تقرير أسبوعي دولي - 190-2024

تقرير أسبوعي دولي - 190-2024
الأحد 7 يناير, 2024

 

رقم 190/2024

2-7 كانون الثاني /2024

 

تقرير فريق LCRS Politica للأحداث في لبنان بعد الانفجار الذي ضرب مرفأ بيروت في 4 آب 2020، بالاضافة الى أبرز احداث المنطقة والعالم.

 

  1. ملخّص التقرير

 

في الشأن اللبناني

تتوالى الوفود الدولية إلى العاصمة اللبنانية من أجل الضغط لعدم جرّ لبنان إلى حرب مع اسرائيل. ومع اغتيال اسرائيل للرجل الثاني في حركة حماس في معقل حزب الله في بيروت، اشتعل الشارع الموالي للحزب مطالبا بالثأر. لكن يبدو من كلام أمين عام الحزب بأن الثأر من اسرائيل سيكون "في الميدان"!

أما فيما خص جبهة الجنوب المشتعلة على نار متوسطة، حيث أكد حسن نصرالله في كلمته الثانية لهذا الاسبوع على أنهم "حتى الآن نقاتل في الجبهة بحسابات مضبوطة ولهذا السبب ندفع ثمنا غاليا، ولكن إذا فكر العدو بشن حرب على لبنان عندها فإن قتالنا سيكون من دون سقوف وضوابط، ومن يفكر بالحرب معنا سيندم وستكون مكلفة واذا كنا نداري حتى الآن المصالح اللبنانية فاذا شنت الحرب فإن مقتضى المصالح اللبنانية الوطنية أن نذهب بالحرب إلى الأخير من دون ضوابط"!

لقد أصبح واضحا أن الشعارات التي رُفعت على مدى عقود، حول "توحيد الساحات" وتحرير القدس"، لم تعد قابلة للتطبيق في ظل المعادلات في المنطقة، وحيث أن لايران حسابات أخرى فإن عمليات الردّ على الضربات الموجعة "للعدو الاسرائيلي"، أصبحت كلها "مضبوطة".

لقد فقد حزب الله العنصر الأهم لوجوده، ولذلك على قيادته اتخاذ الخيار الأفضل للبيئة الحاضنة له في لبنان، وهذا الخيار يتمثّل بعودته إلى لبنان بشروط الدستور وقرارات الشرعية الدولية.

 

في المنطقة العربية والعالم

تبقى سوريا في ظل غياب حلّ سياسي حتى الآن، ساحة لتصفية الحسابات ولتحديد النفوذ الاقليمي في المنطقة. تركيا من جهتها أقامت حزام أمني على طول الحدود وتنفذ حملات عسكرية متلاحقة داخل الاراضي السورية للقضاء على القوى الكردية التي تعتبرها "إرهابية"؛ فيما اسرائيل تقصف ايران وميليشياتها بشكل شبه يومي في أي مكان تراه يشكل "خطرا" عليها؛ أما ايران، فبعد دعمها للنظام بالأموال والخبراء وتنظيمها للميليشيات في جميع المناطق الخاضعة لسيطرتها، تواصل مع النظام سياسة التغيير الديموغرافي للبلاد بعد عقد اتفاقات مع حكومة الأسد بهدف استعادة استثماراتها؛ أما روسيا، فقد أقامت قواعدها العسكرية على البحر المتوسط، وهو الحلم الروسي القديم، كما انها استطاعت توقيع اتفاقات طويلة الأمد لاستغلال الموارد السورية مع إبقاء إمكانية الدخول في الاستثمار النفطي متى حان الوقت لذلك. كما انه يجب ذكر الولايات المتحدة التي أقامت قواعد عسكرية لحماية مصالحها ولدعم الفصائل التي تعمل تحت جناحها.

كذلك، تبقى الورقة العراقية حتى الساعة في يد النظام الايراني، فقد نجحت طهران في إخلاء الساحة السياسية من المعارضين لنفوذها، وهي تستغل ورقة "المصالحة" مع المملكة السعودية من أجل الدفع باتجاه المزيد من الاستثمارات في البنى التحتية العراقية المتهالكة. واليوم مع اندلاع الحرب في غزة، وبعد ان دفعت الميليشيات العراقية الموالية لها لقصف قواعد القوات الدولية، ها هي تدفع باتجاه خروج هذه القوات المتواجدة في العراق ولو لدورٍ استشاري.

وفي ليبيا، لم يتوصل قادة ليبيا إلى تفاهمات تؤدي إلى إجراء الانتخابات، بسبب خلافات حول القواعد الدستورية التي تنظم العملية الانتخابية وأساس شروط الترشح للرئاسة، وبسبب الانقسام الحكومي والإداري والصراع المستمر على السلطة والثروة. في الأثناء، يواصل المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي، جهوده ومحاولاته مع مختلف الأطراف السياسية في البلاد، لجمعهم على طاولة واحدة وإذابة كل الخلافات، بهدف إنقاذ مشروع الانتخابات وضمان الوصول إلى مراكز الاقتراع. وحتّى الآن، لم يظهر القادة في ليبيا أيّ ميل أو رغبة في الحوار والتوافق حول القضايا الخلافية.

في فلسطين/اسرائيل، بعد رفض المحكمة العليا القانون المقدم من حكومة نتنياهو، لم يبق لهذا الأخير ألا الاستمرار بحربه في غزة وربما فتح جبهة الشمال مع حزب الله في لبنان من أجل حماية مستقبله السياسي، رغم رفض واشنطن الواضح لهكذا سيناريو. وبالرغم من الخلاف المستجد داخل حكومة "الحرب"، تواصل تل أبيب حتى الساعة بمخطط تهجير سكان قطاع غزة غير آبهة بالرفض الدولي. وبانتظار المسعى الاوروبي-العربي لإيجاد حلّ لوقف النار ومنه إلى السلام على قاعدة حلّ الدولتين، تتواصل المعارك والخسائر على الجانبين.

ويمكن ربط اليمن بهذا الملف مع مواصلة تهديد الميليشيات الحوثية لخطوط النقل البحري الدولية، ردا على الحرب في غزة، فالحلف العسكري الجديد بقيادة واشنطن أصبحت تهديداته مؤخرا واضحة بوضع حد نهائي للتهديدات الحوثية ما يُنبئ بتصعيد عسكري جديد في المنطقة.

وفيما لا تزال تونس تصارع لتخطي أزمتها المالية بعد رفضها شروط صندوق النقد الدولي، تتجه أزمة السودان إلى مزيد من الاقتتال الداخلي في ظل عدم قدرة الجهات الدولية حتى الآن إلزام الجانبين الجلوس إلى طاولة حوار للإتفاق على وقف النار وفتح باب المساعدات للشعب السوداني والتوصل إلى حل للأزمة السياسية.

في الملف الايراني، وبالرغم من تفاقم الخسائر بعد الهجمات الاسرائيلية على القيادات الايرانية أو الموالية لها، وبعد التفجيرات الدموية قرب مرقد قاسم سليماني، لا تزال طهران تبرّد مع الولايات المتحدة بتوجيهات من المرشد الأعلى، بالرغم من التصعيد الكلامي لقيادات الصف الأول.

في أوكرانيا، ومع اقتراب انتهاء عامين من عملية الغزو التي قامت بها موسكو تحت عنوانين: "خلع النازية" و"تجريد كييف من السلاح"، أصبح واضحا للجميع بأن هدف بوتين كان ولا يزال محو اوكرانيا من على الخارطة وتغيير التاريخ بحسب ما يراه. ومن أجل مواصلة قصف المدن والبنى التحتية أصبحت موسكو بحاجة إلى مسيّرات ايرانية وصواريخ كورية؛ فيما تسعى كييف إلى توطين الصناعات العسكرية الغربية على أرضها، واستنهاض صناعاتها العسكرية التي عملت روسيا، من خلال عملائها، على إغلاقها. فالحرب كما يبدو لن تنتهي بوقت قريب، ويهدف القائد الأعلى للقوى المسلحة الجنرال فاليري زالوجني، إلى تجميد الجبهة إلى حين تحضير الترسانة التي هو بحاجة إليها من أجل استكمال التحرير.

 

  1. التقرير

 

يقدّم فريق التقرير قراءة تحليليّة للاحداث في لبنان والمنطقة والعالم ويرفق كل المستندات والوثائق المهمّة التي من شأنها المساعدة على توضيح الموقف.

 

  1. في الشأن اللبناني

 

على جبهة الجنوب، زار وزير الجيوش الفرنسي سيباستيان لوكورنو، يوم الاثنين، قاعدة دير كيفا في جنوب لبنان، حيث أجرى محادثات مع رئيس أركان الجيوش والجنود الفرنسيين المنتشرين ضمن قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان "اليونيفيل". وأعلن لوكورنو أمام 700 جندي قبل أن يشاركهم عشاء بمناسبة رأس السنة أن هذه المهمة يمكن أن تصبح خطيرة جدا، وأضاف، ان الطريق سيكون مزروعا بالشكوك في الأسابيع والأيام المقبلة! وبحث لوكورنو وقائد الجيش العماد جوزف عون مهمة قوة يونيفيل وكيف يمكن الاستمرار في ممارسة المهمة في ضوء اوضاع متدهورة وكيف يجب حماية جنود الجيش اللبناني وعناصر اليونيفيل في مهامهم. وقبل مغادرته إلى باريس، زار الوزير الفرنسي العماد عون مجددا الثلاثاء حيث ناقش المساعدة التي اقترحتها فرنسا للقوات المسلحة اللبنانية مع تسليم العديد من الآليات المدرعة.

في السياق، وزعت بعثة الاتحاد الاوروبي في لبنان تصريح الممثل الأعلى نائب رئيس المفوضية الأوروبية جوزيب بوريل بعد اجتماعه مع وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال، ومن ابرز ما جاء فيه، قوله انه في بيروت حيث نشهد تكثيفا مقلقا لتبادل إطلاق النار عبر الخط الأزرق على الحدود بين لبنان وإسرائيل. وأعتقد أنه يمكن منع الحرب، ويجب تجنبها، ويمكن للدبلوماسية أن تسود للبحث عن حل أفضل. من الضروري تجنب التصعيد الإقليمي في الشرق الأوسط، ومن الضروري تجنب جر لبنان إلى صراع إقليمي. وهذا آخر ما يحتاجه لبنان. لقد نزح أكثر من 70 ألف مدني في لبنان، وأكثر من 200 ألف في شمال إسرائيل. لن يربح أحد من صراع إقليمي. وأنا أبعث هذه الرسالة إلى إسرائيل أيضا. لن يربح أحد من صراع إقليمي. أنا هنا لتقييم الوضع وإيجاد مخرج من الأزمة. كما أشار إلى انه لا يمكننا التعامل مع غزة بمعزل عن الضفة الغربية والقدس الشرقية، فغزة جزء من "المسألة الفلسطينية" الأوسع. إن غزة جزء لا يتجزأ من الأراضي التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، ويجب أن تكون غزة جزءا من الدولة الفلسطينية المستقبلية. وتتفق الأسرة الدولية بأسرها على حل الدولتين باعتباره الحل الوحيد القابل للتطبيق الذي يمكن أن يجلب السلام والأمن لإسرائيل وفلسطين. ويجب أن نضاعف جهودنا لإعادة إطلاق عملية السلام. لقد أعلنت إسرائيل عن هدف للقضاء على حماس. ويجب أن تكون هناك طريقة أخرى للقضاء على حماس؛ طريقة أخرى لا تؤدي إلى مقتل هذا العدد الكبير من الأبرياء. والسبيل الوحيد هو إنشاء دولة فلسطينية تعطي أملا للفلسطينيين. ونحن لن ندخر جهدا لجعل حل الدولتين حقيقة واقعة. سأزور المملكة العربية السعودية غدا، وأتطلع إلى إجراء نقاش موضوعي في شأن كيفية البناء على مبادرتنا الأوروبية العربية المشتركة، والخطوات الملموسة التي يمكنها تحفيز جهود سلام دولية جادة.

أمنيا، اغتيل نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري، في قصف إسرائيلي لضاحية بيروت الجنوبية، ونعى إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي في كلمة تلفزيونية العاروري والقائدين بكتائب القسام، جناح حماس العسكري، سمير فندي أبو عامر وعزام الأقرع أبو عمار، إضافة إلى أربعة كوادر آخرين في الحركة.

وبناءً على توجيهات وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب، بعد توجيهات رئيس الحكومة، أجرى كل من مندوب لبنان لدى الأمم المتحدة في نيويورك هادي هاشم والقائم في أعمال سفارة لبنان في واشنطن وائل هاشم والقائم في أعمال سفارة لبنان في باريس، اتصالات ديبلوماسية في دول اعتمادهم للتعبير عن احتجاج لبنان الشديد على العدوان الإسرائيلي على حي سكني في الضاحية الجنوبية من العاصمة بيروت، ولحث الأطراف المعنية على ممارسة الضغوط اللازمة على اسرائيل لوقف اعتداءاتها وخروقها المستمرة والمتصاعدة على السيادة اللبنانية والقرار 1701.

في السياق، أشارت نائبة مدير المكتب الإعلامي لـ"اليونيفيل"  كانديس ارديل، إلى القلق إزاء أي احتمال للتصعيد قد يكون له عواقب مدمرة على الناس على جانبي الخط الأزرق، وان القوات الدولية تواصل مناشدة جميع الأطراف وقف إطلاق النار، وكذلك تناشد أي محاورين يتمتعون بالنفوذ أن يحثّوا على ضبط النفس.

ميدانيا، يتواصل القصف المتبادل بين جانبي الحدود مع تواصل الغارات من قبل سلاح الجو الاسرائيلي ايضا، حيث اغتيل مسؤول حزب الله في منطقة الناقورة حسين يزبك واثنين من مرافقيه بغارة جوية.

 

في مواقف حزب الله والمجموعات التي تدور في فلكه لهذا الاسبوع، ومع بداية العام الجديد، أعطى اللواء عباس ابراهيم "توجيهاته"، فقد كتب على صفحاته في مواقع التواصل الاجتماعي: "هي البوصلة واليها كل الدروب، ‏إنه زمن فلسطين، ‏قد حانت الساعة"!

من جانبه، أكد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان في بيان أن الكيان الصهيوني ثكنة أميركية إجرامية يجب الخلاص منها، واغتيال تل أبيب للقائد الجهادي الكبير الشيخ صالح العاروري وبعض إخوانه في الضاحية الجنوبية قرار مجنون وجريمة لن تمرّ، ومشددا على ان المطلوب من بعض المرتزقة إعادة حساباتهم مجددا، لأن دمنا ليس رخيصا، ولبنان لن يكون إلا بلد المقاومة والانتصارات، وتل أبيب ستدفع ثمن حماقتها، وما يجري على الجبهة الجنوبية وفي قطاع غزة كابوس يطحن صميم العمود الفقري للجيش الصهيوني المهزوم، واللعب بالخطوط الحمر وبمنطقة حساسة جدا أمر خطير لن تربح فيه تل أبيب.

من جانبه، أكد النائب محمد رعد أنّ موقف الحزب واضح وصريح بأن لا بحث في أيّ أمرٍ من الأمور التي يطرحها الموفدون إلّا إذا نجحوا في الضغط على العدوّ من أجل أن يوقف عدوانه على غزة ولبنان. ولفت إلى أن الحزب ليس في صدد أن يقدّم جوائز لأحد ، وإذا أراد العدوّ أن يشنّ حرباً على لبنان فليعلم أنها هي الحرب التي يذهب فيها حزب الله إلى النهاية.

أما نائب رئيس المجلس التنفيذي في "حزب الله" الشيخ علي دعموش فقد شدد على أن المقاومة الإسلامية في لبنان ستواصل حضورها في الميدان، ولا يمكن أن يردعها شيء عن القيام بما يجب القيام به لحماية لبنان وردع العدو عن ارتكاب المزيد من الجرائم، وأكد أنّ الرد العقابي الأولي على جريمة الإعتداء على الضاحية الجنوبية واغتيال الشهيد صالح العاروري واخوانه حصل من خلال قصف قاعدة ميرون الجوية ب62 صاروخا، وسيُستكمل، ولن يَفلتَ العدو من العقاب الذي وعدت به المقاومة.

 

محطات سياسية واقتصادية:

  • لقاء سيدة الجبل:. لا بيان لهذا الاسبوع بمناسبة الاعياد.
  • البطريرك الراعي: لا نستطيع إيجاد كلمات لإدانة حرب إسرائيل المتعجرفة والمتباهية بأسلحتها المتطوّرة الموهوبة لها، على شعب غزّة بأطفالها ونسائها ومسنّيها في بيتوتهم الآمنة والمستشفيات والمساجد والكنائس. ونرفض إمتداد هذه الحرب إلى جنوب لبنان، فيجب إيقافها وحماية اللبنانيّين وبيوتهم وأرزاقهم، فهم لم يخرجوا بعد من نتائج الحرب اللبنانيّة المشؤومة. ونطالب بإزالة أي منصّة صواريخ مزروعة بين المنازل في بلدات الجنوب التي تستوجب ردًّا إسرائيليًّا مدمّرًا. أهذا هو المقصود؟ فليحترم الجميع قرار مجلس الأمن 1701 بكلّ بنوده لخير لبنان. في هذا السياق ندين الحملة التحريضيّة والمسيئة والخارجة عن الأخلاق والحقيقة التي وُجّهت في الأسبوع المنصرم إلى سيادة أخينا المطران موسى الحاج رئيس أساقفة حيفا والأراضي المقدّسة إنّه السادس في سلسة المطارنة الذين تعاقبوا على الأبرشيّة ولنا رعايا مارونيّة عديدة في فلسطين المحتلّة. كما نرفض وندين كلّ ما كُتب بحقّه في وسائل التواصل الإجتماعيّ أو قيل كذبًا في محطّات التلفزة والإذاعات، وما سُمّي "إخبارًا" كلّ هذه تمسّ بشخص هذا الأسقف المارونيّ الوقور وكرامته الأسقفيّة وفينا شخصيًّا "كأب ورأس" للكنيسة المارونيّة، وتستوجب الملاحقة القضائيّة لأصحابها المغرضين. إنّ العائلة كمدرسةٍ طبيعيّة تربّي على محبّة الوطن. بالطبع ليس على هذه المحبّة تربّى محبّو الفوضى والنفوذ، وناقضو الدستور، ومعطّلو انتخاب رئيس للجمهوريّة اللبنانيّة، ومعه تعطيل انتظام المؤسّستين الدستوريّتين: المجلس النيابيّ والحكومة وكوادر الإدارات العامّة والقضاء والأجهزة العسكريّة. إلى متى يستمرّ هذا التعطيل؟ يقولون: القضيّة عند الموارنة. هذا غير صحيح، بل القضيّة عند المجلس النيابيّ ورئيسه. فالموارنة يؤمنون بالديمقراطيّة وهي ثقافتهم، ويتقيّدون بمقدّمة الدستور التي تنصّ على أنّ "لبنان جمهوريّة ديمقراطيّة برلمانيّة" (ج)، ويقتضي إنتخابًا ديمقراطيًّا. إنّ المرشّحين الموارنة ممتازون، فلينتخب المجلس النيابيّ واحدًا منهم، إذا كان حقًّا سيّد نفسه!. (ملحق رقم 1*- العظة)
  • البطريرك الراعي: بناء السلام أمرٌ مشرّف للغاية، هذا هو الدور الطبيعي المعطى للبنان بحكم ثقافته السلاميّة ونظامه السياسيّ المميّز بثلاثة: أ- ميثاق العيش المشترك في الوحدة (سنة 1943): هذا الميثاق كرّسه إتّفاق الطائف (1989) بجعل لبنان وطنًا مشتركًا مسيحيًّا-إسلاميًّا، يرتكز على فكرة قبول الآخر وحقّ الآخر بالإختلاف. كرّس الدستور (1990) مبدأ المناصفة بين المسيحيّين والمسلمين، بغضّ النظر عن العدد؛ ب- رئيس الجمهوريّة هو "رئيس الدولة" (المادّة 49 من الدستور): رئيس الدولة" يعني ضامن المصلحة العامّة (res publica). مهما كان مستوى الإندماج والتضامن بين 18 طائفة في لبنان لا يستقيم من دون رئاسة جمهوريّة. فرئيس الجمهوريّة ضامن الشأن العام، والمصلحة العامّة العابرة لكلّ الإنتماءات الطائفيّة، ليس رئيس عائلة أو فئة أو طائفة، بل رئيس كل الدولة؛ ج- حياد لبنان هو هويته الأساسيّة والجوهريّة التي تمكّنه من عيش رسالته في بيئته العربيّة. إنّ حياده عن الصراعات الإقليميّة والدوليّة هو في صلب ميثاق 1943، وميثاق جامعة الدول العربيّة، وسياسة لبنان الخارجيّة الرسميّة منذ 1943، وكلّ قرارات الأمم المتّحدة، وكلّ البيانات الوزاريّة منذ الإستقلال. عدم انتخاب رئيس للجمهوريّة، والتحجّج بأسباب واهية غير مقبولة، وقد سمعنا مؤخّرًا من يشترط لإنتخاب الرئيس وقف النار النهائيّ في غزّة، كلّ هذه تعني القضاء على الميزات الثلاث التي ذكرنا. وهذا أمرٌ مُدان وغير مقبول على الإطلاق. ونكرّر أن من واجب المجلس النيابي، إذا كان سيّد نفسه، أن ينعقد وينتخب رئيسًا للجمهوريّة، فالمرشّحون معروفون وممتازون. أمّا ماذا يُخبّئ المعطّلون، فبات واضحًا من نتيجة الممارسة في ظل هذا الفراغ. (ملحق رقم 2*- عظة رأس السنة)
  • المتروبوليت الياس عودة: ها نَحنُ نَدْخُلُ عامًا أرضِيًّا جَديدًا، بَعْدَما وَدَّعْنا سَنَةً دَمَوِيّةً شَهِدْنا خلالها الكَثيرَ مِنَ الأَحداثِ المُؤلِمَة على صَعيدِ الوَطَنِ والعالَم. أَمَّا الطّامَةُ الكُبْرى في هَذا البَلَدِ فَهِيَ الإعتيادُ على الفَراغِ في مَوْقِعِ الرِئاسةِ، الَّذي يَتَـَصَّلُ عامًا بَعْدَ عامٍ، وغيابُ مَسؤولٍ مُطيعٍ لِدُستورِ بِلادِهِ يَقِفُ عَكْسَ التَّيَّارِ السَّائِدِ، ويُعلي الصَّوْتَ داعِيًا إلى صَوْنِ القانونِ واحترامِ الدسـتور. عَدَمُ تَطْبيقِ دُستورِ البَلَدِ أَصْبَحَ دُستورًا بِذاتِهِ، كَرَّسَتْهُ بَعْضُ الجَماعاتِ المُنْتَمِيَةِ جَسَدِيًّا فَقَط إلى هَذِهِ الأَرْض، بَيْنَما عُقولها وقُلوبُها ومَصالِحُها مُتَعَلِّقَةٌ بِراياتٍ تُرَفْرِفُ خارِجَ رُبوعِ وَطنٍ جَرَّحَتْهُ الإنْقِساماتُ، ونَهَشَتْهُ المَطامِعُ، وسَوَّدَتْ صَفْحَتَهُ أَسماءٌ ووجوهٌ ما عادَ اللُّبنانِيُّونَ يَرغَبونَ في رؤيَتِها أَوْ يَقْبَلونَ بِتَمْثيلِها لهم. يُقال إنَّ القُدرةَ تَكْمُنُ في الإرادةِ وهذا صحيحٌ لأنَّ الإنسانَ الذي يَنْوي أو يُقَرِّرُ عَمَلَ شيءٍ لا بُدَّ منْ أنْ يَستطيعَ القيامَ به. فعندما أرادَ مجلسُ النوابِ تَمديدَ مُدَّةِ خِدْةِ قائدِ الجيشِ حِفاظاً على المُؤسَسةِ العَسْكَرِيَّةِ، وعلى الإستِقرارِ الأمنيّ، اجتمعَ وصَوَّتَ ونَجَحَ في ما أراد. فَلِمَ لا يُقرِّرُ هذا المجلسُ انتخابَ رئيسٍ، ويجتمعُ ويَنْتَخـبُ رئيساً للبلادِ مِنْ أجلِ استقرارِ البلدِ بكامِلِه، ومن أجلِ مَلْءِ كُلِّ شُغورٍ وتَسْييرِ عَمَلِ كُلِّ إدارة؟ هذا يَعْني أنْ لا إرادةَ في ذلك وإلاّ لكانَ لنا رئيسٌ منذُ أكثرَ مِنْ سَنَة، في المَوعِدِ الذي يُحدِّدُه الدستور، يَحْفَظُ الإستقرارَ السياسيّ. (ملحق رقم 3*- عظة رأس السنة)
  • مجلس المطارنة الموارنة: دعا الآباء النوّاب، تكرارًا، إلى الوفاء بالاستحقاق الدستوري المُلزِم والقاضي بانتخابِ رئيسٍ جديد للجمهورية، توفيرًا على البلاد مزيدًا من الإنهيارات ومن عدم الإستقرار - عبّروا عن استنكارهم الشديد لما يتعرّض له قطاع غزة والضفة الغربية من تقتيلٍ وتدميرٍ وتنكيلٍ على يد الجيش الإسرائيلي والمستوطنين الإسرائيليين، يُصيب المدنيين قبل سواهم. ودعوا مع كلّ أصحاب الضمائر الحيّة في العالم، إلى وقفٍ نهائي لإطلاق النار، تمهيدًا لبدءِ مفاوضاتٍ بين الأطراف المعنيين، على قاعدة حل الدولتين – تخوّفوا من مآل التصعيد الميداني في جنوب لبنان، وقد بلغ هذا التصعيد الضاحية الجنوبيّة لبيروت – اعتبروا ان تنفيذ القرار 1701 هو الكفيل بردع إسرائيل عن اعتداءاتها، والضامن لإطارٍ واضح وسليم وفاعل للسلام في الجنوب - واقع النازحين السوريين إلى لبنان يُشكِّل قنبلة موقوتة وتهديدًا حقيقيًّا للأمن ولسلامة اللبنانيين، وعلى المراجع الرسمية العمل الجاد والصارم من أجل ضبط هذا الواقع الحقير، وتدبُّر الرؤية والإجراءات السياسية والدبلوماسية الهادفة إلى إراحة لبنان من هذا العبء - دانوا التمادي في التعرُّض لرجال الدين المسيحيين الذين يُؤدّون واجبهم ويقومون بخدمتهم في الأراضي المُقدَّسة وذكّروا بأن لا حاجة لدى الأحبار اللبنانيين إلى تبريرِ أيٍّ من سلوكياتهم. (ملحق رقم 4*- بيان)
  • أمين عام حزب الله حسن نصرالله: محور المقاومة يلتقي على رؤية استراتيجية واضحة حيث الاعداء والاصدقاء محدّدون والاهداف واضحة - في تجربة وحدة المقاومة لا يوجد عبيد بل سادة شرفاء يصنعون النصر لأمتهم - الانجازات في قطاع غزة ليست وليدة اليوم بل نتيجة عمل لعقدين من الزمن - ما حصل في غزة أثبت أن النظام الدولي والمؤسسات الدولية والمجتمع الدولي ليس قادرا على حماية أي شعب وهذا عبرة لنا جميعا - اهم رسالة ارسلتها المقاومة عندما فتحت الجبهة انها مقاومة جريئة لا تخاف من احد وليست مردوعة - اغتيال الشيخ صالح العاروري جريمة خطيرة لن تبقى من دون رد وعقاب وبيننا الميدان والأيام والليالي - نحن حتى الآن نقاتل في الجبهة بحسابات مضبوطة ولهذا السبب ندفع ثمنا غاليا، ولكن إذا فكر العدو بشن حرب على لبنان عندها فإن قتالنا سيكون من دون سقوف وضوابط، ومن يفكر بالحرب معنا سيندم وستكون مكلفة واذا كنا نداري حتى الآن المصالح اللبنانية فاذا شنت الحرب فإن مقتضى المصالح اللبنانية الوطنية أن نذهب بالحرب إلى الأخير من دون ضوابط. (ملحق رقم 5*- ملخص)
  • امين عام حزب الله (2): أشار إلى أن المعركة التي تخوضها المقاومة على الحدود الجنوبية وعملياتها التي تستهدف جيش العدو الصهيوني على امتداد الحدود مع فلسطين المحتلة تثبّت معادلات الردع مع العدو الصهيوني، واعتبر أننا اليوم في لبنان أمام فرصة تاريخية للتحرير الكامل لكل شبر من أرضنا المحتلة، وأمام فرصة لتثبيت معادلة تمنع العدو من اختراق سيادة بلدنا وهذه الفرصة فتحتها الجبهة اللبنانية من جديد - أكد ان الميدان هو الذي سيردّ على العدوان الصهيوني الأخير على الضاحية الجنوبية لبيروت واغتيال الشهيد صالح العاروري ورفاقه، وأن هذا الرد آت حتمًا ولا نستطيع أن نسكت عن خرق بهذه الخطورة، لأن هذا يعني أن كل لبنان والمدن والشخصيات ستصبح مكشوفة - أقول للمستوطنين الذين يطالبون بالحسم مع حزب الله، هذا خيار خاطئ لكم ولحكومتكم وأول من سيدفع ثمن هذا الخيار الخاطئ هو أنتم.. إذا كنتم فعلا تبحثون عن الحل، الحل هو أن يتوجه مستوطنو الشمال لحكومتهم بوقف العدوان على غزة، وأي خيار آخر لن يجلب لمستوطني الشمال إلا المزيد من التهجير والأثمان الباهظة - لفت نصرالله إلى أن أميركا وحلف "الناتو" اليوم أمام هزيمة استراتيجية كبرى في أوكرانيا، لذلك أميركا لا تريد توسعة الحرب في المنطقة لأنها مشغولة في أولويات أخرى. (ملحق رقم 6*- نص الكلمة)
  • البطريرك بشارة الراعي: نحن لا نريد أن يتحمّل لبنان وشعبه وزر أوطان وشعوب أُخرى، يجب أن نتمسّك بالقرار 1701، وتجنيب لبنان واللبنانيّين بالحكمة وضبط النفس الدخول في حرب إسرائيل على غزّة. فها أهل بلدات الجنوب يعانون من وزر هذه الحرب قتلًا، وتدمير منازل وإتلاف بساتين وتهجيرًا. نحن لا نكفّ عن المطالبة بكلّ إمكانيّتنا ولدى جميع الدول والمراجع الرسميّة بحقّ الشعب الفلسطينيّ بأن يرجع إلى أرضه، ويعيش في دولة خاصّة به. ومعلوم أنّ هذه الوسيلة أجدى من الحرب والقتل والدمار والتهجير والتشتت على الطرقات والجوع والقهر والحرمان. إنّنا نطالب مع كلّ ذوي الإرادات الحسنة إيقاف النار والحرب، والبدء بإيجاد الحلول بالمفاوضات الديبلوماسيّة. ونطالب بعدم توريط البلدات الحدوديّة ولبنان وشعبه في امتداد هذه الحرب. ونذكّر بأنّ قرار الحرب والسلم يعود حصرًا إلى الحكومة بثلثي أعضائها وفقًا للدستور (المادّة 65) نظرًا لخطورة كلّ حرب في عواقبها الوخيمة. (ملحق رقم 7*- عظة)
  • البطريرك بشارة الراعي: نحن بدورنا ندين الحرب وندعو إلى السلام بالتفاوض في كلّ مناسبة. وكذلك بالنسبة إلى حرب إسرائيل على غزّة، وامتدادها إلى جنوب لبنان عن غير رغبة من أي لبنانيّ، ومن الدول الصديقة، لا سيما وأنّ لبنان مصان من الحرب مع إسرائيل بقوّة قرار مجلس الأمن 1701. فيجب على الجميع التقيّد به، منعًا لإمتدادات الحرب إلى لبنان رغمًا عن إرادة اللبنانيّين المحبّين لوطنهم وللسلام في ربوعه. السلام هو ثمرة العدالة. كيف يمكن الكلام عن السلام الداخلي في لبنان، وقد رأينا في هذه الأيّام أنّ مشروع الموازنة ظالـمًا بحقّ الشعب اللبنانيّ، وفقًا لما سمعنا وقرأنا من داخل المجلس النيابيّ. بغياب رئيس الجمهورية يسود الفلتان والمكاسب غير المشروعة التي يجنيها معطّلو انتخاب الرئيس، كما ازياد فقر المواطنين. إنّنا نطالب السادة النواب بالتعاون الوثيق مع لجنة المال والموازنة النيابيّة من أجل تعديل مشروع الموازنة الحكومي والحدّ من أضراره على المواطنين. وهذا واجب وطنيّ، يتيح لمجلس النواب ممارسة المادّة 86 من الدستور، وتجنّب صدور الموازنة على علّاتها بمرسوم وزاريّ. (ملحق رقم 8*- عظة)
  • الميتروبوليت الياس عودة: كم نفتقر إلى مسؤولين يخافون على وطنهم أكثر بكثير مما يخافون على مصلحتهم أو على أنفسهم. معظم الزعماء والمسؤولين عندنا يتجولون محاطين بالمرافقين ولا أدري مما يخافون. عندما يأتي اليوم الذي نرى فيه الزعماء والحكام يسيرون بين الناس دون خوف أو قلق، وعندما يتقلص عدد رجال المواكبة وسيارات المرافقين أو يزول، عندها فقط يكون لبنان قد أصبح في أيد أمينة، يخاف أصحابها على لبنان أكثر مما يخافون على أنفسهم. عندها يكونون قد بنوا بلدا ذا سلطة قوية، تحكم بالحق والعدل، بسلطة القانون، يعرف كل مسؤول فيه ومواطن واجباته، ويقوم بعمله بصدق وأمانة وشفافية، مطبقا القوانين، ومحترما أخاه في الوطن، لا يؤذيه ولا يطعنه ولا يحسده ولا يطلب منه رشوة لإتمام معاملته. كل هذا يحصل متى كان المسؤول مسؤولا بالفعل لا بالقول، قدوة في الوطنية والنزاهة والأمانة والعمل الصامت، يقوم بما هو واجب عليه ولا يقصر أو يعمل لمصلحته، فلا يعود يخشى أحدا بل يكون محبوبا ومحترما. وفي الحديث عن الواجبات، ألم يدرك مجلس النواب أن تقاعسه عن انتخاب رئيس يساهم في تفكك هذا البلد وفي تيئيس المواطنين وتهجيرهم، وفي جعل البلد عرضة للتطاول عليه وانتهاك سيادته كما حصل مؤخرا؟ أليس غياب الدولة سبب ما يحصل من تطاول واستباحة وتجاوزات؟. (ملحق رقم 9*- عظة)

 

  1. في الشأن السوري

في استمرار للهجمات التي تستهدف القوات الأميركية سواء في العراق أو سوريا على خلفية الحرب التي تفجرت في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس، أعلنت مجموعات عراقية مسلحة تنفيذ هجوم جديد وأوضحت تلك الفصائل التي تنشط تحت مسمى "المقاومة في العراق وسوريا" ببيان، يوم الاثنين، أنها نفذت هجوما بالطائرات المسيرة على قاعدة الشدادي الأميركية في سوريا. وكانت تلك الفصائل استهدفت بالطيران المسير قاعدة الرميلان الأميركية في محافظة الحسكة، الأحد، كذلك حاولت في نفس اليوم ضرب قاعدة عين الأسد غرب محافظة الأنبار العراقية.

أمنيا أيضا ومن جانب آخر، وبعدما زادت إسرائيل هجماتها مؤخراً على الجماعات التابعة لإيران في سوريا، حيث صارت بوتيرة يومية، إذ شهدت الأيام الثلاثة الماضية سلسلة أوقعت عشرات الإصابات، غيّرت تلك الجماعات تكتيكها على ما يبدو. فقد أفادت مصادر ميدانية متابعة، الاثنين، بأن فصائل موالية لإيران بدأت تعيد انتشار قواتها في مناطق سيطرتها بعد الضربات الإسرائيلية، وأشارت إلى ان مناطق انتشار تلك الجماعات شهدت استنفارا أمنيا وعسكريا، مع تنفيذ اعتقالات لأشخاص بتهمة العمالة لإسرائيل. كما نقلت عن مصادر مطلعة أن مسلحين اعتقلوا 5 أشخاص في منطقة البوكمال بريف دير الزور الشرقي، كما تم اعتقال شخصين في منطقة مطار النيرب العسكري بتهمة العمالة.

وفي سياق متصل، قتل عناصر من قوات النظام ومسلحون موالون لها جراء هجوم مباغت شنّه عناصر في تنظيم داعش على مواقع عسكرية في عمق البادية في شرق سوريا، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، الثلاثاء. وأشار المرصد إلى تنفيذ خلايا تابعة للتنظيم هجوماً مباغتاً ليل الاثنين، استهدف مواقع لقوات النظام وعناصر الدفاع الوطني في ريف دير الزور الغربي، ما أسفر عن مقتل تسعة منهم وإصابة أكثر من عشرين آخرين بجروح. وقد اندلعت اشتباكات بين الطرفين استمرت حتى الفجر، تمكن خلالها عناصر التنظيم من مصادرة سيارة عسكرية وتدمير ثلاث سيارات أخرى، بحسب المرصد.

إلى ذلك، أعلن الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، أنه نفذ هجوماً على أهداف عسكرية سورية خلال الليل رداً على إطلاق صواريخ في وقت سابق. وقصف الجيش ما وصفها بأنها بنية تحتية للجيش السوري. وكان قد ذكر في وقت متأخر، الاثنين، أن 5 صواريخ أطلقت من الأراضي السورية، وقال إن طائرات حربية قصفت أيضا أهدافا تابعة لحزب الله في لبنان.

وفي وقت سابق الثلاثاء، ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية أن إسرائيل نفذت هجوما جويا من اتجاه الجولان، مستهدفة عددا من النقاط في ريف دمشق، دون اعطاء تفاصيل.

ويوم الخميس، قال المرصد السوري، إن طائرات مسيّرة أطلقتها الجماعة التي تطلق على نفسها اسم "المقاومة الإسلامية في العراق وسوريا"، استهدفت حقل العمر النفطي الذي تتمركز ضمنه قوات أميركية، مما أدى إلى وقوع إصابات، وأوضح أنه بالتزامن مع الهجوم، حلقت طائرات مسيّرة ومروحية تابعة للتحالف الدولي في أجواء القاعدة وشريط نهر الفرات الفاصل بين مناطق الميليشيات الموالية لإيران ومناطق "قوات سوريا الديمقراطية"، كما انتشرت قوات برية في منطقة الشحيل بريف دير الزور الشرقي.

وقد تم رصد تعرض القواعد الأميركية داخل الأراضي السورية منذ 19 أكتوبر 2023، لـ75 هجوما من قبل الفصائل الموالية لإيران، كان للحقل العمر 18 هجوما منها.

في سياق منفصل، أعاد موقع RT الإلكتروني الروسي بالنسخة الإنجليزية تسليط الضوء مجدداً على المقاتلين الأجانب الذين يقاتلون إلى جانب الجيش الروسي في أوكرانيا والذين ينحدرون من عدّة دول حول العالم بينها سوريا، ومع أنه اعترف بوجود مقاتلين ينحدرون من النيجر ومصر وسوريا، بذريعة أنهم "أمميون"، لكن مصادر أخرى بينها منظمة "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة" وصفتهم ضمن تقريرٍ سابق بالمرتزقة باعتبارهم يقاتلون من أجل المال لاسيما أنهم يتقاضون رواتبهم الشهرية بالعملة الصعبة، وهو ما يعد سبباً مغرياً بالنسبة لهم للانخراط في الحرب الروسية ـ الأوكرانية. ويتقاضى كل سوري يقاتل إلى جانب الجيش الروسي مبلغ 1400 دولار أميركي، تدفع لهم في مكانين مختلفين وتوزّع على 800 دولار تسلّم لعائلاتهم في سوريا، و600 دولار تسلم لهم في روسيا، بحسب المنظمة السورية التي تعنى بشؤون حقوق الإنسان داخل البلاد. لكن "المرصد السوري لحقوق الإنسان" ذكر أن رواتبهم الشهرية تبلغ 1000 يورو، وأشار إى ان القوات الروسية في سوريا تستمر بعمليات تدريب المزيد من عناصر الفرقة 25 مهام خاصة التي يقودها اللواء سهيل الحسن الملقب بـ"النمر" الذي يعد رجل موسكو القوي في سوريا والأكثر ثقة بالنسبة إليها.

وفي السياق، قال رامي عبدالرحمن مدير المرصد، إن الفرقة 25 قوات خاصة تقوم بنقل مقاتلين عبر مطار حميميم العسكري بعد تلقي التدريبات المطلوبة، إلى روسيا ثم أوكرانيا للمشاركة في القتال، وأضاف أن أعداد المقاتلين السوريين الذين وصلوا بالفعل إلى الأراضي الأوكرانية تقدر بنحو 2000. لكن رغم ذلك تحدّثت مصادر أخرى عن تسجيل الآلاف لأسمائهم كمجنّدين لصالح روسيا جراء الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها سوريا، ومن المقرر نقلهم إلى روسيا على دفعات.

 

  1. في الشأن الليبي

أعلنت كتيبة "رحبة الدروع تاجوراء" في العاصمة طرابلس، الاثنين، حالة النفير العام، وطلبت من جميع منتسبيها الالتحاق بمقراتها بعد مقتل أحد عناصرها و4 أشخاص آخرين إثر هجوم من طرف "كتيبة الضمان" على أحد مقراتها في تاجوراء، وسط مخاوف من اندلاع اشتباكات ومواجهات جديدة، مع استمرار حالة الجمود السياسي بين قادة البلاد.

في سياق آخر، أغلق محتجون محليّون من إقليم فزان، الثلاثاء، حقل الشرارة النفطي الواقع جنوب غرب ليبيا، احتجاجا على انقطاع الوقود والغاز وضعف الخدمات العامة والأساسية، وتزايد عمليات التهريب، مهدّدين بالتصعيد وإغلاق حقل الفيل في حال عدم تحقيق مطالبهم. وجرّاء إغلاق حقل الشرارة النفطي، من المتوقع أن تخسر ليبيا يوميا حوالي ثلث إنتاجها من النفط، كما سيتكبد الاقتصاد الليبي خسائر مالية يومية، إذ ينتج هذا الحقل 315 ألف برميل يوميا.

في سياق متصل، تفجر جدل وخلاف سياسي واسع بعد إعلان كل من حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس والمؤسسة الوطنية للنفط، اعتزامهما توقيع اتفاقية مع 3 شركات أجنبية نهاية الشهر الجاري، لاستثمار حقل "حمادة النفطي" النفطي، الذي ينتج نحو 8 آلاف برميل يوميا. واعتبر المجلس الأعلى للدولة، الأربعاء في بيان، أن هذا الإجراء يعتبر تفريطا فـي المقدرات العامة، ومثالا صارخا على مخالفة التشريعات الوطنية النافذة، وخرقا واضحا لنصوص الاتفاق السياسي الليبي بالصخيرات، والوثائق الدولية ذات الصلة. فيما حذّر البرلمان حكومة الوحدة الوطنية من توقيع اتفاقية استثمار بالحقل مع ائتلاف شركات يحق لها التصرف في نسبة 40 بالمائة من إنتاج الحقل، معتبرا أنّها ذات طابع سياسي مشبوه. بدورها، اعترضت وزارة النفط على الاتفاقية، وطلبت من أصحاب القرار إعادة النظر في المفاوضات الممهدة لإبرام عقد تطوير الحقل والعمل بتوجيهات الجهات الرقابية والقضائية والأخذ بما قدمته الوزارة في هذا الشأن من رأي فني. وقد ودخلت النيابة العامة على خط هذا الجدل، وطالبت بوقف المفاوضات الممهدة لإبرام عقد تطوير حقل "حمادة النفطي"، حتّى صدور قرار قضائي فاصل في تحقيق انتظام إجراءات التعاقد.

 

  1. في الشأن الاسرائيلي والفلسطيني

في ملف الازمة السياسية التي "وضعت جانبا" بسبب الحرب، ألغت المحكمة العليا في إسرائيل، الاثنين، القانون المثير للجدل الذي أقرته الحكومة اليمينية برئاسة بنيامين نتنياهو، والذي قلص بعض صلاحيات المحكمة العليا وأثار احتجاجات في جميع أنحاء البلاد. وفي قرار المحكمة الذي صدر بأغلبية 8 مقابل 7، صوتت المحكمة بأغلبية ضئيلة لإلغاء قانون تم إقراره في يوليو يمنع القضاة من إلغاء قرارات الحكومة التي يعتبرونها غير معقولة.

يذكر، انه تم تأجيل عملية الإصلاح بعد تنفيذ مسلحي حماس هجومهم في 7 أكتوبر. ولم يتأخر رد حزب الليكود بزعامة نتينياهو، معتبرا قرار المحكمة العليا يتعارض مع إرادة الشعب في الوحدة وخاصة في وقت الحرب. ومن جانبه، اعتبر وزير العدل الاسرائيلي ياريف لافين الذي يقف وراء الإصلاح القانوني، إنه بإصدار الحكم يستولي القضاة على جميع السلطات التي يتم تقسيمها في النظام الديمقراطي بطريقة متوازنة بين السلطات الثلاث، وإنه يحرم ملايين المواطنين من أصواتهم وحقهم الأساسي في أن يكونوا شركاء على قدم المساواة في صنع القرار.

في سياق منفصل، أعلنت وزارة السياحة الإسرائيلية، الخميس، زيادة عدد السائحين الذين زاروا إسرائيل خلال 2023 مقارنة بعام 2022، رغم التراجع في أكتوبر بعد اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، مع استمرار الانخفاض على مدى ما تبقى من العام. وكانت صناعة السياحة تتعافى من الانهيار الناجم عن جائحة كوفيد-19 حتى أكتوبر، لكن عدد السائحين الأجانب شهد تراجعا سريعا بعد عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر.

في ملف الحرب المستمرة منذ  أكتوبر، أبدت إسرائيل انزعاجها من قرار أميركي بسحب حاملة الطائرات "جيرالد فورد" من منطقة الشرق الأوسط، متوجهة إلى مينائها الرئيسي بولاية فرجينيا الأميركية. وأكدت تقارير صحفية مؤخرا أن "جيرالد فورد" ستغادر مع السفن الحربية الأخرى منطقة الشرق الأوسط خلال أيام، مما يعني أن حاملة أميركية واحدة ستبقى في المنطقة هي "دوايت أيزنهاور".

وكانت الولايات المتحدة أرسلت حاملتي الطائرات، واحدة إلى البحر المتوسط والأخرى إلى الخليج، بعد هجوم حماس. وقال تقرير للقناة 12 الإسرائيلية، إنه في الأيام الأخيرة، تقدم مسؤولون إسرائيليون بطلبات للحصول على توضيحات من نظرائهم في الولايات المتحدة بشأن القرار، وبالإضافة إلى ذلك حاول المسؤولون في إسرائيل أيضا إيقافها. ومساء الأربعاء، حاول البيت الأبيض إرسال إشارة طمأنة لإسرائيل، إذ تحدث الرئيس بايدن مع نتنياهو وأكد له أن بلاده ستواصل الحفاظ على وجود كبير في المنطقة.

إلى ذلك، قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي، يوم الأحد، إنه على خلفية الخلافات في مجلس الوزراء الإسرائيلي، سيقاطع عدد من الوزراء جلسة الحكومة اليوم، وأوضحت أن الوزراء بيني غانتس ووزراء الحزب غادي آيزنكوت وهيلي تروبر لن يحضروا جلسة الحكومة، وذلك بعد المواجهة في المجلس الوزاري السياسي والأمني هذا الاسبوع، وأشارت إلى أنه من المتوقع أن يحضر الاجتماع الوزيران جدعون ساعر وشاشا بيطون من حزب الأمل الجديد.

من جانب آخر، وفي استمرار لمسلسل الموت اليومي الذي تشهده غزة جراء الغارات الإسرائيلية، تجدد القصف على جنوب القطاع، حيث أفادت المعلومات الجمعة، بتجدد القصف العنيف على مدينتي رفح وخان يونس جنوبي غزة، كما أشارت إلى اندلاع اشتباكات على محاور التقدم بين الجيش الإسرائيلي ومقاتلي الفصائل الفلسطينية وسط القطاع وفي مدينة خان يونس، وفي مخيم المغازي وسط القطاع، فيما كثفت الزوارق الإسرائيلية قصفها على الشواطئ وسط القطاع، واستهدفت الطائرات الإسرائيلية شرقي خان يونس.

أما الضفة الغربية فلا تزال بدورها تشهد يومياً اعتقالات واقتحامات من قبل الجيش الإسرائيلي، ومنذ تفجر الحرب على غزة اعتقلت القوات الإسرائيلية أكثر من 3 آلاف فلسطيني من الضفة. كما تفاقمت اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين على الفلسطينيين في الضفة الغربية، ما دفع العديد من الدول الأوروبية فضلا عن الولايات المتحدة إلى فرض عقوبات عليهم.

في السياق، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، الأحد، أن حصيلة ضحايا القصف والعمليات البرية الإسرائيلية في قطاع غزة ارتفعت إلى نحو 23 ألف قتيل وأكثر من 58 ألف جريح منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر الماضي. إلى ذلك، ومنذ اندلاع الحرب في قطاع غزة، قتل 327 فلسطينيا على الأقل بنيران الجيش الإسرائيلي أو المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية، وفقا لأرقام وزارة الصحة.

 

  1. 5. في الشأن العراقي

بعد الضربة الأميركية التي استهدفت مقراً للحشد الشعبي شرقي العاصمة بغداد الخميس، مودية بحياة قياديين في حركة النجباء، جددت الحكومة العراقية تمسكها بانسحاب قوات التحالف الدولي من البلاد، وقال رئيس الوزراء العراقي الجمعة، خلال حضوره الحفل التأبيني المقام في الذكرى الرابعة لمقتل أبو مهدي المهندس، نائب رئيس الحشد الشعبي، إن مبررات وجود قوات التحالف على الأراضي العراقية انتهت، مضيفا أن الحكومة ستحدد موعدا لبدء الحوار من خلال اللجنة الثنائية التي شكلت لتحديد ترتيبات انتهاء هذا الوجود، ومشددا على أن التمسك بانسحاب قوات التحالف لا تراجع عنه. كما انتقد السوداني اعتداءات التحالف التي تكررت أكثر من مرة ضد مقار للحشد، وأكد أن الحشد يمثل وجوداً رسمياً تابعاً للدولة وخاضعاً لها وجزءاً لا يتجزأ من القوات المسلحة.

يشار إلى أنه بالتزامن، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في بيان، أن قواتها نفذت ضربة للدفاع عن النفس بالعراق أسفرت عن مقتل أبو تقوى السعيدي القيادي بحركة النجباء المدعومة من إيران والتي تعمل في كل من العراق وسوريا، كما أضافت أن أبو تقوى شارك في التخطيط لهجمات على أفراد من الجيش الأميركي وتنفيذها.

من جانبه، هدد القائد المحلي للحركة أبو عقيل الموسوي بالانتقام من الاميركيين، في حين حمل القيادي في الحشد، هادي العامري، الحكومة العراقية مسؤولية الهجوم، كما اعتبر أن وجود التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة بات يشكل خطراً على أمن وسلامة العراقيين.

في سياق متصل، أعلنت خلية الإعلام الأمني العراقية، الأحد، مقتل أربعة من عناصر تنظيم داعش، من بينهم قيادي في ضربة جوية في محافظة ديالي، وقال الإعلام الأمني إن العمل المشترك من قبل الأجهزة الأمنية والاستخبارية كان له الأثر الكبير في لجم عناصر داعش، محذراً من أن هذه العناصر لن تكون بمأمن في أرض العراق. من جهتها، كانت قيادة العمليات المشتركة في العراق قد قالت في وقت سابق، إن القوات الجوية العراقية استهدفت ثلاثة مواقع لمسلحين من تنظيم داعش في ديالي وحققت إصابات مباشرة.

في الملف الاقتصادي، قالت وزارة النفط العراقية إن شركة غاز الجنوب التابعة لها وشركة غاز الحلفاية المحدودة وقعتا اتفاق عقد استثمار وتطوير ومعالجة الغاز من حقل (نهر بن عمر) بمحافظة البصرة بطاقة 150 مليون قدم مكعبة يوميا قابلة لإضافة 150 مليونا أخرى في المرحلة الثانية. ووفقا لبيان الوزارة، فإن المشروع يسهم في دعم الاقتصاد الوطني من خلال زيادة إنتاج واستثمار ومعالجة الغاز المصاحب للعمليات النفطية وتقليل الاستيراد الخارجي، إلى جانب إنشاء مرفأ لتصدير الغاز السائل والمكثفات في ميناء أم قصر، فضلا عن إيقاف الانبعاثات الضارة والحفاظ على البيئة. وأوضح البيان أن مدة إنجاز المرحلة الأولى هي 36 شهرا وأن العقد بصيغة البناء والتملك والتشغيل ونقل الملكية.

 

  1. 6. في الشأن اليمني

في ملف الازمة السياسية، رحب كبير مستشاري وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية الخاصة علي أصغر خاجي، يوم الاثنين، بالتقدم المحرز في سير مفاوضات السلام اليمنية، وأكد خلال محادثات مع كبير مفاوضي الحوثيين محمد عبد السلام في طهران، استعداد إيران للمساعدة في تقدم هذه المسيرة!

وكان المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ قد أعلن الشهر الماضي توصل أطراف الصراع إلى اتفاق على الالتزام بمجموعة من التدابير تشمل تنفيذ وقف لإطلاق نار يشمل كامل البلاد. كما قال مكتب غروندبرغ إن التدابير تتضمن أيضا الانخراط في استعدادات لاستئناف عملية سياسية جامعة تحت رعاية الأمم المتحدة، مشيرا إلى أنه سيعمل مع الأطراف في المرحلة الراهنة لوضع خارطة طريق برعاية أممية تتضمن هذه الالتزامات وتدعم تنفيذها.

في سياق منفصل، قالت مصادر حكومية ومحلية إن جماعة الحوثي أقدمت على إزالة مبانٍ أثرية وبسطات تجارية حول ساحة باب اليمن في مدينة صنعاء القديمة، وطوقت المكان بسياج معدني، تمهيدا لاستحداث مشروع تجاري حديث في اعتداء جديد على المدينة التاريخية المصنفة على لائحة التراث العالمي. وأقدمت جماعة الحوثي الأيام الماضية، على إزالة بنايات أثرية وبسطات باعة داخل باب اليمن، في مدينة صنعاء التاريخية، وفرضت سياجا على المساحة المستهدفة زعمت أنها تنوي تحسين مدخل المدينة، وذكرت مصادر محلية أن الجماعة تعتزم تنفيذ استثمارات بطريقة حضرية مخالفة لمعايير المدينة التاريخية، على غرار مبان نفذتها سابقا في ذات المدينة، وكانت سبباً رئيساً في وضعها على قائمة الخطر. من جانبه حذر سفير اليمن لدى منظمة اليونسكو محمد جميح، من أن جماعة الحوثي تجهز لإنشاء مشروع استثماري سياحي وبمواصفات مخالفة لطابع المدينة التاريخي، ويضر بمكانتها في التراث العالمي.

وكانت جماعة الحوثي قد هدمت مسجد النهرين في المدينة التاريخية عام 2021 بذريعة انحراف القبلة، غير أن مختصين في هيئة الحفاظ على المدن التاريخية رجحوا في حينه أن وراء الأمر دوافع أخرى، وهو ما أكده بعض مشايخ من الزيدية أنفسهم، مرجعين ذلك إلى صراع عقائدي داخل أحد المذهبين الرئيسين في اليمن.

في الملف الامني، شددت إدارة الرئيس الأميركي على أنه لا ينبغي على الحوثيين توقع تحذير آخر من الولايات المتحدة وحلفائها بسبب هجماتهم على السفن في البحر الأحمر.

ووصفت الولايات المتحدة هجمات الحوثيين في اليمن على السفن التجارية بأنها تهدد الحقوق والحريات الملاحية، وتشكل تحديا يتطلب رداً عالمياً. جاء هذا خلال اجتماع لمجلس الأمن دانت خلاله بريطانيا اعتداءات الحوثيين غير المشروعة وغير المبررة على السفن التجارية في البحر الأحمر، كما دعت كل الأطراف في المنطقة إلى ضبط النفس وتفادي أي تصعيد، مؤكدة أنها لن تتردد في اتخاذ تدابير لمنع تهديد حرية الملاحة في البحر الأحمر إذا دعت الحاجة.

في هذا السياق ووفق تقرير لصحيفة "تلغراف"، تعد الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بيانا مشتركا غير مسبوق يعطي الحوثيين تحذيرا أخيرا لوقف هجماتهم، كما كشف التقرير عن أن أحد الخيارات قيد الدراسة في وزارة الدفاع البريطانية، يتضمن نقل الفرقاطة لانكستر، التي تعمل في منطقة الخليج، إلى البحر الأحمر لتكون مع دياموند. إلى ذلك، أشار كبار مسؤولي الدفاع الأميركيين إلى أن إدارة الرئيس بايدن لن تعلن عن خططها العسكرية مقدما، لكنهما لم يستبعدا احتمال شن ضربات جوية في المستقبل القريب.

هذا وقد أعلنت جماعة الحوثيين في اليمن، الأربعاء، استهداف سفينة متجهة إلى المواني الإسرائيلية، وأضاف بيانها أنها تؤكد استمرارها في منع السفنِ الإسرائيلية أو المتجهة إلى مواني فلسطين المحتلة من الملاحة في البحرين الأحمر والعربي، حتى إدخال ما يحتاجه الإخوة في قطاع غزة من غذاء ودواء!

إلى ذلك، أعلن قائد بالأسطول الأميركي، يوم الخميس، أن قاربا حوثيا مسيرا كان محملا بالمواد الناسفة انفجر في البحر الأحمر، ومبيناً أنه لم يكن قريباً من أي سفن بدرجة كافية لإحداث أي أضرار أو خسائر بشرية، واصفا ذلك بأنه هجوم فاشل. ويوم السبت، أعلنت القيادة المركزية الأميركية إسقاط مسيرة أطلقت من مناطق سيطرة الحوثيين في اليمن قرب سفن تجارية بجنوب البحر الأحمر.

 

  1. 7. في الشأن المصري

في الملفات السياسية، أعلن المتحدث باسم حركة فتح، أن الرئيس الفلسطيني زار مصر، يوم الأحد، وعقد قمة مع الرئيس المصري، مشيرا إلى أن محمود عباس يبحث مع السيسي آخر التطورات في قطاع غزة وسبل وقف الحرب وإطلاق النار وإنهاء العدوان.

وتأتي زيارة أبو مازن لمصر بعد ساعات قليلة من رد الرئاسة الفلسطينية على ما يتم تداوله في إسرائيل من خطط تتعلق بقطاع غزة فيما يسمى اليوم التالي للحرب، حيث أكدت أن موقفها الواضح والثابت هو وقف العدوان على الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية والقدس، وأضافت أنه دون أفق سياسي قائم على الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية وإنهاء الاحتلال، ودون منظمة التحرير الفلسطينية والدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس بمقدساتها كافة، فإن أية خطط تتجاوز ذلك هي خطط مرفوضة جملة وتفصيلا. وكان الرئيس المصري قد أكد، الجمعة، خلال زيارته للكاتدرائية المصرية لتهنئة الأقباط بعيد الميلاد أن العالم يتعرض منذ العام 2020 للعديد من الأزمات والأوضاع الصعبة، مشيرا إلى أن أكثر أزمة حاليا هي ما يحدث في غزة، ومؤكدا أن مصر لها موقف محترم بإدخال المساعدات والسعي لوقف إطلاق النار، مشددا على أن مصر تسعى نحو إيجاد حل جذري للقضية الفلسطينية.

في الملف الاقتصادي، طرحت الحكومة المصرية وثيقة توجهاتها الاقتصادية في البلاد للسنوات الست المقبلة، تتضمن خططها نحو تعديل الأداء الاقتصادي والمشروعات المستقبلية المقترحة. وفي بيان رسمي، أعلن مركز معلومات مجلس الوزراء أنه أعد وثيقة تشمل التوجهات الاستراتيجية المقترحة للاقتصاد المصري خلال السنوات المقبلة تتضمن 8 توجهات استراتيجية حظيت بتوافق آراء الخبراء، وأضاف أن الوثيقة ترسم وتحدد أولويات التحرك على صعيد السياسات بالنسبة للاقتصاد المصري حتى عام 2030 سواءً فيما يتعلق بتوجهات الاقتصاد الكلي، أو التوجهات على مستوى القطاعات الاقتصادية والاجتماعية الداعمة لنهضة الدولة المصرية. وكشف مساعد رئيس الوزراء المصري أن الوثيقة تستهدف تحقيق نمو اقتصادي قوي وشامل ومستدام ومتوازن وداعم لنهضة الدولة المصرية يتراوح ما بين 6% و8%، وسط تركيز أكبر على نوعية النمو الاقتصادي، من خلال تعزيز مساهمة كل من الصادرات والاستثمارات في توليد الناتج، والتركيز على وتيرة نمو اقتصادي داعمة للتشغيل لتوفير ما يتراوح بين 7 إلى 8 ملايين فرصة عمل خلال تلك الفترة.

إلى ذلك، كشفت وثيقة الاستراتيجية الرئاسية 2030، أن مصر تخطط لتشكيل لجنة وزارية عليا لتفاوض مصر مع عدد من الدول/ التحالفات البنكية الدائنة لمبادلة الديون المستحقة لها بحصص ملكية في بعض الشركات المملوكة للدولة بالأسعار العادلة في سياق تنفيذ سياسة الملكية، وأشارت إلى أن الخطة الموضوعة، قد تساهم في تحويل نحو 38% من الديون الخارجية لمصر إلى استثمارات. وفي هذا السياق، كان مسؤول حكومي قد كشف الشهر الماضي، أن مصر وصلت إلى مرحلة متقدمة في المفاوضات بشأن اتفاق برنامج مبادلة الديون مع الصين بقيمة تتراوح بين 100 و120 مليون دولار. تبلغ الديون التنموية لصالح الصين على مصر نحو 1.7 مليار دولار، وهى قروض بفوائد أقل من نظيرتها التجارية ولا تتجاوز 2% على أقصى تقدير، كما بلغت قروض مصر لصالح الصين 8.2 مليار دولار بنهاية مارس 2023، بحسب البنك المركزي المصري. وقد سبق وأن نفذت الحكومة المصرية برنامجا لمبادلة الديون مع كل إيطاليا منذ 2001 وألمانيا منذ 2011 بقيمة 730 مليون دولار لنحو 120 مشروعا تنمويا، بحسب بيان سابق من وزارة التعاون الدولي المصرية خلال أكتوبر الماضي.

في ملف جماعة الاخوان

لا جديد هذا الاسبوع.

أزمة سد النهضة  

مستغلة انشغال مصر بالحرب في غزة والسودان، أعلنت أثيوبيا اتخاذ إجراء جديد بسد النهضة يمهد لبدء الملء الخامس، فقد كشفت صور فضائية التقطت، الخميس، أن إثيوبيا بدأت عملية تعلية سد النهضة عبر الممر الأوسط، وصب الخرسانة بعد تجفيفه. بدوره، أكد الخبير المصري عباس شراقي، أن مياه السد توقفت في التدفق أعلى الممر الأوسط يوم 15 ديسمبر الماضي، حيث جف الممر تماما بعد فتح بوابتي التصريف وفشل عمل التوربينين، وأشار إلى أن مخزون المياه تراجع في بحيرة السد بنحو أكثر من مليار م³ ليصبح إجمالي التخزين حاليا أقل من 40 مليار م³.

يأتي التصرف الإثيوبي الجديد بعد أيام قليلة من فشل مفاوضات الجولة الرابعة بين الدول الثلاث بشأن السد، حيث أعلنت وزارة الموارد المائية والري المصرية انتهاء الاجتماع دون نتائج، نظراً لاستمرار المواقف الإثيوبية ذاتها الرافضة عبر السنوات الماضية للأخذ بأي من الحلول الفنية والقانونية الوسط التي من شأنها تأمين مصالح الدول الثلاث، وتمادي أديش أبابا في التراجع عما تم التوصل له من تفاهمات ملبية لمصالحها المعلنة.

 

  1. 8. في الشأن الخليجي

صعدت أسواق الأسهم في منطقة الخليج، الأحد، اقتداء بارتفاع أسعار النفط في ظل استمرار التوترات الإقليمية التي أججها الصراع بين إسرائيل وحركة حماس. وزادت أسعار النفط، المحفز الرئيسي لأسواق المال في الخليج، 1.51 بالمئة يوم الجمعة، واغلقت العقود الآجلة لخام برنت عند 78.76 دولار للبرميل. وبحث دبلوماسيون أميركيون وأوروبيون كبار الأحد، سبل منع اتساع نطاق حرب غزة في الشرق الأوسط، لكن إراقة الدم المستمرة تظهر الصعوبات التي تواجه هذه المساعي بعد ثلاثة أشهر من بدء الصراع.

وكان المنتدى الاستراتيجي العربي قد كشف عن أن التوقعات الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في 2024، يغلب عليها التفاؤل والإيجابية، حيث تؤكد المؤشرات مواصلة دول هذه المنطقة العمل على تعزيز النمو الاقتصادي، وتراجع التضخم، برغم استمرار حالة عدم اليقين حول تداعيات المخاطر الجيوسياسية الناجمة عن النزاعات في الإقليم والعالم. وأكد جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، أن التوقعات قصيرة المدى لدول مجلس التعاون الخليجي في العام 2024، تحمل الكثير من الإيجابية، نظراً للنمو القوي في قطاعاتها غير النفطية، وذلك رغم أن التوقعات تميل إلى تباطؤ النمو في معظم دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال 2023، قبل أن تعود إلى التحسن بشكل طفيف في 2024، إضافة إلى مؤشرات على وصول التضخم إلى ذروته العام الماضي في معظم دول المنطقة ليعاود الانخفاض بعد ذلك، مع وجود بعض الاختلافات بين الدول.

من جانب آخر، تجاهل قطاع النفط إلى حد كبير الهجمات المتكررة على السفن في البحر الأحمر، لكن بحال تصاعدت التوترات وتعطل مضيق هرمز فمن الموقع أن ترتفع أسعار النفط الخام بشكل كبير، وفقًا للمحللين. وقال رئيس أبحاث النفط في "غولدمان ساكس" دان سترويفن، انه إذا حدث اضطراب في مضيق هرمز لمدة شهر، فسترتفع الأسعار بنسبة 20%. وفي حين يرى بنك "غولدمان ساكس" أن هذا السيناريو غير مرجح، يرى بوب ماكنالي من مجموعة "رابيدان" للطاقة أن هناك خطراً بنسبة 30% في أن يتسع الصراع في الشرق الأوسط إلى إيران ويتسبب في انقطاع مادي لتدفقات النفط في الخليج الفارسي. يتوجه وزير الخارجية الاميركي إلى الشرق الأوسط لمدة أسبوع في محاولة لمنع الحرب بين إسرائيل وحماس من التصاعد إلى صراع أوسع.

في شأن الامارات العربية المتحدة

أعلن النائب العام الإماراتي، السبت، إحالة 84 متهما أغلبهم من أعضاء تنظيم الإخوان المسلمين إلى محكمة أمن الدولة، وذكر تقرير اعلامي أن المتهمين كانوا قد أخفوا هذه الجريمة وأدلتها قبل ضبطهم ومحاكمتهم في القضية رقم (17) لسنة 2013 جزاء أمن الدولة، وأوضح أنه بعد قرابة الستة أشهر من البحث والتحقيق، وكشف تفاصيل الجريمة والأدلة الكافية على ارتكابها، قرر النائب العام إحالة المتهمين إلى المحاكمة العلنية بمحكمة أمن الدولة والتي ما زالت جارية حتى الآن.

يذكر أن الإمارات العربية المتحدة كانت قبل نحو 9 سنوات أدرجت رسميا جماعة الإخوان المسلمين وجماعات محلية تابعة لها على لائحة المنظمات الإرهابية.

في الملف الاقتصادي، أعلن رئيس الوزراء الإماراتي الجمعة، نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بمعدل 5.9% خلال التسعة أشهر الأولى من عام 2023، وقال إن الإمارات جاءت في المركز الأول عالميا في أكثر من 215 مؤشرا تنمويا واقتصاديا وبشريا في التقارير الدولية، وفق وكالة أنباء العالم العربي.

جدير بالذكر أن مصرف الإمارات المركزي رفع توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي الكلي لدولة الإمارات العربية المتحدة في العام المقبل 2024 إلى 5.7% مقارنة بتوقعاته السابقة البالغة 4.3%.

في الشأن السعودي

أظهر مسح، يوم الأربعاء، أن نشاط الأعمال غير النفطية في السعودية نما بقوة في ديسمبر مع ارتفاع الطلبيات الجديدة بأسرع وتيرة في ستة أشهر. وكان الارتفاع الأقوى في قطاع الصناعات التحويلية. وقال نايف الغيث كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، إن هذا النمو مدعوم بارتفاع كبير في نشاط الأعمال والصادرات، يسلط الضوء على مرونة وقوة الاقتصاد غير النفطي.

وفي حين واصلت الشركات إضافة وظائف في ديسمبر، تباطأت وتيرة نمو التوظيف بشكل أكبر، وأظهرت أحدث البيانات الحكومية أن معدل البطالة بين المواطنين السعوديين ارتفع إلى 8.6% في الربع الثالث من 8.3% في الربع الثاني، لكنه لا يزال أقل من 9.9% المسجلة في الفترة نفسها من العام السابق.

في سياق منفصل، قالت وزارة الخارجية السعودية، مساء الأربعاء، إنها تؤكد أهمية جهود المجتمع الدولي لمحاسبة إسرائيل بانتهاك الشرعية الدولية، كما أعربت عن تنديد المملكة ورفضها القاطع للتصريحات المتطرفة لوزيرين في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، اللذين دعيا لتهجير سكان غزة وإعادة احتلال القطاع وبناء المستوطنات.

 

  1. 9. في أزمة تونس

قال معهد الإحصاءات الحكومي في تونس، إن متوسط معدل التضخم بالبلاد ارتفع إلى 9.3% في 2023 مقابل 8.3% في 2022 متأثرا بارتفاع أسعار الغذاء، وأوضح في بيان الجمعة، أن التضخم في ديسمبر على أساس سنوي بلغ 8.1% نزولا من 8.3% في الشهر السابق.

والشهر الماضي، أبقى البنك المركزي التونسي سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير عند 8%، مضيفا أن القرار سيساهم في خفض الضغوط التضخمية بشكل أكبر.

في سياق متصل، سجّلت العائدات السياحية في تونس ارتفاعًا بنسبة 28 بالمئة حتى 20 ديسمبر، مقارنة بالفترة ذاتها من العام 2022، لتبلغ 6.7 مليار دينار (حوالي 2.2 مليار دولار). وأظهرت بيانات نشرها البنك المركزي التونسي، ارتفاع عائدات العمل بشكل طفيف، بنسبة 2.5 بالمئة، لتتجاوز قيمتها 7.3 مليار دينار، وذكر المركزي، أن هذا التحسّن في عائدات السياحة والعمل ساهم في تعزيز ارتفاع إيرادات تونس من العملة الصعبة، التي تحوّلت قيمتها من 22.9 مليار دينار، إلى 26.2 مليار دينار.

وبخصوص خدمة الدين الخارجي، فقد تجاوزت 11.2 مليار دينار، منذ بداية السنة وحتّى 20 ديسمبر 2023، مقابل قيمة 8.5 مليار دينار، خلال الفترة ذاتها من عام 2022، وهو ما مثل زيادة بنسبة 31 بالمئة.

وتتوقع تونس نمو اقتصادها بنسبة 1.2 بالمئة و3 بالمئة خلال عامي 2023 و2024 على الترتيب.

 

  1. 10. في الشأن السوداني

مع اقتراب الحرب في السودان من إكمال شهرها التاسع؛ والهوة الكبيرة في مواقف طرفي القتال، الجيش والدعم السريع؛ تتعقد أفق حل الأزمة التي أدت حتى الآن إلى مقتل أكثر من 12 ألف شخص، وتشرد بسببها قرابة الـ 7 ملايين شخص. وبدت الهوة واضحة بعد التزام قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" في إعلان مبادئ وقعه مع تنسيقية القوى المدنية "تقدم" في العاصمة الاثيوبية الثلاثاء، بوقف العدائيات بشكل فوري وغير مشروط عبر تفاوض مباشر يفضي إلى التزام مماثل من الجيش؛ في حين أعلن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان أمام مجموعة من جنوده في منطقة جبيت العسكرية شرقي السودان أنه لن يتفاوض مع الدعم السريع. وفي الوقت الذي تحرز فيه قوات الدعم السريع تقدما كبيرا على الأرض حيث تمددت في معظم أجزاء وسط السودان خلال الأسابيع الماضية، وتسيطر على أكثر من 80 في المئة من العاصمة الخرطوم وإقليم دارفور وأجزاء كبيرة من إقليم كردفان في غرب البلاد؛ زاد الجيش من وتيرة التحشيد الشعبي الذي يقوده عناصر من النظام السابق الذي حكم السودان ثلاثين عاما قبل أن يطيح به الحراك الشعبي في أبريل 2019.

وكان من المقرر أن يعقد لقاءا مباشرا في الثامن والعشرين ديسمبر الماضي بين البرهان وحميدتي بحسب مخرجات قمة الدول الأعضاء في الهيئة المعنية بالتنمية في أفريقيا "إيغاد" في التاسع من الشهر نفسه، لكن اللقاء تأجل لأسباب وصفتها الايغاد بـ الفنية. وبحسب تصريحات مسؤولين في "إيغاد"، فإن اللقاء سيعقد خلال الأسابيع الأولى من يناير الحالي؛ إلا أن تصريحات البرهان الأخيرة ألقت بظلال من الشكوك حول إمكانية عقد اللقاء في وقت قريب.

إلى ذلك، وبعد تجدد المواجهات العسكرية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، يوم السبت، حول سلاح المدرعات جنوب الخرطوم ومقر القيادة العامة للجيش شرقها وسلاح الإشارة بمدينة بحري، أعلن والي القضارف في السودان، الأحد، تسليح كافة مواطني ولاية القضارف من أجل التصدي لقوات الدعم السريع، وشدد على عدم التفاوض مع الميليشيات المتمردة والأحزاب الداعمة لها والتي لم تدن حتى الانتهاكات الكبرى التي وقعت على المواطن السوداني، وأكد إدانته لكافة الجرائم التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في الخرطوم ومدني وزالنجى وإقليم دارفور.

من جانبها، اعتبرت وزارة الخارجية السودانية، الأحد، أن توقيع قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" اتفاقاً مع مجموعة سياسية مؤيدة له قد يمهد لتقسيم البلاد، وشددت على أن التزام قوات الدعم السريع بإعلان جدة وإخلاء منازل المواطنين هو شرط لبدء محادثات جديدة. كما أكدت وزارة الخارجية السودانية أن قوات الدعم السريع تفرض حصاراً على مناطق سكنية كاملة في الخرطوم.

 

  1. 11. في الشأن الاميركي الداخلي والخارجي

أعلن الرئيس الأميركي في بيان نشره البيت الأبيض، توصل ممثلي الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس إلى اتفاق بشأن إقرار موازنة الحكومة الفيدرالية لعام 2024. وقال بايدن، إن اقتراح التمويل من قبل الحزبين الذي وافق عليه القادة في الكونغرس يجعلنا أقرب إلى منع إغلاق الحكومة غير الضروري وحماية الأولويات الوطنية المهمة، ووفقا له، فإن الميزانية التي خصصها مشروع التمويل تلبي متطلبات البيت الأبيض. ومن جانبه، أعلن رئيس مجلس النواب الأمريكي، مايك جونسون، الموافقة على الموازنة الحكومية لعام 2024 بقيمة نحو 1.6 تريليون دولار، وأضاف أن المبلغ المذكور يتضمن تخصيص 886 مليار دولار لصالح الإنفاق الدفاعي، و704 مليارات دولار لصالح نفقات أخرى. وكان الخلاف بين أعضاء الكونغرس الجمهوريين والإدارة الأمريكية حول قضايا تأمين الحدود الجنوبية وسياسة الهجرة، إذ طالب المشرعون بإجراءات أمنية أكثر صرامة على الحدود مقابل الموافقة على تمويل جديد إلى أوكرانيا، وهو ما طلبه في السابق البيت الأبيض والرئيس بايدن شخصيا.

في الملفات الاقتصادية، دخلت شركتا "تشيسابيك" و"ساوث ويسترن" للطاقة في الولايات المتحدة الأميركية في مباحثات دمج قد ينتج عنها أكبر كيان لإنتاج الغاز في البلاد بقيمة تصل إلى 17 مليار دولار. ويأتي هذا الارتباط المحتمل في الوقت الذي تجتاح فيه موجة من أنشطة الاندماج والاستحواذ قطاع النفط والغاز الأميركي، حيث تتطلع الشركات إلى زيادة الحجم في مساحات الحفر الرئيسية المتضائلة. وكانت شركة إكسون موبيل قد أعلنت في أكتوبر الماضي عن صفقة للاستحواذ على "بيونير للموارد الطبيعية" أكبر شركة منتجة للنفط في ولاية تكساس في صفقة وصلت قيمتها إلى 60 مليار دولار.

من جانب آخر، شهدت مؤشرات الأسهم الأميركية جلسة متقلبة يوم الجمعة، لكنها أغلقت في نهايتها على ارتفاع طفيف في ظل استيعاب المستثمرين لأحدث بيانات الاقتصاد الكلي التي قدمت آراء متناقضة عن الموعد المحتمل لبدء خفض أسعار الفائدة.

إلى ذلك، ارتفع معدّل نمو سوق العمل في الولايات المتحدة بصورة غير متوقعة في ديسمبر 2023، على ما أظهرت بيانات حكومية الجمعة، في ختام عام جيد رغم تشاؤم الأميركيين في شأن اقتصاد بلادهم قبل الانتخابات الرئاسية المرتقبة في نوفمبر. وشهد أكبر اقتصاد في العالم 216 ألف وظيفة إضافية خلال الشهر الأخير من العام 2023، رغم توقعات بتسجيل تباطؤ في نوفمبر، بحسب بيانات وزارة العمل. واستقرّ معدل البطالة عند 3.7%، ليحافظ على مستوى تاريخي منخفض ويخالف التوقعات بتسجيل ارتفاع طفيف.

في ملف الانتخابات الرئاسية، وافقت المحكمة العليا، الجمعة، على تقرير ما إذا كان الرئيس السابق دونالد ترامب مؤهلا لخوض الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في كولورادو أم لا، وهو ما يدفع القضاة إلى دور محوري يمكن أن يغير مسار الانتخابات الرئاسية هذا العام. إلا أن الاستطلاعات أشارت إلى أنه رغم وجود 91 تهمة جنائية ضد الرئيس، فإن العملية السياسية لترامب لا تزال منظمة ومنهجية، كما أن الرئيس السابق يحظى بتأييد ما يقرب من 100 عضو في مجلس النواب، و19 عضوا في مجلس الشيوخ حتى الآن، ما يبرز فعالية استراتيجيته في جذب التأييد. ومن الواضح أن ترامب يستخدم الخوف والمحسوبية في جهوده للحصول على التأييد، إذ يقنع السياسيين من خلال المكالمات الهاتفية، ويستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لممارسة الضغط، كذلك يركّز على الحلفاء القدامى والخصوم المحتملين، كما أن الملياردير الأميركي بات يستعمل استراتيجية تأييد أبعد من التأثير السياسي، تشمل التدخل المباشر في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري.

بالمقابل، أكد بايدن، الجمعة، أن ترامب وأنصاره يتوسّلون العنف السياسي، وقال إن ترامب وأنصاره (من مؤيدي شعار: فلنعد إلى أميركا عظمتها) لا يتبنون العنف السياسي فحسب، بل يستخفون به. وقدّم بايدن الذي يتخلّف عن ترامب في استطلاعات الرأي الأخيرة، منافسه الجمهوري على أنه تهديد للبلاد، واتهمه باستخدام خطاب "ألمانيا النازية"، قائلا إن الرئيس الجمهوري السابق يتحدث عن دماء الأميركيين المسمومة، مستخدما بالضبط الخطاب نفسه الذي استخدم في ألمانيا النازية.

يذكر انه من المقرّر أن يمثل ترامب أمام القضاء في واشنطن في الرابع من مارس بتهمة التآمر لإلغاء نتائج الانتخابات، ويواجه اتهامات بالابتزاز في جورجيا حيث سعى لقلب نتائج الانتخابات في الولاية الجنوبية بعد هزيمته.

 

  1. 12. في الشأن الأوروبي

في الملف الاقتصادي، سجل مؤشر الأسهم القياسي في أوروبا أعلى مستوى في عامين تقريبا الثلاثاء، وسط آمال راسخة لدى المستثمرين في مستهل العام 2024 في أن البنوك المركزية الكبرى من المحتمل أن تتبنى أخيرا تخفيضات أسعار الفائدة، وقادت أسهم قطاع الطاقة المكاسب.

لكن ومع استقبال المستثمرين مجموعة كبيرة من البيانات الاقتصادية العالمية المتضاربة، وذلك في بداية مضطربة للعام الجديد، تكبدت الأسهم الأوروبية أول خسارة أسبوعية في ثمانية أسابيع، الجمعة. وكان قطاعا التجزئة والمواد الكيميائية أكبر الخاسرين بين القطاعات خلال اليوم، وتصدر قطاع التجزئة الخسائر الأسبوعية.

في ملف حرب غزة، اعتبر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الأربعاء، أن على المجتمع الدولي أن يفرض حلا للصراع بين إسرائيل وحركة حماس، لأن الطرفين المتحاربين غير قادرين على التوصل إلى اتفاق، وقال من لشبونة ان باعتقاده أن الجميع قد تعلم خلال السنوات الثلاثين أن الحل يجب أن يفرض من الخارج، لأن الطرفين لن يتمكنا مطلقا من التوصل إلى اتفاق، كما حذر أيضا من أنه إذا لم تنته هذه المأساة قريبا، فقد ينتهي الأمر باشتعال الوضع في الشرق الأوسط بأكمله.

من جانب آخر، اعتبر وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، الأحد، أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يشكل جيشًا مشتركًا ليلعب دورًا في حفظ السلام، ومنع نشوب الصراعات، وأضاف أن التعاون الأوروبي الوثيق في المجال العسكري يمثل أولوية لحزب "إيطاليا إلى الأمام" الذي يتزعمه. وأضاف تاياني، انه في عالم يضم أطرافًا قوية مثل الولايات المتحدة والصين والهند وروسيا، ويموج بأزمات تمتد من الشرق الأوسط إلى منطقة المحيط الهادئ، لا يمكن حماية المواطنين الإيطاليين أو الألمان أو الفرنسيين أو السلوفينيين، إلا من خلال كيان موجود بالفعل وهو الاتحاد الأوروبي، إذا كان الاتحاد يريد أن يصبح حافظ للسلام في العالم، فهو بحاجة إلى جيش أوروبي. هذا شرط مسبق أساسي ليكون هناك سياسة خارجية أوروبية فعالة. إلى ذلك، قال تاياني إن الاتحاد الأوروبي المكون من 27 دولة يجب أن ييسر قيادته، وأن يكون له رئاسة واحدة بدلًا من الهيكل الحالي الذي يتألف من رئيس للمجلس الأوروبي ورئيسة للمفوضية الأوروبية.

على صعيد منفصل، قالت بريطانيا إنها تخطط لإنفاق 300 مليون جنيه إسترليني على برنامج جديد لإنتاج وقود نووي متقدم مناسب للجيل القادم من مفاعلات توليد الطاقة، سعيا لإزاحة روسيا عن دور المورد الدولي الرئيسي. وكانت بريطانيا واحدة من أكثر من 20 دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة وفرنسا وكوريا الجنوبية، التي وقعت في الآونة الأخيرة على تعهد بزيادة القدرة النووية العالمية ثلاث مرات بحلول عام 2050 كجزء من الجهود الدولية لخفض انبعاثات الكربون الضارة بالمناخ. ومثل الدول الأوروبية الأخرى، سعت بريطانيا إلى خفض اعتمادها على روسيا في مجال الطاقة منذ غزت القوات الروسية أوكرانيا في فبراير شباط 2022.

وقالت إدارة أمن الطاقة في بيان إنه من المقرر أن يبدأ تشغيل أول مصنع للإنتاج بحلول أوائل الثلاثينيات من القرن الحالي في شمال غرب إنجلترا. ويعمل الاتحاد الأوروبي وشركة أميركية أيضا على الإنتاج. ورغم معارضة جماعات مدافعة المشروع بسبب المخاطر البيئية، ترى بريطانيا دورا مركزيا لإحياء الطاقة النووية في استراتيجيتها طويلة المدى للطاقة، إذ أطلقت منافسة العام الماضي لتطوير مفاعلات نووية نموذجية صغيرة. والمقصود من هذه المفاعلات أن تكون أسهل وأرخص في الإنتاج، وتجنب التكاليف المرتفعة والتأخير في البناء الذي أدى إلى ركود دام عقودا في توسيع قدرة الطاقة النووية العالمية.

من جانب آخر، أعلن حلف الناتو، الأربعاء، أنه سوف يساعد في شراء ما يصل إلى ألف صاروخ من طراز باتريوت حتى يتمكن الحلفاء من حماية أراضيهم بشكل أفضل في ظل تكثيف روسيا هجومها الجوي على أوكرانيا. وقالت وكالة الدعم والمشتريات التابعة لحلف الناتو إنها ستدعم مجموعة من الدول، منها ألمانيا وهولندا ورومانيا وإسبانيا، في شراء هذه الصواريخ. ووفقا لمصادر الصناعة، يمكن أن تبلغ قيمة العقد حوالي 5.5 مليار دولار، كما من الممكن أن تساعد عملية الشراء الحلفاء على توفير المزيد من أنظمتهم الدفاعية لأوكرانيا. ودون الخوض في تفاصيل، قالت الوكالة إنه من المتوقع أن تستفيد الدول المستخدمة الأخرى من شروط العقد.

أزمة شرق المتوسط

لا تطورات هذا الاسبوع.

 

  1. 13. في الشأن التركي.

أوقفت السلطات التركية الثلاثاء 34 شخصا يشتبه بتجسسهم لصالح الاستخبارات الإسرائيلية. وذكرت التقارير الصحافية أن أجهزة الأمن التركية ما زالت تبحث عن 13 مشتبها بهم آخرين متهمين بالضلوع في تجسس دولي لصالح إسرائيل. وتراجعت العلاقات بين أنقرة وتل أبيب بشكل كبير بسبب الحرب التي تخوضها إسرائيل في غزة ضد حماس. كما أفادت المعلومات بأن هؤلاء أوقفوا خلال عمليات أمنية في ثماني محافظات محيطة باسطنبول، مشيرة إلى أن مهامهم كانت تشمل تنفيذ عمليات خطف واستطلاع.

ويوم الجمعة، أصدرت محكمة تركية أمرا رسميا باعتقال 15 شخصا وترحيل ثمانية آخرين من أصل الـ34 موقوفا الذين يشتبه في صلتهم بجهاز المخابرات الإسرائيلي الموساد، واستهداف الفلسطينيين الذين يعيشون في تركيا.

وفي سياق متصل، قال وزير الخارجية الأميركي، الذي يقوم بجولة جديدة في الشرق الأوسط، السبت، أثناء توقفه في اليونان، إنه ناقش في تركيا وضع غزة في اليوم التالي لانتهاء الحرب، مؤكدا أن واشنطن تريد ضمان عدم اتساع النزاع في المنطقة. في الأثناء، أفاد مصدر دبلوماسي مطلع في أنقرة بأن وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، ناقش مع نظيره الأميركي، خلال اجتماع في اسطنبول، المأساة الإنسانية التي تحدث في غزة، ولفت فيدان الانتباه إلى التهديد الذي تتعرض له المنطقة بأكملها من الأعمال العسكرية المتزايدة لإسرائيل، ودعا إلى وقف فوري لإطلاق النار من أجل ضمان إمدادات المساعدات الإنسانية دون انقطاع إلى المنطقة، بالإضافة إلى ذلك، دعا إلى البدء المبكر للمفاوضات للأزمة على أساس حل الدولتين.

في الملف الاقتصادي، أظهرت بيانات رسمية، اليوم الأربعاء، ارتفاع التضخم في تركيا بنسبة 64.77% على أساس سنوي في ديسمبر، ليواصل مسار الصعود المتوقع استمراره خلال الأشهر المقبلة بعد الزيادة الكبيرة في الحد الأدنى للأجور.

وبعد سنوات من التيسير النقدي، عكس البنك المركزي التركي مساره في يونيو/حزيران ورفع الفائدة بمقدار 3400 نقطة أساس إلى 42.5% بهدف السيطرة على التضخم. ولكن بنهاية العام الماضي، رفعت الحكومة الحد الأدنى للأجور للعام الجديد 49%، في زيادة جاءت أكبر من المتوقع. ويستفيد نحو 7 ملايين شخص من زيادة الحد الأدنى للأجور، ومن المرجح أن تساهم الزيادة في رفع معدلات التضخم خلال الأشهر المقبلة، وفقا لخبراء اقتصاديين.

من جانب آخر، التقت وزيرة التجارة البريطانية كيمي بادينوك بنظيرها التركي عمر بولات خلال زيارة إلى إسطنبول يوم الجمعة، لبحث تعزيز العلاقات قبل الإطلاق المتوقع لمفاوضات بشأن اتفاق جديد للتجارة الحرة في وقت لاحق من العام. واتفقت لندن وأنقرة على أن هناك مجالا لتوسيع نطاق اتفاق التجارة الحرة الحالي بينهما، والذي جرى تمديده عندما غادرت بريطانيا الاتحاد الأوروبي. وتجري بريطانيا محادثات في مرحلة متقدمة مع الهند بشأن اتفاق تجارة حرة جديد، وقالت وزارة التجارة البريطانية إنها ترغب في إحراز تقدم في المحادثات بشأن اتفاقات تجارية تركز على قطاع الخدمات مع سويسرا والمكسيك وكوريا الجنوبية فضلا عن تركيا في عام 2024. كما زارت بادينوك أيضا الخطوط الجوية التركية، التي من المقرر أن تشتري 220 طائرة إيرباص بموجب عقد وصفته الحكومة البريطانية بأنه أحد أكبر صفقات التصدير بالمملكة المتحدة حتى الآن، لأن أجزاء لإيرباص ورولز رويس تصنع لديها.

في سياق منفصل، بعد استعدادات وتخطيطاتٍ استمرت أشهرا، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأحد، عن مرشح حزبه الحاكم "العدالة والتنمية" لانتخابات رئاسة بلدية إسطنبول الكبرى والذي سينافس رئيس بلديتها الحالي أكرم إمام أوغلو الذي ينتمي لحزب "الشعب الجمهوري" المعارض في الانتخابات المحلية التي ستشهدها تركيا يوم 31 مارس المقبل. وتمّ اختيار النائب الحالي في البرلمان التركي والوزير السابق مراد قوروم، كمرشحٍ لرئاسة بلدية إسطنبول التي تحظى بأهميةٍ كبيرة باعتبارها تعد من كبرى بلديات البلاد، من بين 4 شخصياتٍ من الحزب الحاكم كان بينها وزير الداخلية السابق سليمان صويلو. وجاء هذا الاختيار على خلفية قدرات قوروم وخبراته التي يتفوّق فيها على أقرانه الثلاثة باعتباره شغل منصب وزير البيئة والتخطيط العمراني بين عامي 2018 و2023. وخلال عمله كوزير عُرِف قوروم بقربه من الناس، فخلال الزلزال الذي ضرب تركيا في السادس من فبراير من العام الماضي، أشرف شخصياً على بناء المساكن المؤقتة للنازحين جراء تلك الكارثة الطبيعية. وقبل ذلك وضع خططاً للقضاء على المخاوف بشأن زلزالٍ محتملٍ في إسطنبول، وهذه امتيازات قد تزيد من حظوظه في التغلب على أكرم إمام أوغلو في الانتخابات المقبلة.

 

  1. 14. في الشأن الروسي

اتّهم البيت الأبيض، الخميس، كوريا الشمالية بتزويد روسيا بصواريخ باليستية وقاذفات صواريخ استخدمت في الهجمات الأخيرة على أوكرانيا. وأطلقت القوات الروسية صاروخا واحدا على الأقل من الصواريخ التي زودتها بها كوريا الشمالية في 30 كانون الأول/ديسمبر، سقط في حقل مفتوح في منطقة زابوريجيا، وقال الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي ان ذلك يعد تصعيدا كبيرا وخطيرا، فيما لفت إلى أن واشنطن سترفع مع حلفائها المسألة إلى مجلس الأمن الدولي، إذ إن الخطوة تشكّل انتهاكا للعقوبات المفروضة على كوريا الشمالية.

في سياق متصل، قالت وزارة الدفاع الروسية، فجر اليوم السبت، إن الدفاعات الجوية الروسية دمرت 4 صواريخ أوكرانية فوق شبه جزيرة القرم. وفي وقت سابق، أعلن مقر عمليات تشغيل جسر القرم، استئناف حركة مرور المركبات على جسر القرم بعد توقفها لمدة ساعة. وكانت الدفاع الروسية أعلنت مساء الجمعة أن أنظمة الدفاع الجوي الروسية أسقط 5 مسيرات أوكرانية فوق البحر الأسود.

وتعهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عشية عيد الميلاد عند الأرثوذكس بدعم الجنود الذين يحملون السلاح "مدافعين عن مصالح روسيا"، وأمر الحكومة بتقديم دعم أكبر لهؤلاء المقاتلين، داعيا الشعب أيضا إلى الرحمة والعدالة. وأظهرت لقطات للتلفزيون الرسمي الرئيس الروسي وهو يحضر، مع عدد محدود من أفراد عائلات الجنود الذين قُتلوا، قداساً في منتصف الليل في كنيسة صغيرة، بمقر إقامته في نوفو أوجاريوفو قرب موسكو. كما أمر بوتين الذي يستعد لانتخابات في مارس آذار المقبل، والذي بدأ يركز في خطاباته على القيم التقليدية والوحدة، الحكومة بأكملها بتقديم دعم أكبر لأسر الجنود القتلى.

من جانب آخر، تعتزم روسيا إنتاج أكثر من 32 ألف طائرة مسيرة سنويا بحلول عام 2030، كما تخطط لأن يمثل الإنتاج المحلي 70 بالمئة من السوق، على ما أعلن النائب الأول لرئيس الوزراء الروسي، الذي أشار إلى أنه من المخطط أن يصل حجم الإنتاج السنوي للمركبات الجوية غير المأهولة، باستثناء المسيرات التعليمية، إلى 32500 وحدة، لافتا إلى أن هذا العدد يزيد بثلاثة أمثال تقريبا على أحجام الإنتاج الحالية. كما أضاف إن موسكو ستمول مشروع الطائرات المسيرة الوطني بمبلغ 696 مليار روبل (7.66 مليار دولار) بحلول عام 2030، وستنشر المزيد من التفاصيل هذا الشهر.

 

  1. 15. في الشأن الأوكراني

فرض الاتحاد الأوروبي، الأربعاء، عقوبات على شركة تصنيع الماس العملاقة، التي تديرها الحكومة الروسية، ورئيسها التنفيذي، في إطار حظر يطال صادرات الأحجار الكريمة على خلفية الحرب في أوكرانيا. وأدرج التكتل الذي يضم 27 دولة، "ألروسا"، أكبر شركة لتعدين الماس، ورئيسها التنفيذي، بافل مارينيتشيف، على قائمة سوداء تتضمن حظرا على تاشيرات الدخول وتجميد أصول في الاتحاد الأوروبي.

وقال الاتحاد إن الشركة البالغة حصتها 90 بالمئة من انتاج روسيا من الألماس، تمثل جزءا مهما من قطاع اقتصادي يوفر عائدات مهمة للحكومة. وبلغ حجم الصادرات الروسية من الألماس قرابة أربعة مليارات دولار في 2022.

ودخل الحظر الأوروبي حيز التنفيذ في الأول من يناير على صادرات الألماس الطبيعي والصناعي من روسيا، وسيتم حظر الألماس الروسي المصنع في دول ثالثة على مراحل بحلول سبتمبر. وجاء قرار الاتحاد الأوروبي بعد أشهر من مفاوضات شاقة مع دول مجموعة السبع لإنشاء نظام لتعقب الألماس الروسي، وشددت بلجيكا، أكبر مركز في العالم لتجارة الألماس، على ضرورة إقرار النظام لجعل أي حظر فعالا.

من جانب آخر، في أول عملية تبادل رسمية منذ أشهر عدة، قامت كل من روسيا وأوكرانيا بتبادل أسرى حرب في خضم تصاعد الضربات المتبادلة. وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان الأربعاء، إنه إثر عملية تفاوض معقدة، تمت استعادة 248 عسكريا روسيا من الأراضي التي يسيطر عليها نظام كييف، فيما أكد مفوض حقوق الإنسان الأوكراني دميترو لوبينيتس، استعادة 230 جنديا أوكرانيا بالضبط خلال التبادل التاسع والأربعين بين كييف وموسكو منذ بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا في فبراير 2022. وأكدت كييف وموسكو أن التبادل حدث بوساطة دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي شريك مهم لروسيا في العديد من الملفات الإنسانية والاقتصادية وفي قضايا الطاقة. يذكر انه وفي نهاية نوفمبر، اتهم لوبينيتس روسيا بعرقلة أي تبادل لأسرى الحرب، وأسف لكون التبادلات لا تتم لأن روسيا لا تريدها.

ومع بداية العام الجديد، هزت عدة انفجارات قوية العاصمة الأوكرانية صباح الثلاثاء، وأكدت الإدارة العسكرية الأوكرانية أن شظايا من حطام صواريخ روسية تم اعتراضها، سقطت في عدد من مناطق كييف وطال بعضها مباني سكنية. وأعلن قائد الجيش الأوكراني فاليري زالوجني فيما بعد أن روسيا أطلقت 99 صاروخا من أنواع مختلفة على بلاده تمكنت الدفاعات الجوية من إسقاط 72 منها، وأوضح أن القوات الأوكرانية دمرت 72 هدفا جويا، بينها عشرة صواريخ فرط صوتية من طراز كينجال وثلاثة صواريخ من نوع كاليبر بالإضافة إلى 59 صاروخا من طراز "كي اكس-101" و"كي اكس-555" و"كي اكس-55". وأعلن رئيس بلدية العاصمة فيتالي كليتشكو، انقطاع التيار الكهربائي في عدد من مناطقها، وأكد إن امرأة مسنة توفيت في سيارة الإسعاف بعد إصابتها، وكان قد قال في وقت سابق إن الهجمات تسببت في إصابة 16 شخص على الأقل في العاصمة.

وفي خاركيف، قتل شخص وأصيب 20 على الأقل جراء أربع ضربات على الأقل أدت إلى تضرر مبان مؤلفة من طبقات عدة، إضافة إلى بنى تحتية مدنية وسط المدينة، وفق رئيس الإدارة العسكرية أوليغ سينيغوبوف.

وجاء الهجوم الصاروخي في أعقاب هجوم بطائرات مسيرة شنته روسيا قبل ساعات قليلة. وكانت القوات الجوية الأوكرانية إن روسيا أطلقت ما مجموعه 35 طائرة مسيرة هجومية على أوكرانيا في الساعات الأولى من الصباح، وإن أنظمة الدفاع الجوي دمرتها جميعا.

وجاءت هذه الهجمات غداة تأكيد الرئيس الروسي أن روسيا ستكثف ضرباتها على "أهداف عسكرية" في أوكرانيا، ردّا على هجوم أوكراني غير مسبوق على مدينة بيلغورود الروسية.

إلى ذلك، أعلن مسؤولون محليون أن مدينة خيرسون تعرضت يوم الأحد لعدة هجمات، حيث قُصفت من الأجزاء التي تحتلها روسيا عبر نهر دنيبرو. وقال رئيس إدارة المدينة، رومان مروتشكو، إن شخصين قتيلا جراء الهجمات وأصيب عدة أشخاص آخرين.

ومن جانبها، أعلنت القوات الجوية الأوكرانية، أن روسيا أطلقت 28 طائرة مسيرة هجومية وثلاثة صواريخ كروز استهدفت جنوب وشرق أوكرانيا بشكل أساسي، مضيفة أن منظومات الدفاع الجوي دمرت 21 من الطائرات المسيرة، لكنها لم تذكر مصير الصواريخ الثلاثة.

والسبت، قال فاديم فيلاشكين، حاكم الجزء الذي تسيطر عليه أوكرانيا في منطقة دونيتسك، إن ضربة صاروخية روسية أودت بحياة 11 شخصا، منهم خمسة أطفال، وتسببت في إصابة عشرة في مدينة بوكروفسك بشرق أوكرانيا وحولها.

 

  1. 16. في الشأن الايراني

نقلت وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا"، الأحد، عن المدعي العام في كرمان، أن 32 شخصا اعتقلوا على خلفية هجوم كرمان.

وكان تفجيران وقعا قرب مرقد قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني بمحافظة كرمان في الذكرى الرابعة لمقتله يوم الأربعاء الماضي. وأعلن رئيس منظمة الطوارئ الإيرانية السبت، أن حصيلة قتلى الهجوم ارتفعت إلى 91 قتيلا، في حين بلغ إجمالي عدد الضحايا شاملا المصابين 368 شخصا.

وبعدما أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن تفجيري كرمان في إيران، قال مصدران مطلعان على معلومات استخبارية الجمعة، إن اتصالات اعترضتها الولايات المتحدة أكدت ضلوع فرع داعش بأفغانستان في التفجيرين المزدوجين بإيران. واتهم الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الولايات المتحدة وإسرائيل برعاية التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها داعش، وتوعد كل من رئيسي وقائد الحرس الثوري حسين سلامي، خلال تشييع جثامين ضحايا التفجيرين بالانتقام.

وعلى الرغم من ارتفاع وتيرة التوتر الإقليمي وسط مخاوف دولية وإقليمية من توسع الصراع المندلع منذ السابع من أكتوبر الماضي بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، يبدو أن إيران متمسكة بما يعرف بـ"الصبر الاستراتيجي". فبعد الهجومين المتزامنين اللذين ضربا محافظة كرمان جنوب البلاد، واغتيال إسرائيل القيادي في حماس صالح العاروري في الضاحية الجنوبية لبيروت معقل حزب الله، فضلا عن اغتيال رضي موسوي القيادي الكبير بالحرس الثوري في سوريا، الأسبوع الماضي، لا تزال تعليمات المرشد الإيراني علي خامنئي تقضي بالتحلي بالصبر. ولفت مصدران مطلعان إلى أن المرشد أصدر تعليماته للقادة العسكريين باتباع "الصبر الاستراتيجي"، وتجنب إدخال إيران في مواجهة عسكرية مباشرة مع الولايات المتحدة بأي ثمن، كما أشارا إلى أنه أمر الجيش بالحد من الانتقام من العمليات السرية ضد إسرائيل أو هجمات الميليشيات الوكيلة على القواعد الأميركية في سوريا والعراق.

في السياق، ووسط تصاعد التوترات حول ممرات الشحن الرئيسية لاسيما في البحر الأحمر، حيث هاجمت جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران عشرات السفن، لوح الحرس الثوري الإيراني بتحدي التواجد البحري الأميركي على ما يبدو. فقد تعهد القائد العام للحرس الثوري الإيراني حسين سلامي، يوم السبت، بالوصول إلى ما وصفه بالعدو في كل مكان. وخلال مراسم في مدينة بندر عباس الساحلية جنوب الخليج حيث كشفت البحرية التابعة للحرس النقاب عن سفينة جديدة اسمها "أبو مهدي المهندس"، و100 زورق سريع راجم للصواريخ، قال سلامي ان ايران اليوم تواجه معركة شاملة مع العدو، مضيفا انهم بحاجة للدفاع عن مصالحهم الوطنية أينما كانت، وسيتواجدون في نصف القطر القريب أو شبه البعيد.

 

  1. 17. في الشأن الصيني

قال متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية إن بكين ستفرض عقوبات على خمس شركات أميركية للصناعات العسكرية ردا على مبيعات أسلحة لتايوان، وأضاف أن الشركات الخمس هي بي.إيه.إي سيستمز لاند اند أرمامنتس وألاينت تيكسيستمز أوبريشنز وأيروفيرونمنت وفياسات وداتا لينك سولوشنس. وتأتي العقوبات قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تايوان في 13 يناير التي وصفتها الصين بأنها اختيار بين الحرب والسلام. كما قال المتحدث في بيان، إن مبيعات الأسلحة في الآونة الأخيرة تقوض بشدة سيادة الصين ومصالحها الأمنية وتضر بشدة بالسلام والاستقرار في مضيق تايوان، مشيرا إلى أن الصين ستجمد أصول هذه الشركات وستمنع الأفراد والمؤسسات في الصين من التعامل معها.

في سياق منفصل، قالت مصادر إن تجارة النفط بين الصين وإيران توقفت مع قيام طهران بحجب الشحنات ومطالبتها بأسعار أعلى من أكبر عملائها، مما يقلص الإمدادات الرخيصة لأكبر مستورد للخام في العالم. وقد يؤدي انخفاض إمدادات النفط الإيراني، التي تشكل نحو 10% من واردات الصين من الخام وبلغت مستوى قياسيا في أكتوبر، إلى دعم الأسعار العالمية.

 

 

                                      XXXXXXXXXXXXXXXXXXX

 

البيانات والمقالات المرفقة.

  

1*) الراعي

31 كانون الاول 2023

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الاحد في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي عاونه فيه المطارنة: حنا علوان، حنا رحمة ، سيمون فضول، وانطوان طربيه، امين سر البطريرك الاب هادي ضو، رئيس مزار سيدة لبنان_حريصا الاب فادي تابت، ومشاركة عدد من المطارنة والكهنة والراهبات، في حضور النائبين ابراهيم كنعان وزياد الحواط، الوزير السابق ناجي البستاني، مدير العناية الطبية في وزارة الصحة الدكتور جوزيف حلو، القنصل شربل نصار، الأمينة العامة للمؤسسة المارونية للانتشار هيام البستاني، عائلة المرحوم نقولا الياس ابو مراد ، عائلة المرحوم جوزيق الشرتوني، وحشد من الفعاليات والمؤمنين.

بعد الانجيل المقدس القى الراعي عظة بعنوان:"بعد ثلاثة أيّام وجداه في الهيكل" (لو 2: 46)، قال فيها: "في هذا الأحد الذي يلي عيد الميلاد، تحتفل الكنيسة بعيد العائلة المقدّسة: يوسف ومريم ويسوع. وفيها إعتلان لبنوّة يسوع الإلهيّة، ولدخول العائلة المسيحيّة في تصميم الله الخلاصيّ، ولرسالتها الخاصّة كمدرسة طبيعيّة لنموّ أولادها الجسديّ والثقافيّ والروحيّ، ولإدراجهم في حياة الكنيسة هيكلًا وجماعة مؤمنة. هذا ما أوحاه وجود يسوع إبن الإثنتي عشرة سنة في الهيكل، وبقاؤه ثلاثة أيّام بين العلماء (راجع لو 2: 46). نلتقي معًا للإحتفال بهذه الليتورجيا الإلهيّة، ونحن في اليوم الأخير من سنة 2023. فنشكر الله عليها بحلوها ومرّها، ونشكره على كلّ النعم والبركات والخيرات التي أغدقها علينا، وعلى أنّه حفظنا في نعمة الوجود على الرغم ممّا سادها من قتل وعنف وحرب ونزاعات وميتات في غير مكانها. فإذ أرحّب بكم جميعًا، أدعوكم لرفع صلاة الشكر هذه، سائلين الله أن يبارك العام الجديد 2024 ويجعله سنة خير وسلام".

وتابع: "إذ أرحبّ بكم جميعًا، أودّ الترحيب بسيادة أخوينا المطران أنطوان شربل طربيه، راعي أبرشيّة أوستراليا ونيوزيلندا وأوقيانيا المارونيّة، والمطران سيمون فضّول راعي أبرشيّة أفريقيا الغربيّة والوسطى، والزائر الرسوليّ على موارنة أفريقيا الجنوبيّة، وبالوفد المرافق. وأوجّه تحيّة خاصّة إلى عائلة نسيبنا بالمصاهرة المرحوم نقولا الياس أبو مراد، الذي ودّعناه منذ ثلاثة أسابيع مع زوجته وابنه وبناته وسائر أنسبائه. كما نوجّه تحيّةً لعائلة المرحوم جوزف الشرتوني ، الشاعر والأديب والصحافيّ. وقد ودّعناه مع أشقّائه وشقيقتيه وأنسبائه وأهالي شرتون العزيزة. إنّنا نذكره مع المرحوم نقولا في هذه الذبيحة الإلهيّة راجين لهما الراحة في الملكوت السماويّ ولأسرتيهما العزاء. إنّ ذكرى وجود الصبيّ يسوع في هيكل أورشليم وما أحاط بهذا الحدث يكشفان ميزات العائلة المسيحيّة الأربع: الأولى: إنّها كنيسة بيتيّة مصغّرة تعيش الأحداث الليترجيّة المرسومة، لا بحسب أمور الشريعة فقط، بل بداعي مقتضيات الإيمان وإنعاشه وتغذيته. هكذا "كانت عائلة الناصرة تذهب في كلّ سنة في عيد الفصح إلى أورشليم" (لو 2: 41). هذه الزيارة كانت متعبة لأنّها تستدعي مسيرة ثلاثة أيّام. الثانية: إنّها كنيسة بيتيّة تندرج في تصميم الله الخلاصيّ، كما يظهر من جواب يسوع لأبيه وأمّه: "أما تعلمان أنّه ينبغي لي أن أكون في ما هو لأبي؟" (لو 2: 49). بهذا الجواب نشهد ظهورًا إلهيًّا، إذ أعلن إبن الإثني عشرة سنة أنّه "إبن الله"، محدّدًا الفرق بين "أبيه بالطبيعة الإلهيّة" و"أبيه بالشريعة" الذي هو يوسف، وتقول مريم عنه "أبوك". وأعلن أيضًا رسالته الإلهيّة وهي طاعته للآب وتدبيره، وهي فوق كلّ سلطة بشريّة أخرى. الثالثة: أنّها كنيسة تتألّم من أجل المسيح فتكتسب آلامها قيمة فداء. عندما أضاع يسوع أبواه ثلاثة أيّام تألّما ألـمًا شديدًا، وهما يبحثان عنه، وتعذّبهما الأفكار السلبيّة بشأنه: هل خطفه أحد وقتله؟ هل افترسه وحش؟ وسواها من الأفكار المؤلمة. ولـمّا وجداه في هيكل أورشليم بين العلماء فرحا فرحًا عظيمًا وارتياحًا، ولا سيما عندما سمعا باندهاش كلام الحكمة والعلم الصادر عنه. الرابعة: إنّها كنيسة تمتلئ من الحكمة الإلهيّة وتربّي عليها. فمشاركة العائلة المسيحيّة في الليترجيا الإلهيّة أيّام الآحاد والأعياد، تتيح لها أن تسمع كلام الحكمة الإلهيّة وتغتذي منها وتنمّي إيمانها. فالمكان الذي منه يُقرأ كلام الله (نصّ من العهد القديم، رسالة من العهد الجديد، والإنجيل) يُسمّى بالسريانيّة "بيما" أي المكان الذي تُعلن منه كلمات الحكمة الإلهيّة".

أضاف: " على هذا الأساس، عاد يسوع مع أبويه إلى الناصرة، "وكان خاضعًا لهما، وينمو في الحكمة والقامة والنعمة عند الله والناس" (لو 2: 52). أمضى ثلاثين سنة في الحياة العائليّة عاملًا بيديه في حقل النجارة مع أبيه، خاضعًا هكذا لشريعة العمل، وكاسبًا خبزه بعرق الجبين. فقدّس العمل بالقيم الروحيّة والأخلاقيّة التي أتمّه بها، وتقدّس بهذا العمل. وبهذا دعا الجميع إلى التحلّي بالخلقيّة والشفافيّة والتجرّد وطيب السخاء في العطاء، وإلى التحرّر من الفساد والسرقة والإغتناء غير المشروع. وبعد أن امتلأ يسوع روحانيّة وإنسانيّة ومحبّة وحنانًا ورحمة، إنطلق إلى رسالته الخلاصيّة. أنشأ الله العائلة من زواج رجل وامرأة منذ بداية الخلق والتاريخ البشريّ. فكانت العائلة أوّل مجتمع منظّم بشرائع ورسوم منها الموحاة كتابةً، ومنها المكتوبة في صميم الطبيعة البشريّة. وأرادها الخالق مدرسةً طبيعيّةً أولى تربّي على الحبّ النقيّ والعاطفة والإنسانيّة والصدق في قول الحقيقة واحترام الآخر المختلف والإنفتاح على الغير والتربية على البنوّة لله وللأخوّة الإنسانيّة الشاملة، وروح التضامن والتكامل. وتربّي خاصّةً على محبّة الوطن والتفاني في سبيله. هذه العائلة هي في عهدة الكنيسة والدولة والمجتمع، محليًّا وعالميًّا.  لقد أفسدت الخطيئة صورة العائلة وطبيعتها وانسجام حياتها. فنرى الحقد والبغض والكراهية في الأعمال والمواقف والأقوال. ونجد الحروب والنزاعات والقتل والتهجير بسبب غطرسة وكبرياء الممسكين بزمان الحكم، وهم يبعدون الله الخالق ويجلسون مكانه، ويُنصِّبون ذواتهم أسياد الحياة والموت".

وقال: "من هذا المنطلق، لا نستطيع إيجاد كلمات لإدانة حرب إسرائيل المتعجرفة والمتباهية بأسلحتها المتطوّرة الموهوبة لها، على شعب غزّة بأطفالها ونسائها ومسنّيها في بيتوتهم الآمنة والمستشفيات والمساجد والكنائس. وقد فاق عدد القتلى الإثنين وعشرين ألفًا ما عدا آلاف المفقودين تحت الأنقاض. إنّ إله أرباب هذه الحرب هو صنم السلاح والقتل والهدم وإراقة الدماء.والإدانة الكبيرة نوجّهها إلى المجتمع الدوليّ الصامت والخجول أمام هول هذه الحرب الإباديّة المنظّمة، وقتل المدنيّين العزّل المبرمج، وصمتهم إمّا خوفًا، وإمّا خجلًا، وإمّا تأييدًا. ولكن ظنًّا من إسرائيل والمجتمع الدوليّ الصامت أنّ بهذه الحرب تُصفّى القضيّة الفلسطينيّة ويُنتهى من المطالبة بحلّ الدولتين وعودة اللاجئين إلى أرضهم. فإنّهم بالحقيقة مخطئون. فالظلم يولّد ظلمًا، والحرب حربًا. وأمّا العدالة وحقوق الإنسان والشعوب فتأتي عن طريق السلام النابع من الله وقلب الإنسان".

وأردف: "نرفض إمتداد هذه الحرب إلى جنوب لبنان، فيجب إيقافها وحماية اللبنانيّين وبيوتهم وأرزاقهم، فهم لم يخرجوا بعد من نتائج الحرب اللبنانيّة المشؤومة. ونطالب بإزالة أي منصّة صواريخ مزروعة بين المنازل في بلدات الجنوب التي تستوجب ردًّا إسرائيليًّا مدمّرًا. أهذا هو المقصود؟ فليحترم الجميع قرار مجلس الأمن 1701 بكلّ بنوده لخير لبنان. ونأسف للصدامات الثلاث الإعتدائيّة على القوّات الدوليّة في غضون ساعات وعلى التوالي في كلّ من بلدة الرماديّة، وبلدة الطيبة الحدوديّة، وبلدة كفركلا الأماميّة، بهدف الحدّ من تحرّكها. ونوجّه بالمقابل الشكر تكرارًا للدول المشاركة في هذه القوّات الدوليّة لحفظ السلام في الجنوب".

واضاف: " في هذا السياق ندين الحملة التحريضيّة والمسيئة والخارجة عن الأخلاق والحقيقة التي وُجّهت في الأسبوع المنصرم إلى سيادة أخينا المطران موسى الحاج رئيس أساقفة حيفا والأراضي المقدّسة إنّه السادس في سلسة المطارنة الذين تعاقبوا على الأبرشيّة وعرفناهم شخصيّأ وهم البطريرك الكردينال مار بولس بطرس المعوشي، والمطارنة: ميخايل ضوميط ويوسف الخوري ومارون صادر وبولس الصيّاح. ولنا رعايا مارونيّة عديدة في فلسطين المحتلّة. إنّ سيادة المطران موسى الحاج يسير على نهجهم في إدارة الأبرشيّة والحكمة في التعاطي مع سلطة الأمر الواقع. إنّنا نرفض وندين كلّ ما كُتب بحقّه في وسائل التواصل الإجتماعيّ أو قيل كذبًا في محطّات التلفزة والإذاعات، وما سُمّي "إخبارًا" كلّ هذه تمسّ بشخص هذا الأسقف المارونيّ الوقور وكرامته الأسقفيّة وفينا شخصيًّا "كأب ورأس" للكنيسة المارونيّة، وتستوجب الملاحقة القضائيّة لأصحابها المغرضين. ومعلومٌ أنّ سيادة المطران موسى الحاج لم يكن مشاركًا في الزيارة للرئيس الإسرائيليّ، لإنشغاله في مكان آخر في الأبرشيّة. فلو عرف هذه الحقيقة ولم يتجاهلها عمدًا، ذاك المدعوّ "أمين سرّ لقاء مستقلّون من أجل لبنان"، لوفّر على نفسه كتابة مقالته الكاذبة المنشورة في إحدى الصحف، ولإستحقّ الملاحقة القضائيّة بسبب قدح وذمّ مجّانيّ بحقّ أسقف يستحقّ كلّ الكرامة".

وختم الراعي: " إنّ العائلة كمدرسةٍ طبيعيّة تربّي على محبّة الوطن. بالطبع ليس على هذه المحبّة تربّى محبّو الفوضى والنفوذ، وناقضو الدستور، ومعطّلو انتخاب رئيس للجمهوريّة اللبنانيّة، ومعه تعطيل انتظام المؤسّستين الدستوريّتين: المجلس النيابيّ والحكومة وكوادر الإدارات العامّة والقضاء والأجهزة العسكريّة. إلى متى يستمرّ هذا التعطيل؟ يقولون: القضيّة عند الموارنة. هذا غير صحيح، بل القضيّة عند المجلس النيابيّ ورئيسه. فالموارنة يؤمنون بالديمقراطيّة وهي ثقافتهم، ويتقيّدون بمقدّمة الدستور التي تنصّ على أنّ "لبنان جمهوريّة ديمقراطيّة برلمانيّة" (ج)، ويقتضي إنتخابًا ديمقراطيًّا. إنّ المرشّحين الموارنة ممتازون، فلينتخب المجلس النيابيّ واحدًا منهم، إذا كان حقًّا سيّد نفسه! لنصلِّ أيّها الإخوة والأخوات من أجل حماية العائلة وصون دورها التربويّ لمجد الله وتسبيحه: الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".

2*) الراعي

1 كانون الثاني 2024

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس رأس السنة في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، عاونه فيه المطرانان حنا علوان وانطوان عوكر، امين سر البطريرك الاب هادي ضو، في حضور رئيس الرابطة المارونية السفير الدكتور خليل كرم، وحشد من الفاعليات والمؤمنين.

بعد الانجيل المقدس، القى الراعي عظة بعنوان: "ودعي اسمه يسوع" (لو 2: 21)، قال فيها: "تحتفل الكنيسة اليوم بيعيدين: الأوّل ليتورجيّ وهو ختانة يسوع وإطلاق إسمه كما سمّاه الملاك يوم البشارة لمريم، وكشف معناه في الحلم ليوسف خطّيب مريم: "إنّه الله الذي يُخلّص شعبه من خطاياهم" (متى 1: 21). والعيد الثانيّ كنسيّ وهو الإحتفال باليوم العالميّ السابع والخمسين للسلام الذي أسّسه القدّيس البابا بولس السادس سنة 1966. وقد اختاره لليوم الأوّل من شهر كانون الثاني، لأنّه الأوّل في السنة الميلاديّة، ولأنّ يسوع المسيح هو "ملك السلام" (أش 9: 6)، بل "هو سلامنا" (أفسس 2: 14). بتعبير بولس الرسول. إعتاد البابوات توجيه رسالة للمناسبة، فوجّه قداسة البابا فرنسيس رسالته لهذه السنة بعنوان: "الذكاء الإصطناعيّ والسلام". غير أنّنا في لبنان، نحتفل بقدّاس يوم السلام الأحد المقبل. إنّا ننتهز هذه المناسبة لنقدّم تهانينا الحارّة وتمنيّاتنا القلبيّة لكم جمبعًا، ولجميع أبناء كنيستنا المارونيّة في لبنان والشرق الأوسط وبلدان الإنتشار، أساقفة وكهنة ورهبانًا وراهبات ومؤمنين، سائلين الله أن يجعلها سنة سلام وخير وإيقاف الحرب على قطاع غزّة، وانتخاب رئيس لجمهوريّتنا اللبنانيّة، وانتظام الحياة الدستوريّة فيها. الختانة رتبة طقسيّة تُمارس عند الشعب القديم وينظّمها سفر التكوين (تك 17: 10-14)، خضع لها يسوع الطفل، كما يروي إنجيل لوقا: "لـمّا تمّت ثمانية أيّام ليُختن الطفل، دُعي اسمه يسوع" (لو 2: 21)".

وتابع: "لرتبة الختانة ثلاثة أهداف:  الأوّل، الدخول في العهد مع الله، عهد أبوّة الله لشعبه، وعهد بنوّة الشعب لله، على أساس من الأمانة (أحبار 26: 42 و45). الهدف الثاني، الإنتماء إلى شعب الله المختار، لا بالحرف، بل بتطهير القلب فيتمكّن المنتمي إليه من محبّة الله فينال الخلاص. هكذا اقتضت شريعة موسى: "يختن الرب إلهك قلبك، وقلب نسلك، لتحبّه بكلّ قلبك وكلّ نفسك، لكي تحيا" (تثنية 30: 6). وهذا ما أكّده بولس الرسول: "الختان الحقيقي هو ختان القلب العائد إلى الروح، لا إلى حرف الشريعة. ذاك هو الرجل الذي ينال الشفاء من الله، لا من الناس" (روم 2: 28-29). الهدف الثالث، الخضوع لله، وتأدية العبادة له بالروح والحقّ (راجع فيل 3:3؛ يو 4: 24). على هذا الأساس وهذه الأهداف خُتن يوحنّا المعمدان في اليوم الثامن لميلاده، وسُمّي يوحنّا (راجع لوقا 1: 59-63)".

أضاف: "نحتفل اليوم باسم يسوع: "ودعي اسمه يسوع" (لو 2: 21). "يسوع" اسم عبريّ "يشوع"، لفظة مصغّرة ل "يهو-شُوَع" أي "الله هو الخلاص". أمّا اسم "المسيح" بالعبريّة "ماشيحا"، وباليونانيّة "كريستوس"، فيعني "الذي" مسحه الله وكرّسه وأرسله لخلاص البشر. في الثلاثين من عمره، بعد نيل معموديّة يوحنّا وامتلائه من الروح القدس وظهور بنوّته الإلهيّة للآب على نهر الأردن (لو 3: 21-23)، أعلن يسوع مضمون اسمه ورسالته المسيحانيّة بشكل رسميّ في هيكل الناصرة حيث قرأ ذاك السبت: "روح الربّ عليّ، مسحني وأرسلني لأبشّر المساكين، وأعلن للمأسورين تخلية سبيلهم، وللعميان عودة البصر إليهم، وأفرّج عن المظلومين، وأعلن سنة مقبولة عند الربّ" (لو 4: 18). مضامين هذه الرسالة تُختصر بكلمة واحدة هي السلام الذي أنشده الملائكة ليلة ميلاده: "المجد لله في العُلى، وعلى الأرض السلام" (لو 2: 14)،. يتبيّن من هذا النشيد أنّ يسوع إبن الله المولود في بيت لحم هو هذا السلام: فهو إيّاه الممجّد في السماء والمتأنّس سلامًا على هذه الأرض. السلام عطيّة من الله لكلّ مؤمن ومؤمنة، كما قال صريحًا الربّ يسوع: "السلام أستودعكم، سلامي أعطيكم. لا كـما يعطيه العالم، أعطيكم أنا" (يو 14: 27). هذه العطيّة الإلهيّة هي في عهدة كلّ إنسان وكلّ مسؤول: في العائلة والكنيسة والمجتمع والدولة. بميلاد إبن الله على أرضنا سلّمنا عطيّة السلام، لنزرعها في قلوبنا، ونجعلها ثقافةً ننشرها وندافع عنها. يقوم السلام على أربع زوايا مثل أي مبنى: الحقيقة والعدالة والمحبّة وحريّة أبناء الله. فلا سلام حيث الكذب، ولا سلام حيث الظلم، ولا سلام حيث البغض، ولا سلام حيث العبوديّة. ليس السلام شيئًا بالنسبة إلينا، بل هو شخص يسوع المسيح، على ما يقول بولس الرسول: "المسيح سلامنا" (أفسس 2: 14)".

وقال: "بناء السلام أمرٌ مشرّف للغاية، ويرفع صاحبة إلى مرتبة أبناء الله، كما أكّد يسوع في عظة الجبل: "طوبى لصانعي السلام، فإنّهم أبناء الله يُدعون" (متى 5: 9). صنع السلام بطولة وانتصار، أمّا الحرب والنزاعات فضعف وانكسار. فيوصي بولس الرسول مسيحيي روما: "لا تجازوا أحدًا شرًّا بشرّ ... بل احرصوا أن تسالموا، إن أمكن، جميع الناس ... لا يغلبكم الشرّ، بل إغلبوا الشرّ بالخير" (روم 12: 17، 18، 21). هذا هو الدور الطبيعي المعطى للبنان بحكم ثقافته السلاميّة ونظامه السياسيّ المميّز بثلاثة:

أ- ميثاق العيش المشترك في الوحدة (سنة 1943)

هذا الميثاق كرّسه إتّفاق الطائف (1989) بجعل لبنان وطنًا مشتركًا مسيحيًّا-إسلاميًّا، يرتكز على فكرة قبول الآخر وحقّ الآخر بالإختلاف. كرّس الدستور (1990) مبدأ المناصفة بين المسيحيّين والمسلمين، بغضّ النظر عن العدد. قال أحد رؤساء الوزارة السابقين المغفور له رشيد كرامي، عن هذا الميثاق الوطنيّ: "لنعمل لما يُغنيه ولا يُلغيه".

ب- رئيس الجمهوريّة هو "رئيس الدولة" (المادّة 49 من الدستور)

"رئيس الدولة" يعني ضامن المصلحة العامّة (res publica). مهما كان مستوى الإندماج والتضامن بين 18 طائفة في لبنان لا يستقيم من دون رئاسة جمهوريّة. فرئيس الجمهوريّة ضامن الشأن العام، والمصلحة العامّة العابرة لكلّ الإنتماءات الطائفيّة، ليس رئيس عائلة أو فئة أو طائفة، بل رئيس كل الدولة.

ج- حياد لبنان هو هويته الأساسيّة والجوهريّة التي تمكّنه من عيش رسالته في بيئته العربيّة. إنّ حياده عن الصراعات الإقليميّة والدوليّة هو في صلب ميثاق 1943، وميثاق جامعة الدول العربيّة، وسياسة لبنان الخارجيّة الرسميّة منذ 1943، وكلّ قرارات الأمم المتّحدة، وكلّ البيانات الوزاريّة منذ الإستقلال (راجع أنطوان مسرّة: الدولة والعيش معًا في لبنان، صفحة 28-31)".

وأردف: " عدم انتخاب رئيس للجمهوريّة، والتحجّج بأسباب واهية غير مقبولة، وقد سمعنا مؤخّرًا من يشترط لإنتخاب الرئيس وقف النار النهائيّ في غزّة، كلّ هذه تعني القضاء على الميزات الثلاث التي ذكرنا. وهذا أمرٌ مُدان وغير مقبول على الإطلاق. ونكرّر أن من واجب المجلس النيابي، إذا كان سيّد نفسه، أن ينعقد وينتخب رئيسًا للجمهوريّة، فالمرشّحون معروفون وممتازون. أمّا ماذا يُخبّئ المعطّلون، فبات واضحًا من نتيجة الممارسة في ظل هذا الفراغ. نسأل الله أن يغلب نيات الحرب والشرّ والقتل والدمار والتعطيل، بسلامه الذيّ يبقى الأقوى، لأنّ السلام هو أنت يا ربّ. لك المجد والتسبيح، أيّها الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".

3*) عودة

1 كانون الثاني 2024

تــرأس مـتــروبـولـــيـت بــيــروت وتــوابــعـهـا للروم الارثوذكس الــمـطــران الــيـاس عــوده، خــدمـة الــقــداس الإلـهـي فـي كــاتــدرائـيـة الــقــديـس جــاورجـيــوس فـي سـاحـة الــنـجـمـة لــمــنــاســبــة ذكــرى خــتــانــة يـســوع الــمـسـيـح بــالــجــسـد وتــذكـــار أبــيــنــا الـجــلـــيــل فــي الـــقــديــسـيـن بــاســيــلـيــوس الــكــبــيــر ورأس الـسـنـة.

بـعـد قــراءة الإنـجـيـل الــمـقــدس، ألــقـى عوده عـظة، قال فيها: "تُـعَــيِّــدُ الـكـنـيـسـةُ الــيَــوْمَ لِـخِـتـانَـةِ الـرَبِّ يـسـوع بـالـجَـسَـد، وللـقـديس بـاسـيـلـيـوس الـكـبـيـر. أمّـا الـعـالَـمُ فَـيَـحْـتَــفِــلُ بــبِـدايَـةِ سـنـةٍ جـديـدةٍ نـسـألُ الله أنْ تَـكـونَ مُـبـارَكَـةً وتَـحـمِـلَ لـنـا الـسـلامَ والـخـيـرَ والـطُـمـأنـيـنـة. في الــيَــوْمِ الــثَّــامِــنِ بَــعْــدَ مــيــلادِه تَــمَّــمَ يسـوعُ نـامـوسَ الـعَـهْــدِ الـقَـديمِ الـيَـهـودِيّ، لأنّه وُلِـدَ وعـاشَ فـي تِــلْــكَ الــبــيــئَــةِ وحَــفِــظَ قَــوانِــيــنَـهــا وعــاداتِـهـا. الــمَــســيــحُ لَــمْ يَــأتِ لِــيَــنْــقُــضَ الــنَّــامــوسَ بَـل لِــيُــكَــمِّــلَــهُ، لِـذا ارْتَــضــى أَنْ يَــقْــبَــلَ الـخِــتـانَ مُــؤَكِّــدًا عـلى اتـخـاذِه الــطَّــبــيــعَــةَ الــبَــشَــرِيَّــة. لَــقَــد ارْتَــبَــطَ الــخِــتــانُ بِــالــصَّــلاحِ والــتَّــقــوى وطــاعَــةِ الــنَّــامــوس، وهُــوَ يُــشــيــرُ إلــى الــيَـهـودِيِّ الـطَّـاهِــر. وكُــلُّ إِنْــســانٍ غَــيْــرِ مُــخْــتَــتِــنٍ كــانَ يُــعْــتَــبَــرُ نَــجِــسًــا أو غَــيْــرَ طــاهِــر".

أضاف: "الــخِــتـانُ وعَــدَمُــهُ هُــمــا مَــفــهــومــانِ ومــمــارَسَــتــانِ مُــتَــنــاقِــضَــتــانِ اعْـتَـمَـدَ الأُولــى الــيَــهــودُ والــثَّــانِــيَــةَ الأُمَــمُ الــوَثَــنِــيَّــة. طَــقْــسُ الــخِــتــانِ كــانَ جُــرْحًــا مُــؤلِــمًــا ويــســبِّـــبُ الــنَّــزفَ، خُــصــوصًــا بِــالــطَّــريــقَــةِ الَّــتــي كــانَ يَــتِــمُّ بِــهــا فــي تِــلْــكَ الأَيَّــام. كَــلِــمَــةُ اللهِ لإِبــراهــيــمَ الَّــتــي بِــهــا تَــأَسَّــسَ الــخِــتــانُ تُــظْــهِــرُ الــسَّــبَـــبَ الأَســاسِــيَّ لَــهُ: «يَــكــونُ (الــخِــتــانُ) عَــلامَــةَ عَــهْــدٍ بَــيــنــي وبَــيْــنَــكُــم» (تــك 17: 11). هَــذا يَــعــنــي أنّ الــخِــتــانَ كــانَ اتِّــفــاقًــا بَــيْــنَ اللهِ وشَــعْــبِــهِ الــخــاصّ، عَــهْــدًا ثُــبِّــتَ بِــالــدَّم. أَمَّــا فــي الــعَــهْــدِ الــجَــديــدِ فَــقَــدْ ثُــبِّــتَ اتِّــفــاقُ اللهِ مَــعَ الــبَــشَــرِ بِــدَمِ الــمَــســيــح. بِــحَــسَــبِ الآبــاء، لَــمْ يَــكُــن الــخِــتــانُ عَــهْــدًا، بَــلْ كــانَ عَــلامَــةً عــلــى الــعَــهْــدِ والإتِّــفــاق. يَــقــولُ الــقِــدِّيــسُ إبــيـفــانـيـوس إِنَّ الـخِــتـانَ كـانَ بِـمـثـابَـةِ خَــتْــمٍ عــلــى أَجْــســادِ شَــعْـــبِ الله، يُــذَكِّــرُهُــم ويَــضــبُــطُــهُــم لِــيَــبــقُــوا عــلى «إيــمـانِ آبـائِــهِـم». لَــقَــدْ كــانَ الــخِــتــانُ تَــهــيِــئَــةً لــلــمَــعــمــودِيَّــةِ الَّــتــي سَــتُــمْــنَــحُ فــي الــوَقْــتِ الــمُــنــاسِــبِ مِــنْ خِــلالِ تَــجَــسُّــدِ ابْــنِ اللهِ وكَــلِــمَــتِــه، إِذْ إِنَّ الــمَــعْــمــودِيَّــةَ فــي الــحَــقــيــقَــةِ هِــيَ خِــتــانُ الــقَــلْــب".

وتابع: "لَــقَــدْ خَــضَــعَ الــمَــســيــحُ لِــلــخِــتــانِ لأَنَّــهُ هُــوَ نَــفْــسُـهُ مُــعْــطـي الـنَّـامـوس في الــعَـهْــدِ الـقَـديـم، وقــد احــتَــرَمَ الــنَّــامــوسَ ولَــمْ يَــنْــقُــضْــهُ، بَــلْ جــاءَ لِــيَــحْــفَــظَــهُ، لا بَــلْ لِــيَــرْفَــعَــه. قَــبِــلَ الــمَــســيــحُ الــخِــتــانَ لِــكَــيْ يُــظْــهِــرَ أَنَّــهُ اتَّــخَــذَ طَــبــيــعَــةً بَــشَــرِيَّــةً حَــقــيــقــيَّــة، وهَــذا أَمْــرٌ مُــهِــمٌّ جِــدًّا، لأنَّ هَــرْطَــقَــةً ظَــهَــرَتْ فــي الــقُــرونِ الأُولــى تَــدَّعــي أَنَّ الــمَــســيــحَ لَــمْ يَــتَّــخِــذْ الــطَّــبــيــعَــةَ الــبَــشَــرِيَّــةَ الــحَــقــيــقــيَّــةَ ولا جَــسَــدًا بَــشَــرِيًّــا حَــقــيــقــيًّـا، بَــلْ كــانَ جَــسَــدُهُ ظــاهِــرِيًّــا خَــيــالِــيًّــا. هــذا أدّى إلــى الإســتِــنْــتــاجِ بِــأَنَّ الــمَــســيــحَ لَــمْ يُــصْــلَــبْ. يــأتــي تَــذكــارُ خِــتــانَــةِ الــمَــســيــحِ بَــيْــنَ عــيــدَيْ الــتَّــجَــسُّــدِ والــظُّــهــورِ الإِلَــهِــيَّــيــن، كَــمــا يُــعَــلِّــمُ الــقِــدِّيــسُ إبــيــفــانــيــوس، لأنَّ خِــتــانَ الــجَــسَــدِ حَــضَّــرَ الإِنــســانَ وخَــدَمَــهُ إلــى حــيــنِ الــمَــعــمــودِيَّــةِ الَّــتــي هِــيَ الــخِــتــانُ الأَعــظَــم، لأَنَّــنــا نَــتَــحَــرَّرُ بـواسِـطَـتِـهـا مِــنَ الــخَــطــايــا ونُــخْــتَــمُ بِــاسْــمِ الله، أَيْ نُــصْــبِــحُ مُــنْــتَــمِــيــنَ لَــهُ. يَــقــولُ الــقِــدِّيــسُ يــوحَــنَّــا الــذَّهَــبِــيُّ الــفَــم إِنَّ خِــتــانَ الــجَــسَــدِ فَــصَــلَ الــيَــهــودَ عَــن الأُمَــم، أمّـا الــمَــعــمــودِيَّــةُ الــمُــقَــدَّسَــةُ فَــيَــتَــمَــيَّــزُ مِــنْ خِــلالِــهــا الــمُــؤمِــنــونَ عَــنْ سِــواهُــم".

وتابع: "لَــمْ يُــطِــعْ الــمَــســيــحُ الــنَّــامــوسَ فَــقَــط، بَــلْ نَــسْــمَــعُ فــي إِنْــجــيــلِ الــيَــوْم أَنَّــهُ نَــزَلَ مَــعَ أُمِّــهِ ويُــوسُــفَ إلــى الــنَّــاصِــرَةِ وكــانَ خــاضِــعًــا لَــهُــمــا، ثُــمَّ نَــسْــمَــعُ أَنَّــهُ «كــانَ يَــتَــقَــدَّمُ فــي الــحِــكْــمَــةِ والــسِّــنِّ والــنِّــعْــمَــةِ عِــنْــدَ اللهِ والــنَّــاس». إنَّ الــطَّــاعَــةَ أَســاسٌ لِــلــحِــكْــمَــةِ والــنِّــعْــمَــة. كَــثــيــرًا مــا نَــسْــمَــعُ فــي زَمَــنِــنــا عَــنْ أَولادٍ يُــهــيــنــونَ أَهْــلَــهُــم بــســبــبِ مُــلاحَــظَــةٍ تَــكــونُ لِــبُـــنْــيــانِــهِــم، أَوْ يَــشْــتَــكــونَ عــلــى أَســاتِــذَتِــهِــم إِذا أَبْــدُوا تُــجــاهَــهُــم قَــسْــوَةَ الــمُــرَبِّــي مِــنْ أَجْــلِ إِفــادَتِــهِــم، لأنَّ مُـعـظـمَ الـمُـجْـتَــمَــعــاتِ تَــضْــرِبُ عَــرْضَ الــحــائِــطِ بِــالــقِــيَــمِ الأخـلاقـيَّـةِ والــتَّــربَــوِيَّــةِ، فــاتِــحَــةً مَــجــالَ الـحُـرِّيـةِ الـمُـطْـلَـقَـةِ أَمــامَ الأَوْلادِ قَـبْـلَ أنْ تُـنْـشِـئَـهـم عـلـى احـتـرامِ الــقِــيَـمِ ومَـبـادئِ الـمَـحـبَّـةِ والأُخُـوَّةِ والـتَـضـحِــيَـةِ والـتَـسـامُـحِ وقُـبـولِ الآخَـرِ واحـتِـرامِـه. كـذلـك نُــعــايِــنُ مــا يَــحْــدُثُ حَــوْلَــنــا مِـنْ جُـنـونٍ في قـيـادَةِ الـدرَّاجـاتِ الـنـاريَّـةِ الـتـي لا يَـحـتَـرِمُ سائِـقـوهـا لا الـبَـشَـرَ ولا الـقـوانـيـن، ومِــنْ حَــوادِثِ سَــيْــرٍ تُــودي بِــحَــيــاةِ الــشَّــبــابِ والــشَّــابَّــاتِ، بِــسَــبَــبِ عَــدَمِ طــاعَــتِــهِــم لأَهْــلِــهِــم وعَـدَمِ احـتـرامِ قَــوانــيــنِ الــسَّــيْــرِ، والــقـيـادَةِ بِــتَـهَــوُّرٍ، أو الـتَــلَـهّــي بِــهَــواتِــفِــهِــم الــمَــحـمــولَـة، غَــيْــرَ آبِــهــيــنَ بِــأَرواحِــهِــم وبِــأَرواحِ الآخَــريــن، وغَــيْــرَ حــاسِــبــيــنَ لِــحُــزْنِ ذَويــهِــم عــلــى فُــقْــدانِــهِــم حِــســابًــا، لأنَّـهـم لم يُـدرِكـوا حُـدودَ حُـرِّيَــتِـهـم ولا قـيـمَـةَ الـحـيـاةِ الـمَـمْـنـوحَـةِ لـهـم. عَــدَمُ الــطَّــاعَــةِ يُــؤَدِّي إلــى الأَنــانِــيَّــة، بَــيْــنَــمــا الــطَّــاعَــةُ الَّــتــي عَــلَّــمَــنــا إِيَّــاهــا الــرَّبُّ يَــســوعُ تُــظْــهِــرُ الــمَــحَــبَّــةَ الــكــامِــلَــةَ، هُــوَ الَّــذي أَطــاعَ الآبَ حَــتَّــى مَــوْتِ الــصَّــلــيــب، لِــكَــيْ يُــعْــتِــقَــنــا مِــنْ آثــامِــنــا، لأَنَّــهُ هَــكَــذا أَحَــبَّــنــا فَــبَــذَلَ نَــفْــسَــهُ مِــنْ أَجْــلِــنــا، بَــعْــدَ أَنْ تَــجَــسَّــدَ وخَــضَــعَ لِــنَــوامــيــسِ الــطَّــبــيــعَــة".

وقال: "هــا نَــحــنُ نَــدْخُــلُ عــامًــا أرضِــيًّــا جَــديــدًا، بَــعْــدَمــا وَدَّعْــنــا سَــنَــةً دَمَــوِيَّــةً شَــهِــدْنــا خِـلالَـهـا الــكَــثــيــرَ مِــنَ الأَحــداثِ الــمُــؤلِــمَــة عــلــى صَــعــيــدِ الــوَطَــنِ والـعــالَـم. أَمَّــا الــطَّـامَــةُ الـكُــبْــرى فــي هَــذا الــبَــلَــدِ فَــهِــيَ الإعــتــيــادُ عــلــى الــفَــراغِ في مَـوْقِـعِ الـرِئـاسـةِ، الَّــذي يَــتَــأَصَّــلُ عــامًــا بَــعْــدَ عــامٍ، وغــيــابُ مَــســؤولٍ مُــطــيــعٍ لِــدُســتــورِ بِــلادِهِ يَــقِــفُ عَــكْــسَ الــتَّــيَّــارِ الــسَّــائِــدِ، ويُــعــلــي الــصَّــوْتَ داعِــيًــا إلــى صَــوْنِ الــقــانــونِ واحــتــرامِ الــدســـتــور. عَــدَمُ تَـطْـبــيـقِ دُســتـورِ الــبَــلَــدِ أَصْــبَـحَ دُســتــورًا بِــذاتِــهِ، كَــرَّسَــتْــهُ بَــعْــضُ الــجَــمــاعــاتِ الــمُــنْــتَــمِــيَــةِ جَــسَــدِيًّــا فَــقَــط إلــى هَــذِهِ الأَرْض، بَــيْــنَــمــا عُــقــولُــهــا وقُــلــوبُــهــا ومَــصــالِــحُــهــا مُــتَــعَــلِّــقَــةٌ بِــرايــاتٍ تُــرَفْــرِفُ خــارِجَ رُبــوعِ وَطَــنٍ جَــرَّحَــتْــهُ الإنْــقِــســامــاتُ، ونَــهَــشَــتْــهُ الــمَــطــامِــعُ، وسَــوَّدَتْ صَــفْــحَــتَــهُ أَســمــاءٌ ووجــوهٌ مــا عــادَ الــلُّــبــنــانِــيُّــونَ يَــرغَــبــونَ فــي رؤيَــتِــهــا أَوْ يَــقْــبَــلــونَ بِــتَــمْــثــيــلِــهــا لـهـم. أمَــلُـنـا أنْ يَــكــونَ الــعــامُ 2024 عــامَ خَــلاصِ لُــبْــنــانَ مِــنْ جَــمــيــعِ جِــراحِــهِ ونُــدوبِــه، وعــامَ فَــتْــحِ مُــجَــلَّــدٍ جَــديــدٍ فـي تــاريــخِــهِ، لا يَــحْــتَــوي إِلَّا عــلــى سِــيَــرِ مُــحِــبِّــي هــذا الــبــلــد، والــعــامِــلــيــنَ مِــنْ أَجْــلِ صَــوْنِ كُــلِّ ذَرَّةٍ مِــنْ تُــرابِــه وكــلِّ مــادةٍ مِــنْ دســتــورِه وكُـلِّ فَــرْدٍ مِـنْ شَـعــبِـه".

وأضاف: "يُــقــال إنَّ الــقُــدرةَ تَـكْــمُــنُ فــي الإرادةِ وهــذا صَـحـيـحٌ لأنَّ الإنـسـانَ الــذي يَــنْــوي أو يُـقَــرِّرُ عَــمَــلَ شــيءٍ لا بُـدَّ مِـنْ أنْ يَـسـتـطــيعَ الـقــيـامَ بـه. فــعــنــدمــا أرادَ مــجــلــسُ الــنــوابِ تَــمــديــدَ مُــدَّةِ خِــدْمـةِ قـائــدِ الـجــيــشِ حِــفــاظــاً عـلـى الـمُـؤسَـسـةِ الـعَـسْـكَـرِيَّـةِ، وعلى الإســتِــقــرارِ الأمــنـيّ، اجــتــمــعَ وصَــوَّتَ ونَــجَـحَ فـي مـا أراد. فَــلِــمَ لا يُــقــرِّرُ هــذا الــمــجــلــسُ انــتــخــابَ رئــيــسٍ، ويــجــتــمــعُ ويَــنْــتَــخِــبُ رئــيــســاً لــلــبــلادِ مِــنْ أجــلِ اســتــقــرارِ الــبــلــدِ بــكــامِــلِــه، ومــن أجــلِ مَــلْءِ كُــلِّ شُـغــورٍ وتَــسْــيــيــرِ عَــمَــلِ كُــلِّ إدارة؟ هــذا يَــعْــنـي أنْ لا إرادةَ فــي ذلــك وإلاّ لــكــانَ لــنــا رئــيــسٌ مــنــذُ أكــثــرَ مِــنْ سَـنَة، في الـمَـوعِـدِ الـذي يُـحـدِّدُه الـدسـتـور، يَـحْــفَـظُ الإســتــقــرارَ الــســيــاســيّ. فَــعـِـوَضَ الــلُــجــوءِ إلــى حُــلــولٍ مُــجْــتَــزَأةٍ أو مُـؤقَّــتَــةٍ يُــهْــرَعُ إلــيــهــا عِــنْــدَ كُـلِّ شُـغــورٍ في مَـركـزٍ أو إدارة، ألـيسَ مِـنَ الـحـكـمــةِ انـتخابُ رئـيـسٍ لـلـبلادِ تَــكْـتَـمِـلُ مَـعَـه كُـلُّ الـنَـواقِـص؟".

وختم: "نُــصَــلِّــي الــيَــوْمَ مِــنْ أَجْــلِ أَنْ يَــكــونَ الــعــامُ الــجَــديــدُ عــامَ خَــيْــرٍ وسَــلامٍ وبَــرَكــة، يَـحْـمِــلُ مَــعَــهُ الأَمَــلَ والــصِّــحَّــةَ والــفَــرَحَ لِــلــجَــمــيــع. نُــصَــلِّــي كَــيْ يَــمْــنَــحَــنــا الــرَّبُّ نِــعَــمَــهُ لـكـي نَــعْــرِفَ كَــيْــفَ نُـحـافِــظُ عــلــى أَنْــفُــسِــنــا بَــعــيــدًا عَــنِ الــخَــطــيــئَــة، وعـلى بَــلَـدِنـا بَــعــيـدًا عَــنِ الأذى. كما نُـصَـلّي مِنْ أجـلِ إخْـوتِـنـا في الـقُـرى الـجـنـوبـيـةِ وفي فـلـسـطـيـن الذين ما زالـوا تحتَ الـقـصـفِ واللاإنـسـانـيـة، سائلين لهم السلام. وفي هـذا الـعــيـدِ لا يُــمْـكِــنُـنـا ألاّ نَــتَـذَكّــرَ ضـحـايـا تَــفــجــيــرِ مَــرفــأِ بــيــروت وذَويــهــم، وجــمــيــعَ الــذيــن أُصــيــبــوا فــي أجــســادِهــم أو مُــمْــتَــلَــكـاتِـهـم، ولـم يَـحْـصَـلـوا بَــعْــدُ عــلــى الــعــدالــةِ الـواجِـبَـةِ تُـجـاهَــهُـم وتُـجـاهَ بــيــروت، لأنَّ الــســلــطــةَ الســيـاسـيَّـةَ وسُــلـطـةَ الأحـزابِ والـزعـاماتِ أقـوى مِنْ سُــلــطَــةِ الــقــضــاءِ الــمَــقْــمــوعِ مِــنْــهــا، الــذي لــم يَــتَـمَـكَّـنْ مِـنْ اسـتِـكْـمالِ الـتَـحـقــيـقِ وفَــرْضِ العــدالة. بــارَكَ اللهُ أَيَّــامَــكُــم جــاعِــلًا إِيَّــاهــا أَيَّــامَ تَــوبَــةٍ وخَــلاصٍ وتَــذَوُّقًــا مُــســبَــقًــا لـلـمَـلَـكـوت، آمــيــن".

4*) المطارنة الموارنة

4 كانون الثاني 2024

عقد المطارنة الموارنة إجتماعهم الشهري، في الصرح البطريركي في بكركي، برئاسة البطريرك  مار بشارة بطرس الراعي، ومُشارَكة الرؤساء العامين للرهبانيات المارونية وتدارسوا شؤونًا كنسية ووطنية. وفي ختام الاجتماع اصدروا بيانا تلاه النائب البطريركي  المطران انطوان عوكر، وجاء فيه:

1- يدعو الآباء السادة النوّاب، تكرارًا، إلى الوفاء بالاستحقاق الدستوري المُلزِم والقاضي بانتخابِ رئيسٍ جديد للجمهورية، توفيرًا على البلاد مزيدًا من الإنهيارات ومن عدم الإستقرار.

2- يُعبِّر الآباء عن استنكارهم الشديد لما يتعرّض له قطاع غزة والضفة الغربية من تقتيلٍ وتدميرٍ وتنكيلٍ على يد الجيش الإسرائيلي والمستوطنين الإسرائيليين، يُصيب المدنيين قبل سواهم. ويدعون مع كلّ أصحاب الضمائر الحيّة في العالم، إلى وقفٍ نهائي لإطلاق النار، تمهيدًا لبدءِ مفاوضاتٍ بين الأطراف المعنيين، على قاعدة حل الدولتين.

3- كما يتخوّف الآباء من مآل التصعيد الميداني في جنوب لبنان، الذي خلّف ضحايا وجرحى بين الأهالي ودمارًا كبيرًا في عددٍ من القرى والبلدات، فضلاً عن إحراقِ أحراجٍ وبساتين بالقنابل الفوسفورية، وقد بلغ هذا التصعيد بالأمس الضاحية الجنوبيّة لبيروت.

4- يُذكِّر الآباء بأن زيارة غبطته مع غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان وعدد من الأساقفة باسم مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان الى مدينة صور، مدخل المنطقة الحدودية، إنما كانت للتضامن مع أهالي الجنوب في هذه المحنة،  وللتأكيد على حيوية العيش المُشترَك وضرورته الوطنية، ولمُناشَدة المعنيين المحليين وأصدقاء لبنان في العالم الإسهام بفعاليةٍ في تنفيذ القرار 1701 الكفيل بردع إسرائيل عن اعتداءاتها، والضامن لإطارٍ واضح وسليم وفاعل للسلام في الجنوب العزيز.

5- إطلع الآباء بقلقٍ شديد على واقع النازحين السوريين إلى لبنان، وما كشفت عنه عمليات الدهم والإعتقال، العسكرية والأمنية، من أسلحةٍ وذخائر نوعية في يد النازحين، بما يُشكِّل قنبلة موقوتة وتهديدًا حقيقيًّا للأمن ولسلامة اللبنانيين. ويُطالِبون المراجع الرسمية بالعمل الجاد والصارم من أجل ضبط هذا الواقع الحقير، وتدبُّر الرؤية والإجراءات السياسية والدبلوماسية الهادفة إلى إراحة لبنان من هذا العبء الذي يتجاوز أمانه، ويمسّ في الصميم ديموغرافيته وتوازناته واقتصاده ومعيشة أبنائه.

6- يُسجِّل الآباء استغرابهم منحى مشروع الموازنة العامة وما يفرضه من أثقالٍ على المواطنين الرازحين أصلاً تحت أعباء الصعوبات الحياتية والمعيشية. ويرَون أن الأوضاع الراهنة تُحتِّم امتلاك المسؤولين في السلطتَين التشريعية والإجرائية جرأة معالجة مسألة ماليّة الدولة بما يُعيد مال الدولة إلى خزينتها، سواء على صعيد المرافق العامة أم الضرائب والرسوم، ومن ضمن شروط العدالة الإجتماعية ومُستلزَماتها.

7- يُرحِّب الآباء بما انتهى إليه إجتماع بكركي برعاية صاحب الغبطة، من تشكيلِ لجنةٍ برئاسة معالي وزير التربية والتعليم العالي، لدرس السبل الكفيلة بتصويب النصوص القانونية بما يخدم سلامة القطاع. ويُجدِّدون المطلب المُلِحّ بوجوب حماية حرية التربية والتعليم في لبنان، وتوفير ما يلزم من قوانين وتدابير إدارية ومالية لهذه الغاية، تحمي في آنٍ المعاش الكريم للمعلمين، وامكانيات الأهالي، والمحافظة على المدارس الخاصة في مختلف المناطق.

8- يُدين الآباء هذا التمادي المُتجنّي والمُعيب، بين الحين والآخر، في التعرُّض لرجال الدين المسيحيين الذين يُؤدّون واجبهم ويقومون بخدمتهم في الأراضي المُقدَّسة. ويُذكِّرون بأن لا حاجة لدى الأحبار اللبنانيين إلى تبريرِ أيٍّ من سلوكياتهم الروحية والوطنية والإنسانية، المستوحاة دومًا من تعاليم المُخلِّص، لا من انفعالات بشر.

9- في زمن الميلاد المجيد، ومع بداية العام الجديد، يبتهل الآباء إلى الله، العليّ القدير، كي يمنّ على لبنان واللبنانيين بفيضٍ من حنوّه ورحمته، بحيث يسلك الوطن الحبيب، أخيرًا، مسلك الخلاص مما ابتُلِي به من محنٍ وأرزاء، ويستعيد حريته وسيادته واستقلال قراره، وينطلق في نهضةٍ مرجوة تردّ إليه موقعه الفاعل والكريم بين دول الشرق والغرب".

5*) نصرالله

4 كانون الثاني 2024

أكد الأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصر الله أن "دماء الشهداء لن يكون لها إلا النتائج العظيمة والمحمودة والتي ستعود بالخير على كل الأمة"، خلال الاحتفال بالذكرى الرابعة لاغتيال قائد "فيلق القدس" السابق قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي ابو مهدي المهندس ورفاقهما، الذي يقيمه الحزب في مجمع سيد الشهداء في الضاحية الجنوبية لبيروت، واستهل كلمته ب "تجديد  تبريكنا وتعازينا بشهادة أصحاب المناسبة" كما توجه الى  "عائلات الذين استشهدوا في جوار المرقد الطاهر للشهيد قاسم سليماني في كرمان، فهؤلاء استشهدوا في نفس الطريق الذي مضى عليه القائد سليماني".

كما بارك للبنانيين والمسيحيين خصوصا عيد ميلاد السيد المسيح عليه السلام وبداية العام الميلادي الجديد، وقال: "نسأل الله ان يعين الجميع ان يتغلبوا على تحديات الحياة المتنوعة"، كما "بارك لكل المسلمين والمسلمات مولد السيدة الزهراء عليها السلام سيدة نساء العالمين".

وتوجه بالتعزية "بمناسبة رحيل فقيد الجهاد والمقاومة القائد المؤسس الحاج محمد ياغي ابو سليم، وايضا بالتبريك والتعزية بشهادة الأخ القائد العميد السيد رضي الموسوي الذي استشهد قبل أيام في دمشق بغارة صهيونية، هذا الشهيد القائد المجاهد التقي الرضي عرفناه قبل أكثر من ثلاثين عامًا وكان معينًا ومسددًا ومؤيدًا وكان يحب ان يُقال له انه خادم هذه المقاومة والمسيرة".

وأضاف: "نتوجه بالتبريك والتعزية بأخينا القائد الكبير العزيز الشيخ صالح العاروري والذين استشهدوا بالأمس في عدوان صهيوني فاضح في الضاحية الجنوبية لبيروت في ليلة استشهاد القائدين سليماني والمهندس"، مشيرًا إلى أن "الشيخ صالح هذا القائد الجهادي الكبير أمضى شبابه وعمره في الجهاد والمقاومة والعمل والقتال والأسر والهجرة والجهاد وختم الله بهذه العاقبة الحسنة"، كما توجه السيد نصر الله بالتعازي والتبريك "بكل الشهداء من غزة إلى الضفة الغربية الى شهداء العراق الذين استشهدوا بفعل العدوان الاميركي على مجاهدي المقاومة الاسلامية في العراق"، وقال: "نتوجه لنعزي ونبارك بشهداء سوريا واليمن شهداء البحر وما أدراك ما عظمة شهداء البحر عند الله وشهداء المقاومة في لبنان، ونتوجه لنعزي ونبارك بكل هؤلاء الشهداء الذين مضوا على طريق القدس ونتوجه بالتحية لكل عائلاتهم الذين يعبرون عن ايمانهم وثباتهم وصمودهم".

وقال: "كنا نستمع الى والدة الشهيد القائد الحاج صالح وأخواته اللواتي تحدثن بمنطق الثبات والقوة وهذا حال كل العائلات الشريفة في كل مكان".

وأشار نصر الله إلى أن "قاسم سليماني الشهيد يلاحقونه حتى ضريحه ونراه في كل ساحاتنا ووجوه مقاتلينا بدموع الاطفال وصبر النساء، وقاسم سليماني اليوم حاضر في هذه المعركة بقوة".

وأردف: "ان البطولات والابداعات والانجازات الميدانية في قطاع غزة هي وليدة عقدين من الزمن من العمل الدؤوب الذي كان يقوم به الاخوة في الفصائل الفلسطينية وكان الحاج قاسم والاخوة في الحرس معهم، فالحاج قاسم كان حريصاً ان تقوم علاقات وثيقة بين كل حركات المقاومة من خلال اللقاءات والتنسيق وتبادل الآراء والأفكار وهذا كان عملاً مبدعاً، لذلك محور المقاومة ليس على شاكلة غيره من المحاور بل هو يلتقي على رؤية استراجية واضحة والأعداء محددون والأصدقاء معروفون".

وقال: "في محور المقاومة لا يملي أحد على أحد شيئا، وكل يتخذ القرار بما ينسجم مع الرؤية الاستراتيجية ومصلحة بلده، ولا يوجد عبيد في هذا المحور بل مجرد أسياد يصنعون النصر".

واعتبر ان "من نتائج عملية "طوفان الأقصى" ارتفاع مستوى التأييد للمقاومة وخيار المقاومة داخل الشعب الفلسطيني وعلى مستوى الأمة، وهي أسقطت صورة إسرائيل في العالم التي ساعد عليها الإعلام الغربي. ومن نتائجها ايضا إعادة إحياء القضية الفلسطينية بعد أن كانت تنسى وتصفى. ورغم تحميل البعض لحماس المسؤولية الأكبر عن عملية 7 تشرين الأول إلا أن شعبيتها تعاظمت، وطوفان الأقصى وجه ضربة قاصمة لمسار التطبيع، فعندما نرى حجم النتائج التي تحققت حتى الآن، وما يمكن أن يتحقق بعدها، سندرك حجم التضحيات".

وأوضح أنه "أمام هول ما جرى في غزة انقلب السحر على الساحر، فاستطلاعات الرأي الأميركية تقول أكثر من 50 بالمئة من الشباب الأميركي يقول يجب تفكيك دولة اسرائيل وإعادة كل ارض فلسطين للشعب الفلسطيني".

وقال: "اسرائيل كيان مصطنع وصلة شعبها بهذه الأرض قائمة على الأمن، وعندما يفتقد الصهاينة الأمن ينتهي الأمر ويجمعون حقائبهم ويرحلون وهذا هو المشهد الآتي".

ورأى نصرالله، أن "حركات المقاومة قامت بخطوات مهمة باستهداف الكيان الصهيوني والقواعد الاميركية، لكن كانت الخطوة النوعية والتحدي في البحر الأحمر، خطوة شجاعة وعظيمة ومؤثرة الى أبعد الحدود".

وقال: "ما حصل في غزة أثبت أن النظام الدولي والمؤسسات الدولية والمجتمع الدولي ليس قادرا على حماية أي شعب وهذا عبرة لنا جميعا. هذه التجربة تقول إن كنت ضعيفا لا يعترف بك العالم ولا يدافع عنك ولا يبكي عليك الذي يحميك هو قوتك وشجاعتك وقبضاتك وسلاحك وصواريخك وحضورك في الميدان فإن كنت قويا تفرض احترامك على العالم. لو سقطت غزة في الأيام الأولى من الحرب لكان انتهى كل شيء".

واشار الى ان "الولايات المتحدة الأميركية هي التي تمنع وقف الحرب في غزة والفلسطينيون يقتلون بالأسلحة والصواريخ الأميركية".

وقال: "مسارعة المقاومة في لبنان الى فتح الجبهة أفقد اسرائيل عنصر المفاجأة، فتحنا الجبهة في جنوب لبنان إسنادا لأهلنا في غزة وتخفيفا عنهم، والذي منع اسرائيل من شن العدوان على لبنان ان في لبنان قوة ومقاومة ورجالا لله، واهم رسالة ارسلتها المقاومة عندما فتحت الجبهة انها مقاومة جريئة لا تخاف من احد وليست مردوعة".

اضاف: "الإعتداء الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية خطير جدا".

وشدد على ان "اغتيال الشيخ صالح العاروري جريمة خطيرة لن تبقى من دون رد وعقاب وبيننا الميدان والأيام والليالي".

وختم: "نحن حتى الآن نقاتل في الجبهة بحسابات مضبوطة ولهذا السبب ندفع ثمنا غاليا، ولكن إذا فكر العدو بشن حرب على لبنان عندها فإن قتالنا سيكون من دون سقوف وضوابط.، ومن يفكر بالحرب معنا سيندم وستكون مكلفة واذا كنا نداري حتى الآن المصالح اللبنانية فاذا شنت الحرب فإن مقتضى المصالح اللبنانية الوطنية أن نذهب بالحرب إلى الأخير من دون ضوابط".

6*) نصرالله-2

5 كانون الثاني 2024

أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، أن المعركة التي تخوضها المقاومة على الحدود الجنوبية وعملياتها التي تستهدف جيش العدو الصهيوني على امتداد الحدود مع فلسطين المحتلة تثبّت معادلات الردع مع العدو الصهيوني، وخلال الحفل التأبيني الذي أقامه حزب الله بمناسبة رحيل فقيد الجهاد والمقاومة الحاج محمد ياغي (أبو سليم) في حسينية السيدة خولة (ع) في بعلبك، اعتبر سماحته أننا اليوم في لبنان أمام فرصة تاريخية للتحرير الكامل لكل شبر من أرضنا المحتلة، وأمام فرصة لتثبيت معادلة تمنع العدو من اختراق سيادة بلدنا وهذه الفرصة فتحتها الجبهة اللبنانية من جديد.

نصرالله أكد ان الميدان هو الذي سيردّ على العدوان الصهيوني الأخير على الضاحية الجنوبية لبيروت واغتيال الشهيد صالح العاروري ورفاقه، وأن هذا الرد آت حتمًا ولا نستطيع أن نسكت عن خرق بهذه الخطورة، لأن هذا يعني أن كل لبنان والمدن والشخصيات ستصبح مكشوفة.

كما لفت نصر الله إلى أن من بركات قيام المقاومة الإسلامية في العراق بفتح جبهتها نصرة لغزة أن العراق اليوم أمام فرصة تاريخية للتخلص من الاحتلال الأميركي ومن هذا الكذب والزيف والتضليل الأميركي.

إلى ذلك، شدد الأمين العام لحزب الله على أن اليمن اليوم يزداد عزًا في العالم العربي والإسلامي، وأن خروج الشعب اليمني في مظاهرات وجّه رسالة يجب أن تفهمها كل الإدارة الأميركية وكل من يهددون اليمن، بأهن لا يواجهون حكومة ولا دولة ولا جيش إسمه أنصار الله، بل هم يواجهون عشرات الملايين من الشعب اليمني الذي كل تاريخه إلحاق الهزائم بالمحتلين.

وأعرب نصر الله عن اعتزازه وافتخاره بأهالي الشهداء والمضحين في جنوب لبنان، لافتًا إلى أن هذه المعكرة اليوم بدأت من أجل فلسطين لكنها أيضا هي من أجل كل حبة تراب من جنوب لبنان خصوصا جنوب الليطاني، متوجهًا إلى أن المقاتلين الذين هم من جميع مناطق لبنان بالتحية والتقدير والدعاء بالنصر والدعاء أن يسدد الله كل رمياتهم ويوفقهم ليصنعوا بأيديهم وقبضاتهم وأنفاسهم الطاهرة وبدمائهم هذا النصر الذي نتطلع إليه جميعا.

بداية توجّه نصرالله بالعزاء إلى الجمهورية الإسلامية في إيران بشهداء وجرحى التفجير الإرهابي في منطقة كرمان، كما توجه إلى "أخواننا في العراق الى المرجعية العراقية الرشيدة والحشد الشعبي والشعب العراقي بشهادة القائد الحاج أبو تقوى من خلال العدوان الأميركي المباشر على سيارتهم".

نصرالله تحدث عن بعض من سيرة الراحل قائلا "نشهد أنك أيها الحاج الفقيد العزيز كنت مطيعا لله ورسوله والذين آمنوا، أجدد تعزيتي لكم جميعصا للحضور الكريم لأهلنا في البقاع لأبناء وجمهور المقاومة وبالخصوص لعائلة الفقيد الشريفة فردًا فردًا".

وأضاف "منذ أن عرفناه نعرفه بأبو سليم، شهادتي فيه هي شهادة حسّية، أنا عرفته منذ ان كنا شبانًا عام 1978، ومنذ الساعات الأولى لتعارفنا نشأت علاقة أخوّة وصداقة ومودة ومحبة كبيرة وثقة كاملة، منذ بداية شبابه كان مجاهدًا وعملًا وحركيا وثائرًا".

وتابع "بداية تعارفنا عندما التحقت بالحوزة العلمية في بعلبك، كما هو معروف بالتنسيق بين السيد عباس الموسوي رئيس المدرسة الدينية والأخ العزيز السيد أبو هشام الذي كان المعني الأول بتنظيم حركة أمل في البقاع آنذاك، صار التنسيق للعمل التبليغي في البلدات.. التقينا في أول مجموعة، كنا نذهب الى البلدات في الليالي أنا والحاج أبو سليم في سيارة واحدة يقودنا أحد الاخوة الأعزاء، وكنا نذهب من بلدة إلى بلدة وكانت مسؤوليته تقديم التحليل السياسي ومسؤوليتي أن أقدم المحاضرة الدينية والثقافية".

وأردف "نشأت علاقة وطيدة بينه وبين الشهيد السيد عباس الموسوي، من علاقته الروحية مع الإمام السيد موسى الصدر نشأت علاقة مع الإمام السيد محمد باقر الصدر، عندما استشهد الإمام الشهيد تأثر الحاج كثيرًا بشهادته وبكاه كثيرا وبقي لسنوات في الجلسات الداخلية كان يردد تلك القصيدة الخالدة الخالدة "باقر الصدر منا سلامًا.."".

وأشار نصر الله إلى أن الراحل "تفاعل بقوة مع الثورة الإسلامية في إيران"، مضيفًا "هذا المسير للحاج أبو سليم ولكل أخ وأخدت منا مع الامام موسى الصدر مع السيد عباس الموسوي مع الإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر، هذا الطريق يوصل حكما إلى الإمام الخميني.

وتابع "بعد عام 1982 التحق أبو سليم بحزب الله، قدرنا كان أن نكون سويا ونبقى معا كتفًا إلى كتف، بعد شهادة السيد عباس الموسوي حيث أوكلت إليّ المهمة الجديدة، كان أبو سليم رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله، وبعد سنوات يعود إلى البقاع مسؤولا للمنطقة حينا ونائبًا في مجلس النواب أحيانًا، دائمًا كان معاونًا ومعينا وسندًا وحاضرًا لأداء التكليف دون تردد في أي موقع من المواقع".

وأضاف "عرفناه الأخ الكبير والصديق والرفيق والصادق والوفي والمخلص والمجتهد والمضحي والخطيب المفوّه والكادح الذي يحمل المسؤولية حامل دمه على كفه على كل الطرقات المتواضع القريب من الناس الخدوم، تعلقه بالإمام الخميني وعشقه له منقطع النظير وهكذا مع الإمام الخامنئي.. أما العشق منقطع النظير فهو للإمام المهدي (عج) وانتظاره له في الليل والنهار، وأجمل الحديث عنده عن الإمام المهدي (عج) وظهوره وعلاماته.. كل هذا الحب والعشق والبصيرة أنتج عنده هذا الثبات والرسوخ في الخط والبصيرة".

وفي نهاية كلامه عن سيرة الراحل قال: "في حرب تموز كان مسؤولنا في منطقة البقاع وما عاناه البقاع وما قدمه من شهداء وتحمّله من مجازر في مدنييه ورجاله وأطفاله وما دمرت فيه من بيوت وفي مواجهة التكفيريين في سوريا وعند السلسلة الشرقية، كان حضوره في البقاع كبيرا وأغلب عمره وشبابه المبارك أمضاه في خدمة البقاع، وهم يستحقون كل هذا الوفاء من أبو سليم لأنهم دائمًا لم يبخلوا لا بنفس ولا بدم ولا بمال ولا بأي نوع من التضحيات، واليوم نجد البلدات البقاعية والعشائر في البقاع في كل يوم كما في البلدات الجنوبية كما في الضاحية تشبيع الشهداء بالحضور الكبير والإصرار على مواصلة طريق الكرامة والحرية مهما بلغت التضحيات".

وفي حديثه عن جبهة المقاومة ضد مواقع العدو الصهيوني عند الحدود الجنوبية، أشار نصر الله إلى هذه الجبهة مظلومة إعلاميًا، لافتًا إلى أنه على امتداد أكثر من 100 كلم وما يزيد عن 90 يومًا تمّ استهداف كلّ المواقع الحدودية المعادية وعدد كبير من المواقع الخلفية والمستعمرات ردًا على الاعتداءات الصهيونية على المدنيين، مشيرًا إلى أن المقاومة نفذت ما يزيد عن 670 عملية خلال الأشهر الفائتة، وفي بعض الأيام بلغ عددها 23 عملية يوميًا".

ولفت إلى أن "المواقع الحدودية التي تم استهدافها 48 موقعًا حدوديًا، و11 موقعًا خلفيًا، والنقاط الحدودية التي لجأ إليها جنود العدو 50 نقطة استهدفت أكثر من مرة، عدد المستوطنات 17".

وتابع سماحته "من نتائج هذه المواجهة القائمة منذ 3 أشهر قتل وجرح عدد كبير من جنود وضباط العدو.. العمليات كانت مستنزِفة جدًا له، ومنذ بداية المعركة في جبهتنا الجنوبية مارس العدو تكتمًا إعلاميًا كبيرًا ولا يعترف بقتلاه وجرحاه، والمقاومة قدّمت ما يقارب 90 إصدارًا مصوّرًا حول دبابات وآليات تدمّر وخيمة أو بيت فيه جنود يسقط السقف على الجنود.. اليوم بعض مصادر العدو تنقل عن مصادر في وزارة الحرب الاسرائيلية أن عدد الجنود الذي يصابون بإعاقات قد يصلون إلى 12 ألف جندي منذ 7 تشرين".

وأكد نصرالله أنه لم يبقَ موقع حدودي إلّا واستُهدف عدّة مرات، وقد تمّ استهداف التجهيزات الفنية والاستخبارية في كلّ المواقع المعادية، وقال "إخواننا رماة ماهرون يُدخلون الصاروخ الموجّه من نافذة الدشمة للعدو"، معلّقًا على مقولة "إنهم يقصفون العامود"، وقال "هؤلاء إما لا يعرفون وإما جهلة، نحن نضرب التجهيزات الموجودة على العامود التي تقدر قيمتها بمئات ملايين الدولارات ولها سيطرة معلوماتية على جزء كبير من لبنان".

ولفت نصر الله إلى أنه "في المرحلة الثانية هرب جنود العدو الى المستعمرات الخالية من السكان والى محيط المواقع خوفًا من فصائل المقاومة وهجومها على بعض المواقع"، وقال "نحن نحصل على معلومات جيّدة ودقيقة وصور وأفلام بخصوص تموضعات وتجمّعات العدو، وتمّ تدمير عدد كبير من الدبابات والآليات التابعة للعدو واليوم الضباط والجنود مختبئون"، لافتًا إلى أن العدو حاول الاستعاضة عن خسائره الفنية بالمُسيّرات وطائراته الاستطلاعية، وأنه مارس تكتّمًا إعلاميًا شديدًا إزاء قتلاه وجرحاه".

وأشار إلى أنهم في كيان العدو الخبراء يقولون إن عدد القتلى الحقيقي هو ثلاثة أضعاف ما يعلنه جيش الاحتلال، وأن الإحصاء بحسب مصادر وزارة الصحة الاسرائيلية حتى الآن ما يزيد عن 2000 إصابة في جبهة الشمال، وقال "لو كنتم تعرفون حجم الخسائر البشرية لدى العدو وآلياته لما سمحتم لأنفسهم عن جدوى القتال في الجبهة الشمالية"، وأضاف "نفهم أن تكتّم العدو عن خسائره في جبهتنا هو جزء من الحرب النفسية وحتى لا يحرج أمام مجتمعه لأن ما يجري إذلال حقيقي للكيان".

الأمين العام لحزب الله قال "ما يجري عند الحدود الجنوبية وصفه أحد وزراء الحرب الاسرائيليين بأنه إذلال لإسرائيل"، مؤكدًا "كنّا نستهدف أهدافًا عسكرية وضباطًا وجنودًا وإذا ضربنا بيوتًا فهو ردًا على استهداف المدنيين عندنا".

ولفت إلى أن من نتائج القتال على الجبهة الجنوبية المهجّرون من المستعمرات الشمالية، طيلة الحروب كنا نحن من يتم تهجيرنا، هذا التهجير سوف يشكل ضغطا نفسيا وسياسيا وأمنيا على حكومة العدو إضافة إلى حالة القلق السائدة على جبهة الشمال.

وللذين سألوا عن الجدوى والفادة من فتح الجبهة الشمالية، قال: "منذ أول يوم قلنا إن هدف هذه الجبهة الضغط على حكومة العدو واستنزاف العدو من أجل وقف العدوان على غزة، والهدف الثاني تخفيف الضغط عن المقاومة في غزة في الوضع الميداني.. هذان الهدفان هل يتحققان فعلا من خلال الجبهة اللبنانية؟ نعم.. عندما اضطر العدو نتيجة خشـيته من تطورات الجبهة من الذهاب إلى حرب شاملة، اضطر أن يأتي إلى 100 ألف جندي، اليوم معلومات عن فرق وألوية بأكملها على حدودنا، هؤلاء تم حجبهم عن غزة".

وتساءل نصر الله "نفس ما يجري في الجبهة الشمالية وهذا العدد من القتلى والجرحى وتدمير آلياته ومهجّريه ألا يشكل ضغطًا على حكومة العدو؟"، وقال "بعض اللبنانيين إما جهلة ولم يقرأوا تاريخ لبنان، وإما يتجاهلون، من 1948 "اسرائيل" تهاجم وتقتحم القرى وتعتدي على البيوت وترتكب المجازر، وهم أقاموا أول حزام امني داخل الأراضي اللبنانية.. أقرؤوا التاريخ، يبدو حتى بالمدرسة لم يدرسوا، دائمًا كان أهل الجنوب هم الذين يهجّرون، هذا له قيمة معنوية سياسية وأمنية عالية.. دائمًا كان الشريط الأمني لدينا، يبني حزامًا أمنيا داخل الكيان في الشمال بعمق 3 كلم وفي بعض المناطق بعمق 7 كلم".

وأضاف "أقول للمستوطنين الذين يطالبون بالحسم مع حزب الله، هذا خيار خاطئ لكم ولحكومتكم وأول من سيدفع ثمن هذا الخيار الخاطئ هو أنتم.. إذا كنتم فعلا تبحثون عن الحل، الحل هو أن يتوجه مستوطنو الشمال لحكومتهم بوقف العدوان على غزة، وأي خيار آخر لن يجلب لمستوطني الشمال إلا المزيد من التهجير والأثمان الباهظة".

وعلّق نصر الله على كلام لرئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو بشأن خيمة المقاومة الشهيرة عند الحدود، وقال لنتنياهو "حدثني عن 48 موقعًا حدوديًا يدمر، و11 موقعًا خلفيًا يدمر و17 مستوطنة هوجمت وعن 50 نقطة حدودية، وعن جنودك االمختبئين كالفئران، هل المقاومة التي تقوم بهذا الحجم من العمليات كل يوم هي مقاومة مردوعة؟ الخيمة باتت من الماضي اليوم هناك حرب حقيقية على الحدود".

وتابع "لم تبادر المقاومة من 1948 إلى ما يحدث منذ 3 أشهر على الحدود الجنوبية للبنان، وفي الماضي عملية واحدة مما يجري اليوم على الحدود كان الاسرائيلي يأتي ويقصف مباني في بيروت، اليوم الاسرائيلي يثبت معادلات الردع التي أسست لها المقاومة منذ سنوات طويلة، وهذا يفتح للبنان فرصة أن يتمكن بعد توقف العدوان على غزة من تحرير بقية أرضه من منقطة الـb1 إلى بقية مزارع شبعا وكل شبر من أرضنا، ونحن أمام فرصة حقيقية لتثبيت معادلة تمنع فيها العدو من اختراق سيادة بلدنا وهي فرصة فتحتها هذه الجبهة من جديد.. لكن أي كلام أو تفاوض أو حوار لن يكون أو يوصل أي نتيجة إلا بعد وقف العدوان على غزة".

وفي حديثه عن الاعتداء الصهيوني الأخير على بيروت واغتيال الشهيد صالح العاروري، قال "عندما يكون الاستهداف في لبنان في الضاحية الجنوبية نحن لا نستطيع أن نسلم بهذا الخرق الكبير والخطير، قتل الشيخ صالح الصديق والحبيب والعزيز والذي كنت معه على درجة عالية من الصداقة والحب والتفاهم والفهم، أقول لكم قطعا هذا لن يكون بلا رد أو بلا عقاب ولن نستخدم عبارة في المكان والزمان المناسبين، والميدان هو الذي سيردّ وهذا الرد آت حتمًا ولا نستطيع أن نسكت عن خرق بهذه الخطورة، لأن هذا يعني أن كل لبنان والمدن والشخصيات ستصبح مكشوفة.. حجم المفاسد المترتبة عن السكوت عن هذا الخرق هي أكبر من أي مخاطر قد تأتي من الرد لذلك القرار للميدان".

كما لفت نصرالله إلى أن أميركا وحلف "الناتو" اليوم أمام هزيمة استراتيجية كبرى في أوكرانيا، لذلك أميركا لا تريد توسعة الحرب في المنطقة لأنها مشغولة في أولويات أخرى.

وأضاف "الأميركيون تعرضوا للمقاومين من الحشد الشعبي في أكثر من مناسبة وقتلوا مجاهدين في جرف الصخر وكركوك وأمس في بغداد، الشهيد القائد الحاج "مشتاق" وهو اسم على مسمى كان مشتاقا جدا للقاء ربه وسيّده أبي عبد الله (ع) والحاج "أبو تقوى" كان من خيرة من كانوا إلى جانب القائد أبو مهدي المهندس.. من بركات قيام المقاومة الإسلامية في العراق بفتح جبهتها نصرة لغزة أن العراق أمام فرصة تاريخية للتخلص من الاحتلال الأميركي ومن هذا الكذب والزيف والتضليل الأميركي".

الأمن العام لحزب الله لفت إلى أن اليوم هناك فرصة تاريخية أمام الحكومة العراقية ومجلس النواب والشعب العراقي ليغادر هؤلاء المحتلون المجرمون القتلة الذين سفكوا دماء العراقيين والسوريين واللبنانيين، وهم الشركاء الكاملون في كل الجرائم التي ترتكب اليوم في غزة وفلسطين ولبنان.

وأضاف "الحكومة العراقية الحالية برئاسة محمد شيع السوداني يُشهد لها أنها كان لها موقفا شجاعا من طوفان الأقصى، وكان موقفا عالي السقف ولعله من أعلى السقوف في العالم العربي الرسمي باستثناء اليمن، هذه الحكومة مؤهلة إن شاء الله لتوظيف هذه الدماء الزكية التي سفكت على أرض العراق لتقول لهم يجب أن تغادروا والعراق لا يحتاج للأميركيين لقتال "داعش"".

وتابع نصرالله "أن الأميركيون يُشَغّلون "داعش" في إيران ثم يقولون لا علاقة لنا بتفجير كرمان، صنيعتكم هي التي ارتكبته، من الذي يفعّل "داعش" اليوم في سوريا؟ فتشوا عن القوات الأميركية؟ فرصة خروج القوات الأميركية من العراق اليوم سيتبعها خروج القوات الأميركية من شرق الفرات وهذه من البركات الوطنية للتضامن مع غزة".

وأشار نصر الله إلى أن "بعض الأنظمة العربية والإعلام العربي ليغطوا تخاذلهم وذلّهم وسكوتهم ذهبوا إلى جبهة المقاومة ليُسَخِّفوا من أعمالها، عندما قصفت القوات اليمنية إيلات اتهموها أنها تحاول ترميم صورتها في العالم العربي، وأنصار الله والسيد عبد الملك الحوثي والحكومة في صنعاء منذ اليوم الأول كانوا يسألون عن صورتهم ومكانتهم عند الله سبحانه وتعالى فقط، واليوم عندما ذهب اليمن إلى خطوة متقدمة في البحر الأحمر سكت الخانعون بل بُهِتوا".

كما أكد أن الجهاد دائمًا يستجلب العزّ والقعود عن الجهاد يستجلب الذلّ، هناك أناس أصلًا غير لائقين ليتمكنوا أن يكونوا في الموقع الذي يقاتل عدو الأمة ومستواهم النفسي والروحي أدنى بكثير.

مشيرًا إلى أن "الموقف اليمني جعل الكثير من الشرائح تعيد النظر في موقفها الداخلي في موقفها من أنصار الله، وسقطت الأقنعة في حرب السنوات التي فُرضت على اليمنيين وكانت حربًا أميركية تنفذها أنظمة عربية.. اليوم ثبتت اليمن في المعادلات الاقليمية والدولية التي يقف أمامها العالم على رجل ونصف وفضحت الاسرائيلي والأميركي"، متسائلا "أين هو سلاح الجو الاسرائيلي من اليمن اليوم؟ هذا هو الردع اليمني".

وتابع "اليوم خرج الشعب اليمني في مظاهرات وجّه رسالة يجب أن يفهمها بايدن وبلينكن ووزير الحرب وكل الإدارة الأميركية وكل من يهددون اليمن، رسالة اليمن اليوم هي رسالة لأميركا أنكم لا تواجهون حكومة ولا دولة ولا جيش إسمه أنصار الله، بل تواجهون عشرات الملايين من الشعب اليمني الذي كل تاريخه إلحاق الهزائم بالمحتلين، وهذا ما يجب أن يفهمه بايدن وحكومته وأن تعرف ماذا تفعل، ولن يتوقف ولن يتردد اليمنيون.. اليمن اليوم يزداد عزًا في العالم العربي والإسلامي وعزًا في عيون أصدقائه وأعدائه".

وفي نهاية كلمته توجّه نصر الله إلى عوائل الشهداء بالقول "نحن نعتز بكم ونفتخر بكم، أستمع إلى كلماتكم التي تقال على الشاشات وتنقل في تشييع أولادكم وأعزائكم وعندما تلتقون بإخواننا الذين يأتون لزيارتكم.. هذا ما نتوقعه من عوائل الشهداء وهذه البيئة التي تحمل هذه الثقافة الحسينية، أنا شخصيا لولا الظروف الأمنية التي اشتدت ما أحبه وأتمناه وأرجوه هو أن أذهب إلى بيوتكم وعائلاتكم وأقبّل جباهكم وأيديكم وأنتم كما قال الإمام أنتم فخر هذه الأمة".

وأضاف "إلى الصامدين والنازحين من القرى الأمامية، لهذه البيئة التي تدفع الثمن المباشر في حياتها اليومية في أبنائها وشهدائها، هي بيئة صابرة مؤمنة صابرة محتسبة وهي بيئة صاحبة بصيرة وهي تعي وتفهم أبعاد هذه المعركة".

ولفت إلى أنه "لو كان قُدّر للعدو الاسرائيلي أن يهزم المقاومة في غزة النوبة بعد غزة هي في جنوب لبنان، سيأتي هذا العدو ليكسر إرادتكم، هذه المعكرة اليوم بدأت من أجل فلسطين لكنها أيضا هي من أجل كل حبة تراب من جنوب لبنان خصوصا جنوب الليطاني".

ونوه نصرالله إلى أن الكثير من العائلات لم تكن بحاجة إلى أن يُستأجر لها بيوت لأن هناك من ضمها إليها، نعم يجب على بيئتنا أن تتضامن في هذه المعركة نفسيا وماليًا ومعيشيا هذه معركة جنوب لبنان ومعركة لبنان كما هي معركة غزة وفلسطين.

نصر الله أضاف "للمقاتلين الشجعان عشاق الشهادة.. تصلني من الجبهة تقارير عن حوادث وحالات روحية لدى المقاتلين (على كل حال سيتم نشرها في يوم من الأيام) تعبّر عن مدى عشقهم وحبّهم للقاء الله ومدى صدقهم وإخلاصهم واستعدادهم للتضحية والفداء لدينهم ووطنهم وشعبهم ومن أجل الدنيا والآخرة.. هؤلاء يقاتلون اليوم في المنطقة الحدودية كما البقاع لناحية البرد، في البرد والثلج تحت المطر والغيم وتحت القذائف والغارات، يتقدمون ويردّون على استهداف المدنيين وهم الذين سيردّون على استهداف الضاحية إن شاء الله".

وتوجّه نصرالله إلى هؤلاء المقاتلين الذين هم من جميع مناطق لبنان بالتحية والتقدير والدعاء بالنصر والدعاء أن يسدد الله كل رمياتهم ويوفقهم الله ليصنعوا بأيديهم وقبضاتهم وأنفاسهم الطاهرة وبدمائهم هذا النصر الذي نتطلع إليه جميعا، وأن يوفقّهم ليصنعوا بحقّ دمائهم وسهر الليالي وتعب الأيام هذا النصر للبنان وفلسطين وكلّ الأمة.

7*) الراعي

6 كانون الثاني 2024

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس عيد الغطاس في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي عاونه المطران بولس الصياح ، الآباتي سمعان ابو عبدو، امين سر البطريرك الاب هادي ضو، رئيس مزار سيدة لبنان _ حريصا  الاب فادي تابت، ومشاركة عدد من المطارنة والكهنة والراهبات، في حضور حشد من الفاعليات والمؤمنين.

بعد الانجيل المقدس ورتبة تبريك الماء، ألقى الراعي عظة بعنوان:"لـمّا اعتمد يسوع ... إذا بصوت من السماء يقول: أنت إبني الحبيب بكَ سُررت" (لو 3: 21-22)، قال فيها: "تحتفل الكنيسة اليوم بعيد معموديّة يسوع بوجهيها: الوجه الأوّل، ظهور يسوع في ألوهيّته، ويُسمّى بحسب اللفظة السريانيّة "الدِنْح". الوجه الثاني، نزول يسوع في ماء نهر الأردنّ وقبوله المعموديّة من يوحنّا، ويُسمّى "الغطاس".  يسعدني أن أرحّب بكم جميعًا، وبخاصّة بمؤسّسةL’Œuvre d’Orient  والمؤسّسات، والشبيبة والأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصّة، وطلّاب المدارس وإداراتها، شبيبة كاريتاس، شبيبة البطريركية، الذين أحيوا "اليوم العالميّ للفقير" الأحد 19 تشرين الثاني الماضي، في هذا الكرسيّ البطريركيّ. وقد شارك فيه أكثر من عشرة آلاف شخصًا. صلّينا معًا، وعشنا جمال التضامن معًا، وأطلقنا صرخة إلى المسؤولين معًا، وتناولنا مائدة المحبّة معًا. ويسعدنا أن نحتفل معًا بهذا العيد الذي نختتم به الأعياد الميلاديّة ونعود إلى بيوتنا حاملين بركة الماء المقدّس الذي يتمّ تكريسه في هذه الليتورجيا الإلهيّة، ذاكرين أن الربّ يسوع بنزوله إلى نهر الأردنّ ليعتمد على يد يوحنّا، قدّس مياهه. عيد الدنح هو ظهور يسوع في ألوهيّته حاملًا رسالة الخلاص لجميع الشعوب وبدون حدود. إنّه سرّ الميلاد نفسه الذي أعلنه الملاك لرعاة بيت لحم كبشرى فرح للعالم كلّه، لأنّه عيد ميلاد المخلّص لجميع الناس (لو 2: 10-11)، وكنور سطع في ظلمات العالم. كان المسيحيّون يعيّدون الميلاد والدنح معًا في 6 يناير، وما زالت بعض الكنائس تحافظ على هذا التقليد، مثل الأقباط الأرثوذكس والأرمن الأرثوذكس وسواهم. أمّا الكنيسة الكاثوليكيّة ففصلت الميلاد عن الدنح، وجعلته في 25 كانون الأوّل ليحلّ مكان إله "الشمس" الوثنيّ، ليكون المسيح هو شمس العالم الجديد".

وتابع: "لقد تنبّأ آشعيا على إشراقة هذا النور على أورشليم المظلمة، ومن خلالها على العالم كلّه: "قومي استنيري فإنّ مجد الربّ أشرق عليكِ. ها إنّ الظلمة تُغطّي الأرض ... ولكن عليكِ يشرق الربّ وعليكِ يتراءى مجده. فتسير الأمم في نورك" (أش 60: 1-3). تختصّ نبوءة أشعيا بأورشليم الجديدة التي هي الكنيسة. إنّها مدعوّة بكلِّ أبنائها وبناتها ومؤسّساتها ليقبلوا هذا النور بالإيمان، ويحملونه إلى الآخرين بالمحبّة، وشهادة الحياة وإعلان الإنجيل. نور الربّ أقوى من كلّ ظلمات الحياة الشخصيّة والعامّة، وأقوى من ظلمات الحقد والبغض والكبرياء والغطرسة المؤدّية إلى الحروب والنزاعات، لأنّه نور كلمة الإنجيل الداعية إلى الأخوّة والسلام، ونور شهادة الحياة. عيد معموديّة يسوع يذكّرنا بمعموديّتنا، فنعود بإدراك إلى مواعيدها، وإلى ما أجرت فينا يوم قبلناها. لقد أحدثت فينا الولادة الجديدة من الماء والروح القدس. ففيما يُغطّس الجسد في الماء ثلاث مرّات، يغطِّس الروح القدس النفس في المسيح، لكي تنال مغفرة الخطايا، وتسطع بالنور الإلهيّ. ولهذا كان يُدعى المعمّدون "بالمستنيرين". بفعل الروح القدس، تجعلنا مياه المعموديّة نغوص في موت المسيح المخلّص وقيامته، فنُغرق في جرن المعموديّة الإنسان القديم الـمُسيطرة عليه الخطيئة التي تفصله عن الله، ويلدنا الروح القدس إنسانًا جديدًا (البابا فرنسيس). النزول إلى الماء ثلاث مرّات يرمز إلى بقاء المسيح في القبر ثلاثة أيّام، وإلى المشاركة في موته (روم 6: 3)، ويعني الموت عن الإنسان العتيق مع كلّ خطاياه وشهواته. أمّا الصعود من الماء فيرمز إلى قيامة المسيح، ويعني الولادة الجديدة بإنسان النعمة كأبناء الله، وكأعضاء في جسد المسيح السرّيّ، الذي هو الكنيسة. بظهور بنوّة يسوع الإلهيّة، ظهر أيضًا الله الواحد في طبيعته والمثلّث الأقانيم: الآب والإبن والروح القدس: الآب بالصوت، والإبن بشخص يسوع، والروح القدس بشبه جسم حمامة، كـما يروي لوقا الإنجيليّ: " ولـمّا إعتمد يسوع وفيما يصلّي، انفتحت السماوات، وهبط عليه الروح القدس بشبه جسم حمامة، وإذا صوت من السماء يقول:"أنت ابني الحبيب بك سُررت"" (لو3: 21-22). ليسوا ثلاثة آلهة، بل إله واحد بثلاثة أقانيم (أشخاص). فكلّ شخص يمتلك كلّ الطبيعة الإلهيّة. عندما نقول: "الله محبّة"، نقول أيضًا: الآب محبّة، والإبن محبّة، والروح القدس محبّة".

واضاف: "على صورة الإله الواحد والثالوث خُلقنا. رسالتنا شدّ أواصر الوحدة في تنوّعنا. الوحدة مسؤوليّة وضعها الله على عاتق كلّ إنسان. ولا يحقّ لأحد تفكيك أواصر هذه الوحدة. بالنسبة إلينا نحن المسيحيّين نحمل أجمل رسالة وهي بناء الوحدة. الهدم سهل وتكفيه كلمة واحدة هدّامة، أمّا البناء فصعب لأنّه يقتضي أن يكون في قلب كلّ واحد منّا المحبّة واحترام الآخر والإحتمال والصبر وطول البال  وعلى الأخصّ التجرّد والتواضع والوداعة. هذه القيم الروحيّة والأخلاقيّة والإنسانيّة ضروريّة لدى كلّ إنسان، لكي تسلم الحياة الزوجيّة والعائليّة، والحياة في المجتمع، والحياة في الوطن. فلو وُجدت حقًّا لدى السياسيّين ورؤساء الكتل النيابيّة والنوّاب عندنا في لبنان، ولو كان ولاؤهم لهذا الوطن دون سواه، لكانوا عاشوا هذه الوحدة من أجل لبنان، ولكانوا انتخبوا رئيسًا للجمهوريّة بموعده الدستوريّ، ولحرصوا على انتظام المجلس النيابيّ والحكومة، ولكشفوا عن نواياهم السليمة، إذا كانت كذلك".

وقال: "بهذا السياق، نحن لا نريد أن يتحمّل لبنان وشعبه وزر أوطان وشعوب أُخرى، يجب أن نتمسّك بالقرار 1701، وتجنيب لبنان واللبنانيّين بالحكمة وضبط النفس الدخول في حرب إسرائيل على غزّة. فها أهل بلدات الجنوب يعانون من وزر هذه الحرب قتلًا، وتدمير منازل وإتلاف بساتين وتهجيرًا. نحن لا نكفّ عن المطالبة بكلّ إمكانيّتنا ولدى جميع الدول والمراجع الرسميّة بحقّ الشعب الفلسطينيّ بأن يرجع إلى أرضه، ويعيش في دولة خاصّة به. ومعلوم أنّ هذه الوسيلة أجدى من الحرب والقتل والدمار والتهجير والتشتت على الطرقات والجوع والقهر والحرمان. إنّنا نطالب مع كلّ ذوي الإرادات الحسنة إيقاف النار والحرب، والبدء بإيجاد الحلول بالمفاوضات الديبلوماسيّة. ونطالب بعدم توريط البلدات الحدوديّة ولبنان وشعبه في امتداد هذه الحرب. ونذكّر بأنّ قرار الحرب والسلم يعود حصرًا إلى الحكومة بثلثي أعضائها وفقًا للدستور (المادّة 65) نظرًا لخطورة كلّ حرب في عواقبها الوخيمة".

وختم الراعي: "فلنصلِّ إلى الله، أيّها الإخوة والأخوات، في عيد النور كي يُشرق بنوره على العقول والقلوب والضمائر، فيعيش الجميع على ضوء النور الإلهيّ، نور الحقيقة والمحبّة والعدالة والسلام، فنرفع المجد والشكر إليك، أيّها الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبدن آمين".

8*) الراعي

7 كانون الثاني 2024

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس "يوم السلام العالمي" في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، عاونه فيه المطارنة: بولس مطر، مارون ناصر الجميل، مارون العمار ، جول بطرس، ومشاركة عدد من المطارنة والكهنة والراهبات، في حضور الرئيس امين الجميل، اللجنة الاسقفية " عدالة وسلام" ، وحشد من الفاعليات والمؤمنين.

بعد الانجيل المقدس، القى الراعي عظة بعنوان:"ها هو حمل الله الذي يحمل خطيئة العالم" ، قال فيها: "تأتي شهادة يوحنّا المعمدان هذه عن يسوع، غداة معموديّته، وقد مشى يسوع في موكب الخطأة التائبين السائرين نحو يوحنّا لقبول المعموديّة، وكأنّه خاطي، هو الذي لم يعرف خطيئة، بل لكي يحمل خطايا البشر أجمعين، ويفتديها بموته على الصليب. تضمّنت شهادة يوحنّا أبعادًا أخرى من شخصيّة يسوع. فبالإضافة إلى كونه حمل الله، فهو يعمّد لمغفرة الخطايا والولادة الجديدة، وهو إبن الله الذي صار إنسانًا لكي يكون إلى جانب كلّ إنسان في مسيرته على وجه الأرض، وينعم بالسلام الداخليّ والخارجيّ. إنّ الكنيسة في لبنان تحتفل في هذا الأحد بيوم السلام العالميّ السابع والخمسين، الذي أسّسه القدّيس البابا بولس السادس سنة 1968. وأكّد أن "كلمة السلام لا تعني الإستسلام، أو الجبن والكسل في الحياة، بل تنادي بالأحرى بأسمى وأشمل قيم الحياة، قيم الحقيقة والعدالة والحريّة والمحبّة. إعتاد البابوات توجيه رسالة خاصّة بيوم السلام. فالرسالة التي يوجّهها قداسة البابا فرنسيس لهذه السنة هي بعنوان: "الذكاء الإصطناعي والسلام". فيسعدني أن أوجّه تحيّة إلى اللجنة الأسقفيّة "عدالة وسلام"، بشخص رئيسها سيادة أخينا المطران مارون العمّار ونائب الرئيس سيادة أخينا المطران جول بطرس، وسائر الأعضاء. وأشكرهم على تنظيم هذا الإحتفال الذي نصلّي فيه من أجل السلام في لبنان وغزّة والعالم كلّه. أحيّيكم جميعًا، وأوجّه تحيّة خاصّة الى سيادة اخينا المطران مارون ناصر الجميل مطران ابرشية سيدة لبنان في فرنسا والزائر الرسولي على اوروبا الغربية والشمالية. واحيي عائلة سيادة اخينا المطران المرحومة نوال الياس مطر، شقيقة سيادة أخينا المطران بولس مطر، رئيس أساقفة بيروت السابق. فنحيّي زوجها عزيزنا حبيب عزيز أبو عيسى، وابنها وابنتيها وأشقّاءها وشقيقاتها. وقد ودّعناها معهم الأربعاء الماضي مع أهالي الجيّة العزيزة. نصلّي لراحة نفسها وعزاء أسرتها. ونوجّه تحيّةً خاصّة أيضًا إلى عائلة المرحوم الخوري إسطفان جرجس الخوري الذي ودّعناه معها في مطلع الأسبوع المنصرم، ومع أهالي حدشيت الأعزّاء. نصلّي لراحة نفسه، وعزاء أسرته".

وتابع: "فيما نصلّي من أجل إحلال السلام في العائلات والمجتمعات والأوطان، نتأمّل في مفهومه على ضوء موضوع رسالة قداسة البابا فرنسيس: "الذكاء الإصطناعيّ والسلام". المقصود من هذا الموضوع كما من سواه في الرسائل البابويّة، هو الحاجة الملحّة إلى بناء حضارة المحبّة والسلام. ولهذا يفتتح قداسة البابا فرنسيس رسالته بالتأكيد على الكرامة السامية التي يمنحها الله للإنسان لكي يشارك في إدارة الكون ويُجري تحويلات في العالم بفضل تقدّم العلوم والتقنيّات. وتحدّد الرسالة التحديات التي تطلقها التقنيّات الجديدة من أجل بناء عالم أكثر عدالة وأكثر أخوّة. يرى البابا فرنسيس في الذكاء الإصطناعيّ "علامة الأزمنة" التي تعني واقعًا بشريًّا جديدًا، يولد من كلّ ما هو حاصلٌ حولنا، وتعمل الكنيسة على تفسيره في ضوء الإنجيل، وترى فيه علامات مجيء ملكوت الله في مسيرة التاريخ. ولكن هذا القول يقتضي قراءة معمّقة من أجل إيضاح ثلاثة أمور:

التأكّد من أن الذكاء الإصطناعي هو بالحقيقة في خدمة الخير العام.

إنّه يحمي قيمة الشخص البشريّ، التي لا بديل عنها.

إنّه يعزّز حقوقنا الأساسيّة.

يقدّر البابا فرنسيس المساهمة التي يقدّمها للبشريّة التقدّم العلميّ والتكنولوجيّ. ذلك أنّ هذه المكتسبات تقدّم خدمة ثمينة للأشخاص وكرامتهم وحقوقهم. ولكن إذا كان المقياس التقنوقراطيّ القاعدة الوحيدة التي تحكم الذكاء الإصطناعيّ من أجل الربح والمصالح الفئويّة، فإنّه يشكّل في هذه الحالة أخطارًا جانبيّة أهمّها: عدم المساواة، الظلم، النزاعات. أمّا التحديات التي يولّدها الذكاء الإصطناعيّ لا تنحصر بالمساحات التقنيّة، بل تشمل أيضًا المساحات الأنتروبولوجيّة والتربويّة والإجتماعيّة والسياسيّة".

وقال: "ثمّة آخطار أشار إليها قداسة البابا، أهمّها ثلاثة: "استعمال الذكاء الإصطناعيّ لغايات الحرب، مع تبرئة المسؤوليّة البشريّة عن مسرح الحرب. 2) تهديد العدالة الإجتماعيّة في حقل العمل حيث جاءت الآلة الذكيّة لتحلّ محلّ العامل، وتلغي بالتالي العديد من مجالات العمل، وفي الوقت عينه تسبّب ازديادًا مرتفعًا لعدد الفقراء. 3) على مستوى وسائل التواصل، يقدّم الذكاء الإصطناعيّ وسائل جديدة لتبديل الكلمات وتغيير الصور وتركيبها من أجل إيصال الخبر المختلف. وبذلك يوضع النظام المدني والحكم الديمقراطيّ في خطر. المطلوب حيال هذه الأخطار تربية الشبيبة على حسن استعمال الوسائل التقنيّة الجديدة، وعلى تقييم نتائجها. فالتقنيات الجديدة هذه تتطلّب سهرًا ومراقبة في كلّ مراحل تكوينها: من تصميمها إلى التجارة بها، وحتى استعمالها الفعليّ. فمن أجل انتظام الذكاء الإجتماعيّ واستعماله بنوع مسؤول، يجب وضع قواعد فاعلة في داخل كلّ دولة، بالإضافة إلى اتفاقيّات موسّعة ومعاهدات ملزمة بين الدول. والكلّ يهدف إلى حماية حقوق الإنسان الأساسيّة، والحقوق الإجتماعيّة والإعتناء ببيتنا المشترك".

تابع: "هذه الرسالة موجّهة إلى رؤساء الدول، والسلطات السياسيّة، وقادة المجتمع المدنيّ، لكي يمارسوا مسؤوليّتهم المشتركة في هذا الظرف التاريخيّ الخاصّ. ويوصي قداسة البابا بعدم ترك مسؤوليّة القرار إلى أصحاب هذه التقنيّات والعاملين على إنمائها. الكلّ مدعوّون إلى الإنتباه وحسن الإختيار، إذا شئنا تسليم الأجيال المستقبليّة عالـمًا أفضل وأكثر سلامًا وتضامنًا وعدالة. ويختم قداسة البابا بالصلاة في بداية هذه السنة الجديدة كي لا يزيد النموّ السريع لأشكال الذكاء الإصطناعيّ أعداد الاجيال الفقيرة ضحايا عدم المساواة والظلم الموجودة اليوم في العالم. عندما حوّل الربّ يسوع شريعة "العين بالعين، والسنّ بالسنّ ... ومبادلة الشرّ بالشرّ"، إلى شريعة الغفران والمحبّة (راجع متى 5: 38-39 و 43-44)، جعل السلام ميزة الدين المسيحيّ. ولذلك، لا تتوقّف الكنيسة عن إدانة الحروب، والدعوة إلى السلام، وحلّ النزاعات بالتفاوض والطرق السياسيّة والديبلوماسيّة. نحن بدورنا ندين الحرب وندعو إلى السلام بالتفاوض في كلّ مناسبة. وكذلك بالنسبة إلى حرب إسرائيل على غزّة، وامتدادها إلى جنوب لبنان عن غير رغبة من أي لبنانيّ، ومن الدول الصديقة، لا سيما وأنّ لبنان مصان من الحرب مع إسرائيل بقوّة قرار مجلس الأمن 1701. فيجب على الجميع التقيّد به، منعًا لإمتدادات الحرب إلى لبنان رغمًا عن إرادة اللبنانيّين المحبّين لوطنهم وللسلام في ربوعه. السلام هو ثمرة العدالة. كيف يمكن الكلام عن السلام الداخلي في لبنان، وقد رأينا في هذه الأيّام أنّ مشروع الموازنة ظالـمًا بحقّ الشعب اللبنانيّ، وفقًا لما سمعنا وقرأنا من داخل المجلس النيابيّ. فنتساءل مع المتسائلين:

- هل يجوز تحميل المواطنين في مشروع الموازنة الجديدة أكثر مما تحمّلوا من كلفة الإنهيارات الماليّة والإقتصاديّة والإجتماعيّة، من خلال زيادات ضريبيّة ورسوم وغرامات عشوائيّة؟

- كيف يتعامى واضعو مشروع الموازنة عن التهرّب الضريبيّ والجمركيّ الذي يغذّي الإقتصاد غير الشرعيّ في لبنان بمليارات الدولارات؟

هذه التساؤلات تدلّ على الضرر الناتج عن عدم وجود رئيس للجمهوريّة، فبغيابه يسود الفلتان وعلى المكاسب غير المشروعة التي يجنيها معطّلو انتخاب الرئيس، وعلى ازياد فقر المواطنين".

وختم الراعي: "إنّنا نطالب السادة النواب بالتعاون الوثيق مع لجنة المال والموازنة النيابيّة من أجل تعديل مشروع الموازنة الحكومي والحدّ من أضراره على المواطنين. وهذا واجب وطنيّ، يتيح لمجلس النواب ممارسة المادّة 86 من الدستور، وتجنّب صدور الموازنة على علّاتها بمرسوم وزاريّ. فلنصلِّ إلى الله، أيّها الإخوة والأخوات، كي يوقف الحروب بقدرته اللامتناهية، ويقي لبنان وجنوبه الحدوديّ من شرّها ومخاطرها، ويزرع في القلوب حضارة السلام. له المجد والتسبيح، الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".

9*) عودة

7 كانون الثاني 2024

ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، خدمة القداس في كاتدرائية القديس جاورجيوس، بحضور حشد من المؤمنين.

بعد الإنجيل ألقى عظة قال فيها: "أحبائي، عيدنا البارحة للظهور الإلهي، أي لمعمودية الرب يسوع على يد النبي الكريم والسابق المجيد يوحنا المعمدان الذي نعيد له اليوم، كونه أدى دورا مهما في هذا الحدث العظيم. لقد تمت معمودية المسيح عند بلوغه سن الثلاثين، أي قبل أن يبدأ عمله التعليمي، وقبل آلامه اللاحقة من أجل خلاص جنس البشر. بدء النشاط في سن الثلاثين يعني أن التكون البيولوجي للإنسان بلغ كماله، وهذا يجعله أكثر قبولا عند يهود ذلك الزمان. لذا اعتمدت الكنيسة هذا العمر في سيامة الكهنة فلا يسام كاهن قبل بلوغه الثلاثين. لا يخبرنا الكتاب المقدس عن أحداث كثيرة حصلت في الزمن الممتد بين دخول المسيح إلى الهيكل ومعموديته. ما نعرفه هو الهرب إلى مصر مع أمه مريم ويوسف، والعودة منها، إضافة إلى حضور المسيح في الهيكل بعمر الثانية عشرة الذي ذكرته الأناجيل لأنه كان علامة مبكرة على كونه ابن الله".

أضاف: "من الأحداث التي نسمع عنها في حياة المسيح معموديته على يد يوحنا المعمدان. سمي هذا الحدث «الظهور الإلهي» لأن الثالوث ظهر إذ انشقت السموات، والروح نزل بشكل حمامة، وسمع صوت الآب قائلا: «أنت ابني الحبيب الذي به سررت»، واعترف السابق المجيد قائلا: «أنا قد عاينت وشهدت أن هذا هو ابن الله.» بما أن معمودية يوحنا قادت البشر إلى تحسس خطاياهم وهيأت الشعب لتقبل معمودية المسيح الأكثر كمالا، وبما أن المسيح كان إلها تاما ولم يعرف خطيئة، فلماذا اعتمد إذا؟ يقول القديس يوحنا الدمشقي إن المسيح لم يعتمد لأنه كان محتاجا إلى التطهر إنما ليسحق رؤوس التنانين التي في الماء، إذ كان الاعتقاد السائد أن الشياطين تعيش في الماء. إعتمد لكي يغسل الخطيئة ويدفن آدم القديم في الماء، ولكي يبارك من عمده، إذ إن يوحنا لم يبارك المسيح، بل تبارك من المسيح عندما وضع يده على رأسه. إعتمد لكي يحفظ الناموس، لأنه هو وضعه ويجب ألا يظهر مخالفا له، ولكي يكشف سر الثالوث القدوس، ويصير مثالا لمعموديتنا التي هي معمودية كاملة تتم بالماء والروح القدس."

وتابع: "خلال اعتماد المسيح، ظهر الثالوث القدوس. أحد أهداف التجسد الإلهي، كما معمودية المسيح، كان إظهار الإله الثالوثي، إذ رغم أن لله جوهرا واحدا وطبيعة واحدة، إلا أنه ثلاثة أقانيم (أشخاص)، الآب والابن والروح القدس. يقول القديس غريغوريوس بالاماس إن الإله الثالوثي يظهر عند خلق الإنسان وتجديده، مثلما حصل عند الخلق حيث قال الله: «لنصنعن الإنسان على صورتنا كمثالنا» (تك 1: 26). هذا الظهور الثالوثي خلال إصلاح الإنسان، يدل على أن الإنسان عضو أرضي وعابد للثالوث المقدس، وهو المخلوق الوحيد المصنوع على صورة الإله المثلث الأقانيم. إن شهادة الآب بأن المعتمد ليس إنسانا عاديا بل هو ابنه الوحيد، تشير إلى ألوهية الكلمة ومساواته لأبيه في الجوهر. أما ظهور الروح القدس بهيئة حمامة فيشير إلى رحمة الله للمسكونة، موضحا أيضا أن ما هو روحي يجب أن يكون وديعا وبسيطا، لا شر فيه ولا غش. التزامن بين صوت الآب ونزول الروح القدس بشكل حمامة يدل على الإشتراك في الجوهر بين أقانيم الثالوث القدوس، كما إلى التمايز بين المسيح ويوحنا المعمدان الذي كان الشعب يحترمه كثيرا. من ناحية أخرى، يعني انفتاح السماوات أنها أغلقت بعصيان آدم وخسر الإنسان شركته مع الله، أما الآن فانفتحت مجددا مع طاعة المسيح، آدم الجديد، وصار الإنسان قادرا على بلوغ الشركة مع الله".

وقال: "فيما نعيد اليوم للنبي يوحنا المعمدان، كم نفتقد الأصوات الصارخة في برية هذا البلد. كم نفتقر إلى الأصوات الناطقة بالحق كصوت المعمدان، التي لا تخشى إلا ربها ولا تبتغي إلا مصلحة هذا الوطن الذي تنتمي إليه. كم نفتقر إلى مسؤولين يخافون على وطنهم أكثر بكثير مما يخافون على مصلحتهم أو على أنفسهم. معظم الزعماء والمسؤولين عندنا يتجولون محاطين بالمرافقين ولا أدري مما يخافون. عندما يأتي اليوم الذي نرى فيه الزعماء والحكام يسيرون بين الناس دون خوف أو قلق، وعندما يتقلص عدد رجال المواكبة وسيارات المرافقين أو يزول، عندها فقط يكون لبنان قد أصبح في أيد أمينة، يخاف أصحابها على لبنان أكثر مما يخافون على أنفسهم. عندها يكونون قد بنوا بلدا ذا سلطة قوية، تحكم بالحق والعدل، بسلطة القانون، يعرف كل مسؤول فيه ومواطن واجباته، ويقوم بعمله بصدق وأمانة وشفافية، مطبقا القوانين، ومحترما أخاه في الوطن، لا يؤذيه ولا يطعنه ولا يحسده ولا يطلب منه رشوة لإتمام معاملته. كل هذا يحصل متى كان المسؤول مسؤولا بالفعل لا بالقول، قدوة في الوطنية والنزاهة والأمانة والعمل الصامت، يقوم بما هو واجب عليه ولا يقصر أو يعمل لمصلحته، فلا يعود يخشى أحدا بل يكون محبوبا ومحترما".

أضاف: "وفي الحديث عن الواجبات، ألم يدرك مجلس النواب أن تقاعسه عن انتخاب رئيس يساهم في تفكك هذا البلد وفي تيئيس المواطنين وتهجيرهم، وفي جعل البلد عرضة للتطاول عليه وانتهاك سيادته كما حصل مؤخرا؟ أليس غياب الدولة سبب ما يحصل من تطاول واستباحة وتجاوزات؟ لقد أصبح بلدنا موطئ قدم للشر لأن المواطنين والمسؤولين تركوا الرب وساروا خلف المصالح والأنانيات".

وختم: "ليعد هذا الشعب إلى الله، الذي لن يتخلى عن أبنائه بسبب مصلحة خاصة، كما يفعل المسؤولون الأرضيون. لنتكل عليه ونسمح لله الثالوث القدوس بالظهور في ظلمة حياتنا من أجل إنارتها بنور المعرفة والمحبة والعدل والحق".