بيان لجنة مُتابعة مؤتمر المسيحيون العرب حول تغيير وضع متحف آيا صوفيا

بيان لجنة مُتابعة مؤتمر المسيحيون العرب حول تغيير وضع متحف آيا صوفيا
الأربعاء 15 يوليو, 2020

في ظل عالم تتنازعه الصراعات والحروب وتهدد استقراره كوارث وبائية وطبيعية تتزايد ضرورة استعادة المُشترك الإنساني لمكانته ومنحه الأولوية على أي اعتبارات أُخرى، ولعل من أبرز نقاط احياء هذا المُشترك هي المُقدسات الإنسانية، حوامل الإرث التاريخي الديني والحضري المُشترك والتي تزخر بها بلداننا، بكونها مهد للأديان السماوية ولتتالي الحضارات ضمنها.

فلطالما شكّل الإرث الديني نقاط تلاقي ترتكز عليها الإنسانية كما ارتكزت عليها الثقافة العربية كخط اعتدال تشهد على أُسسه كنيسة القيامة في بيت المقدس، هذا الخط الذي شكّل روافع الوجود المُشترك واستمر دافعاً للمسيحيين العرب كما للمُسلمين بالاتجاه نحو بناء دول تحترم جميع الأديان والمعتقدات بعيداً عن زجّها بالسياسة وعن تسخيرها لخدمة اهداف أيديولوجية سياسية لا تتقاطع مع جوهر الأديان كركائز أخلاقية وقيمية.

من هذا المنطلق، يرى أعضاء لجنة متابعة مؤتمر المسيحيون العرب أن الخطوة التي اتخذتها تُركيا بتغيير وضع متحف آيا صوفيا من متحف وارث انساني ومعلم ثقافي عالمي الى مسجد ووضعه تحت سلطة رئاسة الشؤون الدينية هي خطوة تتنافى مع مفهوم الدولة المدنية وتبتعد عن المفاهيم التي نُدافع عنها ونسعى لتحقيقها في المنطقة.

فاستحضار أوهام انتصارات مؤقتة ذات مرجعية دينية قد يحصد مكاسب سياسية آنية لكنه سُرعان ما يتحول الى صراعات بينية غير محمودة النتائج ويُعيق طريق النهوض الذي يحققه ترسيخ مفاهيم العلمانية التي تحترم الأديان والمُعتقدات جميعها، فالتأسيس اليوم لحكم مرجعتيه الإسلام السياسي يُبعد المسار في تُركيا عما تتجه له المنطقة والعالم من السعي لتمكين الدول المدنية وانهاء الاستقطابات بين النظم العسكرية والنظم الدينية التي تقيّد تقدم الشعوب وتقوّض سُبُل استقرارها وازدهارها وتستنزف أبناءها ومواردها.

يؤكد أعضاء لجنة مُتابعة مؤتمر المسيحيون العرب، عبر هذا البيان، على تمسكهم ببناء مسار التقارب الانساني واحياء مفاهيم الانفتاح في المنطقة، ويدعون تُركيا لمراجعة الديناميكية السياسية التي تعمل عليها بشكل عام ولمراجعة القرار المتعلق بمتحف آيا صوفيا بشكل خاص، بحكم تأثير هذه المسارات على عموم بُلدان المنطقة.

كما ندعو لنبذ كل ما يؤدي للانزياح عن مسار تحقيق الاستقرار والأمن والسلام وكل ما يؤسس لصراعات طويلة الأمد، صراعات تستخدم أبناءنا كوقود حروب وتؤدي لتدمير بلداننا ومنها نُشير الى تجنيد وارسال الشباب العربي للقتال تحت مسمى مُرتزقة أو أي مُسميات أخرى تُسيء لثقافتنا وتًسمها بالتشدد، ونتوجه بهذا السياق للجيل الشاب لحثهم على عدم الانجرار الى الاقتتال البيني، فالدين يدعو للبناء وليس للدمار وللحياة وليس للموت وللتعارف والانفتاح وليس للانغلاق والتشدد، وبلدانهم أحوج إليهم كسواعد لبنائها ونهضتها وكعقول تجاهد بالعلم لتأسيس مستقبل آمن للأجيال القادمة تلك مهمة أنبل وأسمى من الانسياق في أتون صراعات لا تنتهي، فالثورات التي قامت على أكتاف الشباب وأحلامهم لم تحمل الا هدف تحقيق الكرامة الإنسانية وحماية الحريات والحقوق وتلك أهداف يحققها العمل والعلم وليس السلاح والحرب، آملين وساعين معهم الى انتصار أهدافنا مُهتدين بمسار الاعتدال والعدل.

الخامس عشر من تموز 2020

لجنة متابعة مؤتمر المسيحيون العرب

الموقعون:

فارس سعيد- لبنان، سميرة مبيض- سوريا، خليل طوبيا- لبنان، مروان المعشر- الاردن، اسعد بشارة- لبنان، جورج قنواتي- فلسطين، سعد كيوان- لبنان، جوزف كرم- لبنان، انطوان قربان- لبنان، ايليش ياقو- العراق، ايلي الحاج- لبنان، انطوان الخوري طوق- لبنان، طوني حبيب- لبنان، سليم بشارة- سوريا، محمد علي ابراهيم باشا- سوريا، ادمون رباط- لبنان، اسما- ماريا اندراوس- لبنان، الياس كساب- لبنان، حافظ قرقوط- سوريا، طارق متري- لبنان، جمال الشوقي- سوريا، علي ناصر الدين- لبنان، سيرج بوغاريوس- لبنان، سوزي زيادة- لبنان، طانيوس شهوان- لبنان، ميشيل كيلو- سوريا