تقرير فريق LCRS Politica للأحداث في لبنان بعد الانفجار الذي ضرب مرفأ بيروت، بالاضافة الى احداث المنطقة والعالم.
قد تكون حكومة نتنياهو الجديدة الأكثر تطرفا في تاريخ إسرائيل، وقد أتت بعد أربع سنوات من أزمة سياسية داخلية أدلى خلالها الإسرائيليون بأصواتهم في خمس جولات انتخابية. وقد يُقدِم هذا اليمين في ظل الأزمتين الداخلية والإقليمية على خطوات تصعيدية في الداخل والخارج، ما يضع المنطقة، المتأرجحة أصلاً، على فوهة البركان. ومع تهديدات نتنياهو بقصف مطار بيروت أو تهديده بضرب ايران بهدف إيقاف برنامجها النووي سيكون الوضع في الشرق الأوسط كمن يقف على حافة الهاوية. وما اقتحام وزير الأمن الوطني الإسرائيلي إيتمار بن غفير، المسجد الأقصى، إلا دليل على ما سينتظر المنطقة، لكن التنديد والتحذير العربي والدولي لن يفيد، بل المطلوب لهذه المدينة ما طالب به البابا بنديكتوس السادس عشر أي جعل "القدس" مدينة مفتوحة لجميع الديان، وطالبت به جمعيات مدنية وسياسية لبنانية وفلسطينية ووضع المدينة تحت حماية وإدارة الأمم المتحدة.
من الجانب الآخر للقلادة، لقد مرّ أكثر من ثلاثة أشهر ونصف على قتل مهسا أميني في طهران على يد شرطة الأخلاق واندلاع تظاهرات الشابات والشباب الايراني عقب ذلك، وقد تحوّلت هذه التظاهرات من احتجاجية على مقتل الفتاة إلى منادية بإسقاط النظام القاتل! فقد تخطى عدد برصاص قوات الامن ال500 قتيل.
وكالعادة يتّهم النظام الايراني الدول الغربية بالوقوف خلف هذه التظاهرات، وبالرغم من القتل المتعمّد الذي تواجه به قوات الأمن المتظاهرين، كذلك الإعدامات التي بدأ النظام القضائي بإصدارها وتنفيذها، يستمر الشارع الايراني بانتفاضته التي بدأت تحت عنوان "المرأة والحياة والحرية" لتتحوّل تدريجياً مع تصاعد عنف السلطة الايرانية إلى "الموت لخامنئي، اللعنة على خميني"، "الموت للديكتاتور" و"الموت للباسيج"، وتستمر المدن والبلدات والجامعات الايرانية بانتفاضتها ليلاً ونهاراً ومع تحرك تجار البازار في طهران لدعم الشباب المتظاهر يبدو أن التظاهرات تتجه إلى التصعيد!
في الملف النووي، ومع تمسك وكالة الطاقة الدولية بتحقيقاتها المتعلقة باليورانيوم في بعض المواقع في ايران وتعنّت طهران بالمقابل، دخل ملف المفاوضات النووية في طريق مسدود؛ ومع استعمال طهران للقوة المفرطة مع الانتفاضة الداخلية فقدت ايران الدول الغربية التي كانت تعتبر "صديقة" في هذا الملف، لكنها لم تفقد في الوقت نفسه قبضتها على العواصم العربية الأربعة التي كان قادتها قد فاخروا بوضع يدهم على قرارها. لكن في هذا الملف، تستمر طهران في تخصيب اليورانيوم، متحدّية بذلك المجتمع الدولي، وهو ما سوف ينعكس بالتأكيد على صعوبة إيجاد حلول مستقبلية.
في الملف اللبناني، كانت هذه آخر سنة في عهد الرئيس ميشال عون، الذي اتّسم باللون الأسود منذ بدايته. وبالرغم من حصول انتخابات نيابية، استغلّتها بعض القوى السياسية لتحقيق مكاسب خاصة واعدة اللبنانيين في برامجها الانتخابية بالتغيير إذا ما وصلت إلى ندوة البرلمان، لكن ذلك لم يحصل لعدم قدرة هذه القوى على فرض حلول سياسية بسبب وجود سلاح الاحتلال ومصادرته للقرار السياسي السيادي للبلد، وهو ما تغاضت عنه بالفعل وليس بالقول، فقد استغل بعضها هذا العنوان من أجل تحفيز الناخب. لكن وما إن اجتمع النواب من أجل انتخاب رئيسٍ جديد للجمهورية، حتى تبيّن للمواطن اللبناني أولاً، وللمجتمعين العربي والدولي أن اللعبة الديموقراطية في لبنان معطلة بفعل قوة الأمر الواقع-حزب الله الايراني الذي يمارس دور الاحتلال الايراني في بيروت (عاصمة من العواصم العربية التي وضعتها ايران تحت سيطرتها). ولقد انعقدت عشر جلسات لانتخاب رئيس الجمهورية من دون جدوى، ورغم المناشدات الداخلية والعربية والدولية للقادة السياسيين في بيروت من أجل تحريك العجلة السياسية بهدف فتح نافذة للحلول، لا تزال هذه القوى تمارس "الهرطقة" السياسية والبلد يتّجه مزيداً نحو قعر الهاوية. ولقد استطاعت المملكة السعودية، في هذا السياق، الحصول على تواقيع عربية ودولية على خارطة طريق تحدد الخلل في الأزمة اللبنانية وتشير إلى أن عملية الانقاذ يمكن أن تكون فقط عبر تطبيق الدستور والطائف والقرارات الدولية. هذا في وقت تتفاقم الأزمات المعيشية التي تثقل كاهل المواطنين الذين لم يعد يرَ بعضهم مخرجاً إلا عبر قوارب الموت المتجهة نحو مستقبل غير مضمون!
في ملف سوريا، لم يتوقف القصف الاسرائيلي خلال هذا العام لمواقع حزب الله وايران، وقد استهدف القصف ايضاً المطارات في دمشق وحلب كما المرافئ على الشاطئ البحري، ومن دون أي ردّ من ايران أو حزب الله الايراني في لبنان أو حتى من الجيش الروسي. هذا في وقت تعيش سوريا أزمة اقتصادية متفاقمة على كافة المستويات حتى الصحية منها. ولم ينجح المبعوث الدولي، غير بدرسون، في مساعيه السياسية لتقديم اية حلول يوافق عليها اللاعبون الأساسيون في الساحة السورية، أي روسيا، ايران وتركيا. هذا فيما تحاول موسكو جمع الرئيسين أردوغان والاسد في محاولة لطرح حلٍ يناسبها في المجال القريب، دون أن تنجح حتى الساعة. وكان لافتاً مؤخراً الدعم الروسي لحل أزمة الرغيف في سوريا حيث استوردت سوريا من روسيا أكثر من 500 ألف طن من القمح الذي أفادت السفارة الاوكرانية في بيروت أنه قمح مسروق من أوكرانيا بحسب متابعتها لحركة الحبوب وطرق الشحن.
في العراق، وبعد انسحاب السيد مقتدى الصدر من الساحة السياسية بعد فوز حركته السياسية بالأغلبية البرلمانية تفادياً لصدام دموي مع الاحزب الموالية لايران، تمكنت طهران من تشكيل حكومة موالية وتحاول من خلالها أيضاً فرض شروطها لتحجيم المعارضة الكردية الايرانية التي لجأت إلى كردستان هرباً من الموت، وذلك بعد عمليات قصف للمناطق الكردية لأسابيع، وبعد اتهامها لها بمسؤليتها عن الاحتجاجات في الداخل الايراني!!
في ملف اليمن، بالرغم من الجهود التي بُذلت لتمديد الهدنة الأممية من قبل المبعوث الأممي والسعودية والحكومة الشرعية لم تتمكن هذه الجهود من كسر التعنّت الحوثي الذي بقي متمسكاً بحصاره لمدينة تعز وإغلاقه للطرقات الرئيسية. وتواصل الميليشيات الحوثية بممارسة عمليات التنكيل بالمواطنين المتواجدين في المنطقة التي تسيطر عليها كما تواصل قصف مخيمات النازحين. إلى ذلك، بدأت هذه الميليشيات قصف موانئ تصدير المواد النفطية في خطوة اعتُبرت جريمة حرب. وفيما تواصل ايران تصدير الاسلحة والمخدرات تحاول القوى العسكرية الدولية المتواجدة في المنطقة بالتعاون مع القوى الاقليمية منع ايصال هذه الشحنات إلى متلقّيها.
وفي هذا السياق لا يبدو أن طهران ستتراجع عن دعمها للميليشيات فصنعاء هي عاصمة من العواصم العربية التي وضع الحرس الثوري يده على قرارها، وهذه ورقة من أوراق الضغط التي تملكها ايران على طاولة مفاوضاتها مع المجتمع الدولي.
في تونس، نجح الرئيس التونسي بإجراء الانتخابات النيابية التي كانت مقررة بحسب خارطة الطريق التي وضعها بالرغم من مقاطعة أحزاب المعارضة ولو كان تجاوب التونسيين خجولاً. وبانتظار ما ستؤول إليه حركة اتحاد الشغل الذي يهدد بالنزول إلى الشارع احتجاجاً على سياسة الحكومة الاقتصادية الجديدة والتي تعد برفع الدعم وزيادة الضرائب، تبقى حالة البلاد على ترقّب مع وعود دولية وعربية لدعم الاقتصاد التونسي.
في السودان، تمكّن المكونان العسكري والمدني في السودان من توقيع اتفاق إطاري، يمهد الطريق لفترة انتقالية تمتد لعامين وتخرج الجيش من المشهد السياسي، في بادرة انفراجة على ما يبدو للأزمة السياسية التي تشهدها البلاد. وبالرغم من معارضة بعض المكونات السياسية السودانية لهذا الاتفاق، فقد حاز على دعم إقليمي ودولي قد يخوّله نقل السودان إلى مرحلة الاستقرار. لكن هذه المرحلة لن تكون سهلة، فالساحة السودانية لا تخلو من تدخلات تسعى إلى إبقاء الوضع فوضوياً.
في ليبيا، بالرغم من التقارب الأخير بين المجلس الرئاسي ومجلس النواب، تبقى أزمة الحكومتين هي الطاغية على المشهد الداخلي، ومع الصدام القائم بين الميليشيات في العاصمة لا يبدو أن الحل السياسي قريب فيما يستمر التدخل في الساحة الليبية من اكثر من طرف.
في الملف التركي، يجهد الرئيس أردوغان قبل موعد الانتخابات الصيف المقبل على ترتيب وضع حزبه. فبالرغم من الانتقادات التي تطال السياسة المالية يواصل البنك المركزي بتطبيق إرشادات الرئيس الذي نجح مؤخراً بفتح باب الدعم العربي لاقتصاده، وها هو مع بداية العام الجديد يرفع الحد الأدنى بشكلٍ قد يؤدي إلى تضخّم جديد. وفي الملف الإقليمي يسارع أردوغان إلى تطبيع العلاقات مع مصر على حساب الجماعة الاسلامية، علّ هذا التقارب يغطّي على التأزم الحاصل في شرق المتوسط مع اليونان وقبرص.
في اوكرانيا، بعد الفشل الذي لحِق بالـ"عملية الخاصة" التي أطلقها بوتين تحت عنوان حماية المتكلمين باللغة الروسية في اوكرانيا من بطش "النازية" الاوكرانية، أصبح هدف الجيش الروسي اليوم في أوكرانيا هو تدمير البنية التحتية بشكلٍ علني. وقد اضطر بوتين إلى اللجوء إلى التعبئة الجزئية لتعويض الخسائر التي مُنِي بها جيشه في هجومه حيث خسر الجيش قوات النخبة التي تقدّمت المعارك على كافة الجبهات، وهو بحاجة اليوم لإعادة تجهيز وتدريب هذه الألوية من أجل القيام بهجوم جديد على العاصمة كييف، كما تقدّر قيادة الاركان الاوكرانية.
بالمقابل، يتحضّر الجيش الاوكراني عتاداً وعديداً للرد على هكذا هجوم كما يتحضّر ايضاً لهجوم معاكس قد يبدأ به قبل الهجوم الروسي كما يقدّر المراقبون والمتابعون للقائد زالوجني. ومع استمرار الدعم الغربي وتصلّب الجيش والشعب الاوكرانيين في الدفاع عن كيانهم لا يبدو أن الحرب ستكون نهايتها قريبة.
XXXXXXXXXXXXXXXXXXX