لقاء “البريستول” يجمع أطياف المعارضة والأولوية للاستحقاق الانتخابي

لقاء “البريستول” يجمع أطياف المعارضة والأولوية للاستحقاق الانتخابي
الثلاثاء 14 ديسمبر, 2004

جنبلاط: لا أحاور الأجهزة ... وأي تسوية انطلاقاً من الطائف

يوم أمس كان جنبلاطياً بامتياز. في لقاء “البريستول” أعاد وليد جنبلاط الاعتبار إلى السياسة. ردّ على “الاستفزاز الأمني” بإزالة الإجراءات الأمنية من محيط منزله ب”تصعيد” سياسي من موقعه كزعيم للمعارضة الثابت في مواقفه، مؤكداً “لن أدخل في حوار مع سوريا من خلال ضابط أمني سوري”...

لم يقبل جنبلاط لعبة “الردّ الأمني” على مواقفه السياسية والاستمرار في حصر الكلام السياسي المعارض تحت “السقف الأمني”. ردّ سياسياً بالتأكيد على موقفه من المقاومة (“سأدافع عن المقاومة وحقها في تحرير مزارع شبعا”)، شاكراً لأمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله وساطته (مع دمشق). ردّ سياسياً، متمنياً على القيادة السورية أن “لا تشخصن العلاقة مع لبنان بوليد جنبلاط”، ليؤكد أيضاً أن المشكلة ليست شخصية بل سياسية. وطالبها ب”تطبيق حرفي” ل”اتفاق الطائف” وإزالة الشوائب في العلاقات و... إزالة تدخّل المخابرات “المتعدّدة والمتنوعة السورية واللبنانية”.

أما الحكم اللبناني، فقد خاطبه جنبلاط “عبر الأمن اللبناني” مؤكداً أنه لن ينسى “اغتيال الدستور اللبناني بالتمديد” ومحاولة اغتيال مروان حمادة الى أن تنجلي الحقيقة و”تتطاير رؤوس في العدلية وفي الأمن”...

كلام جنبلاط حول الأجهزة ودورها كان حازماً وحاسماً. ذكّر بتجربة الوحدة بين سوريا ومصر والأسباب التي أدّت إلى الانفصال بعد ثلاث سنوات فقط، محذّراً من “عبد الحميد سراج سوري” في لبنان... وأن جهاز الأمن والاستطلاع السوري في لبنان “توسع أفقياً وعمودياً”.

تناول زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي أمس بشكل مباشر الاتصالات التي تمّت معه أول أمس وسمّى المعنيين والأشياء بأسمائها. و الذين كانوا يراهنون، أو يتخوّفون من “تكويع” أو مهادنة تفاجأوا بموقفه وب”سقفه” السياسي الثابت.

ولكن، ليس هذا كل ال”بريستول” أمس. الرسائل كانت متعدّدة وفي أكثرمن اتجاه. رفض جنبلاط الحوار مع أجهزة المخابرات السورية واللبنانية لا يعني رفضه الحوار مع سوريا، واستطراداً (أو “مروراً”) مع السلطة اللبنانية (“نحاور الحكم اللبناني إذا أراد على قاعدة وثيقتنا”). أكد أنه يريد حواراً سياسياً حقيقياً (“لا أريد ان أدخل في الملابسات التي أدّت الى إلغاء الموعد” مع الرئيس السوري في نهاية شهر آب الماضي قبل فرض التمديد)، أطلق بعضاً من أسسه أمس.

إن ما يبحث عنه رئيس “التقدمي” هو على الأرجح مساومة حقيقية مع دمشق، وليس “صفقة” ما لأنها لم تعد تحلّ المشكلة. فهو بات حريصاً على مصداقيته، كما أكد، “من باريس، إلى وثيقة النقاط العشر، إلى وثيقة اليوم”. الأزمة كما يراها أحد المراقبين السياسيين عميقة لدرجة أن أي حل “كلاسيكي” لم يعد يجدي نفعاً، والحل يحتاج الى تسوية جديدة وإدارة جديدة ونمط آخر من العلاقة مع دمشق يؤدي، من ضمن ما يؤدي، إلى حماية المقاومة وإلى تعاطٍ “متدرّج” مع القرار 1559. وربما هذا ما توصّل إليه جنبلاط خلال محادثاته الباريسية مع شيراك. وكان واضحاً تركيز جنبلاط على موقفه من المقاومة. وهذا المنحى لا شك في أنه مفيد ايضاً لسوريا في مناخ دولي جديد، لا وزن فيه لأي موقف عربي.

في المقابل، واستطراداً، ثوابت جنبلاط تشكّل أيضاً ضمانة لقوى المعارضة التي طمأنها عملياً على أنه لن يخطو منفرداً في اتجاه دمشق، ولا في اتجاه أي تسوية مع السلطة. فالمطلب الأساسي المشترك هو تطبيق “الطائف” وقيام حكومة محايدة، عدا عن المصلحة المشتركة لقوى معارضة تسعى الى تغيير الأوضاع في صناديق الاقتراع. وكان هذا الهمّ حاضراً بقوة في لقاء أمس، وهو تحدّ كبير أمام لقاء يجمع لأول مرة قوى متنوعة وبهذا الحجم إذا توفر المناخ الحر والنزيه لذلك.

وكذلك، كلمات الخطباء الكثر لم تخرج عن المناخ العام الهادىء الذي ساد لقاء أمس، والتي أكدت معظمها على الثوابت، والتمايز في بعض المواقف، وعلى رفض منطق الوصاية والتدخّل، من دون التعرّض بشكل مباشر لسوريا، ومن دون ذكر القرار 1559، وكأن المتكلّمين كانوا على بيّنة مما سيقوله جنبلاط الذي كرّر ما قاله في لقاء “بريستول الأول” من أنه لن يخرج عن هذا الشمل العريض المتنوع (“وإلا أنتهي”). أما آخر “رسالة” لجنبلاط (باتجاه دمشق) فتشديده على علاقته “الشخصية والسياسية” مع الرئيس رفيق الحريري، دافعاً الكرة مجدّداً في الملعب السوري... إلى ما بعد الانتخابات؟

وقد تتالى على الكلام خمسة عشر متكلّماً، حبيب صادق عن “المنبر الديموقراطي”، الرئيس الأسبق أمين الجميل باسم “القاعدة الكتائبية”، عميد الكتلة الوطنية كارلوس اده، رئيس حزب الوطنيين الأحرار دوري شمعون، “حركة التجدد” التي تكلم عنها ثلاثة هم رئيسها نسيب لحود وعضوا لجنتها التنفيذية مصباح الأحدب وعاصم سلام، من “قرنة شهوان” بطرس حرب وفارس سعيد، باسم السبع، غطاس الخوري، فارس بويز، وعن “اليسار الديموقراطي” الياس عطاالله. وكان لافتاً أيضاً مشاركة ممثلين عن “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر”، فضلاً عن حضور أربعة نواب من تيار الحريري هم النواب: غطاس الخوري، احمد فتفت، فريد مكاري ومحمد الحجار وعدد من رموز “الحركة الوطنية” سابقاً وأبرزهم توفيق سلطان وسنان براج.

سعد كيوان