تقرير أسبوعي دولي - 16-2020

تقرير أسبوعي دولي - 16-2020
الأحد 23 أغسطس, 2020

 15/8 - 21/8/2020

 

تقرير فريق LCRS Politica للأحداث في لبنان  بعد الانفجار الذي ضرب مرفأ بيروت، بالاضافة الى احداث المنطقة والعالم.

 

  1. المقدّمة

في الشأن اللبناني

أعلنت المحكمة الخاصة بلبنان في بيان أن غرفة الدرجة الأولى أصدرت يوم 18آب، حكمها في قضية عياش وآخرين، وقررت بالإجماع أن المتهم سليم جميل عياش مذنب على نحو لا يشوبه أي شك معقول بصفته شريكا في: مؤامرة هدفها ارتكاب عمل إرهابي، وارتكاب عمل إرهابي باستعمال أداة متفجرة، وقتل السيد رفيق الحريري عمدا باستعمال مواد متفجرة، وقتل 21 شخصا آخر عمدا باستعمال مواد متفجرة، ومحاولة قتل 226 شخصا عمدا باستعمال مواد متفجرة. وقررت أيضا أن المتهمين حسن حبيب مرعي، وحسين حسن عنيسي، وأسد حسن صبرا غير مذنبين في ما يتعلق بجميع التهم المسندة إليهم في قرار الاتهام الموحد المعدل. وتتعلق القضية بالاعتداء الذي أودى بحياة رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري واستخدمت فيه متفجرات بكمية تعادل 2500 إلى 3000 كيلوغرام من مكافئ مادة "تي أن تي"، ووقع في وضح النهار يوم 14 شباط/فبراير 2005 في وسط بيروت. وأدى الانفجار إلى مقتل 22 شخصا، بمن فيهم رئيس الوزراء السابق، وإلى إصابة 226 شخصا آخر. وعقب الانفجار بوقت قصير، بعد ظهر يوم 14 شباط/فبراير، تلقى مكتب قناة الجزيرة في بيروت اتصالات تعلن فيها المسؤولية عن الاعتداء، وشريط فيديو بثه لاحقا. وظهر في الفيديو شاب فلسطيني، هو السيد أحمد أبو عدس، زاعما أنه نفذ الاعتداء باسم جماعة أصولية تدعى "جماعة النصرة والجهاد في بلاد الشام". وقد نظرت غرفة الدرجة الأولى في كل دليل على حدة، وفي الأدلة مجتمعة. وتضمن سجل المحاكمة أدلة قدمها 297 شاهدا و3135 بينة تقع في أكثر من 000 171 صفحة. وفي ختام المحاكمة، تجاوز عدد صفحات محاضر الجلسات 900 93 صفحة، بما يشمل اللغات الرسمية الثلاث. ويقع الحكم المعلل في 2641 صفحة. ولتيسير اطلاع الجمهور عليه، أصدرت غرفة الدرجة الأولى أيضا ملخصا للحكم، هو نسخة موجزة أصلية وذات حجية من الحكم. ويتوافر على الموقع الإلكتروني للمحكمة نص الحكم وملخص الحكم ونص النطق بالحكم كما تلي في قاعة المحكمة بتاريخ 18 آب/أغسطس 2020.

وتتألف غرفة الدرجة الأولى من القاضي دايفيد ري رئيسا، والقاضية جانيت نوسوورثي، والقاضية ميشلين بريدي. والقاضي وليد عاكوم والقاضي نيكولا لتييري هما قاضيان رديفان.

وقد أرفق بالحكم رأي منفصل وبيان للقاضي ري، ورأي منفصل للقاضية نوسوورثي، ورأي مخالف للقاضية بريدي.

إجراءات تحديد العقوبة:

ستباشر غرفة الدرجة الأولى تاليا بإجراءات تحديد العقوبة بحق سليم جميل عياش، وبعد تلقيها مذكرات من الأفرقاء، ستحدد العقوبة في ما يتعلق بكل تهمة وردت في قرار الاتهام المعدل الموحد وأدانته بها، أو ستحدد عقوبة واحدة تشمل مجمل سلوكه الجرمي. ويمكن أن يحكم على سليم جميل عياش بالسجن مدى الحياة. وسيتلى الحكم بالعقوبة علنا.

الاستئناف:

يجوز تقديم استئناف طعنا بحكم أو عقوبة في غضون 30 يوما من تاريخ النطق بالعقوبة.

هذا على الصعيد القضائي، أما على الصعيد السياسي العام والداخلي ماذا يعني هذا الحكم؟

لقد حكمت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان على اللبناني سليم عياش في حين لا يجرؤ قاضي في لبنان على لفظ إسمه لأنه عضو في حزب الله، ولأن "الحزب" متحكّم بمجلس الوزراء ومجلس النواب ومتحالف مع رئيس الجمهورية وحزبه ويضع يده على مجمل المؤسسات في البلد.

يشير التقرير إلى أنه لو لم يصرّ اللبنانيون على إنشاء هذه المحكمة التي دفعوا ثمن تشكيلها شهداء من خيرة قادتهم لما استطاعوا التوصل بالتحقيق والمحاكم اللبنانية ألى هذا الحكم، فقط المحكمة الدولية هي القادرة على إتهام اعضاء من حزب الله وإصدار حكم بحق واحد منهم. لقد رفضت المحكمة الدولية في سردها للحكم الاتهام الذي ساقه القضاء اللبناني وأجهزته الامنية بحق احمد أبو عدس الذي قيل بأنه ينتمي لمجموعة إسلامية متطرفة وارهابية، وحيث أنها لم تدين منظمة حزب الله او قيادته اوالنظام السوري، ذلك أن هذا الامر خارج عن صلاحيتها، لكنّها أشارت بوضوح ألى أن الجريمة هي سياسية بامتياز وقد حصلت بعد انضمام الرئيس رفيق الحريري إلى المعارضة اللبنانية المطالبة بانسحاب سوريا من لبنان في تجمّع "البريستول-3". وأضافت أن المستفيد السياسي من هذه الجريمة على الساحة اللبنانية كان حزب الله وسوريا.

لقد فتح حكم المحكمة ملف شراكة حزب الله في بناء الدولة بوصفه حزب قاتل لقادة شركائه في هذه الدولة، الامر الذي يستدعي السؤال: كيف يمكن الاستمرار بالشراكة معه بدون خطر المواجهة مع المجتمعين العربي والدولي.  

 

  1. التقرير

 

يقدّم فريق التقرير قراءة تحليليّة للاحداث في لبنان والمنطقة والعالم ويرفق كل المستندات والوثائق المهمّة التي من شأنها المساعدة على توضيح الموقف.

 

  1. في الشأن اللبناني

ما زالت حكومة تصريف الاعمال تتخبّط في معالجة كافة الملفات العالقة، فبعد ارتفاع أعداد المصابين بجائحة كورونا بشكلٍ مقلق أعلنت الاقفال التام في البلد لمدة 17 يوماً مما استدعى قوى القطاع الخاص على إعلان العصيان على هذا القرار متّهمين الحكومة بالفشل في معالجة هذا الملف ومتّهمينها بالسير نحو إفلاس البلد وليس إنقاذه. أما على الصعيد السياسي فما زال لبنان بانتظار تعيين موعد الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية خلف الرئيس دياب. فيما تنشط الاستشارات بين الرئيس نبيه بري ورئيس الجمهورية لاعتماد اسم الرئيس الذي سيكلّف تشكيل الحكومة القادمة وشكلها خلافاً للدستور. وتنشط التسريبات حول من هي الشخصية التي يمكن أن تتولى رئاسة الحكومة بعد فشل العهد في معالجة الازمات التي حلّت بالبلد وبعد فشل كل الوعود التي أطلقت مع بدايته أو مع التسوية التي أُبرمت في حينه.  

أما على صعيد ملف انفجار مرفأ بيروت، أتت تغريدة من "مدير مركز الإرتكاز الإعلامي" سالم زهران المحسوب على "محور الممانعة" قال فيها: "عندما يسطر المحقق العدلي قراره الإتهامي في جريمة ‫مرفأ بيروت ويكشف للمحكمة أسباب قدوم الباخرة إلى ‫لبنان وما جاءت لنقله إلى العقبة في الأردن سيشهد الرأي العام على حقيقة موثقة بالأدلة الرسمية ومختلفة عن كل الروايات الموجودة حتى الساعة في الإعلام..!"، لتؤكّد مجدداً على أحقّية مطالبة بعض القوى السياسية والمدنية بلجنة تحقيق دولية لتبيان حقيقة ما جرى وكشف المسؤولين عن الانفجار. هذا فيما تتعاقب تحليلات خبراء المتفجرات وتشكيكهم بكمية نترات الامونيوم التي انفجرت في المرفأ.

وفي حين أكد الخبير الروسي فيكتور موراخوفسكي لصحيفة "نداء الوطن" أنه تمت "سرقة كميات كبيرة من نترات الأمونيوم من مرفأ بيروت وانفجار الكمية المتبقية، لأن انفجار 2750 طنًا كان سيؤدي حتما إلى إزالة بيروت من على الخريطة". كما قدّر خبير المتفجرات الإيطالي دانيلو كوبي "بوجود أسلحة وذخائر حربية لحظة وقوع الانفجار في المرفأ اللبناني". كما لم يستبعد خبير متفجرات لبناني رفيع المستوى فرضية وجود مواد أخرى في العنبر رقم 12، قائلا إن "الجماعات الإرهابية تستخدم عادة نترات الأمونيوم نظرًا لسهولة تصنيعها، وسعرها المنخفض نسبيا؛ إذ يمكن صناعة هذه المواد بتكلفة قليلة عن طريق مزج الأمونيا وحمض النيتريك، وتعد مادة كيميائية صناعية متوسطة الانفجار، وهي أقوى من البارود بـ4 أضعاف، في حين تتفوق عليها مادة "تي إن تي (TNT) من حيث قوة الانفجار، التي تعد أقوى منها بـ4 أضعاف". وخلص إلى أن "وجود مخزن أسلحة كان السبب أو المحرّض على انفجار النترات؛ كون هذه المادة بحاجة إلى صاعق ومحرض لتنفجر. وقد يكون الفيديو الأول للحريق خير دليل على ذلك، إذ لوحظ انفجار ذخائر ذات أعيرة ثقيلة (ذخيرة مضادة للطائرات) وليست ألعابًا نارية تستخدم في صناعتها مركبات تعطي ألوانًا مختلفة". وإذا كانت تحليلات الخبراء صحيحة بشأن عدم صواب انفجار هذه الكمية من النترات، فهذا يطرح عددا من الأسئلة، أبرزها: من يستفيد من تخزين المواد المتفجرة؟ وأين الكميات المتبقية؟ وإلى أين أخذت؟ وكيف؟ ومتى؟

وإذا أضفنا التقارير والدلائل التي نشرتها بعض الصحف الاوروبية والمواقع الالكترونية عن تورط حزب الله في الاستحصال على مادة نترات الامونيوم من ايران عبر مرفأ ومطار بيروت وحفظها من أجل استخدامها لاحقاً، وأضفنا إلى هذه الآراء والتقارير مسألة إن الاجهزة الامنية والقضائية اللبنانية مسيّسة وبالتالي غير موضوعية، يتحتّم بالتالي تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة لمتابعة هذا الملف كما حصل في ملف اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

صدر يوم الاثنين بيان "لقاء سيدة الجبل" الاسبوعي والي جاء فيه: لقد كشف انفجار بيروت، يوم 4 آب 2020، مستور المنطقة. إذ يتبيّن أنها تنتقل من مرحلةٍ قديمة على مشارف الانتهاء إلى مرحلة جديدة نتلمّسُ معالمها.

وفي هذه المرحلة الانتقالية يتحمّل الرئيس ميشال عون مع حزب الله مسؤولية "جريمة" فقدان لبنان للدور الريادي في المنطقة أولاً، وللحريات والمصرفَ والجامعة والمدرسة والمستشفى والقطاعات الانتاجية والصناعة والتجارة وحتى المرفأ ثانياً، بينما تنتقل دولٌ من المنطقة لتنفتح على مساراتٍ جديدة في الاقتصاد والسياسة ولتلعب دورها في كل المجالات.

إن لقاء سيدة الجبل يدعو جميع المعنيين إلى التفكير ملياً والخروج من المحلية السياسية وعدم اختزال الازمة الوطنية ببعدٍ داخلي واحد، الفساد أو سوء الادارة أو الطبقة السياسية أو الطائفية أو النظام.

نحن أمام مرحلةٍ جديدة وعلينا أن ننتقل بلبنان، مواكبةً لهذه المرحلة، على قاعدة احترام شرعيتنا اللبنانية وانتمائنا الواضح للعالم العربي والتمسّك بعلاقاتنا مع المجتمع الدولي وتمتينها وترجمتها هي بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية 1559، 1680، 1701 و1757. وخارج هذه الشرعيات الثلاث تبقى كل الاطروحة السياسية التقليدية منها أو "الثورية" ناقصة ومنقوصة.

وينتظر "اللقاء" مع جميع اللبنانيين، غداً، صدور الحكم عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بشأن اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ويعتبر أن هذا الحكم ليس انتصاراً لفريق على آخر في الداخل إنما هو انتصارٌ للعدالة في لبنان والمنطقة ولسائر اللبنانيين بدون استثناء.  

بعد إصدار حكم المحكمة الدولية، اعلن الرئيس سعد الحريري من لاهاي، ان "المحكمة الدولية حكمت، ونحن باسم عائلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري نقبل حكم المحكمة ونريد تنفيذ العدالة بوضوح، لا تنازل عن حق الدم. اما مطلب اللبنانيين الذي نزلوا بعد جريمة الاغتيال هو كان الحقيقة والعدالة الحقيقة، اليوم عرفناها جميعا وتبقى العدالة التي ستتنفذ مهما طال الزمن". وقال:"احمل اليوم طلبا جديد، مطلبي ان الحقيقة والعدالة لرفيق الحريري تؤسس لمعرفة الحقيقة وتحقيق العدالة للأبرياء الذي سقطوا في مرفأ بيروت وكل من تدمرت بيوتهم ومصالحهم من دون اي سبب ومبرر، وهنا أقول لا تنازل عن حق بيروت". اضاف: "الحقيقة والعدالة بتفجير المرفأ مطلب جميع اللبنانيين، اليوم بفضل المحكمة الخاصة بلبنان للمرة الأولى عرف اللبنانيون الحقيقة، وللمرة الأولى حكمت العدالة الحقيقية. وأهمية الرسالة للذين ارتكبوا الجريمة والمخططين هي ان زمن ارتكاب الجريمة السياسة من دون عقاب انتهى". وتابع: "قلت في بداية كلامي: على دم رفيق الحريري ودماء الشهداء الضحايا لا يوجد مساومة. واليوم سمعنا الكثير بالسياسة، وبات واضحا للجميع ان الهدف هو تغيير وجه لبنان ونظامه وحضارته وهويته، ولا مجال للمساومة على هويته وحضارته". وقال: "لن نستكين حتى يتم تنفيذ القصاص، ومن يقول انه ليس لديه ثقة بالمحكمة الدولية اظن انه بات لديه ثقة بالمحكمة الدولية، لا يوجد أي جريمة سياسية وصل فيها لبنان إلى الحقيقة، واليوم الجميع امام مسؤولياتهم ولا يمكن لأحد ان يقول انه غير معني". واشار الى ان "المحكمة كانت مطلب الشعب اللبناني الذي دفع ثمنها دموعا وأموالا، والحكم هو استجابة الشرعية الدولة لرغبة اللبنانيين. والحكم الصادر اليوم أخذ وقتا طويلا بأعلى معايير العدالة الدولية والادلة القاطعة، واللبنانيون لن يقبلوا ان يكون وطنهم ملجأ للقتلة". وختم: "مصداقية المحكمة اليوم انه كان هناك 4 متهمين تم تبرئة 3 منهم، وهذه قوة المحكمة وقوة مصداقيتها ، وأثبتت انها لديها مصداقية كبيرة".

وفي تطور جديد بما خصّ موضوع تفجير مرفأ بيروت وما نجم عنه، وجه المحامي مجد حرب إخبارا إلى النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات حول موضوع "تمنع كل من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس الوزراء حسان دياب عن ممارسة واجباتهما والتسبب بوفاة مئات الأشخاص وبإصابة آلاف المواطنين وبتدمير نصف العاصمة بيروت." (ملحق رقم 6*- نص الاخبار)

وفي هذا السياقٍ، رأى مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، في رسالة وجهها الى اللبنانيين لمناسبة حلول رأس السنه الهجرية "إن التهديد الوجودي للبنان الوطن والدولة، يقتضي أمورا عاجلة: تحقيق دولي لتحديد المسؤوليات واستعادة الثقة، الإقبال على تغيير جذري في السلطة، كما هي إرادة الشباب، بل كل الناس، قيام رئيس الجمهورية بإجراء استشارات نيابية ملزمة وعاجلة، لتسمية رئيس حكومة، يكلف بتشكيل حكومة حيادية إنقاذية، ويكون من مهماتها، إنفاذ الحكم الذي أصدرته المحكمة الدولية، في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري". ولفت المفتي دريان الى انه "قد لا نحتاج إلى الحياد، إذا بنينا دولة قوية وعادلة ، ومعززة بالوحدة والتماسك الداخلي"، معتبرا انه "إذا بقينا على انقسامنا ولم نبن دولة، فلن يفيدنا أي حياد حتما ، ولن نخرج من نفق التمزق والتشرذم والحقد والعداء". (ملحق رقم 7*- رسالة)

أما في موضوع تفاقم الوضع الصحي مع فيروس كورونا المستجد، فقد أصدر وزير الداخلية اللبناني بحكومة تصريف الأعمال محمد فهمي يوم الثلاثاء، مرسوما قضى بالإقفال اعتبارا من الساعة السادسة من صباح الجمعة 21 آب ولغاية الاثنين 7 أيلول المقبل، في كافة المحافظات. ويشمل الإقفال المؤسسات الخاصة والأسواق التجارية والأسواق الشعبية والشركات التجارية والكورنيش البحري والمرافق السياحية والملاعب الرياضية الداخلية والخارجية والنوادي والمسابح العامة والخاصة والمطاعم والمقاهي والنوادي والملاهي الليلية وغيرها. ويُعدّل بموجب المرسوم توقيت منع الخروج والولوج إلى الشوارع والطرقات ليصبح ما بين الساعة السادسة مساء ولغاية السادسة فجرا من كل يوم.

وفي الشأن الاقتصادي، قال مصدر رسمي الخميس إن مصرف لبنان المركزي لن يدعم الوقود والقمح والدواء لأكثر من ثلاثة أشهر أخرى في ظل تناقص احتياطيات العملات الأجنبية. وقال المصدر لرويترز إن البنك المركزي أبلغ الحكومة أنه سيوقف الدعم حينها لمنع نزول الاحتياطيات دون 17.5 مليار دولار. وأعلنت شركة ستاندرد آند بورز مساء الجمعة أن بعض سندات لبنان جرى خفضها إلى D نتيجة تجاوز موعد السداد وتصنيف العملة المحلية عند 'CC/C' مع نظرة مستقبلية سلبية.

عقد القطاع الخاص مؤتمرا صحافيا مساء الخميس في وسط بيروت شارع المطران أعلن فيه قراره بشأن الاقفال الذي دعت اليه الحكومة بالتزامن مع انتشار كورونا. ولفت الى ان الحرب على كورونا لا تكون بهذه الطريقة وقبل التسكير يجب ان يكون هناك تفكير جدّي. وسأل:" هل يلعبون "فتحي يا وردة سكري يا وردة" وهل كورونا يتحرّك بعد السادسة مساءً فقط؟ وقال المشاركون في المؤتمر:" لا نشعر بالوعي الحكومي الى الآن ولن نضطر للسير مع حكومة تتصرف بطريقة غير واعية". ووصفوا قرارات الحكومة بالغبيّة والمرحلة التي اوصلونا اليها بالخطيرة ويجب الاقفال ولكن ليس بالأوقات التي حدّدتها وزارة الداخليّة. وأضافوا:"من يريد ان يفتح غدا سيفتح ولن يردّ عليكم، فقراراتكم لا نثق بها ولن نسمع لكم وسنعيد اصلاح بلدنا يوم ترحلون وليس بوجودكم لأنكم انتم، من اوصلتمونا الى هذه المرحلة". وختموا:" سنفتح مؤسساتنا وسنقفل عندما يجب ان نقفل ولن نسمع منكم". (ملحق رقم 11*- بيان)

ما زالت المساعدات الانسانية، الطبية والغذائية، تصل لبنان من الدول العربية والغربية. فقد أعلنت المغرب أنها أرسلت إلى لبنان 21 طائرة مساعدات، ووصل إلى لبنان يوم الخميس قافلة الوقود الثانية قادمة من العراق. هذا وسط تأكيد الحكومات على إيصال المساعدات إلى المتضررين بشكلٍ مباشر وعبر شركاء في المجتمع المدني وليس عبر الحكومة اللبنانية. وقد اعلن الجيش عن وصول 192 طائرة من 42 دولة و5 بواخر من المساعدات حتى يوم الجمعة.

 

 

 

محطات سياسية واقتصادية:

  • نصر الله يتوعد إسرائيل إذا ثبتت علاقتها بتفجير بيروت: تل أبيب ستدفع الثمن وننتظر نتائج التحقيقات، التطبيع الاماراتي مع العدو هو عمل مدان وخيانة للقدس وفلسطين وللمقادسات، رحيل عون وهم ولحكومة شعبية وسياسية. (ملحق رقم 1*- بيان)
  • البطريرك الراعي في قداس السبت: الانقلاب على ثوابت لبنان هو انقلاب على الكل والمس بأسس الشراكة هو مس بالكيان ومتمسكون بالكيان وبالشراكة. (ملحق رقم 2*- بيان)
  • البطريرك الراعي في عظة الاحد: الشعب يريد حكومة إنقاذ لبنان لا إنقاذ السلطة والطبقة السياسية. الشعب يريد حكومةً منسجمة معه لا مع الخارج، وملتقية في ما بين مكوّناتها حول مشروع إصلاحي. والإصلاح الذي نفهمه ليس إصلاحًا إداريًّا فقط، بل إصلاح القرار الوطني بأبعاده السياسية والأمنية والعسكرية. الشعب يريد أن يكون التمسّك بالثوابت والمبادئ الوطنية، والإقرار بسلطة الشرعية دون سواها، كأساس المشاركة في الحكومة. وليعلم الجميع أن لا حكومة وحدة وطنية من دون وحدة فعلية؛ ولا حكومة إنقاذ من دون شخصيات منقذة. ولا حكومة توافق من دون اتفاق على الإصلاحات. إنّنا نريد مع الشعب حكومةً للدولة اللبنانية، وللشعب اللبناني، لا حكومة للأحزاب والطوائف والدول الأجنبية. و دعا القوى الامنية الى احتضان شباب لبنان الثائر، استعمال السلاح المؤذي والجارح يخالف القانون والعرف الدوليين. (ملحق رقم 3*- بيان)
  • البطريرك الراعي أعلن مذكرة لبنان والحياد الناشط: عدم دخول لبنان في تحالفات ومحاور وصراعات سياسية وحروب إقليمية ودولية وامتناع أي دولة عن التدخل بشؤونه (ملحق رقم 4*- بيان)
  • تكتل لبنان القوي (التيار الوطني الحر) اكد تمسكه بالعدالة ولو أتت متأخرة 15 سنة: نقف الى جانب أهالي بيروت ومتمسكون بالسيادة القضائية اللبنانية. (ملحق رقم 5*- بيان)
  • الرئيس السنيورة: المحكمة جاءت بتسوية بين اعضاء مجلس الامن والتحدي الكبير هل سيدرك نصرالله أن المصلحة هي في المشاركة بإنقاذ لبنان؟ (ملحق رقم 8*- بيان)
  • حركة المبادرة الوطنية - إن حزب الله مطالب ببيان رسمي واضح حول كل ما جاء في مجريات وحكم المحكمة (ملحق رقم 9*- بيان)
  • حزب الوطنيين الأحرار: حكم المحكمة الدولية يدين في طياته حزب الله (ملحق رقم 10*- بيان)

 

  1. في الشأن السوري

تضاعف عدد المصابين والمتوفين جراء فيروس كورونا المستجد في صفوف الطواقم الطبية في مناطق سيطرة الحكومة السورية، وخصوصا في دمشق، وفق ما أفادت مصادر طبية عدة، في حين حذرت الأمم المتحدة من ترد أكثر للقطاع الصحي المستنزف والهش. وسجلت دمشق ومحيطها مؤخرا ازديادا ملحوظا في عدد الإصابات بالفيروس، وتحدث أطباء عن وضع "مخيف" في مستشفيات تضيق بالمصابين. ونشرت نقابة أطباء سوريا على صفحتها على فيسبوك، الأحد، لوائح بأسماء 61 طبيبا، قالت إنهم توفوا "في مواجهة فيروس كورونا".

قال المبعوث الأميركي بشأن سوريا، جيمس جيفري، الاثنين، إن "الوضع الاقتصادي السوري الحالي يشكل تهديدا لاستقرار العديد من الدول في منطقة الشرق الأوسط، بضمنها إسرائيل والأردن وتركيا". وتسبب الوضع الاقتصادي المتدهور في سوريا، بزيادة موجات الهجرة غير الشرعية من البلاد التي تمزقها الحرب، إلى البلدان المجاورة ومنها العراق والأردن وتركيا، مما سبب ضغطا على تلك الدول المنهكة أصلا بسبب تدهور اقتصادها بسبب فيروس كورونا. وشكك جيفري، خلال مؤتمر صحفي، بمصداقية ما تبديه موسكو من رغبة في التوصل إلى حل شامل في سوريا، مشيرا إلى أن "روسيا هي السبب الرئيس وراء استمرار نظام الأسد حتى الآن". وقال جيفري إن "ما يحدث في لبنان له تداعيات في سوريا، والعكس صحيح"، مستشهدا بتأثر نظام الأسد بانهيار المنظومة المصرفية اللبنانية.

نفى التحالف الدولي بقيادة واشنطن، الاثنين، شن أي غارة على قرية تل الذهب قرب القامشلي السورية. وأكد التحالف تعرض إحدى دورياته لإطلاق نار قرب نقطة تفتيش لقوات النظام السوري في القرية، مشيرا إلى أن قواته ردت على مصادر النيران دفاعا عن النفس من دون وقوع أي خسائر في صفوفه.

أعلنت وزارة الدفاع الروسية، الثلثاء، عن مقتل جنرال روسي برتبة لواء وإصابة عسكريين اثنين جراء انفجار عبوة ناسفة كانت مزروعة على جانب الطريق في محافظة دير الزور السورية. وأفادت وكالة "تاس" أن وزارة الدفاع الروسية قالت إن الانفجار وقع لدى مرور رتل عسكري روسي كان عائداً بعد تنفيذه عملية إنسانية. ووفقاً لوزارة الدفاع الروسية فإن "ثلاثة جنود روس أصيبوا في الانفجار، وأثناء تقديم المساعدة الطبية توفي مستشار عسكري كبير برتبة لواء متأثراً بجروحه البليغة. وكانت وزارة الدفاع الروسية أعلنت في 24 أيلول/سبتمبر من عام 2017 مقتل قائد الجيش الخامس بالجيش الروسي الفريق فاليري أسابوف قرب دير الزور، هو صاحب أعلى رتبة بالجيش الروسي قتل في الحرب السورية حتى اللحظة.

عشية الذكرى السابعة للهجوم الكيماوي على الغوطة، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 1400 شخص، أعلنت الولايات المتحدة الخميس حزمة جديدة من العقوبات طالت 6 أفراد من داعمي النظام السوري العسكريين والحكوميين والماليين، من بينهم المستشارة الإعلامية للأسد، لونا الشبل، ومساعده ياسر إبراهيم.

 

  1. في الشأن الليبي

بعد سبعة أشهر من قمة ليبيا في برلين، بدأ وزير الخارجية الألماني هايكو ماس الاثنين زيارة مفاجئة لليبيا التي تعاني من حرب أهلية، بغرض المساهمة في تهدئة النزاع هناك. وعقب هبوطه في العاصمة طرابلس على متن طائرة عسكرية تابعة للجيش الألماني، تحدث ماس عن “وضع خطير للغاية في الدولة الواقعة شمال أفريقيا. وقال ماس: “نرى هدوءا مخادعا في ليبيا في الوقت الحالي. يواصل الطرفان وحلفاؤهما الدوليون تسليح البلاد على نطاق واسع ويتمسكون بشروط مسبقة لوقف إطلاق النار”. يأتي ذلك بالتزامن مع وصول وزيري الدفاع: التركي خلوصي آكار، والقطري خالد العطية، والوفدين المرافقين لهما إلى العاصمة الليبية طرابلس، حسبما أفادت وسائل إعلام محلية.

هذا وحذرت مصادر ليبية رفيعة المستوى من مخاطر سعي تركيا وبتمويل قطري لإحكام سيطرتها على قاعدتي مصراتة والوطية بغرب ليبيا، من خلال زيادة أعداد المرتزقة وتزويدهم بالمزيد من الأسلحة في القاعدتين، مشيرة إلى أن الهدف الرئيسي لتركيا الآن هو العمل على ضمان وجود عملائها في أي مشهد سياسي يمكن التوصل إليه في ليبيا. جاءت هذه التحذيرات على خلفية الزيارة التي قام بها، الاثنين، لطرابلس وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، يرافقه وزير الدفاع القطري خالد بن محمد العطية، حيث التقيا مع عدد من مسؤولي حكومة «الوفاق» وعلى رأسهم فايز السراج.  وقالت مصادر عسكرية: إن زيارة أكار والعطية تأتي ضمن التجهيزات لعملية حشد المرتزقة والإرهابيين وميليشيات «الوفاق» لمهاجمة سرت الجفرة، مشيرة إلى أن الزيارة سبقها دفع تركيا لتعزيزات عسكرية، تمثلت في وصول عدد من طائرات الشحن التي تحمل المرتزقة، فضلاً عن منظومة دفاع جوي تركية في مصراتة وطرابلس. وقال خبراء: إن تصريحات وممارسات تركيا في ليبيا تعد تحدياً صريحاً لكافة القرارات الدولية التي تطالب بإيقاف تزويد حكومة «الوفاق» بالأسلحة والمرتزقة، لمنع استمرار تأجيج الوضع بين الطرفين المتنازعين في ليبيا. ومن جانبه، قال عضو مجلس النواب الليبي محمد عامر العباني: إن زيارة وزيري دفاع تركيا وقطر إلى طرابلس هي استعداد للعدوان على سرت والجفرة، اللتين كان قد اعتبرهما الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خطا أحمر.

وفي تطور جديد على الساحة الليبية، عبرت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بالإنابة في ليبيا ستيفاني وليامز عن ترحيبها اليوم الجمعة بقراري وقف إطلاق النار الصادرين في بيانين عن رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج، ورئيس مجلس النواب شرقي ليبيا عقيلة صالح. وجاء في البيان الصادر عن فايز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الجمعة: "انطلاقا من مسؤوليته السياسية والوطنية، وما يفرضه الوضع الحالي الذي تمر به البلاد والمنطقة وظروف الجائحة، يصدر رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني تعليماته لجميع القوات العسكرية بالوقف الفوري لإطلاق النار وكافة العمليات القتالية في كل الأراضي الليبية". كما أكد عقيله صالح في بيانه اليوم أن الاتفاق على الوقف الفوري لإطلاق النار في جميع أنحاء ليبيا "يقطع الطريق على أي تدخلات عسكرية أجنبية وصولُا إلى إخراج المرتزقة". وأضاف صالح: "نسعى لتجاوز وطي صفحة الصراع والاقتتال، وسيتم استئناف إنتاج النفط وتجميد إيراداته في حساب خارجي للمصرف الليبي".

 

  1. في الشأن الاسرائيلي والفلسطيني

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن أبو ظبي طعنت القضية الفلسطينية في الظهر باتفاق التطبيع مع إسرائيل. جاء ذلك في مستهل اجتماع للقيادة الفلسطينية بمشاركة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وحركتي فتح وحماس، لبحث اتفاق التطبيع بين إسرائيل والإمارات ولمواجهة خطة الضم الإسرائيلية. وأضاف عباس أنه ليس من حق الإمارات التحدث باسم الشعب الفلسطيني، مؤكدا أن الموقف الفلسطيني من اتفاق التطبيع الثلاثي سينسحب على أي دولة عربية أو إسلامية تقوم بهذا العمل. وقال "حاولوا (لم يحددهم) أن يوهموا العالم أن الإمارات جاءت لنا بإنجاز عظيم هو رفض الضم وكأن القضية الفلسطينية هي فقط مسألة الضم". وشدد عباس على أن القيادة الفلسطينية تعتبر هذه الخطوة نسفا للمبادرة العربية للسلام وقرارات القمم العربية والإسلامية، والشرعية الدولية، وعدوانا على الشعب الفلسطيني، وتفريطا بالحقوق الفلسطينية والمقدسات، وعلى رأسها القدس والدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967.  وفي وقت سابق اليوم الثلاثاء، اجتمع القنصل البريطاني مع رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية الذي جدد تأكيد موقف القيادة الفلسطينية الرافض لكافة مخططات الضم الإسرائيلية لأجزاء من الضفة الغربية. وحث أشتية -بحسب بيان صادر عنه- على ضرورة وجود ضغط دولي جاد على إسرائيل لإلغاء مخطط الضم "كونه يدمر حل الدولتين، ويقضي على فرص إقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967". كما أكد على ضرورة أن يكون هناك رد رسمي إسرائيلي واضح بإلغاء ضم الأراضي الفلسطينية للبدء بحوار سياسي تحت مظلة المجتمع الدولي ووفق الشرعية الدولية. وجدد رئيس الوزراء الفلسطيني مطالبته بريطانيا بالاعتراف بدولة فلسطين على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس "كخطوة عملية لإنقاذ حل الدولتين".

 

  1. في شأن فيروس COVID-19 في العالم

يبدو أن عددا كبيرا من الروس لا يشاطرون الرئيس فلاديمير بوتين، حماسه حول اللقاح الذي أعلنت عنه موسكو هذا الأسبوع، بعدما أظهر مسح على الإنترنت أن نسبة كبيرة من المتخصصين في الرعاية الصحية يتخوفون من اللقاح.  ووفق تقرير من مجلة نيوزويك الأميركية، تعتزم السلطات الصحية الروسية تلقيح المتخصصين في الرعاية الصحية والمعلمين بداية من نهاية شهر أغسطس الجاري باللقاح الجديد. وكانت موسكو أعلنت الأسبوع الماضي إنها طورت أول لقاح ضد كوفيد-19 يوفر "مناعة طويلة" الأمد وأنها دخلت المرحلة النهائية من التجارب عليه بمشاركة أكثر من ألفي شخص.  وأظهر مسح عبر الإنترنت لأكثر من 3000 متخصص في الرعاية الصحية في روسيا عبر تطبيق دليل الطبيب، إن 52 في المئة من المسعفين يعارضون أخد اللقاح.  ووفق التقرير، فإنه من بين هؤلاء المشكّكين، قال ما يقرب من 66 في المئة، إنه لا توجد بيانات كافية تثبت فعالية اللقاح، ويعتقد 48 في المئة منهم أن اللقاح تم تطويره بسرعة كبيرة جدا.

أبلغت حوالي 41 مدرسة على الأقل في العاصمة الألمانية برلين عن إصابة طلاب أو مدرسين بفيروس كورونا بعد أسبوعين من إعادة فتح أبوابها. ونقلت صحيفة برلينر تسايتونج هذه الأرقام الجمعة وأكدها مجلس المدينة للتعليم لوكالة أسوشيتيد برس. وذكرت الصحيفة أن مئات الطلاب والمعلمين يخضعون للحجر الصحي، مضيفة أن حالات الإصابة بمرض كوفيد-19 شمل المدارس الابتدائية والثانوية ومدارس الحرف التي يبلغ عددها 825 مدرسة في برلين. وانتقد العديد من الألمان هذه الإجراءات التي اعتمدتها برلين، مشيرين إلى أنها مخففة للغاية وسط مخاطر إعادة انتشار فيروس كورونا المستجد. وعادت حالات الإصابة بفيروس كورونا في ألمانيا للارتفاع مرة أخرى منذ أواخر  تموز/يوليو الجاري نتيجة عودة المصطافين وتنظيم العديد من المناسبات والاحداث الثقافية. وسجل مركز مكافحة الأمراض في ألمانيا يوم الجمعة 1426 حالة إصابة جديدة. ووفقًا لإحصاء صادر عن جامعة جونز هوبكنز، تحتل ألمانيا المرتبة الـ 20 في العالم من حيث حالات الإصابة بكورونا المؤكدة بـ 231626 حالة والمركز الـ 16 من حيث عدد الوفيات بـ 9264 وفاة.

أما في لبنان، فإن تزايد اعداد المصابين بفيروس كورونا المستجد أجبر الحكومة على إعلان الاغلاق التام في البلد من يوم الجمعة 21 آب ولغاية 8 أيلول، حيث ارتفع عدد الاصابات اليومي الى 589 اصابة يوم الاربعاء مع حالتي وفاة، ويوم الخميس ارتفع عدد الاصابات المسجلة إلى 605 إصابة وعدد الوفيات غلى 4 حالات وفاة، ويوم الجمعة 628 اصابة و3 وفيات ليرتفع العدد الاجمالي مع نهاية الاسبوع الى 11580 اصابة وعدد الوفيات الى 116 وفاة.

 

  1. في الشأن الاميركي الداخلي والخارجي

فرضت الولايات المتحدة، الإثنين، عقوبات على مجموعة الاتصالات الصينية "هواوي"، و38 من الشركات التابعة لها، بهدف الحد من وصولها إلى تقنيات أمريكية. وقالت وزارة التجارة الأمريكية، في بيان لها، إن "العقوبات تهدف إلى الحد من تحايل هواوي على ضوابط التصدير الأمريكية للحصول على أشباه موصلات متطورة تم تطويرها أو إنتاجها من برامج وتقنيات أمريكية من أجل تحقيق الأهداف السياسية للحزب الشيوعي الصيني". ووصف وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الخطوة عبر تويتر بأنها "ضربة مباشرة لهواوي والحزب الشيوعي الصيني القمعي". أتي ذلك، بينما تقود واشنطن حملة لحظر هواوي من الشبكات حول العالم، مستشهدة بمخاوف تتعلق بالأمن القومي، بينما نفت Huawei أنها تشكل تهديدا لأمن أي دولة. وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مؤخراً، أنه أقنع دولا كثيرة بعدم استخدام خدمات شركة "هواوي"، بالتزامن مع إعلان بريطانيا حظر اقتناء معدات الشركة الصينية.

أوضحت وزارة الخزانة الأميركية في بيان الخميس، أنها فرضت عقوبات على مساعد الرئيس السوري بشار الأسد ياسر إبراهيم بموجب الأمر التنفيذي رقم 13894 القسم 2(أ) (1) (د) لجهوده في منع و عرقلة الحل السياسي للصراع السوري، لافتة إلى أنه قام عبر استخدام شبكاته في جميع أنحاء الشرق الأوسط وخارجه بإبرام صفقات فاسدة تثري الأسد، بينما يموت السوريون من نقص الغذاء والدواء. إلى ذلك، أضافت الخزانة أنها اتخذت إجراءات ضد مكتب رئاسة النظام السوري وضد حزب البعث، مضيفة أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع للوزارة وبموجب الأمر التنفيذي رقم 13573 أدرج أيضا المستشارة الإعلامية الرئاسية للأسد لونا الشبل وكذلك محمد عمار الساعاتي في قائمة العقوبات، وهو أحد كبار مسؤولي حزب البعث الذي قاد منظمة سهلت دخول طلاب الجامعات إلى الميليشيات التي يدعمها الأسد.

 

  1. في الشأن العراقي

غادر رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، الثلاثاء، العاصمة العراقية بغداد، متوجهاً إلى الولايات المتحدة الأميركية، في زيارة رسمية يلتقي خلالها الرئيس الأميركي، دونالد ترمب.

وبعد لقاء بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في البيت الأبيض، صدر بيان أكّد إن الشراكة قائمة على "الرغبة المشتركة في الأمن والازدهار". وذكر البيان دور التحالف الدولي في هزيمة تنظيم داعش على الأرض في العراق، بقيادة الولايات المتحدة وقوات الأمن العراقية سويا. واختتم البيان بتعهد الجانبين على مواصلة الجهود والتنسيق الوثيق لضمان عدم قيام التنظيم بتشكيل أي بؤر جديدة.

إلى ذلك، أوضحت الحكومة العراقية أن الولايات المتحدة جددت دعمها للجهود المبذولة محلياً من أجل تحسين علاقات العراق مع الدول المجاورة، معلنة سعيها لمساعدته في هذا المسعى. كما أكد الجانبان مجدداً التزامهما بتحقيق الأهداف المشتركة من خلال التنسيق الأمني الثنائي والتعاون المستمر بين قوات الأمن العراقية والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لهزيمة داعش.

إلى ذلك قال الناطق باسم وزارة الخارجية أحمد الصحاف إن العراق يرى أن شراكته مع الولايات المتحدة استراتيجية وهو ماض باتجاه تعزيز الخيارات المشتركة بين البلدين، وفق وكالة الأنباء العراقية. وأوضح الصحاف أن العراق أكد على جملة من المصالح في مقدمتها الابتعاد عن سياسة المحاور، مضيفاً أن بلاده ترى في الحل السياسي والتنسيق الدبلوماسي سبيلين ممكنين لخفض التصعيد التركي الخطر أحادي الجانب على الشريط الحدودي الممتد بين البلدين. كما شدد على أن العراق ما زال يتمسك بحسن الجوار والقوانين الدولية، التي تضمن حقوقه، لافتاً إلى أن استمرار العمليات التركية داخل الأراضي العراقية له ارتدادات عكسية كبيرة.

على صعيد آخر، اغتال مسلحون الدكتورة في مجال التغذية والناشطة ريهام يعقوب بعد إطلاق النار عليها داخل سيارتها وسط البصرة. وقالت مصادر أمنية وطبية إن الناشطة العراقية قُتلت الأربعاء، وأٌصيب ثلاثة بجروح عندما فتح مسلحون مجهولون النار على سيارتهم في مدينة البصرة في جنوب العراق. ومع استمرار رصاص الغدر في استهداف الناشطين والصحفيين والباحثين في العراق، لا سيما مؤخراً في البصرة (جنوبا) تعالت الإدانات الدولية لترهيب الناشطين. كما تحركت القوات الأمنية في مدينة البصرة معلنة استنفار الدوريات وانتشارها في الشوارع. ومن المدينة التي فجعت مساء الأربعاء بمقتل الطبيبة ريهام يعقوب إحدى أبرز الناشطات العراقيات، أكد وزير الداخلية عثمان الغانمي الخميس مترئساً وفدا أمنيا رافقه أن التقييم الأمني في المحافظة الجنوبية غير مقبول إطلاقا، مشدداً على ضرورة وضع حلول سريعة حتى لو تطلب الأمر بقاء الوفد في المحافظة للوقوف على أسباب الحوادث الأخيرة. كما وجه الأجهزة الأمنية بعدم السماح بتجول أي عجلة لا تحمل لوحات والعمل على حجزها فوراً. ووجه بتشكيل خلية استخبارات بدءا من اليوم لجمع كافة المعلومات الأمنية ودعم الأجهزة المختصة بها. وأتى اغتيال الطبيبة العراقية التي اشتهرت بمشاركتها في الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت ضد الطبقة الحاكمة، والمحاصصة والفساد في العراق، فضلاً عن سيطرة الميليشيات الموالية لإيران، بعد أيام قليلة من مقتل الناشط حسين أسامة الخفاجي يوم الجمعة الماضي على يد مسلحين مجهولين في البصرة أيضا.

 

  1. في الشأن اليمني

وصفت الحكومة اليمنية الشرعية، فشل مجلس الأمن الدولي في إقرار تمديد حظر التسلح المفروض على إيران، بأنه "أمر مؤسف ومخيب لآمال شعوب المنطقة". وأشارت إلى أن شعوب المنطقة عانت الأمرين جراء سياسات نظام طهران العدائية، من إنشاء وإدارة الميليشيات الطائفية لتقويض الأمن والسلم الأهلي في البلدان العربية، وتصدير الإرهاب والفوضى لتهديد المصالح الدولية.

 

  1. في الشأن المصري

قال رئيس مجلس النواب المصري علي عبدالعال، إن بلاده وقيادتها السياسية لم ولن تفرط في أي من حقوقها السياسية أو الاقتصادية.  وأوضح أن الحدود تركها الاستعمار "قنابل موقوتة" تسبب النزاعات ما بين الدول، مشيرا إلى أن اتفاقيات ترسيم الحدود البحرية وتعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة وفق القانون الدولي تمت وفق مقررات القانون الدولي. ونوه بأن مصر لا يمكن أن تفرط في أي حق من حدودها، أيا كانت برية أو بحرية أو جوية، مشيرا إلى أن كافة الاتفاقيات الدولية التي تقرها مصر يتم إيداع نسخة منها بالأمم المتحدة. من جانبه، وصف النائب في البرلمان المصري محمد أبو العينين الاتفاق بأنه "استراتيجي ما بين مصر واليونان، حيث يرسم الحدود البحرية لتحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة، وأن المفاوض المصري كان بارعا فى وضع النقاط على الحروف وحماية الأمن القومي المصري وكذلك جذب الاستثمارات وصناعات الغاز"، مشيرا إلى مصر سبق أن وقعت اتفاقا مماثلا مع قبرص. وكانت اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب المصري، قد وافقت على الاتفاق بين جمهورية مصر العربية وحكومة الجمهورية اليونانية، حول تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة بين البلدين.

على صعيد آخر، اتفق وزير التموين والتجارة الداخلية المصري علي المصيلحي ، يوم الاربعاء، من حيث المبدأ مع رئيس منظومة الصناعات السودانية ميرغنى إدريس سليمان على دراسة استغلال الأراضى الزراعية المتاحة بالسودان. ووفقا للاتفاق سيتم زراعة هذه الأراضي بالعباد وفول الصويا والذرة لصالح الشركة القابضة للصناعات الغذائية التابعة لوزارة التموين المصرية، ما يساهم فى توفير زيوت الطعام للسوق المصرية، ويحد من الاستيراد. وتناول الاجتماع متابعة التعاون بين البلدين فى مجال الصناعات الغذائية، وعلى رأسها ملف توفير اللحوم الحية من جانب شركة اتجاهات السودانية لصالح الشركة القابضة للصناعات الغذائية، حيث أن العلاقة بينهما استراتيجية ذات طابع عميق ووطيد.

 

  1. 10. في الشأن الايراني

وصف الرئيس الإيراني حسن روحاني اتفاق التطبيع المبرم بين الإمارات وإسرائيل بأنه خطأ جسيم من قبل الدولة الخليجية، مبديا أمل طهران في أن تتخلى أبوظبي عن هذا القرار. وشدد روحاني في كلمة متلفزة ألقاها اليوم السبت على أن الاتفاق الذي تم الإعلان عنه الخميس يمثل "خيانة لتطلعات الفلسطينيين والعرب والمسلمين والقدس" لصالح فوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة القادمة. وحذر الرئيس الإيراني من أن الإمارات ترتكب خطأ إذا اعتقدت أنها ستتمكن من تعزيز أمنها واقتصادها من خلال التقرب من الولايات المتحدة وإسرائيل، معربا عن قناعته بأن اتفاق التطبيع لن يصب في صالح حكام الإمارات وأمنهم. وتابع: "نحذر الإمارات من السماح لإسرائيل بأن يكون لها موطئ قدم في المنطقة، لأن حساباتنا معها ستختلف في ذلك الوقت". وأوضح روحاني أن إيران ستتعامل بشكل مختلف مع الإمارات إذا فتحت المجال لإسرائيل في المنطقة، مضيفا: "نأمل ان تتراجع الإمارات عن خطئها الجسيم وتدرك أن الطريق الذي سلكته خاطئ".

في سياق آخر، أعلنت إيران، الخميس، أنها احتجزت سفينة إماراتية في 17 آب/أغسطس بعد مقتل اثنين من صياديها في حادث في الخليج، واستدعت القائم بأعمال الإمارات. وأوضحت وزارة الخارجية أن القارب احتجز الاثنين بعدما "أطلقت سفن خفر السواحل الإماراتية النار على قوارب صيد إيرانية (...) ما أدى إلى مقتل اثنين من صيادي" السمك، مشيرة إلى أنها استدعت القائم بالأعمال الإماراتي. وأفاد البيان أن "خفر سواحل الجمهورية الإسلامية الإيرانية احتجز السفينة الإماراتية، نظرا إلى أنها كانت تبحر بشكل غير قانوني في مياهنا وتم توقيف طاقمها". وكانت السلطات الإماراتية أعلنت أن دوريات السواحل اشتبكت مع زوارق صيد مخالفة دخلت المياه الاقليمية للدولة وأن زوارق حرس السواحل قامت بمحاولة إيقاف قوارب الصيد لكنها لم تمتثل للأوامر فتم تطبيق قواعد الاشتباك.

 

  1. في الشأن الاوروبي.

أفادت وسائل إعلام يونانية يوم السبت، برصد غواصة تابعة للبحرية التركية في المياه الإقليمية للبلاد، في ظل تصعيد التوتر بين أثينا وأنقرة في شرق المتوسط. وحسب القارير، رصدت رادارات الجيش اليوناني غواصة من نوع 209 وسط بحر إيجه، لكنها اختفت من الشاشات مجددا بعد وقت قصير. وأرسل الجيش اليوناني إلى المنطقة مروحيات مضادة للغواصات تمكنت من رصد الغواصة مجددا، عندما كانت على مقربة من رأس سونيون الواقع في الساحل الجنوبي لمنطقة أتيكا اليونانية على بعد 70 كم عن أثينا. وذكرت التقارير أن المروحيات رصدت الغواصة التركية لدى عبورها مضيق كافيريفس الذي يفصل جزيرتي وابية وأندروس في بحر إيجه، وهي كانت تبحر نحو سواحل أتيكا. وبعد ذلك تم إرسال سفن حربية مضادة للغواصات إلى المنطقة. وتابعت التقارير أن القيادة السياسية والعسكرية اليونانية عقدت بعد ذلك اجتماعا على أرفع مستوى قررت فيه الامتناع عن اتخاذ أي خطوات عسكرية ومواصلة متابعة الغواصة والاستعداد لاستهدافها إذا أقدمت على أي خطوة عدائية. كما أصدرت قبرص يوم الاحد تحذيرا ملاحيا مضادا لتحذير تركيا بالإبقاء على سفن تنقيبها.

وبحث وزير الخارجية اليوناني، نيكوس دندياس، يوم الأربعاء، مع نظيره الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان، انتهاكات تركيا في المتوسط. وقال دندياس، في تغريدة على حسابه بموقع "تويتر": "تحدثت عبر الهاتف إلى وزير الخارجية الإماراتي بشأن التطورات الإقليمية وأعمال تركيا غير القانونية في شرق المتوسط". ودعا وزير الخارجية اليوناني تركيا إلى مغادرة الجرف القاري لليونان على الفور وحذر من أن اليونان ستدافع عن سيادتها وحقوقها السيادية. وصرح دندياس بأن اليونان مستعدة بكل الوسائل حتى العسكرية للدفاع عن حقوقها السيادية في حالة انتهاك تركيا لها. وكان المكتب الصحفي لوزارة الخارجية اليونانية قد أعلن في بيان: "يلتقي وزير الخارجية، نيكوس دندياس، يوم الجمعة 14 أغسطس في فيينا بوزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو وستتناول المباحثات التطورات في شرق المتوسط ظل تصاعد الانتهاكات التركية".

أكد وزير الخارجية القبرصي، نيكوس كريستودوليديس، ونظيره اليوناني نيكوس دندياس، أنهما يبحثان في الوقت الحالي قائمة عقوبات ضد انتهاكات تركيا في شرق المتوسط.  وقد أفاد وزيرا خارجية اليونان وقبرص، أن دعوات تركيا للحوار غير جدية، وأن عمليات التنقيب التركية في المناطق البحرية مرفوضة وجريمة، وأشارا إلى أنه سيتم بحث سلوك تركيا المخالف للقانون وانتهاكاتها في شرق المتوسط في قمة مجموعة الدول السبع.

أعلنت النرويج، الأربعاء، طرد دبلوماسي روسي، بعد أيام على توقيف نرويجي في أوسلو بتهمة التجسس. وكشفت أجهزة الاستخبارات النرويجية بأنه تم توقيف رجل يوم الاثنين يشتبه بأنه سلم معلومات حساسة عن البلاد إلى عميل استخبارات روسي.

على الصعيد الصحي، تشعر أوروبا بالقلق من تجدد انتشار فيروس كورونا المستجد بعد قفزة في عدد الإصابات في ألمانيا حيث سجلت أعلى حصيلة منذ نيسان/ابريل، وارتفاع غير مسبوق في فرنسا منذ أيار/مايو، وموجة جديدة في إسبانيا مع اقتراب بداية العام الدراسي.

 

  1. في الشأن التركي.

تعرضت تركيا لانتقاد جديد من الاتحاد الأوروبي بعد إعلانها تمديد أعمال التنقيب عن الغاز في البحر المتوسط قبالة سواحل قبرص حتى منتصف سبتمبر/أيلول. وترافق سفينة التنقيب "يافوز" ثلاث سفن تركية أخرى، بحسب نشرة بحرية حثت "جميع السفن على عدم دخول المنطقة في أي وقت". وزادت حدة التوتر في الأسابيع الأخيرة بين تركيا واليونان، العضو في الاتحاد الأوروبي، بشأن حقوق التنقيب عن النفط والغاز في البحر المتوسط. وقال جوزيب بوريل، منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، إنّ خطة التنقيب التركية المتجددة تغطي منطقة حددتها قبرص ومصر وتثير توترات، ودعا إلى وقف فوري لأنشطة تركيا وبدء الحوار. وقال في بيان: "هذا العمل يتعارض ويقوض جهود استئناف الحوار والمفاوضات والسعي لوقف التصعيد الفوري".

في سياق آخر، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع تهاية الاسبوع الماضي إن تركيا تفكر بإغلاق سفارتها في أبو ظبي وتعليق العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات العربية المتحدة بسبب اتفاقها على تطبيع العلاقات مع إسرائيل. جاء هذا في حديث لأردوغان أمام الصحفيين في إسطنبول وذلك بعد تصريحات لوزارة الخارجية التركية قالت فيها إن التاريخ لن يغفر أبداً "السلوك المنافق" للإمارات في الموافقة على هذه الصفقة. وقد نددت تركيا وإيران بالاتفاق على إقامة علاقات رسمية بين الإمارات وإسرائيل، واعتبرتاه "خيانة لحقوق الشعب الفلسطيني". وفي حين رحبت الأمم المتحدة ودول غربية رئيسية بالخطوة الإماراتية الإسرائيلية التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخميس من البيت الأبيض، انتقد المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، اتفاق التطبيع بين الإمارات وإسرائيل. وقال في تغريدة على موقع تويتر: "إن التاريخ سيسجل هزيمة الأطراف التي خانت الشعب الفلسطيني وقضيته".

وعلى صعيد أزمة شرق المتوسط، حذر رئيس حزب الحركة القومية التركي، دولت باهتشلي، من أي تحرك خارجي عدائي ضد سفن بلاده في بحار المنطقة.  وقال باهتشلي، في بيان، يوم الخميس، إن "من يتجرأ على مواجهة أسطولنا وسفننا في البحرين المتوسط وإيجة سيدفع الثمن غاليا جدا".  وتابع رئيس الحزب أن مطالب تركيا في شرق المتوسط متطابقة مع القوانين الدولية، وأن أنقرة تمكنت من قلب الطاولة رأسا على عقب عبر الخطوات التي اتخذتها في تلك المنطقة. وأكد أن "استفزازات اليونان" في شرق المتوسط لن تجدي نفعا، وأن فرنسا تعمل على تصعيد التوتر في المتوسط عبر إرسالها قوات بحرية وجوية إلى المنطقة. كما نوه باهتشلي أن تركيا تسعى لإحلال الأمن والاستقرار والسلام في ليبيا.

 

  1. في الشأن الصيني

يسعى الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إلى تقديم ائتمانات ضريبية للشركات الأمريكية التي لها مصانع في الصين لإغرائها حتى تنقلها إلى الولايات المتحدة. وهدد ترامب أيضا بسحب عقود الحكومة من الشركات التي تواصل أعمالها في الصين. وتعهد في خطاب ألقاه الاثنين بتوفير 10 ملايين وظيفة خلال 10 أشهر، قائلا "سوف ننهي اعتمادنا على الصين". وتعد تلك الخطوة أحدث هجوم على الصين، بعد خطوات أخرى بشأن شركات تكنولوجية، مثل تيك توك، و"وي تشات"، وهواوي.

في استفزاز جديد للصين، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الاربعاء، عن إبرامها اتفاقية دفاعية مع تايوان هي الأكبر في تاريخ الأخيرة وتتضمن بيعها 66 طائرة مقاتلة من نوع «إف - 16». وتأتي الصفقة بعد أن تقدمت تايوان بطلب رسمي إلى الإدارة الأميركية، ووافق الرئيس دونالد ترمب عليها في وقت سابق من العام الماضي. وكانت تساي إنغ وين، رئيسة تايوان، قد أعلنت خلال ندوة نظّمها معهد هدسون الأميركي للدراسات والأبحاث السياسية في واشنطن الأسبوع الماضي، عن موافقة البرلمان التايواني على أن تزيد حكومتها الدعم العسكري للجيش، بعد أن شعرت بأن الديمقراطية التايوانية في خطر من الصين وتخشى على بلادها من تكرار سيناريو هونغ كونغ، مما دفعها إلى التقدم بطلب إلى الولايات المتحدة لشراء منظومة دفاع صاروخية، وشراء معدات عسكرية، إضافة إلى تدريب الجيش.

 

  1. في شأن الامارات العربية المتحدة

أعلنت وزارة الخارجية الإماراتية، الأحد، عن استدعاء القائم بالأعمال في السفارة الإيرانية بأبوظبي، احتجاجا على "تحريض" و"تهديدات" من مسؤولين إيرانيين، بعد الإعلان عن اتفاق تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل. وذكرت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية أن مساعد وزير الخارجية الإماراتي للشؤون السياسية السفير خليفة شاهين خليفة المر، سلم مذكرة احتجاج "شديدة اللهجة على خلفية التهديدات الواردة في خطاب الرئيس الإيراني حسن روحاني بشأن القرارات السيادية لدولة الإمارات، وهي التهديدات التي تكررت من وزارة الخارجية الإيرانية والحرس الثوري ومسؤولين إيرانيين آخرين". واعتبرت وزارة الخارجية الإماراتية أن "هذا الخطاب غير مقبول وتحريضي ويحمل تداعيات خطيرة على الأمن والاستقرار في منطقة الخليج العربي". وأشارت المذكرة إلى مسؤولية إيران تجاه حماية بعثة الدولة في طهران ودبلوماسييها وفقا لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، وبناء على خلفية سوابق الاعتداءات على البعثات الدبلوماسية الأجنبية في إيران. وأكدت الإمارات على "رفضها المطلق للغة الخطابات التحريضية" من السلطات الإيرانية عقب الاتفاق مع إسرائيل، معتبرة ذلك "تدخلا في الشؤون الداخلية واعتداء على السيادة كما يتنافى مع مبادئ القانون الدولي الذي يحكم العلاقات بين الدول، وهو أمر مرفوض جملة وتفصيلا". وشددت الإمارات على "رفض أي تدخل في شؤونها وما تتخذه من قرارات، ورفض التصريحات الإيرانية التي لا تصب في صالح الاستقرار في المنطقة"، مشيرة إلى أن أن العلاقات بين الدول والاتفاقات والمعاهدات هي مسألة سيادية.

 

  1. في الشأن السعودي

أعلنت هيئة شؤون الحرمين الشريفين بالمملكة العربية السعودية تعيين 10 سيدات في مناصب قيادية في رئاسة الهيئة. وقالت الهيئة، في بيان نُشر عبر موقعها الرسمي، إن القرار يأتي انطلاقًا من حرص رئاسة الحرمين على مواكبة رؤية المملكة ٢٠٣٠ "وتمكيناً للمرأة السعودية ذات التأهيل العالي والقدرات الكبيرة، بما يحقق تطلعات ولاة الأمر حفظهم الله في تقديم أرقى الخدمات لضيوف الرحمن". وأوضحت رئاسة الحرمين أنه "تم تعيين عشر سيدات من الكفاءات العاملة في الرئاسة بمناصب قيادية عليا، سعيًا للارتقاء بمستوى العمل بالرئاسة واستثمارًا للكوادر الوطنية المؤهلة".

في سياق آخر، قال وزير الخارجية السعودية فيصل بن فرحان، يوم الاربعاء، إن إجراءات إسرائيل الأحادية تعرقل فرص السلام، مشددا على التزام المملكة بالسلام على أساس خطة السلام العربية. ويأتي كلام وزير الخارجية السعودي، كأول تعليق بعد إعلان اتفاق السلام بين الإمارات وإسرائيل الأسبوع الماضي.

 

  1. في موضوع حظر السلاح المفروض على ايران

من المقرر أن ينتهي حظر السلاح المفروض على إيران في أكتوبر/تشرين الأول 2020 بموجب الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران وقوى عالمية والذي رفع الكثير من العقوبات الدولية المفروضة على طهران مقابل فرضها قيوداً على برنامجها النووي. وانسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق في عام 2018. وفي تصويت أجراه مجلس الأمن الدولي على المسعى الأمريكي، مساء الجمعة الماضية، رفضت الصين وروسيا المقترح وامتنعت 11 دولة عن التصويت من بينها فرنسا وألمانيا بريطانيا، ولم تؤيد تمديد الحظر سوى الولايات المتحدة وجمهورية الدومينيكان. ومن المقرّر أن يخفّف الحظر المفروض على بيع الأسلحة إلى إيران تدريجياً اعتباراً من تشرين الأول/أكتوبر بموجب أحكام القرار 2231 الذي كرّس الاتفاق النووي الإيراني الذي وافقت عليه الدول العظمى في تموز/يوليو 2015. لكن الحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة على المواد والتكنولوجيا التي يمكن أن تستخدمها إيران في برنامج الصواريخ الباليستية الخاص بها سيستمر حتى العام 2023. وقال الاتحاد الأوروبي إنه سيواصل فرض حظره على إيران بعد رفع الحظر الأول الذي فرضته الأمم المتحدة.

من جهته، قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو السبت إن الإخفاق في تمديد حظر السلاح على إيران خطأ جسيم. وأضاف في مؤتمر صحفي خلال زيارة لبولندا "إنه خطأ جسيم.. نأسف لذلك". وقال روحاني في خطاب بثه التلفزيون: "لأول مرة تتقدم الولايات المتحدة بمشروع قرار إلى مجلس الأمن ولا تحصل إلا على تأييد دولة واحدة هي عبارة عن جزيرة صغيرة". وتابع قائلاً: "بفشل مشروع القرار الأمريكي ضد إيران في مجلس الأمن تكون الجمهورية الإسلامية الإيرانية قد حققت نجاحاً كبيراً آخر". ويمكن للولايات المتحدة الآن تنفيذ تهديد بإعادة فرض جميع عقوبات الأمم المتحدة على إيران باستخدام بند في الاتفاق النووي. ويقول دبلوماسيون إن الولايات المتحدة قد تفعل ذلك هذا الأسبوع لكنها ستواجه معركة شرسة.

بومبيو الذي زار النمسا ضمن جولة في وسط أوروبا، قال إن من الضروري أيضاً أن تُبدي إيران تعاونها الكامل والفوري مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي اجتمع مع مديرها العام في فيينا. وأضاف: "لا منطق في السماح لأكبر دولة راعية للإرهاب في العالم بشراء وبيع نظم الأسلحة". وأضاف في مؤتمر صحفي: "أقصد أن هذا جنون". ومضى يقول: "سنفعل كل شيء يمكننا فعله في نطاق عملنا الدبلوماسي، باتجاه ضمان ألا ينتهي حظر الأسلحة".

 

 

                                      XXXXXXXXXXXXXXXXXXX

 

البيانات والمقالات المرفقة.

1*) حسن نصرالله

14 آب 2020

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.

السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.

جرت العادة في الذكرى السنوية للإنتصار الإلهي التاريخي في حرب تموز في لبنان في مواجهة العدو الصهيوني أن نُقيم الإحتفالات الشعبية والمهرجانات الكبيرة، ولكن هذه السنة وحيث أن الكورونا يضرب بقوة، وخصوصاً مع التطورات الصحية الأخيرة في لبنان وإزدياد الأعداد بشكلٍ ملفت،  كما حصل بالنسبة إلى كثير من الأنشطة السياسية والعبادية خلال الأشهر القليلة الماضية، نحن سوف نكتفي في هذه الكلمة التي أُوجهها إليكم في هذه الذكرى العظيمة والعزيزة.

في البداية، مقدمة أُسميها مقدمة أخلاقية، أُبارك لكم جميعاً للبنانيين وشعوبنا العربية والإسلامية ولكل أحرار العالم هذا الإنتصار، أولاً: أتوجه بالشكر إلى الله سبحانه وتعالى الذي أعان وأيّد وسدّد وملأ قلوب المجاهدين والناس طمأنينةً وثقةً، وملأ قلوب أعدائنا رعباً، وفي نهاية المطاف أعطانا من الصبر والثبات والقوة والقدرة على التحمل ما كانت خاتمته النصر.

الشكر لله دائماً وأخيراً، والشكر لكل الذين كان لهم دور سواءً كان كبيراً أو غير كبير، في هذه المعركة وفي هذه المواجهة، في صُنع هذه الملحمة من الصمود ومن الإنتصار، للشهداء أولاً بعد الله سبحانه وتعالى، الذين كانوا في غاية الجود والعطاء، عندما قدموا دمائهم وأرواحهم، طبعاً نتحدث عن كل الشهداء، شهداء المقاومة وشهداء الجيش وشهداء القوى الأمنية وشهداء المدنيين وشهداء فصائل المقاومة المختلفة، في المقاومة في حزب الله قَدمنا عدداً كبيراً من الشهداء، ومنهم شهداء قادة، ومنهم من بقي على قيد الحياة في حرب تموز لكنه استشهد لاحقاً، قادة مناطق وقادة وحدات مركزية، لكن أُسمحوا لي لأن اللائحة طويلة وأخشى أن أَذكر أسماءً وأنسى أسماءً،  أن أَخصّ بالذكر من الإدارة المركزية في الحرب الشهيد القائد الحاج عماد مغنية رحمة الله عليه، والشهيد القائد السيد مصطفى بدر الدين رحمة الله عليه، الذين كانوا مع مجموعة من الأخوة الذين ما زالوا على قيد الحياة وأمد الله بأعمارهم، يُديرون الحرب على المستوى المركزي، يجب أن نَذكر هنا أيضاً وللمرة الأولى في هذه الذكرى السنوية وجود الشهيد القائد الحاج قاسم سليماني، معنا في غرفة القيادة العسكرية المركزية طوال أيام الحرب، ومُساهمته الجليلة والكبيرة والمهمة، رحمة الله عليه وعليهم أجمعين.

الشكر لعوائل الشهداء الذين فقدوا أحبتهم وأعزائهم، ولم نَرَ مهم إلاّ تعبيرات الصبر والإحتساب والرضى والتسليم بمشيئة الله والإعتزاز بشهدائهم.

الشكر للجرحى الذين بعضهم ما زال يُعاني من هذه الجراح ولعائلاهم الشريفة.

الشكر لكل المقاومين والمقاتلين، الذين رابطوا خلال ثلاثة وثلاثين يوماً على إمتداد الساحة اللبنانية، وخصوصاً في الجبهات الأمامية وفي القرى وفي البلدات، سواءً كانوا من مقاتلي حزب الله أو حركة أمل أو القوى الوطنية والإسلامية، كلٌّ في موقعه وبحسب قدراته وإمكاناته.

الشكر للأهالي، الأهالي الذين صَمدوا في أرضهم وقراهم وبلداتهم، والأهالي الذين نزحوا وصبروا في أماكن التهجير،  ثم عادوا سريعاً مرفوعي الرأس إلى قراهم في مثل هذا اليوم، إلى الأهالي والشعب اللبناني في كل المناطق، الذين آووا والذين إستقبلوا والذين احتضنوا أحبائهم وأهلهم ومن القرى والبلدات المهجرة، وأيضاً في موضوع إستقبال المهجرين، الشكر بالخصوص إلى إخواننا وأهلنا في سوريا، قيادةً ودولةً وشعباً، الذين استقبلوا في تلك الحرب عشرات الآلاف من اللبنانيين المهجرين.

الشكر إلى الجيش اللبناني والقوى الأمنية ومؤسسات الدولة التي حاولت وقامت بما تستطيع من مسؤوليات في تلك الحرب.

أيضاً في الموقف السياسي، المقدمة الأخلاقية تقتضي أن نتوجه بالشكر إلى الذين أولاً ساهموا في الإدارة السياسية لهذه الحرب، في المقدمة يجب أن نَذكر فخامة الرئيس العماد إميل لحود، والذي كان يرأس جلسات الحكومة خلال أيام الحرب، بالرغم من أن أغلبية الحكومة كانت تنتمي إلى قوى الرابع عشر من آذار، وكانت في نقاشاتها وحواراتها تُؤذيه على المستوى الشخصي، وتختلف معه جوهرياً في الموقف، لكنه تحمّل الكثير وبذل جهوداً كبيرة في داخل جلسات مجلس الوزراء حتى لا تنحرف الحكومة اللبنانية في الإتجاه الخطر،  طبعاً هو لم يَتمكن من إدارة المفاوضات بسبب قرار العزل، الذي كان قد اتخذ بحقه إقليمياً ودولياً، عقاباً على أمرٍ أُتهم به ظلماً وعدواناً في 2005.

أيضاً يجب أن نَذكّر دولة الرئيس الأُستاذ نبيه بري، والذي في الحقيقة كما بات معروفاً، كان يُدير كل المفاوضات الصعبة منذ اليوم الأول للحرب إلى الخاتمة والنهاية، المفاوضات مع الوفود الخارجية، وللأسف أيضاً، المفاوضات مع بعض الأطراف الداخلية.

الشكر لكل القيادات الوطنية والسياسية والمرجعيات الدينية والعلمائية والقوى السياسية وكل شرائح المجتمع الإعلامية والثقافية والإجتماعية، للجميع الذين أيدوا ودعموا وساندوا ووقفوا، لكل الدول التي وقفت إلى جانب لبنان، وهي قليلة جداً، وفي مقدمها الجمهورية الإسلامية في إيران والجمهورية العربية السورية.

الشكر لكل الشعوب والأحزاب والحركات في العالم العربي والإسلامي ولكل أحرار العالم، الذين عبّروا عن تضامنهم وتأييدهم ووقوفهم إلى جانب لبنان وإلى جانب المقاومة في لبنان، من خلال البيانات والمظاهرات والإعتصامات والمواقف وأشكال التعبير المختلفة في أي مكان من العالم.

الشكر لمن ذكرت ولمن نسيت، وهذا من واجبنا الديني والأخلاقي اتجاه كل من يقف إلى جانب الحق في معركته في مواجهة الظلم والطغيان والإحتلال والإستبداد والإستكبار، الذي تُمثله اليوم في أعلى درجات التمثيل يُمثلها الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين والقدس.

أيها الإخوة والأخوات، ما جرى في تموز كان حرباً حقيقية، بدأ عملية عسكرية ولكنه تطور سريعاً إلى حرب، وهذا ما أعلنه العدو الإسرائيلي عندما نَقل توصيفها من عملية إلى حرب، وسماها حرب لبنان الثانية.

كانت حرباً فرضها العدو الصهيوني على لبنان وبقرار أميركي، خدمةً للمشروع الأميركي الذي كان قائماً كخطة وطرح في 2006 في تلك المرحلة.

لبنان على المستوى العسكري في الحد االأدنى، أما ديبلوماسياً وسياسياً كانت توجد دول متضامنه معه، لكن على المستوى العسكري لبنان قاتل وحيداً ووقف وحيداً من الناحية العسكرية أمام هذا الكيان الغاصب، الذي يُعتبر جيشه من أقوى الجيوش في الشرق الأوسط، وهو يَعتبر نفسه أقوى جيش في الشرق الأوسط، ويُعتبر من أقوى الجيوش في العالم.

ثلاثة وثلاثون يوماً ضغط والمقاومة وشعبها ولبنان يصبر ويصمد ويُقاتل ويُبادر ويَصنع الإنتصارات إلى أن أُجبرت "إسرائيل" على وقف عدوانها، وعن التراجع عن شروطها التي كانت وضعتها منذ أول يومٍ في الحرب، فيما يرتبط بسلاح المقاومة ووجود المقاومة والأسيرين وإنتشار قوات دولية، ليس اليونيفيل، إنما قوات متعددة الجنسيات على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة ومع سوريا، وفي المرفأ وفي المطاروفي المعابر الحدودية، وغيرها من الشروط، وكانت النهاية هو قرار مجلس الأمن الدولي 1701.

كانت لتلك الحرب نتائج كبيرة جداً، إستراتيجية على المستوى العسكري، لها نتائج إستراتيجية وتاريخية، عسكرياً وأمنياً وسياسياً وثقافياً، في معركة الفهم والوعي والإرادة، لكن بإعتبار أن العديد من الموضوعات، أنا سوف أكتفي بالتذكير بثلاث نتائج لأدخل منها إلى موضوعات النقاش ما لليوم.

النتيجة الأولى لتلك الحرب: إيقاف وإفشال مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي كانت تُديره وتَقوده الإدارة الأميركية في زمن رئاسة الرئيس جورج بوش الإبن، وعندما جاءت كوندريزا رايس إلى لبنان وبشرت بأن لبنان والمنطقة يشهدان مخاض ولادة شرق أوسطٍ جديد.

كل الوثائق التي نُشرت فيما بعد كانت تُؤكد بأن الحرب على لبنان كانت جزء من هذا المشروع، أسر الجنديين الإسرائيليين عجّل في التوقيت وليس في أصل المسألة، كان من المفروض أن تَلحق الهزيمة  بلبنان، وتُفرض الشروط المُذلة على لبنان، ويدخل لبنان بالكامل في الهيمنة الأميركية، وتتواصل معركة بإتجاه سوريا وإسقاط سوريا، ثم محاصرة إيران وعزلها وإسقاط نظام الجمهورية الإسلامية في إيران، العودة إلى المنطقة لتصفية القضية الفلسطينية وفرض الشروط المذلة وتقديم الفتات للشعب الفلسطيني، الذي سيجد نفسه وح، وثم يتم تكريس داً وغريباً لا ناصر له ولا مُعين، لا في الإقليم ولا في العالم ولا في أي مكان، وثم يتم تكريس خريطة جديدة للشرق الأوسط، تجلس فيها "إسرائيل" على عرش الشرق الأوسط، من موقع القوة والإقتدار والغلبة والعلو والعتو، وتكون هي الرقم الأول  والمحور لكل ما يجري في المنطقة سياسياً وأمنياً وعسكرياً وإقتصادياً وتجارياً وإعلامياً وما شاكل...

كل هذا سقط هنا في لبنان في حرب تموز، هذا المشروع، هذه الإندفاعة الهائلة التي بدأت بإحتلال أفغانستان إلى إحتلال العراق، وكانت تُريد أن تستمر، الصمود في لبنان والمقاومة في لبنان وكل من وقف وقفة العز والكرامة والشهامة في لبنان أسقط هذا المشروع، طبعاً الأميركي عندما تسقط هذه الخطة سوف يبحث عن خطط بديلة، كما بدأ فعلاً في العام ولكن الآن يُعاد تثبيت "إسرائيل"2011 إلى الأمام، وكما يُحاول الآن أن يُعيد تثبيت "إسرائيل" المرتبكة والمهزومة والخائفة والمرعوبة بكل صدق،  وأنتم  تابعوا الإسرائيليين من جنرالاتهم وسياسييهم وناسهم ومؤتمراتهم،سوف تعرفون أنهم يعيشون حقيقة ولأول مرة مخاوف من خطر الوجود والبقاء لهذا الكيان الطارىء والسرطاني في المنطقة، لكن هذه هي النتيجة الأولى التي أود أن أُذكر بها.

النتيجة الثانية التي أود التذكير بها، هي ان حرب تموز كشفت حقيقة الكيان الصهيوني، كشفت مستوى الوهن والترهل في منظوماته القيادية، والسياسية، في منظومته العسكرية، في جيشه، في منظومته الأمنية، في جبهته الداخلية، في قدرته على التحمل، في قدرته على الصمود، ولذلك هو لجأ إلى العالم من أجل ان يوقف الحرب ويحاول أن يحصل ولو على بعض من ماء الوجه.

هذا الانكشاف ونتائج هذه الحرب تركت آثارا عميقة مازلنا نراها الآن بعد 14 سنة في تصريحاتهم، وفي أدبياتهم، وفي لغتهم، وفي تجهيزهم العسكري وفي تدريبهم وفي مناوراتهم وفي خطتهم للحرب المفترضة مستقبلا، وللجبهة الداخلية. هذا التأثير العميق، 14 سنة ما زالت آثار الهزيمة العسكرية والأمنية والسياسية والنفسية التي لحقت بالكيان الصهيوني حاضرة وبقوة في هذا الكيان.

وما زالت عندنا آثار الانتصار والاقتدار والثقة والأمل بالمستقبل والتوكل على الله سبحانه وتعالى والاستعداد لاستحقاقات المقبلة ما زالت قوية وحاضرة.

الأمر الثالث، النتيجة الثالثة، وهي نتيجة مهمة جداً وعليها سأبني بقية الكلام في الملف الاسرائيلي ان المقاومة في حرب تموز ولبنان في حرب تموز استطاع أن يثبت قواعد اشتباك تحمي لبنان من خلال توازن الردع.

عام 2000 انتصار، عام 2000 انجازه هو التحرير باستثناء مزارع شبعا وتلال كفرشوبا التي بالمناسبة يعتبرها نتنياهو قبل اسابيع أرضاً اسرائيلية ويعتبر ان الشريط الشائك في مزارع شبعا التي تحميه قوات الأمم المتحدة يعتبره حدود اسرائيل، على كلا هذه أرض لبنانية. في الوقت الذي يناقش بعض اللبنانيين إن كانت هذه الأرض لبنانية أو سورية نتنياهو حسم الموضوع واعتبرها أرض اسرائيلية وحدود اسرائيلية.

انجاز ال2000 هو التحرير، انجاز ال2006 هو الحماية من خلال توازن الردع بعد ال2006   14 سنة إلى اليوم،

إلى اليوم الاسرائيلي يعرف تماماً، الآن يرسل مسيّرات بالسماء، يطير بسماء لبنان، يرتكب بعض الخروقات. على كل حال هذا أمر يجب دائما ان نفتش له عن علاجات، ومسؤولية الدولة بالدرجة الأولى، ولكن ما كنا نشهده من اعتداءات اسرائيلية صغيرة أو كبيرة منذ ما قبل 1948 إلى ال2000 إلى ما بعد ال2006 هذا الموضوع وضع في إطار. هناك اليوم، هناك معادلة تحمي لبنان، اسمها توازن الردع، وهذه المعادلة تقوى يوماً بعد يوم، وتشتد يوماً بعد يوم من خلال تطوير عتادها وعدتها وعديدها وكفاءاتها وقدراتها البشرية والعسكرية والمادية.وهذا ما يعرفه الاسرائيلي وأسياده ويخشون منه ويحذرون منه. هذه المعادلة اليوم التي تحمي لبنان ولا يوجد أي شيئ آخر يحمي لبنان.

المعادلة الذهبية، شعب جيش مقاومة، المقاومة بشكل أساسي من خلال معادلة الردع هي التي تحمي لبنان لا جامعة الدول العربية، ولا منظمة المؤتمر الاسلامي التي بات اسمها التعاون الاسلامي ولا أمم متحدة ولا مجلس الأمن الدولي ولا القرارات الدولية، ومن لديه رأي آخر يمكنه أن يعبّر عنه. الذي يحمي لبنان وحمى لبنان من 14 سنة إلى اليوم بالحد الأدنى وقدم هذا الوضع من الأمن والسلام والاستقرار والثبات في هذه المعادلة، هو توازن الردع الذي كان من نتائج الانتصار في حرب تموز.

هنا أدخل إلى المسائل، اليوم في الحقيقة دائما نحن مشكلتنا في لبنان مشكلتنا مع أمريكا ومشكلتنا مع إسرائيل نحن هنا سأتحدث عن حزب الله بالتحديد وحلفاء حزب الله لكن المشكلة الحقيقية هي مع حزب الله ومشكلتهم معنا هي المقاومة هي قوة المقاومة وقدرة المقاومة. مشكلتهم معنا لها علاقة بمصالح اسرائيل، لأن المقاومة تقف حاجزا مقابل الطموحات الاسرائيلية والأطماع الاسرائيلية والتهديدات الاسرائيلية. لبنان قوي بهذه المعادلة، ولذلك هم يريدون أن يتخلصوا من هذه القوة. هذه هي المشكلة الحقيقية معنا. نحن لو قبلنا ان نتخلى عن المقاومة منذ عام 2000 حتى بعد 2006 ودائماً هذا العرض موجود واليوم موجود، ودائما موجود ويومياً تسمعوه من دبلوماسيين وموفدين والمقالات ووسائل الإعلام، فاليتخلى حزب الله عن المقاومة وعن سلاح المقاومة. إذا تخلينا عن هذا المسار سيشطبوننا عن لائحة الارهاب ويعترفون بنا حزب كبير في لبنان ويطالبون، ليس يطالبون بأن لا نكون بالحكومة، يقاتلون لنكون بالحكومة ويقدمون لنا المساعدات وعندما يأتون إلى لبنان أول ما يأتون إلينا ونصبح أعز اصدقائهم واحب الناس إليهم.

اليس كذلك الأمريكان، والأوروبيين، وحتى الدول العربية هذه، هؤلاء يحبون ويبغضون بناءً على القرار الأمريكي. عندما يكون هناك قرار أمريكي: أحبوا حزب الله، سيحبوه، لذلك مشكلتهم الأساسية في الحقيقة أنا أريد أن أوضح هذا الأمر بشكل جلي جدا للشعب اللبناني، مشكلتهم معنا هي هذه. اليوم، مثلاً عندما قال من عدة اسابيع سفير الإمارات العربية المتحدة في واشنطن نحن قاتلنا حزب الله وحماس من أجل إسرائيل. طبعا الخارجية الإماراتية لم تصدر أي توضيح. هو لمن يبيع؟ يبيع الأمريكان والصهاينة، يبيع للوبي الصهيوني اليهودي في الولايات المتحدة الأمريكية ويعترف بعظمة لسانه، قاتلنا حزب الله وحماس، الآن، كيف قاتل وأين نتحدث عنها لاحقا.هذا التفصيل ليس وقته الآن، لكن المشكلة الحقيقية أيضا هي هذه. قصة ان حزب الله يهيمن على الحياة السياسية اللبنانية وهذه مشكلتهم معه، هم يعرفون هذه كذبة، هم اخترعوها، تدخل حزب الله في الاقليم هذه حجة اضافية، لكن هي ليست حجة حقيقية، الآن، إذا أنا أقول للأمريكيين نحن لن نقاتل اسرائيل ولن نشهر سلاحا ولن نقف في وجهها، سوف يشطبوننا عن لوائح الارهاب حتى لو بقينا نتدخل في الأقليم، هم قد يتحملون تدخلاً في الإقليم لكن لا يتحملون بقاء قوة اسمها مقاومة في لبنان، تدافع عن لبنان، وشعب لبنان، وأرض لبنان، ومياه لبنان، ومستقبل لبنان، وأمن وسيادة وسلامة لبنان، وكرامة وعزة وشرف وعرض لبنان واللبنانيين.

هذه هي المعركة الحقيقية التي تخاض ضدنا منذ البداية، وبالتحديد بعد ال2006 عندما فشلت الحرب العسكرية في سحق كما كان يقول بعض الأمراء السعوديين في سحق حزب الله، وهذا كان هو الهدف المعلن لحرب 2006 هم فشلوا في الحرب العسكرية ويعرفون أن اي حرب عسكرية مقبلة لن تستطيع ان شاء الله ليس سحق حزب الله بل ان تضعفه او تحطمه وما شاكل، لذلك هم يلجأون إلى كل وسائل الضغط الأخرى، السياسية، الاقتصادية، الإعلامية، الاتهامات الباطلة، الشتائم، الأفخاخ، الكمائن، وما يجري عندنا في لبنان هو جزء من هذه المعركة.

أنا أود في يوم 14 آب ان اقول في ختام هذا المقطع كله لأدخل إلى البنود المرتبطة به، ان أقول بالنسبة إلينا، المقاومة هي مسألة وجود، هي الهواء الذي نتنفسه لنبقى على قيد الحياة، هي الماء الذي نشربه لنبقى على قيد الحياة. يقول عادة أهل الفلسفة والمنطق، يقولون يوجد شرط كمال وشرط وجود، مثلا الغنى شرط كمال، العلم شرط كمال، يستطيع الفرد أن يكون فقيراً ويبقى على قيد الحياة ويبقى موجوداً، وقد لا يكون لديه علم ويبقى على قيد الحياة ويبقى موجوداً. لكن الهواء شرط وجود، الماء شرط وجود، بالنسبة للانسان التنفس وشرب الماء هذه من شروط الوجود.

المقاومة بالنسبة للبنان وشعب لبنان هي شرط وجود وليس شرط كمال، ليست صفات إضافية، ليست عناصر اضافية وليست خصوصيات اضافية يمكن الاستغناء عنها حتى اشعار آخر، طالما لم يقدم البديل الحقيقي، الجدي، المقنع لأغلبية الشعب اللبناني وخصوصا لمن هم في دائرة التهديد والاستهداف الاسرائيلي الدائم. المقاومة هي خيارنا أياً تكن الضغوطات والحصارات والظروف الصعبة التي قد تحيط بنا. من هنا، من الجزء الاسرائيلي، أود أن أدخل لثلاث نقاط: النقطة الأولى لها علاقة بالأجواء في الجنوب منذ أسابيع، والنقطة الثانية لها علاقة بما أعلن عن اتفاق سلام تاريخي بين دولة الإمارات وإسرائيل، والنقطة الثالثة لها علاقة بكلام عن علاقة ما لإسرائيل بانفجار مرفأ بيروت. ومن الحديث عن انفجار مرفأ بيروت أدخل للوضع الداخلي بعدة نقاط.

النقطة الأولى منذ ما يزيد عن ثلاثة أسابيع كان العدوان الاسرائيلي على محيط مطار دمشق، وأدى إلى استشهاد إخوة أعزة من بينهم شهيد لبناني من حزب الله هو الشهيد علي كامل محسن، طبعا كان معروفاً عند الاسرائيلي لأنه معلن أن حزب الله في نهاية المطاف لن يسكت عن هذا الاعتداء وسيرد، ولذلك هو لوحده ذهب، ولم يحتاج الأمر لأن أتحدث أو نصدر بيانات أو نتحدث، وحده قام باجراءات على امتداد الحدود من الناقورة إلى الجولان على كل الحدود اللبنانية السورية مع فلسطين المحتلة ومع الجولان المحتل. ووقف على قدم ونصف، وقام بكل الاجراءات التي يجب أن يتخذها حتى لا يتم النيل من أي من جنوده او يمكن حزب الله من القيام برد فعل معين.

طبعا نحن من اليوم الأول كان قرارنا هو أن نرد. بطبيعة الحال قرارنا بالرد، الرد الذي نريده، هدفه تثبيت قواعد الاشتباك، ولذلك يجب ان يكون رداً مدروساً ومحسوباً وجدياً، ليس الهدف لا الاستعراض الاعلامي ولا الغوغائية، ولا ان من صعد على الشجرة من يضع له سلماً للنزول! "فاهمينا خطأ"، نحن لا نبحث عن الإعلام وعن المفاخرات وعن الاستعراض. هناك معادلة حقيقية، هناك قواعد اشتباك قائمة وموجودة نحن نريد الحفاظ عليها ونريد تثبيتها والذي يثبتها هو العمل الجاد والمدروس والمحسوب الذي يثبتها. ولذلك ما جرى منذ اليوم الأول لاستشهاد شهيدنا العزيز علي كامل محسن إلى اليوم، هو جزء من العقاب. تصوروا وهناك نقاش كبير داخل الكيان الصهيوني أن هذا الجيش الاقليمي القوي واقف منذ ثلاثة أسابيع على طول الحدود، اجراءات وانتباه وحذر واستنفار، عطّل تدريباته، عطّل مناوراته، عطّل كثير من الحركة في المنطقة الحدودية بانتظار رد المقاومة في لبنان. هذا جزء من العقاب. أنت تقتلنا هذا يعني انك على امتداد الحدود يجب ان تتوقع في كل لحظة العقاب وأن تدفع الثمن على جريمتك.

والليلة أنا أود أن أقول، هذا القرار ما زال قائما، لم يتغير أي شيئ على الإطلاق، والمسألة هي مسألة وقت وعليهم ان يبقوا في الانتظار.

النقطة الثانية، أعلن أمس الرئيس الأمريكي ترامب عن اتفاق سلام تاريخي بين دولة الإمارات العربية والعدو الاسرائيلي. طبعا كان يقيم حفلة عرس بالبيت الأبيض على يمينه وعلى شماله. أنا كفرد من هذه الأمة وكانسان مؤمن بالله سبحانه وتعالى وباليوم الآخر وأنني سأسأل يوم القيامة أيضا عن الموقف في هذه المسألة على المستوى الشخصي وأيضا بالنيابة عن حزب الله والمقاومة الاسلامية في لبنان يجب ان أقول بعض الكلمات في هذه المسألة. طبعا أنا لن أجلس لأحلل تاريخ وجغرافيا وأنه لماذا الإمارات فعلت ذلك وما هي نتائجه؟ سأتحدث بكلمتين واضحتين وبيّنتين: أولاً، نحن لم نفاجئ بما قام به بعض الحكام في دولة الإمارات، لم نفاجئ،  لأن المسار الطبيعي الذي كانوا يسيرون به يوصل إلى هذه النقطة. أصلاً التطبيع موجود، والطائرات تذهب وتعود، ووزراء اسرائيليون يأتون إلى الإمارات، ومشاركة اسرائيلية في المؤتمرات، ومساعدات اقتصادية، ومساعدات طبية، واتفاقيات لها علاقة من أجل التعاون من أجل الكورونا، هذا كله موجود.

لكن يبدو الحاجة إلى اعلان اتفاق هي حاجة أميركية  بالدرجة الأولى، هي حاجة للرئيس ترامب لإنجاز من هذا النوع، وإلاّ هم كانوا قادرين على الاستمرار على نفس الوضعية  3 اشهر سنة وسنتين وثلاثة، أي إذا كان الهدف هو التطبيع فالتطبيع موجود ومنتهي، فإذاً هذا الأمر غير مفاجئ، هذا مسار طبيعي سلكَ فيه حكّام الإمارات أوصَل إلى هذه النتيجة الحالية، التوقيت أيضاً يؤكّد حجم خدمة بعض الأنظمة العربية عند الإدارة الامريكية، ترامب بحاجة إلى إنجاز سياسي خارجي، انظروا ستنتهي ولايته ولا يوجد إنجازات في السياسة الخارجية، الآن في الداخل استجد موضوع كورونا، البطالة، الإقفال، الوضع الاقتصادي، هذه مصيبته الكبرى، لكن حتى في السياسة الخارجية خرج من الاتفاق النووي مع إيران بأمل إسقاط إيران فلم تسقط وصمدت، ذهب إلى كوريا الشمالية ولم يصل إلى مكان، ذهب كذلك إلى الصين ولم يصل الى مكان، صفقة القرن رفضها الفلسطينيون بإجماع ولم تحظى بأي فرصة حقيقية للاعتراف بها، إذاً هو يحتاج الى انجاز، من جاهز لتقديم الإنجاز؟ هؤلاء الأدوات الإقليمية الموجودة في المنطقة. ما أقدمت عليه دولة الإمارات هو خدمة انتخابية سياسية شخصية للرئيس ترامب كي يستفيد منها في الانتخابات في أضعف لحظات الرئيس ترامب الانتخابية بحسب كل استطلاعات الرأي في أميركا، وأيضاً خدمة شخصية وانتخابية لنتانياهو، نتانياهو اليوم في الكيان الإسرائيلي في أضعف حالاته منذ بدء حياته السياسية، متّهم بالفساد، ينتظر المحاكمة، مظاهرات تخرج ضّده، حكومة مأزومة، ثلاث انتخابات ممكن أن تحصل انتخابات رابعة، اذاً المطلوب أن يُقدّم شيء ليخرج نتانياهو على شعبه المحتل لفلسطين المحتلة هناك شعب محتل يعني، ويقول هذا سلام تاريخي وانجاز تاريخي وهذه الدبلوماسية العظيمة خاصّتي وما شاكل، للأسف يُقدّمون هكذا! وعلينا ان نتوقّع من هنا للانتخابات الامريكية أن يُقدم عدد من الدول العربية والأنظمة العربية الجاهزة والتي تقف بالصّف منتظرة ليس ترامب، كوشنير ليعطيهم إشارة ليتوجّهوا إلى واشنطن للبيت الأبيض، وسنشهد العديد من اتفاقات السلام التاريخية بين بعض الأنظمة العربية في الحقيقة، كما اراد ترامب لتحصين الأوضاع الاقتصادية في أميركا خلال سنوات وأنجز ذلك من خلال حلب بعض الأنظمة العربية الخارجية مالياً وأخذ منها مليارات الدولارات، الآن من أجل تصحيح وضعه الانتخابي من هنا للانتخابات سيحلبهم سياسياً، سيحلب كرامتهم، وماء وجههم، وتاريخهم إذا بقي لديهم دين، سيأخذ منهم كل شيء فقط من أجله ومن أجل صديقه نتانياهو المأزوم في الكيان، ولذلك لا نتفاجئ غداً أنَّ الدولة الفلانية والفلانية ووو ليس فقط دولة، الآن هم يتحدّثون عن دولة أنا أتوقّع أن يكون أكثر، هذا له علاقة بالحاجة الانتخابية، وليس شرطاً بكل الأحوال ممكن أن تكون دولة واحدة كافية أو لا قد نحتاج الى دولتين، ثلاثة، هم جاهزون في الصف لا مشكلة عند الأمريكان في هذا الموضوع.

في كل الأحوال، ما أُعلن وأصبح معروفاً وسيُوقّع خلال أيام أو أسابيع من قبل حاكم دولة الإمارات الفعلي هو متوقّع ويُعبّر عن الكثير من السّياسة الرّسمية العربية في منطقتنا والذي معياره هو الرّضى الأمريكي، ما الذي يرضي أميركا هم يقومون به، الذي يرضي أميركا، أخدموا اسرائيل، تصالحوا مع إسرائيل، اعترفوا بإسرائيل كلهم يأتوا ويقفون بالصّف، عادُوا أعداء إسرائيل، حاربوا أعداء إسرائيل، حاربوا المقاومة، أديروا ظهركم للشعب الفلسطيني، تخلّوا عن القُدس، كلّهُ سمعاً وطاعة، هذا المشهد الحقيقي اليوم، على كل حال يوم بعد يوم يثبُت أنّ ما قام به الإعلام الرسمي العربي والعديد من الأنظمة العربية وخصوصاُ في منطقة الخليج، من الحديث عن العدوّ الإيراني وتكبير الخطر الإيراني كلّه قنابل دخانية من أجل الصّلح مع إسرائيل والاعتراف بإسرائيل وإقامة العلاقات مع إسرائيل للتّفرّغ للعدوّ الحقيقي  الذي هو إيران، ولكن في نفس الوقت كثير من هؤلاء الذين يتحدّثون عن إيران عدوّ، خلف الستار يسعون إلى الاتصال معها ومطمئنتها وإقامة العلاقة معها، يقولون في العلن شيء وفي السّرّ شيئاً آخر، وهم يتمنّون أن يصلوا الى وقت يكون لهم علاقة جيّدة جداً مع إسرائيل وعلاقة جيّدة جداً مع إيران، لأنّهم ضُعفاء، لأنهم لا لون لهم ولا طعم ولا رائحة، لأنّ عاصفة صغيرة من هنا أو هناك يمكن أن تزلزل عروشهم، لا أريد أن أطيل أكثر من هذا أريد أن أُلخّص الموقف بنقطتين، النقطة الأولى، الواجب الإنساني والديني والشرعي والجهادي والأخلاقي والوطني والقومي، يحتّم عليّ وعلى كل واحدٍ منّا أن يقف ويقول هذا عمل مُدان، ومرفوض، هذا خيانة للإسلام، خيانة للعروبة، خيانة للأمّة، خيانة للقدس وللشعب الفلسطيني وللمقدّسات، هذه كما قال الفلسطينيون صحيح، هذه خطوة غادرة، هذا طعنٌ في الظّهر، وكل شيء من أدبيات مشابهة يصحّ أن تصف بها هذا الموقف، إذا لسنا قادرين أن نفعل شيء بيدنا في مواجهة هذا المنكر الكبير والعظيم الذي يرتكبه حكّم الإمارات فلننكر بلساننا، وإلاّ أضعف الإيمان فلننكر بقلوبنا، والكثيرون قادرون على أن ينكروا بلسانهم، إن سكتوا اليوم سيُسألون يوم القيامة، إذاً الإدانة والشّجب والاستنكار، وثانياً أردت أن أقول للشعب الفلسطيني المظلوم والمغدور اليوم وللشعوب العربية والإسلامية التي ما زالت في قلب القضيّة، ولحركات المقاومة أنا أقول لهم، يجب أن نغضب في قلوبنا وننكر هذا المنكر في قلوبنا ولكن لا تحزنوا بالعكس، أن تسقط الأقنعة هذا شيء جيّد، ما يجري تحت الطّاولة أن يصبح فوق الطّاولة هذا شيء جيّد، ما يجري في السّر أن يجري في العلن هذا شيء جيّد، أساساً من السُّنن الإلهية التاريخيّة الاجتماعي الحاكمة في التاريخ والمجتمعات وهذا واضح في القرآن الكريم، جبهة الحق عندما يُقدّر الله تعالى لها أن تقترب من الانتصار، عليها أن تُلقي بأثقالها، يجب أن يتم الفرز فيها، يجب أن يخرج منها المنافقون والكذّابون والمتآمرون والخادعون والطّاعنون في الظهر، خروج هؤلاء من جبهة الحق، من موقف الحق، من قضيةّ الحق التي هي القضية الفلسطينية، بالعكس هذا سوف يجعل حركات المقاومة والشعوب المؤمنة بالمقاومة والأنظمة المؤمنة بالمقاومة سيجعل جبهة المقاومة تعرف جيّداً صديقها من عدوّها وتُخرج المنافقين من صفوفها ويَخرُج المنافقون من صفوفها. هذا شرط طبيعي، ولذلك كما نرى فيه جانب المنكر وهذا ما يجب أن يغضبنا يجب أن نقول عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم، عندما تصبح صفوف الأمّة نقيّة طاهرة نظيفة من كل هؤلاء الذين يطعنونك في وسط الطريق أو في ربع الطريق او في نهاية المسافة ويغيّرون المعادلات ويتآمرون عليك ويقدّمون لك أنفسهم كأصدقاء وهم أعداء وخصوم وجواسيس، هذا بالعكس هذا شيء جيّد وإن كان مؤلم، كما هو ألم التخلّي عن الأجزاء الخبيثة من الجسد ليُصبح الجسد صحيحاً بل أكثر صحّةً وقوّةً وسلاماً.

النقطة الثالثة بالموضوع الذي سأدخله من الملف الإسرائيلي ومنه إلى الملف اللبناني هو التفجير في مرفأ بيروت، طبعاً أيضاً أريد أن أذكر أمراً دائماً كانوا ينظّروا علينا به في لبنان، الإجماع العربي والخروج عن الإجماع العربي، أين هو الإجماع العربي؟ هذه دولة الإمارات خرجت لوحدها، أين هو الإجماع العربي؟ أين هي خطّة السلام العربية الموجودة على الطّاولة؟ هل لا تزال هناك طاولة وخطّة سلام عربية، هل يوجد بعد في الأصل جامعة دول عربيّة، أو أنظمة عربية رسمية؟ لا نريد أن نقول الا يزال هناك عرب لأنهم ليسوا هم العرب، العرب ناس آخرين!

النقطة الثالثة مرفأ بيروت، سأدخل الى الموضوع من الزاوية الإسرائيلية ومنه أكمل في الداخلي اللبناني، طبعاً نحن حزب الله ليس لدينا رواية عن التفجير في مرفأ بيروت، أي أنه إذا افترضنا أحدهم  يريد أن يقول أنتم يا حزب الله ما هي روايتكم؟ نحن ليس لدينا رواية، الرّواية الصّحيحة الذي يقدّمها هو من يقوم بالتحقيق، ونحن لا نقوم بالتحقيق ولم نكلّف بذلك ولم يكن مسؤوليتنا، هذه مسؤوليّات الدولة والقضاء اللبناني والأجهزة الأمنية اللبنانية ونسمع الآن أنهم يستعينون بخبرات أمريكية، هناك من بشّرنا انّ الـ FBI سيأتون أو اتوا وخبرات فرنسيّة وما شاكل، حسناً، نظريّاً توجد هناك فرضيّتان كبيرتين، أمّا هكذا او هكذا في الحقيقة، الفرضيّة الأولى هي أنّه حادث عرضي، نتكلّم نظرياً، وهذا لم نتحدّث به في الخطبة السّابقة، انّه يوجد نترات وبجانبها مفرقعات وكانوا يقومون بتلحيم الأبواب والنار تسرّبت الى المفرقعات وأحدثوا حريقاً  والمفرقعات انفجرت فانفجرت على إثرها النترات وحصل هذا الانفجار وحادث عرضي والقصّة هي إهمال وفساد إداري وتقصير وعدم تحمّل مسؤولية وبالتالي يُستبعد العمل التخريبي، هذه فرضيّة.

الفرضيّة الثانية، هو العمل التخريبي، وله عدّة أشكال، هناك من تكلّم عن طائرات في السّماء قصفت، سواءً حربي أو مسيّر قصف، هذا حتّى الان ليس هناك ما يُثبته، وهناك فرضيّة أخرى بالعمل التخريبي، أن هناك أحد أقدم وتعمّد أن يُحدث الحريق أو وضع عبوة صغيرة وأدّت الى هذا الحريق وهذا التفجير والانفجارات المتلاحقة، حسناً، من يمكن أن يكون خلف هذا العمل التخريبي المتعمّد؟ ممكن الجهة الفلانية والجهة الفلانية وممكن إسرائيل، لا أحد يستطيع أن ينفي. نحن بالنسبة لنا كحزب الله ننتظر نتائج التحقيق، البعض يحاول أن يقول لا حزب الله يعلم كيف حصل هذا الانفجار، وحزب الله اساساً يعلم كل شيء في لبنان، ولديه استخبارات تعرف كل التفاصيل في لبنان، - طيب معليش انا سابقاً قلت صيط الغنى ولا صيط الفقر - لكن والله ليس هكذا يا جماعة، هناك الكثير من الأمور والمناطق والمؤسسات والأحداث لا نعرف بها وهي أصلاً ليست عملنا، هذه مهمّة الدولة والأجهزة الأمنيّة في الدّولة، نحن معنيين بالمقاومة، معنيين بالإسرائيلي، معنيين بأمن المقاومة المباشر، دعوني أكون واضحاً، لأن هناك بعض الأصدقاء والمحبين يتكلّموا في التلفاز، نحن لا نستطيع أن نتحمّل كامل الأمن القومي بالبعد الداخلي، لا نستطيع لا لأننا لا نريد، لا نريد وأيضاً لا نستطيع، لماذا تريدون أن تحمّلونا ما لا نطيق، هذه مسؤولية الدولة التي تمتلك موازنات وتجمع ضرائب دولة ولديها عدد كبير من الجنود وقوى أمن وجيش ووو.. على كلٍ نحن ليس لدينا رواية وليس لدينا تحقيق وليس لدينا معلومات دقيقة عمّا جرى في هذا الانفجار، ننتظر إذاً التحقيق. حسناً، إذا بيّن التحقيق أنّه حادث عرَضَي، معناه أنّ القضاء اللبناني عليه أن يذهب ويرى المسؤوليّات على عاتق من على المستوى القانوني، ويعاقب الذين يتحملون مسؤولية عن هذه الفاجعة. أما إذا (تبين أنه ) عمل تخريبي، طبعاً ستبقى المسؤوليات قائمة لأن بقاء هذه المواد ستة سنوات وتضعوا مفرقعات بجانبها هو بحد ذاته إهمال وتقصير يرقى إلى مستوى الجريمة، لكن يجب أن نبحث عن من يقف خلف هذا العمل التخريبي، إذا كانت إسرائيل فنتكلم من البداية. أنا قرأت بعض المقالات واستمعت لبعض المؤتمرات الصحافية ونُقل لي أجواء أيضاً في لبنان وفي خارج لبنان يقول ما يلي: " أن الذي يقف خلف العملية التخريبية هذه، هو العدو الإسرائيلي – لكن هم طبعاً لا يريدوا إدانة إسرائيل بل يريدون إدانتنا نحن – وحزب الله يعلم ذلك ولكن حزب الله يصمت ويخفي هذه الحقيقة لأنه لا يريد أن يتورط بالرد على إسرائيل أو أنه ضعيف وعاجز عن الرد على إسرائيل"، هذا الذي دفعني للكلام بهذه النقطة.

على كلٍ، التحقيق يجب أن يستمر ويعطي إجابة للشعب اللبناني، ليس لحزب الله، للشعب اللبناني بأجمعه، للدولة اللبنانية بأجمعها، لأن هذه فاجعة وطنية وإنسانية وطالت الجميع والله رحم، الله رحم أن جزءاً كبيراً من الإنفجار ذهب بالبحر، الله رحم أنهم يقولون أن هناك جزء كبير من هذه المواد لم ينفجر وإلا لو انفجر 2700 طن كانت الكارثة أكبر وأعظم من ذلك بكثير.

على كلٍ، ليس أنا من أقوم بالتحقيق ولا أنا أوجه اتهامات، ننتظر التحقيق اللبناني الرسمي، طبعاً بين هلالين، إذا FBI  قادمين وإسرائيل حقاً لها علاقة، معنى ذلك أنه سيتم إنقاذ إسرائيل من التهمة – إذا FBI  سيشاركون في التحقيق، التحقيق الدولي لو قبل به لبنان وذهبنا إلى تحقيق دولي أول وظائف التحقيق الدولي ستكون إبعاد إي مسؤولية لإسرائيل عن هذا التفجير لو كان لها مسؤولية، ولذلك البعض يقول نحن لا نثق بالتحقيق المحلي، نحن أيضاً – أنتم لبنانيون وحقكم ألا تثقوا – نحن لبنانيون ونقول: نحن لا نثق بالتحقيق الدولي. حسناً، إذا التحقيق اللبناني وصّل لمكان أن هذه عملية إرهابية تخريبية ووصّل إلى مكان أن إسرائيل لها علاقة، هنا الذي يجب أن يجاوب ليس فقط حزب الله، الدولة اللبنانية بكل مؤسساتها، الشعب اللبناني بكل فئاته، القوى والأحزاب السياسية، كل لبناني يجب أن يقف ويجيب، هذا عدوان إسرائيلي على مرفأ بيروت، على مخزن فيه هذه المواد، هذه ليست عملية تستهدف حزب الله، هذه عملية تستهدف الشعب اللبناني والدولة اللبنانية وكل الطوائف اللبنانية - متأسف أن أقول كذلك، كل الطوائف اللبنانية - إذاً أنتم كدولة وكشعب لبناني ما هو موقفكم؟ أنه طالما إسرائيل هي التي ذبحتنا وقتلتنا وجزّرت بنا؟ عفى الله عن ما مضى! هل نحن قادرون على إسرائيل؟ ما هو الموقف؟ في الحقيقة هذه الفرضية يجب أن يجيب عليها كل اللبنانيين، وكل القوى السياسية اللبنانية، قبل أن يجيب عليها حزب الله، أما عندما تصل النوبة أن يجيب عليها حزب الله، أن تجيب عليها المقاومة، فأنا أقول لكم من الآن، من الآن أقول لكم، حزب الله الذي لا يمكن أن يتغافل عن قتل مجاهد واحد من مجاهديه، ويوقف الجيش الاسرائيلي أسابيعاً على الحدود، ويصر على أن يثبّت المعادلة لا يمكن أن يسكت على جريمة كبرى بهذه الحجم إذا كانت إسرائيل قد ارتكبتها بحق الشعب اللبناني، وإسرائيل ستدفع ثمناً بحجم الجريمة التي ارتكبتها إذا كانت قد ارتكبتها وبدون أي تأمل، وبدون أي تردد، ليس جوابنا نحن غير الواضح، إذا هذه الفرضية صحيحة، يجب من الآن، القوى السياسية تبدأ بالبحث عن جواب للشعب اللبناني عن من يستهدفه بهذا المستوى الهائل من الاستهداف، لأنه إذا كان هناك استهداف الحساب ليس فقط على ما حصل الحساب على ما كان يمكن أن يحصل، لكن الله سبحانه وتعالى لطف.

من هنا أيضاً أُكمل، انتهينا من الموضوع الإسرائيلي أكمل على الموضوع اللبناني، حسناً حصل الانفجار، أنا تحدثت بالكلمة السابقة أنه كانت الأولوية أن تلم الناس الشهداء، تبحث عن المفقودين، تلم الجرحى، تأوي العائلات التي شُرّدت من بيوتها، مساعدة العائلات للعودة إلى بيوتها من خلال ترميم المنازل، لكن ذكرت أنه من الساعات الأولى بدأ التوظيف السياسي، الشيء المتعلق بحزب الله تحدثنا فيه منذ عدة أيام وانتهينا منه، وهذه قصة مخزن سلاح وصواريخ وعتاد وانفجر وإسرائيل فجّرت وكذا، هذه قصة صواريخ وسلاح وعتاد، هذا انتهى، لا أحد يمكن أن يصدق هذا الشيء في العالم، إلا الذين ما زالوا يكذبون فيه ومصرين عليه.

بكل الأحوال، الأخطر الذي حصل – لم أتحدث عنه منذ عدة أيام، الآن سأتحدث عنه – الأخطر أنه في الوقت الذي أمام حادثة وفاجعة وطنية وإنسانية بهذا الحجم واللبنانييون هم أحوج ما يكونون إلى المساعدة وإلى الدعم، وأول عناصر التضامن والتكاتف هو الحفاظ على مؤسسات الدولة، يبقى هناك دولة على الأقل لتستطيع أن تستقبل العالم وتستقبل المساعدات وتتفرغ لحسم موضوع المفقودين ومعالجة الجرحى وتقديم المساعدات وإعادة الإعمار وما شاكل، شهدنا – أنا أريد أن أطور الكلام الذي قيل أمس وقبل أمس – شهدنا محاولة، كان هناك مشروع سلِمَ منه لبنان  - ولا أبالغ الآن أقول معطياته – لإسقاط الدولة، ليس إسقاط المجلس النيابي فقط، لإسقاط الدولة اللبنانية، كيف؟ من الساعات الأولى هناك قوى سياسية معينة ووسائل إعلام ومواقع تواصل وجيوش إلكترونية استغلت آلام الناس والحيرة العامة التي كانت قائمة وموجودة، ليس فقط ضد حزب الله، انتهينا منه، هناك موضوع الدولة، الإستهدافات كانت على الشكل التالي، العنوان الأول في الاستهداف كان العهد وفخامة الرئيس العماد ميشال عون، وشاهدنا استغلالاً كبيراً جداً وخصوصاً في الشارع المسيحي وفي الوسط المسيحي، وبدأ هؤلاء – مثل ما فعلوا في عام 2005 مع الرئيس لحود – ما زال غير واضح ما هي الحادثة وما طبيعتها، تخريب أو لا، تفجير، حادث عرضي، من المقصر؟ من اللحظة الأولى حمّلوا المسؤولية لفخامة الرئيس وشنوا حملة شعواء في بعض التلفزيونات، الجيوش الإلكترونية، في الشارع، أن الرئيس عون هو الذي يحمل المسؤولية، وتجاوزوا كل حدود القانون والأدب والأخلاق، حتى أبسط الأعراف الإنسانية واللبنانية المعروف فيها اللبنانيون، قليل من دماسة الأخلاق ومجاملات وكذا، لا يوجد شيء، وشاهدنا على التلفزيونات السباب والشتائم، أن الناس  تجلس " وتبزق" على التلفزيون مثلاً!! كل هذا كان هدفه الضغط على رئيس الجمهورية من أجل الاستقالة، وكان هناك مشروع حشد قوى سياسية للضغط على رئيس الجمهورية من أجل الاستقالة، لكن هناك قوى سياسية لم تقبل أن تدخل في هذا المشروع، هناك قوى سياسية لم تقبل أن تكون رأس حربة لكن قبلت أن تكون خلف رأس الحربة، فبقيت رأس الحربة وحدها وخصوصاً في الشارع المسيحي والضغط باتجاه فرض الاستقالة على رئيس الجمهورية. حسناً، بنفس الوقت، شُغل على الاتصال مع كتل نيابية من أجل تقديم استقالات جماعية من المجلس النيابي. فإذاً أول مؤسسة كانت مستهدفة من مؤسسات دولة هي مؤسسة رئاسة الجمهورية، المؤسسة الثانية المستهدفة المجلس النيابي، تتقدم مجموعة كبيرة من الكتل وتستقيل، حتى لو استقالوا كلهم الأغلبية النيابية موجودة لا يسقط المجلس النيابي ولكن ينتقلون لخطوة ثانية وهي أن هذا المجلس لا يمثل وهناك مشكلة ميثاقية وهناك طوائف أساسية غائبة عن المجلس النيابي إذاً فليسقط المجلس ولنذهب إلى انتخابات مبكرة ومجلس غير ميثاقي لا يستطيع أن يشكل حكومة ولا أن يشرّع ولا ولا ولا، يعني عملياً إسقاط مجلس النواب، ليس قانونياً أو دستورياً ولكن عملياً، هذه المحاولة أيضاً باءت بالفشل، طبعاً المحاولة الأولى باءت بالفشل، لأن فخامة الرئيس العماد ميشال عون ليس الشخص الذي تستطيعون أن تسقطوه بهذه الطريقة، بالاتهام وبالشتائم وبالكذب وبالتزوير، لا تاريخه هكذا، واللبنانيون كلهم يعرفون عن صموده، عن صلابته، عن شجاعته، عن ثباته، عن موقفه في الأيام الصعبة، ونحن شاهدنا هذا الموقف في حرب تموز في عام 2006، عندما هُدِد أن يُقصف بيته في الرابية حتى يعدل الموقف ولم يقبل أن يعدل الموقف، الآن نتيجة بعض الشتائم وبعض الناس ينزلون إلى الشارع ويشتمون ويعلقون مشانق، شخص بتاريخ وشخصية العماد ميشال عون يستقيل من الرئاسة ويترك البلد ويذهب إلى بيته!  هذا وهم على كل حال.

مؤسسة المجلس النيابي أيضاً فشلوا في هذا المشروع، هناك كتل نيابية موافقة على انتخابات نيابية مبكرة ولكن غير موافقة على الاستقالة لحسابات سياسية ولها علاقة بالعلاقات مع دولة الرئيس نبيه بري ولها علاقة بمجموعة مصالح معينة، يقبلون بانتخابات مبكرة ولكن لم يوافقوا على الذهاب إلى استقالات جماعية تؤدي إلى إسقاط المجلس النيابي.

إذاً الهدف كان إسقاط الدولة، هل هناك شخص برأسه عقل؟ هل هناك شخص مخلص لناسه، لشعبه، للمنكوبين، للمجروحين، للمفقودين، للبلد الذي ينتظر مساعدات، للبلد الذي ينتظر تضامن، أهل المناطق كلها تأتي وتتضامن مع بعضها وتأوي بعضها وتساعد بعضها، يذهب ويأخذ البلد على إنهيار مؤسسات الدولة مع تجاوز لكل الحدود واللياقات، وسباب وشتائم لكل الرموز عند كل الطوائف، هذا يأخذ البلد على الحرب الأهلية. هناك من كان يريد في الأيام الماضية أن يطبق مشروعاً مشابهاً لما كان يُحضّر له قبل سنوات عندما اختطف رئيس الحكومة النائب سعد الحريري في السعودية، كان يُخطط لقتال ولحرب أهلية في لبنان. قبل أيام، أنا أتهم قوى سياسية لبنانية لمصالح شخصية ومصالح حزبية ومصالح خارجية وخدمة لمشاريع خارجية عملت من أجل إسقاط الدولة في لبنان ووضع لبنان على حافة الحرب الأهلية اللبنانية، وأدعوا اللبنانيين في كل المناطق ومن كل الطوائف فليتأملوا بهذه الفكرة وبهذه المعطيات، يسمعوا كل الكلمات، كل الخطابات، كل البيانات، كل المؤتمرات الصحافية ويعودوا ويحللوا، ويروا هذا الكلام الذي أقوله له محل أو ليس له محل.

حسناً، جاء موضوع الحكومة، الحكومة في الحقيقة الذي أسقطها ليس هؤلاء الذين كانوا يريدون أن تسقط الحكومة، الذي أسقطها مجموعة ظروف، مجموعة عوامل، مجموعة ضغوط، مجموعة صعوبات، لكن بحقيقة الأمر انفجار بحجم الانفجار الذي حصل في بيروت، أي حكومة كان صعب أن تصمد في مواجهة هذا الانفجار. على كل حال، الحكومة ذهبت إلى الاستقالة واستقالت.

في هذا السياق سأتحدث عن الحكومة التي استقالت وعن الحكومة الآتية، لكن لأختم هذا المقطع وأقول: اللبنانيون اليوم عندما نتحدث عن حكومة جديدة ونكمل بحياتنا السياسية يجب أن ينتبهوا جيداً، لا تعطوا آذانكم لكل أولئك الموتورين الذين ينتظرون ساعات الانتقام، الذين لا يبحثون عن مصير وطن ومصير شعب، الذين يستغلون الآلام، الجراح، لتصفية حسابات سياسية للتعبير عن أحقاد سياسية، يجب أن يكون واضحاً، أي حراك سياسي يجب أن يكون له سقف، السقف هو منع سقوط الدولة، السقف هو منع سقوط مؤسسات الدولة، السقف هو منع حصول حرب أهلية في لبنان، من لا يلتزم بهذا السقف، من تجدونه يهدم هذا السقف، اتهموه في وطنيته وفي انتمائه حتى إليكم، حتى إلى طائفتكم. يحب أن نتحرك جميعاً تحت سقف أن يبقى للبنان دولة وأن لا نذهب إلى حرب أهلية، وأن نحفظ السلم الأهلي، وأن نحفظ الحد الأدنى من إمكانية الحوار والتواصل والتفاهم بين اللبنانيين.ما يبنى الان من أحقاد ومن جدار عداوة يجعل مستقبل لبنان مستقبلاً مظلماً، مستقبلاً خطراً يفتح لبنان على كل من يريدون ان يدمروه وان يمزقوه وان يحطموه. لمصلحة من هذا؟

بالنسبة للحكومة، أولاً بالنسبة للحكومة المستقيلة، أنا اتوجه بالشكر باسم حزب الله وكتلة الوفاء للمقاومة وباسم المقاومة الى دولة الرئيس حسّان دياب الذي قبل التكليف وقبل تحمل المسؤولية في ظروف صعبة ومعقدة جداً ولكل الوزراء الذين عملوا معه في هذه الحكومة خلال الأشهر الماضية، وأنوّه بشجاعتهم وثباتهم رغم كل الظروف والضغوط والاتهامات خلال الاشهر الماضية، بذلوا ما يقدرون ويطيقون، هذه قدراتهم و الامكانات المتوفرة لهم، وبطبيعة الحال عاطفيا ونفسيا ومعنويا امام حجم الانفجار المهول الذي حصل، نحن كنا نتفهم اي كلام عن استقالة ثلاثة وزراء او استقالة الحكومة كاملة ونتفهم الخطوة التي تم الاقدام عليها، نشكرهم ونقدّر تعبهم في خدمة لبنان، ونأمل منهم، من دولة الرئيس حسان دياب ومن الوزراء الى ان يتم تشكيل حكومة جديدة ان يتحملوا مسؤولياتهم القانونية والدستورية في تصريف الاعمال ومسؤولياتهم الوطنية والاخلاقية أيضاً، وهم فعلاً  الآن يواصلون العمل، ان يبقوا بكل صدق واخلاص في خدمة شعبهم وبلدهم ودولتهم بانتظار ان تنتقل المسؤولية الى اشخاص آخرين. أما بالنسبة الى الحكومة الجديدة، طبعاً الآن يوجد نقاش في داخل الكتل النيابة وبين الكتل النيابية حول الاسماء المرشحة للتكليف من اجل تشكيل حكومة جديدة وكل كتلة او كل حزب او كل قوة سياسية مثل اي لبناني يستطيع أن يعبّر ويقول ما هي نظرتهم للحكومة الجديدة. بالنسبة لحزب الله من المفيد أن أقول الليلة كلاما واضحا، بطبيعة الحال في اي بلد وليس في لبنان، اي شعب يتطلع الى حكومة قادرة، الى حكومة قوية، الى حكومة تستطيع ان تنجز، الى حكومة تستطيع ان تتحمل مسؤوليات. الحكومة لا تشكل من أجل ان يحصل احد على لقب دولة الرئيس وآخر على لقب معالي الوزير، ليست تشريفات. الحكومة مسؤولية ووظيفة خصوصا في بلد يعيش اوضاعاً صعبةً ومقعدةً في لبنان، لذلك نحن نطالب بحكومة قوية، حكومة قادرة، وحكومة محمية سياسياً. الحكومة غير المحمية سياسياً مهما كانت هويتها اذا لم تكن محمية من القوى السياسية ومن الكتل النيابية الأساسية في البرلمان اللبناني لا تستطيع ان تفعل شيئا وستسقط او تنهار او يتم اسقاطها في المجلس النيابي عند اي مفترق طريق. تقليدياً نحن موقفنا كان دائما الدعوة الى حكومة وحدة وطنية، هذا ليس جديدا، من العام 2005 عندما دخلنا إلى الحياة السياسية اللبنانية بشكل فعلي الى اليوم نحن دائما نطالب بحكومة وحدة وطنية او بحكومة ذات اوسع تمثيل ممكن، تمثيل سياسي وشعبي، لتكون حكومة قوية، تكون حكومة محمية تضم سياسيين واختصاصيين. اولويات الحكومة كما كنا نقول في السابق الان نقول الشيء نفسه وكما في السابق عندما طرحت استقالة حكومة الرئيس الحريري نحن كنا مخالفين، وعندما استقال وكلف الرئيس حسان دياب طالبنا بحكومة وحدة وطنية، ولكن قوى سياسية ابت ان تشارك في حكومة الرئيس حسان دياب. اليوم اياً يكن الرئيس المكلف الذي سيكلف ولن أدخل الآن في الأسماء، نحن نطالبهم من الآن بالسعي لتشكيل حكومة وحدة وطنية، وان لم يمكن فبحكومة ذات أوسع تمثيل سياسي وشعبي ممكن، مؤلفة من سياسيين واختصاصيين، أولوياتها: الاصلاحات، اعادة الاعمار ولملمة جراح ما بعد التفجير في مرفأ بيروت، والموضوع المالي والاقتصادي، الموضوع المعيشي خصوصا نحن على ابواب الشتاء، الكهرباء، البيئة، النفايات، التدقيق الجنائي المالي، محاربة الفساد، المشتقات النفطية، المازوت، والمدارس الرسمية، لأن أغلب الشعب اللبناني لن يجد مدرسة خاصة اذا فتحت المدارس بسب كورونا لن يكون قادرا على تسجيل اولاده في المدارس الخاصة وستشهد المدارس الرسمية هجوما شعبيا كبيراً. "بدها حكومة تحمل المسؤولية"، وإلا اذا فتحت المدارس سيبقى الأولاد في الشوارع. حكومة هذه هي أولوياتها، أن تتحمل مسؤولية شعبها وتفاصيل حياة شعبها اليومية، وطبعاً وفي رأس الاولويات متابعة التحقيق والمحاسبة في حادثة تفجير مرفأ بيروت.

الكلام في لبنان عن حكومة حيادية، "منشان ما نضيع وقت"، وأنا اتمنى من اللبنانيين والكتل النيابية وكل المعنيين بتشكيل حكومة ان نستفيد من تجارب تشكيل الحكومات السابقة هذا "بيعند ومنضل واقفين" ستة اشهر، وسبعة أشهر وعشرة أشهر كلنا أصبحنا نعرف بعضنا وماذا نقبل وماذا لا نقبل، وما هو ممكن أن يمشي في البلد و ما هو غير ممكن. الحديث عن حكومة حيادية هو تضييع للوقت. أصلاً اول سؤال وجهه الصحافيون وانا أطرحه أيضاً، حكومة حيادية! يعني من هو الحيادي؟ فليدلنا عليه أحد في لبنان. في المنطق يقولون الانسان حيوان ناطق، في لبنان الانسان حيوان ناطق سياسي. الصبي الصغير في مجتمعنا والبنت او الصبي مجرد أن يصبح واعياً ويفتح عينيه وأذنيه يبدأ يحكي ويسأل ويجاوب، ويصبح لديه ميلاً سياسياً وموقفاً سياسياً - نتكلم عن الحياد الداخلي  وليس عن الحياد الإقليمي والدولي- أين هو الحياد! تدخل إلى البيت هذا خطه السياسي يميل بهذا الاتجاه، وذاك خطه السياسي للجهة الفلانية. اولاً  بالنسبة لنا، نحن لا نؤمن بوجود حياديين في لبنان حتى تشكلوا منهم حكومة، يعني سالبة بانتفاء الموضوع، لا يوجد حياديون لنشكل منهم حكومة حيادية. ثانياً، قصة الحكومات الحيادية في لبنان وفي عدد من الدول في العالم، هي أن السياسات الامريكية والغربية لديها شيء معمم عندما تحصل انتخابات  في بلد وتنجح قوى سياسية ليست تابعة لهم يلجأون للمطالبة بحكومة حيادية وحكومة كفاءات وحكومة اختصاصات، أما اذا فازت الحكومة السياسية التابعة لهم لا يطالبوا لا بحكومة حيادية ولا بحكومة كفاءات. الحكومة الحيادية هي خداع للعبور ولتجاوز التمثيل الحقيقي الذي أفرزه أي شعب من خلال الانتخابات النيابية، وأصلاً الأحزاب عندما تذهب إلى الانتخابات النيابية ليس فقط لتكون في المجلس النيابي وتشارك في صنع القوانين، وانما لتشارك في الحكومة ولتكون جزءاً من السلطة التنفيذية، في كل الدنيا هكذا يحصل، وخصوصاً اذا كان النظام برلماني ديمقراطي. حتى لا أطيل النقاش، هذا على كل حال فقط للرأي العام، والا أصحاب هذه النظرية خلفياتها معروفة بالنسبة لنا.

الحديث عن حكومة حيادية ليس له  معنى، ليس له مصداق خارجي وتضبيع للوقت. في لبنان فلنستفيد من التجارب السابقة نختصر الزمان ونذهب الى حكومة حقيقية  قوية فاعلة، حكومة وحدة وطنية وأوسع تمثيل سياسي وشعبي ممكن.

تبقى ملاحظة اخيرة في موضوع الحكومة، غداً، يمكن ان تقول قوىً سياسية  انا لا أريد المشاركة، لكن هناك قوى سياسية خلال 30 سنة أو عشرين سنة أو خمسة عشر سنة تقول أنا ما كنت من 30 سنة، حسناً من 15 سنة شاركت وتتحمل مسؤولية ما آلت اليه الأوضاع المالية والاقتصادية والمعيشية - نحن لا نتهرب من تحمل المسؤولية - تريدون أن تهربوا من المسؤولية وأيضا تواجهون وتتآمرون على من يتحمل المسؤولية، هذا غير منطقي وغير منصف وغير صحيح، الهروب من المسؤولية. أنا أقترح عليكم أن تخرجوا من الحياة السياسية، من لا يستطيع أن يتحمل مسؤولية في ظروف صعبة في البلد فليخرج من الحياة السياسية ويدع الناس تذهب إلى خيارات سياسية جديدة أو خيارات سياسية أخرى، حينها يتحول الى منظّر أو أستاذ جامعي ويؤسس جمعية خيرية أو شركة تجارية، مثل الكثير من السياسيين والعسكريين عندما يخرجون من الخدمة يذهبون إلى التجارة، أما أنت مصرّ أن تبقى في الحياة السياسية وتبقى حاضرا سياسيا ولا تشارك في تحمل مسؤولية سياسية في إصلاح ما كنت شريكا في تخريبه وفي تأزيمه وتعارض وتقاطع وتحاصر وتحارب وتتآمر على من يحاول أن يتحمل المسؤولية، لا أعرف ماذا يمكن أن يسمى هذا.

النقطة الأخرى في الشأن الداخلي، أنا أتوجه بالشكر، في الحقيقة إلى الكثيرين من الشعب اللبناني الصابرين المحتسبين وبالخصوص إلى جمهور المقاومة، الذي حصل في الأسابيع الماضية، وهذا كان يحصل سابقا ولكن اليوم يحصل ومثلما يقول اللبنانيون "فلت الملأ" خلص لم يعد هناك شيء من الضوابط، السباب والشتائم، الكلام القذر والكلام القبيح، والأعمال القبيحة، الإعتداء على الأملاك العامة والخاصة وصولا إلى أنهم أصبحوا يعلقون مشانق، طبعاً هؤلاء من يمثلون؟ من هم؟ أعدادهم وأحجامهم؟ معروف، الشعب اللبناني يرى هذا الموضوع كله. طبعا يوجد من يتظاهر، هناك فئات تتظاهر ونحن نحترمها، ومن حقها أن تتظاهر، تتظاهر وتطرح شعاراً سياسياً وترفض الطبقة السياسية وحتى تأخذ موقف سلبي منها، لا مشكل في ذلك، هذا حقهم الطبيعي، لكن الكثير من الممارسات غير الأخلاقية والتحريضية والتي يمكن أن تدفع إلى صدامات في البلد، هي ممارسات مدانة، بل ممارسات مشبوهة وتقف خلفها سفارات، ليس كل الناس، هناك البعض ممن ينزل الى الشارع يخرج ويقول يا سيد أنا لم أقبض من السفارة، ليس هناك من داع أن تقبضوا كلكم من السفارات، ولكن يكفي أن يقبض بعض الأشخاص من السفارات ويتحركوا ويأخذوا توجيه السفارات وينزلوا إلى الميدان.

من الأشهر الماضية، نحن خاطبنا الناس، وقلنا مطلوب منكم الصبر والبصيرة، طبعاً هناك من يخرج منكم يستهزئ بالبصيرة، هذا طبيعي، يعني مثله مثل من إستهزأ بالجهاد والمقاومة والشهداء والأخلاق والقيم والعبادة والدين، يستهزؤون من البصيرة، هذا جزء من الإنحطاط الثقافي الجديد المعاصر، أنا أريد أن أشكر صبركم وأن أشكر بصيرتكم، أنا أقدّر في الأيام القليلة الماضية كان يوجد حالة غضب شديد ومرتفع في جمهورنا، أنا طلبت من الأخوة وتواصلت مع حزب الله وحركة أمل وبقية الحلفاء للعمل لضبط هذه الساحة، لأنه واضح أن هناك من يريد جر هذه الساحة إلى الإقتتال في الشارع، هذا تكلمت به منذ قليل، إسقاط الدولة بالحرب الأهلية، دعونا أن لا نكون وقوداً لهؤلاء، إصبروا ورابطوا وإصبروا وأنا أقول لكم، لا تهدؤوا أعصابكم، حافظوا على غضبكم وعلى غيظكم وعلى قهركم، حافظوا عليهم، "لا تكبوا عليهم ماي باردة"، قد نحتاج هذا الغضب في يوم من الأيام، قد يأتي يوم نحتاج فيه هذا الغضب، لننهي كل محاولات جر لبنان إلى حرب أهلية، ولكن حافظوا عليه، ولكن امسكوه وضبطوه بإنتظار ذلك اليوم.

النقطة التي تليها، في 18 أب المحكمة الدولية يمكن، ونحن لا نعرف إذا سيأجلون أم لا، لأنه كان من المفترض في 7 أب، ستصدر أحكامها على ضوء ما وصلت إليه وما تدعيه من نتائج، بالنسبة لنا، أنا لن أعيد الكلام، أنا خلال السنوات الماضية قلنا رأينا بالمحكمة الدولية وبطريقة تأسيسها، وبإيجادها وخلفياتها ونظامها وقوانينها وطريقة الإستدلال التي تتبعها وبتحقيقاتها وبالتحقيق الدولي الأول والثاني والثالث وثغراته وكيف حققت وما هي الفرضيات التي عملت عليها وما هي الفرضيات التي تجاهلتها مع وجود قرائن حولها، ولا أريد أن أعيد شيئاً من هذا، لكن بالنسبة لقرار المحكمة الدولية أي ما كان، نحن نعتبر أنفسنا غير معنيين بهذه القرارات، ونحن لنا موقف من المحكمة، إذا حُكم على أي من إخواننا بحكم ظالم كما هو متوقع، نحن متمسكون ببراءة إخواننا وبأنهم إخواننا وأبناؤنا وأفرادنا، وبالتالي نحن هذا هو موقفنا الذي نقول فيه، القرار الذي سيصدر بالنسبة إلينا كأنه لم يصدر، لأن هذا القرار صدر منذ سنوات طويلة، ليس المهم أن يصدر القرار أو لا يصدر وما هو مضمونه، المهم أن ننتبه كلبنانيين أن هناك من سيحاول أيضاً إستغلال المحكمة الدولية وقرار المحكمة الدولية، خارجياً وداخلياً لإستهداف المقاومة ولإستهداف حزب الله، نحن يجب أن نمنع حصول هذا الإستهداف بالوعي والحكمة والصبر. هناك من قد يدفع بالأمور باتجاه الإستفزاز، يعني الشتائم والسباب والإتهامات ويمكن بعض التحركات الميدانية، أنا ما أوصي به خصوصاً جمهورنا الكريم والعزيز، الصبر والتحمل والبصيرة حتى نعبر هذه المحن، نعبر إن شاء الله بالحكمة وبالصبر والتعاون نحن سنعبر هذه المحن.

النقطة الأخيرة، يمكن أيضا مثل العادة أطلنا عليكم ولكن بحكم المناسبة، الأحداث كثيرة رغم أن هناك نقاط قمت بتأجيلها أيضا، أريد أن أذكّر بموضوع الكورونا، اليوم تجاوز عدد الإصابات 330 أكثر من 330، عدد الوفيات بدأ يكبر، طبعاً هذا العدد أصبح شبه عدد يومي، المستشفيات في لبنان لا تستطيع أن تتحمل هذه الأعداد، الكورونا أصبحت خارج السيطرة، أن أتابع وبالتفصيل مع المعنيين وأعرف أنه خرج عن السيطرة،  في السابق كان فلان أصيب، مع من جلس؟ مع فلان، يلاحقون السلسلة ويلتقطوا رأس الخيط  ويحجرون ويعالجون، اليوم هذا الموضوع بالأعم الأغلب لم يعد متوفرا كما كان في السابق، وهذا يعني أنه نحن ذاهبون إلى وضع قد يخرج فيه الأمر عن السيطرة بشكل كامل، هذا خطر وأعيد وأؤكد أن الوجوب الإنساني، الإنسانية أولا، والوجوب الديني حتى في بقية الأديان، الإنسان يجب أن يحافظ على نفسه ولا يجوز أن يعرّض نفسه لهذا المستوى من الخطر، لا يجوز أن يعرّض عائلته ولا يجوز أن يعرّض الآخرين، هذا ما يفعله من لا يلتزم بالضوابط، من التباعد الإجتماعي ولبس الكمامة ومن التعقيم إلى آخر ما يقال من إجراءات طبية، وهذا بالمعنى الديني إثمه كبير جداً، وأنا ذكرت لكم في الأيام الأولى، أن بعض المرجعيات الدينية  قالت إذا أنا مثلا عديت أحداً لأنني كنت مصاباً بالكورونا ولم ألتزم بالإجراءات وعديته وهو كان ضعيفاً فمات يجب أن أدفع ديته، يعني أنا قاتل، أنا قاتل إذا فعلت ذلك، الموضوع على درجة عالية من الحساسية، مشكلة الناس أنها تنسى بسرعة، أو تحاول أن تتعايش مع الوضع بسرعة، حسنا فلنتعايش مع التباعد، ولنتعايش مع الكمامة ومع التعقيم دون أن نذهب إلى الإقفال، يعني إما إقفال وإما أن نذهب إلى الموت؟ يوجد شيء في الوسط، ونحن قادرون عليه، ولكن القليل من الصبر والتحمل والإحساس بالمسؤولية.

بناء على وضع الكورونا هذا، نحن لدينا إجراءات لها علاقة بمراسم عاشوراء هذه السنة وناقشنا طويلا نحن وإخوتنا في قيادة حركة أمل مع المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، مع جمعيات وجهات علمائية وازنة ومعنية بالساحة اللبنانية ووصلنا لمجموعة تدابير وإجراءات، وبإعتبار هذا الموضوع بحاجة إلى شرح مستفيض قليلاً، ولا يعني الكثير من الناس، هذا يعني الوضع الشيعي بشكل خاص، سأتركه لحديث خاص يوم الأثنين في الساعة 8:30 إن شاء الله مساءً، نتكلم عن مراسم عاشوراء وكيف سنحييها في لبنان ووسائل الإحياء وضوابط الإحياء وخلفيات الموضوع إن شاء الله نتكلم في الوقت الذي سيكون مريحاً ومتاحاً.

أريد أن أختم في هذه الذكرى العزيزة والغالية والتي صنعتها دماء الشهداء ودماء الجرحى والأرواح الزكية،  المجاهدون الصابرون الثابتون، القيادات الوطنية والأهالي والناس والشعب، كل المناطق الأصدقاء والحلفاء في لبنان وفي الإقليم، هذا النصر أهم إنجاز فيه هو الحفاظ على إنجازاته، وأهم إنجاز هو حماية لبنان في مواجهة العداون الإسرائيلي، وحماية لبنان يكون من خلال التمسك بالمقاومة، بقدرة المقاومة، وبقواعد المقاومة والصبر على كل الظروف والضغوط التي نتعرض لها والتي يجب أن نتحملها ونفتش عن طريقة لتجاوزها والعبور عنها.

 في كل الأحوال، المنطقة والعالم أمام تطورات إقليمية ودولية كبيرة ومهمة، من الآن إلى الإنتخابات الرئاسية الأميركية يخلق الله ما لا تعلمون، ماذا يجري في داخل الكيان الصهيوني من تحولات؟ ماذا يجري في المنقطة وفي العالم العربي؟ نحن يجب أن نواكب كل هذه التطورات. في لبنان الدعوة يجب أن تكون مستمرة للحوار والتواصل ولتخفيف الأحقاد والضغائن ولتخفيف الصراخ وإيجاد العداوات وجدران العداوة والذهاب باتجاه التعاون لمعالجة المشاكل القائمة تحت الأسقف التي تحدثنا عنها والتي ذكرناها.

أنا أسمع أن بعض المقالات وأن بعض مواقع التواصل الإجتماعي يتكلمون عن قلق وسفينة جاءت هنا وأن هناك عسكريين وما عسكريين، لا تخافوا من شيء، من يتكل على الله ومن يثق بالله سبحانه وتعالى ومن يثق ويعتمد على نفسه وعلى إخوانه وعلى ناسه ومن جرّب هذا الشعب العزيز والقوي والمقتدر والصابر والثابت والمؤمن والمحتسب والمضحي، يعني نحن بالمنطق، في لبنان أقوياء، وفي المنطقة أقوياء، بل أنا أقول لكم، العدو هو المربك، ويوجد أناس في لبنان وأنا من 15 سنة يوجد بعض الصحافيين يكتبون دائماً بأن حزب الله مأزوم! حزب الله مربك! نحن "لا مأزومين ولا مربكين ولا متحيرين" والمشهد أمامنا واضح، ونحن الحمد لله، بعون الله تعالى، وبمحبة وتأييد الناس، ودعم الناس، نحن وحلفاؤنا في لبنان وحلفاؤنا الإقليميون، نحن الأقوى في المنطقة ومستقبل هذه المنطقة ومستقبلنا، السلام عليكم ورحمة الله وكل عام وأنتم بخير.

2*)  البطريرك الراعي

15 آب 2020

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس عيد انتقال السيدة العذراء في كنيسة الصرح البطريركي الصيفي في الديمان، عاونه المطران حنا علوان، الاب جان مارون قوير ومشاركة المطران مطانيوس الخوري، القيم البطريركي الاب طوني الآغا وأمين سر البطريرك الاب شربل عبيد.

وبعد تلاوة الانجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان "ها منذ الآن تطوبني جميع الأجيال لأن القدير صنع بي العظائم" (لو 1: 48-49)

  1. هذا النشيد النبوي الذي أطلقته مريم العذراء في بيت اليصابات، تضمن كل عظائم الله التي أجراها فيها. وهي عظائم أعلنتها الكنيسة تباعا عقائد إيمانية الواحدة تلو الأخرى، حتى تتوجت هذه العظائم بانتقال مريم بالنفس والجسد الى المجد السماوي. إنها حقا تحفة الخلق بقداستها الكاملة، وتحفة الفداء بانتقالها نفسا وجسدا إلى السماء.

انتقلت إلى السماء ولم تغادر أرضنا وشعبها المفتدى بدم ابنها الفادي الالهي. بل تتعهده بأمومتها، وتقود سفينته، التي تتقاذفها الرياح الهوجاء والأمواج العاتية، الى ميناء الخلاص. وفي الوقت عينه نسمع صوت المسيح الرب: أنا هنا لا تخافوا (يو 20:6).

  1. ولو كنا في حزن شديد لما خلف انفجار مرفأ بيروت في 4 آب الحالي، من ضحايا وجرحى ومفقودين ومشردين وأضرارا مادية وهدما لمنازل ومستشفيات ومدارس وجامعات وكنائس ودور عبادة ومؤسسات عامة وخاصة صناعية وتجارية وسياحية، فأود أن أهنئكم جميعا بعيد سلطانة الانتقال، لا بوجهه الاجتماعي المفرح، بل بمعناه الروحي واللاهوتي المعزي: مريم بأمومتها هي هنا معنا تكفكف الدموع وتعزي وتحتضن بكل حنان الام. فمن عظائم الله انه جعل لنا في السماء أما، أمومتها لا تموت وحضورها لا ينقص.
  2. أحييكم أيها الحاضرون معنا في كاتدرائية الكرسي البطريركي في الديمان. وأحيي بينكم عائلة المرحومة جوسلين خويري التي اختصرت حياتها بقصة مع العذراء، وهي معروفة في لبنان والخارج بنضالها الأول في صفوف المقاومين من أجل لبنان، وبنضالها الثاني الروحي الاجتماعي، وبنضالها الثالث الصبور في تحمل آلامها، امتدادا لآلام المسيح الفادي. لقد ودعناها مع جميع محبيها منذ أسبوعين. نذكرها في هذه الذبيحة الإلهية، ونصلي من أجل عزاء أسرتها.
  3. وإنا كأبناء لمريم العذراء الكلية القداسة، نسير في موكب الذين واللواتي يطوبونها من أجل عظائم الله فيها، منذ الفي سنة.

نطوبها لأن الله، في سر تدبيره، عصمها من دنس الخطيئة الأصلية الموروثة من أبوينا الأولين، لتكون الأم الطاهرة لابنه الالهي الذي سيأخذ جسدا بشريا منها، ويتم به عمل الفداء. وهي بدورها عصمت نفسها من أي خطيئة شخصية بقوة النعمة الإلهية التي كانت تملأها.

نطوبها لأنها تحمل اسم والدة الإله لكون ابن الله ولج في حشاها واتخذ منها طبيعته البشرية، وضمها الى طبيعته الالهية في وحدة شخصه الالهي.

نطوبها، لأنها كانت بتولا في أمومتها، وظلت بتولا، قبل الميلاد وفيه وبعده. وبذلك هي صورة الكنيسة عروسة المسيح البتول، وأم أبنائها وبناتها بالروح المولودين أبناء لله وبناتا من قبول الكلمة الالهية وماء المعمودية والميرون. وهي مثال المكرسين والمكرسات الذين كرسوا عفتهم لملكوت الله.

نطوبها، لأنها شريكة ابنها في آلام الفداء، وقد تحملتها معه بصبر وتسليم حتى أقدام الصليب. وصارت مثالا لكل إنسان يتألم جسديا أو روحيا أو معنويا، في إشراك آلامه بآلام المسيح من أجل تواصل عمل الفداء.

نطوبها، لأن يسوع من على الصليب وفي غمرة آلامه وآلام أمه، جعلها بشخص يوحنا أم الكنيسة التي تتمثَل فيها البشرية جمعاء.

نطوبها أخيرا لا آخرا، لأن الله نقلها بنفسها وجسدها الى مجد السماء، وتوجها الثالوث القدوس، الآب وهي ابنته، والابن وهي أمه، والروح القدس وهي عروسته، سلطانة السماء والأرض، سيدة العالم والشعوب، الى جانب ابنها، ملك الملوك وسيد السادة.

  1. أمس، جريا على عادة أسلافنا البطاركة، احتفلنا بعيد سيدة الانتقال في الكرسي البطريركي في قنوبين بالوادي المقدس، حيث عاش البطاركة الموارنة مع النساك والمؤمنين مدة 400 سنة في عهد العثمانيين بدءا من العام 1440، عاشوا في قنوبين بالصلاة وعمل الارض، وهم بين أرض يتجذرون فيها، وسماء يتوقون اليها بقداسة حياتهم، ويستمدون منها قيمهم الروحية والأخلاقية والثقافية.

عاشوا في قنوبين مقاومين حقيقيين ومناضلين أشداء من أجل حماية إيمانهم، وحفظ قرارهم الحر، وكرامة استقلاليتهم. لم يشنوا حربا على أحد، بل دافعوا عن نفوسهم ببطولة. وقاد البطاركة هذه المسيرة حتى ولادة دولة لبنان الكبير في أول أيلول 1920 بقيادة المكرم البطريرك الياس الحويك، وإنجاز الاستقلال الكامل العام 1943 بقيادة البطريرك أنطون عريضه، واستعادة السيادة العام 2005 بقيادة المثلث الرحمة البطريرك الكردينال نصرالله بطرس صفير، واليوم نتطلع مع ذوي الارادة الوطنية الحسنة إلى تحصين الدولة والاستقلال والسيادة بنظام الحياد الناشط.

  1. في كل هذه المساعي، لم تعمل البطريركية المارونية من أجل الموارنة، بل من أجل لبنان، وجميع اللبنانيين مسيحيين ومسلمين. فوطننا مبني على التعددية الثقافية والدينية، وعلى العيش بالمساواة وبالجناحين المسيحي والمسلم، وعلى الديموقراطية والانفتاح والحريات العامة، كما أقرتها شرعة حقوق الانسان، وعلى الاقتصاد الليبرالي الاخلاقي الضامن لكرامة الشخص البشري.
  2. من هذا المنطلق، والشعب اللبناني بأسره والأسرة الدولية سئما أداء الطبقة السياسية المتحكمة بمصير لبنان، دولة وكيانا وشعبا، وحجبا الثقة بها، إن البطريركية تطالب بأن يكون كل حل سياسي منسجما حتما مع ثوابت لبنان ومع تطلعات اللبنانيين ونهائية الوطن وهويته اللبنانية وانتمائه العربي وميثاقه الوطني. يجب على كل حل أن يحترم الشراكة المسيحية - الإسلامية بما تمثل من وحدة روحية وثنائية حضارية من دون تقسيم الديانتين وابتداع طروحات من نوع المثالثة وما إلى ذلك.

ثوابت لبنان كل لا يتجزأ. الانقلاب على جزء هو انقلاب على الكل. إن المس بأسس الشراكة هو مس بالكيان. ونحن متمسكون بالكيان وبالشراكة. إن تطوير النظام ينطلق من تحسين آليات العمل الدستوري والمؤسساتي لا من تعديل الأديان والشراكة المسيحية الإسلامية. إن أي حل لا يتضمن الحياد الناشط واللامركزية الموسعة والتشريع المدني ليس حلا بل مشروع أزمة أعمق وأقسى وأخطر. إن البطريركية، القوية بإيمانها وبشعبها وأصدقائها، تحتفظ بحق رفض أي مشروع حل يناقض علة وجود لبنان ورسالته وهويته المميزة.

  1. فلنرفع أفكارنا وعقولنا وقلوبنا الى أمنا مريم العذراء، سلطانة الانتقال، ولنسلمها ذواتنا. معها ومع جميع القديسين نرفع نشيد المجد والتعظيم للثالوث القدوس الذي اختارها: الآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".

3*) عظة البطريرك بشارة الراعي

16 آب 2020

   "أيَّتها المرأة، عظيمٌ إيمانكِ" (متى 15: 28)

  1. كشفَ الربُّ يسوع للجميع إيمان المرأة الكنعانية، التي صمدَت في إيمانها بأن يسوع قادرٌ على شفاء ابنتها، على الرغم من سوء المعاملة التي لقيتها لديه. إنّها محنة الايمان الذي يبقى ثابتًا بقوة الرجاء والمحبة. بفضل هذا الايمان لدى المرأة الكنعانية أغدقها المسيح بوافر رحمته، وقال لها: "أيتها المرأة، عظيمٌ إيمانكِ! فليكن لكِ كما تريدين! وللوقت شُفيت ابنتها" (متى 28:15).
  2. ها نحن في الأحد الثاني بعد كارثة انفجار مرفأ بيروت في 4 آب الجاري، الذي أوقع الكثير من الضحايا: بين موتى وجرحى ومفقودين ومنكوبين ومشرّدين؛ وهدَّمَ أو ألحقَ الكثير من الاضرار في المنازل والمدارس والجامعات ودور العبادة والمستشفيات والمؤسسات العامة والخاصة التجارية والصناعية والسياحية. إننا نذكرهم جميعًا في هذه الليتورجيا الالهية، طالبين لهم تجلّي رحمة الله وتعزياته. وأردّد لهم كلمة الرب يسوع: "لا تخافوا!".
  3. وأودّ أن أوجّه من جديد كلمة الشكر والامتنان للدول التي هبّت من كلّ صوب لمساعدة اللبنانيين المتضررين بمختلف الأنواع، بالاضافة الى المبادرات اللبنانية من أفراد محسنين ومؤسسات اجتماعية وانسانية يدعمها ماليًا محسنون لبنانيون في الوطن و في الخارج. وأُثني بالتقدير على الشبان والشابات الذين تطوّعوا لمساعدة السكّان المنكوبين، وتنظيف الشوارع، وتوزيع الحصص الغذائية. كافأهم الله جميعًا بفيضٍ من نعمه وبركاته.
  4. يبان لنا من إنجيل اليوم أسلوب الرب يسوع التربوي. عندما سمع المرأة الكنعانية، غير اليهودية، بل الوثنية، تناديه باسمه البيبلي: "يا ابن داود، ارحمني، إنّ ابنتي بها شيطانٌ يعذّبها جدًا" (متى 22:15)، ما يعني: "أيها المسيح الآتي من سلالة داود أنت الحامل رحمة الشفاء للبشرية المتألمة"، سقطَ نداؤها الموجوع في صميم قلبه. فأدركَ أنّ هذه المرأة تتميّز بإيمانها عن كلّ الجمع المرافق له. ولذلك أراد امتحانها، يقينًا منه أنها ستصمد. فكان كذلك.
  5. إمتحنها بثلاث:

   عدم الاكتراث لوجعها إذ "لم يُجبْها بكلمة"، وواصل طريقه كأنّ شيئًا لم يكن.

   التمييز العنصري بإعلانه للتلاميذ: "لم أُرسَل إلاّ للخراف الضالة من بيت إسرائيل"، وبالتالي الكنعانيون هم خارج نطاق رحمته.

   الإساءة لكرامة ابنتها، إذ لما جاءت المرأة وسجدت أمامه متوسّلة: "ساعدني يا رب!"، أجابها بكلامٍ جارحٍ للكرامة: "لا يَحسُن أن يؤخذ خبز البنين، ويُلقى إلى جراء الكلاب".

   أمّا هي فانتصَرَت بإيمانها الثابت بالرجاء والحب الاحتراميّ ليسوع، إذ أجابت: "نعم، يا رب، وجِراءُ الكلاب أيضًا تأكل من الفتات المتساقط عن مائدة أربابها!"

   فما كان من يسوع إلاّ أن أعلن إيمانها الكبير أمام الجمع كله، وغمرَها برحمته إذ قال: "عظيمٌ إيمانكِ، أيتها المرأة! فليكن لكِ كما تريدين! ومن تلك الساعة شُفيت ابنتها". إنه اللقاء بين إيمان الانسان ورحمة الله.

   هي أمثولةٌ لنا رائعة في كيفية الانتصار على محنة الايمان، بالثبات في رجائنا بالمسيح، فادي الانسان ومخلص العالم. وها هو يدعونا في مكانٍ آخر الى هذا الثبات في الرجاء: "سيكون لكم في العالم ضيق. لكن ثقوا، أنا غلبتُ العالم" (يو 33:16).

      أيّها الإخوة والأخوات الأحبّاء،

  1. شعب لبنان يمرّ في محنةٍ قاسية، بدأت سياسية فاقتصادية ومالية ومعيشية، وتفاقمت مع انتشار وباء كورونا، ثمّ بلغت ذروتَها بانفجار مرفأ بيروت. وعبّر الشعب عن وجعه بثورةٍ محقّة نحن باركناها منذ 17 تشرين الاوّل الماضي. ولكنّنا أدنّا تسلّل المخرّبين في صفوفها، وأسفنا كلَّ الأسف لتصادمها مع الجيش والقوى الأمنية حتى أنَّ هذه استعملَت سلاحًا مؤذيًا وجارحًا لأجساد المتظاهرين، خلافًا لكلّ قانون وعرف دوليين.
  2. إنّنا ندعو القوى الأمنيّة الى احتضان وحماية شابات وشباب لبنان الثائرين. فلا أمن بدون حرية. ولا سلطان بدون شعب. حين يثور شعبٌ لا يعود الى بيوته بعد تسوية بل بعد حلّ. وكل مشروع تسوية على حساب لبنان مرفوض وسنواجهه. وهذا ما فعلَت البطريركية في كلّ مرة كان لبنان في خطر. ولبنان اليوم يواجه أعظم الأخطار. ولن نسمح بأن يكون ورقة تسوية بين دول تريد ترميم العلاقات فيما بينها، على حساب آلام الشعب اللبناني.

   ونهيب بالسلطة السياسية بأن تفسح في المجال أمام الطاقات اللبنانية القديرة والوطنية الجديدة والنزيهة لكي تشارك في استعادة لبنان شرعيّته الوطنية وثقة العالم به. كيف يمكن إعطاء الثقة لأي حكومة لا تتبنّى الخيارات الوطنية، أو توفير تغطية لمشاركة هذا الفريق أو ذاك خارج الثوابت الوطنية؟

  1. هل يدرك المسؤولون السياسيون والكتل النيابية والأحزاب خطورة حجب الثقة الدولية عنهم، سلطةً تشريعية وإجرائية وإدارية وعدلية، ووجوب البدء فورًا بالتغيير، مسرعين إلى إجراء انتخابات نيابية مبكّرة، من دون التلهّي بسنّ قانون جديد، وإلى تأليف الحكومة الجديدة، كما يريدها الشعب، الذي هو "مصدر السلطات" (مقدّمة الدستور)، ويحتاجها واقع لبنان اليوم.

   فالشعب يريد حكومةً تَنقُض ولا تُكمِل. تنقض الماضي بفساده الوطني والأخلاقي والمادي، تنقض الأداء والسلوك والذهنية. الشعب يريد حكومة إنقاذ لبنان لا إنقاذ السلطة والطبقة السياسية. الشعب يريد حكومةً منسجمة معه لا مع الخارج، وملتقية في ما بين مكوّناتها حول مشروع إصلاحي. والإصلاح الذي نفهمه ليس إصلاحًا إداريًّا فقط، بل إصلاح القرار الوطني بأبعاده السياسية والأمنية والعسكرية. الشعب يريد أن يكون التمسّك بالثوابت والمبادئ الوطنية، والإقرار بسلطة الشرعية دون سواها، كأساس المشاركة في الحكومة.

وليعلم الجميع أن لا حكومة وحدة وطنية من دون وحدة فعلية؛ ولا حكومة إنقاذ من دون شخصيات منقذة. ولا حكومة توافق من دون اتفاق على الإصلاحات. إنّنا نريد مع الشعب حكومةً للدولة اللبنانية، وللشعب اللبناني، لا حكومة للأحزاب والطوائف والدول الأجنبية.

   أيُّها الإخوة والأخوات الأحبَّاء،

  1. فلنصلِّ، كما يدعونا الربُّ يسوع، لئلاّ نسقط في التجرية، بل لكي نتجاوز المحنة الصعبة بالايمان والتضامن وبوحدتنا الداخلية. ومعًا نرفع نشيد المجد والتسبيح للآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين.

4*) مذكرة الحياد

17 آب 2020

اعلن البطريرك مار بشارة بطرس الراعي رسمياً "مذكرة لبنان والحياد الناشط" التي تم نشرها باللغات الـ 3 العربية والفرنسية والانجليزية، وفيها تأكيد على عدم دخول لبنان في تحالفات ومحاور وصراعات سياسية وحروب إقليمية ودولية وامتناع أي دولة عن التدخل في شؤونه أو استخدام أراضيه لأغراض عسكرية، إضافة إلى تعزيز الدولة اللبنانية لتكون دولة قويّة عسكرياًَ وبجيشها ومؤسساتها وقانونها وعدالتها ووحدتها الداخليّة لكي تضمن أمنها الداخلي من جهة وتدافع عن نفسها بوجه أيّ اعتداء بري أو بحري أو جوّي يأتيها.

وتتابعون نصّ "مذكرة لبنان والحياد الناشط" في ما يأتي:

المذكرة تبدأ بتوضيح معنى "الحياد الناشط" والمكوّن الأول هو

في عظة الخامس من تموز 2020 وجَّهتُ نداءً إلى منظَّمة الأمم المتَّحدة، مُطالبًا إيَّاها "العمل على إعادةِ تثبيتِ استقلالِ لبنان ووحدتِه، وتطبيق القرارات الدوليَّة، وإعلانِ حياده. فحيادُ لبنان هو ضمانُ وحدته وتموضعه التَّاريخيّ، وبخاصَّةٍ في هذه المرحلة المليئة بالتَّغييرات الجغرافيَّة والدستوريّة. حيادُ لبنان هو قوَّته وضمانة استقراره. فلبنان الحياديُّ هو القادر على المساهمة في استقرار المنطقة أيضًا والدِّفاع عن حقوق الشُّعوب العربيَّة وقضيَّة السَّلام، وعلى لعب دورٍ في نسجِ العلاقات السَّليمة والآمنة بين بلدان الشَّرق الأوسط وأوروبا بحكم موقعه على شاطئ المتوسِّط".

حظِيَ طرحُنا الحياد تأييدًا واسعًا متعدِّدَ الطَّوائف والأحزاب، وكان كمٌّ كبيرٌ من المقالات المؤيِّدة، وإن صَدَرَ بعضُ التَّحفُّظات والتَّساؤلات. لذا، رأيتُ من الواجب إصدار هذه المذكِّرة "لبنان والحياد النَّاشط". فأتناول فيها خمس نقاط: موجبات هذا الطَّرح، مفهوم الحياد، أهميَّته كمصدر لاستقلال لبنان واستقراره، استفادة لبنان واقتصاده منه، والخاتمة.

  1. الموجبات

ربَّما حيادُ لبنان، كنظامٍ دستوريٍّ، لم يكن حاضرًا في ذِهنِ مؤسِّسي دولة لبنان الكبير، لكنَّه كان حاضرًا كسياسةٍ دفاعيّةٍ وخارجيَّةٍ يَتّبِعُها هذا الكيانُ الصَّغير والجديد ليُثبِّتَ وُجودَه ويُحافظ على استقلالِه واستقرارِه ووِحدِته وهويّتِه. أثناءَ وضع الدستور اللُّبنانيّ سنة 1926 طلب المفوضُّ السَّامي الفرنسيّ هنري دو جوفنال (Henri de Jouvenel) من حكومتِه أن تُرسِل له نسخةً من دستور سويسرا إذ وجده مناسبًا للتركيبة اللُّبنانيَّة.

تأكَّدَتْ هذه النَّزعةُ سنةَ 1943 حين أعلنَتْ حكومةُ الاستقلال أنَّ لبنان يَلتزِم "الحيادَ بين الشَّرق والغرب"، وشَدَّد عليه سنة 1945 لدى وضعِ ميثاقِ جامعةِ الدولِ العربيَّة الذي جعَلَ قرارات الجامعة غير مُلزِمةٍ حتَّى لو اتُّخِذت بالإجماع. وأكَّدَت الأعمال الإعداديَّة لهذا الميثاق والمداخلات أنَّ "لبنان دولة مساندة، وليس دولة مواجهة". فيكون هكذا عنصر تضامن بين العرب، وليس عامل تفكيك وتغذية للنِّزاعات العربيَّة، وخروجًا عن التَّضامن العربيّ لصالح استراتيجيَّات تخدم أنظمة غريبة، ولا تخدم المصالح العربيَّة المشتركة.

كانت فكرةُ الحياد تعود بتعابير مختلفةٍ في خُطَب رؤساءِ الجُمهوريَّة وفي البيانات الوزاريَّة وفي كلِّ بيانٍ وطنيٍّ يَصدُر عن هيئة حوارٍ وصولًا إلى 12 حزيران 2012 مع "إعلان بعبدا" الذي تمَّت الموافقةُ عليه بالإجماع وقد تضمَّنَ بوضوحٍ عبارةَ "تحييدِ لبنان". أُرسِلَ هذا "الإعلان" إلى الأمم المتَّحدة، وتمَّ توزيعه كوثيقةٍ رسميَّةٍ من وثائق مجلس الأمن والجمعيَّة العامَّة (راجع الوثيقتين: A/66/849و S/2012/477 ). وصدرَ عن مجلس الأمن بيان بتاريخ 19/3/2015 يدعو الأطراف اللُّبنانيَّة التقيُّد بما ينصُّ عليه هذا "الإعلان".

بفضل هذه السِّياسةِ الحكيمة تمكَّن لبنان من المحافظة على وِحدةِ أراضيه رغمَ مشاريعِ الوحدةِ العربيَّة، ورغمَ جميع الحروب العربيَّة/الإسرائيليَّة. فجميعُ البلدان المتاخِمةِ لإسرائيل (سوريا، الأردن ومصر) خَسِرت أجزاءَ من أراضيها باستثناءِ لبنان. وإذا بتحييد لبنان النِّسبيِّ عن صراعاتِ المنطقةِ ما بين 1943 و 1975 أدَّى إلى الازدهارِ والبحبوحةِ، وزيادةِ النموِّ، وارتفاعِ نسبةِ دخلِ الفَرد، وتراجعِ البطالةِ حتى دُعِيَ لبنانُ "سويسرا الشرق".

تَعكَّرت تلك الحِقْبةُ سنة 1958 حين حاول الرَّئيس المصريّ جمال عبد الناصر ضمَّ لبنان إلى الوِحدةِ المصريَّة/السوريَّة العابرةِ. لكن سرعان ما تجاوز اللُّبنانيُّون تلك المحنة وتصالحوا وأكملوا دربَ بناء الدَّولة. إنتكس التوازنُ اللُّبنانيُّ مع دخولِ العامل الفِلسطينيّ إلى المعادلة الدَّاخليَّة وانطلاق العمل المسلَّح الفلسطينيّ في لبنان وانحياز فئةٍ من اللُّبنانيِّين إليه، الأمر الذي أدَّى لاحقًا إلى نشوب الحرب سنة 1975.

تجاه الانقسام المسيحيّ/الإسلاميّ الذي عطّل الحكمَ، أذعنت الدَّولةُ اللُّبنانيَّة وقَبِلَت التَّنازل عن سيادتها، ووقَّعَت سنة 1969 "اتفاق القاهرة" الذي سمحَ للمنظَّمات الفلسطينيَّة القيامَ بأعمال عسكريَّة ضدَّ إسرائيل انطلاقًا من الجنوب اللُّبنانيّ.

وكَرَّت سُبحةُ انحياز الدَّولة وفئات لبنانيَّة إلى النِّزاعات العقائديَّة والسِّياسيَّة والعسكريَّة والمذهبيَّة في الشَّرق الأوسط. احتلَّت إسرائيل جنوب لبنان (1978/2000) وسيطرت المنظَّمات الفلسطينيَّة على الجزء الباقي وصولًا إلى وسط بيروت (1969/1982)، ثم دخلَت القوَّات السُّوريَّة لبنان (1976/2005) ونشأ حزب الله حاملًا مشروع الجمهوريَّة الإسلاميَّة الإيرانيَّة بأوجهه الدِّينيّ والعسكريّ والثَّقافي (1981/...).

وقعَتْ جميعُ هذه الأحداث بسبب خروج لبنان عن سياسة الحياد المتعارف عليها من دون نصٍّ دستوري. هكذا فقدت الدَّولةُ سلطتَها الدَّاخليَّة، والكيانُ سيادتَه الحدوديَّة، والوطنُ دورَه السِّياسيَّ والصيغةُ توازنَها، والمجتمعُ خصوصيَّتَه الحضاريَّة. ونتجت عن هذا الاختلالِ صراعاتٌ جانبيَّةٌ داخليَّةٌ لا تَقِلُّ ضراوةً عن الحروبِ الأساسيَّة. وها لبنان يترنَّح حاليًّا بين الوحدة والانقسام.

هكذا، كَشفت تجربةُ المئة سنة (1920/2020) من حياة دولة لبنان الكبير أنَّه يتعذَّر على لبنان أن يكون وطن الرِّسالة من دون اعتماد نظام الحياد. فالانحياز إلى صراعات دول الشَّرق الأوسط وشعوبه عابَ صيغةَ الشَّراكة بين المسيحيِّين والمسلمين بأوجهها الرُّوحيَّة والوطنيَّة والإنسانيَّة. فأصبح لبنان في حالة تفكُّك، وفشلت جميع الحلول والتَّسويات، وما عاد يُنقِذ وحدتَه واستقلالَه واستقراره سوى الحياد. ذلك أنَّ الخلافات بكثافتها وعمقها تُهدِّد الكيان لا الدَّولة فقط.

إعلانُ حياد لبنان هو فعلٌ تأسيسيٌّ مثل إعلان دولة "لبنان الكبير" سنة 1920 وإعلان استقلال لبنان سنة 1943. الفعل الأوَّل منع ذوبان اللُّبنانيِّين في الوحدة العربيَّة الإسلاميَّة ومنحهم نظامهم الديمقراطيّ البرلمانيّ والعيش المشترك. الفعل الثَّاني أعطى السِّيادة للدَّولة النَّاشئة وثبَّتَ دورها المستقلّ في منظومة الأمم. والفعل الثَّالث، الذي نعمل على تحقيقه، يمنع تقسيم لبنان ويحميه من الحروب ويحافظ على خصوصيَّته. فالحياد هو "عقدُ الاستقرار" بعد عَقدَي الوجود والسِّيادة.

  1. مفهوم الحياد النَّاشط

لبنان بحياده النَّاشط ذو ثلاثة أبعاد مترابطة ومتكاملة وغير قابلة للتَّجزئة.

البُعد الأوَّل هو عدم دخول لبنان قطعيًّا في أحلافٍ ومحاورَ وصراعاتٍ سياسيَّةٍ وحروبٍ إقليميًّا ودوليًّا؛ وامتناع أيِّ دولة إقليميَّة أو دوليَّة عن التَّدخُّل في شؤونِه أو الهيمنة عليه أو اجتياحه أو احتلاله أو استخدام أراضيه لأغراض عسكريَّة، بموجب اتِّفاقيَّة مؤتمر لاهاي الثاني (18 تشرين الأول 1907) وسائر الاتِّفاقاتِ الإقليميَّة والدَّوليَّة اللَّاحقة.

يحقُّ للبنان أن يبقى عضوًا فاعلًا في جامعة الدُّول العربيَّة ومنظَّمة الأمم المتَّحدة، فيُساهِم في إغناء فكرة تضامن الشُّعوب وعملها من أجل السَّلام ونهضة الشُّعوب.

البُعد الثَّاني هو تعاطف لبنان مع قضايا حقوق الإنسان وحرِّيَّة الشُّعوب، ولا سيَّما العربيَّة منها التي تُجمِع عليها دولُها والأمم المتَّحدة؛ وبذلك يُواصِل لبنان الدِّفاع عن حقِّ الشَّعب الفِلسطينيّ والعمل على إيجاد حلٍّ للَّاجئين الفِلسطينيّين لاسيَّما أولئك الموجودين على أراضيه. إنَّ لبنان المحايد يستطيع القيام بدوره "ورسالته" في محيطه العربيِّ، التي يتبسَّط فيها الإرشاد الرَّسوليّ للقدِّيس البابا يوحنَّا بولس الثَّاني "رجاء جديد للبنان" (الفقرتان 92-93) التي  وإتِّخاد مبادرات للمصالحة والتَّقارب بين مختلف الدُّول العربيَّة والإقليميَّة وحلّ النِّزاعات. إنَّ ميزة لبنان التَّعدُّديَّة الدِّينيَّة والثَّقافيَّة والحضاريّة تجعله حكمًا أرضَ التَّلاقي والحوار بين الدِّيانات والحضارات والثَّقافات، عملاً بقرار منظَّمة الأمم المتَّحدة في دورة أيلول 2019، الذي أعلنَ لبنان "أكاديميَّة الإنسان لحوار الدِّيانات والحضارات". ولبنان بموقعه على ضفة المتوسِّط هو جسر تواصل ثقافيّ واقتصاديّ وحضاريّ بين الشَّرق والغرب.

البُعد الثَّالثهو تعزيز الدَّولة اللُّبنانيَّة لتكون دولةً قويَّةً عسكريًّا بجيشها وبمؤسَّسَاتِها وقانونها وعدالتها وبوحدتها الدَّاخليَّة وإبداعاتها، لكي تضمن أمنها الدَّاخليّ من جهة، وتدافع عن نفسها بوجه أيِّ اعتداءٍ برِّيٍّ أو بحريٍّ أو جوّيٍّ يأتيها من إسرائيل أو من سواها من جهة أخرى. ويَستلزم لبنانُ الحيادي أن يُصارَ إلى معالجةِ الملفَّات الحدوديَّة مع إسرائيل على أساس خطِّ الهدنة، وترسيم الحدود مع سوريا أيضًا.

  1. نظام الحياد مصدر استقلال لبنان واستقراره

الحياد يؤمِّن الخروج من حالة النِّزاعات والحروب والأحداث الدَّاخليَّة المتتالية التي تلَتْ قيام دولة لبنان الكبير: 1958، 1969، 1973، 1975.

بالرُّجوع إلى الأسباب التَّاريخيَّة للنِّزاعات، نجد ثلاثة أنواع أساسيَّة:

أ- نزاعات داخليَّة بين المكوِّنات الدِّينيَّة والجماعات المذهبيَّة المتعدِّدة الولاءات على خلفيَّة قوميَّة وعقائديَّة ورغبةٍ بتعديل سلطة الحكم في البلاد وخدمة مصالح دول أخرى.

ب- نزاعات سياسيَّة وجغرافيَّة وقوميَّة في بلدان مجاورة كانت لها تداعيات عندنا.

ج - عدم صفاء علاقة سوريا بلبنان لجهة أرضه أو السُّلطة أو حدوده الدَّوليَّة. فغالبًا ما كانت نزاعات.

د - ارتداد نشوء دولة إسرائيل على لبنان لاسيَّما على أمنه القوميّ، الحدوديّ والدَّاخليّ، والتَّسبُّب بمجيء اللَّاجئين الفلسطينيِّين إليه.

عولجت هذه النِّزاعات بحلولٍ سطحيَّة ومؤقَّتة إلى أن تعدَّلَ الدُّستور بعد اتِّفاق الطَّائف 1989 بانتقال السُّلطة التَّنفيذيَّة من رئاسة الجمهوريَّة إلى مجلس الوزراء مجتمعًا وباعتماد المناصفة العدديَّة في المجلس النِّيابيّ. أَوقفَت جميع هذه التَّسويات السِّياسيَّة والدستوريَّة الحرب لكنَّها لم توقف الصِّراع، لا بل تفاقم بعد كلِّ تسوية، إذ تضمَّنت التَّسويات في طيَّاتها بذور نزاعاتٍ مستقبليَّة. فأصبح لبنان وطنًا تتنازع مكوِّناته على أدوارها في حكمه، وساحةً "لحروب الآخرين" على أرضه.

فإذا لم تُعالَج أسباب هذه النِّزاعات في العمق، ستتواصل النِّزاعات والحروب، ونصل إلى إحدى الحالات الثَّلاث: إمَّا أن تتسلَّط طائفةٌ على الآخرين بقوَّة السِّلاح وتضع يدها على الدَّولة وتهدِّد جيرانها والتَّوازن الإقليميّ، وإمَّا أن يبقى لبنان دولةً فاشلةً مشرَّعةً وفاقدةَ الوزن والاستقرار، وإمَّا أن يُقرِّر الآخرون إعادة النَّظر بالكيان اللُّبنانيّ في إطار تغييرات الشَّرق الأوسط خلافًا لإرادتنا بالوحدة والعيش معًا. فطرَحنا نظام الحيادلتفادي هذه الحالات، ولتثبيت السِّيادة والاستقرار.

  1. استفادة لبنان واقتصاده من نظام الحياد

أ- يستفيد لبنان من نظام الحياد في أمرين أساسيَّين:

1- الحياد ينقذ وحدة لبنان أرضًا وشعبًا ويحيي الشَّراكةَ الوطنية المسيحيَّة ــــ الإسلاميَّة المتصدِّعَة في كثيرٍ من الأمكنة. مع حياد لبنان تستعيد طوائفه الـثَّماني عشرة أمنها واستقرارها، وتثق ببعضها البعض بعيدًا عن الصِّراعات، وتساهم في استقرار المنطقة والسَّلام في العالم.

2- الحيادُ يجعل مشاركة جميع المكوِّنات اللُّبنانيَّة أكثر ليونة وإيجابيَّة، إذ يُعطِّل الانحيازَ والجنوح في ممارسة الصَّلاحيَّات والسُّلطة أيًّا تكن هويَّة المسؤول السِّياسيَّة والطَّائفيَّة.

ب- ويستفيد اقتصاد لبنان في أكثر من قطاع:

الحياد يُعزِّز الاقتصادَ بفضل الاستقرار والأمن ومقدِّرات اللُّبنانيِّين على مستوى الثَّقافة والخبرة وروح الإبداع. نذكر هنا سبعة قطاعات خاصَّة بلبنان تُعزِّز اقتصاده، هي:

1- القدرات المصرفيَّة والماليَّة والخبرة الطَّويلة في هذا المجال تجعل من لبنان خزنة الشَّرق الأوسط. ذلك أنَّ الاستقرار والأمن يولِّدان الثقة.

2- المستوى الطبّيّ والاستشفائيّ العالي والمعدَّات الطبيَّة هي ذات نوعيَّة. لبنان أقرب للشَّرق الأوسط من أوروبا والولايات المتَّحدة الأميركيَّة واللُّغة العربيَّة عنصرٌ أساسيّ. لذا يُشكِّل لبنان مركزًا طبّيًّا للشرق الأوسط وله سلسلة فنادق تُسهِّل لأهل المرضى مرافقتهم.

3- لبنان مركز سياحيّ للشَّرق الأوسط وللعالم، إذا تأمَّن فيه الاستقرار والأمن. فما يحتوي لبنان من ميزات سياحيَّة يجعل منه مركزًا جذَّابًا. هذا بالإضافة إلى الفنادق والمنتجعات البحريَّة والجبليَّة والمطاعم.

4- لبنان مركز تعليم وتربية للشَّرق الأوسط بفضل مستواه العالي التَّقليديّ، وبخاصَّة على المستوى الجامعيّ. الأهالي العرب يفضِّلون لبنان على أوروبا والولايات المتَّحدة الأميركيَّة. وبهذه الصِّفة يساهم لبنان في بثِّ روح التَّفاهم والسَّلام.

5- لبنان باستقراره وأمنه يجتذب المنتشرين للعودة والاستثمار في مشاريع متنوِّعة. وبذلك يوفِّرون فرص عمل، ونموّ، ونوعيَّة حياة سادت لبنانبين الخمسينات وبدايات السَّبعينات الماضية.

6- يستفيد لبنان من الحياد بفضل انتمائه إلى العالم العربيّ، وموقعه على ضفَّة المتوسِّط ودوره وحضارته التَّاريخيَّين.

بفضل كلِّ ذلك يتحوَّل لبنان محور الاتِّحاد المتوسِّطيّ والمكان الذي تتقاطع فيه مصالح جميع الأطراف. فالشَّراكة الأوروبيَّة والاتِّحاد المتوسِّطيّ مشروعان حيويَّان للبنان. إنَّ فكرة الاتِّحاد المتوسّطيّ تقع في قلب رؤية مستقبليَّة،ويحمل هذا "الاتِّحاد" قدرة فعليَّةً على خلق منظومةِ قيمٍ جديدةٍ وقوَّةٍ سياسيَّة واقتصاديَّة وثقافيَّة وملاحيّة في هذه المنطقة الاستراتيجيَّة من العالم. كما يجعل أوروبا أكثر ارتباطًا بالعالم العربيّ وأكثر حرصًا على مصالحه وبالتَّالي أقلّ اندفاعًا في الدِّفاع عن إسرائيل.

  1. ما نحتاج إليه

استنادًا إلى كلِّ ذلك ندعو الأسرة العربيَّة والدَّوليَّة أن تتفهَّم الأسباب الموجبة التَّاريخيَّة والأمنيَّة والسِّياسيَّة والاقتصاديَّة والثَّقافيَّة والحضاريَّة التي تدفع غالبيَّة اللُّبنانيِّين إلى اعتماد "الحياد النَّاشط"، وأن تُقِرَّ منظَّمة الأمم المتَّحدة في حينه نظام الحياد بأبعاده الثَّلاثة:

الأوَّل، إنَّ لبنان نشأ وسار على خطِّ الحياد وعدم الانحياز منذ تأسيسه حتَّى سنة 1969 مع "اتِّفاق القاهرة" الذي سمح للَّاجئين الفلسطينيِّين بامتلاك السِّلاح الثَّقيل ومحاربة إسرائيل من الأراضي اللُّبنانيَّة، وما تبع ذلك من ظهور قوى عسكريَّة لبنانيَّة وغير لبنانيَّة خارجة عن الدَّولة.

الثَّاني، إنَّ لبنان بحكم نظامه الديمقراطيّ واللِّيبراليّ، وميزة تعدُّديَّته الدِّينيَّة والثقافيَّة المنظَّمة في الدُّستور والميثاق الوطنيّ، وبحكم موقعه على ضفَّة البحر المتوسِّط بين الشَّرق وأوروبا، هو صاحب دورٍ في تعزيز السَّلام والاستقرار في المنطقة والدِّفاع عن حقوق الشُّعوب، ووساطة التَّقارب والمصالحة بين الدُّول العربيَّة، وتقديم مساحة لحوار الأديان والثَّقافات والحضارات.

الثَّالث، إنَّ لبنان القائم على التَّعدُّديَّة والتَّوازن بين مكوِّناته يحتاج ليستمرَّ أن تجد منظَّمة الأمم المتَّحدة مع الدُّول المعنيَّة حلًّا لوجود نحو نصف مليون لاجئ فلسطينيّ ونحو مليون ونصف المليون نازح سوريّ على أراضيه.

5*) لبنان القوي

18 آب 2020

عقد تكتل "لبنان القوي" اجتماعه الدوري الكترونيا برئاسة النائب جبران باسيل، ناقش خلاله التطورات، وأصدر بعده بيانا، اكد فيه "التزامه الكامل بالوقوف الى جانب أهله في مناطق الجميزة والأشرفية ومار مخايل والنهر والرميل وكل المناطق التي تضررت من انفجار المرفأ، وهو سيقوم بالتحرك السياسي الناشط لدفع الدولة الى أداء واجباتها وحض الدول المانحة على تفعيل مساعداتها والإسراع في تقديمها". مشددا على "ان اعادة اعمار العاصمة هي عملية وطنية يجب ان يتجند لها لبنان بكل قدراته. وفي هذا السياق، لن يألو التكتل جهدا لإنجاز هذه العملية بما يحفظ بيروت لأهلها ويحافظ على الوجه الحضاري للعاصمة".

كما اكد "موقف رئيسه بموضوع تشكيل الحكومة وخلاصته المطالبة بحكومة منتجة وفاعلة وإصلاحية، برئيسها ووزرائها وبرنامجها، وهو لن يكون مهتما بالمشاركة في اي حكومة لا تضمن تركيبتها وبرنامجها تنفيذ كامل هذه الاصلاحات بما يؤدي الى خروج لبنان من ازمته الاقتصادية والمالية بحسب النقاط التي اعلنها رئيس التكتل".

وطالب "بإجراء إصلاحات سياسية جذرية من ضمن تطبيق الدستور المنبثق من اتفاق الطائف وتطويره لجهة قيام الدولة المدنية بكامل مندرجاتها واقرار قانون اللامركزية الادارية والمالية الموسعة وقيام مجلس الشيوخ وسد كل الثغرات الدستورية وتحقيق الانماء المتوازن وتأمين الخدمات العامة بالتساوي لجميع المواطنين، على ان تأتي الانتخابات النيابية المبكرة خطوة ديمقراطية تكرس هذا التطوير في النظام".

واشار البيان الى ان التكتل "رصد بانتباه المزايدات المشبوهة الحاصلة في المطالبة بإسقاط رئيس الجمهورية، ويهمه في هذا المجال التنبيه الى أن الواهمين بتحقيق هذا الهدف لا يعرفون التاريخ، لا تاريخ ميشال عون ولا تاريخ "التيار الوطني الحر" الذي يشكل عماد تكتل "لبنان القوي". مؤكدا في هذا الإطار أن "كل تطاول على مقام رئاسة الجمهورية سيواجه بجميع الوسائل".

وشدد التكتل على "تمسكه بالسيادة القضائية اللبنانية في التحقيق وفي الحكم بجريمة انفجار المرفأ مع انفتاحه على الدعم الدولي من خلال عشرات الخبراء الذين تقاطروا الى لبنان من فرنسا والولايات المتحدة الأميركية وروسيا وتركيا وغيرها من الدول. وهؤلاء يشكلون بحضورهم مشاركة دولية قوية في التحقيق الذي يتوقف على نتائجه صدور الحكم لاحقا"، مؤكدا "تمسكه بتحقيق شفاف ومحاكمة عادلة ورفضه لأي استهداف على أساس الانتماء السياسي تماما مثلما يرفض أي تغطية سياسية لأي متهم"، مسجلا "في هذا الإطار إشارات مقلقة في التحقيق القضائي لجهة تجهيل متهمين اساسيين في القضاء والاجهزة الامنية والادارة تقع عليهم المسؤولية المباشرة في الاهمال الحاصل لناحية ابقاء مادة نيترات الامونيوم في مرفأ بيروت. وفي هذا المجال يؤكد ضرورة ملاحقة المقصرين والمخالفين للقانون في ادارة المرفأ والمتورطين بإدخال هذه المواد وتخزينها والاستفادة منها على مدى 7 سنوات، وهو ما لم يقم به القضاء حتى الساعة".

ونبه الى ان "الاستمرار في هذا المنحى سيدفعه الى اتخاذ خطوات قانونية وسياسية واعلامية لن يوفر فيها اي مسؤول. مع الاشارة الى ان المرفأ تديره لجنة موقتة بصورة ملتبسة منذ أكثر من 27 عاما وتتصرف بالمال العام من دون حسيب أو رقيب، رغم المعارك التي خضناها في الحكومة والمجلس النيابي وفي الاعلام لتغيير هذا الواقع المخالف لكل الاعراف والقوانين، والذي استمات عرابوه السياسيون في الدفاع عنه، سياسيا واعلاميا، وفي تأمين الحماية لرموزه".

وختم البيان ان التكتل "تابع باهتمام جلسة صدور الحكم عن المحكمة الدولية في قضية اغتيال رئيس الحكومة الشهيد رفيق الحريري، وهو يؤكد تمسكه بالعدالة ولو أتت متأخرة 15 سنة، وكشفت الحقيقة المتمثلة في براءة متهمين لطالما إتهموا بالسياسة زورا، هذا مع غض النظر عن خلاف اللبنانيين حول المحكمة الدولية. كما يؤكد تمسكه بشمولية العدالة لجميع جرائم الاغتيال السياسي التي وقعت في لبنان. وهو يدعو الى استخلاص العبرة من جريمة الاغتيال بالتأكيد على ان ما يجب ان يوحّد اللبنانيين هو رفض العنف السياسي الذي سجل في تاريخنا المعاصر عددا لا يستهان به من الجرائم التي حذفت قادة وطنيين ومسؤولين رسميين على كل المستويات".

6*) إخبار بحق رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء

19 آب 2020

 جاء في نص الاخبار:

"بتاريخ ٤/٨/٢٠٢٠ وفي تمام الساعة السادسة والسبع دقائق، هزّ إنفجار ضخم العاصمة بيروت، ما أدّى إلى تدمير المدينة وإلى سقوط أكثر من ٢٠٠ ضحية وإصابة  أكثر من ٤٠٠٠ جريح، ولا يزال البحث جار عن المفقودين.

رغم اختلاف الروايات حول أسباب الانفجار، بقي من المسلّم به أن سبب هذا الانفجار كان وجود  ٢٧٥٥.٥ طن من نيترات الامونيوم مخزناً في العنبر رقم ١٢ من مرفأ بيروت.

باشرت الجهات المختصة بالتحقيقات وكشفت أسماء المسؤولين المباشرين وغير المباشرين عن الكارثة.

نشرت وسائل الإعلام أسماء مشتبه بهم خضعوا للتحقيق امام القضاء المختص، الذي استدعى مسؤولين اداريين وأمنيين، وقد صدرت قرارات مختلفة بحقهم، كما وقد وردت معلومات عن التوجه إلى الاستماع إلى الوزراء المعنيين في الملف.

ولقد تبين، في التحقيقات القضائية وفي الإعلام، أن كلاً من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء قد أُبلغا خطياً بوجود خطر كبير وداهم نتيجة وجود نيترات الأمونيوم في العنبر رقم 12، وذلك لاتخاذ التدابير التي تحول دون بقائها في المرفأ أو إنفجارها.

كما تبين أن كلاً منهما لم يتخذ أي تدبير للحؤول دون حصول الانفجار، الذي دمّر نصف العاصمة، وقتل المئات، وشرّد مئات الآلاف من الناس.

ولما كان فخامة رئيس الجمهورية قد أكّد، في عدة خطابات، أن لا أحد فوق القانون، وقد قال بتاريخ ١٨/٣/٢٠١٩ "إنني أول متهم بالدولة "واضعاً نفسه بتصرف القضاء، كما أكد  بيان صادر عن المديرية العامة لرئاسة الجمهورية  على أن "الرئيس حريص على أن يأخذ التحقيق العدلي في تفجير المرفأ مداه الكامل".

ولما كان رئيس مجلس الوزراء المستقيل الدكتور حسان دياب قد  شدّد للشعب المفجوع بأن "لا خيمة فوق رأس احد" وذلك في أول خطاب له بعد الانفجار.

بناء على مواقف رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء التي تضع الجميع تحت سقف القانون، وبعد ما تبيّن أنّ التحقيقات لم تطل حتى الساعة كل المعنيين، أتينا نضع بتصرف رئاستكم الكريمة المعطيات التالية:

أولاً:في ما يتعلق بأفعال رئيس الجمهورية:

لما كانت واجبات رئيس الجمهورية الدستورية، نتيجة حلفه يمين باحترام الدستور وقوانين الامة وبالحفاظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه، (المادة 50 دستور)، تفرض عليه القيام بكل ما يلزم لحماية الوطن والمواطنين من أي خطر.

ولما كان لرئيس الجمهورية ، في حادثة الانفجار، الصلاحية والإمكانية للوفاء بقسمه، إمّا " بدعوة مجلس الوزراء استثنائياً كلما رأى ذلك ضرورياً..." ( المادة /53/ دستور) أو دعوة المجلس  الأعلى للدفاع للإجتماع ساعة يشاء باعتباره رئيسه.

ولما كان رئيس الجمهورية ضابطاً سابقاً، وبالتالي ضليعاً بالأمن والتدابير الوقائية المفترض إتخاذها لتفادي إنفجار مواد قابلة للتفجير، وهو من كان قائداً للجيش، ومن خضع لدورات عسكرية في لبنان وخارجه في كل من فرنسا والولايات المتحدة.

ولما كان يفترض به، بوصفه رئيساً للجمهورية ومسؤولاً عن مصير البلاد والعباد، أن يدعو بسرعة مطلقة مجلس الوزراء سندا للبند ١٢ من المادة ٥٣ من الدستور عندما أُبلغ بوجود هذه الكمبية الضخمة من نيترات الأمونيوم في العنبر رقم 12 من المرفأ، وعرض الأمر المتعلق بالخطر الداهم الذي يهدد العاصمة وأهلها نتيجة وجود هذه كمية هائلة من المواد القابلة للإنفجار وتدمير عاصمة دولته وبالتالي ممارسة الصلاحية المنصوص عليها في البند رقم ١١ من المادة المذكورة اعلاه التي اعطته حق غرض اي امر طارئ من خارج جدول الاعمال على مجلس الوزراء.

ولما كان مجلس الوزراء قد عقد بعد تبلغ الرئيس الكتاب الذكور آنفا جلستين (في ٢١ و٢٨ تموز) حيث كان بإمكان الرئيس عون عرض هذا الامر البالغ الخطورة على المجلس.

ولما كان إحجام رئيس الجمهورية عن تحمل مسؤولياته بعدم دعوة الحكومة وفقا لما سبق بيانه، واحاطة الوزراء المختصين (وزير الأشغال ووزير المالية، ووزير الداخلية والدفاع) علما بالمعلومات التي آلت اليه وعرض الامر على المجلس الأعلى للدفاع ومتابعته بشكل جدي بغية اتخاذ تدابير عملية وعدم الاكتفاء بإحالة كتاب اعلامي ليس من شأنه رفع المسؤولية عنه.

ولما كان من البديهي أن يرتقب الرئيس حدوث الفاجعة نظرا لخبرته العسكرية السابقة، وبسبب لفت نظره من قبل الأجهزة الأمنية لخطورة الوضع، وتواصله الدائم مع الاجهزة المختصة ولا سيما مدير عام الجمارك (الذي كان يجتمع به بشكل دوري حسب ما وردعلى  لسان مدير المكتب الاعلامي في القصر)، واقراره باعلام مستشاره العسكري.

ولما كان تلكؤ رئيس الجمهورية هذا يشكل فعلاً جرمياً ينطبق على نص المادة 191 من قانون العقوبات اللبناني، التي تنص على ما حرفيته:

" تكون الجريمة غير مقصودة، سواء لم يتوقع الفاعل نتيجة فعله

 أو عدم فعله المخطئين، وكان باستطاعته أو من واجبه، أن يتوقعها،

 وسواء توقعها فحسب أن بإمكانه إجتنابها."

ولما كان فعل رئيس الجمهورية، بامتناعه عن إتخاذ أي تدبير لحماية حياة المواطنين وأملاكهم، وبالتالي مخالفة قسمه بالحفاظ على سلامة أراضي الوطن اللبناني وأبنائه، يشكّل خطأ نجم عنه حصول الانفجار، يشكل الفعل الضار الناتج عن إهمال رئيس الجمهورية وقلّة إحترازه وعدم مراعاته أنظمة السلامة العامة، ما ينطبق أيضاً على أحكام المادة 190 من قانون العقوبات اللبناني التي تنص على ما حرفيته:

" يكون الخطأ إذا نجم الفعل الضار عن الإهمال أو قلّة الاحتراز أوعدم مراعاة الشرائع والأنظمة."

ولما كان رئيس الجمهورية يتمتع بحصانة خاصة لصيقة بشخصه، تمنع مقاضاته ومحاكمته وإتهامه عند ارتكابه جرماً جزائياً أمام القضاء الجزائي العادي، وتفرض إتهامه ومحاكمته أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، إلا أن هذه الحصانة لا تمنع ملاحقته ومحاكمته عند خرقه الدستور وفي حال الخيانة العظمى، كما لا تمنع ملاحقته ومحاكمته عند ارتكابه جرماً عادياً كسائر المواطنين بحيث تبقى أفعاله خاضعة للقوانين العامة.

ولما كان لا يمكن إتهامه إلا من قبل مجلس النواب بموجب قرار يصدره بغالبية تلثي أعضائه ويحاكم أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء...

ولما كانت التحقيقات في الحادثة تجري بإشراف النيابة العامة التمييزية، ويفترض أن تشمل كل المسؤولين عن الحادثة مهما علا شأنهم، وذلك تنفيذاً للمبدأ الذي أعلن رئيس الجمهورية التزامه به، من أن "لا أحد فوق القانون"، ومن "أن الرئيس حريص على أن يأخذ التحقيق العدلي في تفجير المرفأ مداه الكامل."

ولما كانت الوقائع الحسية والمستندات والبيانات الرسمية ودردشة رئيس الجمهورية مع الإعلاميين قد أكدت بثبوت مسؤولية رئيس الجمهورية عن الانفجار نتيجة عدم فعل ما يفرضه عليه قسمه وموقعه ومسؤولياته عن الشعب اللبناني، وأنه لو مارس صلاحياته الدستورية والقانونية، ودعا مجلس الوزراء إلى الانعقاد استثنائياً أو مجلس الدفاع الأعلى لعرض خطورة الواقع، لكانت البلاد قد تجنبت الانفجار، ولكان الكثير ممن فقدناهم لا يزالون أحياء، ولما كانت بيروت تعرضت للتدمير الذي حصل.

ولما كان زعم رئيس الجمهورية أنه لا يتمتع بصلاحيات تسمح له بإعطاء التوجيهات غير صحيح، لأنه يتمتع بصلاحية تحريك مجلس الوزراء ومجلس الدفاع الأعلى، أو على الأقل، لفت  نظر الوزراء المختصين إلى وجوب إتخاذ التدابير المستعجلة لتفادي حصول الانفجار، وهو لم يقم بأي من هذه الخطوات، وامتنع عن ممارسة صلاحياته الدستورية، ما أدّى إلى وقوع الكارثة. ما يرتّب عليه مسؤوليات شخصية تجاه الضحايا والمتضررين يفترض أن يحاسب عليها.

ولما كان قانون العقوبات اللبناني قد نصّ على وجوب إنزال العقوبات " بمن تسبب بموت أحد عن "إهمال أو قلّة إحتراز أو عدم مراعاة القوانين والأنظمة عوقب بالحبس من 6 أشهر إلى 3 سنوات."

 ( المادة /564/ عقوبات)

ولما كان من واجب النيابة العامة التمييزية، عند ثبوت ترتب مسؤولية جزائية على أحد المشمولين بالمادة 60 دستور، أن يبلّغ مجلس النواب بالأمر لاتخاذ الموقف المناسب منه، إما بالاتهام والإحالة على المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، أو بعدم توفر الأكثرية المطلوبة للإتهام أو بحفظ التحقيق.

ولما كان إهمال الرئيس لواجباته يعرضه للملاحقة المدنية والجزائية للتعويض على المتضررين من أمواله الخاصة، فيقتضي عدم التقاعس في إتخاذ الإجراءات الآيلة لملاحقة المسؤولين عن هذه الفاجعة لإلزام المرتكبين أو المهملين لواجباتهم بالتعويض على المتضررين من أموالهم الخاصة

ثانياً: في أن أفعال رئيس مجلس الوزراء تشكل جرماً جزائياً يعاقب عليه القانون:

لما كان رئيس مجلس الوزراء الدكتور حسّان دياب يعتبر مسؤولاً عن تنفيذ السياسة العامة التي يضعها مجلس الوزراء ويرئس مجلس الوزراء، ويكون نائباً لرئيس المجلس الأعلى للدفاع، وهو الذي يدعو مجلس الوزراء للإجتماع ويضع جدول أعماله، ويتابع أعمال الإدارات والمؤسسات العامة، ويعطي التوجيهات لضمان حسن سير العمل، ويعقد جلسات عمل مع الجهات المعنية في الدولة بحضور الوزير المختص.

ولما كان رئيس مجلس الوزراء، وبعد إبلاغه عن وجود مواد متفجرة وخطرة قابلة للإنفجار في العنبر رقم 12 من مرفأ بيروت، لم يبادر إلى مراجعة المسؤولين ودعوة المسؤولين الإداريين والأمنيين بحضور الوزراء المختصين، وإعطائهم توجيهاته للتخلص من كمية نترات الأمونيوم بسرعة، ما أدّى إلى بقائها في المرفأ وإلى انفجارها وتدمير مدينة بيروت وقتل مئات المواطنين وإصابة الآلاف وتشريد الآلاف من المواطنين.

ولما كان فعله هذا ينطبق على أحكام المواد /190 و191 و564/ من قانون العقوبات اللبناني، ويعرّضه للملاحقة الجزائية والمدنية للتعويض على المتضررين من أمواله الخاصة.

ولما كنت أتبنى رأي نادي القضاة القانوني بوجوب محاكمة رئيس الحكومة أمام المحاكم العادية، وليس أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، كما ذهبت إليه الهيئة العامة لمحكمة التمييز في قرارها الصادر عام الـ 2000، إلا أنني، وتفادياً للجدل القانوني القائم والمستمر منذ سنوات، إحتراماً مني لروح الضحايا ولفظاعة الجريمة، أطالب بأن تشمل التحقيقات شخص رئيس الحكومة المستقيل، وألاّ يقتصر على الوزراء المختصين والمسؤولين الإداريين والأمنيين.

لهـــذه الأسبـــــاب

، أودعكم هذا الإخبار، طالباً إجراء المقتضى القانوني لتحقيق العدالة ولكي نؤكد أن لا أحد فوق القانون، وأن كل مرتكب، أياً كان شأنه أو مقامه خاضع لأحكامه."

7*) رسالة مفتي الجمهوري 

19 آب 2020

وجاء في نص رسالة المفتي:

"الحمد لله النافذ أمره ، الدائم إحسانه ، الشديد بطشه وقهره ، الواجب حمده وشكره، لا يرجى إلا نفعه ، ولا يخشى إلا ضره، فتبارك اسمه ، وجل ذكره،أحمده تعالى بما هو له أهل من الحمد وأثنى عليه، ونستغفره من جميع الذنوب ونتوب إليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، القائل في محكم كتابه العزيز : إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم ، والقائل تعالى : ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيما ، والقائل سبحانه : ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين* إنهم لهم المنصورون * وإن جندنا لهم الغالبون ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله، وصفيه من خلقه وحبيبه الذي أوذي في الله فصبر ، وهاجر في سبيل الله فظفر وانتصر، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد ، وعلى آله وصحبه ، الذين هاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله، أولئك أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون.

أما بعد :

أيها المسلمون :

ذكرى الهجرة النبوية الشريفة ، عزيزة على قلب كل مسلم، وعلى قلب كل طالب للحق، ومناضل في سبيله. ففي العام الرابع عشر للبعثة، الموافق للعام ستمائة واثنين وعشرين للميلاد ، وفي مثل هذه الأيام ، اضطر رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، للخروج من بيته ، ومسقط رأسه بمكة أم القرى ، مهاجرا إلى يثرب ، التي سماها المدينة ، بعد أن استقر فيها.

لماذا هاجر صلوات الله وسلامه عليه لأنه بعد اثني عشر عاما من الدعوة إلى توحيد الله، بين بني قومه، عانى كما عانى الذين اتبعوا دعوته الاضطهاد والتجويع والقتل، وفقد الحرية بحيث ما عاد ممكنا له ولأتباعه الاستمرار، إن أرادوا الإيمان والكرامة والحرية. هؤلاء المؤمنون الثابتون على دينهم ويقينهم، يقول عنهم القرآن الكريم : الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله، ويقول أيضا: للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون.

هؤلاء الصادقون الذين تركوا ديارهم واموالهم ، وأحيانا أسرهم ، وقبل هجرة نبيهم وبعدها ، لقوا ترحابا واحتضانا في دار الهجرة، وبقيادة نبيهم صلوات الله وسلامه عليه، أنشأوا مجتمعا، وأقاموا دولة، ثم عادوا بعد ثماني سنوات لتصحيح الأوضاع في مكة.

أيها المسلمون :

لا أعز على الإنسان من وطنه وأرضه وداره ، فهذه الأمور الثلاثة، هي رموز الإنسانية والكرامة والحرية والحياة . وقد جاء في القرآن الكريم أن علائق المؤمنين بسائر بني البشر على اختلاف الدين والجنسية والثقافة ، ينبغي أن تقوم على البر والقسط، باستثناء حالتين: الاضطهاد الديني، والإخراج من الديار . قال تعالى : لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين * إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون.

أيها اللبنانيون :

قليلة هي الحواضر التي قاست وقاسى أهلها ما قاسته بيروت. ومفهوم أن يكره الأعداء حياتها المزدهرة ، وحريتها ، ووداعة أهلها ، وسلامهم ، فيحاولون الاعتداء عليها . أما أن يأتي العدوان من المتنعمين بخيراتها ، ومن سلطاتها ، بالإهمال أحيانا، وبالتواطؤ والتعمد أحيانا أخرى . فهذا هو الأمر المستنكر الذي لا تقبله النفوس الكريمة ، ولا مبدئيات المواطنة وأعرافها .

نعم ، إن يوم الرابع من آب ، هو يوم أسود في تاريخ بيروت ولبنان والمشرق . فخراب المرفأ ، وخراب بيروت ، ومقتل المئات ، وجرح الآلاف ، تجعلنا جميعا أمام جريمة كبرى من جرائم العصر . فكيف يمكن للمرء أن يقف صامتا أو لا مباليا أمام هول هذه الجريمة الكارثة ؟ كيف يمكن للبناني ألا ينفجر وهو يرى بام عينه تدمير عاصمته بفعل إهمال أو عدم مسؤولية من سلمهم قيادة البلاد ، ومنحهم ثقته ، كيف لمن يتولى القيادة أن يتهرب من المسؤولية ، أو يعفي نفسه من المسؤولية ، بحجة التراتبية الإدارية ، ويبقى المسؤولون في مراكزهم ، ولا يبادرون خجلا إلى ترك مواقعهم طوعا لمن يستحق ، امتثالا لإرادة الشعب ؟ كيف يمكنهم أن يواجهوا ببرودة أعين المفجوعين والمتألمين.

ما هذا الغياب التام لشعور الطبقة الحاكمة ، بما ألم بمواطنيهم من مآس وأوجاع ؟ ما هذا التمسك المرضي بالسلطة ، مع ثبوت العجز وعدم الاكتراث بما سببوا للبنان وللبنانيين ، من آلام وعذابات ؟ لقد أعمتهم السلطة عن رؤية الحق ، وعن الإحساس بالناس ، الذين أفقدوهم آمالهم وأحلامهم ، وحرموهم من كل ما يجعلهم يتمسكون بالحياة ، حرموهم من فلذات أكبادهم ، من أطفالهم، من أمهاتهم، من أسماعهم وأبصارهم ، وحولوا حياتهم رمادا وسوادا وجحيما.

وبعد، هم لا يريدون الاستعانة بالتحقيق الدولي، بحجة الحفاظ على السيادة الوطنية، وهم هم من أسقطوا سيادة لبنان ، ونتساءل : أهم أصحاب السيادة أم الشعب هو صاحب السيادة ، أليس الشعب هو من فوضهم ممارسة السيادة وأوكلهم بثقته ممارستها ، ألا يستحق اللبنانيون معرفة الحقيقة ، للأسف ما من حقيقة في لبنان ، ما من مساءلة ، ما من محاسبة.

لقد بلغ اليأس باللبنانيين مبلغه ، إلى حد البحث اليائس عن حل لمأساتهم ، أو صيغة أو نظام ، أو تأمين الحد الأدنى من الاستقرار والأمان والعيش الكريم ، وقبل أن يأخذهم القهر والذل والخوف إلى المضي قدما في ذهولهم ، مستجيرين بالنار وسوء المصير والاندفاع إلى المجهول، يستفيقون مذعورين من هول المصاب ويتساءلون: أين الدولة ؟ أين المفر ؟ ونحن لم نبن وطنا ولا دولة ، فكيف يكون حياد وما من ولاء للوطن ؟ وكيف يكون حياد في غياب دولة ونظام عام ، واحترام للدستور ، وتطبيق للقوانين، واحترام للسيادة، وتمسك بالاستقلال ؟ أنبني من الخوف سياجا، ومن القهر حصنا ، أو نرجو من الضعف قوة؟ إنها مسالة إيمان بالحق والعدالة ، حق الإنسان أن يعيش حرا كريما ، وحق الشعب بالأمان والاستقلال ، وتقرير المصير .

قد لا نحتاج إلى الحياد إذا بنينا دولة قوية وعادلة ، ومعززة بالوحدة والتماسك الداخلي ، وبالعدالة الاجتماعية والاقتصادية، ومتوجة بالعيش المشترك الآمن ، فهذه الدولة تغنينا عن كل حياد ، لأنها تشكل سياجا وطنيا قويا ، وحماية كافية . أما إذا بقينا على انقسامنا ولم نبن دولة، فلن يفيدنا أي حياد حتما ، ولن نخرج من نفق التمزق والتشرذم والحقد والعداء .

أيها اللبنانيون :

ما قيمة الحياد إذا كان المسؤول لا يقيم وزنا لمفهوم الاستقلال والسيادة ، ولا يدرك معنى أو مضمونا لمفهوم الدولة والحكم الرشيد والحرية ، ولا يعرف كيف يجنب بلاده وشعبه التورط في الحروب والانقسامات والنزاعات، والصراعات الفئوية، والمحلية، والإقليمية والدولية ، فيستدرج الدول إلى ساحاته ومدنه ومؤسساته ، ويستجدي القوى الإقليمية والكبرى ، التدخل في شؤونه ، بدل أن يعمل على التزام دستور بلاده، واحترام القوانين، والقيام بكل ما يؤدي إلى تعزيز وحدة الشعب، وأمن المواطنين ، واحترام المؤسسات ، وإغناء الوفاق الداخلي، وتدعيم قواعد العيش المشترك ، وبناء الدولة ، واحترام قيم الحق والعدالة والمساواة ، وتأكيد أهمية الولاء الوطني . حتى مبدأ النأي بالنفس ، وهو الوجه السياسي لنظام الحياد القانوني ، الذي تم التوافق عليه ، وتحول التزاما في البيان الوزاري للحكومة ، انقلبنا عليه ، ولم نحسن التعامل معه ، فعدنا لنطرح الحياد بديلا ، حيث ضاقت الخيارات ، تحت ضغط المآسي والنكبات ، والانفجار الكبير.

لقد ضيقتم على الناس الخناق ، ولم تؤمنوا لهم الأمن أو الحماية، ولم تجعلوهم يوما يشعرون بالطمأنينة أو الاستقرار، واستعملتموهم وقودا في خلافاتكم ونزاعاتكم وصراعاتكم ، بكل أنواعها ، الطائفية والمذهبية والمناطقية ، طمعا بالسلطة والمال والهيمنة ، فألجأتموهم إلى الهروب لصيغ وحلول لا تشكل بحد ذاتها أمانا، أو سياجا، أو ضمانا ، أو حماية ، فماذا أنتم فاعلون ؟

إن هذه الكارثة ليست أولى كوارث هذه السلطة العاجزة والفاسدة ، إلى حدود الإجرام ، فقد سبق اغتيال بيروت، انهيار اقتصادي ومالي ونقدي ، هدد عيش اللبنانيين، وقضى على سمعة لبنان ، وعلى كل ما أنجزه اللبنانييون ، خلال المئة عام الأولى من عمر دولة لبنان.

إن هذا التهديد الوجودي للبنان الوطن والدولة، يقتضي أمورا عاجلة :

أولا : تحقيق دولي ، لتحديد المسؤوليات واستعادة الثقة.

ثانيا : الإقبال على تغيير جذري في السلطة ، كما هي إرادة الشباب، بل كل الناس، وربما كان المعبر الأسلم لذلك، الانتخابات المبكرة ، التي ينبغي العمل على توفير شروط حريتها ونزاهتها، وأولها قانون انتخاب ملائم.

ثالثا : قيام رئيس الجمهورية ، بإجراء استشارات نيابية ملزمة وعاجلة ، لتسمية رئيس حكومة ، يكلف بتشكيل حكومة حيادية إنقاذية ، مكونة من اختصاصيين ، لتتعامل مع آثار الكارثة ، وتعيد الإعمار، ولتعمل مع المجتمع الدولي ، لوقف الانهيار الاقتصادي، ولتهيئ البلاد لحاضر آخر مختلف عما نزل بها وبالعباد.

وأصل أخيرا إلى الأمر الرابع لأقول: إن من مهمات حكومة التغيير العتيدة ، إنفاذ الحكم الذي أصدرته المحكمة الدولية، في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري يوم أمس . وهي محكمة دولية من أجل إحقاق العدالة ، وإنقاذ لبنان من ضياع السيادة ، ومن استيلاء الجريمة السياسية. إن اغتيال الرئيس رفيق الحريري والشهداء الآخرين، يقتضي السعي للخلاص من السلاح المتفلت ، أو لا يستقيم عيش في وطن ودولة.

نحن أهل الدين ، لا نعمل في الشأن السياسي، بل في الشأن الوطني العام. وعندما لا يقوم السياسيون بواجباتهم، فمن يحمي مصالح الناس في الحياة والممتلكات ، والسيادة وحكم القانون؟

أيها المسلمون؛ أيها اللبنانييون :

في السنوات الأولى من البعثة والهجرة إلى المدينة المنورة، كان القرآن الكريم ، وكانت خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم، تدعو الناس للهجرة إليها . ثم نهض المهاجرون والأنصار، لاستعادة مكة والكعبة ، واستعادة ديارهم ومساكنهم التي أخرجوا منها بالقوة . وما إن تمت عملية الاستعادة ، التي سماها القرآن الكريم فتحا، حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا هجرة بعد الفتح ، ولكن جهاد ونية) .

نعم أيها اللبنانيون ؛ نعم أيها البيروتيون : إنكم بصدد استعادة مدينتكم ووطنكم ودولتكم ، ولذا لا هجرة بعد اليوم . أسمع من سنوات، وقبل كارثة بيروت بزمن طويل، شكواكم وإرادتكم الهجرة ، كما فعلتم وتفعلون من مئة وخمسين عاما . ولا أوفى من المهاجر اللبناني تجاه وطنه وشعبه . لكننا اليوم محتاجون إلى كل السواعد ، وكل الشباب، لاستعادة بيروت ، واستعادة الشرعية الوطنية ، والشرعية الإنسانية ، وبالروح والجسد.

يا أهل بيروت : لقد جاء إليكم أشقاؤكم العرب ، وكل المجتمع الدولي لمساعدتكم في الإغاثة والإعمار ، واستعادة حياتكم ووطنكم ودولتكم ، فشكرا لكل الدول الشقيقة والصديقة التي سارعت لإغاثة لبنان واللبنانيين .

يا أهل بيروت ، مسيحيين ومسلمين، نحن معا منذ مئات السنين، على عهود الخير والود، والرحابة والانفتاح ، وصناعة الجديد والمتقدم ، ونريد أن نبقى على ذلك ، لقد تغير العالم ، وما عادت الهجرة هروبا ، لكننا الآن محتاجون للبقاء معا أكثر من أي وقت مضى.

حفظنا الله تعالى وحفظ لبناننا من كل سوء. وكل عام وأنتم بخير".

8*) الرئيس فؤاد السنيورة

19 آب 2020

قال الرئيس فؤاد السنيورة في حديث الى "الإخبارية السعودية" حول تداعيات حكم المحكمة الخاصة بلبنان: "كنت قد دعيت كشاهد في هذه المحكمة التي طالب اللبنانيون بإنشائها لمعرفة الحقيقة، وتحقيقا للعدالة. وها قد صدر الحكم اليوم الذي أصبح الآن ملك الشعب اللبناني".

أضاف: "بداية أريد أن أبين أمرا ربما يكون قد سها عن بال الكثيرين، وهو أن هذه المحكمة التي طالب بها اللبنانيون حتى لا يستمر لبنان مرتعا للمجرمين الذين يرتكبون العمليات الارهابية وعمليات الاغتيال السياسي ويفلتون من العقاب. وهي الاغتيالات العديدة التي تعرض لها عدد من اللبنانيين على مدى عدة عقود: رئيسان من رؤساء الجمهورية وثلاثة من رؤساء الحكومة وعدد من الوزراء والنواب والقضاة ورجال الفكر والصحافة ورجال الدين والعسكريين. لقد طالب اللبنانيون بإنشاء هذه المحكمة الدولية الخاصة من أجل لبنان، وهي التي أقرت بموجب القرار الدولي 1757 الصادر عن مجلس الأمن الدولي. وهي قد جاءت بالفعل نتيجة تسوية بين الاعضاء الدائمين في مجلس الامن، وتحديدا بين الاتحاد الروسي من جهة، وباقي الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن من جهة أخرى. وبالتالي، فقد نص قانون هذه المحكمة على أنه ليس من مهمتها أن تتهم او تحاكم أنظمة أو منظمات".

وتابع: "يتضح من هذه القواعد السقف الذي عملت بموجبه هذه المحكمة. بدأت المحكمة أعمالها بعد انتهاك مسرح الجريمة، والذي كان قد جرى العبث به مباشرة بعد حادث التفجير. والحقيقة أن المحكمة قد استندت في تحقيقاتها على الاختراق النوعي الذي حققه ضابط في قوى الأمن الداخلي في تحليله لداتا الاتصالات الهاتفية. وهو الشهيد وسام عيد، الذي تم اغتياله بسبب ذلك. ولقد تمكن هذا الضابط من كشف العلاقة الجهنمية التي تربط بين أعضاء تلك الشبكة. وعلى أي حال، فقد كان لدى المحكمة خمسة متهمين. وهي قد أصدرت الحكم على أحدهم وهو سليم عياش. إذ أن هناك ثلاثة آخرين من الذين لم تتوفر الادلة بشكل كاف لإدانتهم، وهناك شخص رابع لو كان ما زال حيا لربما كان نصيبه مثل سليم عياش".

وأردف: "في حيثيات القرار الذي أصدرته المحكمة، أكدت على أن هذه الجريمة هي جريمة اغتيال سياسي وأنها نفذت من أجل تحقيق هدف سياسي أراد مرتكبوه إزاحة رفيق الحريري من الوجود لكي يحققوا ذلك الهدف السياسي. وهذا الهدف هو بالفعل إبقاء جيش النظام السوري مسيطرا في لبنان ومتسلطا على لبنان. هذا الجيش اضطر إلى الانسحاب من لبنان بعد اغتيال الحريري. وذلك كله كان في أوج مشكلة تتعلق بموضوع التمديد للرئيس لحود الذي حدث بشأنه خلاف بين الرئيس الحريري والرئيس الأسد. وكان الرئيس الأسد في حينها قد هدد الرئيس الحريري بأنه "سيكسر لبنان على رأسه ومن معه".

وقال: "المهم أن الدافع الأساسي لاغتيال الحريري كان من النظام السوري، وذلك كما أشار إليه رئيس المحكمة، وذلك ضمن القيود التي تعمل المحكمة على أساس منها. وهو قد أشار أيضا إلى أن القرار قد اتخذ باغتيال الرئيس الحريري بعد زيارة سريعة قام بها الوزير السوري وليد المعلم إلى لبنان، وعقب أن أكد الرئيس الحريري على أنه يؤيد انسحاب جيش النظام السوري من لبنان. الامر الثاني، ويتعلق بأداة التنفيذ. ليس مصادفة ان يجتمع خمسة من القياديين في حزب الله متهمون بتنفيذ هذه الجريمة الإرهابية أو بالتدخل بها. وان يصار إلى إدانة أحدهم وهو سليم عياش القيادي في حزب الله، والحكم بإدانته أصبحت واضحة وثابتة. من جهة أخرى، فإن هذا العمل الإرهابي لا يمكن أن يكون قد تم بفعل رجل واحد. وليس بين جميع أولئك الأشخاص الخمسة وبين الشهيد رفيق الحريري ثأر أرادوا بسببه أن يقتصوا منه. على العكس من ذلك، فإن هذا العمل هو عمل سياسي بحت وتم بقرار سياسي. ولذلك، فإن الإشارة تصبح واضحة على مسؤولية حزب الله".

وإذا كان الرئيس رفيق الحريري دفع ثمنا من أجل لبنان، قال الرئيس السنيورة: "نعم، لقد دفع رفيق الحريري حياته ثمنا من أجل الدفاع عن سيادة لبنان وحريته واستقلاله. وفي قراءة متأنية لهذا الحكم، يتبين وبوضوح أنه يؤشر وبشكل غير مباشر إلى ما لا يستطيع الحكم القضائي ان يوجهه كاتهام مباشر بسبب تلك القيود الموضوعة على المحكمة بموجب تأسيسها من قبل مجلس الامن الدولي".

وردا على سؤال إذا كان "حزب الله" سيتعاون في تسليم عياش، قال: "إن لعنة اغتيال الحريري قد طالت على الأقل وحتى الآن ثمانية أشخاص، وهم الذين جرى اغتيالهم بظروف مريبة. بعضهم ينتمي إلى حزب الله، والبعض الآخر ينتمي إلى النظام السوري، وهم جميعا قتلوا بظروف مريبة، والذي يبدو أنهم ربما كانوا الى حد ما، بشكل او بآخر، كانت لهم علاقة او معرفة بجريمة الاغتيال التي تعرض لها رفيق الحريري. الآن صدر القرار وحق الدفاع محفوظ للشخص الذي أدين. أي أن سليم عياش بإمكانه ان يستأنف القرار وهذا من حقه، علما ان السيد حسن نصر الله قال أكثر من مرة ان هذه المحكمة لا تعنينا، ونحن ليس لنا اي علاقة بها، وأن أي حكم يمكن أن يصدر على اي من هؤلاء الأشخاص المنتمين إلى حزب الله، فنحن نعتبرهم قديسين ولا يمكن لأحد أن يطالهم ولا حتى بعد 300 سنة".

أضاف: "برأيي الآن، إن التحدي الكبير هو لدى السيد حسن نصر الله. هل سيتبصر ويدرك أن المصلحة هي في المشاركة بإنقاذ لبنان، وفي ذات الوقت إنقاذ حزب الله وبما يؤدي إلى تعزيز اللحمة التي تجمع بين اللبنانيين في عيشهم المشترك، وأن يقوم بما يجنب لبنان الفتنة. هذا هو التحدي الكبير أمامه. هل سيقرر السيد حسن نصر الله ان من الصالح العام أن يعود إلى لبنان بشروط الدستور اللبناني؟ هل سيتبصر السيد حسن نصر الله ويجيب بحكمة وروية على هذه الأسئلة الكبيرة؟ ماذا سيقوم به؟ لا أدري. حتى الآن ليس هناك من إشارات على أنه سيتجاوب مع هذه الدعوة".

وعن وضع لبنان ما بين آب 2006 وآب 2020، قال: "في آب 2006 صدر القرار الدولي 1701 بوقف الأعمال العدوانية بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان. وفي آب 2020 كانت هذه الجريمة التي ارتكبت بحق مدينة بيروت ولبنان وبحق اللبنانيين. أنا اعتقد انه بعد هذه الجريمة الهائلة التي يمكن اعتبارها جريمة القرن وجريمة ضد الإنسانية، فإن هناك عطفا عربيا ودوليا على لبنان وعلى اللبنانيين لأن لبنان قد أصيب بكارثة رهيبة، وهو يتحمل ما لا تستطيع أي دولة تحمله. لذلك كان هذا العطف الذي تتم ترجمته بتقديم المساعدات الاغاثية العاجلة، وجميع الأشقاء والأصدقاء مشكورون على ذلك".

أضاف: "المشكلة الأساس أن لبنان كان ولا يزال يعاني من مشكلات كبيرة جدا، وأصبح واضحا أنه لا يمكن إخراجه من أزماته الا بأن يقرر لبنان ويسلك طريق الإصلاح ويعمد إلى تصويب البوصلة لديه. وهذا الكلام قيل للبنانيين وللسياسيين اللبنانيين مرات عديدة، وقيل لهم من قبل العديد من الأشقاء العرب والأصدقاء في العالم وبكل صراحة، وذلك بأن الطريقة التي يعتمدها السياسيون اللبنانيون في إدارة شؤونهم العامة لم تعد قابلة للاستمرار. وبعبارة أخرى، ليس هناك من طريقة بديلة لاستعادة نهوض لبنان إلا بأن يصوب بوصلته المالية والنقدية والقطاعية والإدارية. كذلك بأن يصوب بوصلته السياسية التي اختلت، ولا سيما خلال العقدين الماضيين، فقد حصل اختلال كبير في التوازنات الداخلية وفي التوازنات الخارجية، ولا سيما في علاقات لبنان مع محيطه العربي ومع العالم، بحيث أصبح في عزلة عن أشقائه وأصدقائه. وهذا كان نتيجة لتراكم استعصاء كبير وطويل ومزمن في الامتناع عن مباشرة الاصلاح الذي كان يحتاجه لبنان على مدى السنوات الماضية من أجل ان تتلاءم أوضاعه السياسية والاقتصادية والمالية والنقدية والادارية مع المتغيرات والتحولات الجارية في العالم".

وتابع: "لذلك، ولكي نكون واضحين وحتى لا يكون هناك المزيد من الانكار والبعد عن الحقيقة من قبل فخامة رئيس الجمهورية ومن قبل حزب الله ومن قبل العديد من السياسيين اللبنانيين، فإن العطف الحالي يتم ترجمته بمساعدات إغاثية. ولكن هذا الدعم، وكما عبر عنه أولئك الأشقاء والأصدقاء، لا يمكن ان يتحول الى تقديم المساعدات الضخمة التي يحتاجها لبنان ليتمكن من استعادة نهوضه، وبالتالي للتغلب على مآزقه المتكاثرة من حوله، ما لم يحصل تغيير وتصويب في الأداء الحكومي للبنان وفي الأداء من قبل فخامة الرئيس ومن قبل حزب الله، وذلك بما يتيح للبنان أن يستعيد احترامه لاتفاق الطائف وللدستور ولتعزيز سلطة الدولة اللبنانية التي يجب ألا ينازعها في سلطتها أحد في لبنان. كما وأن يبادر لبنان إلى القيام بإجراء الإصلاحات التي لم تعد خافية على أحد، وهي الإصلاحات التي طال انتظارها بعد أن استعصى لبنان وتمنع عن القيام بها".

وأردف: "وهنا أريد أن أوضح بأن هذه الإصلاحات ليست مفروضة على لبنان من قبل صندوق النقد الدولي او من قبل أصدقائه في العالم او من قبل أشقائه، بل هي الإصلاحات التي بالفعل التي يحتاجها لبنان، ولا سيما بعد أن تأخر وتقاعس عن القيام بها منذ سنوات طويلة. أقول هذا لأن هناك من يحاول أن يصور تلك الإصلاحات وكأنها إملاءات على لبنان وهي بالفعل كانت مطلوبة وملحوظة في كل الخطط الإصلاحية التي تعهد لبنان بالقيام بها منذ عشرين عاما وهي استمرت مطلوبة وما زالت حتى الآن".

وعما إذا كان ما زال مصرا على هيئة دولية للتحقيق في انفجار بيروت خاصة بعد نتائج المحكمة الدولية، قال الرئيس السنيورة: "لو لم تنشأ المحكمة الدولية للتحقيق والحكم في اغتيال رفيق الحريري لربما حصلت في لبنان فتنة كبيرة بين اللبنانيين. وهنا أود أن أؤكد أن تحقيق العدالة في المحصلة هو الذي يرضي جميع المواطنين على اختلاف فئاتهم".

أضاف: "من جانب آخر، يكفي النظر إلى ملفات جميع عمليات الاغتيال التي حصلت في لبنان، فإن المفاجأة في ذلك أن ليس فيها شيئا يبين حصول أي تقدم حقيقي أدى أو قد يؤدي إلى تحديد من ارتكب تلك الجرائم. وذلك أن الأجهزة الأمنية والقضائية في لبنان لم تستطع أن تحقق في هذه الاغتيالات. الآن لدينا هذه الجريمة النكراء الذي تعرض لها لبنان، والتي أدت إلى تدمير مرفأ بيروت وجزء كبير من مدينة بيروت. والمذهل أنه في كل يوم تظهر معلومات تبين بشكل كبير خطورة تلك الملابسات والشكوك التي تحيط بهذه العملية منذ أن جرى تحويل وجهة تلك السفينة الى لبنان، وكذلك في ما حصل بعدها حتى يوم الانفجار. ويبدو ان الجهة صاحبة هذه الكميات من المواد الخطرة وكأنها كانت، وعلى مدى تلك السنوات الستة، على بينة كاملة من المجريات في ما يتعلق بإدارة هذه الامور وكأنها مطلعة على كل ما يتعلق بتلك المراسلات بين الجهات الإدارية والقضائية والأجهزة العسكرية والأمنية المعنية في المرفأ، بحيث أنه في المحصلة بقيت تلك الكميات في مرفأ بيروت. ولا ندري إذا كان قد جرى إخراج قسم كبير من تلك الكميات بطريقة او بأخرى، إذ يقال وحسب الخبراء ان الانفجار الحاصل لا يتعدى كميته 300 طن فقط. فأين ذهبت باقي الكميات؟".

وختم: باختصار، إن الحاجة ماسة للاتفاق بين اللبنانيين لاعتماد لجنة لتقصي الحقائق في هذه الجريمة الكبرى التي تعرض لها لبنان".

9*) حركة المبادرة الوطنية

20 آب 2020

عقدت "حركة المبادرة الوطنية" اجتماعها الدوري وأصدرت البيان التالي:

أولاً : إن الدعوات التأسيسية من هنا وهناك مرفوضة رفضاً نهائياً في ظل أية وصاية وفي ظل هيمنة سلاح حزب الله وتحكمه بكل مفاصل الدولة، وتعلن الحركة تمسّكها بالدستور واتفاق الطائف كضمانة للعيش المشترك ولبنان الرسالة.

ثانياً : قدمت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أكثر من دليل وفي أكثر من نقطة مسؤولية القيادي في حزب الله مصطفى بدر الدين الملقّب بـ"ذو الفقار" والذي حلّ مكان عماد مغنيّة في المسؤولية الأولى عن العمليات العسكرية والأمنية. إن عدم تجريمه في حكم المحكمة كان بسبب وفاته وليس لعدم مسؤوليته المباشرة والتي جرى تأكيدها بالأدلة والإتصالات ليصار الى تحميلها لسليم عيّاش. والسؤال هنا كيف لشخصية قيادية رفيعة ان تقوم بما قام به من دون معرفة قيادة حزب الله؟

ثالثاً : إن حزب الله مطالب ببيان رسمي واضح حول كل ما جاء في مجريات وحكم المحكمة عن ما قام به مصطفى بدر الدين وسليم عيّاش الذي تُرفع صورته في تحدٍ فاقع.

رابعاً : إن القوى السياسية اللبنانية مطالبة بأن تحدد موقعها في الحياة السياسية إستناداَ الى موقفها من حزب الله ومسؤوليته عن جريمة الإغتيال.

خامساً : إن لبنان اليوم، كما دائماً، بحاجة الى لبنانيين صادقين للنهوض والقيام بالدولة، وليس الى دعوات يُشتَم منها أهدافاً تؤدّي الى تقسيم وتصديع الجمهورية اللبنانية.

10*) حزب الوطنيين الاحرار

20 آب 2020

رأى المجلس الأعلى ل"حزب الوطنيين الأحرار"، في بيان بعد إجتماعه الأسبوعي الذي عقده إلكترونيا برئاسة رئيس الحزب النائب السابق دوري شمعون، أن "حكم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان القاضي بإدانة قيادي عسكري في حزب الله في تنفيذ تفجير 14 شباط 2005، يدين في طياته حزب الله ويلزمه تسليم الجاني للقضاء المختص. كما يوجب على الدولة اللبنانية وسلطاتها، إذا وجدت، إلقاء القبض على الجاني لإحقاق العدالة واستكمال التحقيق لكشف الآمرين والمخططين والمتعاونين لارتكاب هذه المجزرة الكبرى".

أضاف: "إن هذا الحكم ينفي مقولة أن سلاح حزب الله هو سلاح مقاومة ضد إسرائيل، فها هو يستعمل لممارسة إرهاب وإجرام غير مسبوقين في الداخل اللبناني، وهو سلاح مرتبط بمصالح دول ومحاور إقليمية، وجب إنهاؤه وتسليمه للأجهزة الشرعية اللبنانية".

واعتبر أن "فساد المنظومة الحاكمة وإمعانها في ممارسة محاصصة بغيضة، بعد ما سببته من مآس ونكبات وإذلال بحق الشعب اللبناني، يحتمان سقوطها فورا ومحاسبتها وإعادة إنتاج سلطة فاعلة بدءا بحكومة انقاذ حيادية من اختصاصيين مستقلين مع صلاحيات تشريعية إستثنائية، تقر قانونا إنتخابيا جديدا وعصريا تجرى على أساسه إنتخابات نيابية مبكرة".

وتابع: "ان ما يحفظ لبنان ويعزز صمود أهله في أرضه، هو "حياد لبنان" الذي نادى به حزب الوطنيين الأحرار منذ تأسيسه. وعليه، فإن الحزب يثمن كثيرا المذكرة التي أصدرها البطريرك (الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس) الراعي، "مذكرة لبنان والحياد الناشط"، ويطالب المجتمعين العربي والدولي بدعم ما ورد في المذكرة البطريركية وتنفيذ مندرجات القرارات الدولية المرتبطة بتحقيق سيادة لبنان وسلامة أراضيه، ووقف تدخل بعض الدول في شؤونه وزرعها الفتن فيه ووقف تسليح عملائها وميليشياتهم".

ورأى أن "ما يزيد من ألم اللبنانيين، بعد النكبة- الفاجعة إثر تفجير مرفأ بيروت، هو لا مبالاة أهل السلطة بمصيرهم وغيابهم وغيبوبتهم وتنصلهم من تبعات مسؤولياتهم. إن حزب الوطنيين الأحرار يكرر طلبه قيام لجنة تحقيق دولية لمعرفة حقيقة الانفجار وأسبابه وتحديد المسببين لمحاسبتهم".

وختم: "حمى الله لبنان وأهله، وأعاد لهم سلاما وطمأنينة وازدهارا وأعيادا مباركة. مع التمنيات للمسلمين في لبنان والعالم بعيد رأس سنة هجرية سعيد".

11*) بيان من القطاع الخاص

20 آب 2020

وجاء في بيان القطاع الخاص في لبنان:

"لأن مواجهة وباء كورونا تكون بالتفكير وليس بالتسكير.

بالتفكير المنطقي والعلمي المتّبع في كلّ دول العالم.

تكون المواجهة بفرض القانون وبمعاقبة الجهلة وبملاحقة المخلّين بالأمن الصحّي والمخالفين للإجراءات وليس بالتسكير غير المدروس وغير الكامل والمنقوص.

بالكمّامة والنظافة والتباعد الاجتماعي فقط نقضي على كورونا..!

أتريدون القضاء على الوباء أو على الوطن؟

تريدون القضاء على الوباء أو على الاقتصاد؟

نحن بالتأكيد نريد القضاء على الوباء ولكننا لا نريد الانتحار الجماعي والإفلاس الاقتصادي.

نحن نريد مواجهة المرض بمعالجة المريض وليس بقتله.

الغباء والوباء وجهان لعملة واحدة.

إن أضرار الغباء قد تكون أكبر بكثير من أضرار الوباء.

بالحسّ الوطني وبالوعي الفردي والجماعي نضع حدّاً نهائياً للكورونا وليس بالقصاص الجماعي والمنقوص الذي يدمّر ما تبقّى من الاقتصاد من دون أن يؤدّي الى أي نتيجة حتمية.

أنتم عاجزون بالكامل على تسكير البلد كلّياً لذا تلجؤون إلى أنصاف الحلول.

لبنان كلّو يعني كلّو بسكّر أو كلّو يعني كلّو بيفتح".