جلسة حوارية مع لقاء سيدة الجبل وحركة المبادرة الوطنية والتجمّع الوطني اللبناني عبر تقنية زووم

  • طوني حبيب -
  • ندوات -
  • جلسة حوارية مع لقاء سيدة الجبل وحركة المبادرة الوطنية والتجمّع الوطني اللبناني عبر تقنية زووم
جلسة حوارية مع لقاء سيدة الجبل وحركة المبادرة الوطنية والتجمّع الوطني اللبناني عبر تقنية زووم
الأربعاء 14 إبريل, 2021

الرئيس السنيورة: الجانب السوري اعترف بلبنانية مزارع شبعا لكن هذه الاعترافات كانت دائماً شفهية فقط وليست خطية بما يعني أن ذلك الاعتراف لم يكن كلاماً جديا

-----------

لبنان أصبح يقول بلبنانية مزارع شبعا ويطالب بها ولكن كنا نقول انه ليس لدينا حسب القانون الدولي ما يثبت موقفنا ولذلك كنا نطالب بترسيم الحدود بين البلدين ومن ضمنها ترسيم مزارع شبعا

-----------

سعيد: الإنجاز الكبير الذي تحقق في عهد الرئيس فؤاد السنيورة القراران 1680 و1701 وكذلك القرار 1757 الذي صدر تحت الفصل السابع أي المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي أنشئت بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. كما أنه وبعد انتخاب الرئيس ميشال سليمان في العام 2008 حصل أيضاً إنجاز دبلوماسي وسياسي ووطني كبير وهو إنشاء علاقات دبلوماسية بين لبنان وسوريا وافتتاح السفارتين وهو أول إنجاز مشترك على مستوى البلدين منذ العام 1943 فيما خصّ علاقاتهما سوية

-----------

لا الأميركيين ولا الاسرائيليين كانوا موافقين على دعهم فكرة حلّ لمعضلة مزارع شبعا. وكذلك أيضاً لا حزب الله ولا النظام السوري ولا إيران كانت تريد ذلك. لقد كانت هذه الأطراف الخمسة على اختلاف مواقعها ضد التوصل إلى توافق بهذا الشأن يحسم السيادة على تلك المزارع لصالح لبنان

-----------

الرئيس السنيورة: جرى ترسيم المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان في النقطتين الثلاثيتين شمالاً وجنوباً 7 و23 للبنان من طرف واحد. ولقد تمّ ذلك من قبل لجنة لبنانية ضمت كل الوزارات والمؤسسات اللبنانية ومؤلفة من عشرة اختصاصيين منهم أربعة عمداء وعقداء من الجيش اللبناني. ولقد كانت التوجيهات المعطاة لهم من الحكومة ومني بأن يكونوا الأكثر تطرفاً في مقاربتهم لتحديد النقطتين الثلاثيتين

-----------

لا يجوز التنازل عن سنتمتر واحد من مساحة المنطقة الاقتصادية الخالصة التي تحق للبنان وذلك يقتضي أن يكون لدى لبنان الاثباتات والبراهين الضرورية بما يمكنه من إقناع المجتمع الدولي وبما يدعم مطالبته بالنقطة 29

-----------

المأزق الاقتصادي المالي والنقدي الذي يعاني منه لبنان ليس حصيلة يوم 17 تشرين الأول 2019 بل هو حصيلة فترة طويلة من الاستعصاء على الإصلاح وهو كان نتيجة لعدم اتخاذ القرارات الإصلاحية التي كان ينبغي أن تتخذها السلطتان التشريعية والتنفيذية اللبنانية على مدى سنوات طويلة

---------

 

نظم المركز اللبناني للبحوث والدراسات بدعوة من لقاء سيدة الجبل ندوة حوارية الكترونية مع رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، وقد شارك فيها لقاء سيدة الجبل وحركة المبادرة الوطنية والتجمّع الوطني اللبناني بحضور السيدات والسادة إدمون رباط، إيلي الحاج، إيلي القصيفي، إيلي كيرللس، أحمد عياش، أحمد فتفت، أسعد بشارة، أمين محمد بشير، أنطوان إندراوس، أنطوان قربان، أنطوان قسيس، أيمن جزيني، بدر عبيد، بهاء مجبل، بهجت سلامة، بيار عقل، جوزف كرم، حُسن عبّود، حسن العجوز، خالد العسكر، خطار بو دياب، خليل طوبيا، ربى كبارة، رلى موفق، رودريك نوفل، زياد عيتاني، سام منسى، سامي شمعون، سعد كيوان، سوزي زيادة، سيرج بوغاريوس، طلال القيسي، طوبيا عطالله، طوني الخواجه، طوني حبيب، عارف العبد، عباس الحلبي، عبد الرحمن المبشر، عدنان غلايني، عطالله وهبة، عمر الصلح، فادي أنطوان كرم، فارس سعيد، فجر ياسين، فيصل العسكر، لينا التنير، مرعي فياض، منى فياض، ندى صالح عنيد، نعمة محفوض، هشام عليوان، هشام قطب، هلا قسيس، ياسين قدادو.

وافتتح الندوة الاستاذ ايمن جزيني:

تكليفاً من المركز اللبناني للبحوث والدراسات، وبإدارة الصديق طوني حبيب، وبدعوة من لقاء سيدة الجبل برئاسة الدكتور فارس سعيد، يسعدني الترحيب بجميع المشاركين افراداً وأطراً سياسية. والشكر والإمتنان لاستجابة دولة الرئيس فؤاد السنيورة لعقد هذا اللقاء لتناول القرارات الأممية 1680 المتعلّق بترسيم الحدود بين لبنان وسوريا، و1757 المتعلق بإنشاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان إثر اغتيال الشهيد الكبير الرئيس رفيق الحريري، والقرار 1701 المتعلّق بوقف الأعمال العسكرية بين حزب الله وإسرائيل. ومن ثم تناول موضوع إقامة العلاقات الدبلوماسية بين لبنان وسوريا، وهذا حصل بعد عقود من القلق اللبناني العارم جراء رفض النظام السوري الاعتراف باستقلال لبنان. المعضلة التي كانت قائمة آنذاك تمثّلت بدولة إسرائيل جنوباً التي لا يعترف لبنان بوجودها ودولة سوريا شمالاً وشرقاً والتي لم يكن نظامها يعترف باستقلال لبنان.

ما سنبحثه اليوم تزداد قيمته في لحظة يتصدّر المشهد السياسي عنوانين: الأول، ترسيم حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان مع اسرائيل؛ والثاني، مشكلة مزارع شبعا ولمن تعود ملكيتها، والحدود البرية مع سوريا كما البحرية التي تشهد اعتداءاً موصوفاً على السيادة الوطنية. يأتي هذا معطوفاً على دخول حزب الله إلى السلطة من خلال مشاركته في السلطة التنفيذية لأول مرة بالحكومة الأولى التي كانت برئاسة دولة الرئيس فؤاد السنيورة، وقد دخل الحزب إلى السلطة بعد فقدانه الضمانة السورية إثر انسحاب الجيش السوري من لبنان بعد اغتيال الرئيس الحريري وانتفاض الشعب اللبناني يوم 14 آذار. وقد ترك دخول الحزب إلى السلطة تبعات ضمن المشهد اللبناني السياسي مستمرة لغاية اليوم.

إنّ استعادة ما حصل من أحداث في تلك الفترة في إدارة الرئيس السنيورة يساعدنا اليوم، وبشكلٍ أساسي، على الاستفادة سياسياً في هذه اللحظة للعمل من أجل تحرير لبنان من الاحتلال الايراني وكيفية التخلّص من سلاح حزب الله غير الشرعي.

جميعنا يعرف أن المسار التاريخي للأحداث غير قابل للتغيير لكن العودة إليه وحسن قراءته ومراجعته تبقى دوماً مصدر حصانة لعدم تكرار الرهانات الخاطئة وعدم استسهال ما طُرح آنذاك من نظريات عن "لبننة" حزب الله، ولمحاذرة الوقوع ثانية في استسهال تحقيق الأهداف وتذليل التحديات. ولهذا كلّه نتشرف بلقاء دولة الرئيس السنيورة لما مثّله من فرادة سياسية ووطنية. فلقد كان رجل دولة بكل ما للكلمة من معنى خلال حكومته التي واجهت ما واجهته من أخطار مصيرية ليس اقلّها الحرب المذهبية التي شنّها الثنائي الشيعي (أمل-حزب الله)، والذي تجرأ فيها على الدستور والقانون وألحقها بممارسات مذهبية مقيتة وبغيضة وحوّل حكومة الرئيس السنيورة من حكومة المقاومة السياسية إلى حكومة قال عنه أنها بتراء بينما هي استمرت بأداء عملها بمسؤولية وكفاءة عالية.

على هذا، نعقد ندوتنا اليوم وسط قلقٍ لبناني عارم وخوفٍ جراء وقائع سياسية تزداد تعقيداً بالتوازي مع تعقّد الوضع الداخلي وتعقيدات الوضع الخارجي. فنحن الآن في لحظة تتقابل فيها الرايات السياسية؛ جزءٌ منها هو للدفاع عن السيادة والدولة والدستور ونحن منها وفيها، وبمواجهة رايات الاحتلال الايراني المتمثلة بسلاح حزب الله الميليشياوي غير الشرعي.

حتماً نحن الآن لسنا بصدد التحسّر على ما كان مجيداً في زمن الرئيس السنيورة بل للبحث في الأصل السياسي لراهن البلد وما تتجمع وتحتشد فيه من وقائع سياسية. وليس خافياً على أحد منّا أن القيّمين على الكيان والنظام وعلى لبنان يخوضون معركة وجودية ضد حزب الله ومشروعه الطائفي المذهبي الفارسي، ومعه حلفاؤه بكل ما يملك من قوة ودعم إيراني. هذا المشروع السياسي الفارسي الذي وضع لبنان في مواجهة أشقائه العرب في المنطقة وفي مواجهة المجتمع الدولي الحر.

أجدّد شكري لجميع المشاركين وأتمنى تكثيف الاسئلة وتقصير المداخلات لكسب الوقت.

الرئيس فؤاد السنيورة

شكراً على هذا التقديم، وسأحاول بداية أن أتقدّم ببعض الأفكار لوضع إطار لهذا الحوار من أجل تنظيم النقاش، علماً أنني منفتح على أي سؤال ترغبون بطرحه، وعلى أن يكون بعدها مادة للنقاش بيننا جميعاً.

سأنطلق من جلسات الحوار الوطني التي جرت أولى جلساتها في 2 آذار واستمرّت لنهاية حزيران من العام 2006، بجلسات متقطّعة على مدى 13 جلسة. وخلال أول جلسة كان هناك إتفاق على تحديد نقاط البحث، وهي كانت موزعة على ثلاث مجموعات: الأولى، الحقيقة ومتفرعاتها، والتي تشمل عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري ولجنة التحقيق الدولية والمحكمة الدولية وتوسيع مهام لجنة التحقيق، والثانية تشمل القرار الدولي 1559، وما يتعلّق برئاسة الجمهورية والسلاح الفلسطيني داخل المخيمات وخارجها وسلاح المقاومة ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا ومسألة ترسيم الحدود في منطقة مزارع شبعا. والمجموعة الثالثة، تشمل العلاقة مع سوريا والعلاقات الدبلوماسية وترسيم الحدود والاتفاقيات الثنائية اللبنانية- السورية.

الحقيقة أنه، وخلال الجلسة الأولى التي انعقدت في 2 آذار، تمّ الاتفاق على كل ما يتعلَّق بالبند الأول، أي الموافقة بالإجماع على إقرار المحكمة الدولية لمحاكمة قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري وبالتالي توسيع مهام لجنة التحقيق الدولية، وانتقل الحوار بعد ذلك للشروع بنقاش ما يتعلّق بالقرار 1559.

بدأت الحديث عن هذه المرحلة للفت النظر إلى أن طاولة الحوار استمرت لعدة أشهر وتم التوافق على أمور عدّة، لكن تبيّن لاحقاً أنه في أكثر الأحيان كان يتم التنصل عن كل ما تمّ الاتفاق والتوافق عليه في جلسات الحوار، ولاسيما بما يتعلق بموضوع المحكمة الدولية، والتي تمّ التوافق على إقرارها. وهي كانت الحجّة المستعملة للتنكّر لما تم التوافق عليه ورفض بحث النظام الداخلي للمحكمة، التي كان يطلع الرئيس لحود على كل ما يحصل بخصوصها في المفاوضات مع الأمم المتحدة أولاً بأول، والتي عمد وزير العدل شارل رزق شخصياً إلى اطلاع السيد حسن نصر الله على ذلك المشروع حسبما أعلن هو عن ذلك.

وبعد إصرار الرئيس لحود على عدم القبول بعقد تلك الجلسة للبحث بالنظام الداخلي للمحكمة ورفض الالتزام بتحديد أي موعد لذلك. فقد جرى تحديد موعد لتلك الجلسة وهذا ما قابله بعض الوزراء في حركة أمل وحزب الله بالاستقالة، وجرى بعدها محاصرة السراي الحكومي.

على اية حال، وخلال بداية الحوار الذي جرى في مجلس النواب كانت هناك اتصالات عديدة لتحريك موضوع ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا ما تطرقت إليه خلال زيارة قمت بها إلى الولايات المتحدة وجرى خلالها أن حضرت اجتماع لمجلس الأمن عقد في نيسان من العام 2006 تحدّثت خلاله إلى أعضاء مجلس الأمن حول ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا وبالذات أيضاً فيما خصّ ترسيم مزارع شبعا كما كامل الحدود اللبنانية السورية. كما كانت هناك أيضاً اتصالات تجري مع أمين عام الامم المتحدة، كوفي عنان، وهو الذي كان قد أرسل لي رسالة بتاريخ 5 حزيران بهذا الشأن، وحيث قمت بعدها بمراسلة الرؤساء العرب بمضمونها لوضعهم في صورة التطورات الجارية في هذا الشأن.

تجدر الإشارة إلى أنّ الجانب السوري وقتها اعترف بلبنانية مزارع شبعا، وتمّ ذلك على لسان الوزير فاروق الشرع في إسبانيا بعد لقائنا هناك، وهو الذي افاد بلبنانية المزارع. كذلك رئيس الحكومة السورية محمد ناجي العطري وقتها اعترف بلبنانية مزارع شبعا. لكن هذه الاعترافات كانت دائماً شفهية فقط وليست خطية بما يعني أن ذلك الاعتراف لم يكن كلاماً جدياً. الأمر المهم الذي طرأ مؤخراً كان في ما كتبه مندوب الولايات المتحدة الأميركية والدبلوماسي الأميركي فريديريك هوف الذي يؤكد ما قاله له وأكده الرئيس بشار الأسد حول أنّ هذه المزارع هي سورية، ولم ينف أحد ذلك الكلام الذي صدر عن المبعوث الأميركي هوف.

في هذا الصدد، كنت على تواصل دائم مع الرؤساء العرب ومع الأمين العام كوفي عنان بهذا الخصوص من أجل السعي لترسيم الحدود بين البلدين. ولذلك صدر القرار 1680 بالحضّ على القيام بالإجراءات اللازمة من أجل تحديد الحدود بين البلدين، حيث صدر القرار في أيار 2006.

وألفت نظركم إلى أن المراسلات مع كوفي عنان هي حول عملية الترسيم واضحة، كنا نقول في حينها الترسيم يقتضي وضع علامات على الأرض بينما كنا نتكلّم على الترسيم وهناك فرق بيت الاثنين. ذلك في حين كان السوريون وفي بعض التصريحات يقولون لنا أنهم موافقون على ان المزارع لبنانية لكن بما أنها تحت الاحتلال، فإنه لا يمكن القيام بعملية التحديد. وبالتالي، فإنّ الامر يجب أن ينتظر؛ كما أن امين عام حزب الله أيضاً كان مصراً على التزام كلمة التحديد وليس الترسيم، والفرق بين الأمرين أن التحديد يتم بوضع النقاط على الأرض بينما بعملية الترسيم يمكن أن تتم اليوم بواسطة الاقمار الصناعية. وهو الأمر الذي أوضحت للمؤتمرين وبما فيهم السيد حسن نصر الله في آخر جلسات الحوار في حزيران من العام 2006.

لقد عملنا بهدف تصحيح الوضع، حيث أنّ لبنان أصبح يقول بلبنانية مزارع شبعا. ولكن، كنا نقول انه ليس لدينا حسب القانون الدولي ما يثبت موقفنا. ذلك في حين أنّ سوريا كانت تصرّ على أنّ المزارع سورية، وكذلك الأمم المتحدة كانت تقول إن منطقة المزارع تخضع للقرارين 242 و338. في المقابل، فإنّ حزب الله كان ولا يزال يقول بلبنانية المزارع. وهو الامر الذي كان يعتبره مبرراً لوجود سلاحه من أجل مقاومة الاحتلال.

خلال الجلسة الأخيرة للحوار الوطني التي انعقدت في حزيران 2006، تعهد السيد حسن نصر الله بأنه لن تكون هناك أية عمليات عسكرية من جانب المقاومة على الخط الأزرق وإنما يمكن ان تكون هناك فقط بعض الاعمال التذكيرية في منطقة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا أي خارج الخط الأزرق. والحقيقة أنه لم يتم الالتزام بذلك حيث حصل الاختراق في منطقة الخط الأزرق، والذي تبعه اجتياح اسرائيلي في 12 تموز 2006.

في اليوم الرابع للاجتياح- أي يوم السبت في 15 تموز 2006- وخلال اللقاء مع السفراء العرب والأجانب، بدأت ترتسم لديَّ المعالم الأولى للنقاط السبع، ومع تزايد الخسائر البشرية والمادية بسبب اشتداد حدّة الاجتياح والقتال العنيف وتصاعد عدد القتلى والمصابين واتّساع رقعة التدمير والقصف كانت تجري الاتصالات وكان الاجتماع الدولي في روما، وذلك برعاية مشتركة أميركية- إيطالية. ولقد قدمت في حينها الورقة اللبنانية، والتي تمّ فيها تحديد تلك النقاط السبع، والتي شملت أيضاً إرسال الجيش اللبناني إلى الجنوب، وذلك بما يؤكد على سيادة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها.

تجدر الاشارة هنا إلى أنّ لبنان كان يستند في طرحه لتلك الورقة اللبنانية التي قُدّمت في روما على صمود لبنان والمقاومة وعلى وحدة اللبنانيين الداخلية، وعلى قدرة الحكومة اللبنانية على اجتراح الحلول للتصدي للأزمات التي كانت تعصف به، وذلك بما يمكّن المجتمع الدولي من الأخذ بها، وكذلك بما يعبر عن وضوح الموقف اللبناني وقدرته على تحديد موقفه والقرار الذي يرغب بصدوره عن مجلس الأمن.

في ذلك الوقت، كان الجانب الاميركي يماطل من أجل إعطاء المزيد من الوقت لإسرائيل. ذلك بينما كانت المقاومة صامدة، إلى حدّ ما، بالرغم من اشتداد حدّة الضغط الاسرائيلي العسكري عليها. ذلك إلى أن حصلت مجزرة قانا التي قلبت الرأي العام الغربي الذي بدأ يضغط بالمقابل من أجل تسريع إصدار القرار الأممي لوقف الحرب. تجدر الإشارة إلى أنه مع بداية الاجتياح كان الرأي العام الغربي مؤيداً لإسرائيل بسبب أنه كان يعتبر أن هناك اعتداء قام به لبنان على إسرائيل، حيث عبر مقاتلو الحزب الخط الأزرق في العملية التي نفّذها الحزب. وتعلمون أن ما ساعد لبنان في هذا الخصوص، وضوح الموقف اللبناني من اليوم الأول. فلقد كان موقف الحكومة اللبنانية أنها نأت بنفسها عن العملية الحربية التي حصلت عبر الخط الأزرق، بحيث كان موقفها بأنها لم تكن على علم بها ولم تُستشر بها وأنها تتبرأ من ذلك الحادث ولا تتحمل مسؤوليته.

المهم أنّ القرار 1701 الذي صدر بوقف الاعمال الحربية جرى تحت الفصل السادس وليس الفصل السابع، وقضى بانسحاب اسرائيل من المناطق التي احتلتها وبعودة اللبنانيين إلى المناطق التي هجّروا منها، وأن تكون قوات الامم المتحدة العاملة تحت قوات اليونيفيل المعززة هي المولجة متابعة تنفيذ القرار. وهذا الأمر يعود لجهد الحكومة اللبنانية التي أصرّت على أن لا يصدر القرار تحت الفصل السابع مع العلم أن الولايات المتحدة وفرنسا كانتا تضغطان لجهة إصدار القرار تحت الفصل السابع. هذا الأمر تم بعد الاجتماع الذي حصل في القمة الإسلامية في كوالالمبور، وبعد اجتماع السراي الحكومي في بيروت الذي حضره وزراء الخارجية العرب والذي تلاه سفر الوفد اللبناني إلى الولايات المتحدة برئاسة الوزير طارق متري وزير الخارجية بالوكالة وخوضه المفاوضات الشاقة هناك قبل التوصل إلى الاتفاق على المسودة الأخيرة للقرار 1701 الذي أقر في مجلس الأمن. ومما ساعد على التوصل إلى ذلك القرار الدولي كان ما أقرّه مجلس الوزراء لجهة تعهده بإرسال الجيش اللبناني بقوة خمسة عشرة ألف جندي إلى الجنوب وأن تكون منطقة جنوب الليطاني منزوعة السلاح غير الشرعي وأن تعمل الأمم المتحدة على مساعدة لبنان لحل النزاع حول مسألة منطقة مزارع شبعا.

وأريد أن أذكِّر هنا بان لبنان كان مرغماً على القبول بهذه الصيغة لمسألة مزارع شبعا باعتبارها أفضل الممكن، كما أن الضغوط كانت قوية. حيث كان علينا أن نوازن بين القبول بإصدار القرار 1701 تحت الفصل السابع بما يمكننا من أن نحصل على صيغة أفضل بشأن موضوع مزارع شبعا.

الأمر المزعج هو الكلام الذي صدر بعد ذلك عن السيد حسن نصر الله وعن حزب الله بأن الحكومة هي من أطالت المفاوضات عمداً، وهذا أمر غير صحيح على الإطلاق وغير أخلاقي أن يصدر هذا الكلام عن الحزب. والحقيقة أنّ تلك الشائعات بدأت تظهر مباشرة بعد إعلان صدور القرار 1701 وهو ما روّج له الحزب من أجل حفظ ماء وجهه أمام جماعته التي بدأت تكتشف هول الدمار الحاصل بعد توقف الأعمال الحربية ليحرف الأنظار، وليلقي اللوم في ذلك على الحكومة اللبنانية وياللأسف.

بالطبع يجب ذكر المشكلات التي واجهتنا بعد إقرار القرار 1701 في الداخل اللبناني، ومنها رفض الحزب بعد ذلك الاعتراف بالنقاط السبع. وأحب أن أوكد لكم هنا أننا في جلسة مجلس الوزراء التي وافقنا فيها على القرار 1701 أبلغت مجلس الوزراء أنّه إما أن نقرّ القرار بالإجماع أو نتحفّظ عليه جميعاً، وأنا عندها أكون أول المتحفّظين، وذلك إذا كان هناك من يريد أن يتحفظ وكان هدفي من ذلك وضع حدّ للمزايدات. ولذلك، فقد أقرّ القرار في مجلس الوزراء بالإجماع.

أما بخصوص عملية إعادة الاعمار فقد كان العمل الذي قامت به الحكومة اللبنانية في هذا المجال مشهوداً لقدرتها السريعة على معالجة المشكلة الكبرى المتمثلة بحوالي 114 ألف وحدة سكنية مدمرة بالكامل أو بحاجة للترميم وفي تدمير وتخريب عدد كبير من البنى التحتية والأبنية العامة والمدارس. وفي هذا الشأن، نجحت الحكومة في أن تعيد افتتاح السنة الدراسية في شهر نوفمبر من العام 2006 على كامل الاراضي اللبنانية بما فيها المناطق التي كانت تحت الاجتياح، وان تعيد بناء جميع البنى التحتية من كهرباء، وماء واتصالات وطرقات وجسور مدمرة، وأن تنجح في أن يصار إلى إعادة بناء وترميم جميع الأبنية السكنية التي طالها الدمار في لبنان وفي كافة المناطق.

فارس سعيد

بداية كل الشكر والتقدير لدولتكم على ما قمتم به على المستويين الوطني والسياسي ونحن كنّا من المواكبين لهذا العمل من الموقع السياسي الذي كان داعماً لحكومتكم وهو تجمع قوى 14 آذار آنذاك.

سأعود لمقدمة أيمن جزيني وأذكِّر اللبنانيين بأن حكومة الرئيس السنيورة كانت أول حكومة تتحمّل دخول حزب الله إلى السلطة التنفيذية بعد خروج الجيش السوري من لبنان في العام 2005. كما أنه في تلك الحكومة كان صدور القرار 1680 وهو ما شرحه دولة الرئيس بإسهاب وهو القرار الذي حدّد كيفية ترسيم الحدود مع سوريا. وكذلك صدر القرار 1701 الذي أنهى الحرب وأرسل الجيش اللبناني للمرة الأولى إلى الجنوب اللبناني منذ العام 1978. وهو القرار الذي حدّد أيضاً قواعد الاشتباك مع اسرائيل وما زلنا حتى اليوم في مرحلة وقف الأعمال العدائية من الجانبين ولم يتطور القرار إلى مرحلة وقف إطلاق نار بين الجانبين.

الإنجاز الكبير الذي تحقق في عهد الرئيس فؤاد السنيورة كان في إقرار القرار 1757 تحت الفصل السابع أي المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي أنشئت بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. كما أنه بعد انتخاب الرئيس ميشال سليمان في العام 2008 حصل أيضاً إنجاز دبلوماسي وسياسي ووطني كبير وهو إنشاء علاقات دبلوماسية بين لبنان وسوريا وافتتاح السفارتين وهو أول إنجاز منذ العام 1943 بين البلدين. لكن دولة الرئيس، ومع احترامي وتقديري لاستقامتك الوطنية والعربية، عندما تتحدّث عن الحرب في العام 2006 لا تقول في كلامك أن من افتعل الحرب في الـ2006 كان حزب الله، وهو ما ذُكر في مقدّمة القرار 1701 والذي وقّع عليه حزب الله - أي اعترف حزب الله بانه هو من افتعل الحرب مع اسرائيل في العام 2006.

أول سؤال: هل القرار 1680 الذي تكلم عن ترسيم الحدود اللبنانية السورية، أي عن وقف نقل الأسلحة من سوريا إلى لبنان، سرّع برأيك قرار إيران بفتح الحرب بتموز 2006؟

والسؤال الثاني: كل الانجازات التي حققتمونها تحققت أولاً بفضل شخصيتكم وصلابتكم في الموقع الذي كنتم فيه، وأيضاً بفضل القوة السياسية الداعمة والجارفة شعبياً، قوة سياسية وطنية عابرة للطوائف أسقطت الترسيمات الطائفية وكانت تسمى "14 آذار"، هل اليوم عدم وجود هذه الانجازات على مستوى السلطة التنفيذية يعود لعدم تولي مسؤولية الشأن في موقع رئاسة الحكومة من يقوم بأدائها بكل رصانة أو لفقدان دور رئيس الحكومة اليوم وقبل ذلك الرئيس دياب وقبله أيضاً الرئيس ميقاتي وكل الذين تولوا هذا المنصب، فقدوا الدعم الشعبي والوطني والسياسي الذي كانت تمثّله "14 آذار"؟ بمعنى برأيكم لأي درجة كان هذا الدعم مساعداً لكم في اتخاذ قراراتكم؟

الرئيس السنيورة

بدايةً بما يخص القرار 1680: هذا القرار أقر بتاريخ ايار 2006. لكن دعني أوضح لكم أنني حرصت ومن خلال عملي كرئيس للحكومة حاولت الالتزام بما نصّ عليه الدستور، لجهة القيام بعمل رئيس الحكومة كما هو محدّد في الدستور بسطرٍ ونصف، والذي يقول بأن: "رئيس الحكومة يتابع أعمال الادارات والمؤسسات العامة وينسّق بين الوزراء ويعطي التوجيهات العامة لضمان حسن سير العمل". كل واحدة من هذه الاعمال تعتبر بمثابة جبل من المهمات التي على رئيس الحكومة القيام بها، وأنا كنت فعلياً أعمل على متابعة تفعيل العمل.

لذلك، وقبل صدور القرار، اجتمعت بأعضاء مجلس الأمن في نيويورك، وهم قد أوردوا في نص القرار بعد الاستماع إليّ كرئيس للحكومة اللبنانية. وبعد صدور القرار 1680 اتصلت بكوفي عنان لسؤاله عن كيفية تطبيق القرار، واتصلت بكل الرؤساء العرب للتشاور معهم في كيفية العمل لتطبيقه؟ وكنت بالطبع أعمل على متابعة هذا القرار في مجلس الوزراء. بالطبع، حصلت مضايقات من الجانب السوري ومن جانب حزب الله وطبعاً كانت محاولات عدة من أجل تفشيل تطبيق القرار ولاتزال.

وللتذكير، فإنّ حزب الله كان يسعى في العام 2005 للإطباق على الدولة اللبنانية من أجل التحكم بقراراتها، وذلك من خلال مسعاه من أجل إيجاد ما يسمّى مجلس وزراء مصغّر لبحث الأمور داخله قبل انعقاد جلسة مجلس الوزراء، بحيث يجري الاتفاق على القرارات قبل عرضها على مجلس الوزراء وهو ما رفضته بشكلٍ واضح. ذلك مع تأكيدي الدائم على أهمية، وكذلك على حرصي وممارستي الدائمة في التشاور مع باقي الوزراء في كل الأمور. وحزب الله كان يعلّل طرحه هذا مرةً بما كان يتوخاه من الاتفاق الرباعي أو بأمور أخرى، وذلك من أجل أن يصل إلى النقطة التي يستطيع من خلالها أن يتحكم بقرارات مجلس الوزراء قبل اتخاذها.

بعدها حصل الاعتكاف الأول، والذي كان بعد اغتيال الشهيد جبران التويني، والذي حصل ايضاً بسبب رفضي لفكرة المجلس الوزاري المصغّر، وكذلك بسبب عدم القبول بضمّ عملية اغتيال الشهيد جبران تويني إلى قضية اغتيال الرئيس الحريري لتتولى لجنة التحقيق الدولية النظر فيها.

بعد ذلك كانت "غزوة الأشرفية" والتي يجب أن لا ننساها والتي كانت وسيلة من الوسائل التي جرى اللجوء إليها من أجل إسقاط الحكومة وقتها، لكن نجحنا وبحمد الله وبسرعة وكفاءة من خلال العمل الذي قمنا به من أجل احتواء هذه المحاولة التي كان يقصد منها إشعال الفتنة وأن ننأى بالتالي بلبنان عن الفتنة التي كانوا يعدون لها.

بدون أدنى شك أنني كنت أعتمد في عملي بالحكومة على وضوح الرؤية والحرص على عدم الدخول في تسويات جانبية، وبالطبع كنت أستند بعملي إلى دعم الكثرة الكاثرة من اللبنانيين، ولكن وبالطبع إلى دعم قوى 14 آذار. وأنا كنت مقتنعاً بأن العمل الصحيح يكون بالاستناد إلى المبادئ الواضحة، وهي ولاسيما الالتزام والتقيد بأحكام الدستور وبمنطق الدولة وإعادة الاعتبار لسلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية ولقرارها الحر، ومن ضمن ذلك العمل على تحديد الحدود بين لبنان وسوريا، وتوضيح العلاقة مع السوريين. وكانت قضية مزارع شبعا اساسية أيضاً لأنني كنت أعتبر أن هذه المسألة هي "مسمار جحا" وبالتالي إذا استمرت هذه القضية سوف تكون مبرراً لاستمرار وجود وسلطة السلاح غير الشرعي. وهذا ما كنت ما أسعى إليه أيضاً في وقت الاجتياح اي بأن ننجح في أن نتوصل ومع اتفاق لوقف الاجتياح وانسحاب إسرائيل إلى حلّ لمسألة مزارع شبعا.

للحقيقة أنه لا الأميركيين ولا الاسرائيليين كانوا موافقين على دعم فكرة حل لمعضلة مزارع شبعا. وكذلك أيضاً لا حزب الله ولا النظام السوري ولا إيران كانت تريد ذلك. لقد كانت تلك الأطراف الخمسة على اختلاف مواقعها ضد التوصل إلى توافق بهذا الشأن. والذي سمعناه مؤخراً على لسان فريديرك هوف شديد الوضوح ويؤكد على عدم موافقة الرئيس السوري على لبنانية مزارع شبعا. وكما ذكرت لم يصدر اي نفي لهذا الكلام ولا من اي جانب. ولقد كان كلام الرئيس السوري للدبلوماسي الامريكي واضحاً بأن مزارع شبعا هي سورية، وهو قد قال صراحة إذا كان الاسرائيلي على استعداد لإعادة الاراضي المحتلة لسوريا فأنا على استعداد للتعامل مع حزب الله لأجعله يوافق على إنهاء وجوده وتسليم سلاحه.

منى فياض

سؤالي: ما هي ظروف عدم قبولك بوضع القرار تحت الفصل السابع وما هي المحاذير الني كانت موجودة؟ بمعنى أنه لو كان تحت الفصل السابع كان أفضل لنا!

الرئيس السنيورة

لا أدري إلى أي مدى هذا الامر صحيحاً، لكنه حتماً كان سيؤدي إلى إشكالية كبيرة في الداخل اللبناني. ولبنان لم يكن باستطاعته نقل المعركة إلى الداخل اللبناني. فبدلاً من أن تكون المواجهة بين لبنان واللبنانيين من جهة، وإسرائيل من جهة ثانية لتتحول إلى صراع في الداخل ويكون بنتيجتها مزيد من الانقسامات بين اللبنانيين.

منى فياض

لكن الاشكاليات حصلت بجميع الاحوال لاحقاً!

الرئيس السنيورة

طبعاً، هذا صحيح حصلت الإشكالية لاحقاً، لكن ما قمنا به في حينها كان هو الواجب الذي كان علينا ان نلتزم به. لكنه لا أخفيك أنه فعلياً يشعر الانسان بألم في هذا الخصوص، ولاسيما بعد ما قمنا به من تضحيات، وذلك كان واجبنا. وأنا لا أنكر أهمية بسالة وصمود المقاومة لكن صمودها كان أيضاً نتيجة صمود الشعب اللبناني واحتضانه لبعضه بعضاً وحرصنا على وحدة اللبنانيين. لكنه، ولولا الأداء المتميز للحكومة اللبنانية، بالإضافة إلى عامل الصمود لما كان قد تحقق هذا الإنجاز، ولما كان بإمكان لبنان أن يمنع إسرائيل من الانتصار. لكن، بالنهاية- وياللأسف- وبعد هذا الإنجاز الذي تحقق، وبعد انتهاء الاجتياح، وبعد موافقتهم على القرار خرج السيد حسن نصر الله بعدها بعدة ايام ليقول لنا أن الحزب لم يكن موافقاً على القرار ولم يكن موافقاً على النقاط السبع. ذلك ما اضطرنا لنشر ما كان قد قاله هو شخصياً بالصوت والصورة بأنّه: "لا يقبل إلا بالنقاط السبع" ويعتبرها مرجعية وطنية. الغريب أيضاً ما تبع ذلك والمتمثل بعدها بما أطلقه الحزب من شائعات وادعاءات بأنّ الحكومة هي من أطالت زمن الحرب ثم اتهامنا بالخيانة! هذا أمر مشين وغير مقبول وغير أخلاقي. وبصراحة كاملة-وياللأسف- هذا ما حصدناه بعد كل التضحيات التي قمنا بها كحكومة وإصرارنا على عدم إقرار البند السابع! وعلى أي حال، ما قامت به الحكومة اللبنانية كان بالفعل ما يمليه علينا واجبنا الوطني.

من جهة ثانية، وكما تعلمون، فإنّ القرار الذي يتّخذ في مجلس الأمن وبوجود خمس دول ذات العضوية الدائمة لكل منها حق النقض (الفيتو)، وحيث صدر القرار 1701 بالإجماع وصدر القرار العائد للمحكمة الدولية دون أن تمارس أي دولة حق الفيتو.

أنطوان قربان

لدي سؤالين: الاول يتعلّق بترسيم الحدود مع اسرائيل والسؤال الثاني يتعلق بتشكيل الحكومة. لقد كنا مع أحد الخبراء المفاوضين من يومين وهو السيد نجيب مسيحي وشرح لنا أن حكومتكم هي التي رسّمت الخط الذي يتجه شمالاً من الناقورة والذي اعتمدته الدولة اللبنانية لكن بعدها حصلت تطورات تقنية سمحت برسم الخط الثاني والذي من خلاله يحصل لبنان على 1250 كلم إضافية. وحسب ما قال الخبير ان حجة لبنان قوية جداً قانوناً والخطين المرسومين سابقاً يعتبران ساقطين قانوناً أيضاً، السؤال: لماذا لم يوقّع الرئيس عون مرسوم التبديل 6344؟ وكيف يمكن أن نفهم هذا الأمر، هل هو إهمال إداري أم هناك اعتبارات سياسية؟ السؤال الثاني، زيارة دولة الرئيس المكلّف إلى موسكو، ماذا يمكن لي أنا كمواطن أن أتأمل من هذه الزيارات المتعاقبة إلى موسكو فيما يخص هدفنا الذي هو تحرير الإرادة الوطنية؟

الرئيس السنيورة

من المفيد الكلام عن عملية الترسيم للمنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان ومتابعتها حسب تسلسلها الزمني. ففي العام 2006، جرى التواصل مع قبرص واتفق البلدان قبرص ولبنان من اجل تحديد خط الوسط بين البلدين، وقد تم تحديد هذا الخط في 17/01/2007 في النقاط 1 إلى ستة. لكنّ المعضلة آنذاك كانت في عدم امكانية الجلوس مع اسرائيل من اجل تحديد النقطة الثلاثية في الجنوب بين الأراضي المحتلة وقبرص ولبنان. كما أنه لم تكن هناك إمكانية لتحديد النقطة الثلاثية في الشمال بين قبرص وسوريا ولبنان بسبب رفض سوريا التفاوض مع لبنان في حينها. ولذلك اضطررنا بأن نكتفي بستة نقاط بخط الوسط. لكننا بادرنا فوراً بعد ذلك، وبشكل انفرادي بوضع النقطة الثلاثية كما يراها لبنان أكان ذلك في الجنوب أم في الشمال. وهذا العمل بالطبع لم يكن من قبلي أنا شخصياً بل من خلال لجنة مؤلفة من عشرة اختصاصيين، أربعة منهم من الجيش اللبناني. وهؤلاء الأعضاء هم: غالب فاعور- مجلس البحوث العلمية، وسام الذهبي- رئاسة الحكومة، آرا خاتشاطوريان- وزارة الخارجية، حسان شعبان- وزارة الاشغال، العقيد الركن البحري نزيه الجبيلي- قيادة الجيش، العقيد الركن جوزف سركيس- قيادة الجيش، العقيد المهندس إيلي الكك- وزارة الدفاع الوطني، العميد الركن باخوص باخوص- وزارة الدفاع الوطني، مدير عام منشآت النفط سركيس حليس، وعبد الحفيظ القيسي- وزارة النقل. ولقد كانت التوجيهات المعطاة لهم من الحكومة ومني بأن يلتزموا وأن يكونوا أكثر تطرفاً في مقاربتهم لتحديد النقاط الثلاثية في الشمال والجنوب. وعلى ذلك، حدّدت النقطة 23 مع المنطقة المحتلة، وأيضاً حددت النقطة 7 مع سوريا بشكل انفرادي، وذلك على أن تقارب المسألة بعد ذلك في حينها عندما تتأمن الظروف الملائمة للمفاوضات في هذا الخصوص.

بعدها في 30/12/2008، وفي ولاية حكومتي الثانية تألفت لجنة وزارية من أجل متابعة ترسيم الحدود وتأكيد النقاط الثلاثية وهذه اللجنة اصدرت تقريرها في 29/04/2009، وتلك الحكومة كانت كاملة ولم تكن "بتراء" كما كان يقول عنها بعضهم، ولذلك كان قرار مجلس الوزراء الصادر في 13/05/2009 الذي أقرّ وأكّد على تقرير اللجنة التي حدّدت تلك النقاط.

ثم جاءت حكومة الرئيس سعد الحريري التي أودعت النقاط 23 و7 لدى الأمم المتحدة بتاريخ 14/07/2010.

بعد ذلك، وفي 17/12/2010، وبعد أن أودع لبنان نقاطه الثلاثية لدى الأمم المتحدة قامت إسرائيل بتوقيع اتفاق مع قبرص؛ وهنا تدّعي قبرص أنها حاولت التواصل مع لبنان لكنها لم تتمكن من ذلك، وهذا غير صحيح، وهو كلام غير مسؤول. فلبنان وقّع مع قبرص على نص اتفاقية مطابقة لذات النصوص الدولية للتي وقعتها قبرص مع إسرائيل ووقعتها مع مصر، وكذلك بين اسرائيل ومصر. وبالتالي، فإنّ قبرص كانت ملزمة بالتشاور مع لبنان قبل أن تقدم على توقيع أي اتفاق مع إسرائيل لكن قبرص نكلت بالاتفاق مع لبنان.

بعد ذلك، قامت اسرائيل في 12/07/2012 اي بعد مرور سنة على إيداع لبنان نقاطه ترسيمه لحدود منطقته الاقتصادية الخالصة لدى الامم المتحدة، بترسيم حدودها باعتماد النقطة واحد، والتي كانت النقطة على خط الوسط، وهي التي لا تمثل بأي حال من الأحوال النقطة الثلاثية. ولقد قدّم لبنان اعتراضه على ذلك.

وفي 17/08/2011 صدرت دراسة من UKHO أكدت على التحديد اللبناني كما بعد ذلك أصدرت حكومة الرئيس ميقاتي قراراً في 01/10/2011 أكدت فيه على ما كان قد صدر عن الحكومة اللبنانية في 13/05/2009 ثم بعدها ونتيجة عمل لجنة أخرى عينّت لهذا الغرض صدر قرار آخر من حكومة الرئيس ميقاتي بتاريخ 11/05/2012 أكدت فيه على الأمر ذاته.

إذا عمل اللجنة المختصة التي حددت النقطتين الثلاثيتين سبعة و23. وكذلك باقي النقاط على خط الوسط كانت بمشاركة ضباط من الجيش، وهو الترسيم الذي جرى اعتماده من الحكومات المتعاقبة، والذي كان معتبراً أكثر تطرفاً في مقاربته للترسيم ولتحديد النقطتين الثلاثيتين في الشمال والجنوب.

فجأة، وبعد ذلك في العام 2018 ظهر الحديث عن نقطة ثلاثية جديدة، هي النقطة 29 وسط كلام لا يتضمن الاثباتات القانونية اللازمة. وكما هو معروف، فقد ذهب لبنان إلى اجتماعات التفاوض مع إسرائيل تحت الرعاية الأميركية وبحضور الأمم المتحدة في الناقورة، وبعد ثلاثة اجتماعات طرح لبنان في الاجتماع الرابع النقطة 29. وهو الأمر الذي تسبب في وقف سير المفاوضات.

لنكن واضحين، بما يخصني انا كرئيس حكومة سابق أقول، إذا كان لبنان يملك الاثباتات الضرورية ليدعم مطالبته بالنقطة 29، فأنا أول من سيكون من المطالبين باعتمادها. فتوجّهي بالطبع، وبشكل واضح وحاسم أنه لا يجوز التنازل عن سنتمتر واحد من مساحة المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان. لكن أن يكون ذلك إما لأغراض سياسية داخلية أو لافتعال مشكلات، ولاسيما بعد الكلام المنقول عن الرئيس الأسد، والذي أورده السيد هوف في كتابه في أنّ الملكية والسيادة على مزارع شبعا تعود لسوريا، فإنّ هذا يعني، وكأنّ أحداً يحاول اختلاق ذريعة جديدة في هذا السياق، فهذا غير مقبول. وأنا سبق لي أن أكدت على هذا الأمر في حديث لصحيفة الشرق الأوسط. فيما يخص تصرف الرئيس عون فيما خصّ إقرار النقطة 29، والذي اعتبره مدعاة للتساؤل. لأن هناك مئات القرارات التي أصدرها عن رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب والرئيس عون والموقعة من كلاهما، وهي تقتضي لاحقاً موافقة مجلس الوزراء، وذلك بانتظار تأليف الحكومة الجديدة للتأكيد عليها. وبالتالي، فإنه بإمكان الرئيس أن يوقع على المرسوم إذا كان متأكداً من ذلك. ولذلك لماذا إذا الاعتراض على إصدار هذا المرسوم المقترح؟

لقد صدر بالأمس حديثاً في إحدى الصحف ومعلومات تفيد بأن الرئيس عون بانتظار لقائه بالموفد الأميركي ليتّخذ قراره. برأيي يجب أن يوجّه هذا السؤال مباشرة إلى فخامة الرئيس، لأنه إذا كان الرئيس مسؤولاً ويقرّ بأحقية النقطة 29 كما يقول فيجب عليه التوقيع وليُحال المرسوم لاحقاً للحكومة القادمة للتأكيد عليه! ولكن إذا كان الأمر غير ذلك، فإنه ينبغي عندها التبصر بالأمر والمعاندة في هذا الأمر دون أرضية قانونية صلبة تدعم مطلب لبنان الجديد يكون لذلك بعدها تداعيات ومخاطر ينبغي التحسب لها.

أما بالنسبة لزيارة الرئيس المكلف الحريري إلى موسكو فهي زيارة للتشاور في كافة الأمور وحول ما إذا كان من الممكن لروسيا أن تلعب دوراً في تذليل بعض العقبات الخارجية، ولاسيما من قبل إيران.

طوني حبيب

لدي سؤال من الاستاذ هشام عليوان، بالعودة للقرار 1701 يسأل هل تشعر بخيانة الحزب لكم والانقلاب عليكم بهدف التملّص من متطلبات القرار، سيما وأنكم تعاملتم بحسن نية بما يمليهم عليكم موقعكم؟

الرئيس السنيورة

أصدقائي، ليست المرة الأولى التي ينقلب فيها الحزب على ما قبل فيه، فقد تعوّدنا على هذا الأمر، فعندما يقول لك "لا أقبل إلا بالنقاط السبع وبعد إقرار تلك النقاط يصرّح بأنه غير ملتزم بها!" الرئيس إميل لحود كان حاضراً في جلسة مجلس الوزراء في 12 آب 2006، وحصل القرار بحضوره ولايزال لغاية اليوم يردد أنه ليس موافقاً على النقاط السبع! السيد حسن نصر الله قال قبل انتخابات العام 2009 أنه لا داع لاستمرار الجدال والنقاش، فمن يفوز في الانتخابات المقبلة فليحكم، والآخر يكون في المعارضة. ولكن، وبعد أن فازت "14 آذار" بالانتخابات بالأكثرية هدّد حزب الله بأن إذا ما شكّلتم الحكومة فإنه سوف تكون على الورق، ذلك إذا بقي ورق في لبنان! كذلك أيضاً ما حصل بعدها فيما خصّ موافقة الحزب على إعلان بعبدا في العام 2012، وبعد ذلك تنكر لتلك الموافقة التي حصلت في لجنة الحوار الوطني في القصر الجمهوري. هذه هي التجربة التي عشناها مع الحزب!

إيلي القصيفي

ربطاً بعدم توقيع رئيس الجمهورية، نشعر بأننا دخلنا في معركة رئاسة الجمهورية فهناك أكثر من مؤشر في الفترة الأخيرة، فكيف تقرؤون هذا الأمر، وبرأيكم ما تأثير ذلك على العملية السياسية بخصوص الحكومة والترسيم؟

الرئيس السنيورة

أصدقائي، سُئلت منذ فترة في مقابلة على محطة تلفزيونية ماذا تريد من رئيس الجمهورية؟ وكان جوابي أنني أريد من الرئيس أن يتصرّف كرئيس للجمهورية. وبحسب الدستور، فإنّ رئيس الجمهورية ملزم بإجراء استشارات نيابية، وهي ملزمة له بإجرائها وبنتائجها. وهو يسمّي على إثرها رئيس الحكومة المكلف المسمّى من النواب. وبعدها يكون تشكيل الحكومة من مسؤولية الرئيس المكلّف تشكيل هذه الحكومة العتيدة. وبعدها يكون على الرئيس المكلف أن يتشاور مع رئيس الجمهورية بالتشكيلة المقترحة من قبله، وعندها بإمكان فخامة الرئيس، وله الحق بذلك، أن يعطي رأيه بكل اسمٍ مقترح وليس فقط بالأسماء المسيحية لكن بالنهاية عليهما أن يتفقا. ولكن يجب أن لا ننسى أن الذي يتحمّل المسؤولية في هذه العملية هو رئيس الحكومة. صحيح أنه يوقّع مع الرئيس المكلف رئيس الدولة الذي هو رئيس الجمهورية، لكن المسؤولية في النهاية تقع على رئيس الحكومة فقط والامتحان الذي عليه أن يخضع له الرئيس المكلف هو في مجلس النواب لنيل الثقة وليس هناك امتحان لدى رئيس الجمهورية. لرئيس الجمهورية أن يوافق أو يرفض أي اسم من الأسماء لكن بعيداً عن الغرضية. ولكنهما محكومان بالاتفاق وان تعذر الاتفاق فإنّ الحل بالعودة إلى مجلس النواب بحيث يوقع فخامة الرئيس على التشكيلة المقدمة من قبل الرئيس المكلف ويتحمل هذا الأخير مسؤولياته لدى مجلس النواب.

لقد حصلت سابقة لجهة إعطاء الرئيس ميشال سليمان ثلاثة وزراء في الحكومة وكان الغرض منها إيجاد مخرج من الأزمة التي استحكمت في لبنان آنذاك. ولكن ليست هذه هي القاعدة التي يجب اعتمادها، إذ أن رئيس الجمهورية هو الحكم في الصراع السياسي في الدولة وليس طرفاً فيه. فرئيس الجمهورية لم يعطه الدستور الحق بالتصويت في مجلس الوزراء، وبالتالي ليس لديه الحق مداورةً أن يصوّت من خلال وزراء لديه في الحكومة.

أريد أن ألفت نظركم ايها الاصدقاء، أن تأليف هذه الحكومة العتيدة هو بمثابة العقبة الأولى على طريق مليئة بالعقبات وهذا التأليف هو أسهل هذه العقبات، وبالتالي إذا كنا لا نستطيع تذليل هذه العقبة الأسهل فما بالنا وكيف نفعل في العقبات الأصعب القادمة؟

سعد كيوان

بداية أود التأكيد على أن القرارات التي نحن نناقشها اليوم هي قرارات يجب أن تكون في صلب الحديث السياسي لأي مجموعة وطنية لأنها من أهم القرارات الدولية الصادرة دعماً لسيادة لبنان وصون حقوقه وهي قرارات صدرت بجهد دولة الرئيس السنيورة. سؤالي دولة الرئيس هو لماذا استعملتم في حديثكم عن عملية تحديد الحدود وليس ترسيمها، علماً أن مفهوم التحديد هو ما أصر ويصر عليه السيد حسن نصر الله، ما هو الفرق بين التحديد والترسيم سياسياً وقانونياً في الوضع الذي نحن فيه؟

الرئيس السنيورة

لا أنا لم اتكلّم عن التحديد بل عن الترسيم وإذا استعملت كلمة التحديد فقد كان عرضاً وعن غير قصد، فعملنا كان دائماً على ترسيم الحدود لأن التحديد يفترض وضع العلامات على الأرض.

سعد كيوان

شكراً للتوضيح، لكن ما أريد سؤاله أيضاً هو هل نحن اليوم أمام مزارع شبعا بحرية؟

الرئيس السنيورة

لقد استعملت هذه العبارة: "شبعا بحرية- Chebaa sur mer" للدلالة على أهمية وضرورة التبصر والتنبه والحرص على حقوقنا في هذه المنطقة الاقتصادية الخالصة، ولكن التنبه إلى عدم المغالاة دون سند قانوني فيكون من نتيجته الخسران الكبير والإشكاليات وتضييع الوقت.

ياسين قدادو

بعد حرب تموز وقعنا في مشكلة 7 أيار وقد كان هناك قراران سببا المشكلة، سؤالي هل كان القراران خطأ أن يتخذا وكيف أن الامر لم يستكمل. أو هل كان هناك تقصير في دور الجيش في بيروت؟ وكان هناك أيضاً تسرع في المفاوضات في الدوحة لتشكيل حكومة تمّ الانقلاب عليها أيضاً لاحقاً ولا يزال وهج السلاح مستمراً ليومنا هذا، في حين في الجبل حصل نوع من التوازن لا يزال حتى اليوم ولو أنه هشّ لكن في بيروت لا يوجد أي توازن وبالتالي لا تقوم دولة إذا لم يكن لديها عنصر القوة لتنفيذ قراراتها. واليوم نحن نعاني من أزمة مالية حضرتكم أدرى بها، هل هناك مخارج من سطوة السلاح وهل هناك مخارج من الازمة المالية الحالية، أو سيتم إضاعة الفرص كما حصل للأسف سابقاً مع 14 آذار؟

الرئيس السنيورة

بدون أدنى شك وللأسف أن ما جرى في 7 أيار كان بمثابة إسقاط للدولة اللبنانية. وللحقيقة أن القرارين اللذين اتّخُذا وقتها كانا صحيحان. لكن هل كان القرار حكيماً باتخاذهما معاً برأيي كلا.

بالطبع كان هناك اعتداء على سيادة الدولة فتمديد شبكة الهاتف الخاصة بالحزب هو مخالف للقانون فهذا الأمر محصور بالدولة فقط وكان هناك كلام مع حزب الله من قبل الأجهزة اللبنانية في هذا الخصوص قبل تلك الحادثة. إذ أنه، وبعد أن بدأ الحزب بتمديد شبكته في بيروت ونتيجة الاعتراض عليه، فقد وافق الحزب على إيقاف تمديد الشبكة في بيروت ووافق على نزع ما تمّ تمديده. وهذا كلام مثبت في محاضر جلسة مجلس الوزراء، لكنه بالفعل لم يلتزم بذلك واستمر. أما ما حصل في موضوع الكاميرات على مدرج المطار فأيضاً هذا يعتبر تعدٍّ على القانون وعلى الدولة اللبنانية ولا يمكن السكوت عليه. ولكن الحكمة كانت تقضي التنبه إلى عدم اتخاذهما دفعة واحدة.

وأنا في ما أقوله لا أتبرأ من القرار الذي اتخذ في مجلس الوزراء وان أتشارك في تحملي للمسؤولية، ولكنني كنت متوجّساً من اتخاذه بجزأيه. حيث كنت أفضل أن يؤخذ القرار الأول المتعلق بالشبكة ويصار إلى معالجة أمر القرار الأخير عبر التواصل. لكنني جوبهت بمعارضة شرسة من الداخل ما اضطرني عملياً للموافقة. لقد كان توجّهي أن نقوم باتخاذ القرار في موضوع الشبكة، ومتابعة الأمر بالحوار مع الحزب بعد أن تمت الموافقة عليه. أما فيما خصّ القرار الثاني موضوع الضابط، فبرأيي أنه كان يجب ترك الأمر للمعالجة لاحقاً، لكن لم يحصل ذلك وتعرفون ما حصل بعدها.

أما فيما يخص المفاوضات في الدوحة، فإنه تجدر الاشارة هنا إلى أن قوة فريق 14 آذار التفاوضية كانت قد تراجعت مع وصولنا إلى الدوحة. ويتبيّن اليوم، أن كل ما حدث قبل الدوحة وبعدها كان مخططاً له بدقة ليصلوا إلى ما وصلنا إليه. هذا مع العلم أن اتفاق الدوحة كان اتفاقاً مؤقتاً بمعنى أن هذا الاتفاق لم يكن ليعطي مكتسبات سياسية لأي جهة. لكن، وكما جرت العادة، فقد تمّ التراجع عن كل ما اتفق عليه في الدوحة، وحصلت بعدها الاستقالة للوزراء في حكومة الرئيس سعد الحريري في كانون الثاني في العام 2011.

في الموضوع المالي، هذا الذي نعاني منه اليوم في لبنان، ليس حصيلة يوم 17 تشرين الاول 2019 بل هو حصيلة فترة طويلة من الاستعصاء على الإصلاح ونتيجة لعدم اتخاذ القرارات الإصلاحية التي كان ينبغي أن تتخذ على مدى سنوات طويلة، وأنا لديّ كل المستندات التي تُثبت أن هذا الموضوع يعود إلى فترة التسعينات، حيث كانت هناك معارضة شديدة للقيام بالكثير من الإصلاحات. كذلك، فإنّ الاشخاص الذين يجاهرون اليوم بطلب الإصلاح وبطلب المحاسبة هم من كانوا المعارضين الأشدّاء ضد اتخاذ القرارات الإصلاحية الصحيحة، أكان ذلك في الموضوع المالي أو في موضوع التدقيق أو في موضوع التعيينات.

بالمختصر، وصلنا اليوم إلى مرحلة خطيرة جداً لكن يجب ان نكون واضحين، أن الأزمة ليست فقط أزمة مالية بل الأزمة هي في جملة من تلك الممارسات التي تخرق الدستور وتمتنع عن استكمال تطبيق وثيقة الوفاق الوطني وفي استمرار الإطباق على الدولة اللبنانية وعدم احترام سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، وفي عدم احترام الشرعيتين العربية والدولية وعدم احترام استقلالية القضاء اللبناني وغيرها كثير.

حالنا اليوم كحال المريض الذي يشكو من اشتراكات لعدة أمراض، والذي يجب عليه أن يقتنع أولاً بأنه مريض وعليه بعدها أن يقتنع بأن يستشير الأطباء المختصين وأن يستمع لهم وأن يطبّق ما يقولون له وان يثابر على التقيد بما يطلبون منه من معالجات.

عملياً ايها الاصدقاء، علينا أولاً احترام وتطبيق الدستور ووثيقة الوفاق الوطني واستعادة قرار الدولة الحر وسيادتها على أراضيها واستعادة احترام وتصحيح العلاقات العربية والدولية واحترام واستقلالية القضاء ولاستعادة احترام قواعد الجدارة والكفاءة في التعيينات بشكل تنافسي وإلى اعتماد مبدأ المحاسبة على أساس الأداء. هذه هي الحلول الواجب اتباعها وعبثاً نحاول بغير ذلك. وبالنهاية المشكلة ليست فقط داخلية، إذ يجب علينا ان لا ننسى ما يمارسه حزب الله من شروط وإطباق على الدولة اللبنانية وعلى قرارها الحر. هذا هو الاستعصاء الذي يمارسه حزب الله لمصلحة خارجية تتمثل بالانصياع لما تطلبه منه الجمهورية الإسلامية الإيرانية. وهو يتحجج بموضوع الحكومة لاستخدام هذه الورقة في الملف التفاوضي الايراني الاميركي.

طوني حبيب

لدي سؤال من الاستاذ أحمد عياش، عملية اغتيال لقمان سليم في منطقة عمل قوات الأمم المتحدة ومسؤولية حزب الله عن الاغتيال، ما هو تقييمكم؟

الرئيس السنيورة

أكاد اقول إنّ من قتل لقمان سليم وكأنه قد وقّع على وثيقة الاعدام، وهذا بالطبع يدلّ على ضيق الصدر الذي وصلت إليه بعض الأطراف اللبنانية وفي عدم القبول بالرأي الآخر، وليس لدينا الآن سوى المناداة بتدويل الموضوع عبر الاستعانة بلجنة تحقيق دولية. هذه الجريمة المتعلقة باغتيال لقمان سليم ينبغي عرضها على الأمم المتحدة، ولذلك علينا متابعة هذا العمل. ولكن هناك جريمة كبرى أخرى لانزال نتكلّم عنها، وهي جريمة مرفأ بيروت، والتي لم يتحقق بشأنها شيء حتى الآن. في ما خصّ جريمة المرفأ. ها قد مرّ على لبنان قرابة ثمانية أشهر ونحن نبحث بشأن الموظفين الذين في المرفأ والقول بأنهم مسؤولون. بالطبع هم مسؤولين، ولكن المسؤولين الأساسيين لازالوا مغيّبين بالفعل فإن هناك وكأنها يد خفية كانت تتابع كل تحرّك في المرفأ يختص بهذه المواد المتفجرة. وهؤلاء الموظفين رفعوا عن نفسهم المسؤولية بإرسالهم تقاريرهم واحالاتهم، ولكن بقيت تلك المواد في عنابر المرفأ ولم تجر إعادة تصديرها. المسألة الأساس أنه لم يسأل أحد أبداً من أين أتت تلك المواد المتفجرة وكيف تم تخزينها وبعدها كيف تم نقل وتهريب قسم منها من المرفأ؟ اليوم لدينا وزير من ينادي بإغلاق التحقيق، ولاسيما بعد أن سمعنا هذا الكلام من السيد حسن نصر الله. أهم ما قيل هو كلام البطريرك الراعي بأن علينا ان لا ننسى شهداءنا الذين سقطوا بنتيجة هذا التفجير الرهيب وعلينا ان نتابع الموضوع حتى معرفة الحقيقة بكاملها.

أنطوان قسيس

الكلام اليوم عن المرسوم والتدقيق الجنائي، ألا تعتبره دولة الرئيس مناورة بالمضمون والتوقيت من السلطة لحرف الأنظار أو لصرفها لمصلحة شخص ما؟ وهل صحيح أن الامر يستلزم حكومة، الرئيس يطعن الدستور كل يوم ما الذي جرى ليدافع اليوم عن الدستور؟

الرئيس السنيورة

صحيح ما تقوله يا أنطوان. هنا حفلات إلهاء وعملية حرف لانتباه الناس عن القضايا الأساسية، وذلك بإلهائهم بظواهر المشكلات وبأمور جانبية لإبعادهم عن النظر في جوهر المشكلات، وهي التي تتعلق باختطاف الدولة اللبنانية من قبل حزب الله والسيطرة على قرارها الحر.

أما بالشأن الآخر، فإنه وبالشكل، فإن تعديل مرسوم صادر عن مجلس الوزراء يستلزم بالطبع مجلس وزراء لتعديله. لكن الحكومة المستقيلة تمارس عملها وتأخذ قرارات، وهي قرارات تستوجب إعادة التأكيد عليها من قبل الحكومة المقبلة. برأيي أن رئيس الجمهورية يحاول تحقيق أكثر من هدف بتصرفه هذا، أولاً بانه يستطيع إعادة تفعيل الحكومة وبالتالي "التمريك" على الرئيس المكلف. وثانياً، إرسال رسالة إلى الاميركيين بأنه يملك ورقة طالباً منهم التحاور معه أو التحاور مع الصهر. لكن بالنهاية إذا كان رئيس الجمهورية يريد تصحيح الترسيم وأنه يملك ما يثبت صحة الترسيم الجديد فليفعل وليوقع المرسوم. وهنا أريد أن ألفت النظر إلى أنه في هذه العملية هناك مخاطرة لا أدري إذا كانت مستندة إلى براهين قوية وثابتة. وأعود وأكرر أنه إذا كان هناك مستندات قانونية نستطيع بواسطتها الدفاع عن تصحيح الترسيم فأنا واللبنانيون جميعاً يجب أن نكون مع ذلك. لكن إذا كان الأمر كما يصرّحون أنه بهذه الطريقة "نزيد من قوتنا التفاوضية" من أجل أن نعود إلى النقطة 23 لاحقاً، فبرأيي أن مقاربة الموضوع بهذه الطريقة فيها الكثير من الخفّة بالتعامل وذلك بأمور في منتهى الدقة والأهمية! كما أن الخطورة تكمن في أننا بذلك ندفع الملف برمته إلى سنوات من التفاوض في وقت نحن بحاجة إلى بتّ هذا الملف بشكل صحيح وعادل والاستفادة من النفط والغاز هذا بالطبع إذا كانت هذه الاحتياطات النفطية والغازية مؤكدة (Proven Reserves). بالمناسبة، فنحن لغاية اليوم لم نحصل على تأكيد من وجود هذه الثروة في منطقتنا الاقتصادية بعكس ما روّج له جبران باسيل. من جهة ثانية، وحتى لو تبيّن اليوم أن لدينا احتياطات مؤكدة من الغاز والنفط فالأمر سوف يستلزم 5 أو 7 سنوات كي نبدأ بالاستفادة منه، ومع ذلك يجب ان نحرص على حدودنا الاقتصادية الخالصة الصحيحة وتسارع إلى بذل كل جهد من أجل الاستفادة منها.

رلى موفق

في قرار 1701 ذكرتم موضوع مزارع شبعا والفصل السابع لم أفهم ما أردتم إيصاله، إذا أمكن التوضيح؟ ثانياً في موضوع توقيت طرح النقطة 29 وخاصة أن الأمر يتعلق ليس فقط برئيس الجمهورية بل بقيادة الجيش أيضاً ما هو تقييمكم؟ وثالثاً، برأيكم مع حالة الاستعصاء التي نراها ماذا يقدّم لنا بقاء الرئيس سعد الحريري رئيساً مكلّفاً وماذا يقدم لنا اعتذاره؟

الرئيس السنيورة

نحن كنا نتمنى ان يعطينا القرار 1701 الحق بأن تنسحب اسرائيل من مزارع شبعا وتوضع في عهدة الأمم المتحدة ريثما يصار إلى البت بملكيتها وبالسيادة عليها. لكن، كما سبق وشرحت هذا الامر لم يتم. أما موضوع الفصل السابع فقد شرحت أن الاميركيين والفرنسيين كانوا يريدون إقرار القرار 1701 تحت هذا الفصل لكننا نحن من كان يرفض ذلك.

بموضوع النقطة 29، بصراحة لا أدري ما هي دوافع طرح الموضوع الآن، بالأمس النائب السابق سليمان فرنجية وضعها في إطار المعركة الرئاسية، لكن هم كانوا يتكلمون عن هذا الموضوع منذ ثمانية أشهر وفجأة اليوم طرح الامر على الحكومة وعلى طاولة المفاوضات المطروحة في الناقورة. لا أدري ما هو الدافع ولا أريد أن أدخل في تكهنات، لكن اريد أن أوضح أمراً.

من سيتجرأ مستقبلاً إذ لم نستطع أن نبرهن وجهة نظرنا، فيما لو أنهم أقرّوا تعديل المرسوم اليوم، من سيتجرأ على التراجع عن هذا المرسوم بعدها؟ إذا كان اليوم البعض يخوّنون من يرفض التوقيع، فماذا سيفعلون عندها بمن سوف يتراجع؟

ليس هكذا تُدار الأمور التي هي بهذه الجدية! الدستور والقانون ليس ممسحة نمسح بها أرجلنا. المعركة واضحة المعالم. السؤال الآن: حزب الله يأخذ البلد إلى أين ورئيس الجمهورية هل يسمح بأن يُساق البلد بهذا الاتجاه وإلى أين، والاستعصاءات تزداد مع فتح معارك أخرى كأن لبنان لا يكفيه من مشكلات إذ يصار إلى فتح مشكلة إضافية تتعلق بمعركة رئاسة الحكومة وتأليف الحكومة على الساحة الداخلية ومنها أيضاً معركة الرئاسة.

وأما بالنسبة لبقاء الرئيس الحريري او اعتذاره فانا قلت رأيي بهذا الموضوع وأنا مع بقائه وصموده لأن مطلبنا هو دائماً حماية الدستور ولا يمكن التنازل اليوم بمسألة الدستور وتأليف الحكومة فقد تنازلنا بما فيه الكفاية.

طوني حبيب

أعتذر من الجميع لكن وبسبب صيام الأخوة سوف نختم الحلقة بعد سؤال الدكتور أحمد فتفت لو سمحتم.

أحمد فتفت

أردت فقط أضافة توضيح أمر بما يتعلّق بموضوع 7 أيار 2008، ولو أن هذا الموضوع يستحق حلقة حوارية مستقلة. كما أشار دولة الرئيس أنه مورست ضغوط على الحكومة آنذاك، لكن من الواضح أنها كانت مؤامرة محضرة فقد انسحب الجيش من بيروت. كما أنّ قائد غرفة العمليات في الجيش اللبناني غادر لبنان وقتها وسُلمت غرفة العمليات لضابط مقرّب من حزب الله توضيحاً مني لهذا الأمر.

لكن في موضوع آخر، أنا أتدخل لأشهد للتاريخ فما قاله دولة الرئيس دقيق لكنه أغفل أمراً مهماً وهو أنه لآخر لحظة بقي الرئيس السنيورة رافضاً لفكرة الذهاب إلى الدوحة وبطلب شخصي مني ومن الدكتور سهيل بوجي وافق دولة الرئيس قبل ساعة واحدة من مغادرة الطائرة إلى قطر للذهاب إلى الدوحة، لأننا كنا على يقين من أنه ستحصل تنازلات في الدوحة وفي غياب الرئيس السنيورة كانت ستكون التنازلات أكبر بكثير مما لو كان موجوداً ولهذا كنّا مصرين عليه.

فارس سعيد يختم الندوة

يكثر الحديث في هذه اللحظة عن تشكيل جبهات وطنية تتحضر للانتخابات القادمة ولإنشاء جبهات معارضة، نحن اخترنا بلقاء سيدة الجبل بالتعاون مع آخرين بإعطاء الوقت الكافي لمراجعة نقدية لكل التجربة التي عشناها سوية، وبتصوري أنه بهذه المراجعة يمكننا الانطلاق مجدداً باتجاه إعادة تكوين منصة وطنية تلتزم الثلاثية الذهبية التي اعتمدناها بلقاء سيدة الجبل وبحركة المبادرة الوطنية وبالتجمع الوطني اللبناني واليوم ايضاً مع البطريرك الراعي الذي يحمل هذه الثلاثية وهي وثيقة الوفاق الوطني المنبثقة عن اتفاق الطائف الدستور اللبناني وقرارات الشرعية الدولية. أعتقد بان دولة الرئيس فؤاد السنيورة خير من واكب وقام بصناعة التاريخ المعاصر خلال هذه المرحلة.

نشكر دولتكم على كل ما قمتم به ونحن على تعاون وتواصل دائم. بما يتعلق ب أحداث 7 أيار. أنا أيضاً لدي مسؤولية كما غيري، ويجب إجراء مراجعة كاملة لكل هذه الأمور. أريد إضافة أنه لا يستقيم قيام دولة في لبنان طالما هناك سلاح غير شرعي يملي على اللبنانيين، وطالما يكون لبنان وطناً أسير التفاوض الايراني الاميركي، وطناً أسيراً لتحديد النفوذ الايراني في المنطقة في لحظة يعاد ترتيب النفوذ في المطقة بين الدول الإقليمية، وطن اسير لمرحلة انتقالية في المنطقة بين قديم يندثر وجديد نتلمّس معالمه، كل ما نريده وعلى رأسنا بتصوري الرئيس فؤاد السنيورة هو أن نبقى متمسكين بوحدتنا الداخلية ووحدتنا الاسلامية المسيحية ومتمسكين بمعنى لبنان الذي هو معنى العيش المشترك وخارج هذا المعنى ليس هناك من لبنان.

وموضوع تنظيم المساكنة بين الطوائف على قاعدة فدراليات أو على قاعدة الفصل أو إدارة سياسية لكل طائفة تتعاطى مع الادارات الأخرى هو موضوع يفسد الشراكة الوطنية. ولا يمكن أن يكون هناك مستقبل للبنان في هذا الاتجاه.

أما فيما يختص بموضوع فتح معركة رئاسة الجمهورية هناك من يقول أنا الأقوى وبدليل نظموا انتخابات نيابية مبكرة وسترون أنني الأقوى.

وهناك من يقول أنا الأقرب من حزب الله وشاهدوا كيف أدير عملية ترسيم الحدود هناك من يقول أنا الأقوى عسكرياً وهناك من يقول ايضاً صهري أفضل من الجميع.

كل هذا لا يمكن أن ينتج خطوة بالاتجاه الصحيح، مع الاحترام للجميع، الخطوة هي اليوم في يد بكركي التي تقول تحرير الشرعية اللبنانية، حياد لبنان، ومؤتمر دولي من اجل مساعدة اللبنانيين على تنفيذ الدستور وقرارات الشرعية الدولية.