لم تقتصر أهمية المؤتمر الذي عقدته قوى المعارضة لاعلان الوثيقة المشتركة في "البريستول"، على ما أثارته الكلمات التي ألقيت من حماسة وما ولّدته من أمل في نفوس الكثيرين. فشمولية الحضور وتنوعه حملا بدورهما دلالات كثيرة على إمكان توسّع الجبهة المعارضة في اتجاه قوى وشخصيات جديدة لم تشارك في إعداد الوثيقة.
وإذا كانت ثمة تساؤلات برزت عن اسباب عدم إلقاء كلمة باسم "التيار الوطني الحر"، فإن حضور النائب ناظم الخوري شكّل مفاجأة للجميع، لدرجة ان منظمي المؤتمر قالوا له: "بانضمامك إلينا حافظت على رمزية الرقم 29 الذي عارض التمديد في المجلس النيابي، إذ انك حللت في مقعد مخايل الضاهر".
ناظم الخوري
وفي ردّ على اسئلة "المستقبل"، أكد الخوري وهو النائب الذي يمثل المقعد الماروني الثاني في جبيل، "من الطبيعي ان اكون حاضرا خلال اعلان هذه الوثيقة التي تشكل خطوة هامة في التأسيس لحالة سياسية جديدة في لبنان". وقال: "لا أعرف ظروف الشيخ مخايل الضاهر، لكننا نريد رقما بالزائد.. وحجم المعارضة النيابية اكثر من 29 نائبا". ولفت الى ان "هذه المعارضة لا تنحصر برقم محدّد، فبعض الزملاء لديه مواقف لكن لكلّ منهم ظروفه".
وعن الاسباب التي دفعته الى وضع نفسه في خانة المشاركين في إعلان الوثيقة، مع انه كان خارج البلاد في مهمة برلمانية في اثناء التصويت على تعديل الدستور ومن ثم عند تسمية رئيس الحكومة، قال: "موقفي ثابت ولا لبس فيه، فأنا ضد التمديد وضد تعديل الدستور، وكان لي موقف معارض للحكومة الحالية وحجبت الثقة عنها". أضاف: "عندما حصل التمديد الذي كنت من المعارضين له، كنت أمثل المجلس النيابي في مؤتمر برلماني في لندن، وأذكّر هنا بأن الجلسة تقررت وعقدت في الاسبوع الذي كنت خلاله في الخارج".
"لا يمكن لاحد ان يُخوِّن هذا التجمع المتعدد الطوائف والمشارب والانتماءات، او ان يتهمه بالانعزالية والتقوقع" قال الخوري، داعيا الحكومة الى "ان تواجه هذه المعارضة ببرنامج عمل وليس بالاساليب المتبعة حاليا".
وإذ أكد ان "هذه المعارضة هي التي تمثل الشعب اللبناني تمثيلا حقيقيا اليوم"، قال: "مع الاسف، لم تكن للحكم في لبنان رؤية او برنامج عمل محدد منذ الطائف ولغاية اليوم". وأمل "ان تخلق هذه الجبهة المعارضة، جدية حكومية لمواجهة المشكلات المطروحة تحت سقف العلاقة مع سوريا في مواجهة الاعداء المشتركين".
أضاف: "هذه المرة الاولى التي احضر فيها لقاء معارضا بشكل شخصي، وانا اعتقد ان هذه الجبهة لم تتشكل لمواجهة سوريا، بل لمواجهة بعض المتاجرين باسم سوريا". وتمنى "ان تعرف سوريا ان هناك اشخاصا ناصعي الكف، وطنيين وعروبيين تهمهم مصلحة لبنان ومصلحتها على حد سواء"، وأكد انه "غير راض لا عن اداء الحكومة ولا عن أداء الحكم".
"العونيون"
"ما جرى اليوم (امس) هو خطوة مهمة جدا، لكنها غير كافية.. أما أهميتها فتنبع من كون المعارضة تمكنت من ايجاد صيغة للتلاقي مع الحفاظ على التمايز في ما بينها". قال عضو لجنة الاتصالات السياسية في "التيار الوطني الحر" زياد عبس معلقا على إعلان الوثيقة.
وإذ شدد بعد مشاركته في المؤتمر على "ان هناك ضرورة للاتفاق بين التيار والمعارضة على خطة عمل لتحقيق ما ورد في الوثيقة". قال: "نحن نعتبر ان هناك ضرورة لتطبيع العلاقة مع المعارضة، لكن بهدوء وخطوة خطوة لضمان عدم تعرض العلاقة للاهتزاز بشكل سريع"، إلا انه أوضح ان كلامه "لا يعني ان هناك خلافا على الآلية التطبيقية، لان النقاش حول التطبيق لم يحصل بعد". أضاف: "نأمل ان يتحقق ذلك في مرحلة قريبة..، واذا تمكنا من الاتفاق حول آلياته، فيمكننا حينها ان نعتبر ان المعارضة اتحدت".
"موقفنا من الوثيقة ايجابي، لاننا نرى انها يمكن ان تكون إحدى الاوراق الاساسية في مؤتمر الحوار الوطني الذي دعا اليه العماد ميشال عون"، قال عبس ردا على سؤال حول نظرة "التيار" الى الوثيقة، واضاف: "اننا نأمل ان تتمكن المعارضة من الاتفاق خلال هذا المؤتمر، وان تناقش الآليات التطبيقية للنقاط المطروحة، فإذا كان اسقاط الحكومة مطروحا، يجب ان يتم الاتفاق حول الطريقة التي سيحصل بها".
وفي معرض كلامه عن ملاحظات "التيار" على "الوثيقة" قال: "لدينا ملاحظات على النص، فموقفنا واضح من موضوع الانسحاب السوري كوننا نعتبر ان لا ضمانة لعدم التدخل في الشأن اللبناني اذا بقي الجيش السوري في لبنان بغض النظر عن حجمه واماكن انتشاره، كما ان لدينا بعض الاسئلة حول حزب الله ودور المقاومة في هذه المرحلة ونتائجه على المجتمع اللبناني".
وفي ما يتعلق بنقاط التلاقي أشار عبس الى "اننا نتلاقى على ضرورة توحيد الجهود في هذه المرحلة، وعلى ضرورة الاعتراف بالتمايزات".
ورأى ان "كلمة النائب وليد جنبلاط كانت واضحة وأجابت عن بعض التساؤلات التي طرحتها الصحافة في ذهن الناس". وقال: "نحن لا نتخوف من النائب جنبلاط، لكن لدينا تجارب سابقة بددت عامل الثقة في العلاقة خصوصا على مستوى القواعد، وهذه الامور في حاجة الى وقت كي تعود الى طبيعتها".
وكرر القول بأن "ما جرى اليوم (امس) هو خطوة الى الامام، لكن هناك حاجة لخطوات اخرى مستقبلا وتحديدا على مستوى العلاقة السياسية".
هل يمكن ان تنضموا الى جبهة المعارضة؟، اجاب: "الامور رهن النقاش في المؤتمر الذي سنعقده في باريس، فعلى الرغم من ان جبهة المعارضة هي حدث استثنائي ثمة حاجة ماسة له في الشارع، لكن هذه الجبهة لا يمكن ان تكتمل الا عندما يتم الاتفاق بين القيادات والقوى التي لها تمثيل حقيقي".