صباح الخير جميعاً،
انا وداد جربوع من فلسطين وسوريا ولبنان، فخورة بهذا التنوع وفخورة بانتمائي العربي.
الحضور الكريم،
أرحب بكم هنا في العاصمة الفرنسية حاضنة الثقافة والحرية والديموقراطية، ولا يسعني إلا أن أقدم الشكر أولاً للبلد المضيف، وأرحب بكم من حيثُ ما أتيتم من لبنان، سوريا، فلسطين، الاردن، مصر، العراق، لنشارك اليوم في المؤتمر المسيحيين العربي الاول من تنظيم مركز LCRS Politica، نلتقي اليوم في لحظةٍ تشهدُ بلادُنا حراكاً شعبياً متعاظماً ينشد الحرية والديمقراطية ويسعى لدولة الحداثة والقانون.
في الآونة الأخيرة صدرت أصواتٌ تنادي بحمايات "زائفة" للأقليات الدينية والعرقية والثقافية في بلادنا على حساب الهدف الأسمى والمشترك، وإذا بنا أمام خياريين إما الإنتماء لدولة مدنية انسانية تحترم كل فرد فيها أو البحث عن كهفٍ مظلمٍ ننشد فيه حمايةً وهمية.
لقد شهدت بلادنا محنة كبرى بانبعاث التطرف العنيف السني والشيعي تحت عناوين ويافطات مختلفة ومتنوعة، هدّدت وجود الدولة الوطنية، كما طاول هذا العنف المسيحيينواقليات دينية وعرقية غير مسيحية فضلاً عن الأكثرية المسلمة، مما أسفر عن قلق متعاظم يستمد مشروعيته من انفلات العنف وغياب المشروع الحامي والحاضن لهم، وفي مواجهة احياء المشروع العربي الوطني الجامع، فذهب البعض للبحث عن حل خارج الاطار المنشود للشعوب في منطقتنا.
يأتي هذا المؤتمر ليضع اشكالية الاقليات الدينية والعرقية كجزء من اشكاليات مجتمعاتنا الساعية لبناء الدولة الوطنية الحديثة القائمة على عقد اجتماعي حداثي يعتمد على مفهوم المواطنة اساساً دستورياً، كما جاء في وثيقة الاخوة الإنسانية من اجل السلام العالمي والعيش المشترك "أنَّ مفهومَ المواطنةِ يقومُ على المُساواةِ في الواجباتِ والحُقوقِ التي يَنعَمُ في ظِلالِها الجميعُ بالعدلِ؛ لذا يَجِبُ العملُ على ترسيخِ مفهومِ المواطنةِ الكاملةِ في مُجتَمَعاتِنا، والتخلِّي عن الاستخدام الإقصائيِّ لمصطلح "الأقليَّاتِ" الذي يَحمِلُ في طيَّاتِه الإحساسَ بالعُزْلَةِ والدُّونيَّة، ويُمهِّدُ لِبُذُورِ الفِتَنِ والشِّقاقِ، ويُصادِرُ على استحقاقاتِ وحُقُوقِ بعض المُواطِنين الدِّينيَّةِ والمَدَنيَّةِ، ويُؤدِّي إلى مُمارسةِ التمييز ضِدَّهُم.
وفي سياق بناء مستقبلنا لا بد من تطوير رؤيتنا لنظام المصلحة العربية المشتركة بما فيها رؤية لمستقبل واعد يلبي طموح وأهداف الشعوب، فإن الهيئة التحضيرية تضع في صلب اهتمامها اعادة الاعتبار إلى خيار الإندماج المسيحي في المنطقة وتظهير معالمه الاساسية على قاعدة المسؤولية والمواطنة المشتركة، كما نسعى إلى توثيق الحوار والتعاون بين النخب وقيادات الرأي العام بالتواصل مع المرجعيات الوطنية الاقليمية والدولية من اجل تعزيز شبكات الامان لمجتمعنا.
الحضور الكريم،
سنستمع أولا لكلماتٍ من قادة الرأي والسياسة ثم نتابع اعمال المؤتمر بثلاث جلسات نقاش تحت العناوين التالية :ظاهرة العنف في المنطقة، والعنف الارهابي على وجه الخصوص، أطروحة "تحالف الاقليات الدينية في المنطقة بوجه الاكثرية العربية السنٌّية، ومطلب توفير الحماية الخارجية للمسيحيين، الدولة الوطنية في المنطقة العربية، والعروبة، والعمل العربي المشترك".