنات منذ العام 2006.
خامساً: مسألة مشروع قانون مراجعة وتدقيق حسابات الأشخاص المعنويون والعموميون.
سادساً: عودة إلى مقتضيات التلاؤم مع احتياجات المستقبل.
سابعاً: الخاتمة.
مقدمــــــة
قبل حوالي ستة أعوام وتحديداً في 2/3/2012 عقدتُّ مؤتمراً صحافياً لتبيان الحقائق ودحض المزاعم حول مسألة ما سمي بالإنفاق من خارج القاعدة الاثني عشرية ومسألة إعداد وإقرار قطوع الحساب للموازنات العامة. ولقد جرى ذلك في خضم حملة إعلامية قَصدَ منها من افتعلها إيهام اللبنانيين بوجود فضيحة في وزارة المالية.
ولهذا الغرض جرى الترويج لشائعة عن إنفاق إضافي مجموعه حوالي احد عشرة مليار دولار على مدى السنوات 2006- 2009. وكان ذلك من أجل التأثير سلباً على الرأي العام اللبناني. وبناء على ذلك، فقد جرى الترويج إلى أنه لا يُعرَف كيف أُنفقت تلك المبالغ ولا على ماذا صُرفت. ولقد ذهب بعضهم إلى حدّ القول انها مبالغ جرى إنفاقها منذ العام 2006 ولم يجرِ تسجيلها في قيود الوزارة وأنه لا توجد مستندات بشأنها ولا أحد يعرف مصيرها... إلى غير ذلك من الأقاويل والادعاءات والاتهامات التي بيناها قبلاً ونبينها لاحقاً من كون تلك الادعاءات باطلة بطلاناً مطلقاً.
كذلك جرى الترويج لشائعة عن عدم إعداد أو إقرار قطوعات حساب الموازنات العامة كما يجب وكما تنص عليه المادة 87 من الدستور.
ولقد أسهمت تلك الحملة من الشائعات المغرضة في صرف انتباه اللبنانيين عن قضاياهم الأساسية الداهمة ولاسيما فيما خصّ الالتزام بالإصلاح لتحقيق النهوض بشتّى أشكاله، وحرفهم عن التركيز على أمور هامة كثيرة ومنها ضرورة بذل كل الجهد الممكن للعودة إلى الانتظام في إدارة المالية العامة، وبالتالي إلى ضرورة العودة إلى إعداد وإقرار الموازنات العامة السنوية وفي مواعيدها الدستورية.
إنه وبالرغم من الايضاحات والبيانات والإثباتات الدامغة التي قُدِّمت في حينه لإيضاح الأمر لجميع اللبنانيين، ظل البعض يُروِّجُ لتلك الشائعات ظناً منه انه بتكرار تردادها، قد تصبح حقائق ثابتة في ذاكرة اللبنانيين والتي كان آخرها الرسالة المفتوحة التي وجهتها إلى فخامة رئيس الجمهورية ميشال عون بتاريخ 02/11/2018 والموجودة ربطاً.
من أجل ذلك كله، أردت ومن خلال هذا العرض الموثق، أن أبيّن مرة جديدة كل الحقائق والمعطيات أمام الرأي العام اللبناني ليكون على بيّنة كاملة ودائمة بكل ما يتصل بهذا الموضوع.
لقراءة الدراسة كاملة الرجاء الدخول إلى الـ Gallery وتحميل الملف.