عندما يطرح على بساط البحث اليوم سؤال: ما هي القضية المركزية في لبنان؟ هناك جواب واحد لا غيره والذي يجب ان يتقدم سائر الأجوبة، هو نزع سلاح حزب الله.
منذ إتفاق الطائف الذي أنهى أطول فترة في حرب لبنان عام 1975 والتي لا تزال مستمرة بأشكال مختلفة حتى يومنا هذا ، كان هناك بند أساسي في هذا الاتفاق هو نزع سلاح الميليشيات، والتي لم يبق منها ، بعد مرور 33 عاما على إنجاز هذا الاتفاق، سوى حزب الله وسلاحه.
منذ ذلك التاريخ ولغاية الان يجري تبرير بقاء هذا السلاح بإسباب شتى. فقيل أولا في تسعينيات القرن الماضي ، أن هذا السلاح باق لغاية تحرير الجزء المحتل من لبنان في جنوبه. لكن هذا التحرير تحقق بإنسحاب قوات الاحتلال الاسرائيلي عام 2000 تنفيذا للقرار الدولي الرقم 425 والذي هو آخر قرارات زمن السلاح الفلسطيني في لبنان ، فرحلت هذه القوات لكن سلاح الحزب بقي ولم يسحب.
ثم قيل في بداية هذا القرن، ان سلاح حزب الله ضروري حتى تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، لكن هذا لم يتحقق حتى يومنا هذا. في المقابل، تسبب هذا السلاح بالحرب المدمرة عام 2006، والتي شنتها إسرائيل وكادت أن تنهي لبنان. فكان إن ولد القرار 1701 ، ومن بين بنوده سحب سلاح حزب الله وإعطاء الدولة اللبنانية الدور الكامل لحفظ على كامل أراضي هذا البلد. لكن طوال فترة 2006 ولغاية اليوم كانت ذريعة "حزب الله" ثلاثية "الشعب والجيش والمقاومة" والتي نال من خلالها أهم غطاء مسيحي في تاريخ لبنان ممثلا بالتيار الوطني الحر، فكان ان ترسخ السلاح اللاشرعي مقابل فوز زعيم ومؤسس التيار العمد عون برئاسة الجمهورية عام 2016 والتي ستنتهي ولايته بعد أيام.
وآخر الذرائع لتغطية بقاء سلاح حزب الله ، كان الترسيم البحري الذي سنشهد الاحتفال بولادته يوم الخميس من هذا الأسبوع في الناقورة. ولو العيب والحياء كما يقال، يجدر بالأمين العام ل"حزب الله" او من يمثله ان يتصدّر الوفد اللبناني الى الناقورة ، لإنه هو صاحب الفضل وليس من يزعم انه صاحبه والذي سيرحل عن قصر بعبدا في نهاية هذا الأسبوع.
لكي نفهم ماذا يعني الترسيم البحري وبقاء سلاح حزب الله، نقتبس من مقال كتبه فريديرك هوف ، أول وسيط أميركي في مفاوضات الترسيم بين لبنان وإسرئيل ونشرته صحيفة النهار اليوم. يسأل هوف:"ماذا يحصل إذا وجّهت إسرائيل الى لبنان إشارة الى أن السلام الملبّي لحاجات الجانبين سيتضمّن نقل مزارع شبعا وتلال كفرشوبا الى لبنان؟
ماذا سيكون رد فعل "حزب الله" على عرض إسرائيلي كهذا؟ لا يبدو المرء مستعداً لخسارة مال في الرهان على ذلك، جرّاء استمرار التمسّك بالحق الأبدي بحمل السلاح وبالعزم على تحرير القدس." إنتهى الاقتباس من مقال هوف.
ماذا بعد؟ عنوان حلقة النقاش الذي نشارك فيها هو "في مواجه الاحتلال الدستور والشرعيات العربية والدولية". والاحتلال الذي ليس سواه باق، هو الاحتلال الإيراني والمقنّع بسلاح حزب الله. هل علينا أن ننتظر حربا أخرى في لبنان او العالم كي يكون هناك قرار أممي جديد لنزع سلاح حزب الله؟ تلك هي المسألة وتلك هي المعضلة.